التشيع.. تقدم وتألق

موقع الإمام الشيرازي

 

بعث الله (عزوجل) رسول الإسلام رحمة للبشرية جمعاء، فقال تعالى: (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين). وقال سبحانه: ((وما أرسلناك الا كافة للناس). وقد ورد في (مسند أحمد بن حنبل، رقم الحديث: 10707 حسب ترقيم العالمية) عن أبي سعيد الخدري، عن النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) قال: "إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزوجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما".

وعيّن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من بعده إثني عشر خليفة، كما ورد في الحديث المتواتر عند المسلمين من قوله(صلى الله عليه وآله): "الخلفاء بعدي إثنا عشر". (رواه البخاري والترمذي ومسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم). وورد في أحاديث متعددة عن الرسول(صلى الله عليه وآله) أنه عيّن أسماء الخلفاء من بعده، (ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، ص529، الباب السادس والسبعون، في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم، وأيضاً فرائد السمطين: ج2 ص132 الحديث 431، وغاية المرام: ص743 الحديث 57).  يقول الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله): "إن وصيي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين". وقال: "إذا مضى الحسين فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه محمد، فإذا مضى محمد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه محمد، فإذا مضى محمد فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه الحسن، فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمّد المهدي".

وقد ورد عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وآل بيته الأطهار(عليهم السلام) من التفسير، والفقه، وأحوال المبدأ والمعاد، والأصول، والفروع، وسائر أبواب العلم التي تعنى بالإنسان (دنيا وآخرة) من الأحاديث والروايات، مالا يحصى كثرة، حتى أن العلامة المجلسي(قده)، جمع جملة منها، في أكثر من مائة مجلّد، وأسماه (بحار الأنوار)، وفي هذه الأحاديث غنىً وكفاية لإسعاد المسلمين بل البشر أجمع في الدنيا والآخرة.

المذهب الشيعي الإثني عشري يستند (فقهاً وفكراً وثقافة ومنهجاً) الى أحاديث وسيرة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام)، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وهم(ع) التجسيد العملي لكل ما ورد في القرآن والسنة.

وفي الإطار الإنساني، يقوم التشيع على مبدأ أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب(عليه السلام): "الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". وهذا المبدأ العلوي السامق قد وصفته هيئة الأمم المتحدة الممثلة للأمم والشعوب في الأرض بأنه: "العبارة التي يجب أن تعلَّق على جدران كل المنظمات، ويجب أن تنشدها البشرية"، وصوتت دول العالم، على أن ذلك المبدأ العلوي هو أحد مصادر التشريع الدولي.

والتشيع بذلك، هو المنهج الغني بل الأغنى لروح الإنسان، والقريب بل الأقرب الى متطلبات الواقع ومستحدثاته، وإن المبادئ الإنسانية السامقة التي تختزنها مفردات التشيع زاد حضوره وهجاً في وجدان الإنسان المؤمن الذي يسعى الى تكوين أسرة طيبة، وذرية صالحة، وصناعة مجتمع فضيل، وبناء دولة عادلة.

وإن النهضة القيمية والأخلاقية والإنسانية لسيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) في كربلاء، وعموم الثراء الفقهي والعلمي والجهادي، منح التشيع قوة ذاتية هائلة، جعلت منه محط تأمل وتفكر علماء الأديان، وأساطين الفكر، وأصحاب الثقافة، فضلاً عن أنه مازال نبراساً للساعين الى قيم الحرية والعدل والفضيلة، كما منحه منعة وحصانة إستثنائية في مقاومة ظلم الأنظمة المستبدة، وعدوان التنظيمات التكفيرية، وانحراف التيارات الضالة، وبدع العقائد الضالة.

وإن التاريخ يشهد، والحاضر يؤكد، والأرقام والوقائع تتعاضد، على أن التشيع ليس قادراً على الصمود بنبل وبسالة أمام التحديات العاصفة والمحن الجارفة فقط، بل إن التشيع كان ومازال محافظاً على تقدمه وتألقه، وأيضاً كان ومازال يواصل انتشاره على مديات جغرافية الدين والفكر والأرض، يقول المرجع الشيرازي(دام ظله): "يكفينا دليلاً على أحقية مذهب أهل البيت، ما يشهد به التاريخ الإسلامي على امتداده، من تحول الآلاف من علماء النصارى واليهود والمجوس والعامة، إلى مذهب التشيع الحق، في حين لم يسجل التاريخ، أن عالماً شيعياً تحوّل إلى المذهب المخالف، فلو لم يكن لنا سوى هذا الدليل لكفى، فما أكثر العلماء المسيحيين، أمثال فخر الاسلام صاحب كتاب (أنيس الأعلام)، وعلماء اليهود أمثال صاحب كتاب (محضر الشهود)، فضلاً عن كبار علماء أهل العامة الذين اهتدوا الى الحق، وهو مذهب الأئمة الطاهرين من أهل بيت النبوة(عليهم السلام)

إن الإسلام والتشيع، اسمان مترادفان لحقيقة واحدة أنزلها الله، وبشر بها الرسول الأعظم(ص)، وإن الأدلة على أن التشيع هو الإسلام، قد تواتر ذكرها في مصادر جميع المسلمين، لذلك وبعد أن أدرك العالم افتضاح خطورة فقه الإرهاب، فإن نشر التشيع لم يعد واجباً شرعياً وموقفاً أخلاقياً إزاء محبة أهل البيت(عليهم السلام) فقط، وإنما أضحى مهمة إنسانية لدفع الشر المتطاير من عتاة بغاة، دينهم تكفير الناس وذبحهم، وسنتهم العدوان على الآمنين، ومهنتهم العبث بالدين والإنسان والحياة، وبالتالي ليس هناك أي مبرر للتقاعس أو التردد في الدعوة الى التشيع، بل هو خير العمل، قال النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) للإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): "يا علي لئن يهدي الله بك رجلاً خير لك مما تطلع عليه الشمس".

* أجوبة المسائل الشرعية العدد (202)

http://alshirazi.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/تموز/2014 - 9/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م