شبكة النبأ: بعد ان اخذت الهجمة
الأخيرة على شمال وغرب العراق من قبل التنظيمات الإسلامية المتطرفة
مدياتها، تحاول الولايات المتحدة الامريكية بالتعاون مع الحكومة
الحالية المنتهية ولايتها، إضافة الى القادة السياسيين البارزين في
العراق، البحث عن حلول سياسية تدعم الجانب العسكري المزمع القيام به
قريبا، سيما وان البيت الأبيض قد أعلن في أكثر من مرة بان التحالف مع
العراق ودعمه عسكريا ولوجستيا قد لا يحقق أهدافه المرجوة من دون المرور
بعملية سياسية ناجحة يشترك فيها الجميع.
الدعم العسكري الأمريكي الذي وعدت به العراق، بانت بوادره الأولى
بعد وصول طلائع فريق الخبراء والمستشارين العسكريين الى العراق للتنسيق
مع الجانب العراقي، فيما بدأت أولى الطلعات الجوية للرصد والمتابعة
تجوب سماء العراق تمهيدا للبدء بقصف مواقع المتشددين.
بالمقابل فان كيري الذي زار بغداد واربيل حمل في جعبته عدة رسائل من
البيت الأبيض، ذكر بعضها امام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وبعض
القادة السياسيين اللذين التقى بهم لاحقا، فيما ذكر الأخرى في أربيل
امام رئيس الإقليم "بارزاني" والتي تعلقت بدعم العملية السياسية
الجارية في العراق وضرورة دعمها امام التحديات الجديدة الت تواجهها.
بارزاني بدورة أكد لوزير الخارجية الأمريكي، ان الأوضاع بعد الموصل
قد تغيرت، وان المرحلة القادمة تختلف عن سابقتها، والمح الى إمكانية
اجراء الاستفتاء من اجل استقلال الإقليم عن الحكومة المركزية، سيما وان
مناطق النزاع "كركوك" الغنية بالنفط قد أصبحت في قبضة الاكراد ومن دون
دفع أي ثمن عسكري او سياسي لها.
وأجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري محادثات مع زعماء منطقة
كردستان العراق شبه المستقلة لحثهم على الوقوف إلى جانب بغداد في
مواجهة هجوم متشددين سنة يهدد بتقطيع أوصال البلاد، ووصل كيري إلى
منطقة كردستان جوا بعد ان أمضى يوما في بغداد ضمن جولته الطارئة في
الشرق الاوسط لإنقاذ العراق إثر التقدم المباغت للمقاتلين السنة بقيادة
تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي خرج من عباءة تنظيم
القاعدة، ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن اقناع الاكراد بالتمسك بالعملية
السياسية في بغداد أمر حيوي لمنع تقسيم العراق.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين طالبا عدم ذكر
اسمه "اذا قرر (الاكراد) الانسحاب من العملية السياسية في بغداد فان
ذلك سيعجل بكثير من التطورات السلبية"، وأوضح زعماء الأكراد أن الاتفاق
الذي يبقي العراق دولة موحدة مهدد في الوقت الحالي، وقال رئيس كردستان
مسعود البرزاني في بداية اجتماعه مع كيري " نحن نواجه واقعا جديدا
وعراقا جديدا"، وفي وقت سابق ألقى باللوم على "السياسات الخاطئة" لرئيس
الوزراء نوري المالكي وحمله مسؤولية ما يشهده العراق من أعمال عنف
وطالبه بالاستقالة مضيفا أنه من الصعب جدا تصور بقاء العراق موحدا.
بحسب رويترز.
وحكم الأكراد البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة أنفسهم داخل العراق في
سلام نسبي منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بصدام حسين عام 2003، واستغلوا
حالة الفوضى التي عمت البلاد الشهر الحالي لتوسيع اراضيهم والسيطرة على
مكامن غنية بالنفط، وبعد يومين من بدء المقاتلين السنة هجومهم بالسيطرة
على الموصل أكبر المدن في شمال العراق سيطرت القوات الكردية على كركوك
التي يعتبرها الاكراد عاصمتهم التاريخية وفرت منها قوات الجيش العراقي.
وسيطرة الاكراد على كركوك الواقعة خارج منطقتهم مباشرة تلغى الحافز
الرئيسي لاستمرار كردستان جزءا من العراق اذا ان احتياطيات النفط في
المدينة ستدر دخلا يفوق كثيرا ما يحصل عليه الاكراد بموجب اتفاقهم مع
بغداد الذي يمنعهم من اعلان الاستقلال، وأشار عدد من المسؤولين الاكراد
الكبار في احاديث خاصة إلى ان التزامهم تجاه العراق لم يعد قائما وانهم
يتحينون الفرصة للسعي للاستقلال، وكرر البرزاني تهديده بإجراء استفتاء
على الانفصال عن باقي البلاد، وقال إن الوقت حان ليحدد الشعب الكردي
مصيره.
وتعلق واشنطن امالها على تشكيل حكومة عراقية جديدة تضم المزيد من
الطوائف للتصدي للمسلحين، ويهدف كيري لإقناع الزعماء الاكراد بالانضمام
إليها، وفي بغداد قال كيري إن المالكي اكد له التزامه بانعقاد البرلمان
الذي انتخب قبل شهرين بحلول مهلة الأول من يوليو تموز للبدء في تشكيل
حكومة، ويسعى المالكي للبقاء في السلطة رغم الانتقادات الموجهة له بسبب
هجمات المتشددين، وتسابق بغداد الزمن مع احكام المقاتلين قبضتهم على
محافظات سنية، وظلت مصفاة بيجي وهي مجمع صناعي استراتيجي على مسافة 200
كيلومتر شمالي بغداد خط مواجهة، وقال المتشددون المسلحون في وقت متأخر
انهم استولوا عليها لكن مسؤولين حكوميين قالا إن تعزيزات للقوات نقلت
جوا إلى المجمع وصدت الهجوم.
في سياق متصل قال زعماء عشائر محلية إنهم يفاوضون كلا من الحكومة
والمقاتلين السنة للسماح للعشائر بإدارة المصفاة إذا انسحبت القوات
الحكومية، وقال مسؤول حكومي إن بغداد تريد أن تنفصل العشائر عن تنظيم
الدولة الاسلامية في العراق والشام وغيره من الفصائل السنية المسلحة
وأن تساعد في الدفاع عن المجمع، ويدور القتال بشأن المصفاة التي تنتقل
السيطرة عليها بصورة مفاجئة من طرف الى الآخر دون وجود فائز واضح حتى
الآن، وقالت مصادر أمنية إن قوات الجيش والشرطة اشتبكت أيضا مع مقاتلي
تنظيم الدولة الاسلامية الى الشمال مباشرة من بلدة العظيم في محافظة
ديالى القريبة بعد طردهم من البلدة إلى العديد من القرى في انحاء جبال
حرمين وهي مخبأ للمتشددين.
وشهدت الايام القليلة الماضية تحديا لسيطرة بغداد على الحدود
الغربية مع سوريا والأردن، وسقط معبر على الحدود السورية في ايدي
المتشددين السنة واستولى الأكراد على آخر، ويتنازع الطرفان السيطرة على
معبر ثالث مع سوريا وعلى المعبر الوحيد مع الأردن إذ يزعم كل من
المقاتلين المناهضين للحكومة وبغداد السيطرة على المعبرين، وبالنسبة
لمسلحي تنظيم الدولة الاسلامية تعتبر السيطرة على الحدود خطوة مهمة نحو
هدف ازالة حدود العصر الحديث كلية واقامة دولة خلافة على جانبي الحدود
السورية العراقية.
وشكر كيري الأكراد على "تعاونهم الأمني" في الايام القليلة الماضية
وقال إن قواتهم "مهمة فعلا في المساعدة على وضع حد بخصوص تنظيم الدولة
الاسلامية في العراق والشام"، وتشترك كردستان الآن في حدود تمتد أكثر
من ألف كيلومتر مع الأراضي التي يسيطر عليها المقاتلون السنة، ودارت
مناوشات بين المتشددين المسلحين وقوات البشمركة الكردية لكن سعى كلا
الجانبين إلى تجنب مواجهة شاملة في الوقت الحالي.
ووضع المالكي نفسه على خلاف مع الأكراد الذين يتهمونه بعدم الوفاء
بوعود قطعها مقابل الحصول على دعمهم لبقائه في السلطة بعد انتخابات عام
2010، وتتميز العلاقات الآن بالشكوك العميقة لكن مسؤول وزارة الخارجية
الأمريكية قال إن واشنطن تأمل في أن يمكن استمالة الأكراد مجددا، وقال
المسؤول الكبير بالوزارة "إذ سنحت لنا فرصة، لاستخدم عملية تشكيل حكومة
جديدة لإعادة ضبط الاساس السياسي هنا فيجب أن يكون الأكراد جزءا حيويا
في تلك العملية ونعتقد أنهم سيكونون".
وعرض الرئيس الامريكي باراك اوباما ارسال ما يصل الى 300 مستشار
عسكري أمريكي إلى العراق لكنه امتنع عن تلبية طلب لحكومة المالكي التي
يقودها الشيعة بشن ضربات جوية، وأذكى أعمال العنف المسلحة احساس
بالاضطهاد بين كثير من السنة العراقيين وبينهم عشائر مسلحة حاربت تنظيم
القاعدة في وقت ما لكنها تقاتل الآن الى جانب الفصائل التي يقودها
تنظيم الدولة الاسلامية ضد حكومة المالكي.
ضمانات قانونية
فيما قال البيت الأبيض إن العراق عرض تقديم ضمانات قانونية لحماية
المستشارين العسكريين الأمريكيين الذين أرسلتهم واشنطن إلى العراق
لمساعدة القوات العراقية في مواجهة المسلحين المتطرفين الذين سيطروا
على أجزاء من البلاد، وأضاف البيت الأبيض أن العراقيين قدموا تلك
الضمانات في رسالة دبلوماسية إلى واشنطن، وكان إخفاق البرلمان العراقي
في المصادقة على اتفاق يتعلق بوضع القوات الأمريكية في البلاد، أدى إلى
انسحاب جميع القوات الأمريكية من العراق بنهاية 2011.
ووعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن الولايات المتحدة ستوفر
الدعم "المكثف" للعراق لمساعدته على مواجهة هجوم المسلحين الإسلاميين،
وصرح كيري للصحافيين بعد يوم من الاجتماعات في بغداد أن "الدعم سيكون
مكثفا ومستمرا، وإذا ما اتخذ القادة العراقيون الخطوات الضرورية لتوحيد
البلاد، فإن هذا الدعم سيكون فعالا"، ويقول العديد من خصوم أوباما
السياسيين إن انسحاب تلك القوات تسبب في فراغ في السلطة استغله تنظيم "الدولة
الإسلامية في العراق والشام" (داعش) ليتقدم بسرعة في العراق.
وصرح جوش ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض أن "القائد الأعلى (أوباما)
لم يكن ليتخذ قرارا يمكن أن يلحق الأذى برجالنا ونسائنا دون الحصول على
بعض الضمانات الضرورية"، وأضاف "نستطيع أن نؤكد أن العراق قدم ضمانات
مقبولة بشأن مسالة حماية هؤلاء الأفراد، وذلك من خلال رسالة دبلوماسية"،
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن الأسبوع الماضي إرسال نحو 300
مستشار إلى العراق لتقييم احتياجات القوات العراقية التي تواجه صعوبة
في مواجهة تقدم المقاتلين الإسلاميين. بحسب فرانس برس.
وقال ارنست إن الوضع الحالي يختلف عن الوضع الذي كان سائدا في نهاية
2011، ما يجعل التطمينات العراقية الأقل رسمية بتوفير الحماية
القانونية مقبولة، وأوضح "نحن نتعامل مع وضع طارئ، وهناك ضرورة ملحة
تقضي بأن يتمكن هؤلاء المستشارون من القيام بعملهم على الأرض في العراق"،
وأضاف أن عدد المستشارين المشاركين في هذه المهمة أقل بكثير من عديد
القوات الأمريكية التي كان من الممكن أن تبقى في العراق وتقدر بعدة
ألاف.
من جهته قال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل البحري جون كيربي أن
الحماية القانونية التي وعدت بغداد بتقديمها للمستشارين الأمريكيين "مناسبة
للمهمة الاستشارية والتقييمية القصيرة المدى التي سيقوم بها جنودنا في
العراق"، وأضاف أنه "بهذا الاتفاق سنكون قادرين على البدء بتشكيل أولى
طواقم التقييم"، وأفاد مسؤولون أن أول طاقم من طواقم التقييم هذه يمكن
أن يبدأ العمل قريبا.
بدورها أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف أن أي
انتهاك للقواعد من قبل المستشارين الذين أرسلوا إلى العراق سيتم
التعامل معه وفقا للقانون العسكري الأمريكي الذي يطبق على جميع أفراد
القوات المسلحة الأمريكية، ويشن مسلحون من تنظيم "الدولة الإسلامية في
العراق والشام" وتنظيمات سنية متطرفة أخرى هجوما سيطروا خلاله على
مناطق واسعة في شمال العراق ووسطه وغربه بينها مدن رئيسية مثل الموصل
(350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد).
عراق يسع الجميع
من جانب اخر قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الولايات
المتحدة تريد أن يجد العراقيون قيادة لا تقصي أحدا لاحتواء حملة يقودها
مقاتلون متشددون سنة لكن واشنطن لن تنتقي أو تختار من يحكم في بغداد،
وكان كيري يتحدث في بداية جولة بالشرق الاوسط بعد محادثات في القاهرة
مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تناولت المخاوف الغربية بشأن حملة
الحكومة المصرية على جماعة الاخوان المسلمين وتداعيات الأزمة في العراق،
وتشعر حكومات في الشرق الأوسط وخارجه بالقلق من السرعة التي طرد بها
المقاتلون قوات رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي من اجزاء كبيرة من
شمال وغرب العراق وتقدمهم نحو العاصمة.
وقررت الولايات المتحدة إرسال 300 مستشار عسكري أمريكي إلى العراق
مما دفع الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي لاتهام واشنطن
بمحاولة استعادة السيطرة على البلد الذي احتلته ذات يوم وأن يحكمه من
يكون "طوع أمرهم" وهو اتهام نفاه كيري، وقال كيري "الولايات المتحدة
ليست مشاركة في انتقاء أو اختيار او الدفاع عن أي فرد او مجموعة من
الأفراد لتقلد قيادة العراق"، وأضاف "يرجع هذا للشعب العراقي وقد
أوضحنا ذلك منذ اليوم الأول، الأمر يرجع لشعب العراق في اختيار قيادتهم
المستقبلية"، وأضاف أن الولايات المتحدة لاحظت رغم ذلك استياء الأكراد
والسنة وبعض الشيعة من القيادة الحالية في العراق وانها تريد أن يجد
العراقيون قيادة " مستعدة ألا تقصي أحدا وأن تتقاسم السلطة". بحسب
رويترز.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري دافع كيري
أيضا عن التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط لدى سؤاله عما إن كانت
السياسة الأمريكية تسببت في العنف الحالي في العراق وليبيا، وقال "ما
يحدث في العراق لا يحدث بسبب الولايات المتحدة فيما يخص الأزمة
الحالية، الولايات المتحدة بذلت الدماء وعملت بجد على مدى سنوات لتوفير
الفرصة للعراقيين لتكون لهم حكوماتهم الخاصة بهم".
وقال وزير الخارجية المصري "مصر والولايات المتحدة يشتركوا في القلق
البالغ فيما يتعلق بالأوضاع الحالية في العراق ومن الاهمية ان يتم
التنسيق بين البلدين والشركاء في الخليج لمواجهة التحديات والمخاطر"،
وكيري أكبر مسؤول أمريكي يزور مصر منذ انتخاب السيسي في مايو أيار بعد
نحو عام من إعلان قيادة الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي
لجماعة الاخوان إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. |