شبكة النبأ: في آخر أيام شهر مايو
أيار الماضي صدر الإذن بخروج صاروخ أرض/جو من قاعدة عسكرية قرب موسكو
ظل مخزنا بها لاكثر من 20 عاما، وتشير الكلمات المنمقة المكتوبة بخط
اليد بالابجدية السيريلية في دفتر سجلات هذا السلاح الصادر عن وزارة
الدفاع الروسية واطلعت عليه رويترز إلى أن الصاروخ المحمول الذي يستخدم
مع قاذف صواريخ من طراز إيجلا في طريقه إلى قاعدة في روستوف التي تبعد
50 كيلومترا عن الحدود الأوكرانية، ويقول مسؤولون أمريكيون إن تلك
المنطقة يوجد فيها معسكر لتدريب المقاتلين الانفصاليين الأوكرانيين،
وبعد ثلاثة أسابيع ظهر الصاروخ والدفتر الخاص به في شرق أوكرانيا حيث
ضبطته قوات حكومية مع انفصاليين موالين لروسيا. بحسب رويترز.
ويسجل الدفتر الذي يقع في أكثر من 20 صفحة دخول الصاروخ رقم 03181
الخدمة في 21 مايو أيار عام 1993 وفحصه دوريا حتى عام 2005 للتأكد من
صلاحيته. وذيل التوقيع الخاص بارسال الصاروخ إلى روستوف بخاتم وزارة
الدفاع الروسية.
ونقلت نسخة من الدفتر إلى دبلوماسي في العاصمة الأوكرانية كييف. ولم
تستطع رويترز التحقق من صحة الدفتر من السلطات العسكرية الروسية. وتنفي
موسكو باستمرار أنها تسلح الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
ويعد الصاروخ إيجلا ودفتره مجرد مؤشر واحد على أن الاسلحة تتدفق من
روسيا إلى أوكرانيا. وترسم مقابلات مع مسؤولين أمريكيين ودبلوماسيين في
كييف ومحللين عسكريين روس صورة لاستمرار تدفق السلاح بلا انقطاع.
ويقول هؤلاء إن الأسلحة تتدفق على شرق أوكرانيا منذ مايو ايار لتغذي
العنف وتشمل أنواعا كثيرة من الاسلحة الصغيرة إلى ناقلات الجنود
المدرعة والدبابات ونظم الصواريخ المتطورة، وفي مقابلة مع رويترز
الاسبوع الماضي قال أحد قادة الانفصاليين إن روسيا ربما تكون قد زودت
الانفصاليين بصواريخ بي.يو.كيه التي أسقطت طائرة الخطوط الماليزية هذا
الشهر في حادث قتل فيه قرابة 300 شخص.
وقال الكسندر خوداكوفسكي قائد كتيبة فوستوك لرويترز "أعرف أن صاروخا
من طراز بي.يو.كيه جاء من لوجانسك (في شرق أوكرانيا)... سمعت بذلك.
وأعتقد أنهم أعادوه. لانني عرفت بأمره في نفس اللحظة التي عرفت فيها
بالمأساة التي حدثت (للطائرة الماليزية). وربما أعادوه للتخلص من
الدليل على وجوده"، وقال ثلاثة مسؤولون بالحكومة الأمريكية إن تدفق
السلاح من روسيا زاد بشكل كبير قبل عدة أسابيع ردا على ما حققته قوات
الحكومة الاوكرانية من نجاحات بما في ذلك استعادة سلافيانسك التي كانت
معقلا للانفصاليين في شرق أوكرانيا، وقال المسؤولون الثلاثة إن الشحنات
الجديدة شملت نظم دفاع جوي الهدف منها التصدي لسلاح الجو الأوكراني.
ونفت موسكو إرسال أي صواريخ من طراز بي.يو.كيه للانفصاليين وتقول
إنها على استعداد للتعاون مع أي تحقيق دولي في سقوط الطائرة. وقالت إن
واشنطن تحاول زعزعة استقرار روسيا عن طريق الأحداث في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف هذا الاسبوع إن موسكو تأمل
في إمكانية نشر مراقبين من منظمة الامن والتعاون في أوروبا على امتداد
حدود روسيا مع أوكرانيا لتبديد أي شكوك في دعم موسكو للانفصاليين.
ويؤكد الانفصاليون الموالون لروسيا في أوكرانيا أن أغلب أسلحتهم من
مخازن السلاح الاوكرانية التي استولوا عليها أو من الأسلحة التي
يستولون عليها من الجيش الاوكراني في ساحة القتال.
مناوشات حدودية
في الأسابيع التي أعقبت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في مارس آذار
تصاعدت التوترات على الجبهتين الجنوبية والشرقية في أوكرانيا. وقالت
إدارة حرس الحدود الأوكرانية إنها منعت الاف المواطنين الروس من العبور
إلى الأراضي الأوكرانية وهم يحملون السلاح أو حقائب مليئة بأدوات
التمويه. بحسب رويترز.
ويقول مسؤولون أوكرانيون إن الانفصاليين بدأوا إطلاق النار على
مواقع حرس الحدود. وفي 29 مايو آيار تعرضت فرقة تابعة لحرس الحدود في
إقليم لوجانسك لهجوم شنه 300 مسلح بالأسلحة الخفيفة وقواذف الصواريخ.
وسيطر المتمردون على المنشأة بعد قتال استمر خمسة أيام. وسقطت أيضا
نقاط تفتيش ووحدات تابعة لحرس الحدود على امتداد الحدود بين البلدين
التي يتجاوز طولها ألفي كيلومتر.
واستطاع الانفصاليون نقل الأفراد والعتاد دون أن يعترض سبيلهم أحد،
وأدى ذلك إلى شن هجمات أكثر طموحا على أهداف أوكرانية. ففي 14 يونيو
حزيران على سبيل المثال أسقط الانفصاليون طائرة نقل أوكرانية من طراز
اليوشن- 76 كانت تستعد للهبوط في مدينة لوجانسك الشرقية. وقتل 49 شخصا
على متن الطائرة وتناثر ما تبقى منها من أجزاء متفحمة على حقول القمح
خارج قرية نوفوهانيفكا، ويقول انفصاليون تحدثوا فيما بعد عن هذا الهجوم
إن تلك الطائرة أسقطت بصاروخ إيجلا.
ومازال مصدر هذا الصاروخ مجهولا. ولا توجد أدلة تربط بين هذا
الصاروخ والصاروخ إيجلا الذي ضبطته القوات الاوكرانية بعد أسبوع مع
دفتر سجلاته، وقد استخدمت صواريخ إيجلا على نطاق واسع في أفغانستان
والشيشان والبوسنة خلال التسعينيات ومن السهل نقلها كما أنها منتشرة في
شرق أوكرانيا. وتوضح مقاطع فيديو نشرت على الانترنت بعد أن أخرجت
القوات الاوكرانية الانفصاليين من سلافيانسك في السابع من يوليو تموز
الجاري أن صناديق كتب عليها 9إم39 وهو نموذج الصاروخ المستخدم مع ايجلا
كانت تملأ البدروم في مكتب رئيس البلدية.وبعد يوم واحد من اسقاط طائرة
النقل اليوشن - 76 أعلن فاليري بولوتوف أعلى القيادات العسكرية في
جمهورية لوجانسك الشعبية مسؤوليته عن الحادث. وقال بولوتوف في مقطع
فيديو نشر على موقع يوتيوب على الانترنت "لا أستطيع أن أخبركم بأي شيء
أكثر تفصيلا عن الطائرة اليوشن - 76 لكني سأكرر أن ميليشياتنا وقوات
دفاعنا الجوي في جمهورية لوجانسك الشعبية أصابت الطائرة."
وقال القائد إن الانفصاليين في لوجانسك سيطروا على ما يقرب من 80
كيلومترا من الحدود من دولجانسكي إلى ازفارينا في ذلك الوقت لكنه نفى
الحصول على أسلحة من موسكو قائلا إن الميليشيات حصلت عليها من مخازن
الجيش والشرطة في أوكرانيا.
وقال ضابط انفصالي في سلافيانسك يستخدم الاسم الحركي أنتون إن
الصاروخ الذي أسقط الطائرة اليوشن - 76 ليس روسيا وإنما تم الاستيلاء
عليه من أوكرانيين. وامتنع عن الخوض فيما إذا كان الانفصاليون حصلوا
على أي أسلحة أخرى من روسيا.
وقال الكسندر جورييف المؤيد لروسيا في لوجانسك الاسبوع الماضي إن كل
أسلحة الانفصاليين عثر عليها في مخازن سلاح محلية، وامتنع عن ذكر
تفاصيل عن منشأ الاسلحة الثقيلة، لكن لا يصدق الجميع تأكيدات
الانفصاليين بأن أسلحتهم استولوا عليها من القوات الاوكرانية، وقال
دبلوماسي إن الاسلحة بدأت تصل من روسيا بانتظام في الوقت الذي أعلن فيه
الاستفتاء على استقلال القرم في 30 مايو ايار. وخلال الأسبوعين
الأخيرين وصلت كميات متزايدة من الأسلحة ردا على انهيار سلافيانسك. ومن
هذه الاسلحة دبابات تي 64 من مخزونات أسلحة قديمة استبعدت بعد انهيار
الاتحاد السوفيتي.وقال أنتون لافروف المحلل العسكري الروسي المستقل "من
الغباء نفي أن روسيا تدعم الانفصاليين. السؤال الوحيد هو حجم هذا الدعم"،
وأضاف أنه تأكد امتلاك الانفصاليين لعربة نقل عسكرية من طراز كاماز
موستانج التي لا تستخدم في أوكرانيا ولا يمكنها القتال هناك. ولم تستطع
رويترز التحقق من ذلك من مصدر مستقل"، وتابع "حدث تصعيد خطير في منتصف
يونيو (حزيران) عندما بدأت أسلحة ثقيلة تظهر بين الانفصاليين ومنها
دبابات ومدفعية بكميات من الصعب ايعازها إلى الاستيلاء على مخزونات
أوكرانية"، وقال محلل عسكري روسي آخر مستقل هو الكسندر جولتس إن
الانفصاليين حصلوا على أسلحة من روسيا وصفها بأنها أسلحة سوفيتية قديمة.
وقال إنه تم رصد قواذف صواريخ في ابريل نيسان أو أوائل مايو ايار.
وقال مسؤول رفيع في الاستخبارات الامريكية إن واشنطن لا تشك أن
روسيا هي مصدر الكثير من الاسلحة وإن 20 دبابة وناقلة جنود مدرعة على
الاقل عبرت الحدود من روسيا منذ اسقاط الطائرة الماليزية.
وفي لقاء مع الصحفيين في 22 يوليو تموز نشر مسؤولو استخبارات
أمريكيون صور أقمار صناعية لموقع قالوا إنه لتدريب انفصاليين أوكرانيين
قرب مدينة روستوف الروسية. وتشير الصور فيما يبدو إلى تزايد النشاط في
الموقع بين 18 يونيو حزيران و21 يوليو تموز، وقال متطوع من موسكو يدعى
فاليري كولوتسي (37 عاما) إنه انضم للمتمردين في منطقة لوجانسك لبضعة
أسابيع في مايو ايار ويونيو حزيران. وقال إنه كان على اتصال بمتطوعين
آخرين عبر موقع فيكونتاكتي المقابل الروسي لموقع فيسبوك. وأضاف أنهم
تجمعوا في منطقة روستوف التي وصفها المسؤولون الامريكيون بأنها معسكر
لتدريب المقاتلين الانفصاليين في أوكرانيا، وقال كولوتسي إن المجموعة
التي انضم إليها استخدمت مجموعة متنوعة من الاسلحة من بينها مدفع مورتر
أنتج عام 1944.
خارج السيطرة
وقال مسؤولون أمنيون أمريكيون إنه قبل اسقاط الطائرة الماليزية
أصدرت وكالات استخبارات أمريكية تحذيرات متعددة من أن روسيا تنقل أسلحة
ثقيلة للانفصاليين من بينها صواريخ، وأضاف المسؤولون أن الولايات
المتحدة كانت تعلم قبل اسقاط الطائرة بأن الانفصاليين يملكون صواريخ اس
ايه-11 بي.يو.كيه لكنها كانت تعتقد أنها لا تعمل كلها، لكن المسؤولين
سلموا أيضا بأن وكالات الاستخبارات الأمريكية ليست على علم بمن أطلق
الصاروخ على الطائرة أو كيف حصل الانفصاليون عليه. بحسب رويترز.
ونفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة أن بلاده متورطة بأي شكل من
الاشكال في حادث الطائرة الماليزية. واتهم بوتين والانفصاليون أوكرانيا
بالتسبب في الكارثة بل وقال البعض إن وحدة صواريخ أوكرانية أسقطت طائرة
الركاب، وترفض أوكرانيا هذه الاتهامات.
وقال فلاديسلاف سيليزنيوف المتحدث باسم العمليات العسكرية
الاوكرانية في شرق البلاد إن بلاده لديها صواريخ لكنها لا تستخدم في
العمليات الدائرة لأنه لا حاجة لها لان الانفصاليين لا يملكون طائرات،
وقال مسؤول أمريكي "توجد مؤشرات على أن بعض الجماعات تشعر بأن موسكو
خذلتها بعدم بذل ما فيه الكفاية. وجماعات أخرى لا يعجبها مسار
الأحداث." وأضاف أن بعض الانفصاليين يعتقدون أن القتال خرج عن السيطرة.
وقال أوليكسندر موتسيك سفير أوكرانيا لدى الولايات المتحدة لرويترز
إن بلاده لديها أدلة على أن روسيا تستعد لتزويد الانفصاليين بنظام قوي
جديد متعدد الصواريخ مثل تورنادو الذي يعد تطويرا لنظام صواريخ جراد
القديم.
وأضاف أن الأدلة تشمل صور أقمار صناعية ومكالمات تليفونية تم
اعتراضها. وامتنع عن الخوض في التفاصيل، وقال "لم يتغير شيء بعد اسقاط
الطائرة المدنية" مشيرا إلى تدفق السلاح من روسيا إلى شرق أوكرانيا. |