حرب على النفط العراقي تقبع خلف حروب استراتيجية

 

شبكة النبأ: بعد ثلاثين سنة من الحروب وانعدام الاستقرار الذي شهده العراق أبان حقبة النظام السابق، يحاول اليوم قطاع النفط العراقي النهوض لتحقيق نمو سريع في إنتاجه من الذهب الاسود باعتباره إكسير اقتصاد العراق لحد الآن.

غير أن المستجدات الأخيرة المتمثلة بالتدهور الأمني المضطرد في شمالي بلاد الرافدين وضعت أهداف نمو إنتاج النفط العراقي تحت مسجل الخطر بشكل متزايد وهو ما يبرز المخاطر المتنامية على الإمدادات والناجمة عن القلاقل السياسية والعنف في الدولة العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مع ارتفاع الطلب بفضل تحسن الاقتصاد العالمي.

إذ الكثير من الخبراء في مجال النفط العالمي انه على الرغم من التطور المذهل الذي جعل العراق خلال مدة قصيرة ثاني أكبر منتج في منظمة أوبك بعد السعودية وقبل إيران والكويت، الان ان استمرار هذا النمو النفطي في العراق يبقى رهن مخاطر كبرى، بسبب ضعف المؤسسة الامنية وعبء بيروقراطي وعودة العنف بشكل قوي على خلفية الاحداث الامنية الاخيرة التي تقودها المنظمات الارهابية بزعامة تنظيم داعش الارهابي، ناهيك عن الخلافات السياسية بشأن الصراع على الذهب الأسود التي هي الاخرى وضعت الكثير من العقبات أمام تطور صناعة النفط العراقية خاصةً في الآونة الأخيرة، مما قد يزعزع استقرار الاقتصاد العراقي في المستقبل.

بينما يرى بعض المحللين ان التنظيم داعش الارهابي عمد على استهداف مواقع إستراتجية أهمها مصفاة بيجي والواقعة في قضاء تلعفر أكبر أقضية العراق، حيث يزود هذه المصفاة النفطية معظم المحافظات العراقية بالمنتجات النفطية، وتقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 600 ألف برميل يوميا، وهو ما قد يوجه ضربة قاصمة للاقتصاد العراقي.

في حين استبعد بعض الخبراء في هذا المجال ان يؤثر تصاعد العنف في العراق حاليا على الانتاج النفطي لهذا البلد النفطي الكبير وغير المستقر اصلا، وان كانت المخاوف من ذلك تؤدي الى ارتفاع اسعار الذهب الاسود مدعومة بالتوقعات ببلوغ الطلب العالمي مستوى قياسيا.

فيما يرى الكثير من المحللين أن وراء ما حدث في العراق مؤخرا من تدهور امني خطير كان الهدف منه الهيمنة على منشئات النفطية العراقية نتيجة لحرب اقتصادية خلف الكواليس بين شركات النفط بعقد صفقات سرية يشوبها الاحتكار والفساد، وتعمل معظم شركات النفط الغربية الكبرى في مشاريع مشتركة مع بغداد مثل إكسون موبيل وبي.بي ورويال داتش شل وايني إلى جانب جازبروم نفت ولوك أويل الروسيتين وشركات صينية.

بينما يرى محللون آخرون أن بعض الدول الإقليمية التي تعد أهم منتجي النفط في العالم والعضو في منظمة الأوبك حيث استشعرت بخطر نمو العراق والتفوق عليها بحضوره كقوة عظمى للنفط في العالم، ناهيك عن أن من شأن تخفيف العقوبات على ايران التي لها بروتوكولات إستراتجية مع العراق الذي من الممكن ان يجسد توحد ومشاركة العراق مع إيران في مجال النفط، وهذا الامر سيسحب البساط من الدول المهيمنة على القطاع أبرزها السعودية، ويرى الخبراء في هذا الشأن قد يفجر رفع كافة العقوبات عن إيران منافسات جديدة داخل أوبك مع سعي طهران لاستعادة موقعها كثاني أكبر منتج للنفط الخام في المنظمة من العراق، وتهدف الجارتان إلى تعزيز الامدادات خلال السنوات القليلة المقبلة الأمر الذي قد يصعب الأمور على منظمة البلدان المصدرة للبترول إذا ما اضطرت المنظمة تحت وطأة ارتفاع الانتاج من خارجها إلى التفكير في خفض الانتاج، وتمتلك الدولتان احتياطيات ضخمة من النفط إذ تحوز إيران رابع أكبر احتياطيات في العالم ويرقد العراق فوق خامس أكبر الاحتياطيات لكن ربما يتمتع العراق بميزة عندما يتعلق الأمر باستخراج هذه الاحتياطيات.

وعليه فأن التطورات الأخيرة على هذا الصعيد تظهر مؤشرات قوية لحروب إستراتيجية بين البلدان النفطية مما قد يخلق أزمة اقتصادية تمهد لصراعات إستراتيجية عالمية في المستقبل القريب.

تهديد إنتاج النفط

فقد حذرت وكالة الطاقة الدولية من مخاطر كبرى تهدد الانتاج النفطي العراقي في وقت يفترض بهذا البلد ان يوفر قسما كبيرا من العرض الاضافي المرتقب في السوق بحلول 2019، وتنسب وكالة الطاقة الدولية في توقعاتها المتوسطة المدى الى العراق حصة قدرها 60% من الارتفاع في الانتاج العالمي المتوقع بحلول 2019، وفق هذا التقرير حول السوق النفطية، ومن المفترض ان يزيد العراق حجم انتاجه بمقدار 1,28 مليون برميل في اليوم بحلول هذا التاريخ.

كذلك يثير انتاج النفط في بلدان اخرى من منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) تساؤلات ولو اقل حدة، في وقت ادت "المخاوف حول الامن" و"مخاطر الاستثمار" الى صرف اهتمام بعض الشركات الدولية الكبرى، ورات الوكالة ان دول اوبك ستبقى "مزودا كبيرا للسوق" لكنها ستواجه "رياحا معاكسة شديدة لزيادة قدراتها". بحسب فرانس برس.

ولفتت في المقابل الى ان اميركا الشمالية وخصوصا الولايات المتحدة "لديها القدرة على ان تصبح مصدرا للنفط" جراء ازدهار النفط الصخري الذي يتوقع ان يصل حجم انتاجه في الولايات المتحدة بحلول 2019 الى 5 ملايين برميل في اليوم، اي حوالى ضعف حجم الانتاج عام 2013، وذكر التقرير ان "عددا من الدول ستستعى لاستنساخ النجاح الاميركي" على هذا الصعيد معددا منها كندا وروسيا والارجنتين.

من جهتها قالت ماريا فان دير هوفين المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية في مقدمة تقرير الوكالة عن سوق النفط على الأمد المتوسط يوم الثلاثاء "في أوبك يظل العراق المصدر الرئيسي لمعظم النمو المتوقع في الطاقة الإنتاجية لكن هذا النمو يبدو معرضا للخطر بشكل متزايد"، وذكرت الوكالة التي تقدم المشورة للولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية أن النمو العالمي في الطلب على الخام قد يبدأ في التباطؤ بحلول نهاية العقد الحالي وهو ما يرجع لأسباب منها ارتفاع الأسعار وأن النفط الصخري سيبدأ الانتشار خارج الولايات المتحدة.

وقفزت أسعار النفط إلى نحو 115 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي مسجلة أعلى مستوياتها منذ سبتمبر أيلول مع تقدم المسلحين السنة في هجومهم بالعراق وهو ما أذكى مخاوف من تعطل مزيد من إمدادات البلاد من الخام.

وتتوقع وكالة الطاقة حاليا أن تزيد أوبك طاقتها الإنتاجية بواقع 2.08 مليون برميل يوميا لتصل إلى 37.06 مليون برميل يوميا بحلول عام 2019. ومن المتوقع أن يساهم العراق بأكثر من 60 بالمئة من الزيادة.

ويتعارض تقرير الوكالة مع تقريرها السابق الصادر في مايو أيار 2013 الذي توقعت فيه أن يساهم النفط الصخري الأمريكي في تلبية معظم الطلب العالمي الجديد على الخام بما لا يفسح مجالا يذكر أمام أوبك لزيادة إنتاجها دون المخاطرة بانخفاض الأسعار.

وتتوقع وكالة الطاقة الآن أن يصل متوسط الطلب العالمي على النفط في 2014 إلى 92.76 مليون برميل يوميا بزيادة 960 ألف برميل يوميا عن المتوقع في مايو أيار 2013. وقالت الوكالة إن نمو الطلب العالمي سيتسارع إلى 1.42 مليون برميل يوميا العام المقبل من 1.32 مليون برميل يوميا في 2014. بحسب رويترز.

وذكرت الوكالة أنه سيتعين على أعضاء أوبك ضخ كميات من النفط أكثر من تلك المتوقعة في التقرير السابق ورفعت توقعاتها للطلب على نفط أوبك 900 ألف برميل يوميا إلى 30.1 مليون برميل يوميا في 2014.

وتقوم وكالة الطاقة الدولية - ومقرها باريس - أيضا بتنسيق استخدام احتياطيات النفط الاستراتيجية لدى الدول الأعضاء في حال حدوث صدمات بشأن الامدادات، وقالت فان دير هوفين في مؤتمر عبر الهاتف إن أحداث العنف في العراق لم تتسبب في خفض إمداداته رغم أن الوكالة تراقب التطورات هناك.

وأضافت "سنواصل مراقبة الوضع عن كثب وسنكون على إتصال وثيق مع أعضائنا ومستعدين للاستجابة في حالة حدوث انقطاع في إمدادات النفط"، وكانت آخر مرة سحبت فيها الوكالة من المخزونات في 2011 أثناء الحرب في ليبيا، وخفضت وكالة الطاقة في التقرير توقعاتها لنمو الطاقة الإنتاجية في العراق بمقدار 470 ألف برميل يوميا وتتوقع الآن أن تصل تلك الطاقة إلى 4.54 مليون برميل يوميا بحلول 2019 وهذا أقل بكثير من خطة الحكوم العراقية للوصول إلى تسعة ملايين برميل يوميا بحلول 2020.

وفي الوقت الذي سلطت فيه الوكالة الضوء على المخاطر التي تهدد الإنتاج في أوبك فقد قالت أيضا إن النفط الصخري سيحدث تأثيرا خارج الولايات المتحدة قبل نهاية العقد الحالي من خلال إمدادات قدرها 650 ألف برميل يوميا من كندا وروسيا والأرجنتين بحلول 2019، وقالت "ربما لا تأتي ذروة الطلب على النفط - باستثناء الاقتصادات الناضجة - قبل عدة سنوات لكن ذروة نمو الطلب على الخام للسوق ككل تلوح في الأفق بالفعل".

العراق ثاني منتج للنفط في اوبك

ويعد العراق ثاني منتج للبترول في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) وينتج اكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم كما يملك اكثر من 11% من الاحتياطات المؤكدة للذهب الاسود في العالم، لكنه لا يزال يواجه اعمال عنف ومهدد بهجوم الجهاديين الجاري في الشمال.

فبعد ثلاث حروب واثني عشر عاما من الحظر في خلال ثلاثين سنة، يعد العراق اليوم المنتج الثاني في اوبك التي يعتبر عضوا مؤسسا فيها، خلف المملكة العربية السعودية وامام ايران والكويت.

وفي ايار/مايو انتج العراق 3,37 ملايين برميل في اليوم بعد 3,32 ملايين برميل يوميا في نيسان/ابريل، بحسب الوكالة الدولية للطاقة. ويأتي الانتاج النفطي خصوصا من الجنوب الشيعي من حقول الرميلة العملاقة وكذلك من الشمال حول كركوك.

كما يملك احتياطات مؤكدة تقدر ب140,3 مليار برميل من النفط و3158 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وقد بلغت الصادرات في ايار/مايو 80,04 مليون برميل بحسب الارقام الرسمية العراقية،اي ما يمثل 2,58 مليون برميل يوميا كمعدل وسطي، كما بلغت قيمة ايراداتها 8,68 مليارات دولار. لكنها بقيت اقل من حجمها في شباط/فبراير عندما ارتفعت الى اعلى مستوياتها منذ اجتياح الكويت في 1990 مع 2,8 مليون برميل يوميا. ويعول العراق رسميا على ثلاثة ملايين برميل يوميا من الصادرات بحلول نهاية 2014.

اما مبيعات الخام فتمثل اكثر من 75% من اجمالي الناتج الداخلي واكثر من 90% من عائدات الدولة بحسب صندوق النقد الدولي. لكن العراق محروم حاليا من طريق اساسية للتصدير هي خط الانابيب الذي يربط كركوك بمرفأ جيهان التركي ويصدر عبر مصافي الجنوب الواقعة على الخليج خاصة في البصرة. بحسب فرانس برس.

وخط الانابيب الذي يعود بناؤه الى 1976 ويمكن ان ينقل عبره 500 الف برميل في اليوم، مغلق منذ الثاني من اذار/مارس على اثر هجوم. ويمر في شمال البلاد الذي يشهد حاليا هجوم الجهاديين.

وفي الشمال ايضا يلقي نزاع بين بغداد ومنطقة كردستان العراقية التي تتمتع بحكم ذاتي بظلاله على الصادرات. وفي ايار/مايو اعلنت تركيا انها بدأت امداد الاسواق الدولية بالنفط المستخرج من كردستان العراق.

وقد قدمت بغداد التي تتنازع منذ سنوات مع السلطات في اربيل في هذا الخصوص في 23 ايار/مايو شكوى ضد تركيا امام غرفة التجارة الدولية التي مقرها في باريس. في موازاة ذلك وفي ضوء هجوم الجهاديين سيطرت سلطات كردستان العراقية للمرة الاولى على مدينة كركوك النفطية المتنازع عليها مع الحكومة المركزية. وفي هذه المنطقة حفرت اول بئر نفطية في البلاد.

استهداف أكبر مصفاة نفط عراقية

على الصعيد نفسه هاجمت مجموعة من المسلحين مصفاة بيجي، أكبر مصافي النفط في العراق والواقعة في شمال البلاد، في وقت عادت القوات الحكومية لتتقدم في قضاء تلعفر الإستراتيجي والذي يتعرض لهجوم كبير منذ أيام.

وقال مسؤول في المصفاة "تمكنت مجاميع مسلحة في الرابعة من فجر اليوم (01,00 توقيت غرينتش) من اقتحام أجزاء من المصفاة في بيجي (200 كلم شمال بغداد) وأدى ذلك إلى اشتباكات واندلاع حريق في بعض الخزانات المخصصة لتجميع الفضلات النفطية"، وأضاف أن المصفاة توقفت بشكل تام عن الإنتاج حين جرى إخلاء الموظفين الأجانب والإبقاء على بعض الموظفين العراقيين الأساسيين، معتبرا أن هذا الأمر يمثل "ضربة كبيرة للاقتصاد العراقي".

من جهته، قال الفريق قاسم عطا المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة إن "قواتنا تمكنت من صد هجوم على مصفاة بيجي"، وأوضح أن "مسلحين ينتمون إلى داعش جاءوا على متن رتل من سيارات همر وأخرى عسكرية استولوا عليها سابقا ويرتدون زيا للجيش، وهاجموا المصفاة"، مضيفا إن "القوات العراقية الموجودة، وبإسناد من طيران الجيش، قتلت أربعين من المسلحين وأحرقت أربع سيارات همر وعددا من السيارات وصدت الهجوم". بحسب فرانس برس.

وتقع مصفاة بيجي قرب مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، مركز محافظة صلاح الدين، والتي يسيطر عليها مسلحون ينتمون إلى "الدولة الإسلامية" وتنظيمات أخرى منذ نحو أسبوع حين شن هؤلاء هجوما واسعا في شمال البلاد تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة.

إلى ذلك، أعلن مصدر مسؤول في مكتب القائد العام للقوات المسلحة أن قيادة عمليات سامراء (110 كلم شمال بغداد) "تستعد لتنفيذ عملية واسعة النطاق، تستهدف تطهير منطقة الدور" الواقعة التي الجنوب من تكريت. ويسيطر تنظيم داعش خصوصا على الموصل، كبرى مدن نينوى وثاني أكبر مدن العراق.

 من جهته قال عدنان الجنابي مدير لجنة النفط والغاز في البرلمان للصحفيين على هامش مؤتمر في لندن "غلق مصفاة بيجي يعني أن يستورد العراق نصف احتياجاته"، وقال الجنابي إن استهلاك العراق حوالي 600 ألف برميل يوميا وأن بيجي كانت تنتج نحو 170 ألف برميل يوميا. وقال إن المصفاتين الأخريين في البصرة والدورة تنتجان أكثر من 200 ألف إلى 250 ألف برميل يوميا، وستأتي معظم واردات المنتجات الإضافية برا من إيران والكويت ومناطق أخرى في الخليج وعن طريق ميناء البصرة، وقال "سيأتي معظمها برا من إيران لأنه الطريق الأسهل والأسرع لتفادي بعض الاختناقات في البصرة".

تشديد الإجراءات الأمنية

من جهة أخرى قال العميد موسى عبد الحسن مدير شرطة نفط الجنوب إنه تم نشر قوات إضافية حول حقول النفط ومنشآت الطاقة ومواقع الحفر ومقرات شركات النفط، وقال عبد الحسن لرويترز "ضاعفنا الإجراءات الأمنية لإبقاء العمليات في حقول النفط والشركات في أمان بنسبة 100 بالمئة. لدينا الآن أكثر من 100 ألف فرد من شرطة النفط على الأرض في حالة تأهب قصوى وعلى استعداد لحماية منشآت الطاقة في الجنوب"، وأضاف "شكلنا خلية أزمة لمراقبة أمن شركات النفط الأجنبية عن قرب وطمأنا الشركات ... بأن أمنها على رأس أولوياتنا". بحسب رويترز.

وقال عبد الحسن "تمت مضاعفة نقاط التفتيش ومواقع الحماية تقريبا وزود أفراد شرطة النفط بأسلحة أقوى تشمل القذائف الصاروخية (آر.بي.جي) والبنادق"، نفى عبد الحسن شائعات عن إجلاء عمال نفط أجانب من البصرة وقال إن العمل يجري بشكل سلس في الحقول في أنحاء المدينة، وقال مسؤولون في شركة نفط الجنوب الحكومية أيضا إن العملات في حقول الخام الجنوبية تجري بصورة طبيعية، وقال مسؤول كبير في الشركة "البصرة آمنة كما كانت دوما. هناك من يحاول تعكير الأجواء بالقول إن الأجانب يغادرون"، ويعتمد العراق حاليا على الصادرات من الجنوب بعدما هاجم مسلحون خط الأنابيب الشمالي كركوك-جيهان في مارس اذار.

تعطل مشروع شركة كورية لتطوير حقل عكاس للغاز

الى ذلك قالت وزارة الطاقة الكورية الجنوبية نقلا عن مؤسسة كوريا للغاز (كوجاس) مالكة مشروع تطوير حقل عكاس للغاز في العراق إن المشروع يواجه تعطيلات بسبب الأزمة الأخيرة في البلد عضو منظمة أوبك. بحسب رويترز.

وقال مصدر مطلع بشركة الغاز التي تديرها الدولة لرويترز إن التأخير بدأ الأسبوع الماضي مع فرار العاملين بمشروع خط أنابيب قرب مواقع القتال، وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "إذا اتسع نطاق الحرب على الارهاب وتدخل الجيش الأمريكي سيكون من المرجح وقف المشروع مؤقتا ... في أسوأ الأحوال قد ننسحب"، وقالت وزارة الطاقة الكورية الجنوبية في بيان إنها ستضع خطط طوارئ لمشاريعها في العراق بما فيها حقل عكاس وذلك بعد أن عقدت اجتماعا طارئا مع شركات النفط والغاز والبناء ذات الصلة في وقت سابق، وأضافت أنه لم تحدث تعطيلات كبيرة حتى الآن وأن ذلك يشمل واردات النفط من العراق. وبحسب بيان الوزارة استوردت كوريا الجنوبية ما قيمته 9.23 مليار دولار من الخام من العراق العام الماضي وبما يعادل 9.3 بالمئة من إجمالي وارداتها.

وأفادت وكالة يونهاب للأنباء أن كوجاس تدرس بيع حصة نسبتها 49 بالمئة في حقل عكاس المملوك لها بالكامل. ورفض متحدث باسم الشركة التعليق على التقرير لكن مصدرا بالشركة أكد أنها قدمت إلى الحكومة خطة لتقليص الديون.

أسعار النفط تواصل ارتفاعها على وقع الازمة العراقية

كما واصلت اسعار النفط ارتفاعها في اسيا على وقع تصعيد اعمال العنف في العراق وزحف الجهاديين نحو بغداد، ما يبعث مخاوف من بلبلة صادرات هذا البلد الذي يعتبر من كبار منتجي البترول، وبلغ سعر النفط المرجعي الخفيف "لايت سويت كرود" تسليم تموز/يوليو اعلى مستوياته منذ 18 ايلول/سبتمبر 2013 متقدما 73 سنتا الى 107,26 دولار فيما ارتفع سعر نفط برنت بحر الشمال لفترة التسليم ذاتها 57 سنتا ليبلغ 113,59 دولار.

وحذر ديزموند شوا من شركة سي ام سي ماركتس من ان "اي بلبلة في عرض ثاني اكبر منتج للنفط في اوبك قد يلقي بثقله على انتعاش (الاقتصاد) العالمي الذي بدأ هذه السنة"، واعرب محللو شركة فيليب فيوتشرز عن المخاوف ذاتها محذرين من "عودة الانكماش" في الاقتصاد العالمي في حال ارتفاع اسعار الطاقة.

وينتج العراق حاليا 3,33 مليون برميل في اليوم بحسب منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) التي يعتبر ثاني دولة منتجة فيها بعد السعودية وقبل ايران والكويت.

وارتفع سعر برميل النفط الخفيف المرجعي الخميس الى 106,53 دولار في سوق التداول في نيويورك (نايمكس)، اما اسعار النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) الذي يجري التداول به في سوق لندن، فاقفلت على 113,02 دولار بارتفاع 3,07 دولار، وهو اعلى مستوى تبلغه منذ 10 ايلول/سبتمبر.

العراق وإيران

الى ذلك شهد العام الجاري انطلاقة جديدة لبغداد إذ رفعت الانتاج إلى 3.4 مليون برميل يوميا وزادت الصادرات إلى مستوى قياسي بلغ 2.8 مليون برميل يوميا في فبراير شباط لترسخ مكانتها كثاني أكبر منتج في أوبك بعد المملكة العربية السعودية.

وقال بيتر ويلز من نيفتكس للاستشارات الجيولوجية والذي عمل في إيران "إنه سباق على زيادة الطاقة الانتاجية. ستكون منافسة متقاربة خلال السنوات القليلة المقبلة لكني أراهن على أن العراق سيوسع الفارق مع إيران".

وبدد تدهور الوضع الأمني المكاسب المبكرة لكن انتاج العراق الذي يصل إلى نحو 3.2 مليون برميل يوميا لا يزال أعلى من مستوياته في 2013 وتسعى بغداد لانتاج أربعة ملايين برميل يوميا تقريبا بنهاية العام ويشمل ذلك انتاج منطقة كردستان شبه المستقلة.

وزادت إيران - التي أصبحت أكثر ثقة بعد رفع جزئي للعقوبات الغربية - انتاج النفط إذ تمكنت من ضخ 2.8 مليون برميل يوميا. وتعهد وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة بأن تعود طهران للمركز الثاني بين منتجي أوبك بمجرد رفع العقوبات نهائيا.

ويقول خبراء في النفط إن المعدلات قد ترتفع إلى 3.5 مليون برميل يوميا في غضون ستة أشهر من رفع العقوبات بالكامل بالرغم من أن احتمالات التوصل لاتفاق نهائي بين إيران والقوى الغربية قد تكون بعيدة إلى حد ما. وبرغم ذلك ربما لا يكفي هذا إيران كي تتجاوز العراق، وقال مصدر كبير في شركة نفطية "البنية التحتية في إيران قديمة لكنها تعمل بكفاءة. من المرجح أن تكون المشاكل الكبرى التي تؤثر على نمو الانتاج هي البيروقراطية والأمور اللوجيستية"، وأردف يقول "سيكون من الصعب على إيران أن تتجاوز العراق بشكل دائم في أقل من عامين أو ثلاثة على الأرجح". بحسب رويترز.

تتوسع كبرى شركات النفط العالمية في حقول العراق الجنوبية - حيث تدير شركة بي.بي حقل الرميلة وتدير اكسون موبيل حقل غرب القرنة1 وتدير إيني حقل الزبير - منذ عام 2010 عندما وقعت سلسلة من عقود الخدمات مع بغداد.

واكتسب هذا التوسع قوة دفع جديدة مع بدء الانتاج من حقل غرب القرنة2 الذي تديره لوك أويل والذي يعتبر ثاني أكبر مكمن غير مستغل في العالم وأيضا مع ارتفاع انتاج حقل مجنون الذي تديره رويال داتش شل.

لكن قد يسيل لعاب شركات النفط الضخمة أيضا أمام ثروات إيران بمجرد رفع العقوبات. ولتخطب ودهم تعمل إيران على تحسين شروط العقود التي كانت تعمل بها في الماضي، ويقول مسؤولون إيرانيون إن شروط العقود الإيرانية أكثر جاذبية بكثير من العقود العراقية.

ويقول ويلز "انتاج العراق يزيد في الغالب من الحقول الجديدة مع احتمال أن يتجاوز 8-9 ملايين برميل يوميا بحلول 2025، "أما الطاقة الانتاجية لإيران - والتي ترتفع أساسا من الحقول القديمة بالاضافة إلى أزاديجان ويادافاران - فمن المرجح أن تبلغ 4.5 مليون برميل يوميا كحد أقصى. ويمكن تحقيق ذلك بحلول 2019 إذا رفعت العقوبات هذا العام وتم ترسية عقود المشروعات بسرعة"، وتواجه الدولتان مخاطر كبيرة فيما يتعلق باستغلال الاحتياطيات.

فبالنسبة للعراق تمثل الصراعات الداخلية والبيروقراطية والاضطرابات المتصاعدة تحديات رئيسية. وانخفضت الصادرات والانتاج منذ مارس آذار نحو 200 ألف برميل يوميا على الأقل بسبب الهجمات على خط أنابيب يربط شمال العراق بتركيا، أما إيران فتتركز المخاطر التي تواجهها على استمرار العقوبات أو أن تعرقل السياسات الداخلية العملية حينما تنتهي العقوبات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/حزيران/2014 - 22/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م