شبكة النبأ: عنوان كتاب للمرجع الديني
الراحل، الامام محمد الحسيني الشيرازي، صدر في العام 1998، اي قبل
التغيير في العراق العام 2003 بخمس سنوات.
والاسلام قائم فعلا في العراق، الا انه قيام المظهر دون الجوهر في
تعاليمه والتي تمنى الامام الراحل قيامه من سبات، لكن جوهرا قبل المظهر.
وهذا الكتاب ليس الوحيد الكاشف عن عمق اهتمام المرجع الراحل بالعراق،
بل لديه كتب اخرى مثل: (من عوامل الاستقرار في العراق - محنة العراق -
حكومة الأكثرية - دعاة التغيير ومستقبل العراق - التهجير جناية العصر -
الى المجاهدين في العراق - وصايا الى الكوادر العراقية - مستقبل العراق
بين الدعاء والعمل - العراق ماضيه ومستقبله - كيف ولماذ أخرجنا من
العراق - الشيعة والحكم في العراق - العراق بلد الخيرات)
اضافة الى اهتمام عبر عنه في موارد اخرى من كتب عديدة في السياسة او
الاجتماع او الاقتصاد او التاريخ.
لماذا العراق تحديدا؟
سببان لذلك وهما: خصوصية هذا البلد من ناحية تعدد الأديان والأعراق
والقوميات.
الاهتمام الخاص الذي يوليه الامام الشيرازي الراحل للعراق،
باعتباره بلد المقدسات وأولى الحوزات العلمية في العالم الإسلامي.
قيام الاسلام الذي يطمح اليه الامام الراحل في العراق، جاء في
الكتاب على شكل مقدمة وخمسة فصول، توزعت عناوينها على:
الفصل الأول: الأمور السابقة لقيام الدولة الإسلامية
الفصل الثاني: سيادة القانون
الفصل الثالث: الإدارة والجيش والداخلية
الفصل الرابع: النظام الاقتصادي
الفصل الخامس: سياسيات
ملحقات
في المقدمة يضع الامام الراحل نصب عينيه، (المثالية والواقعية
واحترام الانسان وتوفير حاجاته) التي جسدها قيام الاسلام على يد صاحب
الدعوة اليه، وهو رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
مرورا بالكثير من المواقف التي اتخذها الرسول الكريم مع اعدائه او
مناوئيه طيلة وجوده في مكة قبل الهجرة او في المدينة بعد هجرته اليها.
وكذلك يضع الامام الراحل حكومة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه
السلام) معيارا اخر لشكل الاسلام في العراق حين قيامه، او شكله اذا
اريد له ان يقوم.
هذان النموذجان للامام الراحل، ليست استعارة ماضوية او عودة اليه
الا بملاحظة جديرة بالاهتمام يرفقها الامام الراحل بتلك العودة وهي حسب
تعبيره (مع ملاحظة عامل الزمن وضرورة عمل الحكام بقول الإمام علي عليه
السلام فليتأس متأس بنبيه وإلا فلا يأمنن الهلكة).
لا يمكننا في هذه المقالة الموجزة الحديث عن مطالب الكتاب جميعها،
الا اني ساركز حديثي على جانب واحد وهو (العفو العام). واترك الجوانب
الاخرى التي اخذت اثارها تظهر على الواقع العراقي بعد احد عشر عاما على
التغيير، سواء كانت حقيقية بعضها او كلها، او انها في بعض الحالات تاخذ
طابعا من التضخيم والتهويل الاعلامي، وهنا ليس محل نقاش ذلك، ساقصر
حديثي عن (العفو العام) الذي يطرحه الامام الراحل في كتابه.
في الفصل الأول والذي حمل عنوان (الأمور السابقة لقيام الدولة
الإسلامية) يتحدث الامام الراحل عن (العفو العام) عن (كل من أجرم قبل
قيام الدولة).
والعفو العام الذي يقترحه (قدس سره) هو في غاية الأهمية، ويعترف
الامام الراحل انه في غاية الصعوبة ايضا.
لماذا العفو العام؟
لانه بكل بساطة، (يسبب اطمئنان الناس بالحكومة القائمة مما يؤد ي
إلى تعاونهم معها) وهذا بدوره يؤدي الى (انتشار الاستقرار والأمن).
في عدم العفو ونقيضه، يسجل الامام الراحل عدة موانع على مثل تلك
السياسة (عدم العفو) اذا انتهجها القائمون على الحكم في بداية تشكله.
فعدم العفو يعني (ان القتل والملاحقة لا تبقى في دائرة خاصة بل
تتعداها إلى دوائر أوسع وأوسع كالحجر إذا القيته في الماء حيث تتسع
دوائر أمواجه).
وعدم العفو وما يؤدي اليه من مصادرة الاموال، (يوجبان تكوين الأعداء
وأحيانا يسقط أولئك الأعداء الحكومة).
وعدم العفو ايضا (يوجب تأليب الإعلام في سائر البلاد على الحكومة
الفتية مما يسبب فقدان شوكتها وضياع سمعتها وذلك يوجب الفشل).
لماذا اهتمام الامام الشيرازي الشديد بمبدأ العفو العام، واعتباره
اصلا وماعداه استثناء يقدر بقدر اقصى الضرورة كما وكيفا؟
يعتقد الامام الراحل، وهو مصيب في اعتقاده، ان اجهزة الدولة الفتية
اذا اشتغلت (بالقتل والمصادرة والعداوات استفزت المناوئين لها بإظهار
الأحقاد وتشغيل ماكنة العداوات القديمة للانتقام منهم مما توقع الدولة
في مشكلة لا منجى لها منها بينما كان اللازم على الدولة الجديدة حل
المشكلات القديمة لا إيجاد مشكلات جديدة فإنها توقفها عن البناء
وتزيدها وهنا على وهن).
اتساءل في ختام هذه السطور، لو ان القائمين على الحكم في العراق
والمتعاقبين عليه منذ احد عشر عاما قد وضعوا مثل تلك التوصيات امام
ضمائرهم وعقولهم هل كنا سنصل الى ماوصلنا اليه في اللحظة الراهنة؟. |