شبكة النبأ: تشكل ظاهرة الإفطار
العلني خرقا لحدود شهر رمضان الكريم، وتشكل أيضا خطرا على الشباب
بالدرجة الأولى، خاصة أن الاجواء الرمضانية تعد فرصة مناسبة تماما،
لتصحيح مسارات الشباب الخاطئة، وإعادتهم الى جادة الصواب، إذ يصبح هذا
الأمر أكثرة سهولة ويسرا في شهر رمضان المبارك، لأسباب معروفة تقف في
المقدمة منها تلك النفحات الإيمانية التي تتكلل بها ساعات اليوم
الرمضاني ليلا ونهارا، حيث الاجواء العبادية، والتواجد شبه الدائم في
المساجد والحسينيات ودور العبادة، كي يستمع الشباب الى محاضرة دينية
معينة، أو لقراءة دعاء، أو لأداء الصلاة، وغالبا ما يرافق هذه الاجواء،
نفحات عميقة تضاعف من فرصة تمسك الشباب بتعاليم الاسلام والسيرة
النبوية الشريفة، ومنهج أئمة أهل البيت الاطهار عليهم السلام بالصورة
الصحيحة.
ومع ذلك تبقى ظاهرة الإفطار العلني، تشكل تحديا حقيقيا، يستدعي
التصدي له بالسبل الصحيحة، فهذه الظاهرة ينبغي أن تتم دراستها بالصورة
الصحيحة من جوانبها كافة، لماذا تتكرر هذه الظاهرة في مثل هذا الشهر،
وما هي الأسباب التي تقف وراءها، ثم كيف يمكن للجهات المعنية وضح لهذه
الظاهرة، حتى يبقى الشباب بالدرجة الاولى وغيرهم في منأى من مخاطرها.
إن الإنسان بطبعه، وخاصة في مقتبل العمر، يتأثر بسرعة بالآخرين،
خاصة اذا كانوا من المقربين له او أصدقاءه، كذلك يتأثر بمن هم اكبر سنا
منه، فعندما يرى احدهم يدخّن، يرغب أن يفعل الشيء نفسه، وعندما يرى احد
أصدقاء او شخصا ممن يقتدي بهم، يجاهر بإفطاره ويعلن عن ذلك من تردد او
رادع، فإن الشاب الذي لم تثبت في شخصيته، قواعد الالتزام الديني، سرعان
ما يفعل الشيء نفسه، تحت ضغط التأثير والتقليد وربما التحدي أو إثبات
الذات!، لكن الامر لا علاقة له من بعيد او قريب بإثبات الذات، لأن
الشباب أمامهم الكثير من التحديات التي يمكنهم من خلالها اثبات ذاتهم
وتحقيق وجودهم.
إن الصوم ينطوي على تحديات كبيرة بالنسبة للشباب، وهو مقياس مهم
لمدى قدرتهم على التحمل والصبر، والصوم كفيل بصنع شخصية كفاحية متميزة،
تغني الشاب عن حالات التأثر بالظواهر والممارسات الخاطئة التي قد يتأثر
بها، ويتشبث بها متوهما أنها تمنحه شخصية متميزة، وغالبا ما يحدث هذا
تحت تأثير المرحلة العمرية التي تتميز بالاندفاع والذهاب بعيدا مع
الخيال الخاطئ، لذلك لابد أن تفهم الجهات المعنية، الحريصة على بناء
شخصية الشاب، وجعلها شخصية ايجابية كفاحية، لا تتأثر بسرعة بالظواهر
الخاطئة، ومنها كما ذكرنا ظاهرة الافطار العلني التي يتمسك بها عدد من
الشباب وغيرهم، لأسباب عديدة، لذلك لابد أن نحمي الشباب من هذه الظاهرة
وتبعاتها، ولابد للجهات المعنية أن تقوم بما يلزم للحد من المجاهرة
بالإفطار، وهناك سبل عديدة للنجاح في هذا المسعى، منها على سبيل
المثال، استخدام منهج التوعية واقناع الشباب (ممن يعلنوا إفطارهم)
بأهمية وخصوصية هذا الشهر، بمعنى نبدأ مع هؤلاء بأسلوب التوعية
والإقناع اولا، كذلك توضيح المزايا الكثيرة والكبيرة التي يشتمل على
الصوم، فهناك فوائد نفسية عميقة تسهم في بناء الشخصية المتميزة للشاب،
وتمنحه قدرة هائلة على مواجهة الصعاب المختلفة التي لا تنحصر فقط بتحمل
الجوع والعطش، انما تشمل مواجهة جميع الصعوبات بقدرة نفسية وفعلية
كبيرة.
ومن أساليب الحد من ظاهرة الافطار العلني أيضا، ظاهرة الردع
القانوني، فالدولة التي تتخذ من الاسلام دينا لها، عليها القيام بوضع
العقوبات المناسبة من يتعمّد الافطار في قارعة الطريق وأمام الملأ،
ولابد من إشعار الجميع بحرمة هذا الشهر الكريم، وأهمية احترام حدوده،
وقد ادى الشرع الاسلامي دوره في هذا المجال، وقام بما عليه من قضايا
شرعية تخص الافطار العلني وكل ما يمت له بصلة.
خلاصة القول على الجهات المعنية مكافحة هذه الظاهرة بالطرق الشرعية
والقانونية المناسبة، وفي الوقت نفسه لابد أن تحرص جميع الجهات
والمؤسسات المعنية، على أهمية سحب الشباب الى الصوم وتشجيعهم على ذلك
بالسبل المناسبة، ولابد للشباب الاستفادة من جميع الأجواء الرمضانية
المباركة التي تتيح لهم بقوة، فرصا كثيرة للبناء النفسي الإيماني
العميق، وهذا بالضبط ما ينبغي أن يتحقق للشباب في هذا الشهر الكريم،
علما أن الدور الذاتي له دوره المهم في هذا المجال، ونقصد به دور الشاب
نفسه في استثمار هذا الشهر المبارك لصالحه، ونبذ السلوك الشائن لمن
يعلن إفطاره على الملأ، دون مراعاة لحرمة شهر رمضان، ولحقوق الصائمين،
إذ يعد الإفطار العلني تجاوزا علنيا على حقوقهم. |