الكمبيوتر.. أيقونة العصر في تطور بلا حدود، ماذا بعد؟

 

شبكة النبأ: عالم التكنولوجيا الذي غير مسار الحياة بكل تفاصيلها لا يزال في تطور مستمر، فمنذ ظهور الجيل الأول للكمبيوتر لايزال العلماء يواصلون جهودهم الحثيثة لتطوير هذا الاختراع المهم الذي اصبح المحرك الاساسي للكثير من امور حياتنا اليومية، التي اصبحت وبحسب بعض الخبراء مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتكنولوجيا. خصوصا وان الكمبيوتر ونظرا للقدرات الواسعة يعلب اليوم دورا بارزا في تسير الكثير من المور لدخوله المباشر في شتى المجالات العلمية والتجارية والصناعية والعسكرية، هذا بالإضافة الى المجال الطبي الذي يشهد تطور ملحوظ استخدام الحاسوب والبرامج الطبية الخاصة التي قلصت الوقوع في الأخطاء الطبية.

ولحاسوب أو الحاسب الآلي أو الكمبيوتر جهاز إلكتروني قادر على استقبال البيانات ومعالجتها إلى معلومات ذات قيمة يخزنها في وسائط تخزين مختلفة، وفي الغالب يكون قادراً على تبادل هذه النتائج والمعلومات مع أجهزة أخرى متوافقة. تستطيع أسرع الحواسيب في يومنا هذا القيام بمئات بلايين العمليات الحسابية والمنطقية في ثوانٍ قليلة.

لكن على الرغم ايجابيات استخدام الكمبيوتر الا ان ازدياد عدد ساعات التعرض للحاسوب، ويمكن ان تكون سبباً مباشرا للعديد من الامراض والمشاكل الصحية التي يعاني منها المستخدم لمثل هكذا اجهزة، أقلها إصابة مستخدمها بالإجهاد العقلي والذهني, وعليه فمازلت العديد من الأمور الذي يحتويه هذا الجهاز المهم سواء كانت ايجابية او سلبية، تقف عند حدود المستخدم فهو سيد الموقف، فإذا أراد استخدامه للفائدة فسيحصل على الفائدة وأكثر، وإن أرده للتسلية وهدر الوقت هباء منثورا فايضا سيحصل على ذلك.

الحاسوب الخارق

وفي هذا الشأن فقد أعلنت شركة "آي بي إم" أن الحاسوب الخارق "واتسون" الذي طرحته في وقت سابق سيستخدم للمساعدة في تحديد أفضل العلاجات لنوع شائع من أنواع سرطان المخ. وسيستخدم الحاسوب في تحليل الحمض النووي لمرضى الورم الأرومي الدبقي، وربط النتائج بالبيانات الطبية المتاحة وقال رئيس مركز نيويورك للجينات روبرت دارنيل إن تقدما هائلا حدث في فهم الناقل الجيني للسرطان خلال السنوات العشر الماضية.

وأشار دارنيل إلى أن هذا المشروع من شأنه أن يعمل على "تحسين النتائج بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من الأمراض القاتلة من خلال توفير علاجات تناسب كل حالة". وقال مدير الأبحاث بشركة "آي بي إم" جون كيلي: "الأمر يشبه بيانات كثيرة عن المنشطات. واتسون يمكنه في ثوان معدودة القيام بما يقوم به الناس في سنوات. ويمكننا تطبيق ذلك على المرضى بصفة شخصية. هذا ما يمكننا بالفعل من القول إن الأمر بمنزلة البحث عن إبرة في كوم قش".

ويستخدم واتسون الذكاء الاصطناعي لفحص كميات ضخمة من البيانات، كما يمكنه أيضا فهم اللغة البشرية. الجهاز ليس مبرمجا على أنماط بعينها، ولكنه "يتعلم" الاتصالات بين أنواع مختلفة من البيانات. ومن المؤمل أن يواصل "التعلم" ليقوم بمعالجة البيانات الخاصة بالمرضى والبحوث الطبية الجديدة.

وقال نائب رئيس قسم التكنولوجيا العالمية والتحليلات ستيفن هارفي: "ما نتحدث عنه حقا هو أن حاسوب واتسون ينجز في أقل من ثلاث دقائق ما تقوم به الهيئات البحثية خلال فترة تتراوح بين ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر". ويستخدم واتسون بالفعل من قبل الأطباء والممرضات في مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان في نيويورك، للمساعدة في اتخاذ قرارات حول علاج سرطان الرئة. بحسب بي بي سي.

وأصبح واتسون أصغر حجما وأسرع من ذي قبل، حيث تحول النظام الذي كان في حجم حجرة النوم تقريبا إلى حجم ثلاث علب بيتزا الآن، كما يمكن الوصول إليه من أي مكان. ويمكن لهذا الجهاز معالجة 500 غيغابايت من المعلومات – أي ما يعادل محتويات مليون كتاب – في كل ثانية. وأثبت هذا الجهاز قدراته الفائقة. وفي عام 2011، ظهر الجهاز في إحدى الألعاب وهو يجيب عن أسئلة معلومات عامة، دون أن يكون متصلا بشبكة الانترنت.

الحاسوب والدم الإلكتروني

في السياق ذاته كشفت شركة آي بي أم النقاب عن تصنيعها لنوع جديد من الحواسيب يغذيه "الدم الإلكتروني" وقالت الشركة إنها تحاول تقليد الطبيعة بجعل مصدر تغذية وتبريد الحواسيب سوائل، كما هي الحال مع الدماغ البشري. ويركز الدماغ البشري قوة حساب ضخمة في حيز صغير جدا ويستخدم 20 وات من الطاقة فقط، وترغب آي بي أم في محاكاة هذا.

وتستخدم الشركة في حواسيبها الجديدة سوائل تشبه "الدم" في وظيفتها، حيث تضخ الطاقة إلى الحاسوب وتقوم بتبريده في نفس الوقت. وقد عرض د. باتريك روش و د. برونو ميشيل من الشركة نموذجا أساسيا يعتمد النظام الجديد في مختبر الشركة الضخم في زيوريخ. ويقول ميشيل "نريد أن نحشر حاسوبا قويا جدا في مكعب من السكر. وحتى نتمكن من ذلك يجب أن تكون هناك نقلة نوعية في الإلكترونيات. يجب أن نحاول تقليد الدماغ البشري، الذي تبلغ قوته عشرة آلاف ضعف قوة أقوى كومبيوتر متوفر حاليا". بحسب بي بي سي.

وقال ميشيل إن ذلك ممكن لأن الدماغ يحصل على الطاقة والحرارة عبر شبكة فعالة من الأوعية الدموية. ويقول ميشيل "إن قطاع الحاسوب يستخدم طاقة بقيمة 30 مليار دولار ثم يرميها عبر النافذة، وإن 99 في المئة من حجم الكمبيوتر يستخدم للتبريد وإمداده بالطاقة، ويستخدم 1 في المئة فقط لمعالجة البيانات. في المقابل، يستخدم الدماغ 44 في المئة من حجمه لأدائه الوظيفي ويستخدم 10 في المئة فقط لإمداد بالطاقة وتبريده". ومن الغرائب أن الفيل مثلا يزن قدر مليون فأر لكنه يستخدم طاقة اقل بثلاثين ضعفا، وهذا سببه أن القوة الأيضية (الميتابولية) تزداد مع زيادة الوزن، وهذا المبدأ هو الذي يرى ميشيل أنه يجب أن يتبع في تصميم الحواسيب.

اول حاسوب عملي

من جانب اخر قال علماء إنهم حصلوا على الدليل الأفضل بشأن إحدى أهم ظواهر الفيزياء الكمية داخل حاسوب صممته شركة كندية بقيمة 15 مليون دولار. وأعلنت شركة "دي-ويف" عن أنها صممت أول حاسوب عملي بشأن نظرية الفيزياء الكمية، يمكنه حل المشكلات المعقدة أسرع من المتاح حاليا. ويقول العلماء إنهم أظهروا وجود تأثير يسمى "التشابك" في ثمان وحدات من المعلومات الكمية، وهي خطوة هامة نحو بناء منصة عملية.

ونُشرت النتائج في دورية علمية باسم "فيزيكال ريفيو إكس"، تخضع فيها البحوث إلى المراجعة المتبادلة. وأثارت شركة "دي-ويف"، ومقرها برنابي قريبا من مدينة فانكوفر غربي كندا، جدلا بإعلانها تصميم حاسوب كمي عملي. وهي خطوة كان يُعتقد أنها لن تنفذ سوى بعد عقود من الآن.

وتستغل الحوسبة الكمية القواعد الغريبة لفيزياء الميكنة الكمية، التي تعتمد على معايير دقيقة ذرية أو شبه ذرية. والوحدات الأساسية للمعلومات في الحواسيب التقليدية هي الـ"بيت"، ويجري تخزينها على شكل سلاسل من الرقمين واحد وصفر. أما في الحواسيب الكمية، فتُخزن المعلومات على شكل "كيوبيت"، وهي وحدات يمكن تخزينها على شكل آحاد وأصفار في الوقت نفسه. إلا أن وحدات الـ "كيوبيت" تعتمد في تزامنها على تأثير كمي يُدعي "التشابك"، وهو ما وصفه عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتين بأنه "حدث غريب عن بُعد".

وقال كولين ويليامز، رئيس تطوير الأعمال بشركة "دي-ويف"، "هذه أول ورقة بحثية يراجعها باحثون آخرون، وتثبت التشابك في معالِجات دي-ويف". وأضاف قائلا: "والأهم من ذلك هو أن هذا يعد أكبر توضيح للتشابك في أي نظام حوسبي كمي شديد الكفاءة. إنه إنجاز كبير للمجال."

كما أظهروا أن التشابك كان ثابتا، ليستكمل من خلال عملية معقدة للمعالج.

ويدور معظم البحث الأكاديمي في هذا المجال حول نموذج "البوابات الكمية"، وهي توازي "البوابات المنطقية" التي تكون وحدات بناء الدوائر في الحوسبة التقليدية. استخدم معدو الدراسة الأحدث على الإطلاق في الحاسوب الكمي وحدة الكيوبت كوسيلة استكشافية لتوفير معلومات عن الكيوبت الخاصة بمعالج البيانات الخاص بجهاز الحاسوب الكمي دي ويف.

وتمكن الباحثون من خلال استخدام المعلومات التي حصلوا عليها من إثبات القدر الكبير من التشابك الذي ينطوي عليه النظام. ويقول أحد المشاركين في إعداد تلك الدراسة وأستاذ التكنولوجيا بمعهد فيتيربي لتكنولوجيا المعلومات بجنوب كاليفورنيا، فيدريكو سبيداليري، إنه "لا يمكن تفادي ذلك بأي طريقة، فوحدها النظم الكمية هي التي تستطيع الوصول إلى تلك الدرجة من التشابك. وقد أظهر هذا الاختبار دليلًا تجريبيًا على ما كنا نبحث عنه."

أما آلان وود، أستاذ التكنولوجيا بجامعة سوراي، فقال إن "هناك عاملا واحدا فقط من العوامل الثلاثة التي تقوم عليها فكرة عمل الحاسب الكمي إذا ما وُجد، يمكن أن نطلق على الجهاز أنه حاسوب كمي حقيقي، إنه عامل التشابك." ووصف وود النتيجة التي توصلت إليها الدراسة بأنها "هامة"، مضيفا أن "النتائج تبدو حاسمة، لأنها تضمنت عددا كبيرا من الكيوبت التي تتشابك وتعمل بشكل جماعي."

ويُذكر أن معالج البيانات للحاسب الكمي دي ويف يستخدم 512 كيوبت، ولكن الأسلوب الذي تناولته الدراسة الأحدث في هذا المجال يتضمن القدرة على التعرف على ثمانية كيوبت فقط. وفي المقابل، يرى المشككون في كفاءة الحاسوب الكمي أمثال سكوت أندرسون، أستاذ التكنولوجيا بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا في مدينة بوسطن الأمريكية، أن تلك الأجهزة تظهر أدلة "جيدة للغاية" في قدرتها على التشابك على المستوى المحلي، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها تتمتع بتلك القدرة على نطاق واسع.

وعلق وود على ذلك بأن لديه أسبابا تجعله يصدق أن تشابك البيانات واسع الانتشار عبر معالج البيانات في الحواسيب الكمية. وأضاف قائلا: "كان بإمكاننا اختيار أي جزء من أجزاء المعالج للقيام بتلك التجربة. ولا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن التشابك مقصور على ثمان كيوبت فقط." وتابع قائلا: "قمنا بتجربة أخرى لتحديد مدى التشابك في وحدات خلوية مختلفة وحصلنا على نتائج متطابقة."

وعلق ودوورد على ذلك قائًلا إنه "من الصعب للغاية، وفقا لمبادئ الفيزياء الكمية، مشاهدة شيء ما، لأنك بمجرد مشاهدته تتدخل في كيفية عمله." وأضاف أنه "أثناء مشاهدة شيء ما يحدث، لابد أن تكون حريصا على ألا تكون جزءا من العملية التي تحدث أمامك. ولكن الأساليب التي استخدمتها تلك الدراسة مقبولة بصفة عامة، إذ تظهر ما تمكنت من إظهاره: التشابك بين عدد كبير جدا من وحدات الكيوبت المستقرة."

ورغم ذلك، يشكك البعض في قدرة تلك النوعية من الأجهزة على تعظيم الاستفادة من مبادئ الفيزياء الكمية من أجل تعزيز الأداء مقارنة بأجهزة الكمبيوتر التقليدية. وبينما يحتاج التشابك بين البيانات إلى سرعة أعلى يتمتع بها الحاسب الكمي، يرى البعض أن هناك إمكانية كبيرة لإحداث التشابك دون زيادة سرعة الحواسيب الكمية.

ففي دراسة نُشرت عام 2013، كشفت الباحثة بمعهد أميرست بولاية ماساتشوستس والمستشارة في تكنولوجيا الحاسوب الكمي دي ويف، كاثرين ماكجيوتش، عن أن الجهاز يقوم ببعض العمليات بسرعة تقدر بـ 3600 ضعف سرعة الحاسوب التقليدي. ولكن دراسة نُشرت في وقتٍ سابقٍ من عام 2013 أعدها الباحث ماتثياس تروير، من معهد إي تي إتش زيوريخ بسويسرا، رأت أن جهاز دي ويف مثير للشفقة مقارنة بجهاز حاسوب تقليدي مرتفع الإمكانات فيما يتعلق بالسرعة. بحسب بي بي سي.

وخلص فريق البحث في تلك الدراسة إلى أن الحاسب الكمي لا يوفر ارتفاعا في مستوى الأداء مقارنة بالحاسوب التقليدي. ومع ذلك، يتحفظ البعض على الاختبارات التي أجراها الفريق البحثي بقيادة تروير، إذ يرون أن تلك النتائج لم تتضمن اختبارات يقدم فيها حاسوب الشركات أي ميزة إضافية.

ويقول ويليامز إن استقرار تشابك البيانات الذي اكتشفته الدراسة الحديثة سلط المزيد من الضوء على أن النظم الكمية الجديدة تتسم بقدر أكبر من المرونة مقارنة بنموذج البوابة التقليدي لإجراء المعالجات الحاسوبية الكمية. وتعاني الأجهزة الكمية المعملية المصممة للعمل بنظام البوابة من إمكانية تسرب البيانات عندما يزول الغموض عن وحدات الكيوبت وتتحول إلى أرقام واحد و أصفار مباشرة. ويؤكد ذلك على أن استخدام الحواسيب الكمية يظل استخدامها مقصورا على المعامل.

نصف قرن

من جانب اخر تحتفل شركة آي بي إم الأمريكية العملاقة للتكنولوجيا بمرور خمسين عاما على ظهور جهاز حاسوبه الرئيسي (مين فريم). ففي عام 1964، ظهر جهاز الحاسوب الرئيسي الأول "نظام 360"، ليكون بمثابة نقلة تقنية مقارنة بالحواسيب الواسعة الاستخدام التي جاءت قبله. وفي ذلك الوقت، أتاح الجهاز الجديد تحديث المعالجات مع استمرار استخدام الرموز وملحقات الأجهزة السابقة.

ومن المنتظر أن تحتفل شركة آي سي إل البريطانية بالذكرى الخمسين أيضا لجهازها 1900، وهو الجهاز المنافس لـ"نظام 360"، في وقت لاحق من العام الحالي. وأكد باري هيبتونستال، المتحدث باسم شركة آي بي ام، على أن جهاز الحاسوب الرئيسي، بالرغم من طرازه القديم، لا يزال يُستخدَم في نطاق واسع حتى الآن. وقال هيبتونستال: "لا أظن أن بإمكان الناس العاديين أن يتخيلوا عدد المرات التي يتعاملون فيها يوميا مع أجهزة الحواسيب الرئيسية".

وأضاف المتحدث أن أجهزة الحاسوب الرئيسية تمثل نقطة البداية للعديد من الأنظمة المعلوماتية الضخمة التي تساعدنا في التعامل مع العديد من الأمور في عالمنا الحديث، بما في ذلك حجز تذاكر الطيران وعمليات السحب المصرفي الإلكترونية، إلى جانب عمليات الدفع ببطاقات الائتمان. وقال إن هذه الأجهزة كانت بارعة في القيام بالتحويلات البنكية على نطاق ضيق، من قبيل إيداع بعض المبالغ أو سحبها من الحسابات البنكية، بشكل متكرر.

ونفى تشارلي إيوين، كبير موظفي المعلومات في مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، الذي لا يزال يستخدم أجهزة الحواسيب الرئيسية منذ 40 عاما، أن يكون هذا النوع من الحواسيب يُنظَر إليه على أنه "إرث تكنولوجي قديم". وأضاف: "تتمتع تلك الحواسيب بالعديد من الخصائص التي تمنحها قيمة كبرى، فهي تتميز بالمرونة والمتانة وتعتبر ذات تكلفة منخفضة بالنسبة للعمل الذي نقوم به". وتابع قائلا: "تعتبر هذه الحواسيب مصدر الإنتاج الذي يعتمد عليه قسم المعالجة التكنولوجية لدينا، كما أنها تساعدنا في تقديم ما يقرب من أربعة ملايين خدمة أرصاد جوية كل يوم".

 وخرجت شركة آي سي ال البريطانية بمجموعة من الحواسيب لتنافس بها جهاز آي بي ام "نظام 360" وأكد هيبتونستال على أن ظهور "نظام 360" كان من شأنه إحداث نقلة في طريقة عمل أجهزة الحواسيب التي كانت تستخدم في ذلك الوقت. وقال: "قبل ظهور نظام 360، كانت الشركات تشتري جهاز الحاسوب وتصمم البرامج الخاصة به. وعندما يصبح قديما أو بطيئا في الأداء كانوا يتخلصون منه ويشترون جهازا آخر غيره".

ومع بداية ظهوره، كان حجم جهاز الحاسوب الرئيسي يجعل من السهل التفريق بينه وبين الأنواع الأخرى من الحواسيب. ويقول كيفين موريل، المؤسس المشارك في المتحف القومي البريطاني لأجهزة الحاسوب، إنه "إذا كان جهاز الحاسوب ضخما بالقدر الذي يتطلب منك أن تمر من حوله، فهو جهاز حاسوب رئيسي". وأضاف: "أما إذا كان بإمكانك إدخاله إلى غرفة معيشتك، فهو جهاز ميني كمبيوتر. وإذا كان بإمكانك حمله، فحينها سيعرف ذلك بأنه جهاز مايكرو-كمبيوتر". بحسب رويترز.

وعقب ظهور حاسوب "نظام 360"، سرعان ما أنتجت شركة آي سي إل البريطانية جهاز الحاسوب الرئيسي الخاص بها 1900 الذي ينافس جهاز آي بي ام. وأضاف موريل أن هذا النوع من الحواسيب "ترك بصمة تاريخية على لوحات المفاتيح الحديثة"، إذ كان مفتاح "escape" هو الطريقة الشائعة للخروج من قائمة نظام ما على جهاز الحاسوب الرئيسي. كما أن مفتاح "SysRq" الموجود في بعض لوحات المفاتيح الحديثة يأتي في الأصل من أجهزة الحاسوب في تلك الحقبة.

جائزة تكنولوجيا

الى جانب ذلك حصل البروفيسور البريطاني ستيوارت باركين، الذي أسهم في تطوير زيادة سعة قرص التخزين (الهارد ديسك)، على جائزة تكنولوجيا الألفية. ونجح البروفيسور باركين في تطوير نوع من رأس قراءة البيانات (الجزء الأعلى من الهارد ديسك)، قادر على اكتشاف الإشارات الضعيفة والصغيرة، بصورة أكبر من السابق. ويسمح الابتكار بتخزين المزيد من المعلومات على كل أسطوانة من قرص التخزين.

وأوضحت أكاديمية فنلندا للتكنولوجيا، المؤسسة التي تمنح الجائزة، أن ابتكاره جعل من الممكن ظهور فيسبوك، وجوجل وأمازون وخدمات الانترنت الأخرى. وقالت :"باركين مبتكر رائد في مجال سبنترونكس، الذي يعتمد على الدوران المغناطيسي للإلكترونات، بدلا من شحنهم لتخزين وحدات البيانات (البايتس)، وهو واحد من أنجح المجالات في النانوتكنولوجي حتى الآن." وأضافت :"قادت ابتكاراته عملية التوسع الضخمة في الحصول على البيانات والقدرات التخزينية، والتي بدورها عززت تطور مراكز البيانات والخدمات السحابية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك توزيع الموسيقى والأفلام عبر الانترنت."

وفاز بهذه الجائزة، التي تبلغ قيمتها مليون يورو وتقدم كل عامين، من قبل مخترع الويب تيم بيرنرز-لي، ولينوس تورفالديز، مطور نظام تشغيل نواة لينكس. وباركين نجح في تطوير سبنترونكس الذي يعتمد على الدوران المغناطيسي للإلكترونات لتخزين وحدات البيانات ويتم اختيار الفائزين من بين الذين اخترعوا شيئا غير أو ساعد في تغيير حياة الناس إلى الأفضل، على نطاق العالم.

ويعد مجال خبرات البروفيسور باركين، فرعا من علم الفيزياء يسمى سبنترونكس أو دوران الإلكترونات. ومثلما تستطيع الكواكب الدوران مع عقارب الساعة أو عكس عقارب الساعة، فإن الإلكترونات يمكنها الدوران لأعلى أو لأسفل، وهي الحركة التي تنتج عنها مجال مغناطيسي. ورغم أن التشابة ليس تاما، ولكن باختصار يمكن استغلال هذه الظاهرة لتخزين وحدات من البيانات على الهيكل المغناطيسي لذرة رقيقة.

وجعل العالم البريطاني هذا الأمر ممكنا، من خلال ملاحظات اثنين من الفائزين بجائزة نوبل، ألبرت فيرت وبيتر غرينبرغ وذلك لبناء مكتشف عالي الحساسية قادر على إنشاء حقل مغناطيسي رفيع في درجة حرارة الغرفة. وقال: "صمام دوران جهاز الاستشعار يسمح باكتشاف الحقول المغناطيسية متناهية الصغر، ومن ثم يمكن الوصول للمناطق المغناطيسية الصغيرة على القرص المغناطيسي الصلب."

والمعلومات على القرص، "تُخزن بصورة أساسية كمناطق مغناطيسية في فيلم مغناطيسي رفيع جدا." وأضاف :"لذلك يمكننا الآن اكتشاف المناطق الصغيرة جدا أكثر مما كنا في السابق، في الحقيقة يمكن اكتشاف تلك المناطق أفضل بمقدار ألف مرة بفضل الحساسية العالية لصمام دوران جهاز الاستشعار."

وكان هذا العمل مخصصا لشركة آي بي إم، والتي قامت ببيع التكنولوجيا تجاريا عام 1997، وأصبح في وقت بسيط معيارا صناعيا، وسمحت بزيادة سعة القرص أربعة أضعاف مرة واحدة في السنة تعمل لعدة سنوات. أتاح هذا ليس فقط تخزين المزيد من المعلومات في أجهزة الكمبيوتر فحسب، لكن أيضا يعني إمكانية بناء مراكز بيانات ضخمة.

ويشرح البروفيسور باركين :"استمرار العالم الحديث يعتمد على قدرتنا على تخزين كل معلوماتنا، في محركات أقراص مغناطيسية وبصورة أساسية في السحب، لذلك فأنت تستطيع القيام بالبحث على غوغل والحصول على موسيقى وأفلام." ولا يمكن إتاحة أي من هذه الأشياء، "بدون محركات الأقراض المغناطيسية وبتكلفة منخفضة جدا، وهو الأمر المتاح حاليا..شكرا لتكنولوجيا سبنترونك الحساسة."

ومازال البروفيسور البريطاني يعمل لصالح آى بي إم، ويأمل تحقيق ثورة أكبر في عالم تخزين البيانات، من خلال تكنولوجيا جديدة يطورها تسمى "راستراك ميموري" أو ذاكرة مضمار السباق. "إنها (التكنولوجيا) مثل أي اكتشاف أو تطوير علمي، يمكن أن تستخدم في الخير، وأحيانا تستخدم في الشر"" وتهدف إلى استغلال سبنترونك لإنشاء نوع جديد من التخزين، يستهلك طاقة أقل من القرص المغناطيسي، لكن أدائه عالي مثل الفلاش ميموري، البديل الأغلى ثمنا.

وذكر باركين :"من خلال بناء جهاز ثلاثي الأبعاد بأسلاك نانونية صغيرة، والتي تتسابق فيها سلاسل المناطق المغناطيسية ذهابا وإيابا، ويمكن زيادة قدرة التخزين للذاكرة الصلبة إلى 100 ضعف." وستكون تلك التقنية سريعة وموثوق بها مثل الذاكرة الصلبة لكنها أرخص وقدرتها عالية على الحفظ مثل القرص الممغنط، وسيحتوي بصورة أساسية على مميزات كلا المنتجين." بحسب بي بي سي.

وعلى الرغم من اسهاماته، إلا أن البروفيسور اعترف بأن التكنولوجيا تستخدم في أغراض مثيرة للجدل، من بينها تخزين وتحليل الكثير معلومات هائلة عن المواطنين، جمعتها وكالة التجسس عبر الانترنت. ومع هذا فإنه يبدى القليل من الندم، وقال :"إنها (التكنولوجيا) مثل أي اكتشاف أو تطوير علمي، يمكن أن يستخدم في الخير، وأحيانا يستخدم في الشر."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 15/حزيران/2014 - 16/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م