شبكة النبأ: مرت اليمن بأزمات سياسية
كبيرة خلال العقود الأخيرة، لم يكن اخرها دكتاتورية عبد الله صالح في
حكمه، فمع احداث الربيع العربي، دخلت اليمن في دوامة جديدة من الازمات
المتداخلة التي كشفت وضوح التدخلات الإقليمية في قراراتها السيادية،
كما يرى محللون، إضافة الى هشاشة السلم الاجتماعي الذي لم تفلح معه
جميع المحاولات الرسمية والمبادرات الخليجية لتوحيده في إطار مصالحة
وطنية شاملة، والتي عبر عنها نائب رئيس الوزراء اليمني (أحمد عبيد بن
دغر) قائلاً ان "هناك تحديات كبيرة أمنية واقتصادية وتشابك مصالح، بين
مختلف القوى والأطراف السياسية، ولم تعد المبادرة الخليجية كافية لحل
هذا التشابك، اذ نحتاج الى تفكير جديد ووجود شكل آخر من اشكال العمل
السياسي.
ويشير متابعون وخبراء في الشأن اليمني، ان اغلب مؤتمرات المصالحة
والجهود التي بذلت لإنجاحها ولدت ميته، بسبب الكثير من المعوقات التي
وضعت امام انجاحها منها ما يتعلق بحجم المشاركة والأطراف التي يجب ان
تنظم لهذه المصالحة، كما ان العدالة الانتقالية التي يعطى بموجبها حقوق
الأطراف اليمينية المسلوبة منها، لم يعطى لها دور واضح او يتم الكلام
عنها.
يذكر ان اليمن الذي يعاني من أزمات اقتصادية حادة (وهو من البلدان
الفقيرة) اثرت عليها أزمات الإرهاب وغياب المصالحة الوطنية التي تسير
أمور الدولة الى بر الأمان، سيما وان الاقتتال الداخلي لم يجلب لليمن
سوى الدمار والخراب والتدخلات الإقليمية، بحسب خبراء.
ويعتبر النفط (الذي70% من موارد الموازنة العامة للدولة و63% من
إجمالي صادرات البلاد و30% من الناتج المحلي الإجمالي) اهم المدخولات
الوطنية لاقتصاد اليمن المتأزم، والذي يشهد بين فترة وأخرى اعتداءات
متكررة من تنظيمات إرهابية (أبرزها القاعدة) تؤدي الى اضرار كبيرة في
انابيب النفط والخطوط الناقلة والمستودعات والمنشئات النفطية، وخسائر
لا يستطيع اليمن تحملها، وبلغت الخسائر خلال السنوات الثلاث الماضية
4.75 مليارات دولار، حسب إحصاءات رسمية.
صراع اقليمي
فقد أكدت مصادر سياسية يمنية مطلعة أن السعودية تجري اتصالات في
اليمن من أجل تحقيق مصالحة عامة بين أطراف النزاع السياسي الذي اندلع
في البلاد عام 2011، لاسيما بين الرئيسين السابق والحالي وحزب الإصلاح
(إسلامي) بهدف مواجهة تقدم الحوثيين الشيعة، وأكد مصدر سياسي مطلع على
الاتصالات السعودية أن المملكة "تجري هذه الاتصالات لتحقيق مصالحة عامة
بين أطراف أزمة 2011"، وأشار المصدر بشكل خاص إلى الرئيس السابق علي
عبد الله صالح والحالي عبد ربه منصور هادي والتجمع اليمني للإصلاح، وهو
أكبر حزب إسلامي يمني، واللواء علي محسن الأحمر الذي انشق عن صالح،
وزعماء آل الأحمر، القادة التاريخيين لتجمع قبائل حاشد النافذة.
وأكدت مصادر سياسية متطابقة أن هدف التحرك السعودي يأتي "استشعارا
للخطر الحوثي" وهو "لمواجهة تمدد الحوثيين" المتهمين بتلقي الدعم من
إيران والذين باتوا يسيطرون على أجزاء واسعة من شمال اليمن، من صعدة في
أقصى الشمال الغربي، وصولا إلى صنعاء، وبحسب هذه المصادر، فان زيارة
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى جدة أتت في هذا الإطار، وقد حقق
الحوثيون انتصارا جديدا بسيطرتهم على محافظة عمران الواقعة على مشارف
العاصمة اليمنية، فيما أسفرت مواجهات جديدة بين المتمردين الشيعة
والقبائل في محافظة الجوف الشمالية عن عشرة قتلى بحسب مصادر قبلية،
وكان الحوثيون خاضوا حربا مع السعودية في 2009-2010. بحسب فرانس برس.
فيما طالب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بانسحاب مقاتلين شيعة
من مدينة استولوا عليها في خضم أزمة تهدد بتنامي حدة الاضطرابات في
البلاد، وكان المقاتلون الحوثيون الذين يحملون اسم زعيمهم القبلي
أعادوا معسكرا للجيش إلى الحكومة اليمنية في محاولة لنزع فتيل التوتر
الناجم عن استيلائهم على مدينة عمران التي تبعد نحو 50 كيلومترا شمالي
العاصمة صنعاء، ونقل عن هادي قوله في محاضرة ألقاها في الكلية الحربية
"على الجميع أن يفهم جيدا بأنه لا مجال للمساومة عن خروج الحوثيين
بأسلحتهم من عمران".
وأدان مجلس الأمن الدولي استيلاء الحوثيين على عمران وهدد هادي بعمل
عسكري وأمر الجيش برفع درجة الاستعداد إلى مستوى تنفيذ اي هجمات قد
يكلف بها، وأدى القتال إلى مقتل ما لا يقل عن 200 شخص ونزوح أكثر من 35
ألفا آخرين وأثار المخاوف من جديد بشأن استقرار اليمن، ولا تزال البلاد
تتعافى من آثار أزمة سياسية بدأت باحتجاجات حاشدة في عام 2011 أجبرت
الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التنحي، ويكافح اليمن أيضا حركة
انفصالية جنوبية وجناحا محليا لتنظيم القاعدة، وقال هادي "البعض مع
الأسف كان يفهم حكمتنا وصبرنا وتعقلنا في التعامل مع قضية عمران وغيرها
من المناطق على أنه ضعف وتخلي عن المسؤولية وحاولوا استغلال حرصنا
وميلنا إلى انهاء الصراع بشكل سلمي استغلالا رخيصا".
واستولى الحوثيون على عمران بعد قتال استمر عدة أيام ضد القوات
الحكومية ومقاتلين قبليين سنة متحالفين معها وهي الاشتباكات التي هددت
بالتحول إلى صراع طائفي، وقال هادي إن على الحوثيين والجماعات الأخرى
المسلحة ترك أسلحتهم والتخلي عن الأسلحة التي استولوا عليها، وطالبهم
بتسليم الجثث والإفراج عن الأشخاص الذين يحتجزونهم، وجاء سقوط عمران
بعد انهيار وقف اطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 23 يونيو حزيران،
وتبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن انهياره، وقال الحوثيون إنهم
يقاتلون خصوما موالين لحزب الإصلاح الإسلامي وإنه لا نية لديهم لمهاجمة
العاصمة اليمنية التي تقع إلى الجنوب مباشرة من عمران.
التقشف لدعم الاقتصاد
فيما كشف الرئيس اليمني عن خطوات تقشفية تشمل مراجعة الجدوى
الاقتصادية للشركات المملوكة للدولة وفرض قيود على سفر المسؤولين
الحكوميين إلى الخارج وذلك لتخفيف الضغط عن الميزانية العامة، وتواجه
صنعاء صعوبات في دفع أجور القطاع العام وتمويل واردات الغذاء والطاقة
وهو ما يؤدي إلى انقطاعات متكررة للكهرباء ونقص الوقود في وقت تعاني
فيه الميزانية من تداعيات قتال مسلحي القاعدة وجماعات متمردة أخرى.
وفي بيان وصفت الحكومة إجراءات التقشف التي أصدرها الرئيس عبد ربه
منصور هادي بالعاجلة وقالت إن الخطوات تشمل "تصحيح أوضاع الوحدات
الاقتصادية المملوكة للدولة والقطاع المختلط بما يزيل ويخفف موازنات سد
العجز الجاري وبموجب إجراءات اقتصادية مالية وإدارية منضبطة"، ولم تذكر
الحكومة حجم الأموال المتوقع توفيرها ولا كيف تنوي مراجعة الجدوى
الاقتصادية لشركات الدولة ولا متى قد تعلن النتائج، وقال محمد الباشا
المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن "من الصعب تحديد رقم لكن نتوقع
توفير مليارات الريالات"، ومن بين الإجراءات تجميد التعيين في كل
المؤسسات الحكومية ووقف شراء السيارات، وستفرض قيود على سفر كبار
المسؤولين إلى الخارج وعلى استئجار المكاتب الجديدة وعلى مطالبات تغطية
النفقات.
وقال البيان "يحدد سفر جميع المسؤولين بما في ذلك الوزراء بأربع
سفريات في العام مدة كل منها في الحد الأعلى خمسة أيام فقط"، وأضاف ان
الرئيس قرر ايضا "استخدام كافة مسؤولي الدولة الدرجة السياحية في السفر
ويمنع استخدام غيرها في مهمات رسمية مهما كانت الأسباب"، ويحاول هادي
إعادة الاستقرار إلى البلاد منذ عامين بعد القلاقل السياسية
والاقتصادية التي أجبرت سلفه على التنحي، لكن الحرب التي تخوضها الدولة
ضد المسلحين الإسلاميين والمتمردين أوقدت شرارة هجمات على خطوط أنابيب
النفط وهي مصدر 70 بالمئة من إيرادات الدولة.
ولم تحقق صنعاء سوى 671 مليون دولار من تصدير النفط الخام في الفترة
من يناير كانون الثاني إلى مايو أيار بانخفاض نحو 40 بالمئة عن الفترة
ذاتها من العام الماضي، وانكمش احتياطي الأصول الأجنبية للبنك المركزي
إلى 4.6 مليار دولار وهو أدنى مستوى منذ نهاية 2011، وقال بيان الحكومة
إنها سوف تقيم وحدة عسكرية متخصصة من القوات الخاصة للمساعدة في مكافحة
التهرب الضريبي والجمركي في بلد ينتشر فيه السلاح، وقال البيان إن
الإجراءات تشمل "العمل على تصحيح القيم الجمركية وتصحيح الموارد
الجمركية مع إلغاء كافة الجهات المتواجدة في المنافذ الجمركية خارج
إطار قانون الجمارك وتعديلاته"، وستقوم وزارة المالية بمراجعة إجراءات
تحصيل الضرائب وتسوية المتأخرات.
ولم تعلن الحكومة أي إجراءات جديدة تهدف مباشرة إلى الحد من الفساد
المتفشي والذي يعد مصدر استنزاف رئيسي للمال العام، ويأمل اليمن في
الحصول على قرض قيد البحث منذ فترة طويلة من صندوق النقد الدولي بما قد
يتيح المزيد من أموال المانحين التي تحول دونها مخاوف الفساد وعدم
إحراز تقدم على صعيد الإصلاح الاقتصادي، ويعرض صندوق النقد 560 مليون
دولار لكن وزير المالية اليمني ذكر في مايو أيار أن بلاده تسعى للحصول
على مبلغ "أكبر بكثير" ومن المتوقع أن يضع مجلس الصندوق اللمسات
الأخيرة على الاتفاق في يوليو تموز.
ويضغط الصندوق على اليمن لتقليص دعم الطاقة الذي كلفه 3.07 مليار
دولار العام الماضي بما يعادل 30 بالمئة من إيرادات الدولة و21 بالمئة
من الإنفاق، لكن خفض الدعم صعب في بلد يعيش ثلث سكانه البالغ عددهم 25
مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم، ولم تتناول حزمة التقشف
المعلنة مسألة الدعم، وقال صندوق النقد الدولي في تقرير عن مثل هذه
الإصلاحات في المنطقة "تدرك السلطات ضرورة إصلاح الدعم لكنها غير
مستعدة لتنفيذ إجراءات أشد في المرحلة الحالية ولو بشكل تدريجي"، وقال
"تعديل الأسعار ليس جزءا من خطة الإصلاحات الحكومية في الوقت الراهن".
بحسب رويترز.
وبدلا من ذلك قالت الحكومة إنها ستراجع تكلفة استخراج النفط الخام
بهدف خفضها إلى المعدلات العالمية في حين ستعمل وزارتا الدفاع
والداخلية على حل المشاكل الأمنية في مواقع الإنتاج، وحظر الرئيس على
المؤسسة العامة للكهرباء التي تشغل معظم طاقة التوليد وشبكة الكهرباء
في اليمن بناء محطات جديدة تعمل بالديزل واستئجارها أو تمويل توسعة
القائم منها، وستقوم المؤسسة بمراجعة العقود والسعي لخفض تكلفة شراء
الكهرباء للشبكة الوطنية، وحث البيان على "إيجاد بدائل لقطاع الطاقة
ومنها التوسع في استخدام الغاز والفحم وغيرها ومتابعة استكمال وتجهيز
محطة مأرب (2) بما يكفل إدخالها إلى الخدمة في موعد أقصاه شهر يناير
كانون الثاني 2015".
مشكلة النفط ودعم الوقود
الى ذلك قال مسؤولون محليون إن رجال قبائل فجروا خط الأنابيب
الرئيسي لتصدير النفط في اليمن مما تسبب في وقف تدفق الخام والإضرار
بمصدر مهم للإيرادات في الدولة الفقيرة، وتعرضت خطوط أنابيب النفط
والغاز في اليمن مرارا لأعمال تخريب على أيدي متمردين أو رجال قبائل
منذ أن أدت احتجاجات مناهضة للحكومة إلى فراغ في السلطة عام 2011 وهو
ما تسبب في نقص الوقود وقلص إيرادات الصادرات، وذكر المسؤولون أن
الهجوم وقع في منطقة الحباب بمحافظة مأرب المنتجة للنفط في وسط اليمن
وأن رجال القبائل فجروا خط الأنابيب الذي ينقل الخام من حقول صافر
النفطية إلى ميناء راس عيسى المطل على البحر الأحمر.
وينقل خط أنابيب مأرب ما بين 70 ألفا و110 آلاف برميل يوميا من خام
مأرب الخفيف، وتم إصلاح خط الأنابيب في أواخر مايو أيار بعد تعرضه
لهجوم آخر من رجال القبائل، وكثيرا ما يشن رجال قبائل مثل هذه الهجمات
للضغط على الحكومة للاستجابة لمطالب من بينها توفير وظائف أو تسوية
نزاعات على أراض أو الإفراج عن أقارب سجناء، وقالت وزارة الداخلية
اليمنية في مايو أيار إن الهجمات المتكررة على خط الأنابيب أفقدت
البلاد إيرادات تبلغ حوالي 400 مليون دولار في الربع الأول من 2014،
ويعتمد اليمن على صادرات النفط الخام لزيادة احتياطيات النقد الأجنبي
والمساهمة بما يصل إلى 70 في المئة من الإنفاق الحكومي.
فيما لم تكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية لضبط الإنفاق
العام إلا محاولة منها لكسب التأييد الشعبي قبل تدشين أكبر إصلاح
اقتصادي تشهده البلاد منذ سنوات والذي يتضمن رفع أسعار الوقود، لكن
ربما لا تتمكن الحكومة من كسب تأييد المواطنين الساخطين، وتتجلى خيبة
الأمل في العاصمة صنعاء التي اختنقت فيها الطرق المؤدية إلى محطات
البنزين لأشهر جراء طوابير السيارات التي تنتظر إمدادات الوقود
الشحيحة، وقال الطبيب وضاح حاشد "وقفت في الطابور ست ساعات، وعندما
وصلت إلى مقدمة الصف أبلغوني بأن الوقود قد نفد"، وأضاف "لقد صارت
حياتنا جحيما". بحسب رويترز.
ورتب سائق السيارة الأجرة محمد الحيمي مع مجموعة من زملائه لتبادل
المعلومات بخصوص محطات البنزين التي يتصادف احتواؤها على وقود في
المدينة، وقال "نعمل يوما ونقف في طابور في اليوم التالي، كانت تلك هي
حياتنا على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة، من الواضح أن الحكومة تريد
إقناعنا بضرورة رفع الأسعار لكن الناس لم يعد بمقدورهم تحمل ذلك"،
وأضاف "سيخرج الناس، لإسقاط الحكومة إذا ارتفع سعر الوقود"، لا شك أن
المزاج العام يشكل خطرا كبيرا على الحكومة في الوقت الذي تسعى فيه
لتعزيز أوضاعها المالية المتداعية، صحيح أن اقتصاد اليمن إحدى أشد
الدول العربية فقرا قد اعتاد المعاناة إلا أن القلاقل السياسية التي
تشهدها البلاد منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 أضعفته
كثيرا.
وتسعى الحكومة منذ أكثر من عام للحصول على قرض لا تقل قيمته عن 560
مليون دولار من صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإجراء إصلاحات مثل خفض
دعم البنزين وغيره من الوقود، وعلى المدى الطويل سينعكس خفض الدعم
إيجابيا على ميزانية الدولة إذ بلغت تكلفته نحو ثلاثة مليارات دولار
العام الماضي أو ما يعادل ثلث إيرادات الدولة، ويمكن استخدام بعض
الأموال التي يوفرها الإصلاح في زيادة إمدادات الوقود والحد من نقصه
الذي يثير غضب العامة، غير أن التأثير الفوري للإصلاح سيتمثل في رفع
أسعار الوقود على المستهلكين اليمنيين وهي خطوة قد تؤدي إلى تفجر
الأوضاع السياسية، وكانت محاولة سابقة من الحكومة لخفض الدعم في عام
2005 أثارت أعمال شغب أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصا وإصابة أكثر من 300
آخرين، وألغيت خطة الإصلاح آنذاك.
ومن شأن أي اضطرابات اجتماعية جديدة تندلع في البلد الذي يقطنه 27
مليون نسمة أن تزعزع استقرار البلاد وهو ما يمكن أن تسعى لاستغلاله قوى
مناهضة للحكومة من بينها متشددون تابعون لتنظيم القاعدة، وقالت السفيرة
البريطانية في اليمن جين ماريوت في مايو أيار "مع شيء مثل دعم الوقود
لا يوجد وقت مناسب ومن ثم ينبغي عليك أن تبحث عن أفضل وقت ممكن"،
وأضافت "يعلم الجميع أن هناك حاجة للقيام بذلك بمن فيهم كافة الوزراء
والرئيس والناس الذين تحدثت إليهم" لكنها أشارت إلى أن نجاح الخطة
يستلزم من اليمن أن يضمن توافر ما يكفي من الوقود لتلبية الطلب
بالأسعار المرتفعة، وذكرت أنه لو استمر وقوف الناس في طوابير بعد تقليص
الدعم فسيكون ذلك "نذير كارثة".
تبيع محطات الوقود في صنعاء لتر البنزين (إن وجد) بالسعر الرسمي
المدعم البالغ 125 ريالا (0.58 دولار) وهو أقل من سعره البالغ نحو 300
ريال في السوق السوداء التي ارتفعت فيها الأسعار بشدة بسبب أزمة
الوقود، وذكر المسؤول أن الحكومة تريد رفع الأسعار الرسمية للبنزين
ووقود الديزل (السولار) إلى 200 ريال للتر، ويبلغ السعر الحالي للتر
وقود الديزل الذي يستخدم على نطاق واسع في توليد الكهرباء 100 ريال في
السوق الرسمية و250 ريالا في السوق السوداء.
وتردد المانحون الأجانب (الذين تعهدوا بتقديم مساعدات قيمتها 7.9
مليار دولار في 2012) في إرسال الأموال بسبب الفساد وتدهور الأوضاع
الأمنية، وقال مسؤول بصندوق النقد الدولي في مايو أيار إن ثلث حزمة
المساعدات فقد وصل إلى البلاد، وتوقع صندوق النقد في أبريل نيسان أن
تواجه الحكومة اليمنية عجزا في الميزانية نسبته 6.7 بالمئة من الناتج
المحلي الإجمالي في 2014، ويقول الصندوق إنه يدعم الخفض التدريجي للدعم
تزامنا مع تقديم خدمة التحويلات الاجتماعية للفئات الأشد فقرا، لن يضر
إصلاح دعم الوقود بفقراء اليمن فحسب بل سيضر أيضا بالموسرين نسبيا،
وأصدر صندوق النقد تقريرا في يوليو تموز قدر فيه أن 40 بالمئة من دعم
الوقود يذهب إلى أغنى 20 بالمئة من الأسر بينما لا يذهب سوى 25 بالمئة
منه لأفقر 40 بالمئة.
وقد يضر الإصلاح أيضا ببعض رجال الأعمال الذين ربحوا من منظومة
الدعم بأساليب منها حصولهم على وقود بأسعار مدعمة وبيعه في السوق
السوداء، ووصف تقرير أصدره معهد تشاتام هاوس للأبحاث العام الماضي دعم
الوقود بأنه "مصدر رئيسي للفساد والمحسوبية"، وقالت ماريوت "سيكون هناك
أشخاص بارزون في المنظومة سيخسرون الكثير من المال"، لكنها أضافت أنه
في ظل غياب الإصلاح "يتمثل السيناريو الأكثر سوءا في عدم دفع الرواتب
وبدء توقف عجلة الاقتصاد، يتمتع اليمنيون بمرونة وسعة حيلة لا تصدق،
لكن لكل إنسان حدود لقدرته على التحمل". |