حين يولد لنا طفل نهتم كثيرا بالأذان والإقامة في أذنيه ليتردد على
مسمعيه الاقرار بالشهادة أن لااله الا الله محمد رسول الله علي ولي
الله. كلمة الله المقدسة تخترق الآفاق من عالم الذر الى الأصلاب ثم
تستقر في رحم الأم ومنها الى أذني الوليد مستقبلا عالمه الجديد
بالتوحيد والنبوة والامامة.
هكذا نحن نوحد الله في كل لحظة من لحظات الروح وفي كل مناسبة او دون
مناسبة فالله تبارك وتعالى أنعم علينا بنعمة الاسلام ونبي الاسلام ووصي
رسول الاسلام. الله ومحمد وعلي ثالوث المعرفة والنجاة من منزلقات
الطريق الى الهدف الأسمى رضا الخالق الواحد وشفاعة النبي الخاتم وولاية
علي امير المؤمنين.
فهل انحرفت مقدمة الكلام عما أراد الله تبارك وتعالى ان نكون من
الناجين من عذاب الحريق؟ هل تخطيت من له الفضل والاحسان وهو يقول {
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ
رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ
لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } وكان كما أمر الله تبارك وتعالى ان يكون النبي
اولى من أنفسنا وقد اقام حجته على المسلمين يوم غدير خم حين سألهم
وأقروا له بالإيجاب (ألست أولى بكم من أنفسكم) ثم تمت نعمة الله بولاية
علي أمير المؤمنين وقد ابتهجت الأمة فيه ابتهاج من قالوا بخ بخ لك
ياعلي لقد أمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة.
هذا علي بين أبي طالب نوثق مما عرفنا في فضله مالايعد ولايحصى وهو
القرآن الناطق ونفس النبي ووصيه ووزيره وصالح المؤمنين وامام المتقين،
فمانزلت آية من آيات الرحمن الا كان لعلي حضور المجسد لها في سيرته
الطيبة المباركة. فلا غلوا في علي ونحن نستقبل ليالي القدر وقد من الله
علينا بمنطق العقل وتحليل الأحداث في الولادة والشهادة انهما خارج
المألوف فما للصدفة من مقام في سيرة علي. انها نعمة الأقدار الالهية ان
يكون رحيل علي من محراب الصلاة التي عشقها وهام بها بكاء وتضرعا وخشية
لملكوت السماوات والأرض. وأية ليلة ختم بها الامام حياته أليست هي خير
من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر؟. لله مجدك
سيدي أمير المؤمنين. مابال قوم لم يستوعبوا أن شخصية ربانية كشخصية علي
ربيب النبي سيأخذ كل هذا الموقع في الأمة وقد حاولوا ان يزوروا الوقائع
فأبت الا ان تكون سيرة علي هي المداد الذي تشتاق اليه صفحات التاريخ.
فكان حب علي اختبار القلب من الايمان وكأن القلب لايستقر فيه الايمان
ان لم يكن لعلي مقاما خاصا كماهو النبي الأكرم صلى الله عليه وآله صاحب
الرسالة والمقام المتفرد بين الأنبياء والمرسلين في خاتميته وعنوانه
الالهي حبيب الله.
لقد تجسدت في أمة محمد مواقف متعددة بعد وفاة النبي المصطفى حاولوا
وبكل مالديهم من فنون المكر والتضليل أن يجعلوا تجربة الأمام العادل في
حكمه بين الناس وقيادته لهم بما أمر الله ورسوله، حاولوا أن يجعلوا
تجربة الامام بعيدة المنال واذا بهم يلوذون به متوسلين له أن يقبلها من
بيعتين هو المتفرد بهما البيعة الخاصة والعامة. واذا به يفاجئهم بنقل
الخلافة من المدينة الى الكوفة حيث المقر الموعود لدولة الامام المهدي
العالمية لتكون مصداقا للآية القرآنية المباركة في استخلاف من يرثون
الأرض وصفاتهم التي جاهد الامام ان يربي جيلا ممن عاصروه على مبادئها
فتنتقل عقيدة الحق واقامة العدل بين الناس ليكون الدين لله وحده لاشريك
له.
الانتقالة التاريخية في المفهوم جاءت وفق أحداث متسلسلة وقف
المنافقين موقف المعارض لنهج علي فكانت المسيرة لها طريقين واضحين لمن
يختار مايراه مناسبا لما تربى عليه، طريق الحق حيث علي والحسن والحسين
والأئمة من ولد الحسين وطريق الباطل حيث معاوية ويزيد ومن ورث الشيطان
فنون النفاق ومعاداة الحق فكانوا أعداء الله من خلال جرائمهم الى يومنا
هذا. أنظمة وحكاما وشعوبا ووعاظ سلاطين حيث الغدر والنفاق سيرتهم.
فالحمد لله على نعمته التي فاضت علينا بنفحات من الايمان الخالص لله
وحده وقد عرفنا الحق في علي المرتضى. كيف لا وهو علي فمن عرفه فقد عرف
النبوة والتوحيد كل حركة وقول منه كانت في الله، ولله وحده وكل تفانيه
ان يذود عن رسول الله وفي رسول الله كان علي يقدم روحه وجسده فداء له.
فهل عرفتم أيها الناس معنى الثالوث بلا شرك او غلوا رويدكم سادتي انه
علي. |