شبكة النبأ: كان من المقرر ان تعقد
جلسة البرلمان المنتخب حديثا "ثالث دورة انتخابية للبرلمان" في الثامن
من الشهر الجاري، بعد ان رفعت الجلسة الأولى التي شهدت مشادات كلامية
وخلافات حادة بين البرلمانيين، "على الرغم من حضور شخصيات سياسية بارزة
فيها، وتمثيل دولي واممي، إضافة الى 255 نائب عراقي"، الى 12 من تموز
الحالي، بحسب ما أعلن مكتب مهدي الحافظ الذي اختير كرئيس مؤقت للبرلمان
(كونه الأكبر سنا) ونقلته القناة الرسمية من دون إضافة أي تفاصيل أخرى.
وقد المحت هذه التأجيلات المتكررة الى غياب التفاهمات وانعدام
التقارب في وجهات النظر بين السياسيين وقادة الكتل الرئيسية، والتي
جاءت متزامنة مع الخروقات الأمنية الكبيرة التي شهدها العراق مؤخرا،
وسقطت فيها العديد من المدن في ايدي التنظيمات المتطرفة، التي أعلنت
بدورها إقامة "الدولة الإسلامية" وإعلان "الخلافة" على الأراضي التي
استولت عليها بعد انسحاب القوات العراقية منها، فيما يستمر الخلاف مع
الاكراد، سيما وان قوات إقليم كردستان "البيشمركة" بادرت هي الأخرى
للسيطرة على محافظة كركوك الغنية بالنفط بعد الاحداث الأمنية، فيما
اعلن رئيس الإقليم "مسعود بارزاني" ان المادة 140 في الدستور العراقي (والتي
من المفترض ان تنظم مسالة كركوك التي يطالب فيها الاكراد منذ وقت طويل،
إضافة الى مناطق أخرى متنازع عليها باستفتاء شعبي)، قد انتهت وان كركوك
انضمت رسميا للإقليم، واكد ان الإقليم في طريقة لإعلان الدولة الكردية
والانفصال عن العراق بعد الانتهاء من اعداد استفتاء حول تقرير المصير.
ميدانيا، ما زال التقدم الحكومي لإعادة السيطرة على المناطق التي
سيطر عليها المسلحون في الانبار وسامراء وصلاح الدين والموصل وديالى،
يعاني البطء وضعف التسليح والدعم الجوي، إضافة الى المعلومة
الاستخبارية، وحاولت الحكومة العراقية الاستفادة من جميع الفرص
التسليحية المتاحة امامها (روسيا وايران والصين ...الخ) بعد تأخير
الولايات المتحدة الامريكية دفعات التسليح.
وقد اثارت هذه العقبات السياسية والأمنية في العراق استغراب الكثير
من المحللين والمتابعين للتطورات المتسارعة في العراق، ورأى اغلبهم ان
هذه الخلافات تتبع الخلافات الإقليمية حول ترتيب الأوراق السياسية في
العراق، وان أي تفاهمات امنية او سياسية في العراق، هي بالأساس خاضعة
لتفاهمات إقليمية لدول معينة في الشرق الأوسط والتي توفر دعمها لجهة او
طرف سياسي معين، فيما شبة اخرون الوضع العراقي بالوضع اللبناني الذي
فشل اكثر من سبع مرات في التوصل الى اختيار رئيس لبنان القادم بسبب
الاجندات الخارجية غير المتوافقة.
الحرب الشرق أوسطية بين دول إقليمية وعالمية كبيرة ترددت اصدائها
اليوم في العراق، وانعكست مواقفها بين الكتل الثلاثة الرئيسية، من دون
ان ترجح كفة على أخرى، الا ان الاستمرار في هذا التباعد وانعدام
الانسجام بين الأطراف، سوف يعطي المزيد من الزخم للجماعات المتطرفة
والتنظيمات الجهادية لمواصلة حرب احتلال المدن.
خيارات صعبة
في سياق متصل تحاول إيران اتخاذ قرار متماسك ردا على التقدم السريع
الذي يحرزه متشددون سنة في العراق لكنها تواجه سلسلة معقدة من
التحالفات والعداوات التاريخية لتحقيق ذلك، وأرسلت المؤسسة الدينية
الشيعة في طهران رسائل متباينة بشأن التعاون مع الولايات المتحدة وهي
راع آخر للمالكي وتشتركان سويا في هدف الحيلولة دون تقسيم العراق، وبعد
عقود من التنافس مع حلفاء واشنطن السنة من أجل النفوذ تأمل طهران في
الارتياح من العقوبات الأمريكية من خلال ابرام اتفاق بشأن برنامجها
النووي خلال الاسابيع القليلة القادمة وترغب في تفادي القول بأن دفاعها
عن القوات غير السنية في بغداد وسوريا ولبنان وأماكن أخرى يشجع على حرب
إقليمية طائفية.
وقال مسؤول كبير على صلة وثيقة بالزعيم الإيراني آية الله علي
خامنئي "بالنسبة لايران فإن المصالح الوطنية لها الاولوية دائما على
الانقسامات الدينية، اهتمامنا الاساسي الان هو حماية مصالح الأمة
الإيرانية"، وتندد إيران على نحو مطرد بالمتشددين السنة الذين يتعهدون
بارتكاب مذابح ضد الشيعة بوصفهم كفارا لكن القيادة الإيرانية لم تأل
جهدا في التأكيد على الرغبة في التعايش مع الطوائف الاخرى والذي أصبح
الآن عنصرا أساسيا لانتقادها للمالكي، وقال المسؤول "ندعم المالكي حتى
الان، لكن اخفاقه في تشكيل حكومة تضم كل الأطياف أدى إلى حدوث فوضى في
العراق، دعمنا سيكون مشروطا ومحدودا".
وحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما المالكي على احتضان الاقلية
السنية التي فقدت نفوذها عندما أطاحت القوات الأمريكية بصدام حسين الذي
أيدته واشنطن بشكل تام ضد إيران خلال العرب العراقية-الإيرانية التي
دارت في ثمانينات القرن الماضي، لكن طهران وواشنطن لا تستطيعان الان
فيما يبدو الاتفاق على كيفية تحقيق هدفهما المشترك المتمثل في هزيمة
المتشددين وتهدئة السنة المعتدلين واستقرار العراق حتى وان كان كل
منهما اشار إلى أن التنسيق مع الاخر سيساهم في وضع خطة. بحسب رويترز.
والنتيجة هي ان إيران والولايات المتحدة تبحثان عن استراتيجية
سياسية وعسكرية مشتركة لصد هجوم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق
والشام في شمال العراق والذي بدأ في العاشر من يونيو حزيران، وقال كريم
سجادبور من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومقرها واشنطن "هدف إيران في
العراق هو العودة إلى الوضع الذي كان قائما والمتمثل في حكومة تهيمن
عليها الشيعة وذات توجهات عقائدية تستطيع إيران الاعتماد عليها كشريك
صغير"، وأضاف "لكن السؤال الكبير هو: هل مثل هذا الوجود الفردي سيكون
مقبولا لدى كل من إيران والفصائل السنية والولايات المتحدة"، وهذه ليست
المشكلة الوحيدة التي تواجه إيران.
فالوضع المثالي بالنسبة لطهران هو منع أي دور موسع للولايات المتحدة
في العراق ومع ذلك فقد أشارت إيران في ظل الحاجة إلى اعتراف أمريكي بها
كقوة سياسية اقليمية إلى انها قد ترحب بشراكة محدودة وهادئة مع واشنطن
في الدفاع عن بغداد، وكانت إيران تأمل في بادئ الأمر ان تستطيع من خلال
مساعدتها للمالكي بالأسلحة والمعلومات المخابراتية احتواء الأزمة، وحثت
طهران المالكي على تشكيل حكومة أكثر شمولية تضم السنة، ولكن مع استمرار
الأزمة تزايدت الشكوك حوله ويقول محللون ومسؤولون إن طهران باتت تبحث
عن بدائل.
وقال مسؤول أمني إيراني كبير أكد على ان أي رئيس وزراء جديد يجب أن
يكون صديقا لطهران "لدينا بضعة أسماء في أذهاننا وناقشنا قائمتنا مع
حلفائنا في العراق"، ومما يعقد المشهد تلك الخلافات العلنية المتكررة
بين المواقف التي يتخذها المسؤولون الإيرانيون، ويتهم خامنئي الغرب
وحلفاءه من دول الخليج العربية بدعم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق
والشام للإطاحة بحكومة بغداد واستعادة الهيمنة السياسية السنية، لكن
مسؤولين اخرين اشاروا إلى ان الأزمة في العراق تمثل فرصة لنزع فتيل
عداء مع واشنطن أضر بالبلدين وأفاد اعداءهما من الاسلاميين السنة في
القاعدة وحركات أخرى، وقال مسؤول إيراني كبير اخر في اشارة إلى
الولايات المتحدة "لدينا مصالح مشتركة وأعداء مشتركون"، وأضاف "نواجه
تهديدات أمنية مماثلة في العراق، لا يمكن تحقيق الاستقرار في الشرق
الأوسط بدون تعاوننا".
واتخذ الرئيس الإيراني حسن روحاني نهجا مهادنا "للشيطان الأكبر" منذ
انتخابه قبل عام رغم انه ما زال خاضعا لخامنئي في تحديد السياسة
الخارجية، وأشار إلى امكانية التعاون مع الولايات المتحدة في العراق
إذا تصدت واشنطن "للإرهاب" في المنطقة في انتقاد لدعم حلفاء للولايات
المتحدة مثل السعودية وقطر للإسلاميين السنة الذين يقاتلون حلفاء
لإيران في دمشق وبغداد، وقال سجادبور "وفقا لهذه الديناميكية الغريبة،
فإنه حينما يتعلق الأمر بالعراق فإن الولايات المتحدة وإيران يكونان
حلفاء ولكن ليسوا اصدقاء".
وكتب تريتا بارسي رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي في الآونة
الأخيرة "كان بالإمكان تجنب الفوضى في كل من أفغانستان والعراق اذا
اعترفت واشنطن بالدور الذي يمكن ان تلعبه إيران لتحقيق الاستقرار ما لم
يتم التعامل معها على انه منبوذة"، ولكن مع كل المزايا المحتملة لتعاون
إيران مع الغرب فإن حكامها يحرصون ايضا على عدم النظر الي بلادهم على
انها حليف للولايات المتحدة ولا لإسرائيل على وجه الخصوص ضد السنة
الذين يفوقون الشيعة عددا بمعدل اثنين لواحد في انحاء الشرق الأوسط،
ومن المتوقع ظهور المزيد من الرسائل المتباينة.
وقال سجادبور في مؤسسة كارنيجي في واشنطن "الاطاحة بطالبان في
أفغانستان كان في مصلحة إيران لكن خامنئي ندد به، الاطاحة بصدام حسن
كان في مصلحة إيران لكن خامئني ندد به، الان يمكننا الجدال بأن من
مصلحة إيران اجبار الدولة الإسلامية في العراق والشام على التراجع لكن
الزعيم سيندد به"، وأضاف "خامنئي في موقف صعب لانه على مدى ثلاثة عقود،
تمثلت فلسفته في محاولة ان يكون شريكا مع السنة ضد الولايات المتحدة
وإسرائيل"، وتابع قائلا "الان هو في الوضع المعاكس والذي، لا يتلاءم مع
الفكر الثوري الذي اعتنقه طوال هذه السنوات".
طائرات عراقية من إيران
فيما اعتبرت مجموعة خبراء أن ثلاث طائرات حربية من طراز سوخوي
التقطت لها صور أثناء هبوطها في العراق في شريط فيديو بثته وزارة
الدفاع، وصلت على الأرجح من إيران وليس من روسيا كما أعلن سابقا، وأعلن
العراق في 26 حزيران/يونيو انه اشترى من روسيا أكثر من عشر طائرات من
طراز "سو-25"، وهي طائرات تهاجم قوات برية، لصد الهجوم الكاسح الذي
يشنه جهاديون منذ بداية حزيران/يونيو استولوا على مناطق شاسعة في شمال
وغرب العراق، وفي حين سلمت روسيا خمس طائرات، أعلنت وزارة الدفاع أن
خمس طائرات جديدة وصلت إلى العراق ملمحه إلى إنها جزء من الاتفاق مع
موسكو، والبيان الذي بث على الإنترنت أرفق بشريط فيديو يظهر هبوط ثلاث
طائرات سوخوي في العراق.
لكن بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، فان
الطائرات الثلاث الظاهرة في الصورة جاءت من إيران، الدولة التي وعدت
مثل روسيا بمساعدة العراق في مقاتلة الجهاديين المسلحين، وبحسب المعهد
نفسه، فإن الرقمين المطليين على هيكل الطائرات الثلاث يتطابقان مع أخر
رقمين من سلسلة الأرقام الظاهرة على الطائرات الإيرانية، وأسباب
التمويه هي نفسها، وقد أعيد طلاء الرقمين حيث كانت توجد الإشارات
الإيرانية، إضافة إلى ذلك، وصلت هذه الطائرات محلقة، بينما وصلت
الطائرات الخمس الأولى التي سلمتها روسيا على شكل قطع على متن طائرة
شحن، كما ذكر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وأشارت مجموعة
الخبراء إلى إن غالبية طائرات "سوخوي 25" في الأسطول الإيراني تأتي من
الطيران العراقي بحيث إن سبع طائرات عراقية توجهت إلى إيران خلال حرب
الخليج في 1991. بحسب رويترز.
الى ذلك قتل طيار ايراني اثناء مشاركته في القتال في العراق وفق ما
نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ايرنا) في ما يعتقد انه اول
ضحية عسكرية لطهران خلال المعارك ضد متطرفي "الدولة الاسلامية" في
العراق، ولم توضح ايرنا ما ان كان الطيار قتل اثناء التحليق او خلال
معارك على الأرض، واشارت ايرنا الى ان الكولونيل شجعات علم داري مرجاني
قتل اثناء "دفاعه" عن مواقع مقدسة للمسلمين الشيعة في مدينة سامراء الى
الشمال من العاصمة بغداد، وجاء الاعلان عن مقتل العسكري الايراني بعد
تصريح طهران بانها مستعدة لتقديم الدعم اللازم الى الحكومة العراقية
برئاسة نوري المالكي في معاركها ضد الاسلاميين المتطرفين من "الدولة
الاسلامية" الذين سيطروا على مناطق عدة من البلاد.
واعلنت طهران انها لن ترسل جنودا بل من الممكن ان تقدم السلاح الى
بغداد في حال طلبته، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الاميركية فان ايران
نشرت بشكل سري طائرات استطلاع من دون طيار في العراق كما انها ترسل
المعدات العسكرية جوا، وتعتبر سامراء احدى المناطق الحامية في المعارك
التي يشهدها العراق حاليا، وهي مدينة ذات غالبية سنية، يحاول المتمردون
الاسلاميون السيطرة عليها، ويوجد فيها ضريح الامام العسكري الذي اسفر
تدميره جزئيا جراء هجوم شنه تنظيم القاعدة في 2006 عن اندلاع نزاع
سني-شيعي في العراق اسفر عن مقتل عشرات الآلاف.
وفي منتصف حزيران/يونيو تعهد الرئيس الايراني حسن روحاني بحماية
العتبات المقدسة الشيعية في العراق ومن بينها سامراء، ونقلت وكالة فارس
للأنباء صورا لجنازة الطيار في مدينته في فارس في جنوب إيران، ولم تضف
الوكالة اي تفاصيل ولكنها المحت الى ان مرجاني كان عضوا في الحرس
الثوري الإيراني، ويعتقد ان فيلق القدس التابع للحرس الثوري يعمل على
الارض الى جانب القوات العراقية برغم نفي إيران.
أمريكا وإيران وبحث أزمة العراق
من جهته قال مسؤولون أمريكيون وإيرانيون إنهم لا يعتزمون بحث الأزمة
التي تتفاقم في العراق على هامش أحدث جولة من المفاوضات النووية وتمثل
منبرا نادرا للاتصال المباشر بين واشنطن وطهران، وسقطت مساحات كبيرة في
شمال وغرب العراق تحت سيطرة جماعة إسلامية متشددة منشقة على تنظيم
القاعدة أعلنت قيام خلافة إسلامية وتعهدت بالمضي قدما للسيطرة على
العاصمة بغداد، وهناك قلق متزايد وضغوط من الولايات المتحدة وإيران
والأمم المتحدة ورجال الدين الشيعة العراقيين على بغداد للموافقة على
تشكيل حكومة لا تقصي أحدا لوضع حد للأزمة التي سببها المتشددون السنة،
لكن بواعث القلق ومحاولات الضغط لم تفلح في إنهاء الانقسامات بين الكتل
العرقية والطائفية الرئيسية التي تصيب العراق بالشلل.
وأثار الوضع في العراق انزعاج الولايات المتحدة وإيران اللتان لا
ترتبطان بعلاقات دبلوماسية منذ مابعد الثورة الإسلامية في طهران عام
1979، وعرضت إيران التعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار في
العراق لكن واشنطن ردت بفتور، ويوجد مسؤولون أمريكيون وإيرانيون كبار
في فيينا حاليا لإجراء محادثات حول البرنامج النووي الإيراني ولا يعتزم
الوفدان بحث الوضع في العراق، وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية
طلب عدم نشر اسمه "من غير المتوقع طرح موضوع العراق في المحادثات"،
وكرر مسؤول إيراني كبير تصريحات المسؤول الأمريكي وقال "جدول أعمال
إيران واضح في فيينا، سنناقش فحسب القضية النووية وليس أي شيء آخر بما
في ذلك القضية العراقية". بحسب رويترز.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن من الصعب تصور حدوث تعاون جوهري بين
الولايات المتحدة وإيران في العراق حيث اتهمت واشنطن طهران لسنوات (قبل
انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011) بإلحاق أضرار بالأراضي العراقية
مما أدى إلى سقوط كثير من القتلى الأمريكيين والعراقيين، ووافق مسؤول
أمني إيراني كبير على ذلك قائلا "من المستحيل حدوث تعاون عسكري بين
الولايات المتحدة وإيران في العراق"، وأضاف "رجال الدين الذين يحكمون
إيران يشعرون بقلق بالغ من انتقال الأزمة في العراق إلى الأقاليم (الإيرانية)
التي يشكل السنة غالبية سكانها"، وتابع المسؤول الأمني "إيران لن تكرر
الخطأ الذي ارتكبته في سوريا ولن تتورط عسكريا أبدا في العراق."
اوباما يناقش عبد الله
من جهة أخرى قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقش
العراق والعنف المتزايد لجماعة سنية مسلحة هناك في مكالمة هاتفية مع
الملك السعودي عبد الله، وقال في بيان إن أوباما شكر العاهل السعودي
على تعهده بتقديم 500 مليون دولار لمساعدة من تشردوا من جراء العنف
المتزايد مع سيطرة مسلحين من جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام
على محافظات في شمال العراق وغربه، وكان الملك عبد الله تعهد بالعمل
لمكافحة "الأخطار الإرهابية" التي مزقت العراق في الأسابيع الأخيرة.
وقال البيت الأبيض ان اوباما والملك عبد الله ناقشا ضرورة أن يشكل
العراق حكومة جديدة تشمل كافة الأطياف "وتوحد كل الطوائف المختلفة في
العراق"، وكانت بغداد ألقت اللوم على السعودية في التشجيع على "الإبادة"
في العراق لكن مع ان السعوديين يقدمون أموالا وإمدادات إلى مقاتلي
المعارضة السنة في سوريا فإنها تنفي مساندة المسلحين في العراق، وستذهب
منحة السعودية البالغة 500 مليون دولار عبر الأمم المتحدة لمعالجة
الأزمة الإنسانية في العراق. بحسب رويترز.
وقالت قناة العربية التلفزيونية إن السعودية نشرت 30 ألف جندي على
حدودها مع العراق بعد انسحاب الجنود العراقيين من المنطقة غير أن بغداد
نفت هذا الخبر وأكدت أن الحدود لا تزال تحت سيطرتها الكاملة، وتتشاطر
الدولة التي تحتل المرتبة الأولى في صادرات النفط في العالم حدودا
مشتركة تمتد 800 كيلومتر مع العراق حيث استولى المقاتلون المتشددون
الإسلاميون وغيرهم من الجماعات السنية على عدد من المدن والبلدات في
شمال البلاد في عملية عسكرية خاطفة الشهر الماضي، وقضت المملكة على
متمردي القاعدة منذ نحو عشر سنوات وتخشى اي تهديد جديد من إسلاميين سنة
متطرفين.
وأوردت قناة العربية على موقعها الإلكتروني أن الجنود السعوديين
انتشروا في المنطقة الحدودية بعد أن هجرت القوات العراقية مواقعها هناك
تاركة المنطقة الحدودية مع السعودية وسوريا بدون حراسة، وقالت العربية
إنها حصلت على شريط فيديو يظهر نحو 2500 جندي عراقي في منطقة صحراوية
إلى الشرق من مدينة كربلاء العراقية بعدما انسحبوا من مواقعهم على
الحدود، ويظهر في شريط الفيديو الذي بثته (العربية) ضابط يقول إن
الجنود العراقيين تلقوا أوامر بترك مواقعهم دون اعطائهم تبريرا لهذه
الخطوة، ولم يتسن التأكد على الفور من مصداقية محتوى الشريط، لكن
اللواء قاسم عطا المتحدث باسم الجيش العراقي قال إن هذه أنباء كاذبة
هدفها التأثير على الروح المعنوية للشعب والجنود البواسل.
وأضاف أن الحدود التي تقع في أغلبها في منطقة صحراوية خالية تحت
السيطرة الكاملة لحرس الحدود العراقي، وقال المتحدث باسم وزارة
الداخلية السعودية اللواء منصور التركي ان السعودية لم تشهد اي تهديد
قرب حدودها وان الحدود السعودية مؤمنة ومحمية قبل أحداث العراق بفترة
طويلة، وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن الملك عبد الله
بن عبد العزيز أمر باتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية المملكة من أي
"تهديدات إرهابية" محتملة، وتقول مصادر دبلوماسية في الخليج ان حدود
السعودية مع العراق تخضع لحراسة جيدة نسبيا لكن حدودها مع الاردن يمكن
ان توفر طريقا سهلا لاي متشددين يحاولون دخول المملكة قادمين من
العراق.
يذكر ان مجلس محافظة العاصمة العراقية، بغداد، دعا إلى تنفيذ قرار
مقاطعة البضائع القادمة من السعودية إلى جانب سحبها من الأسواق وذلك
على خلفية ما قال أنه رد على "دعم السلطات السعودية للمجاميع الارهابية
التي تحاول النيل من العراقيين"، ونقل تلفزيون العراقية الرسمي على
لسان رئيس لجنة المتابعة في مجلس محافظة بغداد فاضل الشويلي، وتصريحاته
للصباح: "إن المجلس دعا الجهات ذات العلاقة الى مقاطعة البضائع
والمنتوجات السعودية في بغداد وسحبها من جميع الاسواق والمحال التجارية
وايقاف تدفقها الى اسواق العاصمة، وأن هذه الدعوة جاءت على إثر مواقف
السعودية المشينة والمعادية للحكومة العراقية ودعمها لتنظيمات داعش
الارهابية التي تستبيح دماء ابناء الشعب العراقي وتضامنا مع بقية
الحكومات المحلية للمحافظات الاخرى التي اتخذت هذا القرار".
وتابع الشويلي قائلا: "إن المادة 7 من قانون مجالس المحافظات رقم
21 لسنة 2008 تمنح الصلاحيات للحكومات المحلية كافة بإصدار التشريعات
المحلية والانظمة والتعليمات لتنظيم الشؤون الادارية والمالية بما
يمكنها من تنظيم شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية بما لا يتعارض مع
الدستور والقوانين الاتحادية"، وبين أن المجلس كلف محافظة بغداد باتخاذ
جميع الاجراءات اللازمة لتنفيذ القرار بما فيها التنسيق مع الجهات
الحكومية المسؤولة عن عملية التجارة.
إسرائيل ومساعدة الأردن
على صعيد ذي صلة قال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل مستعدة لتلبية أي
طلب أردني بالمساعدة في صد متشددين مسلحين سيطروا على مناطق بالعراق
وإن كان عبر عن اعتقاده بأن الأردن قادر على الدفاع عن نفسه، ويرتبط
الأردن بمعاهدة سلام مع إسرائيل وقد أشاد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين
نتنياهو باستقرار عمان وكرر تعهدات الغرب بتقديم الدعم لها لحمايتها،
وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي يوفال شتاينتز ان المساعدة
الاسرائيلية المحتملة قد تشمل إرسال جنود أو أسلحة لكنه أشار الى أن
هذا غير مرجح، وقال "لدينا مصلحة في ضمان ألا يسقط الأردن أو يخترق من
جماعات مثل القاعدة أو حماس أو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق
والشام".
وأضاف "لو لا قدر الله كانت هناك حاجة، إذا طلب منا ذلك، إذا كان
هناك وضع طارئ فبالطبع ستقدم إسرائيل كل المساعدة المطلوبة، لن تسمح
إسرائيل لجماعات مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام بالسيطرة على
الأردن"، وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على معظم شمال وغرب العراق وهي
مناطق لها حدود مع سوريا والأردن، وقارن شتاينتز الوضع الراهن باستعداد
إسرائيل للتدخل خلال مناوشات حدودية عام 1970 بين سوريا والأردن في
الوقت الذي شنت فيه عمان حملة ضد جماعات مسلحة فلسطينية على أراضيها،
وقال "إسرائيل قالت انها ستتعامل مع كتائب الدبابات السورية التي غزت
الأردن لكن ما حدث كان بالضبط ما أتوقع حدوثه الآن أيضا فقد استطاع
الجيش الاردني بمفرده أن يوقف التقدم السوري ويدمر عشرات الدبابات
السورية وانسحب الجيش السوري"، وذكر شتاينتز أن الجيش الأردني لا يحتاج
لمساعدة لانه "يتمتع بما يكفي من المهنية والعزيمة"، ورفضت سفارة
الأردن في إسرائيل التعليق على احتمال التنسيق الأمني مع حكومة
نتنياهو. |