الإعلام العربي وتعاطيه مع الأزمة الحالية في العراق

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ما هو حجم التمثيل الدبلوماسي العربي في العراق؟، لا يكاد يذكر.. ندرته تعود الى عدد من الاسباب لعل السبب الرئيسي فيها يعود الى عدم الرضا العربي للتغيير الذي حصل بعد العام 2003، وعدم الرضا بما آلت اليه وقائع النظام السياسي.

الاعلام المحسوب على هذه الدول، تبنى مواقف قريبة لمواقف حكوماته تجاه العراق، اعتمادا على ما يتمتع به من حضور على الساحة الاعلامية العربية، مقابل ضعف الاعلام العراقي، في جانبه الشيعي رغم عدد الفضائيات الكبير، الا انه يبقى مجرد عدد لا يمكن ان يتغلب على الخطاب الاعلامي العربي، والذي هو في حقيقته تحول من ادارات اعلامية رسمية قبل طوفان الفضاء، وتحوله الى توجهات غير رسمية في الظاهر، الا ان التقاليد الرسمية باقية في صلب بنية هذا الاعلام، الذي تسيطر عليه مدرستان هما المدرسة اللبنانية والمدرسة المصرية، حيث سيطر اعلاميو هاتان الدولتان على الادارات الاعلامية لاغلب الفضائيات العربية عند انطلاقها، حيث المدرسة اللبنانية ومساحيقها المثيرة، والمدرسة المصرية بمبالغاتها وتهويلها.

يضاف الى ذلك، انخراط الكثيرين من هؤلاء الاعلاميين او مؤسساتهم في فضيحة كوبونات النفط التي اغدقها عليهم النظام العراقي السابق، والتي كان من خلالها يشتري المواقف للترويج له امام الراي العام العالمي في سنوات حروبه او سنوات الحصار.

ولم يقتصر الامر على الماكينات الاعلامية العربية، بل تجاوز ذلك الى البلدان الاوربية والتي صدرت فيها عدد من المجلات والصحف التي يقوم بتمويلها مثل مجلة "التضامن" و"كل العرب"، مع دعمه لمجلات وصحف كانت تصدر في تلك البلدان مثل مجلة "الوطن العربي" وصاحبها وليد ابو ظهر وجريدة "القدس العربي" ورئيس تحريرها السابق عبد الباري عطوان، وغيرها من صحف ومجلات.

بعد سقوط النظام السابق، ظهر مصطلح ايتام صدام، ويعني به هذه الجوقة الكبيرة من الاعلاميين والصحفيين الذين وجدوا ملاذات امنة لهم في الفضائيات الجديدة، والذين وجدوا في الحدث العراقي بعد العام 2003 واحداث اخرى متعلقة بالعراق فرصة لرد الجميل الى النظام السابق.

كل حدث عراقي هو موسم للازدهار الاعلامي للقنوات الناطقة بالعربية، يجد له رواجا كبيرا لدى المتلقي، الذي لا يسمع او يرى الا ماتريده تلك القنوات، واذا اتجه الى الصحف والمجلات المطبوعة او الالكترونية، يجد هذا التساوق بين الاثنين والتماهي الكبير بينهما، مما لا يترك للمتلقي اي فرصة لالتقاط الانفاس والقدرة على الفرز والتمحيص.

تسعى الدول على اختلاف الأنظمة السياسية القائمة فيها إلى استخدام وسائل الاعلام والاتصال إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية في حالتي السلام والحرب وفي مقدمة هذه الأهداف أهدافها السياسية سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي.

الإعلام المعني بهذه القضايا هو الاعلام السياسي الذي يؤدي وظيفة سياسية ويعمل على إحداث تأثيرات واقعية ومحتملة على توجهات وسلوكيات الاخرين.

يتحكم في الاعلام عدد من النظريات:

(نظرية السلطة - نظرية المشاركة الديمقراطية - نظرية الحرية النظرية التنموية - نظرية المسؤولية الاجتماعية).

ما يهمنا من هذه النظريات هو (نظرية المسؤولية الاجتماعية) التي تقوم على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية، وظهرت القواعد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة وذلك بعد ان استخدمت وسائل الإعلام في الإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية.     

ينقسم هذا الاعلام من حيث طبيعة رسالته وتوافقها مع المسؤولية المهنية الى نوعين:

الاعلام السياسي التضليلي:

تنصب غايته على صرف الانتباه عن عنصر الحقيقة في موضوع معين أو اخفائها عن الجمهور المستقبل ووسائله هي التلوين والرمز أو التقويم أو الاجتزاء في نقل المعلومات عن الحدث وعن سياسة معينة في ظرف زمني محدد وغالبا ماتبرز الحاجة اليه اوقات الازمات السياسية وفي اوقات الحروب الداخلية أو الدولية.

الإعلام السياسي الموضوعي:

وفيه يقوم المرسل ببث المعلومات عبر وسائل الإعلام المختلفة عن حدث معين بحيث يتركز اهتمامه على إيجاد الحقائق كما هي دون التضليل بالتضخيم أو التحريف أو التشويه.

اما وظائف الاعلام فهي خمس وظائف رئيسية:

(الوظيفة الإخبارية - التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات - زيادة الثقافة والمعلومات - تنمية العلاقات الإنسانية وزيادة التماسك الاجتماعي - لترفيه وتوفير سبل التسلية وقضاء أوقات الفراغ - الإعلان والدعاية).

اهم ما يتعلق بالوظيفة الاخبارية هو الحيادية والدقة والمصداقية في تغطية الاحداث ومتابعتها،

لكي تحظى باحترام الجمهور.

كيف تصل المواد الاخبارية الينا؟

تعتبر دراسة الباحث الأمريكي ديفيد مانج وايت (حارس البوابة وانتقاء الأخبار) احدى الدراسات المهمة في هذا المجال والتي فتحت الطريق لدراسات اخرى. ويرجع الفضل إلى عالم النفس النمساوي الأصل، الأمريكي الجنسية (كرت لوين) في تطوير ما أصبح يعرف بنظرية (حارس البوابة) الإعلامية، فدراسات لوين تعتبر من أفضل الدراسات المنهجية في مجال حراسة البوابة.

يقول لوين: أنه على طول الرحلة التي تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل إلى الجمهور هناك نقاط أو (بوابات) يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج، وأنه كلما طالت المراحل التي تقطعها الأخبار حتى تظهر في وسيلة الإعلام، ازدادت المواقع التي يصبح فيها متاحاً لسلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا كانت الرسالة ستنتقل بنفس الشكل أو بعد إدخال بعض التغييرات عليها، لهذا يصبح نفوذ من يديرون هذه البوابات والقواعد التي تطبق عليها، والشخصيات التي تملك بحكم عملها سلطة التقرير، يصبح نفوذهم كبيراً في انتقال المعلومات. إن دراسة (حارس البوابة) هي في الواقع دراسة تجريبية ومنتظمة لسلوك أولئك الأفراد الذين يسيطرون في نقاط مختلفة، على مصير القصص الإخبارية.

ولكن من هم حراس البوابة؟

 أنهم الصحفيون الذين يقومون بجمع الأنباء، وهم مصادر الأنباء الذين يزودون الصحفيين بالأنباء، وهم أفراد الجمهور الذين يؤثرون على إدراك واهتمام أفراد آخرين من الجمهور للمواد الإعلامية، كل أولئك حراس بوابة، في نقطة ما، أو مرحلة ما من المراحل التي تقطعها الأنباء.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/حزيران/2014 - 22/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م