رمضان في زمن الحروب..

شهر صبر وتآخي يروي الآم المسلمين  

 

شبكة النبأ: يعد شهر رمضان من الأشهر المباركة عند جميع المسلمين، ويحظى هذا الشهر الكريم باهتمام خاص، فهو شهر العبادة والاخاء والتسامح والرحمة والبركة، ولهذا الشهر الفضيل طقوس وممارسات وعادات وتقاليد خاصة تختلف باختلاف البلدان والمجتمعات.

وبحسب بعض المراقبين فان شهر رمضان اليوم قد اختلف وبشكل كبير عن السابق، وخصوصا في مجتمعاتنا العربية التي اصبحت تعاني الكثير من الحروب والخلافات والازمات الامنية التي اثرت على حياة المواطن الفقير.

هذا بالإضافة الى ان اغلب البشر قد تأثرت بالعادات والممارسات الدخيلة التي اثرت على نفوس الكثير منهم وابعدتهم عن قيم وتعاليم وتوصيات الاسلام الاصيل وخصوصا فيما يتعلق بشهر رمضان المبارك.

فشهر رمضان وكما تشير الاحاديث والروايات المنقولة عن رسول الله واهل بيته (ص) شهر الله ربّ العالمين شهر يفتح فيه أبواب السّماء وأبواب الجنان وأبواب الرّحمة ويغلق فيه أبواب جهنّم، وفي هذا الشّهر ليلة تكون عبادة الله فيها خيراً من عبادته في ألف شهر وروى عن الرّضا عليه السلام، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه وعلى أولاده السّلام قال: انّ رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال: ايّها النّاس انّه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشّهور، وايّامه أفضل الاَيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة، وقلُوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فانّ الشّقي من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقرّوا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضّوا عمّا لا يحلّ النّظر اليه أبصاركم وعمّا لا يحلّ الاستماع اليه أسماعكم و تحننوا على أيتام الناس يتحنّن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم، وارفعوا اليه أيديكم بالدّعاء في أوقات صلاتكم فانّها أفضل السّاعات ينظر الله عزوجل فيها بالرّحمة الى عباده يجيبهم اذا ناجوه، ويلبّيهم اذا نادوه، ويستجيب لهم اذا دعوه .

أيّها الناس انّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا انّ الله تعالى ذكره أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين والسّاجدين، وأن لا يروعهم بالنّار يوم يقوم النّاس لربّ العالمين ، أيّها النّاس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه، قيل : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وليس كّلنا يقدر على ذلك ، فقال صلى الله عليه وآله : اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة اتقّوا النّار ولو بشربة من ماء، فانّ الله تعالى يهب ذلك الاَجر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على اكثر منه، يا أيّها النّاس من حسّن منكم في هذا الشّهر خُلقه كان له جواز على الصّراط يوم تزلّ فيه الاَقدام، ومن خفّف في هذا الشّهر عمّا ملكت يمينه خفّف الله عليه حسابه، ومن كفّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه...، الخ .

سوريا

وفي هذا الشأن يحتفل المسلمون في شتى أنحاء العالم بحلول شهر رمضان حيث يقبل جلهم على الأسواق لشراء احتياجاتهم من السلع الغذائية التقليدية ويحتشد كثيرون في المساجد لأداء الصلاة. لكن أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان يهل عليهم الشهر الكريم وهم يسكنون الخيام ويقتاتون بما تيسر للعام الرابع على التوالي حاملين الكثير من الذكريات عن كل شيء فقدوه.

وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تفجر المعارك أصبحت الحرب السورية واحدة من أكبر عوامل الاضطراب في الشرق الأوسط وليست هناك بادرة على قرب انحسارها. ولأن عدد سكان لبنان أربعة ملايين نسمة فقط فقد أصبح لديه أعلى معدل لتركز اللاجئين في العام مقارنة بعدد السكان. ووصفت الحكومة طوفان اللاجئين بأنه خطر داهم على لبنان.

وفر اللاجئون السوريون إلى تركيا والعراق والأردن ومصر ويبلغ العدد الرسمي للاجئين خارج سوريا ما يقرب من ثلاثة ملايين لاجئ. ونزح ملايين غيرهم داخل سوريا. وفي منطقة المنية قرب طرابلس في شمال لبنان تصطف 45 خيمة بطول ثلاثة أمتار وعرض أربعة أمتار لتشكل مخيما غير رسمي على أرض مستأجرة. وفي الخارج يلهو بعض الاطفال عراة على الرمال المجاورة فيما يبحث البعض الاخر عن نسمات هواء في الظل خارج الخيام تحت حرارة الشمس القوية في صيف حار.

وما أن تقارب الساعة الثامنة مساء حتى تتحلق عائلة أبو خليل المؤلفة من ستة أفراد حول مائدة تفتقر إلى كل أنواع اللحوم دون ان يفارقهم حنين العودة لحضن الوطن. وقال أبو خليل وهو من القصير القريبة من الحدود اللبنانية السورية "والله هذا ثاني رمضان ونحن هنا...وان شاء الله يكون هذا آخر رمضان ونرجع على سوريا ونكون قد خلصنا من المشاكل والله سبحانه وتعالى يفرجها على العباد جميعا."

وقال لاجئ سوري يدعى عمار "والله رمضان صعب علينا هذه السنة. كما ترون خيم وموت أحمر (حر شديد) ان شاء الله السنة المقبلة نرجع الى سوريا الى بلدنا." وأضاف "ينقصنا كل شئ. ما الذي لا ينقصنا؟ نسكن الخيام هل هذا مسكن؟ هل هذه حياة؟ نريد ان نرجع الى بلدنا." وينتشر النازحون السوريون في مخيمات غير رسمية على طول الاراضي اللبنانية ولكنهم يتركزون في المناطق الفقيرة في البقاع في شرق البلاد وشمالها.

وتقدم لهم الأمم المتحدة مساعدة أولية في شراء المواد الغذائية والتعليم في المخيمات. وينتشر بعض السوريين الفقراء في شوارع بيروت والمدن الكبرى كباعة للزهور في الشوارع او كمتسولين. وتحدث رجل يدعى أبو فرح كان قد فر من مدينة حلب بحزن وحنين عن مدينته التي كانت تتزين شوارعها بالأعلام واللافتات المرحبة بقدوم الشهر الكريم فيما تزدحم الاسواق وتعمر الجوامع بزوارها في جو من البهجة والاطمئنان.

وقال "كنا نسهر في الليلة الأولى حتى يطل علينا المسحر فيتسابق الأطفال لرؤيته. أما الآن كل هذه الطقوس نشتاق اليها ويكفي ان نشعر أننا ضيوف ثقال الدم على اللبنانيين." وأضاف "نذهب الى السوق ونعود بالقليل من الطعام. كل شيء سعره مرتفع. الاوضاع الاقتصادية الصعبة جعلت ايامنا الرمضانية تقتصر على الحاجات الضرورية."

وبينما يصوم لاجئ سوري آخر يدعى أبو جعفر في لبنان فان آخرين يمضون رمضان لهم بعيدا عن الوطن. وقال أبو جعفر "ان شاء هذه السنة الثالثة في رمضان في لبنان وان شاء الله السنة المقبلة الناس تكون راجعة لأهاليها وصائمة بين أهلها وتستقبل العيد وكل سنة وأنتم سالمين ان شاء الله." وتحدث أبو جعفر عن المشكلات التي يواجهونها في لبنان فقال "والله الحر في هذه الخيم وشح المياه هما من أكثر المشاكل التي يواجهها الناس." بحسب رويترز.

وقال "الحياة هنا صعبة جدا في الايام العادية فكيف في رمضان في جو الحر هذا. كل الامور صعبة. لا يوجد شيء أفضل من شيء. المياه الكلسية والشحيحة التي نستعملها والتي لا تصلح للشرب والتي تسببت بالكثير من حالات الالتهابات.. والغذاء غير الصحي والشحيح والحر تحت الخيام." وأضاف قائلا "أشتاق إلى بيتنا إلى ضيعتنا إلى مأكولاتنا إلى حلوياتنا الشامية إلى شراب عرقسوس إلى الصلاة في مساجدنا. لا يوجد مقارنة بين الجو هنا وبين جونا في سوريا."

من جانب اخر يمضي السوريون شهر رمضان الكريم، الذي يتطلب طقوساً معينة على موائد الإفطار، لاسيما بعد صيام طويل يقدر بـ 16 ساعة، بمواجهة ارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الأساسية. وتبقى الإجراءات الحكومية «خجولة» إزاء هذه الارتفاعات، وغير محققة على أرض الواقع، وذلك مع استمرار الحرب التي تعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات ونصف السنة، وتترافق مع موجة ارتفاع حرارة الأسعار حرارة الطقس التي تصل احياناً الى اكثر من 40 درجة في النهار.

ويقول معتز، موظف في القطاع الخاص، إن «الأسعار ترتفع بشكل أوتوماتيكي إلى الضعفين أو ثلاثة أضعاف خلال رمضان عند الباعة، كأنما هذا الشهر موسم لهم». وعن السلع التي طالها الارتفاع، يقول إن الفواكه والخضار واللحوم ارتفعت بشكل واضح، معتبراً أنه من غير المعقول أن يشتري موظف لا يتعدى راتبه 25 ألف ليرة (أي ما يعادل 120 دولاراً) أنواعاً عدة من الفواكه، لاسيما أن الكيلوغرام من الصنف الواحد قد يتجاوز 250 ليرة.

بينما أوضحت أمينة، ربة منزل، أن الطبخة الواحدة لأسرة تتألف من أربعة أشخاص قد تصل كلفتها إلى 1500 ليرة، (الدولار الأميركي يراوح بين 170 و180 ليرة سورية)، الأمر الذي يرغم هذه الأسرة على طبخ سبعة أو ثمانية أصناف في الشهر الواحد. ولفتت تغريد إلى أن رمضان خلال الأزمة أجبر الكثير من العوائل السورية على التقشف، حيث لم يعد بالإمكان شراء الحلويات لتناولها بعد وجبة الإفطار كما اعتادوا سابقاً، لارتفاع أسعارها بشكل كبير، فالصنف الذي كانت كلفة الكيلوغرام منه 200 ليرة أصبح حالياً بـ 600 ليرة.

وفي مواجهة هذه الارتفاعات في شهر رمضان، توعدت الحكومة السورية التابعة للنظام باتخاذ إجراءات لمجابهتها، بدءاً من محاولة توفير كل السلع الأساسية وغير الأساسية في الأسواق، حرصاً منها على عدم احتكار التجار أياً منها، مروراً بتكثيف الدوريات لضبط الأسعار. لكن هذه الإجراءات لم تنعكس بجدية على أرض الواقع، حيث بين بسام أن التجار اعتادوا الانفلات الاقتصادي المصاحب للانفلات الأمني، ما أعطاهم الحرية بتسعير كل السلع وفقاً لهواهم ومكاسبهم، دون الرجوع إلى أي مرجعية أخلاقية كانت أم قانونية، فضلاً عن ذلك تشهد سورية انقطاعاً متكرراً للكهرباء والمياه.

اليمن

في السياق ذاته يحل شهر رمضان هذا العام على اليمنيين في ظل أزمات امنية واقتصادية صعبة، اذ تستمر المواجهات بين القوات الحكومية وتنظيم القاعدة في الجنوب، ومع الحوثيين في الشمال، فيما ارتفع عدد المحتاجين لمساعدات انسانية الى 14 مليونا من اصل 25 مليون يمني، بحسب آخر احصائيات للأمم المتحدة. وفي الأسواق، يتسابق التجار لعرض الخضار والمواد الغذائية والاستهلاكية الخاصة بشهر رمضان على الرغم من ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

ويقول محمد الماخذي، وهو اب لسبعة ابناء، "الأوضاع صعبة جدا. لا ماء، لا كهرباء ولا بترول! أين نذهب؟ نحن في الواقع نصوم طوال العام". اما باسم الحكيمي، وهو ناشط حقوقي، فيقول "يستقبل اليمنيون رمضان هذا العام في ظل ظروف معيشية صعبة جدا فلا تزال الانقطاعات الكهربائية مستمرة وهو ما يشكل عبئا حقيقيا خصوصا للمواطنين في الجزء الجنوبي من البلاد حيث درجات الحرارة مرتفعة جدا". كذلك، يشير الناشط الى استمرار استهداف خطوط أنابيب النفط "وهو ما يزيد الطين بلة" في بلد يعاني من تدني مستوى دخل الفرد وارتفاع معدلات البطالة فيما يعيش اكثر من 40% من اليمنيين تحت خط الفقر.

ويضيف الحكيمي ان "حكومة الوفاق لم تنفذ برنامجها الاقتصادي الذي نصت عليه المبادرة الخليجية والذي كان سيلعب دورا في تخفيف معاناة المواطن اليمني كما أن انعدام المشتقات النفطية والغاز سيكون له تداعياته السلبية على كاهل المواطن البسيط" ويتابع قائلا "نستطيع القول أن المواطن اليمني يعيش هذا العام ظروفا استثنائية صعبة جدا والسبب الرئيسي لهذه الأوضاع سوء إدارة القوى السياسية للمرحلة الانتقالية وفساد الساسة".

وكان اليمن شهد اضطرابات كبيرة بسبب انقطاع الكهرباء وازمة المشتقات النفطية غير المسبوقة، خصوصا في صنعاء. ويقول مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي "هذا العام صعب للغاية بالنسبة لمعظم الشعب اليمني". ويشير نصر الى ان شهر رمضان يرتبط عادة "بعادات استهلاكية كبيرة"، الا ان القوة الشرائية الضعيفة تجبر المواطنين على التأقلم مع واقع شح الموارد. ويؤكد نصر في هذا السياق ان "دخل المواطن اليمني تراجع بشكل كبير خلال الفترة الماضية".

ويواجه اليمنيون ارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب شائعات عن رفع اسعار مرتقب للمشتقات النفطية. وليس لدى المواطنين الا الاتكال على رحمة التجار. ويقول الموظف الحكومي عبد الواسع قاسم، وهو اب لخمسة ابناء "نرجو من التجار أن يرحموا المواطن لكثرة المصائب التي تعرض لها". ويضيف "المواطن البسيط لم يعد يحتمل أي جرعة سعرية، لأن ذلك سينعكس على المعيشة، خصوصا على الافقر حالا".

الا ان التجار أنفسهم يشكون من الأوضاع الاقتصادية ويؤكدون ان أزمة المشتقات النفطية والانقطاع المتكرر للكهرباء انعكس بشكل كبير على ارتفاع اسعار المواد الغذائية. ويقول التاجر محمد الزريقي "كنت ادفع ثمن برميل الديزل عشرين ألف ريال (93 دولارا) واليوم مع أزمة المشتقات النفطية نأخذه من السوق السوداء بحوالي سبعين ألف ريال (326 دولارا) وهو غير متوفر. اذا، من يدفع كل هذا الفارق؟"

رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر يشدد على انه يتعين على الحكومة اليمنية "تخفيف المعاناة على المواطنين في المناطق الحارة خلال شهر رمضان المبارك". وكانت الحكومة اليمنية طمأنت المواطنين بأن الوضع التمويني مستقر، وذلك في ظل تداول أنباء عن انخفاض المخزون التمويني وترقب جرعة سعرية بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية. بحسب فرانس برس.

وقال وكيل وزارة الصناعة اليمني، عبدالله عبدالولي نعمان في تصريحات صحافية مؤخرا "إن الوضع التمويني والغذائي مستقر ومطمئن وأن المواد الغذائية الأساسية متوافرة بكميات تفي باحتياجات المواطنين خاصة في شهر رمضان المبارك". واكدت وزارة الصناعة اليمنية قبل بدء شهر رمضان إنها أعدت خطة لتنفيذ حملة ميدانية للرقابة على الأسواق والمراكز الخاصة ببيع وتداول المنتجات الاستهلاكية والغذائية الأكثر استهلاكا في رمضان.

الصين

من جانب اخر وككل عام أمر النظام الصيني قياديه الشيوعيين المحليين بفرض قيود صارمة على الأنشطة الدينية للمسلمين في شهر رمضان في إقليم شينجيانغ، ولا سيما الحد من حرية ارتياد المساجد، واستهدفت القيود الموظفين الرسميين والمدرسين والطلاب وحتى المتقاعدين أيضا. وفرضت السلطات الصينية قيودا صارمة على مسلمي منطقة شينجيانغ (شمال غرب) بخصوص صوم شهر رمضان في إجراءات نددت بها منظمة غير حكومية في الخارج.

واستهدفت القيود الموظفين الرسميين والمدرسين والطلاب الذين منعوا من المشاركة في الطقوس الدينية التقليدية المرتبطة بشهر الصيام لدى المسلمين وذلك بحسب أوامر نشرها عدد من المواقع الحكومية على الإنترنت. في المقابل يتلقى الذين يفطرون علنا إشادة. ونشر مكتب حكومي لإدارة حوض نهر تاريم صورة يبدو فيها موظفوه المسلمون وهم يتناولون طعام الغداء. وعلق المكتب "بالرغم من تزامن هذه الوجبة مع شهر رمضان، فإن الموظفين الذين شاركوا فيها أبدوا موقفا إيجابيا".

ولا تطبق هذه القيود على الموظفين العاملين فحسب بل على المتقاعدين أيضا، بحسب جهاز رسمي آخر. وتعكس هذه الإجراءات تفاقم قمع السلطات الشيوعية في هذا الإقليم الشاسع حيث تعارض أكبر إتنية أي الأويغور وصاية بكين. ويشهد إقليم شينجيانغ أعمال عنف في تصاعد ملحوظ منذ أكثر من عام تنسبها بكين إلى "إرهابيين" أويغور تتهمهم بأنهم انفصاليون وإسلاميون متشددون. وقامت بكين بتشديد سياستها الأمنية في الإقليم بشكل كبير. بحسب فرانس برس.

ويندد الكثير من الأويغور بالقمع الثقافي والديني الذي يتعرضون له. ويضم إقليم شينجيانغ أكثر من تسعة ملايين من الأويغور وهم مسلمون ناطقون بالتركية. ونسبت مسؤولية الهجمات الدامية التي شهدتها الصين وشينجيانغ في الأشهر الأخيرة إلى فصيل متشدد من هذه الاتنية. وكل عام يأمر النظام الصيني قيادييه الشيوعيين المحليين بفرض قيود صارمة على الأنشطة الدينية في شهر رمضان في شينجيانغ، ولا سيما الحد من حرية ارتياد المساجد.

وحذرت منظمة "المؤتمر العالمي للأويغور" التي تتخذ مقرا في ميونيخ (ألمانيا) وتعتبرها بكين منظمة "انفصالية"، من أن هذه "الإجراءات القسرية التي تقيد الممارسات الدينية للأويغور ستؤول إلى مزيد من الأزمات"، كما قال المتحدث باسمها ديلشات رشيد.

مصر

في السياق ذاته ازدانت شوارع مصر وحاراتها بانواع مختلفة من الزينة المعلقة والفوانيس الجميلة والاضواء الزاهية والسرادق والخيام الرمضانية الملونة ابتهاجا حلول شهر رمضان المبارك. وتعتبر الفوانيس ذات الالوان البراقة والاشكال المختلفة من أبرز مظاهر استقبال الشهر الفضيل وتبدو واجهات محلات بيع لعب الاطفال مزدحمة بالفوانيس بنوعيها البلاستيكي والزجاجي واحجامها المتنوعة بين صغيرة وكبيرة والمحلية الصنع او المصنوعة في الصين او تركيا.

ويعتبر فانوس رمضان تقليدا قديما يرجع عهده الى زمن الدولة الفاطمية ولم يزل يستخدم حتى الآن فبينما يباع الصغير منه للأطفال يباع الكبير منه ليعلق على المحلات التجارية والخيام الرمضانية والشوارع وكذلك لتزيين المنازل. وأخذ الأهالي لاسيما في الاحياء الشعبية والحارات بلف أسلاك الأنوار الصغيرة والاعلام الملونة والزينة المزركشة على أعمدة النور والبلكونات لتضفي على الشوارع الضيقة هناك مزيدا من الضوء والفرحة والبهجة في ليالي رمضان ذات الشعائر الخاصة.

وترافقت هذه المعالم الجمالية المحببة مع دعوات تنشر في كل الوسائل المتاحة للمساهمة ولو بقدر يسير من المال في تنظيم (موائد الرحمن) التي تخصص للفقراء والمساكين والمحتاجين في كل أنحاء مصر لتقديم وجبتي الافطار والسحور. وخصصت محلات بيع الأغذية ركنا لرص (أكياس الخير) المتمثلة في عبوات تحوي مجموعة من السلع الغذائية الأساسية مثل الارز والسمن والسكر والشاي وصلصة الطماطم والفول المدمس تباع بسعر رمزي بما يمكن المحسن من شراء أكبر عدد من الاكياس للتصدق بها على الفقراء والمحتاجين في هذا الشهر.

وتعتبر (أكياس الخير) الرمضانية كما موائد الرحمن تقليدا لا يمكن التنازل عنه في شهر رمضان بمصر باعتباره شهر الخير والبركات على الجميع الغني منهم والفقير والكبير والصغير والرجل والأنثى. وزينت محلات بيع الياميش (المطاحن) رفوفها بقماش الخيام ذي النقوش الاسلامية واللونين الأزرق والأحمر التقليديين في مثل هذه المناسبة ورصت عليها المكسرات والفواكه المجففة مثل المشمش والزبيب اضافة الى مبشور جوز الهند وقمر الدين والتين والبلح المجفف منه والطازج وما يصنع منه المشروبات الرمضانية كالكركديه والدوم والخروب.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار بعض هذه السلع لاسيما المستوردة منها مثل قمرالدين فان ذلك لم يحل دون اقبال المصريين على محلات بيع الياميش الذين يفضلون الشراء المسبق بالسعر المرتفع على اختفاء تلك السلع من الرفوف مع بداية الشهر الفضيل. ويترتب على شراء احتياجات الشهر الكريم وضع ميزانية خاصة تفوق كثيرا تلك الموضوعة في الاشهر العادية لاسيما ان المصريين يعتبرون ان الاستعداد لرمضان جزء مقدس لا ينفصل عن أداء فريضة الصيام في الشهر الكريم.

واستعدت محلات صنع الفطائر للشهر الكريم من خلال بناء وتجهيز أفران دائرية تنصب على الأرض وترص عليها الصواني النحاسية الخاصة باعداد عجينة الكنافة التي يتم تحضيرها يوميا لتباع طازجة وكذلك عجينة القطايف والبسبوسة. كما نصبت السرادق بألوانها الحمراء الزاهية لاستقبال مقرئي القرآن الكريم في جلسات رمضانية روحانية تمتد حتى السحور وقبيل أذان الفجر اضافة الى مؤدي الاغاني الدينية ومداحي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/تموز/2014 - 9/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م