القطاع المصرفي العالمي والسقوط في مستنقع الفساد

شبكة النبأ: القطاع المصرفي العالمي لا يزال يعاني الكثير من الازمات والمشكلات، التي تفاقمت بشكل كبير بعد الأزمة المالية التي اسهمت بتدهور اعمال هذا القطاع المهم وهو ما اجبر الكثير من الحكومات الى اتخاذ بعض القرارات والقوانين العاجلة لأجل المعالجة بعض الاخطاء السابقة، هذا بالإضافة الى الحد من تفاقم قضايا الفساد والتلاعب والاحتيال المالي واجراء التحقيقات قضائية الخاصة وهو ما باشر به القضاء الامريكي مع بعض البنوك الكبرى المتهمة بمثل هكذا قضايا كما يقول بعض المراقبين.

من جانب اخر يرى بعض الخبراء ان الاجراءات القضائية التي يقوم بها الجانب الامريكي بحق بعض البنوك العالمية ربما ستكون سببا في خلق ازمات دبلوماسية مع دول اخرى، خصوصا وان الكثير من المراقبين قد شكك في حيادية القضاء الامريكي في مثل هكذا قضايا، مشير بذلك الى النزاع القضائي الاخير بين العملاق المصرفي الفرنسي "بي إن بي باريبا" والسلطات الأمريكية، الذي لايزال محط اهتمام وجدل بين الكثير من الأطراف والجهات السياسية والمصرفية.

لذا يرى بعض المحللين ان الكثير من البنوك العالمية تتجه إلى الهاوية وربما ستسقط قريباً  بسبب الاحتكار والفساد والسوق السوداء للعملات الصعبة، بينما تحتاج بعض البنوك  العالمية الى رأس المال لاحتواء أزمة الديون، ناهيك عن معالجة السرقات غير المشروعة، في حين يرى محللون اقتصاديون أن الخطورة الاكبر تكمن في معالجة أعراض ضعف النظام المصرفي الذي قد ينتج  اقتصاداً هشاً مع ارتفاع التضخم الاقتصادي، مما يعني ان تأثير أزمة المصارف على السوق العالمي سيؤدي الى تفاقم الوضع الاقتصادي وهذا يمهد لان تصبح أزمة المصارف عالمية.

غرامة كبيرة

 وفي هذا الشأن فقد ذكرت صحيفة أمريكية أن مصرف "بي إن بي باريبا" الفرنسي والقضاء الأمريكي اقتربا من التوصل إلى اتفاق حول فرض غرامة مالية قدرها ثمانية أو تسعة مليارات دولار على المصرف الفرنسي، ورحيل حوالي 30 من كوادره وفرض عقوبات شخصية عليهم. وتتهم الولايات المتحدة المصرف الفرنسي بمخالفة قرارات حظر أمريكية. وذكرت صحيفة "وول ستريت جرنال" أن مصرف بي إن بي باريبا والقضاء الأمريكي اقتربا من التوصل إلى اتفاق حول فرض غرامة قدرها ثمانية أو تسعة مليارات دولار على المصرف الفرنسي الذي تتهمه الولايات المتحدة بمخالفة قرارات حظر أمريكية مع عدد من الدول منها السودان وإيران.

وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر قريبة من الملف أن الخطوط العريضة للاتفاق تقضي بقبول المصرف المتهم بتعاملات بملايين الدولارات مع إيران وكوبا والسودان بين 2002 و2009، بعقوبات أخرى بينها منع موقت "لأشهر على الأرجح" من القيام بصفقات بالدولار. كما ينص الاتفاق على رحيل حوالي ثلاثين من كوادر المصرف الفرنسي ووافق على طلب إدارة الخدمات المالية في نيويورك فرض عقوبات شخصية عليهم. وقالت الصحيفة أن معظم هؤلاء المسؤولين غادروا المصرف أصلا. وقالت وول ستريت جرنال إن مفاوضات جرت بين باريبا والسلطات الأمريكية لتحديد موعد إعلان الاتفاق. وكانت وسائل الإعلام الأمريكية تحدثت عن غرامة تبلغ عشرة مليارات دولار ستفرض على المصرف الفرنسي.

وجمع المحققون الأمريكيون معلومات تفيد أن بي إن بي باريبا عقد عن طريق مصارف إقليمية في شرق أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا ولخمس سنوات، صفقات مع شركات ووكالات حكومية سودانية. وقالت الصحيفة إن التحقيق تناول صفقات تتجاوز قيمتها المئة مليار دولار وخلص بعد ذلك إلى أن حوالي ثلاثين مليون دولار "أخفيت عمدا" للالتفاف على هذه العقوبات.

ومعظم هذه العمليات هي صفقات مع السودان وخصوصا في قطاع النفط. لكن بي إن بي باريبا متهم أيضا بتسهيل تحويلات مالية إلى إيران ودول أخرى تحظر الولايات المتحدة إبرام صفقات تجارية معها. وأوضحت الصحيفة أن اتفاقا حول اعتراف بي إن بي باريبا بالتهم الموجهة إليه يمكن أن يعلن في وقت لاحق، مشيرة إلى أن بنود هذا الاتفاق لم تحدد بعد وقد تحتاج إلى مزيد من الوقت. بحسب فرانس برس.

وبعد أشهر من المقاومة من قبل المصرف الفرنسي، أعلن في الأسابيع الأخيرة عدد من كبار المسؤولين فيه، وخصوصا جورج شودرون دو كورسيل (64 عاما) المدير العام المنتدب، ودومينيك ريمي (60 عاما) مسؤولة التمويل والاستثمار للفرع البلجيكي للبنك بي إن بي باريبا فورتيس. وكانت القضية اتخذت أبعادا دبلوماسية عندما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن العقوبات "غير متكافئة" و"جائرة".

تحذيرات فرنسية

من جانب اخر حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من عقوبات "جائرة" و"غير متكافئة" من قبل الولايات المتحدة بحق المصرف الفرنسي "بي ان بي باريبا" متحدثا عن خطر "زعزعة" منطقة اليورو. وقال "احترم القضاء الاميركي ولكن في الوقت نفسه (...) لا يجوز ان يؤثر اي شيء على الشراكة بين فرنسا والولايات المتحدة لاننا ملتزمون في مناقشات اخرى وننتظر المعاملة بالمثل". واشار الرئيس الفرنسي الى ان "من واجبه" التركيز على "خطر فرض عقوبات غير متكافئة تماما وجائرة".

وقال ان هذه العقوبات بحق "اول مصرف فرنسي ولكن ايضا اول مصرف في منطقة اليورو" قد تترك "استنادا الى بعض الحسابات نتائج اقتصادية ومالية على مجمل منطقة اليورو". واشار هولاند الى ان هذه النتائج قد تتوسع "الى مصارف اخرى قد تكون ايضا مستهدفة ما يدخل الشك والريبة حول صلابة النظام المالي الاوروبي". وبعد ان ذكر بالمفاوضات الجارية بين الاتحاد الاوروبي وواشنطن حول معاهدة التبادل الحر عبر الاطلسي، قال الرئيس الفرنسي "نحن في مفاوضات ونقيم علاقات جديدة مع الولايات المتحدة وتعاون جيد نريد الحفاظ عليه".

واضاف "انها ايضا مصلحة الولايات المتحدة لان اية زعزعة ليس فقط لمصرف بي ان بي باريبا ولكن لمصارف اخرى قد تتعرض لعقوبات من شأنها ان تترك نتائج على اقتصادياتنا". واضاف "ننتظر المعاملة بالمثل والاحترام" مشيرا الى انه اجرى "عدة اتصالات" مع نظيره الاميركي حيال هذا الملف منذ مطلع العام. واشار هولاند الى تصريح وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي طالب بإيجاد حل "عادل ومناسب" للخلاف حول مصرف بي ان بي باريبا.

من جانب اخر صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان الارقام التي جرى الحديث عنها لفرض عقوبة من قبل الولايات المتحدة على مصرف بي ان بي باريباس المتهم بالالتفاف على حظر اميركي على كوبا وايران والسودان "ليست منطقية". وقال فابيوس انه "اذا حدث خطأ فمن الطبيعي ان تكون هناك عقوبة لكن العقوبة يجب ان تكون متناسبة ومنطقية، وهذه الارقام ليست منطقية". وكان فابيوس يرد على سؤال عن عقوبة قد تصل قيمتها الى عشرة مليارات دولار وتحدثت عنها الصحف الاميركية.

وقال وزير الخارجية الفرنسي ان باريس ستدافع عن المصرف الفرنسي معتبرا ان ذلك "يطرح مشكلة كبيرة جدا جدا". واضاف "من جهة اخرى نحن نجري مناقشات مع الولايات المتحدة من اجل شراكة اطلسية. هذه الشراكة التجارية لا يمكن ان تبنى الا على اساس المعاملة بالمثل. وهنا لدينا مثال على قرار غير عادل واحادي الجانب لذلك انها مشكلة جدية وخطيرة".

وتابع "لا يكن التفكير بان المعاملة بالمثل ستكون القاعدة اذا كان هناك قرار من هذا النوع. لذلك الامر جدي جدا". وتابع "عندما ننظر الى دور باريباس وهو اول مصرف اوروبي، قد يكون لهذه الارقام التي ذكرت وغير المنطقية تأثير سلبي كبير". واوضح انه "اذا اقتطع من رؤوس اموال باريباس، فهذا يعني قروضا اقل الى الشركات وخصوصا الفرنسية منها".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت ان القضاء الاميركي طلب من المصرف دفع غرامة تزيد عن 10 مليارات دولار وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة على ملف القضية ان المصرف الفرنسي يتفاوض مع السلطات الاميركية لخفض هذه الغرامة الى اقل بقليل من ثمانية مليارات دولار. بحسب فرانس برس.

وستكون هذه احدى اكبر الغرامات المالية التي تفرض على مصرف في تاريخ الولايات المتحدة، موضحة ان القرار النهائي لم يتخذ بعد والمفاوضات قد تستغرق اسابيع عدة. واضافت الصحيفة نقلا عن مصادر قريبة من الملف ان نواييه اعلى مسؤول فرنسي في القطاع المصرفي، التقى مدعي مانهاتن سايروس فانس في مكتبه. وقال نواييه ان العقوبات المطروحة سيكون لها آثار بالغة السوء ليس فقط على اكبر مصرف فرنسي بل على النظام المالي برمته.

سوء المعاملة

من جانب اخر فهل تتعامل الولايات المتحدة بحزم وقساوة مع المصارف الاوروبية وتتساهل مع المصارف الاميركية في وقت تفرض فيه واشنطن غرامة قياسية على مصرف بي ان بي باريبا الفرنسي لانتهاكه العقوبات الاقتصادية الاميركية ضد ايران وكوبا؟. قال المدعي الفدرالي السابق جيكوب فرينكل ان "طرح هذا السؤال مثل المقارنة بين الشاردوني (النبيذ) والشامبانيا". واضاف "انهما نوعان من النبيذ لكنهما مختلفان في التركيبة واللون والطعم والرائحة".

وتابع "بالنسبة الى المصارف لا يمكن المقارنة في طبيعة الوقائع. ان وضع ادوات مالية مضرة شيء (المصارف الاميركية) وانتهاك الحظر المفروض على انظمة تضر مبادؤها بالحريات الاساسية شيء اخر (بي ان بي باريبا) او مساعدة الاميركيين الاثرياء في التهرب من دفع الضرائب في بلدانهم (كريديه سويس)".

وقال قاض فدرالي طلب عدم كشف اسمه ان "انتهاك حظر او المساعدة في التهرب الضريبي (في الولايات المتحدة) هو من الجرائم الجنائية، ووضع اداة مالية لا يندرج في هذه الفئة مهما كانت معقدة". ولهيكلة الاستثمارات المالية المعقدة المرتبطة بالقروض العقارية العالية المخاطر التي كانت وراء الازمة المالية، استعانت المصارف الاميركية بمحامين سمحوا لها بوضع منتجات مالية مضرة بالتاكيد لكنها شرعية تماما في نظر القوانين الاميركية وفقا لمدعيين فدراليين سابقين هما جيكوب فرينكل وديريك كنير.

والدليل في رأيهما ان ادارة باراك اوباما ورغم الوسائل الضخمة التي خصصت للاني بروير المستشار السابق للرئيس بيل كلينتون، فشلت في محاولاتها اطلاق ملاحقات قضائية. وبروير المدعي الفدرالي السابق المشهور، عين في 2009 على رأس الدائرة الجنائية في وزارة العدل للتحقيق في مسؤولية المصارف الاميركية في الازمة.

والهدف كان ايجاد مسؤولين واحالتهم على القضاء كما حصل خلال ازمة الانترنت اذ اودع مسؤولون في مجموعات مثل وورلد كوم وانرون وتايكو، السجن. وغادر بروير منصبه في اذار/مارس 2013 من دون ان ينجح في ادانة اي مسؤول كبير في وول ستريت. وصرح بيتر كار المتحدث باسم الدائرة الجنائية في وزارة العدل ان "مسؤوليتنا تقضي باطلاق ملاحقات قضائية عندما تكون هناك ادلة على خرق فاضح للقانون".

وان افلتت حتى الان من الملاحقات القضائية، فان المصارف الاميركية دفعت ثمنا باهظا من الغرامات. واشهر الاتفاقات هي التي ابرمها في 2013 مصرفا جاي بي مورغان تشايس (13 مليار دولار) وبنك اوف اميركا (9,5 مليارات في اذار/مارس و9,3 مليارات في 2011). وبي ان بي باريبا الذي يجري مفاوضات صعبة مع السلطات الاميركية، قد يتعرض لغرامة تتجاوز 10 مليارات دولار، وفقا لوول ستريت جورنال. كما ان المصرف قد يخسر موقتا ترخيصه للعمل في الولايات المتحدة، وفي هذه الحالة ستجمد انشطته الاميركية (اكثر من 15 الف موظف و10% من رقم اعماله).

وقال غريغوري فولوخين المسؤول عن الشركة الاستشارية المتخصصة في الاسواق المالية ميسشيرت فايننشال سورفيسز "انه رقم مبالغ فيه". وللخرق نفسه، كان مصرف آي ان جي الهولندي دفع 619 مليون دولار في 2012 والبريطاني ستاندارد تشارترد 670 مليونا. واتش اس بي سي البريطاني الذي اتهم بالتواطؤ في عمليات تبييض اموال، قبل في العام نفسه بدفع 1,9 مليار دولار. ولم يعلق ترخيص عمل اي من المصارف الثلاثة. بحسب فرانس برس.

ووفقا لمصادر قضائية عدة، يدفع بي ان بي باريبا الثمن ويتفاوض في الوقت الذي ازدادت فيه الضغوط السياسية على الدائرة الجنائية في وزارة العدل ووزيرها اريك هولدر. وقال فولوخين "انها عملية انتقام". وقال ديريك كنير ان هولدر "يريد ان يثبت جدارته" ما يبرر هذه الغرامة القياسية. ويرى القاضي الفدرالي انه "ليس هناك سياسة الكيل بمكيالين. ان بي ان بي باريبا بكل بساطة ضحية مناخ معاد للمصارف والعقوبات المفروضة عليه ستكون للعبرة".

التهرب الضريبي

من جهة اخرى قال النائب العام الأمريكي إريك هولدر إن كريدي سويس أصبح أكبر بنك يقر بالذنب في دعوى جنائية بالولايات المتحدة في 20 عاما وسيسدد غرامة 2.5 مليار دولار لمساعدته أمريكيين على التهرب من الضرائب. لكن البنك السويسري نجا من عواقب أسوأ كانت ستؤثر على أنشطته إذ احتفظ شاغلو مناصب إدارية عليا بمناصبهم وأعلنت هيئة رقابية في نيويورك أنها لن تلغي رخصة عمل البنك في الولايات المتحدة.

وقال ممثلو إدعاء أمريكيون إن البنك ساعد عملاء على خداع السلطات الضريبية في الولايات المتحدة بإخفاء أصول في حسابات مصرفية سرية بالمخالفة للقانون ولفترات امتدت لعقود وأضافوا أن بعضها يرجع لأكثر من 100 عام. وقال هولدر "تظهر هذه القضية أنه لا مؤسسة مالية فوق القانون مهما كان حجمها أو انتشارها عالميا."

ويسدد كريدي سويس الغرامة لوزارة العدل ومصلحة الضرائب ومجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) وهيئة الرقابة المصرفية في نيويورك وإدارة الخدمات المالية هناك. وسبق أن سدد بالفعل مبلغا لا يقل عن 200 مليون دولار للجنة الأوراق المالية والبورصات. وقال برادي دوجان الرئيس التنفيذي لكريدي سويس في بيان "نأسف بشدة للممارسات الخاطئة السابقة التي قادت لهذه التسوية. لم نلحظ أي تأثير فعلي على أنشطتنا نتيجة تسليط الضوء على القضية في الأسابيع الأخيرة." بحسب رويترز.

وسيجنب ثاني أكبر بنك سويسري مخصصات بعد حساب الضرائب 1.6 مليار فرنك سويسري (1.79 مليار دولار). وفي خطوة تهدف لإرضاء المستثمرين أعلن البنك أنه سيشرع في سداد نحو نصف الأرباح المستحقة للمساهمين عند بلوغ مستوى مهم لرأس المال وسيخفض قيمة أصول ويبيع عقارات ويأخذ خطوات أخرى. وتثير التسوية أسئلة حرجة لدوجان ورئيس مجلس الإدارة اورس رونر اللذين تعرضا لضغوط من ساسة سويسريين للاستقالة.

البنوك الأفغانية والقائمة السوداء

في السياق ذاته ربما لا يكمن التحدي الأشد إلحاحا الذي ينتظر الرئيس الأفغاني الجديد في تصاعد العنف أو تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة أو انخفاض المساعدات وإنما في احتمال إدراج بنوكها على قائمة سوداء دولية. ويأتي في صلب هذا الموضوع فشل البنوك الأفغانية في عمل ما يكفي لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتقول قوة مهام العمل المالية - وهي هيئة عالمية لمراقبة غسل الأموال - إن أفغانستان فشلت في تنفيذ توصياتها وسيتم إدراجها على القائمة السوداء ما لم يتم إقرار قوانين تتفق مع القواعد الدولية. وقد يعزل هذا بنوك أفغانستان عن النظام المالي العالمي ويعرقل واردات سنوية بقيمة تصل إلى حوالي عشرة مليارات دولار. ويقول متعاملون بالسوق إنه إذا أدرجت الدولة على القائمة السوداء فسوف يواجه الاقتصاد الذي يعتمد على المساعدات مزيدا من الضغوط.

وقال خليل صديق الرئيس التنفيذي لبنك أفغانستان الدولي "سيكون الاقتصاد الأفغاني في أزمة. سيؤثر هذا بشكل خطير على التجار وايرادات الحكومة وحتى التوظيف." وقال مسؤولون في بنوك التقوا مع الرئيس المنتهية ولايته حامد كرزاي في الآونة الأخيرة إن القوانين الجديدة يجري التعجيل بها في البرلمان لكن من المرجح أن يعرقل كرزاي إقرارها. وقال رئيس تنفيذي لأحد البنوك حضر الاجتماع المغلق مع كرزاي "الرئيس لا يريد أي تعديلات على القانون. يعتقد أن التهديد بالإدراج على القائمة السوداء ليس سوى حيلة جديدة من الغرب والولايات المتحدة للضغط على أفغانستان."

ورفضت متحدثة باسم مكتب كرزاي إعطاء تفاصيل من الاجتماع لكنها قالت إن قرار الرئيس سيتخذ وفقا للمصلحة الوطنية. واتسمت الشهور الأخيرة في ولاية كرزاي بتنامي العداء تجاه الولايات المتحدة لاسيما رفضه توقيع اتفاق أمني يسمح ببقاء قوات أمريكية في أفغانستان بعد مهلة لمغادرة القوات القتالية الأجنبية تنتهي في العام 2014 .

وتعهد المتنافسان في جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة لخلافة كرزاي بإصلاح العلاقات الدولية بما في ذلك توقيع الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة لكن النتائج النهائية للانتخابات لن تظهر قبل أواخر يوليو تموز على أقرب تقدير وهو ما يتجاوز مهلة قوة مهام العمل المالية بنحو شهر. وينوء كاهل الاقتصاد الأفغاني بضغوط هائلة بالفعل حيث تراجعت الايرادات المحلية بشدة هذا العام في حين تتوقع مؤسسات عالمية انخفاض النمو في الناتج المحلي الاجمالي من مستواه المرتفع البالغ نحو 14 بالمئة في 2012 إلى حوالي 3.2 بالمئة في 2014.

في الوقت نفسه يتراجع المانحون الدوليون - الذين يمولون النصيب الأكبر من اليمزانية - وسط مخاوف من تفشي الفساد وتدهور الوضع الأمني مع استعداد القوات القتالية الأجنبية للرحيل. ويرفض كثير من البنوك الأجنبية بالفعل التعامل مع أفغانستان بسبب ضعف القواعد التنظيمية خشية التورط دون قصد في عمليات غسل أموال أو تمويل للإرهاب. وتوجه البنوك الأفغانية مدفوعاتها عبر تركيا أو الصين بدلا من ذلك لكن هذا المنفذ يضيق تدريجيا منذ خفضت قوة مهام العمل المالية وضع أفغانستان في فبراير شباط. بحسب رويترز.

وتحركت بنوك تركية لغلق حسابات أفغانية كما أوقفت بنوك صينية التعامل بالدولار مع أغلب البنوك الأفغانية لأسباب لا تزال غير واضحة. وتقول غرفة التجارة والصناعة الأفغانية إن أسعار بعض السلع قفزت 10-15 بالمئة بسبب الخطر الوشيك الذي يخيم على النظام المصرفي. وقد يكون التأثير أكبر إذا لم يتحرك التجار سريعا للتفاوض على اتفاقات لسداد أسعار الطلبيات بعملات أخرى إذ يمكن حدوث نقص في بعض السلع الأساسية مثل زيت الطهي مع حلول شهر رمضان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/حزيران/2014 - 30/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م