المنشطات.. خطيرة صحيا تشوه والرياضة والرياضيين

 

شبكة النبأ: تعاطي واستخدام المنشطات في المحافل الرياضية من اجل تحقيق الانجازات والبطولات العالمية يعد من الامور الممنوعة، التي يعاقب عليها بحرمان اللاعب من ممارسة النشاط الرياضي ولفترات مختلفة، وذلك لاعتبارات صحة وأخلاقية لكونها نوع من أنواع الغش كما يقول بعض الخبراء في هذا المجال، والمنشطات هي كل مادة أو دواء يدخل الجسم وبكميات غير اعتيادية لزيادة نشاط العضلات أو الكفاءة البدنية للحصول على انجاز رياضي بطرق غير مشروعة.

وتشكل المنشطات الرياضية وكما يقول بعض الخبراء خطرا على الشباب الذين يتعاطونها للحصول على أجسام جميلة وعضلات مفتولة، ولكن الضرر قد يكون دائما، وربما يشمل قدراتهم الجنسية ويظهر كضمور في الخصيتين والإصابة بالعقم والعنّة. وتشمل المنشطات الرياضية الرئيسية التستوستيرون والأندروستينيدون والغونداتروبين والإرثروبيوتين والكرياتين ومشروبات الطاقة.

كما قد يتعاطى البعض مدرات البول والتي وإن لم تكن تعتبر من المنشطات إلا أن البعض قد يستخدمها لغرض تخفيض الوزن وتخفيف البول لإخفاء آثار المنشطات الرياضية، مما يؤدي أيضا لعواقب خطيرة على الصحة. وفي سنة 1952م بدأت مقاومة استخدام المنشطات في ايطاليا 1954م بعقد سلسلة من الندوات العلمية حتى عـام 1961م الذي شهد تأسيس أول مختبر علمي لاكتشاف استخدام الرياضيين للمنشطات بمدينة فلورنسا الايطالية ثم في 1963م عقد بفرنسا أول مؤتمر اروني لبحث سبل مقاومة المنشطات و الذي أتى بإصدار قانون لمعاقبة مستخدمي المنشطات و قد صدر فعلا هذا القانون عام 1964م.

 و قد كانت الدورة الاولمبية الشتوية العاشرة عام 1968م بفرنسا هي أول دورة يتم فيها تطبيق نظام فحص و ضبط مستخدمي المنشطات. وفي دورة ميونخ الاولمبية 1972م كشف على 2078 لاعب ولاعبة استبعد منهم سبعة لاعبين لثبوت تعاطيهم المنشطات. وفي دورة منتريال الاولمبية: 1976م كشف على 2001 لاعب و لاعبة استبعد منهم سبعة لثبوت تعاطيهم المنشطات. وفي دورة مـوسكو الاولمبية: 1980م كشف على 1667 لم يستبعد أحدا منهم.

عقوبات جديدة

وفي هذا الشأن ذكر الاتحاد الدولي الالعاب القوى ان 7 حالات منشطات اكتشفت خلال بطولة العالم التي استضافتها موسكو في شهر آب/اغسطس. واكد الاتحاد ان 1919 عينة دم و538 عينة بول اخذت خلال المنافسات و132 عينة قبل البطولة. واظهرت نتائج الفحوص لعينات البول تنشط 7 رياضيين احدهم بلغ النهائي هو رامي الرمح الاوكراني رومان افرامنكو الذي حل خامسا.

وطالت الحالات الاخرى كلا من الافغاني مسعود عزيزي (100 م) والاوكرانية اليزافيتا بريجينا (200 م) والكازخستانية ايمان كوجاخميتوفا (20 كلم مشيا) والايراني ابراهيم رحيميان (20 كلم مشيا) والتركمانستانية ييلينا ريابوفا (200 م) والغواتيمالي خيريمياس سالوخ (الماراتون). واشار الاتحاد الى انه تمت معاقبة هؤلاء الرياضيين المتنشطين وتم ايقافهم بشكل موقت. وصرح رئيس الاتحاد الدولي، السنغالي لامين دياك "انا سعيد جدا لاننا اثبتنا، بالتعاون مع شركائنا، اننا قادرون على القيام بفحوصات شاملة وكثيرة في اطار الكشف عن المنشطات في موسكو".

الى جانب ذلك اعلن الاتحاد البلغاري لألعاب القوى بانه اوقف العداءة تيزدزيهان نايموفا مدى الحياة بسبب تناولها المنشطات وطالبها باعادة ذهبية بطولة اوروبا. وكانت نايموفا خضعت لفحص منشطات جاءت نتيجته ايجابية حيث اثبت التحليلات المخبرية تناولها منشطا من مادة دروستانولون خلال بطولة اوروبا التي اقيمت في مدينة غوتبورغ السويدية عندما توجت بذهبية سباق 60 مترا.

وهي المرة الثانية التي يثبت تناول نايموفا منشطات محظورة بعد ايقافها سنتين بين عامي 2008 و2010 وبالتالي فان القوانين تقضي بايقاف اي رياضي او رياضية يتناول المنشطات مرتين، مدى الحياة. ويمكن للعداءة ان تتقدم باستئناف القرار امام محكمة التحكيم الرياضي. من جانب اخر اعلن الاتحاد الدولي لكرة المضرب ان الكرواتي مارين سيليتش(24 عاما) المصنف 24 عالميا اوقف لمدة 9 اشهر بسبب تناوله مواد منشطة.

وثبت تناول العملاق الكرواتي (98ر1 م) الذي احتل المركز التاسع عالميا في 22 شباط/فبراير 2010، مادة النيكيتاميد خلال دورة ميونيخ، وقد جرت الفحوص في مختبر مونتريال المعتمد من قبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات. واحرز سيليتش 9 القاب منذ احترافه عام 2005 احدها العام الحالي في دورة زغرب. بحسب فرانس برس.

وقال الاتحاد الدولي للعبة "تنشط سيليتش دون انتباه بمادة النيكيتاميد الناتجة عن تناوله كبسولات كورامين السكر ليس بهدف تحسين مستواه، وقد اعترف بغلطه فاستفاد من تخفيف العقوبة". ورد سيليتش على الفوز انه سيستأنف القرار، مؤكدا انه لم يلجأ عمدا الى تناول المادة المنشطة. واوضح في بيان "هذه المادة موجودة في كبسولات السكر وقد اشتريتها من صيدلية في فرنسا. لم اكن اعلم ولم اتعمد تناول هذه المادة غير المسموحة. لم الجأ في حياتي الى المواد الممنوعة وانا ضد كل من يستخدم المنشطات لتحسين نتائجه".

مسرح العار

من جهة اخرى عاد العداء الكندي السابق بن جونسون الى الملعب الاولمبي في سيول، وذلك بعد 25 عاما على سباق "العار"، اي سباق 100م الذي احرز ذهبيته في اولمبياد 1988 بمساعدة المنشطات التي دمرت مسيرته وسمعته. وزار جونسون (51 عاما) المسرح الذي شهد مجده وسقوطه، حاملا معه رسالة ضد المنشطات في رياضة ما زالت تعاني من هذه الآفة واخر فصولها ما حصل قبيل بطولة العالم هذا الصيف حيث تم الكشف عن العديد من حالات التنشط وابرزها على الاطلاق كانت للاميركي تايسون غاي والجامايكي اسافا باول صاحبي ثاني ورابع افضل رقم في التاريخ في سباق 100 م على التوالي واللذين كانا يعتبران المنافسين الكبيرين للجامايكي الاخر اوساين بولت.

"من الجميل العودة الى هنا"، هذا ما قاله بن جونسون وهو يدخل الى المضمار حيث نال في الساعة الواحدة والنصف من يوم 24 ايلول/ستمبر 1988 اشارة انطلاق نهائي سباق 100 م الذي اصبح يعرف في ما بعدها "السباق الاكثر وساخة في التاريخ". "هنا صنع التاريخ"، هذا ما قاله جونسون، مضيفا "قد يرى البعض بانه كان تاريخا سيئا، لكني لا ارى الامر بهذا المنظار".

وحقق جونسون حينها انطلاقة صاروخية وتفوق بشكل مطلق على جميع منافسيه بمن فيهم خصمه اللدود البريطاني كارل لويس، في طريقه لتسجيل رقم قياسي عالمي قدره 79ر9 ثوان. لكن فرحة جونسون بهذا الانجاز لم تدم سوى ثلاثة ايام لانه جرد من الذهبية والرقم القياسي وفي نهاية الامر من مسيرته باكملها، وذلك بعد ان اعلن عن تناوله "ستانوزولول"، وهي مادة منشطة محظورة.

ولم يكن جونسون العداء الوحيد الذي تلطخ اسمه من بين الذين شاركوا في ذلك السباق المشؤوم، بل ان ستة من العدائين الثمانية الذين خاضوا ذلك النهائي تورط اسمهم في المنشطات، بينهم لويس الذي كشف لاحقا انه تناول منشطا محظورا خلال تجارب المنتخب الاميركي لاولمبياد سيول.

واعترف جونسون لاحقا ان مشواره كان ملطخا بالمنشطات لاعوام طويلة، لكنه ما زال يدعي حتى الان ان ما حصل معه في سيول كان مكيدة لانه تم دس مادة ال"ستانوزلول" في كأسه. واضاف جونسون "تم صلبي على الصليب وبعد 25 عاما ما زلت اعاقب. يتم ارسال المغتصبين والقتلة الى السجن لكن حتى هم يخرجون منه في نهاية المطاف. اعلم ان ما قمت به كان خطأ. القوانين هي القوانين. لكن يجب تطبيق القوانين على الجميع الا ان السياسة تلعب دائما دورها في الرياضة".

وتشكل عودة جونسون الى "مسرح العار" المرحلة الاخيرة من حملة عالمية ترويجية تدعو الى اعتماد استراتيجيات مختلفة من اجل مكافحة استخدام المنشطات عند الرياضيين. وفي ما كان جونسون يسير على المضمار قام المتطوعون بحمل يافطة طولها 100 م تحمل 3700 توقيعا 3700 تم جمعها خلال هذه الحملة من اجل الترويج لمكافحة المنشطات.

ولدى وصوله الى خط النهاية قام جونسون بحركته الشهيرة ورفع اصبعه كما فعل قبل 25 عاما بالتمام والكمال. "بالطبع اني اشعر بالندم"، هذا ما قاله جونسون، مضيفا "لكنها لم تعد المسألة الاهم في حياتي، لقد تقبلت الامر وواصلت حياتي". ويذكر ان الاتحاد الدولي لالعاب القوى اعلن انه سيفرض اعتبارا من 2015 عقوبة الايقاف لاربعة اعوام على من يتنشط في رياضة ام الالعاب. وتطرق جونسون الى الوضع الحالي في العاب القوى، قائلا: "ان عملية الفحوصات اصبحت افضل واكثر دقة، لكن المنشطات تتقدم ايضا".

ولا ينحصر هدف الحملة في التوعية ضد المنشطات في العاب القوى وحسب بل في الرياضة بشكل عام، واظهر جونسون تعاطفا مع الدراج الاميركي السابق لانس ارمسترونغ الذي جرد من القابه السبعة في دورة فرنسا الدولية بسبب المنشطات، وذلك لان الاخير اختبر نفس السيناريو الذي عاشه العداء الكندي السابق حيث تم تسليط الضوء عليه في رياضة مليئة بالمنشطات. بحسب فرانس برس.

وتابع جونسون "امل ان يتمكن من تجاوز هذا الامر. سيكون الامر صعبا وتنتظره معركة طويلة". وجرد ارمسترونغ في تشرين الاول/اكتوبر الماضي من القابه السبعة في دورة فرنسا واوقف مدى الحياة بعدما اتهمته الوكالة الاميركية لمكافحة المنشطات بالمساهمة الفعالة في "برنامج المنشطات الأكثر تضليلا في تاريخ الرياضة". واعترف ارمسترونغ خلال مقابلة متلفزة مع مقدمة البرامج الاميركية الشهيرة أوبرا وينفري للمرة الاولى بأنه تعاطى المنشطات خلال مسيرته الرياضية، لا سيما خلال دورات فرنسا السبع التي فاز بها، وبأنه لفق "أكذوبة كبيرة" طوال 10 سنوات.

جامايكا و مكافحة المنشطات

على صعيد متصل وصل 3 أعضاء من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات الى جامايكا للتحقيق بخصوص الاجراءات التي تستخدمها الوكالة الجامايكية لمكافحة المنشطات والتي تشك الهيئة الدولية في فعاليتها. وتوجه الاعضاء الثلاثة بينهم روب كويلر مدير التربية وبرنامج التطوير الى مقر الوكالة الجامايكية لمكافحة المنشطات بعد دقائق قليلة من وصولهم الى العاصمة كنغستون، ولم يدل اي منهم باي تصريح لوسائل الاعلام.

وكانت الوكالة العالمية طالبت نظيرتها الجامايكية وسلطات البلاد في وقت سابق بتوضيحات عقب التصريحات التي ادلت بها مديرة الوكالة الجامايكية آن شيرلي لوسائل الاعلام وكشفت فيها انه بسبب نقص الموظفين والامكانيات لم يتم اجراء اي فحص للكشف عن المنشطات خارج المسابقات في الاشهر الثلاثة التي سبقت دورة الالعاب الاولمبية في لندن 2012.

وكان رئيس الوكالة العالمية جون فاهاي ذكر في تصريح لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أنه قد يتم الاعلان على ان جامايكا لا تطبق القانون العالمي لمكافحة المنشطات وهو ما ستكون له عواقب خطيرة على رياضييها بينهم الاسطورة اوساين بولت. ويواجه العداؤون الجامايكيون الذين لم يتم ثبوت تناولهم مواد منشطة بينهم بولت، خطر المنع من المنافسة في المسابقات الدولية في حال لم تتم تسوية ملف مكافحة المنشطات في جامايكا.

الى جانب ذلك اعلنت الحكومة الجامايكية استقالة مجلس ادارة الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات بسبب الشكوك حول فعالية الجهود التي تقوم بها في البلاد. وقالت وزيرة الرياضة الجامايكية ناتالي نيتا-هيدلي ان الاستقالة "ضرورية بسبب التصور العام عن وجود تضارب في المصالح".

وتعززت الشكوك حول اجراءات مكافحة المنشطات في جامايكا منذ ان تحدثت المديرة الادارية السابقة للوكالة الجامايكية ريني آن شيرلي عن العيوب في نظام مكافحة المنشطات في بلادها، وذلك بعد ايام فقط من مشاركة العدائين الجامايكيين في بطولة العالم لالعاب القوى في موسكو.

وجاءت نتائج ثمانية جامايكيين في ثلاث رياضات مختلفة ايجابية بعد اجرائهم فحوصات للمنشطات، منهم ستة في العاب القوى في مقدمتهم البطلة الاولمبية في سباق 200 م فيرونيكا كامبل-براون، وحامل الرقم العالمي السابق في سباق 100 م اسافا باول، وحاملة الفضية الاولمبية مرتين شيرون سيمبسون.

المانيا الغربية

في السياق ذاته اكد تقرير جامعي بقي سريا ان برنامجا منظما بدرجة كبيرة لتعاطي المنشطات استخدم في المانيا الغربية ابتداء من سبعينيات القرن الماضي، بحسب ما كشفت صحيفة "سودويتشه تسايتونغ" البافارية. وعلى غرار سياسة المنشطات الرسمية في المانيا الشرقية، لم تكن المانيا الغربية متفرجة، بحسب فريق من الباحثين في جامعة هومبولدت في برلين، قام بابحاث على مدى 3 سنوات في المحفوظات واجرى مقابلات مع خمسين شاهدا. ولم تنشر الدراسة البالغ حجمها 800 صفحة، لكن الصحيفة تملك نسخة يعود تاريخها الى العام 2012.

وبحسب التقرير المذكور، تم تطبيق سياسة منشطات منظمة من خلال انشاء المعهد الاتحادي للبحث الرياضي في تشرين الاول/اكتوبر 1970. وقام هذا المعهد تحت اشراف وزارة الداخلية "بتجميع النخبة من اصحاب المناهج العلمية في الرياضة والاتحادات الرياضية"، ونسق "خلال عشرات السنين سلسلة واسعة من التجارب على مواد مشجعة على تقديم الاداء العالي"، على غرار المواد المنشطة ومادة EPO المحظورة.

وكان عالم السياسة على بينة من هذا البرنامج، بحسب الصحيفة التي اوردت مشادة ذكرها التقرير بين موظف في المعهد ومسؤول حكومي رياضي قبل اشهر قليلة من العاب ميونيخ 1972. ويؤكد الرجل السياسي: "منكم، بصفتكم طبيب رياضة، انتظر امرا واحدا: الميداليات في ميونيخ". ويرد الموظف: "سيدي الوزير، قبل سنة فقط من الالعاب ماذا يمكن ان نفعل كي ننتزع الميداليات؟". ويتابع محدثه: "لا يهمني". بحسب فرانس برس.

وارفق تقرير الصحيفة بصورة لبطل التجذيف الالماني الغربي بيتر-ميكايل كولبي، بطل العالم خمس مرات، الذي حقن في العاب مونتريال 1976 الاولمبية بمزيج من العقاقير. عرف بحقنة كولبي، فتم منح هذا العقار 1200 مرة الى عدة رياضيين مشاركين في مونتريال. وسلطت الصحيفة الضوء على دور في البرنامج المذكور لعبه شخصان لم يعودا اليوم على قيد الحياة: الباحث جوزف كويل الذي توفي عام 2000، وهو البروفسور المسؤول عن الطاقم الطبي للفرق الاولمبية الالمانية الغربية منذ عام 1960، ورئيس اللجنة الاولمبية السابق بين 1961 و1992 فيلي داوم الذي توفي عام 1996.

مونديال 2014

من جانب اخر وفي إطار استراتيجية جديدة لمكافحة المنشطات، تلوح كرة القدم بجواز السفر البيولوجي كأداة رادعة على هذا الصعيد في مونديال البرازيل، حيث سيخضع جميع اللاعبين لاختبارات في غاية الدقة. والى جانب قضية النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا عام 1994، لم يخل المونديال من حالات تعاطي المنشطات، ولم يقتصر الأمر على بعض الدوليين الجامايكيين والبيروفيين والتاهيتيين الذين كانت نتائج فحوصهم إيجابية العام الماضي، وهم من دول صغيرة ليست بالضرورة مطلعة على مخاطر تناول مواد محظورة، كي نجزم ان الامر باتا مختلفا في العام 2014.

هذا ما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم الى اطلاق برنامج طموح تزامنا مع النسخة الراهنة لكأس العالم، يقوم على اخضاع اللاعبين جميعا في المنتخبات المشاركة كافة لمتابعة طويلة الأمد. ومنذ آذار/مارس وحتى أولى المباريات المرتقبة بدءا من 12 حزيران/ يونيو، سيكون على الفرق أن تتوقع زيارات مفاجئة للفريق المتخصص من الأطباء والممرضات المكلفين من الفيفا إخضاع اللاعبين جميعاً لاختبارات الدم والبول.

ويحذر رئيس الجهاز الطبي في فيفا الدكتور جيري دفوراك، من أن لدى الجهاز "صلاحية كاملة لإخضاع أي كان للفحوصات الطبية، في أي وقت، وأينما كان، وبقدر ما يتطلبه الامر". وكان بعض نجوم الكرة الكبار أمثال البرازيلي نيمار والإيطالي جانلويجي بوفون والإسباني أندريس إنييستا قد خاضوا التجربة العام الماضي قبيل كأس القارات، تماما مثلما فعل بعض لاعبي تشيلسي الانكليزي وبرشلونة الاسباني وسانتوس البرازيلي ومونتيري المكسيكي في كأس العالم للنوادي في الأعوام الماضية، حين كانت الفيفا تختبر برنامجها.

وان كان الاتحاد الدولي لكرة القدم سيرتكز على المعطيات المتأتية من اختبارين بيولوجيين لاعداد ملفات اللاعبين، الا ان بعضهم قد يخضع لثلاثة فحوص او حتى اربعة ما يعزز من دقة البيانات. ويؤكد دفوراك "التجاوب التام الذي يلقاه الجهاز الطبي من الفرق حتى الساعة، وتفهم اللاعبين للامر الى حد اعتباره جزءا من حياتهم المهنية".

أما في النتائج المتوفرة حتى الساعة، فما من شيء مثير للقلق، "لا خلال كأس القارات، ولا في النتائج الأولى التي ظهرت حتى الساعة والتي تؤكد أن كل المتغيرات الدموية طبيعية". وهذا الأمر لا يفاجئ دفوراك، فخلال كأس العالم 2002، أخضع الاتحاد الدولي اللاعبين لفحوص الدم من دون اكتشاف اي امر مقلق.

غير ان جواز السفر البيولوجي اكثر فعالية من الاختبارات البسيطة. فهو يرتكز على متابعة متغيرات عدة على مر الزمن، مثل معدلات الهيموغلوبين في الدم أو نسبة الكريات الحمر الفتية، بهدف ملاحظة أي تبدل مشبوه قد يكون ناتجا عن تناول المنشطات. ويعتبر برنامج الفيفا رائدا على هذا الصعيد لكون جواز السفر المعني يقوم على عنصرين: جواز سفر الدم، وهو معتمد في رياضة الدراجات وألعاب القوى، لمكافحة تعاطي هرمون الإريثروبويتين وأساليب مضاعفة القدرة على التحمل، وجواز سفر ستيرويدي، لا يزال في مراحله الاولى، ويرتكز على قياس الهرمونات المنشطة وتلك المفرزة في البول.

وقد لا يعني هذا البرنامج الكثير في عالم الطب، إلا ان وضعه قيد التنفيذ في الرياضة قد يبدو معقدا بعض الشي ويتطلب عملية تنظيمية واسعة. فبسبب التحديات اللوجستية الكبيرة، لم يكن في وسع الاتحاد الدولي لكرة القدم الاعتماد على مختبر برازيلي لاجراء تحاليل كشف المنشطات. فالمختبر الكائن في ريو دي جانيرو سحبت رخصته الدولية العام الماضي بسبب خطأ مخبري.

وهذا ما جعل فيفا يلجأ الى خيار إرسال العينات كافة في البريد السريع الى مختبرات لوزان المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي. وهو ما يكبده كلفة مادية اضافية بلغت 250 الف دولار اميركي، في برنامج لمكافحة المنشطات تقارب كلفته الاجمالية مليون دولار. ولا يشكل تحليل البول تحديا بارزا كفحوص الدم الذي يتحلل بسهولة ويجب أن يخضع للاختبار في غضون 36 ساعة من سحبه، وهو ما سيشكل تحديا اضافيا للفيفا خصوصا في المباريات التي ستقام في ماناوس وفورتاليزا.

ويعترف الدكتور دفوراك أن الامر سيكون بمثابة تحد، اذ ان "بعض المباريات ستجعل المهمة صعبة بسبب البعد الجغرافي، غير ان معظم العينات ستصل الى المختبر في ما بين 24 و48 ساعة". ويوضح طبيب الفيفا ان المختبر يعمل من دون توقف طوال الاسبوع، وهو سيكون جاهزا للتعامل مع كل الحالات الدقيقة". بحسب فرانس برس.

وهكذا لن يكون اي شيء متروكا للصدفة، فالاتحاد الدولي وفر كل معدات النقل اللازمة وفق المعايير الطبية المطلوبة، بما يضمن ارسال العينات بالظروف الملائمة. ولن يقتصر جواز السفر البيولوجي على كأس العالم، بل هو جزء من عملية واسعة النطاق من البحث العلمي الذي ستصدر نتائجه في مجلة متخصصة نهاية العام. وإذا كانت التجربة ناجحة اجمالا لناحية الكلفة والفعالية، سيكون بمقدور الفيفا نقل جواز السفر البيولوجي الى كبرى بطولات كرة القدم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/حزيران/2014 - 15/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م