أزمة العراق ... صراعات سياسية في الداخل وتحديات أمنية من الخارج

 

شبكة النبأ: بعد ان انتخب البرلمان العراقي في جلساته الأخيرة رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية (حسب توافقات تبدو متفق عليها مسبقا بين الكتل الكبيرة منذ ان بدأت العملية السياسية الجديدة في العراق بعد عام 2003)، وفي الوقت الراهن تحولت الأنظار نحو حسم منصب رئيس الوزراء، الذي يشكل نقطة التقاطع الأساسية بين الكتل الكبيرة داخل البرلمان، سيما وان الاجتماعات والمفاوضات الجارية بين السياسيين لم تبعث برسائل اطمئنان لحل الخلاف حتى اللحظة، بعد ان رشح رئيس الوزراء المنتهية ولايته (نوري المالكي) لولاية ثالثة (يملك ائتلافه 103 مقعد في البرلمان) وسط اعتراضات كبيرة خصوصا من الكتل الكردية والسنية، في وقت يواجه فيه العراق منعطفات سياسية كبيرة، حذر المراقبين من تبعاتها التي قد تمس مستقبل العراق.

وقد باغتت التهديدات الأمنية، وخطر الجماعات المسلحة التي اضافت الى استراتيجياتها الهجومية العنيفة في استهداف المدنيين والأجهزة الأمنية بصورة شبة يومية، الى استراتيجية احتلال المدن، بعد ان تمكنت من النجاح في السيطرة على الموصل وأجزاء من ديالى والانبار وصلاح الدين، الحكومة التي تعاني أصلا من الازمات السياسية المتراكمة نتيجة للفساد الإداري ونظام المحاصصة المتعارفة علية في العراق، إضافة الى الصراع الإقليمي الذي اتخذ مديات واسعة، وأثر بشكل مباشر على مجريات العملية السياسية والأمنية في العراق.

وحذرت الأمم المتحدة مؤخرا، إضافة الى الكثير من المراقبين والخبراء الدوليين من نتائج كارثية، في حال استمر اهمال الوضع العراقي من قبل المجتمع الدولي، خصوصا في المرحلة القادمة، فحتى مع تشكيل الحكومة العراقية القادمة، يحتاج العراق الى مساعدة ودعم كبير من المجتمع الدولي، على المستويين الأمني والسياسي.

فالدعم اللوجستي والتدريب والتسليح، إضافة الى التقنيات الحديثة والمعلومات الاستخبارية وغيرها، كلها أشياء تفتقدها المنظومة الأمنية والدفاعية في العراق، كما يرى خبراء امنيون، اما على المستوى السياسي فهناك العديد من العقبات التي تعيق استقرار العراق، قد يأتي في مقدمتها الخلافات الإقليمية التي انعكست سلبا على الاستقرار السياسي المهم لنجاح العمل الأمني، وقد يعزز تظافر الجهود السياسية للمجتمع الدولي والدول الكبرى، للدفع باتجاه تحقيق استقرار سياسي مطلوب وضروري في المرحلة القادمة.

الاسلحة لمواجهة الاسلاميين

في سياق متصل قال مسؤولون أمريكيون وأكراد إن اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي يلح على الحكومة الأمريكية من أجل الحصول على اسلحة متقدمة يقول إن القوات الكردية تحتاج إليها لدحر المقاتلين الإسلاميين الذين يهددون الإقليم، وقال مسؤول كردي إن هذا الطلب نوقش اثناء زيارة وفد كردي إلى واشنطن أوائل يوليو تموز، وقال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تدرس سبل تعزيز دفاعات الإقليم، ويقول الأكراد إن المساندة الأمريكية حيوية لمساعدة قوات البشمركة في صد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذي يستلهم نهج القاعدة واستولى على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية في هجوم خاطف خلال الأشهر القليلة الماضية.

وتشمل الإمدادات العسكرية المطلوبة دبابات ومعدات قنص ومركبات أفراد مدرعة ومدافع وذخائر ودروعا وخوذات وشاحنات وقود وعربات اسعاف، ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يدرسون سبل مساعدة الأكراد على الدفاع عن أنفسهم ولكن تقديم أسلحة لحكومة اقليم كردستان بنفس الطريقة التي تسلح بها واشنطن الحكومة المركزية في بغداد امر غير مرجح على ما يبدو، ودخل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مرارا في خلافات مع قادة اقليم كردستان بشأن الميزانية والأراضي والنفط، وقد يكون تقديم اسلحة أمريكية لقوات اقليم سابقة مثيرة للقلق اذ ستأتي على حساب حكومة حليفة لواشنطن. بحسب رويترز.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية اشترط عدم نشر اسمه "تقديم مساندة أمنية عبر برنامجي المبيعات العسكرية الخارجية والتمويل العسكري الخارجي يجب ان يكون بالتنسيق مع سلطات الحكومة المركزية في العراق واي مكان اخر"، وقال المسؤول "قدمنا بعض الدعم المباشر في الماضي للقوات الكردية بالتنسيق مع الحكومة المركزية"، وأضاف "بالنظر إلى الخطر الذي يواجهه العراق من تنظيم الدولة الإسلامية ستواصل الولايات المتحدة العمل مع بغداد واربيل (عاصمة اقليم كردستان) لتعزيز التعاون على المستوى الأمني وفي قضايا اخرى"، ويعكس الحذر الأمريكي الوضع الدقيق الذي تواجهه واشنطن بينما تسعى لمساعدة العراق على تجنب خطر الانهيار بعد اقل من ثلاث سنوات على انهاء الحرب الأمريكية هناك.

وعلى مدار الاسابيع التي تلت هجوم المتشددين الإسلاميين الذي كشف ضعف الجيش العراقي وآثار سنوات من الخلافات الطائفية هرول المسؤولون الأمريكيون لتوحيد صف الشيعة والسنة والأكراد لمواجهة المتشددين، وفي نفس الوقت تعزز الطموح الكردي الذي دام لفترة طويلة للاستقلال بالأداء القوي لقوات البيشمركة ضد المتشددين الإسلاميين والمكاسب الإقليمية الكردية وحقيقة ان المالكي فقد التأييد في واشنطن، وخلال زيارة الوفد الكردي إلى واشنطن طلب مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان من برلمان الاقليم الترتيب لإجراء استفتاء على استقلال الإقليم، وقالت الحكومة الأمريكية التي ارسلت مئات الجنود إلى العراق الشهر الماضي لحماية دبلوماسييها وتحليل القدرات العسكرية العراقية إنها تدرس الإجراءات العسكرية التي ربما تتخذها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي إطار استجابتها أنشأ جنود امريكيون مركزا مشتركا للعمليات في اربيل لتقييم قدرات قوات البيشمركة، ويقول مسؤولون أكراد إن طلبهم الحصول على اسلحة الذي ناقشوه ايضا مع اعضاء في الكونجرس الأمريكي ليس جديدا، واشاروا إلى تايوان التي تعتبرها الصين اقليما تابعا لها لكنها تشتري اسلحة من الولايات المتحدة، وتقدم الولايات المتحدة احيانا مساندة عسكرية عبر قنوات غير عسكرية، وقدم برنامج تابع لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) تدريبا واسلحة لجماعات مختارة تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد، وتبدو المبيعات العسكرية الرسمية إلى كردستان مستحيلة لكن يقول مسؤولون أمريكيون إنهم يبحثون عن سبل اخرى لتقوية الأكراد عسكريا بالتزامن مع بغداد.

لكن اذا سعت الولايات المتحدة لتقديم اسلحة للأكراد عبر بغداد فسوف يتعين عليها التغلب على التشكك الكردي العميق تجاه الحكومة المركزية، وتخوض بغداد وحكومة منطقة كردستان نزاعا حول السيطرة على مبيعات نفط كردستان، وقال مسؤول كردي طلب ألا ينشر اسمه إن جرى إبلاغ الأكراد بأنهم سوف يتلقون بعض المعدات التي تركها الجيش الأمريكي عندما انسحب من العراق عام 2011 لكن المالكي لم يقدمها لهم، ولم يرد الجيش العراقي على طلبات للتعقيب، ومنذ عام 2003 انفقت الولايات المتحدة اكثر من 25 مليار دولار على تدريب ورفع كفاءة الجيش الوطني العراقي، ولم يذهب إلا القليل جدا من التدريب والمعدات وغالبيتها غير مميتة إلى قوات البيشمركة، وحصلت البيشمركة على مدار سنوات على اسلحة روسية الصنع ومنها دبابات وعدد قليل من طائرات الهليكوبتر التي تستخدم في مهام الإنقاذ، وحصلوا أيضا على بعض الأسلحة الشهر الماضي عندما سيطروا على منشآت تخلى عنها جنود عراقيون في كركوك.

من جانب اخر بدأت روسيا بتزويد العراق بمروحيات ومقاتلات عسكرية حسب ما ذكر مصدر في المجال العسكري الروسي بينما يقوم وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي بزيارة الى موسكو للبحث في التعاون العسكري، ونقل عن مصدر في هيئة الصادرات العسكرية الروسية قوله ان "عددا من العقود الموقعة مع العراق دخلت حيز التنفيذ ويتم الايفاء بها"، وافاد المصدر عن بدء عمليات تسليم مروحيات من طراز مي-35 ومقاتلات سو-25 مضيفة ان لبغداد عقودا لمروحيات مي-28 وبطاريات صواريخ نقالة بانتسير اس1، وكان سفير روسيا الى بغداد ايليا موغونوف اعلن في وقت سابق ان كل مقاتلات سوخوي ستسلم بحلول نهاية الصيف.

وقعت روسيا مع العراق في 2012 عقودا بقيمة 3,1 مليار يورو لتزويد العراق ب36 مروحية قتالية من طراز مي 28 و48 بطارية من بطاريات صواريخ بانتسير، بحسب "راشان تكونولوجيز" التي تشرف على الشركات المصنعة، كما وقع العراق عقودا لشراء ست مروحيات ام آي 35 ومقاتلات سوخوي 25، والتقى وزير الدفاع العراقي في موسكو نظيره الروسي سيرغي شويغو للبحث في التعاون العسكري بين البلدين في حين يواجه العراق تمردا جهاديا مسلحا، واكد ان لروسيا والعراق "تاريخا حافلا" في مجال التعاون العسكري وانه من الضروري "تعزيزه وترسيخه اليوم".

من جهته اعلن شويغو ان "التعاون العسكري والتقني يتطور بنجاح" وان روسيا "تدعم محاربة العراق للإرهاب"، وقال مصدر وزارة الدفاع الروسية لوكالة انترفاكس ان واشنطن يمكن ان تمارس ضغوطا على بغداد لتلغي طلبياتها لدى موسكو وذلك بسبب تزايد الضغوط بعد تحطم الطائرة الماليزية في منطقة خاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.

داعش تهدد الحضارة والطوائف

فيما تحاول مدينة الموصل العراقية الصراع من أجل الحفاظ على تاريخها وحضارتها ومعالمها التي تعاقبت شعوب وأمم في تشييدها طيلة قرون مضت، ليبدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" في نسفها في لحظات، فالتزامن مع الظروف القاسية التي تعيشها من قبل هذه المدينة التاريخية، قام تنظيم "الدولة الاسلامية" باستهداف هويتها وأقلياتها وأماكنها المقدسة وثقافتها، فالتنظيم فرض بعد سيطرته على مدينة الموصل مؤخرا، نوعا من الهدوء رحب به الأهالي لكن سرعان ما اتخذ نشاط هذا التنظيم المتطرف اتجاها يهدد حضارة وتاريخ واقتصاد المدينة.

وعندما سيطر مسلحو التنظيم في العاشر من حزيران/يونيو الماضي على الموصل، ثاني مدن العراق، إثر انسحاب الجيش منها، اضطر نحو 500 ألف غالبيتهم من الشيعة، يمثلون ربع سكانها، إلى النزوح عنها، لكن بعض هؤلاء عادوا إلى منازلهم بعد أن شهدت المدينة هدوءا نسبيا وتوقفت أعمال العنف والانفجارات في الأيام الأولى التي أعقبت سيطرة الجهاديين، الأمر الذي أكده أهالي المدينة، فقد أعيد فتح الطرق المغلقة ورفع حواجز التفتيش التي كانت تنتشر في طرقات المدينة، ذات الغالبية السنية، ما ساعد في إعادة جزء من الحياة إلى طبيعتها.

لكن ذلك لم يدم طويلا حيث سرعان ما شعر الأهالي بالمرارة والقلق مع إعلان "خليفة" لـ "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا، فمدينة الموصل التاريخية التي سكنها المسيحيون من قرون إضافة إلى أقليات أخرى، أصبحت مهددة بالموت، ومتطلبات الحياة اليومية مثل بنزين السيارات والتيار الكهربائي باتت بعيدة المنال كما اختفت تماما الكثير من الأدوية والاحتياجات التي تتعارض مع مبادئ "الدولة الإسلامية"، ويقول مسؤول في الموصل مفضلا عدم كشف هويته "لقد حرموا على الشباب ارتداء (التي شيرت) وأي ملابس تحمل أحرف أو شعارات مرفوضة من قبلهم، وأرغموا النساء على وضع حجاب على رؤوسهن وارتداء ملابس إسلامية".

ويبدو أن تعاليم "الدولة الاسلامية"، تطبق بشكل مشابه لما يحدث في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، ويتنقل مسلحو التنظيم الذين يرتدون غالبا ملابس سوداء في مجاميع سيرا على الأقدام أو في حافلات مثبت عليها أسلحة رشاشة أو في سيارات كانت تابعة للشرطة وتحمل اليوم عبارة "الشرطة الإسلامية"، وأشار المسؤول إلى أن "لعب الورق أو الدمينو محظور وحتى الشيشة والتدخين، رغم أن الأمر غير مطبق بحزم" حتى الآن، وسببت تعليمات "الدولة الإسلامية" لبعض التجار ضررا كبيرا، بينهم زيد محمود (30 عاما) تاجر الملابس الذي كان عليه أن يتخلص من بضاعته حتى وأن تطلب الأمر أن يبيعها بالخسارة، ويؤكد محمود "خسرت حوالى 30 ألف دولار" ولم يعد يسمح له اليوم مثل غيره من تجار الملابس إلا ببيع ملابس الحجاب الإسلامي.

ويعاني الوضع الاقتصادي في الموصل اليوم من تدهور حاد بعد رحيل نسبة كبيرة من أهالي المدينة وتوقف صرف رواتب العاملين في الدوائر الحكومية وقطع الطرق المؤدية إلى المدينة التي كانت مركزا تجاريا مهما بين تركيا وسوريا وباقي مناطق العراق، كما تدهورت تجارة الخضر والفاكهة بشكل حاد، حسبما أكد أبو علي أحد الباعة في الموصل مشيرا إلى أن "انقطاع الكهرباء ونقص الوقود لا يساعد الباعة على تخزين المواد ما أدى إلى انخفاض حاد في الأسعار"، وبالتزامن مع الظروف القاسية التي تعيشها الموصل، قام تنظيم "الدولة الإسلامية" باستهداف هوية المدينة وأقلياتها وأماكنها المقدسة وثقافتها.

وأكد مسؤولون من السنة والشيعة، أن هؤلاء المتمردين الذين يستهدفون الشيعة على وجه الخصوص ويصفونهم بـ"الروافض" قاموا بتفجير عشرات المراقد المقدسة والحسينيات والأماكن الدينية في محافظة نينوى، مركزها مدينة الموصل، وقام التنظيم بتفجير مرقد النبي شيت، الذي يعرف بأنه ثالث أبناء آدام وحواء، وسبقه مرقد النبي يونس، وهما من أبرز المعالم التي يفتخر بها أهالي المدينة، وأثارت هذه التفجيرات استياء واستنكار أهالي الموصل وأبناء العراق كله والخارج أيضا، وأكد المسؤول ذاته، أن "هذا الأمر سبب لنا ألما كبيرا كما هو الحال عند طردهم للمسيحيين"، وتابع باسي "أشعر بأنهم قتلوا الموصل، البلد انتهى، لم يعد للمدينة أي قيمة من الصعب أن أصف الأمر، كأنهم قتلونا من الأعماق".

كما أعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عن تفجير انتحاري وقع خلال الليل في حي شيعي في بغداد مما ادى الى مقتل 33 شخصا في أحد عنف هجمات التنظيم بالعاصمة العراقية في الآونة الأخيرة، وقالت الدولة الاسلامية التي تقود هجوما في شمال وغرب العراق ان التفجير الذي وقع في حي الكاظمية وبه مزار شيعي كبير هو من تنفيذ المقاتل ابو عبد الرحمن التونسي، وقدر المسؤولون العراقيون في البداية عدد القتلى بثلاثة وعشرين قتيلا لكن مسؤولي المستشفيات والمشرحة قالوا ان عدد القتلى ارتفع الى 33 بالإضافة الى 50 مصابا، واعلنت الدولة الاسلامية المسؤولية عن موجة من التفجيرات في بغداد منها سلسلة تفجيرات أودت بحياة 27 شخصا. بحسب رويترز.

السيستاني والعملية السياسية

من جهته حث المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الزعماء السياسيين في البلاد على عدم التشبث بمناصبهم في إشارة على ما يبدو الى رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تحدى مطالب بالتنحي، وقال في كلمة ألقاها مساعد بعد صلاة الجمعة في كربلاء إن على الزعماء أن يبدوا مرونة حتى يتسنى إنهاء حالة الجمود السياسي ليواجه العراق المتشددين، ويرزح المالكي تحت ضغط متزايد منذ اجتاح متشددون سنة بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية شمال العراق الشهر الماضي وسيطروا على مساحات كبيرة منه مما يمثل اكبر تحد للحكومة التي يقودها الشيعة منذ انسحاب القوات الأمريكية عام 2011.

ويقول منتقدون إن المالكي شخصية مثيرة للانقسامات وإن تنفيره للسنة أذكى الكراهية الطائفية وصب في مصلحة المتشددين الذين وصلوا الى مسافة 70 كيلومترا من بغداد، وقال السيستاني إن الوقت قد حان ليفكر الساسة في مصالح العراق لا مصالحهم، وأضاف أن خطورة هذه المرحلة من التاريخ تحتم على جميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية التي تتطلب استشعار التضحية وعدم التشبث بالمواقع والمناصب بل التعامل بواقع ومرونة مع تقديم مصالح البلد والشعب على بعض المكاسب واستشعار مبدأ التضحية ونكران الذات.

وأصبح المالكي قائما بأعمال رئيس الوزراء منذ ابريل نيسان ورفض مطالب السنة والأكراد بالتنحي لتعيين شخصية أقل إثارة للاستقطاب، ويعارض بعض الشيعة مسعاه للفوز بولاية ثالثة، وعلى الرغم من الضغوط من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وايران ورجال الدين الشيعة في العراق فإن الساسة لم يتمكنوا من تشكيل حكومة شاملة سريعا لتوحيد البلاد، والخطوة التالية هي اختيار رئيس للوزراء ربما تكون أصعب كثيرا لأن المالكي لم يظهر اي بادرة على استعداده لترك المنصب، ومن الممكن أن تسرع دعوة المالكي الى التحلي بالمرونة برحيله، ولعب رجل الدين البالغ من العمر 83 عاما والذي نادرا ما يظهر علنا أنشط أدواره على الساحة السياسية منذ عقود حين دعا العراقيين الى حمل السلاح ضد المتشددين السنة، وأعلن المتشددون الذين يسيطرون على أراض في العراق وسوريا قيام خلافة، ويقدر الجيش الأمريكي ومسؤولو أمن عراقيون ان للدولة الإسلامية ما لا يقل عن ثلاثة آلاف مقاتل في العراق وأن العدد يتجه للاقتراب من 20 الف مقاتل مع ضم المجندين الجدد. بحسب رويترز.

فيما سعى الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون للاسترشاد برأي أعلى مرجعية شيعية في العراق في الوقت الذي حث فيه الساسة العراقيين على تشكيل حكومة تضم جميع الاطياف قادرة على مواجهة المتشددين السنة، ويسلط اجتماع بان مع المرجع السيستاني الضوء على التأثير الواسع الذي يحظى به السيستاني في العراق في حين يعتبر رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي شخصية غذت المشاعر الطائفية في البلاد وينقسم حولها العراقيون، وقال المتحدث باسم بان إن بان التقى السيستاني في مدينة النجف ليسترشد برأيه حول التطورات في العراق، وبعد الاجتماع مع المالكي في وقت سابق دعا بان السياسيين العراقيين إلى التوحد وتشكيل حكومة تخدم مصالح كل الطوائف سعيا لاجتثاث ما وصفه بالخطر الناتج عن الحركة الانفصالية السنية.

من جهة أخرى حث المبعوث الخاص للامم المتحدة إلى العراق مجلس الامن الدولي على المطالبة بانهاء "القتال والفظائع" التي يرتكبها متشددون إسلاميون سنة قائلا إن المسلحين يمثلون تهديدا "لا يقتصر ولن يقتصر على العراق"، ووضع تقدم مقاتلي الدولة الاسلامية وسيطرتهم على مناطق في شمال البلاد وجود العراق ذاته في خطر، وتسيطر الدولة الإسلامية الان على اراض تمتد من حلب في سوريا بالقرب من البحر المتوسط إلى مشارف بغداد.

وقال مبعوث الامم المتحدة نيكولاي ملادينوف لمجلس الامن من خلال وصلة فيديو من بغداد "من جماعة منبثقة عن القاعدة نمت الدولة الإسلامية الان لتصبح مصدر خطر مركب على السلام والامن في العراق والمنطقة بالكامل وما ورائها"، وقال "يجب أن يطالب المجتمع الدولي ومجلس الامن بعبارات لا لبس فيها بأن توقف الدولة الإسلامية كل الاعمال القتالية والفظائع"، وأضاف "يحتاج العراق دعما اقليميا ودوليا ويجب ان يتلقاه"، وطالب ملادينوف ما سبق وان دعا اليه الامين العام للأمم المتحدة بان جي مون بأن تعزز الدول حظرا دوليا للأسلحة وتفرض عقوبات اقتصادية على الدولة الإسلامية في محاولة لإضعاف هذه الجماعة.

ووضع مجلس الامن تنظيم القاعدة في العراق في القائمة السوداء قبل عقد وتم تعديل الوصف في العام الماضي ليشمل الدولة الإسلامية، وتتبع الجماعة نهج القاعدة المتشدد لكنها أثارت استياء أيمن الظواهري الذي خلف زعيم القاعدة أسامة بن لادن وآخرين بسبب عنفها المفرط، وطالب ملادينوف أيضا الدول بأن "تحاسب مرتكبي ومنظمي ورعاة هذه الاعمال الارهابية المروعة والجرائم ضد الانسانية"، وتتهم الأمم المتحدة مقاتلي الدولة الإسلامية بارتكاب عمليات اعدام واغتصاب وتجنيد قسري للأطفال اثناء حملتها للاستيلاء على معظم شمال العراق.

وقال ملادينوف ان نحو 900 شخص قتلوا اثناء العنف في يوليو تموز فقط بينما قتل نحو 5500 شخص في الفترة من يناير كانون الثاني إلى يونيو حزيران، وأضاف "تلقينا تقارير عن استهداف نساء وفرض قيود شديدة على حرياتهم"، وتابع "انني منزعج أيضا من قتل وتشويه الاطفال بسبب الهجمات دون تمييز، واستمرار تجنيد واستخدام الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم على 12 عاما"، وقال ملادينوف "لا يتحمل العراق إطالة عملية تشكيل حكومة لان التهديدات الحالية مستمرة في تحدي وجود الدولة العراقية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/آب/2014 - 6/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م