شبكة النبأ: شعار الشراكة العراقية:
ما عندنا لنا وما لديكم نحن شركاء فيه، هل من احد منع مسعود البارزاني
من ان يحلم؟، ما هو حلم الزعيم الكردي؟، من هم القادة والزعماء
السياسيون في العراق؟.
المشهد الحالي في العراق، وبعد ارتفاع وتيرة التصعيد المتبادل بين
رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي والمحسوبين على ائتلافه، وبين
رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني واعضاء حزبه، تتكشف الاوراق
التي حاول جميع المتخاصمين السياسيين من اخفائها طيلة السنوات الماضية
التي اعقبت العام 2003.
تكشف بعضها في مراحل سابقة، فرضتها تصعيدات من نوع مختلف عما هي
عليه الان، وان كانت جميعها ترتبط بمفهوم الشراكة، او ببعض بنود
الدستور المختلف عليها قراءة وتفسيرا.
سأبدأ من القسم الاخير من السؤال.
نوري المالكي – مسعود البارزاني – اياد علاوي – عمار الحكيم – مقتدى
الصدر – اسامة النجيفي، والقائمة ليس فيها مجال او فسحة لاحد اخر غير
هذه الاسماء.
الاول وريث تقاليد لحزب عريق في العراق وهو حزب الدعوة الاسلامية.
الثاني ابن مصطفى البارزاني ووريث التقاليد العائلية القومية.
الثالث قومي عروبي، وريث للفكر والمنهج البعثي.
الرابع وريث لاسرة الحكيم المعارضة لصدام حسين.
الخامس وريث القاعدة الشعبية لابيه المرجع الديني محمد صادق الصدر.
السادس وريث التحالفات السنية التي بدأت بمحسن عبد الحميد وعدنان
الدليمي وانتهت اليه.
الاسماء جميعها هي ايضا بشكل واخر وريثة للعقل السياسي العراقي الذي
بدأ منذ تشكيل الدولة العراقية في العام 1921، وهو عقل إقصائي والغائي،
ويكفي نظرة سريعة على تاريخه لاكتشاف حقيقته.
ما هو حلم الزعيم الكردي؟
اعادة احياء دولة مهاباد الكردية، على الاراضي العراقية وزعامتها،
وضم اكراد سوريا وايران وتركيا اليها في مراحل لاحقة.
هل الحلم وليد لحظة راهنة ما تنفك تتدافع تجلياتها امامنا، ام انها
وليدة لحظات سابقة؟ بعبارة اخرى، هل وجود المالكي سببا كافيا لمثل هذا
الحلم، ام ان الحلم يسبق لحظة المالكي، وهي لحظة بدأت في العام 2006
ولازالت مستمرة حتى الان؟.
لا يخفي القادة الكرد (وهما اثنان لاثالث لهما، مسعود وطالباني،
المنزوي مرضا) رغبتهم في الانفصال وتحقيق الحلم القومي الكردي، فكركوك
هي قدس اقداس الاكراد، والمناطق المتنازع عليها يجب ان تكون تحت ادارة
الاقليم.
احد الشروط التي حددها الدستور من ضمن شروط اخرى لحل مشكلة المناطق
المتنازع عليها، هي اجراء التعداد السكاني فيها، لم يوافق الاكراد على
مثل هذا الشرط، في مناطقهم او تلك المناطق. لماذا؟ لخوفهم من اكتشاف
الارقام الحقيقية لعدد السكان في الاقليم او في تلك المناطق. ما هو
الداعي لمثل هذه المخاوف؟، النسبة المقدرة لهم من الميزانية الاتحادية.
في مرحلة التحضير الاخيرة للانتخابات، ظهرت الالاف من الاسماء التي
ليس لها وجود على ارض الواقع في سجلات الناخبين السابقة. اين كانت تذهب
المبالغ المالية المرصودة لهم من الخزينة الاتحادية؟ الى خزينة
الاقليم.
هل من احد منع مسعود البارزاني من ان يحلم؟
لا احد يملك السلطة عليه او على اي انسان اخر من الحلم، ولكن يمكن
امتلاك سلطة عدم تحقيق الحلم.
اذا عارض احدهم حلما لك تروم تحقيقه، هل تسمح له بذلك؟ قطعا لا.
ماذا تفعل عندها؟ تشن حربا عليه.
عدوك محاصر الان، لا افضل من تلك الفرصة ويجب اغتنامها. وعدوك رغم
حصاره مكروه من الجميع، واي شيء تقوله او تفعله ضده سيجد المؤازرة من
اعدائه جميعا.
منذ العام 2003 والجميع يتحدث عن الديكتاتورية، مرة بصيغة الماضي
ورفض ما كانت تمثله حقبة صدام حسين، ومرة بصيغة الحاضر ورفض ما كان
يتبدى من بعض الممارسات التي يقوم بها نوري المالكي، هل كان الجميع
يعرفون المقابل لكلمة الديكتاتورية قبل انتقادها، وهل مروا بالطرق
الديمقراطية المتعارف عليها للوصول الى مواقعهم كقادة لحركات واحزاب
تشكل المشهد السياسي العراقي؟.
لا احد منهم يتجرأ على قول ذلك.
ما هو مفهوم الشراكة بالنسبة للفاعلين على المشهد السياسي العراقي؟،
وقبل ذلك ما شكل الحكم الذي تفترضه الديمقراطيات الانتخابية؟.
في اي ديمقراطية في العالم، تكون صناديق الاقتراع هي الفاصل بين
الحكومة والمعارضة.
تذهب الحكومة الى صاحب الاكثرية وتكون المعارضة من حصة الاقليات او
من حصة من لم يتمكن من الحصول على اصوات كافية للصعود الى الحكم.
لا احد يجبر الفائز ان يشارك الخاسرين، تلك بديهية ديمقراطية لايمكن
تجاهلها او القفز عليها.
في العراق تم اختراع مفهوم (الشراكة) وهو ان يتساوى الجميع في كل
شيء، فائزون، خاسرون، اغلبيات، اقليات، الجميع يريد الاستقرار على دكة
الحكم، ولا احد يريد ان يكون في مقاعد المعارضة.
لكن الشراكة ومنذ العام 2003 لدى الاكراد تعني بصورة بسيطة جدا،
وكما فهموها ويريدون افهام الاخرين بذلك (ما عندنا لنا وما لديكم نحن
شركاء فيه).
لا احد يعترض على هذا المفهوم للشراكة، فجميع الجالسين في خندق
الخاسرين او الاقليات يريدون من يقف بوجه الرابحين او الاغلبيات، وليس
افضل من الحلم والحالم الكردي في ذلك، أعود الى عنوان هذه السطور.
ما يعانيه العراق منذ العام 2003 ليس وليد لحظة المالكي المستمرة
حتى الان، انها لحظة ابعد من ذلكك بكثير، ربما هي تعود الى العام 1921
وتشكل العقل السياسي العراقي، او ربما الى العام 1936 لحظة انقلاب بكر
صدقي، او الى العام 1958 لحظة سقوط الملكية وصعود العسكر، او ربما الى
العام 1963، لحظة تشرين الدموية، او ربما الى العام 1968، واستئناف
اللحظة السابقة لتي توقفت في منتصف الطريق، او ربما لحظات اخرى بين
العام 1968 والعام 2003. |