كورونا المرعب.. تقصير السلطات السعودية يفاقم من انتشاره

 

شبكة النبأ: لا تزال المملكة العربية السعودية تواجه الكثير من الانتقادات الدولية، بسبب طريقة تعاملها مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية والتي تعرف بـ(فيروس كورونا) والذي أودى بحياة الكثير من الأشخاص داخل وخارج المملكة، حيث يرى الكثير من العلماء ان السلطات السعودية ومع تفاقم أزمة انتشار الفيروس وارتفاع أعداد الحالات المصابة، قد اخفت الكثير من النتائج المهمة حول بعض الإصابات، وتخاذل عدد من مسئولي وزارة الصحة في التعاون مع بعض العلماء والمعامل المتخصصة في أنحاء العالم التي عرضت خدماتها في سبيل التحري عن أسباب هذا الفيروس القاتل، الذي يمكن ان يتحول الى وباء ينتشر في جميع أنحاء العالم، خصوصا مع اقتراب موعد اقتراب موعد شهر رمضان وموسم الحج، الذي قد يصبح مركزاً لانتشار "كورونا" عالمياً، وما يزيد المخاوف وكما يقول بعض المراقبين هو ضعف السلطات الصحية وعدم وجود خطط جدية للتصدي للفيروس في موسم الحج، هذا بالإضافة الى غياب المعلومات التوجيهية والبرامج التحذيرية الخاصة بإرشاد الحجاج وغيرهم.

ويقول إيان ماكاي الأستاذ المساعد في مركز أبحاث الأمراض المعدية بجامعة كوينزلاند الأسترالية إن "السلطات الصحية السعودية ترفض التعاون مع المجتمع الدولي في شأن المعلومات اللازمة للأبحاث في طبيعة الفايروس، ولا يزودونك حتى بجنس المريض في بعض الحالات". وحذّر ايضا من أن ارتفاع عدد الإصابات يرجح واحدة من فرضيتين: الأولى إمّا أن يكون الممرضون والأطباء مهملين في عدم التزامهم بالتعليمات الصحية لمنع العدوى، والثانية أن الفايروس شهد تحوراً وراثياً، بحيث أضحى سهل الانتقال إلى البشر.

كورونا يثير المخاوف

وفي هذا الشأن قالت منظمة الصحة العالمية إن تفشي فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا) القاتل ما زال يمثل مشكلة صحية خطيرة لا سيما مع اقتراب شهر رمضان وموسم الحج حيث يتوافد عدد كبير من المعتمرين والحجاج على المملكة العربية السعودية لكن الزيادة الحديثة في حالات الإصابة في المملكة بدأت تتراجع. وتم الإبلاغ عن إصابة أكثر من 800 مريض بالفيروس أغلبهم في السعودية. ويسبب هذا الفيروس سعالا وارتفاعا في درجة الحرارة وأحيانا التهابا رئويا قاتلا. وانتقل الفيروس إلى دول مجاورة وفي حالات قليلة إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة. وتوفي ما لا يقل عن 315 شخصا على مستوى العالم.

وتعرف قواعد الصحة العالمية حالة الطوارئ الدولية بسبب الخوف من المرض بأنها حدث غير طبيعي يشكل خطورة على الدول الأخرى الأعضاء في منظمة الصحة العالمية من خلال انتشار للمرض عبر الحدود وهو ما يستلزم ردا دوليا منسقا. ولكن المنظمة شددت على أن الموقف بشأن كورونا ما زال يمثل قلقا ولا سيما في ضوء زيادة متوقعة في السفر للسعودية لأداء العمرة والحج.

وقال كيجي فوكودا مساعد المدير العام لشؤون الأمن الصحي في منظمة الصحة العالمية إن اللجنة دعت الدول المعرضة لانتشار المرض وبخاصة الدول الأفريقية إلى اتخاذ خطوات ملموسة قبيل عمرة رمضان والحج من خلال اتخاذ تدابير صحية عامة مثل إجراء متابعة لانتشار المرض ورفع الوعي بشأن تطبيق إجراءات وقاية من العدوى والسيطرة عليها. وقال ديفيد هيمان أستاذ علم الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية وأحد أبرز منتقدي طريقة تعامل الرياض مع اندلاع الفيروس إن "من المؤسف والمأساوي" أن الناس ما زالوا يصابون بالعدوى ويمرضون ويموتون جراء فيروس بعد عامين كاملين من اكتشافه لدى البشر. وأضاف أن "دراسات السيطرة على حالات الإصابة... ضرورية وقد تساعد في تحديد طريقة أو طرق إصابة الناس بالعدوى.. وهذه المعلومات يمكن استخدامها في وقف الإصابات الأولية." وقال فوكودا إن مثل هذه الدراسات تجرى حاليا في السعودية ورحب بالجهود الجديدة من جانب السلطات السعودية للسيطرة على تفشي المرض. بحسب رويترز.

وربطت الإصابة بفيروس كورونا بالإبل حيث يعتقد كثير من العلماء أنها مصدر رئيسي لنقل العدوى للبشر. وتخص مئات من حالات العدوى الجديدة بالفيروس مرضى أو موظفين صحيين في مستشفيات في السعودية أصيبوا خلال الشهور القليلة الماضية. ووجهت منظمة الصحة العالمية وخبراء في الصحة العامة انتقادات للسعودية فيما سبق لعدم تنفيذها الإجراءات الصحية الأساسية وإجراءات السيطرة على العدوى في المستشفيات مما سمح للفيروس بالانتشار بين عاملين في مجال الصحة ولإخفاقها في تعقب حالات الإصابة بالفيروس وتسجيلها. وزادت المخاوف الدولية بشأن طريقة تعامل السعودية مع المرض في وقت سابق حينما قالت إن الحالات التي كانت سجلت لديها أقل من الواقع بنسبة الخمس.

خبراء يتشككون

في السياق ذاته يقول خبراء في مجال الصحة والأمراض المعدية إن الشفافية في تقديم البيانات أمر حاسم لمعرفة المزيد عن الفيروس الذي ظهر بين البشر قبل عامين فقط لكنه الآن أودى بحياة أكثر من 300 مريض على مستوى العالم. وقد أعلنت السعودية أن مراجعة أجرتها كشفت عن 113 حالة إصابة لم تعلن من قبل توفي منها 93 مصابا. ورغم أن الإعلان يوحي بأن هناك قدرا أكبر من الشفافية يقول بعض العلماء إن معلومات ربما تكون قد حجبت عمدا عن السلطات الصحية الدولية.

قال مايكل أوسترهولم مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والسياسة بجامعة مينيسوتا "يثير ذلك حقا سؤالا عن سبب عدم الإبلاغ عن هذه الحالات من قبل وبخاصة وأن تاريخها يرجع لشهرين على الأقل أو أكثر." وأضاف "لا أعتقد من المعلومات المتاحة لنا أن باستطاعتنا معرفة السبب (في أنه لم يتم الإعلان عن الأمر من قبل). لكنه لابد وأن يكون سببا من اثنين: إما أن هناك نظام متابعة ضعيفا عجز عن رصد وتأكيد هذه الحالات وإما أن هناك محاولة متعمدة لعدم الإعلان عن بعض الحالات وبخاصة الحالات بالغة الحرج والتي مآلها الوفاة."

قال طارق مدني المستشار الطبي المستقل لوزارة الصحة السعودية إنه لا يعتقد أن عدم الإعلان عن بعض الحالات كان متعمدا وأرجع ذلك إلى عدة عوامل. وقال "لا نعتقد أن هذا حدث عن عمد" مضيفا أن من الممكن في أي مكان في العالم أن يعلن عن عدد أقل بعشرين في المئة عن عدد المرضى الفعلي مشيرا إلى أن هذه النسبة لم تتجاوز الحدود. وقال "بل إنها أقل من 20 في المئة."

ويمكن أن يسبب فيروس كورونا ارتفاعا في درجة الحرارة وسعالا وضيقا في التنفس والتهابا في الرئة ويعتقد أنه ينتقل إلى الإنسان من الإبل وإن كان العلماء يقولون إنه يمكن أن ينتقل أيضا من إنسان لآخر. ونقل عن وزير الزراعة السعودي قوله إن الإبل في المملكة ستخضع لفحوص.

وتعرضت السعودية بالفعل لانتقادات بسبب أسلوب تعاملها مع المرض الذي يقول خبراء في الصحة العامة إنه كان يمكن السيطرة عليه الآن لو أن المسؤولين والعلماء بالمملكة كانوا أكثر استعدادا للتعاون وتبادل المعلومات حول كيفية عمل الفيروس ومكان قدومه. وردا على ذلك تقول وزارة الصحة إنها تتخذ إجراءات جديدة لتحسين عملية جمع المعلومات وتداولها بما في ذلك معايير الاختبار وتحسين الخطوط الاسترشادية فيما يتعلق بتخزين العينات وعنونتها.

وأظهرت أحدث الأرقام أن إجمالي عدد الإصابات بلغ 691 حالة بالمملكة توفي منها 284 مصابا. وقال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض إنه لم يتضح إن كانت الحالات الجديدة تندرج تحت تعريف منظمة الصحة العالمية للحالات المؤكدة وأشار إلى أن الإعلان لم يتضمن تفاصيل رئيسية. وأضاف "لم تقدم معلومات عن سن أو نوع المصاب أو محل إقامته أو مكان الإصابة المرجح وما إن كانت الحالات متفرقة/أساسية أم أنها جزء من مجموعة انتقالات ثانوية أو ما إن كانت الرعاية الصحية قد توافرت للمريض أم لا أو ما إذا كان المصاب من العاملين بالرعاية الصحية."

وقال مدني إنه على الرغم من أن البيانات المنشورة على موقع الوزارة على الإنترنت محدودة فإن هناك بيانات أكثر تفصيلا متوافرة لمن يريد الحصول عليها من العلماء وخبراء الصحة الذين يتصلون بالوزارة مباشرة. وقال إيان ماكاي أستاذ علم الفيروسات الإكلينيكية المساعد بجامعة كوينزلاند في استراليا والذي يتتبع انتشار فيروس كورونا منذ اكتشافه أول مرة منذ ما يقرب من عامين إنه لا يزال متشككا في مدى شفافية المعلومات التي يقدمها المسؤولون الجدد.

وقال "أنا متشكك بدرجة كبيرة في العملية كلها.. نرى كل هذا تحت عنوان زيادة الشفافية ومع هذا لا تتوافر معلومات عن هذه الحالات المئة وثلاث عشرة فيما يتعلق بمكان أو كيفية الفحوص التي خضعت لها أو عمرها. المعلومات هزيلة جدا في الواقع لذا فأنا متشكك جدا فيما يفترض أن نعرفه من خلال هذا."

وقالت منظمة الصحة العالمية إنها أوفدت خبراء للسعودية لتقديم المشورة الفنية. وقالت "تعيين وزير جديد للصحة في الآونة الأخيرة ولد طاقات جديدة والتزامات أكبر من جانب الحكومة للتعامل مع التحديات المرتبطة بكورونا. ومنظمة الصحة العالمية ترحب بكل الجهود المبذولة لجمع المعلومات والتحقق منها وتعزيز تبادل المعلومات المتعلقة بكورونا." بحسب رويترز.

وقال أوسترهولم إن الخبراء الدوليين ومسؤولي الصحة يجب أن يشجعوا السعودية على الالتزام بكلمتها. وأضاف "فيروس كورونا ليس مشكلة تخص المملكة العربية السعودية ولا مشكلة تخص الشرق الأوسط بل مشكلة دولية تتطلب رد فعل دوليا لمعالجتها" مشيرا إلى أن مصابين بالفيروس نقلوه بالفعل من المنطقة إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة. ومضى قائلا "تخيل لو أن أحد ركاب الطائرات هؤلاء تحول غدا إلى ناقل هائل للفيروس وانتهت به الرحلة في لندن أو نيويورك أو هونج كونج أو تورونتو. سيتغير العالم بين عشية وضحاها."

اختبارات على الإبل

في السياق ذاته نسبت صحيفة سعودية تصدر باللغة الانجليزية إلى وزير الزراعة فهد بالغنيم قوله إن السعودية ستجري اختبارات على الإبل في المملكة للكشف عن فيروس متلازمة الشرق أوسط التنفسية (كورونا) بعد نشر دراسة سعودية عززت الرابطة التي كان يشتبه بوجودها بين الحيوانات والحالات البشرية المصابة بالفيروس. وقال علماء إن رجلا سعوديا اصيب بفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية توفي بعدما انتقل إليه الفيروس من إبل كان يقوم بتربيتها. وفي دراسة تؤكد ان الإبل هي المشتبه به الرئيسي في انتقال المرض القاتل من الحيوان إلى الإنسان قال العلماء إن الإفرازات الأنفية للإبل على الأرجح هي السبب في الوفاة في حالة الرجل السعودي.

وفي توثيق لحالة الرجل السعودي الذي توفي بالفيروس وكان عمره 44 عاما قال فريق العلماء السعودي بقيادة طارق مدني إن تحليلهم لحالة الرجل اظهر أن الفيروس نشأ بين الإبل ثم انتقل بعد ذلك إلى البشر. وقال العلماء في دراستهم التى نشرت في دورية نيوانجلاد جورنال أوف ميدسين "وضع المريض علاجا موضعيا في انف احد الإبل المريضة قبل سبعة ايام على اصابته بالفيروس." وانتهى العلماء إلى ان تحليلا جينيا لعينات اخذت من الضحية ومن أحد الإبل المصابة اشارت الى ان الفيروس انتقل مباشرة من الجمل إلى الرجل.

ونقلت صحيفة ذا أراب نيوز اليومية عن بالغنيم قوله إن برنامجا لتسجيل وإحصاء المواشي وبينها الإبل بدأ العام الماضي وسيجري تسريع وتيرته. وقال الوزير إن الإبل ستخضع لاختبارات للكشف عن وجود فيروس كورونا وأن الهيئة السعودية للحياة الفطرية ستقوم أيضا بجمع عينات من الإبل البرية التي تعيش في الصحراء لتحديد مستوى الإصابة بالفيروس بين الحيوانات على نطاق أوسع.

وذكرت الصحيفة نقلا عن الوزير أن الإبل المستوردة ستخضع أيضا لاختبار الكشف عن الفيروس وستوضع تحت الحجر الصحي. ولم يجب متحدث باسم وزارة الزراعة على الفور على طلبات التعقيب على المسألة. ورغم أن الصلة بين الإبل والفيروس تحددت للمرة الاولى العام الماضي فان وزارة الزراعة لم تتخذ أي تحرك. وفي سوق الإبل الرئيسية بالرياض إحدى أكبر الأسواق بالسوق في المملكة قال مربون وأطباء إنهم ليسوا على علم بأي صلة بين حيواناتهم وفيروس كورونا وأضافوا أن أيا من المسؤولين لم يتصل بهم. بحسب رويترز.

واستشهد تقرير خاص بعلماء غربيين قالوا إن السعودية تبدو متقاعسة عن التعاون مع بعض المختبرات المتخصصة في أنحاء العالم التي عرضت مساعدتها في التحقق من المصدر المحتمل للفيروس ورصد كيفية انتشاره. ورد القائم بأعمال وزير الصحة السعودية وقتها بالقول إن المملكة تعمل مع منظمات دولية معنية بالصحة وستواصل عمل ذلك.

كورونا في الإمارات

الى جانب ذلك قال محققون من منظمة الصحة العالمية إن أوجه قصور في إجراءات الوقاية من العدوى في أحد المستشفيات أدت إلى تفاقم تفشي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا) التي أصابت أكثر من 60 شخصا وأودت بحياة عشرة على الأقل في الإمارات العربية المتحدة. لكن خبراء المنظمة قالوا إنهم لم يعثروا على أدلة على انتقال فيروس كورونا من إنسان إلى آخر. وأبلغ الخبراء الذين أجروا تحقيقهم على مدى خمسة أيام الإمارات بالنتائج التي توصلوا إليها.

وقالوا في بيان "يبدو أن الزيادة الأخيرة في الحالات في أبوظبي سببها تضافر عدة عوامل منها مخالفات في إجراءات الوقاية ومكافحة العدوى في منشآت للرعاية الصحية وفي المراقبة النشطة." وأشادت منظمة الصحة العالمية بتعامل الإمارات مع المشكلة قائلة إن السلطات "تتابع بجدية" حالات الإصابة بفيروس كورونا بما في ذلك إجراء تحليلات متكررة للتحقق حين تشفى الحالات من الفيروس.

وقال بيتر بن مبارك الذي رأس وفد المنظمة "ستقدم هذه البيانات إسهاما مهما لتقييم المخاطر ولتوجيه استجابة قطاع الصحة على المستوى الدولي." ووجهت الإمارات الدعوة إلى فريق من ستة أعضاء من منظمة الصحة العالمية والشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها بعد زيادة أعداد الحالات هناك. وقال الفريق إنه اجتمع مع خبراء من هيئة الصحة في أبوظبي وهيئة الصحة في دبي وجهاز أبوظبي للرقابة الغذائية وزار المستشفى الذي تم رصد ثلثي حالات الإصابة بالبلاد فيه دون الكشف عن اسمه أو مكانه. بحسب رويترز.

وقال بن مبارك "نحن معجبون بكم البيانات والمعلومات التي جمعتها الإمارات خلال التحقيق في متلازمة الشرق الأوسط التنفسية من أجل فهم أفضل للفيروس." وأضاف "هذه المعلومات لها أهمية كبرى لبقية العالم من أجل المساعدة على اكتشاف مصدر الفيروس ومسارات انتقاله من الحيوانات إلى البشر."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/حزيران/2014 - 25/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م