هل ستنتقل حمى داعش الى لبنان؟

 

شبكة النبأ: ما زالت لبنان تراوح مكانها سياسيا وسط خلاف الساسة والكتل الرئيسية حول موضوع الرئاسة النابع، اساسان من تباين المواقف حول قضايا جوهرية لعل أبرزها اختلاف الآراء حول الازمة السورية، إضافة الى التدخل المباشر من قبل "حزب الله" في القتال الدائر بين النظام السوري والفصائل المسلحة التي تقاتل للإطاحة به.

لبنان، التي وصلتها العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، التي استهدفت اغلبها مناطق يسكنها المسلمون الشيعة في الضاحية الجنوبية وغيرها، وعانت من خلالها خروقات امنية كبيرة، تخشى اليوم من استغلال المجاميع الإرهابية لأوضاعها السياسية والاقتصادية الضعيفة، لإحكام سيطرتها، وانشاء حاضنات إرهابية لها في لبنان، سيما وان انقسام الشارع اللبناني بين مؤيد ومعارض لأحداث سوريا ومجرياتها، قد يسهل كثيرا من دخول هذه المجاميع وقيامها بعمليات انتحارية تستهدف طائفة معينة لإرجاع البلاد الى مربع الحرب الاهلية والانفلات الأمني، وبالتالي السيطرة على لبنان.

وبعد ان أعلنت كتائب عبد الله عزام السعودي التابع لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن عدة عمليات انتحارية استهدفت لبنان، عاد تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية" او داعش، ليعلن عن نيته القيام بتفجيرات داخل لبنان تستهدف المسلمين الشيعة، إضافة الى حزب الله.

وجاء في بيان نشر مؤخرا أن المفجر الانتحاري السعودي الجنسية الذي قتل أثناء مداهمة لقوات الأمن اللبنانية ينتمي للدولة الإسلامية في العراق والشام وقال مسؤولو أمن لبنانيون إنهم يأخذون البيان بجدية، وأصيب ثلاثة من قوات الأمن اللبنانية لدى اقتحامها فندق (دي روي) في بيروت حين فجر المهاجم الانتحاري المواد الناسفة التي كانت معه فقتل نفسه وجرح شريكا معه في الهجوم، وكان التفجير الثالث خلال خمسة أيام في لبنان في أعمال عنف لها صلة بالصراع الدائر في سوريا والعراق حيث سيطر مسلحون متشددون سنة على أراض على جانبي الحدود.

في سياق متصل يؤيد اللبنانيون السنة مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وهو علوي بينما أرسل حزب الله اللبناني الشيعي قواته إلى سوريا لدعم الأسد، وقال بيان الدولة الإسلامية في العراق والشام تحت عنوان "غزوة أول الغيث" "قام انغماسيان من أسود الدولة الإسلامية في العراق والشام بالانغماس داخل مدينة بيروت في فندق دو روي بمجموعة أمنية تابعة للأمن العام الموالي لحزب الشيطان (حزب الله) فوقعت المجموعة بين قتلي وجريح، ونقول لحزب الشيطان ولجيشه العميل له في لبنان ما هذا إلا أول الغيث فأبشروا بالمئات من الاستشهاديين والانغماسين والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

وجاء إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام بعد ثلاثة أيام من بيان لكتائب عبد الله عزام المرتبطة بالقاعدة حذرت فيه من مزيد من الهجمات ضد أهداف شيعية في لبنان دون أن تعلن مسؤوليتها صراحة عن التفجيرين، وقال وزير الداخلية اللبناني إن المهاجم السعودي الذي فجر نفسه كان يخطط لمهاجمة هدف آخر قالت مصادر أمنية إنه مطعم مزدحم في المنطقة الجنوبية الشيعية في بيروت، وفجر مهاجم انتحاري سيارته الملغومة حين اعترضت طريقه قوات الأمن في جنوب العاصمة اللبنانية مما أدى إلى مقتله ومقتل ضابط أمن، كما أصيب 20 شخصا من بينهم أشخاص كانوا يتابعون مباريات كأس العالم لكرة القدم في أحد المقاهي.

وجاء الهجوم بعد ثلاثة أيام من إفلات اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام من الهجوم بقنبلة في التلال المطلة على وادي البقاع بالقرب من الحدود السورية، وأعلن الجيش اللبناني عن اعتقال خمسة أشخاص من "خلية إرهابية" في شمال لبنان يشتبه في تخطيطهم لقتل كبار مسؤولي الأمن كما احتجزت السلطات مواطنا فرنسيا للاشتباه في تخطيطه لهجوم، وحث مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني السياسيين اللبنانيين على انهاء خلافاتهم، وقال "لقد راكمت تفاعلات السنوات الأخيرة الأحقاد والكراهية والمخاوف في نفوس اللبنانيين جميعا وليس خافيا أن احتمال الصدام بين اللبنانيين على مستوى الأفراد وحتى على مستوى الجماعات في فتن مفاجئة أصبح واردا ومحتملا في أي وقت ولا يمكن قطع الطريق على الفتن بين اللبنانيين إلا بالتوجه معا إلى التلاقي في ساحة الوطن الذي يجمعنا مسلمين ومسيحيين وكلا داخل طائفته على قواسم مشتركة". بحسب رويترز.

الضاحية الجنوبية

فيما أدى التفجير الانتحاري بسيارة مفخخة عند مدخل الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله الشيعي حليف دمشق، إلى مقتل عنصر أمن لبناني اشتبه بالانتحاري وحاول منعه من تنفيذ العملية، بحسب ما أفاد مصدر أمني لبناني، ووقع التفجير عند مدخل منطقة الشياح بين مستديرتي الطيونة وشاتيلا، قرب حاجز للجيش، ومقهى مكتظ بشبان يتابعون مباراة في كأس العالم لكرة القدم، و"سقوط 12 جريحا في تفجير انتحاري" وقع الليلة على أوتوستراد هادي نصر الله في الضاحية.

فيما أفاد الدفاع المدني في لبنان أن الانفجار الذي وقع قبيل منتصف الليل أدى إلى مقتل الانتحاري وإصابة 19 آخرين، وقال أحد العاملين بقسم الطوارئ في مستشفى الساحل المجاور إن المستشفى قدمت العلاج لأحد عشر شخصا أصيبوا بجروح طفيفة، وقال مصدر أمني "انفجرت سيارة مفخخة قرابة منتصف الليل عند مدخل الضاحية الجنوبية لبيروت"، مشيرا إلى أنه "من المرجح أن انتحاريا كان يقودها، لكن لا يمكننا الجزم بذلك قبل إتمام التحقيقات الأولية".

كما ظهرت في اللقطات التلفزيونية سيارات متضررة وأخرى محترقة، بينما تناثرت على الأرض أجزاء من حطام سيارات من حديد وزجاج، وبدا أن حجم الانفجار كبير، إذ أدى إلى تحطم زجاج بعض المباني العالية في محيط مكان الانفجار، ويأتي التفجير بعد ثلاثة أيام من تفجير انتحاري استهدف حاجزا لقوى الأمن الداخلي في منطقة ضهر البيدر (شرق) على الطريق الدولية بين بيروت ودمشق، ما أدى إلى مقتل عنصر في قوى الأمن وجرح 33 شخصا ونجا منه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم

وأعلن الجيش اللبناني في بيان أنه "أقدم أحد الانتحاريين وهو يقود سيارة نوع مرسيدس 300 لون أبيض على تفجير نفسه بالقرب من حاجز تابع للجيش في مستديرة الطيونة، ما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين بجروح مختلفة وفقدان مفتش من المديرية العامة للأمن العام"، وقال المصدر الأمني "عمليا استشهد المفتش الثاني في الأمن العام عبد الكريم حدرج في التفجير"، إلا أن الإعلان رسميا عن وفاته "ينتظر إنجاز فحوص الحمض النووي لأننا لم نعثر على جثة كاملة له، بل أشلاء".

وكانت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أفادت إثر التفجير عن إصابة 12 شخصا بجروح، دون سقوط قتلى، إلا أن الأنباء عن احتمال مقتل حدرج بدأت بالتواتر فجرا بعد تصريحات أدلى بها زميله في الأمن العام علي جابر الذي أصيب بسبب الانفجار، قائلا إنه كان برفقته لحظة وقوعه، وأكد المصدر أن حدرج وجابر "كان يمران في المنطقة التي وقع فيها الانفجار، واشتبها بسيارة تتقدم بعكس السير قبل أن تتوقف في منتصف الطريق، ويترجل منها شخص، فأوقفاه وسألاه عن سبب توقفه بهذا الشكل، فأجابهما أن مفتاح السيارة انكسر ولم يعد قادرا على تشغيلها". بحسب فرانس برس.

وأشار إلى أن الاشتباه بالشخص دفع جابر للتوجه نحو حاجز الجيش لإبلاغ عناصره، "بينما بقي حدرج بجانب الانتحاري ليحول دون هروبه"، وبعدما سار جابر مسافة نحو 30 مترا "وقع الانفجار"، وتعد الضاحية الجنوبية منطقة سكنية وتجارية مكتظة، وتشهد شوارعها تجمعات شبابية متعددة خلال الصيف، لا سيما في هذه الفترة التي تقام فيها مباريات كأس العالم التي تستضيفها البرازيل، وأكد المصدر الأمني أن حدرج "افتدى" سكان المنطقة، معتبرا أنه "لو أتيح للانتحاري أن يصل إلى أي تجمع عسكري أو سكاني، لوقعت كارثة"، وأوضح الجيش أن السيارة فخخت "بنحو 25 كلغ من المواد المتفجرة".

رئيس جديد للبنان

الى ذلك ارجأ مجلس النواب اللبناني للمرة السابعة جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية التي كانت مقررة، وذلك في تكرار لعدم اكتمال النصاب نظرا للانقسام السياسي الحاد في البلاد، وجاء في بيان لرئاسة البرلمان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية "أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى الثاني من تموز/يوليو المقبل"، وبلغ عدد الحاضرين الى قاعة المجلس 63 نائبا من أصل 128 عضوا يشكلون البرلمان، في حين ان النصاب المطلوب لعقد الجلسة هو ثلثا الاعضاء، اي 88 نائبا. بحسب فرانس برس.

وقبل الجلسة، فشل البرلمان في ست جلسات انتخابية، آخرها في التاسع من حزيران/يونيو، بانتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته المؤلفة من ست سنوات في 25 ايار/مايو، وعقدت الجلسة الاولى في 23 نيسان/ابريل، الا ان اي مرشح لم يحصل على غالبية ثلثي الاصوات المطلوبة للفوز، وفي الجلسات اللاحقة التي تتطلب فقط غالبية الاصوات زائد واحد ليفوز المرشح، لم يتأمن النصاب، وتتولى الحكومة المؤلفة من غالبية القوى السياسية برئاسة تمام سلام مجتمعة، صلاحيات الرئاسة في انتظار انتخاب رئيس جديد، وعقدت الحكومة سلسلة اجتماعات منذ شغور منصب الرئاسة، الا انها فشلت في اتخاذ اي قرار نظرا للتباين بين مكوناتها حول سبل اصدار المراسيم وتوقيعها في ظل الفراغ الرئاسي.

ويعود العجز في انتخاب رئيس جديد بشكل اساسي الى انقسام البرلمان كما البلاد، بين مجموعتين سياسيتين اساسيتين هما قوى 14 آذار المناهضة لدمشق وحزب الله والمدعومة من الغرب والسعودية، وابرز اركانها الزعيم السني سعد الحريري والزعيم المسيحي الماروني سمير جعجع المرشح الى رئاسة الجمهورية، وقوى 8 آذار المدعومة من دمشق وطهران وابرز اركانها حزب الله الشيعي والزعيم المسيحي الماروني ميشال عون الذي اعلن رغبته بتولي منصب الرئاسة شرط حصول توافق عليه من كل الاطراف، الامر الذي لم يحصل.

وفي حين تدعو قوى 14 آذار الطرف الآخر الى اعلان مرشحه وخوض المعركة، يشدد حزب الله على ان لا انتخاب ما لم يحصل "توافق مسبق" على الرئيس، وتتهم قوى 14 آذار حزب الله وحلفاءه ب"تعطيل الانتخابات"، وينقسم الطرفان بشدة حول النزاع في سوريا المجاورة، والذي يشارك عناصر من حزب الله فيه بالقتال الى جانب القوات النظامية، كما تشكل الترسانة العسكرية الضخمة للحزب، موضع خلاف منذ اعوام.

نمو الاقتصاد

من جهته قال حاكم مصرف لبنان إن عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في الرابع والعشرين من مايو أيار الماضي سيؤثر على النمو الاقتصادي في البلاد، وقال رياض سلامة خلال منتدى في بيروت "يمر لبنان بأوضاع سياسية صعبة تجسدت بالشغور الذي حصل في سدة رئاسة الجمهورية"، وأضاف "هذا الشغور وما ينتج عنه من تأثير على المؤسسات الدستورية الأخرى سوف ينال من الثقة ويؤثر على النمو الاقتصادي".

ومحور الانقسام السياسي الحالي في لبنان هو النزاع السوري وسلاح حزب الله الذي يطالبه خصومه بالانسحاب من سوريا حيث يقاتل الى جانب قوات الرئيس بشار الأسد، ويجعل هذا الانقسام مسألة انتخاب رئيس في المدى المنظور أمرا مستبعدا بشدة، وينص الدستور اللبناني أنه في حالة شغور منصب الرئيس تتولي الحكومة صلاحيات الرئاسة لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وأشاعت حكومة رئيس الوزراء تمام سلام بعض التفاؤل من خلال محاصرة التفجيرات التي استهدفت البلاد نهاية العام الماضي وسط حديث عن توافد السياح وارتفاع نسبة النمو الى اثنين بالمئة في حين رفعت ستاندرد اند بورز نظرتها المستقبلية للبنان الى مستقرة مشيرة إلى استقرار النظام المالي وتدفقات الودائع في البلاد، وبلغ متوسط النمو الاقتصادي في لبنان ثمانية بالمئة في الفترة من 2007 إلى 2010 لكنه انخفض بشدة منذ ذلك الحين وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى آثار الاضطرابات في سوريا والانقسامات السياسية اللبنانية. بحسب رويترز.

وقال سلامة "لبنان بما هو عليه اليوم بحاجة إلى المبادرة لإجراء إصلاحات ومعالجة الأزمة الاجتماعية ولإقرار موازنة وخطة تمويلية واضحة وتطوير البنية التحتية وإطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز وتطوير اقتصاد المعرفة"، وأضاف "مصرف لبنان وبموجب قانون النقد والتسليف يستمر بتسيير أعماله بشكل طبيعي، ونحن متمسكون ولدينا الإمكانية بالمحافظة على سعر صرف الليرة"، ومضى يقول "تزداد الودائع في القطاع المصرفي مع توقع ارتفاعها تبعا للمعطيات الحالية بين الخمسة والستة بالمئة، كما أننا نشهد استقرارا بالفوائد مع إقبال لشراء سندات الدولة اللبنانية بالدولار وبالليرة اللبنانية"، وقال حاكم مصرف لبنان "سيبقى مصرف لبنان حاضرا في الأسواق لتأمين استقرار الفوائد وملاءة الدولة إن اقتضت الحاجة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تموز/2014 - 2/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م