توسع داعش والتهديد بزوال الشرق الأوسط القديم

 

شبكة النبأ: أشار خبراء ومصادر عسكرية ان توسع ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية" في سوريا قد وصل الى ما نسبته 35% من مساحة سوريا الكلية، بعد سيطرتهم على المحافظة الثانية (دير الزور) بعد الرقة، إضافة الى المناطق التي يسيطر عليها في العراق (وهي مساحة كبيرة تقارب النسب السورية وتفوق مساحة لبنان وقطر والكويت)، ويبدو ان التنظيم الذي يعتمد استراتيجية التحالف مع التنظيمات المتطرفة والمتشددة، ثم ينقلب عليها لاحقا لينفرد بالسلطة (كما حدث في سوريا عند بداية الازمة وتحالفه الوثيق مع القاعدة والجيش الحر، وما جرى لاحقا من اقتتال عنيف بينهما حتى اللحظة)، يكرر نفس المشهد في العراق، بعد ان شكل تحالف واسع مع التنظيمات المتطرفة الأخرى (الجيش الإسلامي، كتائب ثورة العشرين، النقشبندية، حزب البعث المنحل...الخ)، لاحتلال الموصل وأجزاء أخرى من صلاح الدين والانبار وديالى، ليعود لاحقا في الدخول بصراع بانت بوادره الأولى في القتال الذي جرى مؤخرا مع النقشبندية والجيش الإسلامية، إضافة الى الاعدامات التي نفذها التنظيم ضد ضباط وبعثيين ومسلحين.

وقد اقلق هذا التوسع في سوريا والعراق، إضافة الى التحركات التي يجريها للتوسع في ليبيا ومصر ودول الخليج والمغرب العربي وحتى دول اوربا، المجتمع الدولي، مع الخشية من نتائج عكسية ترافق هذا التوسع الإرهابي الكبير في منطقة الشرق الأوسط، والذي سيوفر بيئة مناسبة للانطلاق نحو هجمات عالمية المستوى، كما سيضر بمصالح الاقتصاد وامدادات الطاقة العالمية، سيما وان الخبراء والمحللين حذرو من خطوات التنظيم القادمة.

في سياق متصل اتهمت الامم المتحدة مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق بإعدام قيادات دينية وقادة آخرين ومعلمين وموظفي صحة وتجنيد أطفال بالإكراه واغتصاب نساء ضمن أعمال أخرى تصل الى حد ارتكاب جرائم حرب، وركز تقرير للأمم المتحدة على عدد من الانتهاكات التي ارتكبت ضد مدنيين وخاصة من جانب الدولة الاسلامية"، وقالت الامم المتحدة ان "الدولة الاسلامية والجماعات المسلحة المرتبطة بها استمرت في القيام باغتيالات تستهدف زعماء (محليين وسياسيين ودينيين وموظفين حكوميين وخبراء في التعليم وموظفي صحة) وارتكاب اعتداءات جنسية واغتصاب واشكال أخرى من العنف الجنسي ضد النساء والفتيات وتجنيد الاطفال بالإكراه وارتكاب أعمال خطف واعدامات وسرقات"، كما اتهمهم التقرير وهو أكثر تقارير الامم المتحدة شمولا عن تأثير الاضطرابات التي استمرت عدة أشهر التي بلغت ذروتها في هجوم لمسلحين سنة بقيادة الدولة الاسلامية على شمال البلاد بارتكاب أعمال تدمير متعمد ونهب لاماكن العبادة وأماكن ذات أهمية ثقافية وتاريخية.

وقالت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي "كل يوم نتلقى روايات عن انتهاكات مروعة لحقوق الانسان ترتكب في العراق ضد الاطفال والنساء والرجال العراقيين العاديين الذين حرموا من الامن وسبل العيش ومن منازلهم ومن التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاساسية الاخرى"، وقالت وزارة الداخلية العراقية نقلا عن أحد الناجين ان تحقيقا كشف ان مسلحي الدولة الاسلامية اقتادوا 501 سجين شيعي من سجن في الموصل الى منطقة زراعية وأعدموهم، قتلوهم جميعا باستثناء 17 تمكنوا من الهرب، وقالت الامم المتحدة في وقت سابق هذا الشهر ان من بين 2400 شخص قتلوا في يونيو حزيران يوجد 1531 مدنيا.

فيما يغادر السكان المسيحيون مدينة الموصل العراقية عشية انتهاء مهلة حددها لهم تنظيم "الدولة الاسلامية" ورددتها بعض مساجد المدينة عبر مكبرات الصوت، بحسب ما أعلن بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو، واوضح ساكو "لأول مرة في تاريخ العراق، تفرغ الموصل (350 كلم شمال بغداد) الان من المسيحيين"، مضيفا ان "العائلات المسيحية تنزح باتجاه دهوك واربيل" في اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي ويستقبل مئات لاف النازحين.

وقال ساكو ان مغادرة المسيحيين لثاني اكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يسيطر على المدينة منذ اكثر من شهر بيانا يطالبهم بتركها، وذكر ساكو ان البيان دعا المسيحيين في المدينة "صراحة الى اعتناق الاسلام، واما دفع الجزية من دون تحديد سقفها، او الخروج من مدينتهم ومنازلهم بملابسهم دون اية امتعة، كما افتى ان منازلهم تعود ملكيتها منذ الان فصاعدا الى الدولة الاسلامية"، واشار الى ان عناصر هذا التنظيم الجهادي المتطرف "كانوا في وقت سابق قد كتبوا على بيوت المسيحيين حرف النون، اي نصارى، كما كانوا قد كتبوا على بيوت الشيعة حرف الراء اي روافض". بحسب فرانس برس.

وافاد شهود عيان في الموصل ان بعض مساجد المدينة قامت بدعوة المسيحيين الى المغادرة عبر مكبرات الصوت، مذكرة ببيان "الدولة الاسلامية"، ومؤكدة انه سيتم تصفية من يمتنع عن الخروج، وكان بيان صادر عن "ولاية نينوى" حمل توقيع "الدولة الاسلامية" قد انتشر على مواقع على الانترنت، وجاء فيه ان هذا التنظيم اراد لقاء قادة المسيحيين حتى يخيرهم بين "الاسلام" او "عهد الذمة" اي دفع الجزية، مهددا بانه "ان ابوا ذلك فليس لهم الا السيف".

وبما ان هؤلاء رفضوا لقاء قادة التنظيم، فان "امير المؤمنين الخليفة ابراهيم"، زعيم "الدولة الاسلامية" ابو بكر البغدادي، "سمح" للمسيحيين بالمغادرة "بأنفسهم فقط من حدود دولة الخلافة لموعد اخره 21 رمضان الساعة الثانية عشر ظهرا"، وختم البيان "بعد هذا الموعد ليس بيننا وبينهم الا السيف"، ووجه ساكو نداء الى "اصحاب الضمير الحي في العراق والعالم، الى صوت المعتدلين من اخوتنا المسلمين في العراق والعالم، الى كل من يهمه امر استمرار العراق كوطن لجميع أبنائه، ان هذه الاشتراطات تسيء الى المسلمين والى سمعة الدين الاسلامي"، وتابع "انها نقض ل1400 سنة من تاريخ وحياة العالم الاسلامي وتعايشه مع ديانات مختلفة وشعوب مختلفة شرقا وغربا واحترام عقائدها والتآخي معها".

الدعوة لعقوبات دولية

بدوره حث الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون الدول على تنفيذ حظر دولي على السلاح وعقوبات اقتصادية على تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي سيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في العراق وسوريا، وفي تقرير لمجلس الأمن بشأن البعثة السياسية للأمم المتحدة في العراق وصف بأن الوضع الأمني المتدهور بسرعة بسبب أعمال المتشددين السنة بأنه "مثير للقلق العميق"، وكان التنظيم يعرف فيما سبق باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وكتب بان في تقريره "أدين بشدة تصاعد العنف بأيدي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ومؤيديه وأدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما فيها جيران العراق إلى التوحد ودعم العراق في حربه ضد الإرهاب".

وأضاف "على الدول الأعضاء الوفاء بالتزامها بتنفيذ وتطبيق العقوبات المالية المستهدفة وحظر السلاح والحظر على السفر المفروض على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، لا ينبغي السماح بأن ينجح الإرهاب في إبعاد العراق عن مساره صوب الاستقرار والديمقراطية"، وكان مجلس الأمن قد أدرج تنظيم القاعدة في العراق على القائمة السوداء وجرى تعديل ذلك التصنيف العام الماضي ليشمل الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي خرج من عباءة القاعدة لكن تماديه في أعمال العنف المتطرفة باعد بينه وبين زعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري وغيره.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية عن قيام خلافة إسلامية وغنم أسلحة من مستودعات للسلاح في العراق وسوريا وحصل على أموال من بنوك في مدن اجتاحها وسيطر على حقول نفطية وأراض زراعية، وجاء إعلان الخلافة الإسلامية على أراض في العراق وسوريا ودعا التنظيم مسلمي العالم إلى التوجه إلى هناك والانخراط في الجهاد، واتهمت جماعات حقوقية تنظيم الدولة الإسلامية بارتكاب عمليات إعدام جماعية في العراق، وقال بان إن الأنباء عن عمليات إعدام جماعية وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان على يد الدولة الإسلامية "مثيرة للانزعاج بشكل شديد". بحسب رويترز.

وقال نيكولاي ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة الخاص للعراق إن زحف المتشددين في البلاد لا بد من التعامل معه عسكريا لكن النجاح يعتمد على وجود توافق سياسي واسع، وقال بان إن أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية عبر الحدود أدت إلى هجوم كبير واحد على الأقل من جانب القوات العراقية داخل الأراضي السورية حينما تم استهداف قافلة إمداد تابعة للتنظيم في 27 أبريل نيسان، كما أن هناك أنباء عن أن الطيران الحربي السوري نفذ هجمات على متشددين في المنطقة الحدودية في 25 يونيو حزيران، وأضاف "يتعين على المجتمع الدولي بما في ذلك دول المنطقة التضامن مع العراق في وقت الأزمة هذا، وفي الوقت نفسه ينبغي أن يرتقي الزعماء العراقيون فوق المصالح السياسية والطائفية الضيقة للتصدي لأخطر التحديات التي تواجه البلاد منذ سنوات".

اقتتال بين المتشددين

الى ذلك عثر سكان بلدة شمالي بغداد على 12 جثة مصابة بأعيرة نارية كما لو كانت لأشخاص أعدموا بعد اقتتال بين جماعات سنية متناحرة قد يؤدي في النهاية إلى انهيار التحالف الذي سيطر على مناطق كثيرة في شمال البلاد وغربها، ويشير الحادث إلى حدة الاقتتال بين تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات سنية اخرى (مثل أنصار صدام حسين) احتشدت خلف التنظيم المنشق على القاعدة بسبب الكراهية المشتركة للحكومة في بغداد، وقالت الشرطة في بلدة المقدادية التي تبعد 80 كيلومترا شمال شرقي العاصمة إن سكان بلدة السعدية القريبة عثروا على 12 جثة بعد قتال عنيف دار خلال الليل بين مقاتلي الدولة الإسلامية وجيش النقشبندي وهو جماعة يتزعمها حلفاء صدام.

ومنذ اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لمدن عراقية واعلان زعيمه خليفة للمسلمين تزايدت الدلائل على اندلاع صراع مع الجماعات السنية الأخرى التي لا تشترك بالضرورة مع التنظيم في رفض الحدود العراقية أو في تفسيرهم المتشدد للإسلام، وتأمل واشنطن التي جندت مقاتلين سنة آخرين لدحر القاعدة خلال ذروة الصراع الطائفي عامي 2006-2007 في أن يتحول السنة الاخرون مجددا ضد الدولة الإسلامية وان يتم اقناعهم بالعودة مرة أخرى إلى حكومة تتقاسم السلطة في بغداد.

واجتاح متشددون من تنظيم الدولة الإسلامية بلدة السعدية ذات الاغلبية السنية في 10 يونيو حزيران وهو نفس اليوم الذي سقطت فيه مدينة الموصل في أيدي المسلحين، وتقع السعدية في ديالى وهي محافظة ريفية في الأساس إلى الشمال من بغداد حيث استخدمت الحقول الخصبة لفترة طويلة كمأوى للجماعات المسلحة التي تشعر بالاستياء من وصول الغرباء، ويصف السكان البلدة بأنها معقل لمقاتلي جيش النقشبندي الذين أيدوا تنظيم الدولة الإسلامية عندما اجتاح المنطقة في بادئ الأمر لكنهم اشتبكوا مع التنظيم بعد ذلك، وقال طبيب في مشرحة بعقوبة التي استقبلت الجثث إن جميع الجثث بها جروح ناجمة عن أعيرة نارية في الرأس والصدر ولا توجد أي آثار للتعذيب، وأضاف أنه لم يمض على قتل هؤلاء الأشخاص اكثر من 24 ساعة.

وقال الأشخاص الذين عثروا على الجثث إنها لرجال من مقاتلي النقشبندي في العشرينات والثلاثينات من العمر وألقوا بالمسؤولية على تنظيم الدولة الإسلامية في قتلهم على طريقة الإعدام، ونقل سكان السعدية الجثث إلى الشرطة في المقدادية لأن الشرطة في بلدتهم كانت قد لاذت بالفرار في العاشر من يونيو عندما اجتاح المسلحون البلدة، وقال أحمد الزرغوسي المسؤول بالحكومة المحلية والذي فر ايضا إنه يعتقد ان 90 في المئة من السكان فروا إلى الشمال، وأضاف الزرغوسي متحدثا من بلدة خانقين إن القتال محتدم بين افراد محليين من جيش النقشبندي وبين مسلحين من الدولة الإسلامية. بحسب رويترز.

وقال سكان إن جيش النقشبندي يتمتع بدعم قوي في السعدية لكن مقاتلي الدولة الإسلامية افضل عتادا فقد شوهدوا وبحوزتهم أسلحة ثقيلة ومركبات عسكرية منها عربات همفي في البلدات التي استولوا عليها الشهر الماضي وهو عتاد استولوا عليه على الأرجح من الجيش الذي تلقى أسلحة أمريكية وعتادا بمليارات الدولارات في السنوات القليلة الماضية، وقد يؤدي الاقتتال بين المسلحين السنة إلى فشل محاولتهم الوصول إلى بغداد وكذلك فرص تعزيز السيطرة تحت لواء الدولة الإسلامية في المناطق التي سيطروا عليها.

وكان جيش النقشبندي الذي يعتقد انه يقوده عزت ابراهيم الدوري حليفا رئيسيا لتنظيم الدولة الإسلامية، والدوري معاون سابق لصدام وهو العضو البارز الوحيد من نظام صدام الذي ما زال هاربا بعد الإطاحة بصدام في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003، وظهر تسجيل صوتي للدوري على موقع على الانترنت مؤيد لحزب البعث الذي كان يتزعمه صدام أشاد خلاله بتنظيم الدولة الإسلامية رغم أنه أقر بوجود انقسامات في صفوف المسلحين، ويخوض الجيش الوطني العراقي قتالا ضد تنظيم الدولة الإسلامية منذ أيام من أجل السيطرة على قاعدة عسكرية قريبة من المقدادية ويتبادلون السيطرة على بلدة الصدور القريبة التي قال المتحدث العسكري باسم المالكي اللواء قاسم عطا إن الجيش استعادها.

القاعدة ترفض قيام الخلافة

من جانبه رفض تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي جناح القاعدة في شمال افريقيا الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في أجزاء من العراق وسوريا وأكدت مبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، وجاء هذا في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي تحد مباشر للقاعدة أصبح زعيم تنظيم الدولة الإسلامية يحمل لقب الخليفة ووجه رسالة يدعو فيها المسلمين في كل مكان الى الانضمام للجهاد، وتبرأ تنظيم القاعدة من تنظيم الدولة الإسلامية.

وقالت مجموعة سايت المتخصصة في متابعة مواقع الإسلاميين المتشددين على الانترنت إن البيان المنسوب لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي انتقد تنظيم البغدادي لأنه لم يتشاور مع القيادات الجهادية، وقال البيان "نؤكد أننا لا زلنا على بيعتنا لشيخنا وأميرنا أيمن الظواهري فهي بيعة شرعية ثبتت في أعناقنا ولم نر ما يوجب علينا نقضها وهي بيعة على الجهاد من أجل تحرير بلاد المسلمين وتحكيم الشريعة الإسلامية فيها واسترجاع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة"، وكان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يتخذ من الجزائر قاعدة له في البداية لكنه توسع في منطقة الساحل بشمال افريقيا، ويوالي زعيمه عبد الملك دروكدال القيادة المركزية لتنظيم القاعدة الى جانب عدد من الجماعات الإسلامية المتشددة الأخرى في المنطقة.

فيما أنتقد الداعية الاردني المتشدد عمر محمود عثمان المعروف باسم ابو قتادة وكان يوصف في الماضي بانه "سفير بن لادن في اوروبا" اعلان دولة "الخلافة الاسلامية"، مؤكدا انها بيعة "باطلة" و"لاتلزم إلا اصحابها" لان ذلك لا يتم "الا باتفاق اصحاب الامر من اهل الشورى"، وقال ابو قتادة الذي تسلمته عمان من لندن في تموز/يوليو الماضي حيث خاض معركة قضائية طويلة لمنع ترحيله من بريطانيا في رسالة نشرها على موقع "تويتر" ان "ما اعلنته جماعة الدولة الاسلامية في العراق بأنها دولة الخلافة الاسلامية باطل من وجوده"، واضاف ان "أمر الامامة لا يكون الا عن رضى ولا يحصل إلا باتفاق اصحاب الامر من اهل الشورى وهم المجاهدون في سبيل الله في الارض من سوريا الشام واليمن وافغانستان والشيشان والصومال والجزائر وليبيا وغيرهم من اهل النكاية في اعداء الله، وقد عقد أمر الخلافة بعيدا عن هؤلاء".

واوضح ان "هذه الجماعة (الدولة في العراق) ليست لها ولاية على عموم المسلمين حتى تقضي الامر بعيدا عنهم (فهي) جماعة من المسلمين لا جماعة المسلمين التي تقال لها الخلافة والامامة العظمى فهذه بيعة في الطاعة لا تلزم الا اصحابها فقط"، ورأى ابو قتادة ان "تهديدهم بالقتل لمن شق عصا المسلمين انزلوه على غير وجهه، فأن الناس اليوم جماعات لا يجوز جمعهم إلا على وجه الرضى او حصول الغلبة المطلقة"، وقال ان "الغاء جماعات المسلمين في عموم الديار إلا جماعاتهم هذا الافتراء بلا علة سوى علة اعلان الخلافة، وقد تبين سابقا فساد هوى العلة فليس بالإعلان والاسماء يحصل الالتزام"، واشار الى ان "واقعهم يدل على سعارهم في قتال مخالفيهم، وهذا القتل إثم وجريمة كبيرة على أي معنى كان، سواء كان من اجل الغلبة او من اجل غيرها، اما ان حصل تكفير للمخالف فهذا دين الخوارج ولاشك".

وحذر ابو قتادة من ان "هؤلاء لا رحمة في قلوبهم على اخوانهم المجاهدين فكيف سيكون أمرهم على فقراء الناس ومساكينهم وضعافهم وعوامهم"، وتابع ان تنظيم الدولة الاسلامية "جماعة بدعية فلا يقاتل تحت رايتها الا اضطرارا، وقد زادت بدعتها بزعمها انها جماعة المسلمين وان امامهم هو الامام الاوحد للمسلمين مبطلين غيره بلا معنى سوى الادعاء".

التوسع في سوريا

على صعيد ذي صلة قال نشطاء إن تنظيم الدولة الإسلامية المنشق عن القاعدة طرد المقاتلين المنافسين له من محافظة دير الزور بشرق سوريا ليحكم قبضته على المحافظة المنتجة للنفط والمتاخمة للأراضي التي يسيطر عليها في العراق، ويتقدم مقاتلو الدولة الاسلامية المتشددون في مواجهة خصومهم في محافظة دير الزور بفضل الاسلحة التي استولوا عليها في هجوم خاطف ضد قوات الحكومة العراقية عبر الحدود، وتركز القتال بشكل كبير على السيطرة على حقول النفط وبلدات مطلة على نهر الفرات وتسبب في مقتل مئات المقاتلين منذ بداية العام.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا ان تنظيم الدولة الاسلامية طرد عشرات من المقاتلين المنافسين من دير الزور ومن بينهم مقاتلو جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا وجماعة أحرار الشام الاسلامية المتشددة، وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن التنظيم الآن بات يسيطر على المحافظة بأكملها باستثناء بعض المناطق والمطار العسكري الذي تسيطر عليه قوات الحكومة، وذكر أن المقاتلين من الجماعات الاسلامية المنافسة إما لاذوا بالفرار أو بايعوا الدولة الاسلامية مضيفا أن القوات الحكومية الموالية للرئيس بشار الأسد لا تزال تسيطر على نحو نصف دير الزور. بحسب رويترز.

وأضاف أن تنظيم الدولة الإسلامية قتل أيضا قياديا محليا في جبهة النصرة، ونشر أنصار التنظيم ما قالوا انه صور لجثة قيادي جبهة النصرة لكن لم يتسن التحقق من صحة الصور، وقال عمر أبو ليلى المتحدث باسم الجيش السوري الحر المعارض في الشرق ان مئات المقاتلين لاذوا بالفرار إلى منطقة درعا في الجنوب قرب الأردن ومنطقة القلمون قرب لبنان منذ أعلن التنظيم الخلافة في المناطق التي يسيطر عليها والتي تمتد في شرق سوريا وشمال العراق، وتابع أن تدفق الاسلحة من العراق رجح كفة المعركة لصالح تنظيم الدولة الاسلامية وساعده على تأمين السيطرة على حقول النفط المحلية، وأضاف "لم تصلنا مساعدات من الخارج".

كما أفاد المرصد أن مسلحي "تنظيم الدولة الإسلامية" قاموا بقتل 90 شخصا على الأقل، غالبيتهم من مسلحي نظام الأسد، في الهجوم الذي شنته الدولة الإسلامية على حقل الشاعر للغاز في ريف حمص"، وأوضح المرصد أن الهجوم هو "الأكبر" الذي يشنه التنظيم الجهادي ضد موقع تابع لنظام الرئيس بشار الأسد، منذ ظهوره في سوريا في العام 2013، وأوضح أن من القتلى "25 عاملا على الأكثر، في حين أن الآخرين هم من حراس الحقل وعناصر الدفاع الوطني" الموالية للنظام، مشيرا إلى أن "مصير نحو 270 شخصا كانوا موجودين في الحقل، لا يزال مجهولا".

وأشار إلى أن العديد من الضحايا "أعدموا بعد أسرهم"، وكان المرصد أفاد أن تنظيم "الدولة الإسلامية" سيطر على الحقل الواقع قرب مدينة تدمر شرق حمص، إثر هجوم كبير، وبحسب المرصد، قتل 23 شخصا في بداية الهجوم، بينما تمكن 30 آخرين من الفرار، في حين كان مصير نحو 340 شخصا مجهولا، وأكد محافظ حمص طلال البرازي سيطرة مسلحين على "محطة للغاز" في جبل شاعر، وأن الجيش السوري يشن عملية عسكرية لاستعادة السيطرة عليها، وأظهرت أشرطة مصورة تداولتها حسابات جهادية على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إنها عائدة إلى "معركة شاعر"، عشرات الجثث المكدسة تعود في غالبيتها إلى رجال بملابس عسكرية، بعضهم مصاب بطلقات في الرأس.

ويظهر في أحد هذه الأشرطة مقاتل يقوم بضرب إحدى الجثث بحذاء على الرأس، قبل أن ينتقل المصور ليظهر نحو 40 جثة مكدسة في مجموعتين منفصلتين، إضافة إلى بعض الجثث الأخرى الموزعة بشكل إفرادي، وبدت في هذه اللقطات، ثلاثة جراء بيضاء وسوداء اللون، متحلقة حول جثة ملقاة في حفرة صخرية، وسمع المصور يقول تباعا خلال الشريط "لعنة الله عليهم"، قبل أن يصرخ بصوت عال "هذا من فضل الله"، كما ظهرت في الشريط راجمتي صواريخ يرجح أنهما تابعتان للقوات النظامية السورية.

وفي شريط آخر عنوانه "أبو لقمان الألماني بين جثث النصيرية في معركة شاعر"، بدا مقاتل يجلس القرفصاء على تلة ترابية صغيرة وأمامه نحو عشرين جثة مكدسة فوق بعضها البعض، قبل أن يتحدث باللغة الألمانية، ويردد بين الحين والآخر كلمات وعبارات بالعربية، منها "هذه خنازير، حيوانات"، "من فضل الله عز وجل"، "كفار"، و"لعنة الله عليهم جميعا"، وقال عبد الرحمن إن الهجوم "هو الأكبر الذي تشنه الدولة الإسلامية منفردة على قوات النظامية منذ إعلان تأسيسها".

وظهر تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" في سوريا في ربيع العام 2013، وقوبل بداية باستحسان من معارضي النظام الباحثين عن أي مساعدة ضد قواته النظامية، إلا أن هذه النظرة تبدلت مع قيام التنظيم بفرض معاييره المتشددة وتنفيذه عمليات قتل وخطف وإعدامات بحق معارضيه، وسعيه للتفرد بالسيطرة على مناطق تواجده.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/تموز/2014 - 22/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م