السعودية وصناعة العقول الضالة

علي ال غراش

 

وجد صناع وداعمو الكراهية والتكفير والتشدد والإرهاب ضالتهم في عقول الشباب السعودي ـ الذين وصفتهم الحكومة السعودية بالفئة الضالة - لتنفيذ مآربهم الشخصية والسياسية والتكفيرية والطائفية داخل الوطن والخارج.

فمن المسؤول عن هذا؟

انه الفكر السعودي الضال، هو المسؤول عن صناعة ودعم ونشر الفكر التكفيري المتشدد في عالم اليوم، حيث أصبح هذا الفكر يصنع بشرا من الجنسية السعودية والجنسيات الاخرى ليكونوا قنابل ووقودا للعمليات الإرهابية والاعتداء على الاخرين، وأصبح اسم السعودي مرادفا لكلمة التشدد والتكفير والإرهاب والقنبلة الانتحارية القابلة للانفجار في أي مكان. واينما وجد الفكر والعقل السعودي، وجد التكفير وكراهية الحياة وكراهية الاخر، والفتنة والفوضى والقتل والحروب.

لا يلام لبنان الذي يفكر بفرض تأشيرة سفر على السعوديين والخليجيين حماية لبلدهم، بعد قيام عدد من السعوديين بعمليات انتحارية والقبض على عدد منهم بسبب ذلك. ويأتي هذا ضمن مسلسل طويل من الدعم والمشاركة في الفتن والحروب من افغانستان وباكستان والصومال وغزوة 11 سبتمبر/ايلول والعراق وسوريا، بالإضافة إلى الاعتداء على دور العبادة والرموز الدينية لمن يختلف معهم في الفكر، الذي أدى الى تعرض الوطن والمواطنين لصعوبات ومنها السمعة السيئة في العالم.

نشرت الصحف المحلية في 11/7/2014 قيام مبتعث سعودي إلى اليابان – للدراسات العليا – بتحطيم 4 تماثيل بوذية ذات قيمة دينية وتاريخية للشعب الياباني لا تقدر بثمن. وقد اعترف الشاب بعمليته مباشرة بدون أن يعلق الفأس في رأس كبيرهم، لأنه يملك من الحجة الدامغة بشرعية ما قام به، انه شاب مصاب بالغرور الديني، ومتغطرس بفكر مؤسسات الدولة التعليمية والدينية والإعلامية – مؤسسات تفتخر بهدم تراث الأمة الإسلامية في الحجاز على أساس أنه شرك، رغم وجوده منذ العهد الإسلامي الأول، اي أكثر من 13 قرنا بالهجري – وتربى على كره الآخرين، وعلى قتل المخالفين له في العقيدة والفكر.

ألم يهدموا تمثال بوذا باميان في أفغانستان – يرجع تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد – في 12 /3/2001، من قبل جماعة طالبان وبن لادن، الذين يتبعون الفكر والمنهج السلفي السعودي الرسمي «الوهابي»، وقد قاموا بتطبيق آراء هذه المؤسسة الرسمية التي تدعو لهدم التماثيل، وهذه الجماعات تعتمد على الدعم المادي والسياسي السعودي الرسمي قبل الإنقلاب عندما اختلفت المصالح؟!.

اليوم يتكرر المشهد بدموية أكثر من قبل جماعة داعش، التي تفتخر بانها على منهج الشيخ محمد بن عبدالوهاب، منهج المؤسسة الدينية السعودية، بل أصبحت دولة حاليا تنافس السعودية في تبني الفكر الوهابي الذي يصنف بالتكفيري، وداعش تدّرس منهج محمد بن عبدالوهاب، في المناطق التي تسيطر عليها، ولولا الدعم، وبالذات من دول وشخصيات تنتمي للمدرسة الوهابية الرسمية في السعودية، لما تمكنت داعش من تحقيق ما حققته.

عندما سيطرت داعش على محافظة نينوى، بارك الإعلام الرسمي السعودي هذه الخطوة ووصفها بحركة العشائر في غرب العراق بنفس طائفي، ورغم ما قاموا به من إرتكاب مجازر دموية بحق الشعب العراقي، خاصة بحق أهالي الموصل والمدن الأخرى بسبب الاختلاف المذهبي أو عدم الاعتراف بهم، ودمروا التماثيل التراثية، ودور عبادة من يختلف معهم في العقيدة والفكر.. إلا ان الإعلام السعودي لم يشر لتلك المذابح.. بل على العكس وصفه بالبطولي، ولكن بعد تهديد داعش للسعودية انقلب الإعلام الرسمي على داعش، كما انقلب من قبل على مجاهدي أفغانستان، طالبان وجماعة بن لادن، بعد دعم وتأييد لعقود من الزمن، التاريخ يعيد نفسه.

جماعة طالبان والقاعدة وداعش وبوكو حرام واخواتها، تتبع الفكر السعودي، وهذا الفكر هو المتهم الأول، ومن يدعمه سيكون مصيره ونهايته على يديه، ولقد شاهدنا سابقا ما قام به أفراد القاعدة عندما انقلبوا على الرياض بالقيام بعمليات ارهابية داخل السعودية، وكما نشاهده الآن.

أكبر المتضررين مما يحدث، الإسلام والشعب العربي والمواطنون الشرفاء في الوطن في كافة مناطق السعودية من أي تيار او طائفة، ولهذا ينبغي عليهم كسر حاجز الصمت والتحرك لإنقاذ الوطن وإنقاذ سمعة المواطنين، فالوطن للجميع وهو الباقي، وتحميل الجهات الرسمية المسؤولية عما يحدث، والمبادرة بتقديم الإعتذار لشعوب العالم التي عانت من هذا الفكر.

أقدم إعتذاري الشديد للشعب اللبناني والشعب العراقي والسوري واليمني والأفغاني والمصري والتونسي والجزائري، وعذرا اللائحة تطول في شرق الأرض وغربها.

من صنع حالة الغرور والغطرسة لدى الشباب السعودي ليكون وصمة عار في العالم، ليحلل ويحرم، ويحدد من في الجنة ومن في النار، والذهاب إلى الدول الاخرى ليفرض اراءه الدينية والفكرية والثقافية والاعتداء بالسلاح والتفجير والعمليات الانتحارية؟.

المسؤول هو من كرس حالة الغرور والأنا في نفوس المواطنين بأنهم شعب غير، وغسل أدمغتهم بفكر أحادي تكفيري في المناهج التعليمية، وفي المؤسسة الدينية والإعلامية، ومنع وحارب التعددية الفكرية والدينية والمذهبية، ومنع الكــــتاب والسينما والمسرح، وأي متنفس للشباب، وفرض علــــيهم التوجه لمصانع تفريخ الفكر التكفـــيري.

حطمــــوا هذا الفكر الذي أصبح أكبر خطر على الوطن والدين والإنسانية.

* كاتب واعلامي

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/تموز/2014 - 24/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م