التحديات السياسية والأمنية وتأثيرها على تشكيل الحكومة

في ملتقى النبأ الأسبوعي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: بعد الانتخابات الأخيرة والتي اجريت في الثلاثين من نيسان الماضي، وبعد اعلان النتائج والمصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية، وبعد العاشر من حزيران وما فرضه من تغيير في المعادلات الامنية والسياسية على المشهد العراقي، ستكون جلسة البرلمان العتيدة لانتخاب الرئاسات الثلاثة غير واضحة المعالم، واضعة الكثير من علامات الاستفهام حول الاسماء التي ستطرح للمناصب السيادية تلك.

في الدورات السابقة، وعلى الرغم من عدم وجود نصوص دستورية تقنن تلك المناصب، الا ان الاتجاه الذي حكم الحكومات السابقة قد ذهب نحو ترسيخ نوع من العرف السياسي وهو رئيس الجمهورية من القومية الكردية، ورئيس الوزراء من المذهب الشيعي ورئيس مجلس النواب من المذهب السني.

الدورة الحالية مع احتفاظها بتوزيع المناصب تلك على المكونات الثلاث الرئيسية، الا ان الكثير من الاحداث والتطورات ستاخذ تشكيل الحكومة الى وجهات اخرى، ليس اقلها حدة ان نتائج الانتخابات لن تشكل رقما صعبا لا يمكن تجاوزه او كسره، وان الحظوظ التي رافقت اسماء البعض من الفائزين بالتوزير وتقلد مناصب معينة قد ذهبت بها داعش ادراج الرياح، اضف الى ذلك التحدي الكردي الجديد الذي فرضه على الواقع السياسي والسكاني في كركوك وعدد من المحافظات الاخرى، تحت حجج متعددة، مع احساس السنة بانهم قد ربحوا من تلك المعركة وان لم يباركوا المنتصرين في العلن، وحدهم الشيعة يسجلون موقفا واضحا لالبس فيه، ضد ماحدث، ورفضه من داعش وغيرها، مع رغبة شديدة بالمحافظة على شكل النظام السياسي الحالي، وعدم العودة الى شكله الذي كان عليه قبل العام 2003.

ما الذي سيكون عليه شكل الجلسة القادمة؟، ما هي حظوظ الاسماء المتداولة للمناصب الثلاثة؟، ما هي الامكانيات والمعوقات والتحديات بغض النظر عن شكل الحكومة القادمة؟.

حول تلك الاسئلة والقضايا كان ملتقى النبأ الاسبوعي، وكانت الاجابات عليها متعددة ومتنوعة، كحال العراق المتعدد اثنيا وطائفيا.

في رأي مرتضى معاش رئيس شبكة النبأ للثقافة والاعلام، ان المالكي قد فقد حظوظه او استنفدها بعد ماحدث اخيرا.

فهو بنشوة الانتصار الانتخابي والذي تفوق فيه على الاخرين تفوقا كاسحا، كان قد ذهب الى ترتيب اوراقه للولاية الثالثة، وتحرك على عدد من الكتل الصغيرة والاسماء المستقلة لكسبها الى تحالفه، وكان المرشح الاوفر حظا لرئاسة الوزراء، الا اني، والكلام لمعاش، قد ذكرت في ملتقيات سابقة، ان الولاية الثالثة لا تخرج من المالكي الا اذا حدث شيء غير متوقع خارج المالوف، كأن ترمي السعودية بكل ثقلها ضد الولاية الثالثة، وهو ما حدث فعلا، فالسعودية وغيرها من الدول، قد اعربت عن رايها صراحة هذه المرة، انه لا للولاية الثالثة، وهو امتداد لمواقف سابقة وان كانت غير معلنة بهذه الصراحة وهذا الوضوح. اضف الى ذلك، الموقف الامريكي من المالكي وتغيره بعد العاشر من حزيران، وماكشف عنه في زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى العراق، ولا ننسى موقف الاحزاب والكتل الشيعية المنضوية في التحالف الوطني، وخاصة الاحرار والمواطن، ورفضها المعلن والصريح للولاية الثالثة حتى قبل الانتخابات.

على الجانب السني، هناك شبه اجماع على رفض الولاية الثالثة، مع الموافقة على ترشيح شخصية اخرى من داخل التحالف الوطني، تكون قادرة على الحصول على رضى الجميع وتمرير الموافقة عليها في البرلمان.

اما بالنسبة الى الاكراد، وهم الذين قد مارسوا عمليات الابتزاز السياسي تبعا لروزنامة مصالحهم، يمكن ان يوافقوا على المالكي لولاية ثالثة اذا غض النظر عن احتلالهم لكركوك او بقية المناطق الاخرى تحت زعم تنفيذ المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها.

في رأيه حول الاسماء المتداولة، يعتقد معاش، ان لاشيء من تلك  التسريبات له صفة رسمية، بل هي اسماء تطرحها وسائل الاعلام  او تسريبات يراد منها معرفة ردود الافعال تجاهها.

يعتقد معاش، ان التحديات ستكون كبيرة جدا امام اي حكومة جديدة بغض النظر عن اسماء الممثلين فيها، لانها ستتعامل مع تركة ثقيلة من الاخطاء والممارسات والسياسات التي بدأت منذ العام 2003 وحتى الان.

وحول تلك الاسئلة، كانت مشاركة الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، وهو يعتقد ان مرشح الاكراد لرئاسة الجمهورية سيكون برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني، وسيحوز على موافقة بقية القوى الكردية لسبب له علاقة بالتطورات الجديدة ودخول قوات البيشمركة الى كركوك، حيث يتمتع الاتحاد الوطني بنفوذ كبير فيها.

على الجانب الشيعي، وفيما يتعلق بالمرشح الى منصب رئاسة الوزراء، يعتقد العرداوي ان احمد الجلبي وعادل عبد المهدي هما الاوفر حظا في ذلك، وارى حتى اللحظة ان حظوظهما متساوية، وهما لهما مقبولية سياسية لدى الاكراد والسنة، ولدى دول الجوار، اضافة الى عدم ممانعة المرجعية في النجف الاشرف.

على المستوى السني، يعتقد العرداوي، ان حظوظ اسامة النجيفي ستطيح بما تبقى منها التوافقات على منصب رئاسة الوزراء، اضافة الى ما تسرب اخيرا من ترشيح سليم الجبوري لهذا المنصب، وحيازته على ثقة الكثيرين من التجمعات والشخصيات السنية.

فيما يتعلق بالتحديات القادمة بعد تشكيل الحكومة الجديدة، يعتقد العرداوي، ان رئيس الوزراء القادم اذا امتلك العناصر القيادية المطلوبة فانه سيحدث الفرق في المشهد السياسي العراقي، وسيعمل على مواجهة التركة الثقيلة للتغيير الذي حدث في العراق من خلال فسح المجال للاخرين للمشاركة في التصدي لتلك التحديات.

من خلال مشاركته في النقاش حول تلك الاسئلة، يعتقد حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث، ان ماحدث في العراق بعد العام 2003 وما يحدث في اللحظة الراهنة، ليس بسبب سياسات فاشلة لشخص معين، او بسبب احتلال امريكي سابق، او بسبب سياسات اقصاء او تهميش كما يقول السنة، او تجاوز على الدستور كما يقول الاكراد، بل هو في حقيقته وكما عبر عن ذلك احد المسؤولين السنة، ان سنة العراق لا يمكنهم تقبل ان تحكم بغداد شخصية شيعية، اضافة الى ما صرح به الاخضر الابراهيمي قبل ايام في حواره مع جريدة الحياة، وهو يستذكر بعض المحطات من جهوده بعد العام 2003 وانقل منه نصا: (الواقع أن معظم القيادات السنية كانت تعيش في عالم آخر. كانت هناك حالة إنكار لما حدث. رغبة في عدم الاعتراف بأن واقعاً جديداً قد نشأ. في تلك الأيام كان المشهد غريباً. استمر الشيعة في التصرف كأنهم أقلية. واستمر السنّة في التصرف كأنهم الغالبية. هناك طرف تأخر في إدراك انتصاره وطرف تأخر في إدراك هزيمته). ولاننسى الاكراد وطموحهم المعلن بدولة مستقلة وتحقيق حلمهم التاريخي بامتلاكها.

وعليه يضيف الجراح، فان شخصية رئيس الوزراء ومهما كان اسمها وكانت سياستها ستبقى خاضعة لهذه التجاذبات بين المكونات الثلاث، فاذا كان رئيس الوزراء القادم قويا، فهو سيرفض اي اتفاقات خارج نصوص الدستور، وان كان ضعيفا سيكون عرضة للابتزاز من الجميع. والحال ان شيئا لن يتغير بتغير الاسماء. فكركوك والمناطق المتنازع عليها وبعد احتلالها من قوات البيشمركة الكردية ستكون التحدي الابرز لرئيس الوزراء القادم، وسيعمل السنة على تحديد صلاحيات ذلك المنصب خاصة في مناطقهم، حتى لو ادى الامر الى عدم احترام قرارات مجلس الوزراء والحكومة العراقية، وهم الذين يعتقدون ان داعش باعتباره قوة ضاربة، قد استطاعت ان تمنحهم اوراقا تفاوضية مهمة، حول المناصب والقرارات وشكل الحكومة القادمة، وعلى الاقل قد استطاعوا في ظنهم انهم قد قطعوا الطريق على المالكي لولاية ثالثة، ومهما كان الاسم المرشح فستكون المتغيرات الجديدة ومدى الاستفادة منها لصالحهم على طاولة المفاوضات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/حزيران/2014 - 1/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م