الأزمة في العراق وتقلبات موازين الحرب والسياسية

 

شبكة النبأ: يبدو ان الولايات المتحدة ماضية في الضغط الدبلوماسي على القادة السياسيين في العراق من اجل احترام موعد اعلان تشكيل الحكومة القادمة والاتفاق عليها في تموز القادم من اجل منع انهيار العملية السياسية في العراق والتي كلفت الكثير من الأرواح والأموال بالنسبة للأمريكيين، على حد وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

كما انها اكدت من خلال كيري ان نجاح الجهد والدعم العسكري الأمريكي لن يكتب له النجاح في ظل الخلافات السياسية والمذهبية بين الكتل الكبيرة الفائزة، وان المخرج السياسي يجب ان يتم الاتفاق عليه وبسرعة، ليكون كمقدمة لعبور هذه المرحلة الصعبة.

ففي زيارة خاطفة الى بغداد، والتي لم يعلن عنها لأسباب امنية، قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري "إن التقدم الذي حققه الإرهابيون في الشمال يشكل تهديدا وجوديا لدولة العراق"، مضيفا ان "هذه هي لحظة مصيرية بالنسبة للقادة العراقيين".

كما تعهد كيري بأن الولايات المتحدة ستقدم دعما "مركزا" للعراق لمساعدته في التصدي للمسلحين، وقال عن طبيعة هذا الدعم بانه "سيكون مركزا ومتواصلا، وإذا اتخذ السياسيون العراقيون الخطوات اللازمة لتوحيد البلاد فإنه سيكون ايضا دعما فعالا".

والتقى الوزير الأمريكي، اضافة الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، رئيس البرلمان أسامة النجيفي ورئيس الوزراء السابق إياد علاوي ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم.

وقد أكد المالكي عقب اللقاء إن الهجوم الذي يشنه تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على بلاده يهدد المنطقة والعالم اجمع، وقال المالكي إن الازمة الحالية "تمثل تهديدا ليس للعراق فحسب بل للسلم الاقليمي والدولي".

من جانب اخر، وفيما يتعلق بالجانب السياسي أكد كيري في وقت سابق إن الولايات المتحدة لن تنتقي أو تختار من يحكم في بغداد مضيفا أن بلاده لاحظت رغم ذلك استياء الأكراد والسنة وبعض الشيعة من القيادة الحالية في العراق وأنها تريد أن يجد العراقيون قيادة "مستعدة ألا تقصي أحدا وأن تتقاسم السلطة"، في رسالة فهمها المقربون من الحكومة انها لا تدعم أي جهة، خصوصا على مستوى الولاية الثالثة، كما عبر باحثون.

ووصفت الاجتماعات الاخيرة بين المالكي والامريكيين بالعصيبة وقال دبلوماسي غربي أطلعه أحد المشاركين في الاجتماعات على المناقشات التي دارت فيها إن دبلوماسيين أمريكيين أبلغوا المالكي أن عليه القبول بتخليه عن منصبه إذا عجز عن جمع أغلبية في البرلمان لولاية ثالثة، وقال حليف وثيق الصلة بالمالكي إن الأخير يشعر بمرارة تجاه الامريكيين في الأيام الاخيرة لامتناعهم عن منحه دعما عسكريا قويا في مواجهة تقدم المتشددين. كما اشارت رويترز.

أوضاع مربكة

في سياق متصل أدان الزعيم الايراني الأعلى التدخل الأمريكي في العراق واتهم واشنطن بالسعي للسيطرة مع تقدم متشددين سنة نحو بغداد من على الحدود السورية وتعزيز سيطرتهم في الشمال والغرب، وتصريحات آية الله علي خامنئي هي أوضح تصريحات عن معارضة طهران لخطة أمريكية لأرسال ما يصل الى 300 مستشار عسكري استجابة لمطالب من الحكومة العراقية بتقديم دعم، ويتعارض التصريح مع التكهنات بإمكانية التعاون بين العدوين القديمين واشنطن وطهران للدفاع عن حليفهما المشترك في بغداد.

وذكر في معرض حديثه قائلاً "نعارض بقوة تدخل الولايات المتحدة أو غيرها في العراق"، وأضاف "لا نوافق عليه لأننا نعتقد أن الحكومة العراقية والأمة والسلطات الدينية قادرة على انهاء الفتنة"، وبدت حكومتا ايران والولايات المتحدة منفتحتين على امكانية التعاون ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام السني المتشدد والذي يحارب الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة وتدعمها واشنطن كما يحارب الرئيس السوري بشار الاسد الذي تدعمه ايران لكن واشنطن تريد الاطاحة به. بحسب رويترز.

وقال خامنئي وهو صاحب الكلمة النهائية في امور الدولة الشيعية "تحاول السلطات الأمريكية تصوير هذا على انه حرب طائفية لكن ما يجري في العراق ليس حربا بين الشيعة والسنة"، واتهم واشنطن باستخدام الاسلاميين السنة وأتباع الزعيم العراقي المخلوع صدام حسين، واضاف "امريكا تريد عراقا تحت هيمنتها ويحكمه أتباعها"، وفوجئت طهران وواشنطن بالتقدم السريع للهجوم الذي يقوده تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام والذي استولى منذ العاشر من يونيو حزيران على مساحات واسعة في شمال العراق وغربه بما في ذلك مدينة الموصل اكبر مدن الشمال، وقال شهود ومصادر أمنية إن تنظيم الدولة الاسلامية تقدم شرقا من موقع على الحدود السورية العراقية تم الاستيلاء عليه حديثا وسيطر على ثلاث بلدات في محافظة الانبار العراقية الغربية.

واستولى مقاتلون على الموقع الحدودي قرب بلدة القائم الأمر الذي يسهم في تأمين خطوط الامداد لتنظيم الدولة الاسلامية إلى سوريا حيث استغل حالة الفوضى الناجمة عن الانتفاضة التي بدأت قبل ثلاث سنوات على حكم الرئيس بشار الأسد، والهدف المعلن لتنظيم الدولة الاسلامية هو إقامة دولة خلافة تتجاهل الحدود السياسية التي رسمتها القوى الاستعمارية قبل نحو قرن من الزمان، وتنتشر عشائر سنية في المناطق الصحراوية على جانبي حدود البلدين.

وكان سقوط القائم بمثابة خطوة أخرى صوب تحقيق الأهداف العسكرية للتنظيم، ووسع مقاتلون من السنة بقيادة تنظيم الدولة الاسلامية نطاق سيطرتهم ليشمل مدن راوة وعانة على امتداد نهر الفرات شرقي القائم بالإضافة إلى بلدة الرطبة إلى الجنوب والتي تقع على طريق يؤدي إلى الأردن من بغداد، وقال مسؤول بالمخابرات العسكرية إن القوات انسحبت من راوة وعانة بعد أن هاجم المسلحون البلدتين في ساعة متأخرة من الليل، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "انسحبت قوات الجيش من راوة وعانة والرطبة وسرعان ما استولى تنظيم الدولة الاسلامية على هذه المدن بالكامل، أخذوا عانة وراوة دون قتال".

وقال المتحدث العسكري اللواء قاسم الموسوي إن الانسحاب من البلدات كان مقصودا لضمان "القيادة والسيطرة" وللسماح للقوات بإعادة تجميع صفوفها وانتزاع المناطق مجددا، وقال للصحفيين في بغداد إن انسحاب الوحدات كان بغرض اعادة فتح المناطق، وتقع راوة وعانة المطلتان على نهر الفرات على طريق امداد رئيسي بين مواقع تنظيم الدولة الاسلامية داخل العراق وشرق سوريا حيث استولى التنظيم على عدة مدن ومواقع استراتيجية من مقاتلين منافسين من جماعات سنية أخرى خلال الأيام القليلة الماضية.

وآخر مدينة سورية رئيسية لم تسقط في أيدي تنظيم الدولة الاسلامية في المنطقة وهي مدينة البوكمال الحدودية تسيطر عليها جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا والتي سبق أن خاضت معارك في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية ووافقت في بعض الأحيان على وقف إطلاق النار في بعض المواقع.

واستولى تنظيم الدولة الاسلامية على الموصل أكبر مدن شمال العراق وواصل تقدمه على امتداد نهر دجلة فاستولى على مدن وكميات كبيرة من الاسلحة والعتاد الحربي من الجيش العراقي الذي تخلى عن مواقعه، وقال شهود والشرطة في مدينة العلم إن مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية هاجموا المدينة الواقعة شمالي تكريت ليلا، وصدت قوات الأمن ورجال العشائر المهاجمين، وقالوا إن اثنين من مقاتلي التنظيم قتلا.

وقال التلفزيون العراقي إن قوات مكافحة الارهاب قتلت بالتنسيق مع القوات الجوية 40 مقاتلا من التنظيم ودمرت خمس عربات في قتال في تكريت مسقط رأس صدام حسين الزعيم السني الذي أطاح به الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وحدث هدوء في القتال حول أكبر مصفاة لتكرير النفط في البلاد الواقعة في بيجي قرب تكريت، وتحول الموقع إلى ساحة قتال عندما شن المقاتلون السنة هجوما على المصفاة، ودخل المقاتلون أرض المجمع لكن وحدات عسكرية عراقية صدت الهجوم، وارتفع عمود أسود من الدخان من الموقع لكن مسؤولين بالمصفاة قالوا إنه نتج عن حرق مخلفات.

وشارك في التقدم الذي تحقق للمقاتلين السنة أفراد من العشائر السنية والميليشيات الاسلامية وضباط من حزب البعث الذي كان يتزعمه صدام حسين اتحدوا جميعا في مواجهة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يتهمونها بتهميش أصحاب المذهب السني، لكن تنظيم الدولة الاسلامية واصل تصدر الانتفاضة.

والعلاقات بين الجماعات السنية المتعددة ليست سلسة تماما، واندلعت الاشتباكات بين مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية وعشائر سنية يدعمها جيش النقشبندي الذي يقوده ضباط سابقون من عهد صدام حول الحويجة التي تعد حصنا سنيا في جنوب غرب كركوك، وقالت المصادر إن أكثر من عشرة أشخاص لقوا حتفهم في الاشتباكات التي وقعت في المنطقة، وبدأت الاشتباكات بين مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية وجيش النقشبندي في الحويجة حيث أدت حملة مشددة على احتجاجات السنة قبل عام إلى اثارة اضطرابات.

وعرض الرئيس الامريكي باراك أوباما ارسال 300 من المستشارين العسكريين من القوات الخاصة الامريكية لمساعدة الحكومة العراقية في استعادة الاراضي التي استولى عليها مقاتلو الجماعات المسلحة السنية بما فيها تنظيم الدولة الاسلامية لكنه لم يبت في أمر اللجوء إلى توجيه ضربات جوية، وأدى القتال إلى مزيد من تفتت العراق على امتداد خطوط طائفية وسلط الضوء على الانقسامات بين القوى الاقليمية خاصة ايران التي قالت إنها لن تتردد في حماية المراقد الشيعية في العراق إذا طلب منها ذلك والسعودية التي حذرت ايران من التدخل، وفي الوقت نفسه عمل الاكراد على توسيع مناطق نفوذهم في الشمال الشرقي حيث استولوا على مدينة كركوك التي يعتبرونها جزءا من كردستان، وحشدت الحكومة ميليشيات شيعية لارسال متطوعين إلى الخطوط الأمامية ونظم الالاف استعراضا وهم يرتدون زيا عسكريا في أحد الاحياء الشيعية بالعاصمة العراقية.

ووجه الرئيس الايراني حسن روحاني "الدول التي تدعم الارهابيين بأموال البتر ودولار"، ملمحا بذلك الى السعودية وقطر اللتين تتهمهما ايران بتمويل الجهاديين في "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، وقال روحاني في تصريحات نقلها الموقع الالكتروني للتلفزيون الحكومي "ننصح الدول التي تساعد الارهابيين بأموالها من البترودولار ان تكف عن ذلك". واضاف "عليها ان تدرك ان دورها سيأتي غدا".

ودان روحاني "الهمج المتعطشين لدماء المسلمين الذين يقطعون رؤوس اطفال ويغتصبون النساء المسلمات"، مؤكدا ان هذه الممارسات "لا ترضي الا الصهاينة، لأنه لم يعد احد يفكر بفلسطين"، ودعا الرئيس ايضا الى الاتحاد "بين السنة والشيعة الاخوة"، وقال "منذ سنوات وقرون يعيش الشيعة والسنة معا في ايران والعراق وسوريا ولبنان ودول الخليج" في "تعايش سلمي"، وكان رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني قال على الموقع الالكتروني للبرلمان ان "الشيعة والسنة والاكراد اصدقاؤنا واقمنا دائما علاقات ودية مع مسؤوليهم واكدنا دائما على ان تكون هناك مشاركة فعلية وبناءة في السلطة في العراق".

القوات العراقية تستعد للهجوم

فيما تحتشد القوات العراقية إلى الشمال من بغداد استعدادا لمهاجمة مسلحين متشددين من السنة دفع تقدمهم صوب العاصمة الإدارة الأمريكية إلى عرض إرسال مستشارين عسكريين بهدف تقوية شوكة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، ووجه المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني دعوة للوحدة قائلا إن على الشيعة والسنة الوقوف وراء السلطات لمنع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام من تدمير البلاد.

وبدأ تنظيم الدولة الإسلامية تطبيق تفسير متشدد للشريعة الإسلامية في الموصل التي سيطر عليها قبل عشرة ايام خلال اجتياحه شمال العراق، وقال سكان بالموصل إن مقاتلي التنظيم دمروا رموزا لتراث العراق الغني وهدما تمثالين لرمزين ثقافيين وقبر فيلسوف ومؤرخ من القرن الثاني عشر، وعرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما ارسال ما يصل إلى 300 استشاري عسكري أمريكي من القوات الخاصة للمساعدة في تنسيق القتال لكنه أحجم عن تلبية طلب من الحكومة العراقية بشن غارات جوية وجدد دعوته للمالكي ببذل المزيد من الجهد لتجاوز الانقسام الطائفي الذي أجج مشاعر الاستياء بين الأقلية السنية بالعراق.

ويشغل المالكي منصب رئيس الوزراء منذ عام 2006 وقد أغضب واشنطن لإثارته سخط السنة، ودعا أوباما الى تشكيل حكومة أكثر شمولا في بغداد لكنه أحجم عن دعوة المالكي لترك منصبه، وسرت تكهنات بأن المالكي ربما فقد ثقة حليفته ايران، وفي المنطقة المحيطة بسامراء على الطريق السريع الرئيسي على بعد 100 كيلومتر الى الشمال من بغداد الذي أصبح خطا اماميا في المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قال محافظ المنطقة وهو من الشخصيات السنية القليلة المؤيدة للمالكي للجنود إنهم سيجبرون مقاتلي الدولة الإسلامية وحلفاءهم على التقهقر. بحسب رويترز.

وقال مصدر مقرب من المالكي إن الحكومة تعتزم الرد الآن بعد أن أوقفت تقدم التنظيم الذي استولى على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى بشمال العراق قبل عشرة ايام واجتاح وادي دجلة الذي يغلب على سكانه السنة باتجاه بغداد وسط انسحاب الجيش، وعرض التلفزيون لقطات لعبد الله الجبوري محافظ صلاح الدين التي اجتاح المقاتلون عاصمتها تكريت وهو يقول للجنود في الاسحاقي الى الجنوب من سامراء إنهم سيتحركون باتجاه تكريت والشرقاط ونينوى، واضاف أن هذه القوات لن تتوقف مشيرا الى أن عدد أفراد القوات الحكومية حول سامراء يتجاوز 50 الفا، وتباطأ تقدم المتشددين في المنطقة الواقعة الى الشمال من بغداد ويسكنها سنة وشيعة.

وأتاحت مشاركة الميليشيات الشيعية وانضمام عشرات الآلاف من المتطوعين الجدد من الشيعة للجيش العراقي فرصة للتعافي بعد فرار أعداد كبيرة من الجنود من الخدمة مما سمح لمقاتلي الدولة الإسلامية بالسيطرة على أراض يتطلعون الى أن يقيموا عليها دولة خلافة اسلامية على جانبي الحدود بين العراق وسوريا، وقال حليف وثيق للمالكي "الاستراتيجية على مدى الايام القليلة الماضية كانت إنشاء خط دفاع جديد لمنع تقدم تنظيم الدولة الإسلامية"، وأضاف "نجحنا في صد التقدم والآن نحاول استعادة المناطق التي فقدت دون داع"، ولاتزال هناك جيوب للقتال، ويقول سكان إن القوات الحكومية لاتزال صامدة على ما يبدو في مصفاة بيجي النفطية أكبر مصفاة في العراق على بعد 100 كيلومتر شمالي سامراء.

وفي الضلوعية بين سامراء وبغداد قال سكان إن طائرة هليكوبتر قامت بعملية تمشيط وقصفت عددا من المنازل بالصواريخ في الساعات الأولى من الصباح مما أسفر عن مقتل امرأة، وقالت الشرطة إن الجيش أبلغها بأن الإحداثيات التي أعطيت للطيار كانت خاطئة، وقال مصدر أمني إن القتال احتدم في المقدادية بمحافظة ديالى في شمال شرق العراق حيث هاجمت قوات الأمن مساحات من الحقول يسيطر عليها متشددون سنة وأضاف أن الف مدني فروا الى الشمال، واتهم التلفزيون الرسمي المتشددين بتهجير السنة كأداة للدعاية لإحراج الحكومة، ودعا السيستاني الى الاستقرار والى ان يمنع العراقيون سقوط بلادهم في الهاوية.

وفي خطبة تلاها مساعد له حث السيستاني السنة والشيعة على الوقوف معا ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام ودعا الى انعقاد البرلمان المنتخب حديثا عما قريب حتى تبدأ عملية تشكيل الحكومة، ويخشى كثير من العراقيين من أن يرجئ الساسة تشكيل الحكومة مادام هذا ممكنا للاستفادة من حالة الفوضى الحالية، وأكد السيستاني مجددا الدعوة التي وجهها للمدنيين للتطوع ومحاربة الدولة الإسلامية في العراق والشام من خلال قوات الامن العراقية.

ووصف رسالته بأنها دعوة لحمل السلاح لكل العراقيين وليس الشيعة وحسب، وقال أنه اذا لم يتم قتال تنظيم الدولة الإسلامية وطرده فإن الجميع سيشعرون بالندم، وقال شهود إن متشددين من جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام دمروا تمثال عثمان الموصلي وهو موسيقي وملحن عراقي من القرن التاسع عشر وتمثال للشاعر أبي تمام الذي عاش إبان الخلافة العباسية، وجرى نبش قبر ابن الأثير وهو فيلسوف عربي سافر مع جيش السلطان صلاح الدين في القرن الثاني عشر.

وفي حين لم ينضم أوباما للدعوات التي تطالب المالكي بالتنحي فإنه قال "ليست مهمتنا أن نختار زعماء العراق" لكنه تجنب أي تعبير عن الثقة في رئيس الوزراء العراقي، وحذر أوباما من أن مصير العراق "مجهول" وقال "لن يتمكن من لم شمل العراقيين سوى الزعماء أصحاب الأجندات الشاملة"، ويبدو أن العراقيين راضون عن قرار أوباما، وقال حليف للمالكي إن عرض أوباما المساعدة ملائم ويشمل إنشاء مركز اتصال يسمح بشن ضربات جوية أمريكية مستقبلا على جماعة الدولة الإسلامية وغيرها من الجماعات.

ويبرز قرار أوباما عدم القيام بهذه الضربات في الوقت الحالي تشككا في واشنطن وبين حلفائها بالمنطقة فيما اذا كانت ستحقق المرجو منها في ظل خطر سقوط قتلى من المدنيين وهو ما يمكن أن يزيد غضب السنة بالعراق، وقال أوباما "سنكون مستعدين للقيام بعمل عسكري موجه ودقيق اذا تبين لنا أن الوضع على الأرض يقتضي هذا"، لكنه أكد أن اي رد عسكري أمريكي بالعراق لن يكون دعما لطائفة على حساب الأخرى.

الحكومة المقبلة

من جانبه أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "الدعم التام" للحكومة العراقية في تصديها للجهاديين السنة، حسب ما أعلن الكرملين، وقال من جهته مسؤول سعودي إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيجري محادثات في جدة مع نظيره الأمير سعود الفيصل حول سوريا خصوصا، وقال الكرملين في بيان إن بوتين أعرب خلال مكالمة هاتفية مع المالكي "عن دعم روسيا التام لجهود الحكومة العراقية الهادفة إلى تحرير أراضي الجمهورية سريعا من الإرهابيين".

ويتعرض المالكي الشيعي لانتقادات داخلية ومن السعودية والإمارات والولايات المتحدة كونه مارس التهميش بحق العرب السنة ما أدى إلى هذا الهجوم الواسع للمتمردين المستمر منذ التاسع من يونيو/حزيران، وفي وقت سابق، أعلن أحد مستشاري الكرملين أن أوباما وبوتين سيبحثان قريبا التطورات في العراق، من جهته قال مسؤول سعودي فضل التحفظ على هويته إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أجرى محادثات في جدة مع نظيره الأمير سعود الفيصل حول الملف السوري خصوصا، يذكر أن الكرملين اعلن قبل عشرة أيام أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى الفيصل في الفترة الأخيرة  ولم تصدر تفاصيل حول مكان أو موضوع اللقاء.

فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن فرنسا تدعو العراق إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية "مع (رئيس الوزراء نوري المالكي) أو بدونه"، وقال فابيوس ردا على أسئلة مجموعة بي إف إم تي في/أر إم سي الإعلامية "يجب أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية مع المالكي أو بدونه".ووصف الوضع في العراق بأنه "بالغ الخطورة"، وقال "إن أردتم مقاومة مجموعات إرهابية، يجب أن تكون هناك وحدة وطنية"، وقال منتقدا المالكي إنه لم يرفض التحالف مع العشائر السنية فحسب بل "لاحقها بطريقة غير مناسبة على الإطلاق"، ويواجه المالكي الشيعي المدعوم من طهران انتقادات تأخذ عليه اعتماده سياسة تهميش وإقصاء بحق السنة في البلاد.

وتابع فابيوس "إنها أول مرة تهدد مجموعة إرهابية بالسيطرة على دولة" تملك ثروات نفطية، معلقا على سيطرة مقاتلي "الدولة الإسلامية في العراق والشام" مع مجموعات إسلامية أخرى على مناطق واسعة من العراق، وقال إن "ذلك سيشكل خطرا جسيما" موضحا أن ذلك "لن يعني أن العراق سيتفكك فحسب أو العراق يشتعل فحسب، بل إن المنطقة برمتها وتاليا أوروبا والعالم بأسره كما يبدو" ستتأثر أيضا، وسئل عن احتمال القيام بتدخل عسكري فقال إن ذلك ممكن أن كان مدعوما من عراق موحد، مشيرا إلى إمكانية مشاركة فرنسا فيه شرط أن يتم التدخل بطلب من العراق وبدعم من الأمم المتحدة، لافتا إلى أن "هذه ليست الحال إطلاقا اليوم".

وكشف أخيرا أنه يتم إعداد نص تشريعي جديد في فرنسا لمنع توجه الجهاديين إلى مناطق نزاع، بدون إضافة إي تفاصيل، وتمكن المسلحون الذين ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" وتنظيمات سنية متطرفة أخرى خلال هجوم كاسح مستمر منذ نحو عشرة أيام من احتلال مناطق واسعة في شمال العراق أبرزها مدينتا الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد).

قالت مسؤولة كبيرة بالأمم المتحدة إن العراق يحتاج إلى حكومة أكثر استيعابا تتجاوز الانقسامات الطائفية والدينية للقضاء على الاضطرابات التي يواجهها وهو أمر لا يمكن لأحد تحقيقه غير الساسة العراقيين أنفسهم، وقالت رئيسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هيلين كلارك إنه لا يمكن إنهاء الأزمة في العراق وفي سوريا المجاورة إلا من خلال حل سياسي، وقالت كلارك وهي رئيسة وزراء سابقة لنيوزيلندا في اسطنبول "الزعماء السياسيون في حاجة للجلوس معا لوضع خطة بشأن كيفية إدارة العراق ضمن حدوده الراهنة".

وقالت ردا على سؤال عما إذا كان من الممكن تحقيق ذلك دون تدخل عسكري خارجي "يتعين على العراق حل مشكلاته، الناس يجب أن تكون راغبة في أن يكونوا دولة واحدة"، وأجل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الموافقة على طلب الحكومة العراقية توجيه ضربات جوية لكنه عرض إرسال ما يصل إلى 300 مستشار أمريكي للمساعدة في احتواء الهجوم المتصاعد لمسلحين متشددين من السنة وسط أزمة إنسانية تتكشف أبعادها مع نزوح مئات الآلاف، وجدد أوباما دعوته لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لبذل المزيد من الجهد للتغلب على الانقسامات الطائفية التي أججت الاستياء في أوساط الأقلية السنية.

وحذرت الأمم المتحدة من أن الشرق الأوسط فيما يبدو على شفا حرب طائفية أوسع تشمل العراق وسوريا مع قيام إسلاميين متشددين بخطف المدنيين وقتلهم وتعذيبهم، وسيطر متشددون من جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام على أرض يتطلعون إلى أن يقيموا عليها خلافة إسلامية تمتد عبر الحدود بين العراق وسوريا، وتعتبر الجماعة الشيعة خارجين على صحيح الإسلام يجب قتالهم، وقالت كلارك (64 عاما) "لا يقر أي دين ما يحدث للناس في هذه الصراعات الرهيبة". بحسب رويترز.

وأدت انتفاضة يقودها السنة ضد الرئيس السوري بشار الأسد إلى سقوط 160 ألف قتيل ونزوح الملايين في حرب قالت كلارك إنها "رعب ما كان للناس أن ينتظروا حدوثه"، وتعثرت جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وتنحى الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي مثل آخرين قبله عن المهمة في مايو أيار الماضي لشعوره بالإحباط محملا الجمود الدولي المسؤولية لإعاقة جهوده للوساطة لإحلال السلام في سوريا، ولا توجد خطط مباشرة لإعادة الأطراف المتحاربة لطاولة المفاوضات، وقالت كلاك "لا يمكن إجبار الناس على التحدث مع بعضهم"، ومضت تقول "بوسعهم أن يروا ما يحدث لبلدهم وللشعب، البلد يتعرض للدمار والاقتصاد كذلك، البنية الأساسية دمرت والمجتمع يتعرض للدمار، فمتى يقول الناس كفى؟".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/حزيران/2014 - 25/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م