أمراض خطيرة... عابرة للقارات وناشرة للموت

متفشية كالنار في الهشيم في الدول الأفقر والأغنى معا

 

شبكة النبأ: يبدو أن أبرز وأخطر تحديات القرن الحادي والعشرين هو انتشار الأمراض التي تطرق أبواب العالم بفيروسات جديدة وسلالات بكتيرية عابرة للقارات تدقّ ناقوس الخطر على الجنس البشري ولاسيما الأمراض المعدية التي باتت متفشية كالنار في الهشيم في الكثير من دول العالم المتخلفة والمتقدمة وخاصة أمريكا مثل داء لايم الذي ينقله القراد وفيروس الشيكونجونيا الذي ينتقل بواسطة البعوض وفيروس الاسهال الوبائي الفيروس المميت، ناهيك عن اشهر الامراض المعدية الملاريا والإنفلونزا.

تعددت الدراسات والأبحاث حول الامراض المعدية وتكثفت الجهود والتجارب في مجال الصحة لصناعة عقاقير علاجية من أجل ضمان صحة أفضل للإنسان، فقد توصل العلماء الى طريقة حديثة لتعديل جينات البعوض وراثيا بحيث لا تنتج سوى الذكور ما يفتح بابا جديدا محتملا لمكافحة مرض الملاريا والقضاء عليه في نهاية المطاف.

فيما لا تال منظمة الصحة العالمية تكثف جهود تحسين صحة العالمية وتقليل نسب الوفيات ومحاربة الامراض والسيطرة على الأوبئة في بعض الدول الأفقر في العالم، إذ تمثل صحة سكان العالم أجمع من ابرز الاهتمامات لكل دولة أو قارة على حدة، وذلك لأن المشكلات الصحية لسكان المعمورة ذات تأثير سياسي واقتصادي عالمي، لذا أصبحت الصحة مطلبا عالميا فعندما يصحّ الجسم يصح العقل، ويتعافى، ويفكر بطريقة سليمة، وبالتالي تحسِّن حياة الإنسان.

الأمراض المعدية

فقد منحت معاهد الصحة الوطنية الأمريكية 25 مليون دولار لمعهد جيه. كريج فينتر لدعم مبادرة لدراسة الأمراض المعدية مثل الملاريا والإنفلونزا على المستوى الوراثي للمساعدة في التوصل لعلاج واجراءات وقائية افضل. وقال مسؤولون إن المعهد الذي له فروع في ولايتي ماريلاند وكاليفورنيا سيستخدم المنحة المقدمة من المعاهد الأمريكية في تأسيس مركز لدراسة الأسرار الوراثية لمجموعة واسعة من البكتريا والفيروسات والطفيليات.

وقال المسؤولون إن المركز سيدرس ايضا التسلسل الجيني (الجينوم) لعدد من مسببات الأمراض والآليات الجينية وراء ظهور المقاومة للمضادات الحيوية. وقالت كارين بيلسون رئيسة المعهد الذي لا يهدف للربح "إنه برنامج كبير جدا." والأمراض المعدية من بين المسببات الرئيسية للوفيات في العالم.

وقال فينتر -وهو باحث سابق في معاهد الصحة الوطنية الأمريكية قبل ان يؤسس معهده- في بيان إن العمل الجديد يهدف إلى "التمكين لفهم اكثر تعمقا للخصائص البيولوجية لمسببات الأمراض والمساعدة في التوصل لعلاجات واجراءات وقائية افضل للأمراض المعدية." وقال مسؤولون إن بحث الطفيليات سيتركز على الملاريا التي تنتقل بواسطة البعوض وتتسب سنويا في وفاة اكثر من 20 ألف شخص غالبيتهم اطفال افارقة وداء المقوسات الذي يصفه مسؤولو الصحة الأمريكيون بانه السبب الرئيسي للوفاة المرتبطة بالأمراض التي تنتقل عبر الغذاء في الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

وتشمل الفيروسات التي سيتم دراستها الإنفلونزا بين البشر والطيور والخنازير والفيروس المخلوي التنفسي و فيروس الروتا وفيروس غرب النيل. وفي أبحاث البكتريا يهدف البرنامج إلى دراسة التسلسل الجيني لأكثر من 1700 سلالة بكترية.

انتشار داء لايم

على الصعيد نفسه قال خبراء إن من المتوقع ان تظهر في نيو انجلاند أعداد كبيرة من حشرات القراد التي تنقل طفيل داء لايم خلال الاسابيع المقبلة. وداء لايم عدوى بكتيرية ينتج عنها طفح جلدي وتورم في المفاصل وأعراض تشبه الإصابة بالأنفلونزا. وأضاف الخبراء ان كثرة الجليد على امتداد أشهر الشتاء وهطول الأمطار خلال فصل الربيع أوجدا الظروف المثالية لظهور القراد والحلم وتعلقه بالعائل مع قرب حلول الطقس الدافئ.

وقال سام تيلفورد أستاذ الأمراض المعدية بجامعة توفتس وهو متخصص في علاج داء لايم "تمثل الأسابيع القادمة ذروة موسم الخطر." وأضاف "تلك هي الفترة التي يظهر فيها طور الحورية للحشرة بأعداد كبيرة. ستتفشى هذه الحوريات خلال الأسابيع القليلة القادمة." ومن الصعوبة بمكان رصد هذه الحوريات اذا قورنت بالحشرات الكاملة التطور التي عادة ما تنتشر في الخريف.

وأعلنت جامعة رود ايلاند التي تدير مركزا لمكافحة القراد حالة التأهب القصوى في كل منطقة الشمال الشرقي ووسط الاطلسي وذلك بناء على تقارير من شبكة لرصد انتشار القراد. وتسبب داء لايم بكتيريا ينقلها القراد ذو الأرجل السوداء ومن بين أعراض المرض الأولية الصداع وآلام العضلات والارهاق وآلام المفاصل والطفح الجلدي الذي يشبه عين الثور. بحسب رويترز.

ولاتزال حالات رصد داء لايم في ازدياد في المنطقة إذ اعلنت السلطات الصحية في منطقة نيوهامبشاير نحو 1700 حالة العام الماضي وصلت حاليا الى 100 ألف حالة اصابة بالمرض وفقا لتقديرات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. ومن بين طرق الوقاية من القراد استخدام ملابس واحذية تغطي معظم مناطق الجسم المعرضة للاصابة واستخدام المبيدات الطاردة للحشرات.

فيروس الشيكونجونيا

فيما ظهرت حالات للإصابة بمرض فيروسي مؤلم ينتقل بواسطة البعوض في انحاء متفرقة في الولايات المتحدة بين مسافرين عادوا مؤخرا من بلدان في منطقة الكاريبي حيث ينتشر الفيروس. وأعلن مسؤولون صحيون في نورث كارولاينا ونبراسكا وانديانا ظهور اول حالات اصابة مؤكدة بفيروس الشيكونجونيا بالاضافة إلى ولاية تنيسي التي يوجد بها حالات مشتبه بها.

وانتشر فيروس الشيكونجونيا سريعا في منطقة الكاريبي في الاشهر الماضية وأدى إلى نقل آلاف المرضى إلى المستشفيات للعلاج من ألم في المفاصل وصداع وحمى شديدين. وقال مسؤولون صحيون في ولاية فلوريدا والمراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها إن حالات الاصابة في الولاية وعددها 25 تمثل غالبية الحالات التي اعلن عنها في الولايات المتحدة. ولم ينتقل الفيروس بواسطة بعوض محلي في حالات الاصابة في الولايات المتحدة.

وقال وليام شانفنر المتخصص في الامراض المعدية بالمركز الطبي بجامعة ناشفيل في تنيسي "سيكون من الصعب على الفيروس ان يرسخ نفسه هنا." وبعد حالات الاصابة الجديدة تراقب المراكز الامريكية لمكافحة الامراض فيروس الشيكونجونيا في ولايات اركنسو وكاليفورنيا وكونيتيكت وماريلاند ومينيسوتا ونيفادا ونيويورك وفرجينيا وبويرتريكو. وقالت وكالة الصحة العامة في الكاريبى إن عدد الحالات المؤكدة والمشتبه بها ارتفع إلى 135651 حالة من 100 ألف. بحسب رويترز.

ورصد الفيروس في 20 بلدا ومنطقة وسجل اكبر عدد للحالات التي يشتبه بانها مصابة بالفيروس في جمهورية الدومنيكان حيث قال مسؤولون إنهم رصدوا أكثر من 77 ألف حالة اصابة مشتبه بها منذ ان وصل الفيروس الي البلاد قبل خمسة اشهر ونصف من بينها 20 الف حالة اصابة جديدة مشتبه بها في الاسبوع الماضي وحده. وقال ممثلون لمنظمة الصحة العالمية في هايتي إن الشيكونجونيا ستواصل الانتشار مع تكاثر البعوض في المياه الراكدة والاواني المكشوفة التي يستخدمها الكثيرون من السكان في منازلهم لتعويض نقص المياه الجارية.

فيروس الاسهال الوبائي

بينما أصبحت مزرعة للخنازير في ولاية انديانا الاولى التي تؤكد علنا ثاني ظهور لفيروس مميت للخنازير وهو ما يزيد المخاوف من ان احتواء مرض قضى على 10 بالمئة من الخنازير في أمريكا سيكون اصعب مما توقعه المربون والاطباء البيطريون. واعترفت المزرعة من خلال طبيبها البيطري بعودة ظهور فيروس الاسهال الوبائي للخنازير والذي ادى إلى نفوق ما يصل إلى سبعة ملايين خنزير وارتفاع اسعار لحوم الخنازير إلى مستويات قياسية منذ اكتشافه لأول مرة في الولايات المتحدة قبل عام.

وأبلغ مات اكيرمان الذي يعمل في الحجر البيطري في جنوب شرق انديانا ان القائمين على المزرعة لا يرغبون في الكشف عن هويتهم لكنهم خولوه التحدث بالانابة عنهم. واعتمدت جهود سلطات الولاية والهيئات الاتحادية على افتراض ان الخنزير الذي يصاب بالفيروس يكتسب مناعة ولا يصاب بالمرض مرة اخرى على الاقل لبضع سنوات. ولم يعرف ان المزارع التي ظهر بها المرض عاد اليها الفيروس مجددا.

غير انه بعد عام على اكتشاف الفيروس تكرر ظهوره في مزارع للخنازير لكن لم يتم تأكيد هذا علنا قبل الان. ويمثل الظهور الثاني للفيروس تحديا لجهود التصدي للمرض الذي غالبا ما يكون قاتلا لصغار الخنازير. وأبلغ جون كليفورد كبير الاطباء البيطريين الامريكيين أن وزارة الزراعة الامريكية تكافح ظهورا متكررا للفيروس بمحاولة زيادة مناعة اناث الخنازير باستخدام لقاحات فعالة. بحسب رويترز.

وقال عن عودة ظهور الفيروس "انها تحدث وقد تحدث ثانية.. نحن بحاجة إلى تطبيق الامن البيولوجي والتنظيف والتطهير لكسر حلقة الانتشار ومنع ظهور الفيروس مرة اخرى." وقال اكيرمان الذي جمع عينات من مزرعة ولاية انديانا إن التسلسل الجيني للفيروس اظهر نفس سلالة الفيروس الذي اصاب خنازير بالمزرعة في مايو ايار 2013 وظهر مجددا في مارس اذار 2014. ولا يستطيع الاطباء البيطريون التكهن بفترة مناعة الخنازير للفيروس بعد التعرض له ويرجع ذلك جزئيا إلى ان المرض لم يظهر في الولايات المتحدة قبل العام الماضي. ووفقا لوزارة الزراعة الامريكية فان الفيروس لا يشكل خطرا على صحة الانسان أو مشكلة لسلامة الغذاء.

مكافحة مرض النوم

من جهتهم رحب العلماء بتطوير خريطة بيانات لتسلسل الجينوم الخاص بذبابة التسي تسي، المسؤولة عن انتقال داء المثقبيات الذي يصيب البشر في أفريقيا، والمعروف بمرض النوم. ويرى العلماء أن هذا التطور قد يكون مفيداً في وضع استراتيجيات للقضاء على الذبابة والحد من الوفيات وانتشار الأمراض الأخرى المرتبطة بها.

وتعليقاً على هذا التطور العلمي، قال ماثيو بريمن، قائد فريق العمل المعني بعلم الجينوم الطفيلي في معهد ويلكوم ترست سانجر: "يمكن أن تقود بيانات الجينوم في نهاية المطاف إلى النهوض بالمعرفة الخاصة ببيولوجيا ذبابة التسي تسي والطفيليات التي تحمل داء المثقبيات. وقد تكشف جوانب من المنظومة البيولوجية الخاصة بالذبابة عن بعض نقاط الضعف، مثل تربية اليرقات التي تعيش داخل الإناث الحوامل، واعتماد الذبابة على البكتيريا التي تعيش داخل خلاياها، وسلوكها غير المعتاد الذي يركز على العثور على الفريسة".

"توصلنا إلى أن البروتين المشارك في استشعار الضوء والرائحة والطعم يفتح الباب لتعزيز المصائد. كما وجدنا في الجينوم أيضاً أدلة على وجود فيروسات على صلة بالدبابير الطفيلية-وهذا يسلط الضوء على إمكانية وجود مفترس طبيعي لذبابة التسي تسي في البرية، وإذا أمكن العثور عليه، فيمكن أن يستخدم في المكافحة البيولوجية".

وقالت سيراب اكسوي من جامعة ييل، التي شاركت في إعداد الدراسة: "يصيب داء المثقبيات الأفريقي آلاف الناس في أفريقيا جنوب الصحراء. وعدم وجود خريطة بيانات للجينوم على نطاق المنظومة البيولوجية لذبابة التسي تسي كان عقبة رئيسية أمام تحديد نقاط الضعف". وأضافت: "لقد استطاع هذا الفريق من الباحثين عبر أفريقيا، وأوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا التوصل إلى أداة بحثية قيمة للتصدي للانتشار المدمر لمرض النوم".

وتوصل الباحثون أيضاً إلى مجموعة من البروتينات الخاصة بالبصر والشم التي يبدو أنها تحرك الاستجابات السلوكية الرئيسية للذبابة، مثل البحث عن بيئات حاضنة أو التزاوج. ويمتلك ذباب التسي تسي نظاماً بيولوجيا استثنائياً للغاية. فخلافاً لغيره من أنواع الذباب الذي يضع بيضه، فإن الأنثى تلد يرقة حيّة واحدة، وتقوم بعد ذلك برعايتها لتصبح ذبابة كاملة النمو عبر التغذية على الغدد التي تفرز حليب الأم.

وقال معهد ويلكوم ترست سانجر في بيان له: "لقد طورت هذه الذبابة الناقلة للمرض طرقاً بيولوجية فريدة من نوعها واستثنائية لإيجاد فريستها وإصابتها. كما أن جهاز الاستشعار المتقدم الذي تتمتع به ذبابة التسي تسي يتيح للأنواع المختلفة منها تتبع العوائل المحتملة إما عن طريق الشم أو عن طريق البصر". وأضاف أن "هذه الدراسة توضح قائمة بالأجزاء المسؤولة عن العمليات الرئيسية وتفتح أبواباً جديدة لتصميم استراتيجيات الوقاية لتقليل عدد الوفيات والأمراض المرتبطة بداء المثقبيات الأفريقي البشري وغيرها من الأمراض التي تنتشر عن طريق ذبابة التسي تسي". ويمكن أن تقود بيانات الجينوم في نهاية المطاف إلى النهوض بالمعرفة الخاصة ببيولوجيا ذبابة التسي تسي والطفيليات التي تحمل داء المثقبيات ويقول الباحثون أن تسلسل الجينوم قد ساعد في اكتشاف "مجموعة البروتينات المسؤولة عن الحصول على الدم وفلترته وتعبئته والانجاب [الاحتفاظ بالبويضة المخصبة داخل جسم الأم ونموها حتى يصبح الحيوان الصغير، كيرقة أو وليد، قادر على العيش بشكل مستقل] وإفراز نظير لبروتينات حليب الثدييات".

وقال ماثيو بريمن، من معهد ويلكوم ترست سانجر: "لقد تم تحديد البروتينات التي تمثل أهمية بالغة لتغذية اليرقات التي لم تولد بعد-ومن شأن التدخل في هذه العملية أن يكسر دورة حياة الذبابة". وتجدر الإشارة إلى أن فريقاً يضم 146 عالماً من 78 معهداً بحثياً في 18 دولة شاركوا في هذه الدراسة. وقد نجحوا في تحليل الجينوم الخاص بذبابة التسي تسي، والجينات التي يتكون منها وعددها 12,000 جين.

وإضافة إلى أنها تنقل مرض النوم، فإن ذبابة التسي تسي مسؤولة أيضاً عن مرض ناغانا (الذي يعرف أيضاً باسم داء المثقبيات الأفريقي الحيواني) الذي يصيب المواشي. وتقول منظمة الصحة العالمية أن "مرض النوم يهدد ملايين البشر في 36 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء". ويعيش العديد من السكان المتضررين "في المناطق النائية في ظل محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية الكافية، مما يزيد من تعقيد عملية المراقبة ومن ثم تشخيص الحالات المصابة وعلاجها. إضافة إلى ذلك، فإن نزوح السكان والحرب والفقر هي من بين العوامل الهامة الأخرى التي تسهل انتقال المرض".

والجدير بالذكر أن المرض يهاجم الجهاز العصبي المركزي للشخص المصاب، ومن ثم يسبب اضطرابات عصبية شديدة وحتى الموت إذا ما ترك من دون علاج. ويأمل الباحثون في أن تسهم الاكتشافات الجديدة الخاصة بجينوم الذبابة في تطوير مواد طاردة أو مبيدات حشرية لهذا النوع من الذباب. بحسب شبكة إيرين.

وفي عام 2009، أنشأت منظمة الصحة العالمية بنك عينات لمساعدة الباحثين وتسهيل تطوير أدوات تشخيصية جديدة وبأسعار معقولة. ويحتوي هذا البنك على عينات من الدم والأمصال والسائل النخاعي، واللعاب والبول المأخوذ من المرضى المصابين بكل أشكال المرض، فضلاً عن عينات من الأشخاص الأصحاء من المناطق التي يستشري فيها هذا المرض.

القضاء على الملاريا

الى ذلك أجرى الباحثون في الكلية الامبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب بلندن تجارب على اسلوب وراثي للتحكم في نسبة الجنس لبعوضة (انوفليس جامبياي) -وهي الناقل الرئيسي لطفيل الملاريا- بحيث تتوقف عن انتاج إناث البعوض المسؤولة عن لسع الانسان وبالتالي نقل الطفيل اليه واصابته بالمرض.

وقال الفريق البحثي في دراسة نشرت نتائجها في دورية (نيتشر كوميونيكيشنز) Nature Communications إنه بالاستعانة بهذا الاسلوب في التجارب المعملية الأولية تم انتاج سلالة كاملة الخصوبة من البعوض تبلغ نسبة ذرية الذكور بها 95 في المئة. وقال اندريا كريزانتي المشرف على البحث بقسم علوم الحياة في الكلية "نجحنا للمرة الأولى معمليا في تثبيط انتاج نسل من الإناث وهو ما يطرح اسلوبا جديدا للقضاء على المرض."

وقال نيكولاي ويندبيكلر المشارك في البحث إن الأمر المبشر بالخير في النتائج انها قائمة بذاتها على اساس ان البعوض هو الذي يقوم بمهمة التخلص من الإناث. واضاف "بمجرد إنتاج البعوض المحور وراثيا فلن تنتج الذكور سوى ذكور مثلها وهكذا لذا فان البعوض هو الذي سيقوم بالمهمة نيابة عنا." وتضمنت التجارب التي عكف العلماء على اجرائها طيلة أكثر من ست سنوات قيام الباحثين بادخال انزيم معين في المادة الوراثية لبعوضة (انوفليس جامبياي).

ويعمل هذا الانزيم على التخلص من أجزاء من المادة الوراثية على الكروموسوم (إكس) الذي ينتج إناث البعوض لتثبيط انتاج نسل من الإناث بذلك تنتج ذرية مهندسة وراثيا تحتوي كلها تقريبا على ذكور. وأدخل الباحثون هذا النوع من البعوض المعدل وراثيا الى خمسة اقفاص من عشائر البعوض البري. وفي اربعة من هذه الاقفاص تلاشت اعداد الاناث خلال ستة أجيال. ويعقد الباحثون آمالا كبارا على تكرار هذه التجربة المعملية وتطبيقها على البعوض في البرية للقضاء على إناث البعوض الناقلة للملاريا في نهاية المطاف.

وكان لهذه النتائج اثر بالغ بين الخبراء الذي لم يشاركوا مباشرة في هذه التجربة إذ عبروا عن حماسهم بشأن مستقبلها. وقال مايكل بونسال المتخصص في علم الحيوان بجامعة اوكسفورد البريطانية "إنه جهد متميز للغاية. الحد من احتمالات تزاوج البعوض من خلال التعديل الوراثي هو أحد تقنيات التقليل من عشائر (الإناث). من المثير للغاية ان نرى كيف سيكون مستقبل ذلك." بحسب رويترز.

وتشير احصاءات منظمة الصحة العالمية الى ان الملاريا تفتك بنحو 627 ألفا كل عام على مستوى العالم ومعظم ضحاياها من الرضع والأطفال في منطقة جنوب الصحراء الكبرى. ومن العقبات التي تحول دون القضاء على المرض انتشار سلالات من البعوض مقاومة للمبيدات الحشرية فضلا عن مقاومة طفيل الملاريا نفسه للعقاقير. وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 3.4 مليون شخص لايزالون معرضين للاصابة بالملاريا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/حزيران/2014 - 19/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م