موازين الحرب في سوريا... صراع الكر والفر

 

شبكة النبأ: في سوريا الصراع يتطور بصورة مستمرة، والازمة في كل يوم، تأخذ مديات أخرى لا يمكن بسهولة التكهن بخواتيمها، كما يشير بذلك الكثير من المحللين.

الولايات المتحدة الامريكية، والتي عادت، كما يبدو، لواجهة الحدث السوري، من خلال تصريحات البيت الأبيض، بانها تريد تقديم بعض المساعدات التي من شانها تغيير موازين القوى على الأرض، ودعم من أسمتهم بالمعارضة المعتدلة.

التنظيمات المتشددة، بدورها باتت تتصارع فيما بينها، إضافة الى صراعها المستمر مع قوات الأسد، من اجل فرض المزيد من السيطرة على الأراضي وتعزيز سيطرتها على الأراضي التي وقعت تحت حكمها في وقت سابق.

النظام السوري، الذي حقق مؤخراً الكثير من الانتصارات وقلب المعادلة العسكرية والسياسية، هو الاخر يكافح للحفاظ على إنجازاته العسكرية، إضافة الى تحقيق بعض الانتصارات السياسية التي يحاول من خلالها إضفاء المزيد من الشرعية على حكمة "والتي جاء اخرها من خلال تنظيم الانتخابات الرئاسية والفوز بولاية جديدة تستمر لسبع سنوات قادمة"، بعد ان أصبحت الصورة الأكثر وضوحاً في سوريا ان البديل عن نظام الأسد هو التنظيمات الإرهابية والمتشددين الإسلاميين، كما أوضح محللون.

ان التداخل في الخطوط المحلية والإقليمية والعالمية يحدث الان في سوريا، من دون ان يكون لطرف بعينة الرجحان او ادعاء النصر، وقد تستطيع بعض الجهات العالمية احداث تغيير حقيقي في كفة التوازنات الدقيقية، لكن هذا التغيير ستكون له عواقب وخيمة قد تؤثر على المجتمع الدولي، سيما وان الأقطاب الأخرى التي تقف خلف المتصارعين، لن تسمح باي تغيير حقيقي لصالح جهة ما على حساب مصالحها الشخصية في المنطقة، وربما هذا ما دعا الولايات المتحدة الامريكية الى الحديث عن الحلول السلمية، إضافة الى امتناعها، حتى اللحظة، عن تسليم أسلحة فتاكة الى المعارضة، والتي قد تصعد من اعمال العنف في المنطقة.  

صراع السيطرة

فقد ادت المعارك الدائرة منذ اربعين يوما في دير الزور (شرق) الى مقتل 634 شخصا على الاقل اغلبهم من الجهاديين كما ارغمت أكثر من 130 ألف شخص على النزوح، حسبما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان، واندلعت اعمال العنف مع سعي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المتشدد الى اقامة "دولته" في المنطقة الممتدة من الرقة شمالا الى الحدود السورية العراقية في الشرق حيث يمكنه التواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق.

وذكر المرصد انه "ارتفع إلى 634 عدد الذين قتلوا في محافظة دير الزور منذ بدء الاشتباكات بين الدولة الإسلامية في العراق والشام والمسلحين الموالين لها من طرف، ومقاتلي جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والكتائب الإسلامية من طرف آخر"، وتتضمن حصيلة قتلى الاشتباكات منذ اندلاعها بين الطرفين في 30 نيسان/ابريل وحتى تاريخه 39 مدنيا بينهم خمسة اطفال. بحسب فرانس برس

كما قتل خلال الاشتباكات 354 مقاتلا من تنظيم "جبهة النصرة" الذي يقاتل الى جانب مقاتلي المعارضة بالإضافة الى 241 مقاتلا من الدولة الاسلامية في العراق والشام" الذي قوبل بداية باستحسان معارضي الرئيس بشار الاسد الذين سرعان ما بدلوا نظرتهم مع ارتكاب التنظيم تجاوزات وسعيه الى التفرد بالسيطرة، وأجبرت الاشتباكات "أكثر من 130 ألف مواطن من سكان هذه المناطق والنازحين اليها على النزوح إلى مناطق اخرى بحثا عن ملاذ آمن" بحسب المرصد.

ومنذ مطلع كانون الثاني/يناير، تدور معارك عنيفة بين "الدولة الاسلامية في العراق والشام" وكتائب من المعارضة المسلحة أبرزها النصرة، ادت الى مقتل اكثر من ستة آلاف شخص، بحسب المرصد، وقتل في سوريا اكثر من 162 الف شخص واصيب أكثر من 500 ألف آخرين ونزح الملايين في اكثر من ثلاثة اعوام من النزاع الذي بدأ بحركة احتجاجية على نظام بشار الاسد وتحولت الى حرب الحقت دمارا كبيرا وتسببت باضرار اقتصادية هائلة في البلاد، كما تشن المعارضة السورية المسلحة عملية عسكرية كبيرة ضد القوات الحكومية جنوبي البلاد، والقتال يمتد الى الحدود مع مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، ويبدو ان هدف المسلحين المعارضين الآني هو الاستيلاء على معبر القنيطرة بين مرتفعات الجولان المحتلة والاراضي السورية، علاوة على الطرق المؤدية الى البلدة، ولذلك اعلنت اسرائيل المناطق المحاذية للحدود السورية في مرتفعات الجولان مناطق عسكرية مغلقة، ويراقب الاسرائيليون التطورات الحاصلة في المنطقة عن كثب.

وكانت قوات الحكومة السورية قد حققت في الاشهر الاخيرة مكاسب مهمة شمال العاصمة دمشق وغربها، ولكن بعض المحللين الاسرائيليين يعتقدون بأن القتال في الجنوب قد يكون له اثر كبير ومهم على مسار الازمة السورية برمتها، فقد قال المعلق الاستراتيجي الاسرائيلي المعروف ايهود يعاري "لقد منيت القوات السورية بهزائم مهمة في القاطع الجنوبي في الشهرين الماضيين، كنت اعتقد دائما بأن مفتاح الازمة سيكون في القاطع الجنوبي، ويبدو ان الامور تسير في هذا المنحى بالفعل". بحسب بي بي سي.

ومضى للقول "الطريقة التي سنتشر فيها الجيش السوري وحليفه حزب الله على الارض في سوريا تشير الى وجود ثغرة في الجنوب"، ويقول يعاري إن السيطرة على القنيطرة لن يكون لها الا اثر رمزي، ولكنه يعتقد جازما ان الجنوب قد يتحول الى نقطة انطلاق لهجوم قد يقوم به المعارضون على العاصمة، ولكن المعارضين يفتقرون في الوقت الراهن الى القوات اللازمة لشن هكذا هجوم، ولكن يعاري يقول إن مسلحي المعارضة يحققون محليا تقدما مهما ضد فرقتين من فرق الجيش السوري (وهما الفرقتان 61 و91) المنتشرة في المنطقة.

وقال المعلق الاسرائيلي "في الاسابيع الاخيرة، حقق المتمردون اختراقات مهمة، إذ سيطروا على قرية القحطانية ومرتفع تل الاحمر، كما سيطرة على قرية جابا الى الجنوب، لقد نجح المتمردون بالأساس من تدمير النظام الدفاعي للقوات السورية المتمركزة في المنطقة ولذا فالقوات السورية تعتمد على المدفعية للرد على المتمردين"، ويمكن مراقبة سير المعارك من الجانب الاسرائيلي من الحدود.

وتقول الحكومة السورية إن ثمة تعاون بين المتمردين واسرائيل، لعدة اسباب ليس اقلها ان المنطقة وقعت تحت سيطرة المتمردين، ويقول يعاري في هذا المنوال إن المساعدات الطبية التي تسديها اسرائيل للمتمردين (عولج 800 سوريا، كثير منهم من المتمردين في المستشفيات الاسرائيلية) والمساعدات الانسانية التي تقدمها اسرائيل للقرى الحدودية السورية كل هذه تشير الى "انه ليس من الخطأ الاستنتاج بأن ثمة اتصالات بين جيش الدفاع الاسرائيلي من جهة وبعض المجموعات المتمردة من جهة اخرى".

ولكن كيف ينظر الاسرائيليون الى القتال الدائر في سوريا؟، الموقف الاسرائيلي الرسمي يتلخص في ان اسرائيل لا ترغب في التدخل في القتال الدائر في سوريا، ولكنها سترد بسرعة اذا تعرضت الاراضي الاسرائيلية لاطلاق نار، ويقول يعاري إن الاسرائيليين بشكل عام يريدون التخلص من الرئيس بشار الأسد، ويعترف المعلق الاسرائيلي بأن ائتلاف المعارضة السورية يضم جماعات اسلامية لا تكن مشاعر الود لإسرائيل، ولكنه يقول إن الكثير من الاسرائيليين يأخذون (مترددين) بالمثل القائل "الشيطان الذي لا نعرفه قد يكون افضل من ذلك الذي خبرناه"، ويفسر يعاري ذلك بالقول إن اسرائيل تنظر الى نظام الاسد بوصفه همزة الوصل بين ايران من جهة وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، ويقول "اذا سقط الرئيس الأسد، سيصبح حزب الله محاصرا في جنوب لبنان، مما سينتج موقفا استراتيجيا مختلفا تماما".

حرب الانفاق

فيما تشهد الأنفاق المحفورة في باطن الأرض على المدخل الشرقي لدمشق، حربا من نوع آخر بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة تستخدم فيها إلى جانب الأسلحة التقليدية، تقنيات متعددة منها الإنصات والمكر والتسلل، ويقول مازن وهو ضابط في الجيش السوري برتبة نقيب "نعتمد بالدرجة الأولى على آذاننا، عندما نتمكن من تحديد مصدر الضجيج (الناتج عن الحفر المضاد)، نحفر في اتجاه الهدف"، ويضيف"، ثم تحصل المفاجأة: إما نجد المسلحين أمامنا وتقع معركة ومواجهة مباشرة، وإما نسد لهم نفقهم، وإما نستخدمه لصالحنا".

ويعتبر حي جوبر الواقع في شرق العاصمة والذي يشهد معارك يومية بين طرفي النزاع اللذين يتقاسمان السيطرة عليه، بمثابة محور استراتيجي لقربه من ساحة العباسيين، ويمثل وصول المقاتلين إلى الساحة تهديدا جديا للعاصمة التي تعد نقطة ارتكاز أساسية لنظام الرئيس بشار الأسد، وتقود حفرة عمقها سبعة أمتار، في موقع النقيب مازن، إلى "غرفة مراقبة" وضعت فيها أجهزة كومبيوتر وشاشات متصلة بكاميرات منصوبة في الأنفاق التي حفرتها القوات النظامية، ويشرح أحد العسكريين أن المعارك في جوبر قسمان، أولهما "حرب ناعمة" تدور فوق الأرض وتشمل نشر كل طرف قناصة تابعين له في مبان تبعد عن بعضها بضعة أمتار، وتترافق المعارك مع قصف من الطرفين واستخدام النظام للطيران الحربي.

لكن "الحرب الفعلية" تدور تحت الأرض، ويقول الجندي "هنا توجد مدينتان: واحدة فوق الأرض، وأخرى سفلية حيث نتواجد، وهي أكثر واقعية من الأولى"، ولتفادي نيران القناصة، حفر الجيش النظامي أنفاقا ضيقة تصل بين المباني التي يسيطر عليها، ووضع فيها مصابيح إضاءة، وفي باحة مبنى من ثماني طبقات يمكن رؤية حفرتين ظاهرتين تؤديان إلى نفقين، وغالبا ما تكون الانفاق مؤلفة من مسارات عدة فوق بعضها.

ويوضح الملازم ماهر أن "الطبقة السفلية الأولى مخصصة للإمداد، والثانية للتواصل بين المواقع، والثالثة لإجلاء الجرحى، أما الطبقة الاخيرة التي قد يصل عمقها إلى 12 مترا، فتكون مفخخة، وفي حال أراد العدو التسلل، نقوم بتفجير المتفجرات التي زرعناها فيها"، ويتفادى الطرفان المتقاتلان حفر الأنفاق على مستوى واحد حتى لا تكون عملية كشفها سهلة بالنسبة إلى الخصم، ويشبه الوضع لعبة "القط والفأر"، إذ يحاول كل طرف تفادي الآخر، أو خداعه لكشف مخبئه، ويقول أحد الجنود إن "النقيب علي يثير جنون المسلحين لأنه يعرف كيف يحفر الأنفاق بطريقة تتيح لنا التسلل من خلفهم".

ويقول العقيد رامز إن "التكتيك الذي يعتمده المسلحون مزدوج: حفر الأنفاق للوصول الى أبنيتنا لتفجيرها، أو حفر أنفاق تتخطى خطوط دفاعنا للتسلل إلى المدينة من وراء ظهورنا"، ويستخدم مقاتلو المعارضة منذ أشهر عمليات تفجير الأنفاق في مناطق عدة تشهد معارك، وتكون هذه الأنفاق مربوطة إجمالا بمواقع عسكرية أو مراكز تجمع للقوات النظامية، أو تهدف التفجيرات إلى فتح طريق إلى موقع آخر، وأبرز هذه التفجيرات حصلت في حلب في شمال البلاد وفي إدلب (شمال غرب).

وبث ناشطون معارضون على موقع "يوتيوب" أشرطة مصورة لعمليات التفجير وأخرى تظهر عمليات الحفر التي تتم بأدوات بدائية ويدوية، ويقول بعض المقاتلين في التسجيلات إن الأنفاق تهدف إلى تأمين خطوط إمداد للمناطق المحاصرة والتسلل إلى مواقع النظام وتدميرها، في دمشق، طلبت الفرقة التي يقودها العقيد رامز مساعدة خبراء في علم الجيولوجيا، مزودين بأجهزة استشعار قادرة على التقاط وجود تجويفات على عمق يراوح بين عشرة امتار و15 مترا، لكن هذه الأجهزة تعطي إشارات مضللة في بعض الأحيان، إذ يتبين أنها تعود لقنوات رومانية قديمة، بالنسبة إلى الجيش السوري، هناك خطان أحمران: ساحة العباسيين القريبة من وسط العاصمة، وبرج "مجمع 8 آذار/مارس" في جوبر، وهو بناء مرتفع يجعل الجزء الشرقي من دمشق في مرمى نيران قناصة المعارضين في حال تمكنوا من السيطرة عليه.

ويقول العقيد رامز إن الجيش احبط قبل أشهر "هجوما كبيرا على دمشق"، إثر اكتشافه "في اللحظة الأخيرة"، نفقا يصل إلى خلف خطوط دفاع القوات النظامية، وبحسب ضابط في أجهزة الامن، فإن مقاتلي المعارضة "حفروا العديد من الخنادق في جوبر، المئات منها تصل إلى بلدات أخرى" في محيط دمشق، بالنسبة إلى مقاتلي المعارضة، قد يستغرق حفر نفق شهورا، ويذكر تقرير للمكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية التابعة للائتلاف الوطني المعارض بعنوان "حرب الأنفاق"، أن "الثوار يقضون شهورا للحفر والوصول إلى النقطة المستهدفة وهم يستخدمون وسائلهم البدائية ويتغلبون على نقص الأوكسيجين والعتمة أيضا بالوسائل المتاحة، ويحدث أحيانا أن يتم اكتشاف النففق قبل إتمامه، وتكون النتيجة تفجيره وضياع شهور من التعب".

وأشار إلى أن "حفر الأنفاق ليس خياراً سهلاً ولكنه الحل الوحيد في ظل انعدام التكافؤ في التسليح والمعدات" بالمقارنة مع ترسانة النظام وتجهيزاته، ويؤكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية سليم حربا في مقره في دمشق، "لم توجد في العالم شبكة أنفاق متشعبة كتلك الموجودة في سوريا حاليا"، ويشير إلى أن الظاهرة "انطلقت في حمص (وسط) في 2012، ومنذ ذلك الحين، اكتشف الجيش (النظامي) 500 نفق في البلاد، لكن أعتقد أن عدد الأنفاق المحفورة هو ضعف ذلك".

الحرب الكونية

الى ذلك قال أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله إن سوريا التي صمدت في مواجهة "الحرب الكونية" ضدها تتقدم الآن في الميدان ونحو الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من يونيو حزيران المقبل، وقال نصر الله في احتفال جماهيري حاشد في الذكرى الرابعة عشر لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان تحت وطأة ضربات مقاتلي حزب الله "سوريا نستطيع أن نقول صمدت، محور المقاومة صمد وتماسك، سوريا تماسكت، أن يحقق المشروع الآخر انتصارا حقيقيا حاسما انتهى، الآن سوريا تتقدم ومحور المقاومة يتقدم أيضا"، وأضاف "سوريا تتقدم في الميدان، تتقدم في المصالحات الشعبية، تتقدم في تبدل المزاج العام والمراجعة الداخلية للكثير من القوى السياسية والجماعات الشعبية.

وأصدرت مجموعة أصدقاء سوريا وهو تحالف يتألف أساسا من دول غربية وعربية خليجية بيانا الشهر الماضي في ضوء التطورات الأخيرة في سوريا حيث لا يظهر في الأفق أي مؤشر على نهاية الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات والذي فجرته احتجاجات مناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد، وحققت القوات الحكومية مكاسب ميدانية كبيرة في الأشهر القليلة الماضية واستعادت زمام المبادرة في الصراع وخصوصا في محافظات حمص وحلب ودمشق وعلى الحدود مع لبنان.

وكان نصر الله قال إن الأسد لم يعد يواجه التهديد بإسقاطه وإن دمشق تجاوزت خطر التقسيم بعد ثلاث سنوات على بدء الصراع، وكان الأسد قد فقد السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال وشرق سوريا وأصبحت خاضعة لسيطرة إسلاميين متشددين وجهاديين أجانب، وساعد مقاتلو حزب الله في تحويل دفة القتال لصالح الأسد الذي يبسط سيطرته القوية حاليا على معظم أنحاء وسط سوريا حول العاصمة وعلى المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان، وتدعم الدول الغربية وبعض الدول العربية وتركيا المعارضة السورية في حين تدعم إيران وروسيا الأسد.

وقال نصر الله "لا شك أن المشروع الذي استهدف سوريا والمنطقة تراجع اليوم بدرجة كبيرة ومني بهزائم عديدة ولا شك أيضا أن هناك عوامل عديدة ساهمت في ذلك داخلية وإقليمية ودولية لكن يبقى العامل الأساسي هو الميدان في كل هذه التحولات هو صمود سوريا قيادة وجيشا وشعبا وبالتالي هنا تأتي أهمية الإضافة الحلفاء والأصدقاء"، وقال "لو لم تصمد سوريا نفسها قيادتها وجيشها وشعبها في مواجهة هذه الحرب الكونية كل الإضافات الأخرى ما كانت لتكون عوامل حاسمة وأساسية"، وعدد بعض العوامل التي ساهمت في صمود سوريا وقال إن أهمها "هو انكشاف حقيقة أغلبية الجماعات المقاتلة في سوريا وحقيقة أفكارها وسلوكها وصراعاتها مما أحدث تغيرا كبيرا في الرأي العام السوري نفسه وكذلك العربي والدولي". بحسب رويترز.

وأكد أن المشروع في سوريا الآن هو تقسيم البلاد على أساس إمارات ومقاطعات ولكل جماعة مسلحة دولة وليس على أساس الأعراق والمذاهب او الطوائف، وأوضح أن "أمريكا والغرب يأتون بالإرهابيين من كل أنحاء العالم ويقدمون لهم الدعم والمال والسلاح من أجل أن يدمروا سوريا ومحور المقاومة الذي بات يهدد المشروع الصهيوني والوجود الإسرائيلي في المنطقة".

لكنه أضاف "لقد تبين بوضوح أن الذين جيء بهم لتهديد سوريا اصبحوا يهددون الجميع، أصبحوا يهددون الأمن الأوروبي"، وأشار إلى أن الائتلاف السوري المعارض أقام علاقات مع إسرائيل على حدود هضبة الجولان السورية المحتلة مؤكدا أن هناك أهدافا للجيش السوري يقصفها الإسرائيليون لمصلحة المعارضة المسلحة.

أوباما يهاجم معارضيه

بدوره رد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على منتقدي سياسته الخارجية بالإصرار على ان اعتماد الولايات المتحدة على الدبلوماسية أكثر من التدخل العسكري يساعد في حل أزمات عالمية مثل أوكرانيا وإيران وتعهد بتكثيف الدعم للمعارضة السورية، ورسم أوباما في كلمة ألقاها في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت بولاية نيويورك نهجه للتعامل مع الشؤون الخارجية في الفترة المتبقية من رئاسته والذي يقوم على التزام بالتحرك بالتنسيق مع الدول الأخرى ويتضمن نقل المعركة ضد الإرهاب من أفغانستان إلى مواجهة تهديدات متفرقة في أماكن أخرى من العالم.

ويتعرض ميل أوباما للاعتماد على الدبلوماسية والابتعاد عن التورط في صراعات في الخارج لانتقادات من الجمهوريين المعارضين في الكونجرس والعديد من الخبراء في السياسة الخارجية الذين يفضلون اتباع نهج أقوى، وخصص جزءا كبيرا من كلمته للرد على تلك الانتقادات، وصور نفسه على أنه يحاول السير على نهج وسط بين المروجين للحرب والانعزاليين، وقال "الكلام الصارم غالبا ما يحتل عناوين الأخبار لكن نادرا ما تتطابق الحرب مع الشعارات"، وأضاف أن أمريكا يجب أن تقود على الساحة العالمية لكن "التحرك العسكري الأمريكي لا يمكن أن يكون العنصر الوحيد (أو حتى الرئيسي) لقيادتنا في كل حالة، مجرد أن يكون لدينا أفضل مطرقة لا يعني أن تكون كل مشكلة مسمارا". بحسب رويترز.

وتعكس الرؤية التي طرحها موقف رئيس يصر على تجنب تكرار ما يعتبره حربا خاطئة في العراق وانهاء الصراع في افغانستان حيث أرسلت الولايات المتحدة قوات عقب هجمات 11 سبتمبر ايلول 2011،  لكن من المرجح أنه لم يفعل شيئا يذكر لإسكات المنتقدين الذين يشعرون أنه ينحي جانبا دورا عالميا كانت تملؤه في العادة سياسات أمريكية قوية، واتهم السناتور الجمهوري جون مكين الذي هزمه اوباما في انتخابات 2008 الرئيس "بتصوير نفسه على أنه صوت العقل بين موقفين متطرفين" والاشارة إلى أن معارضة سياساته تعني دعم الاستخدام المنفرد للقوة في كل مكان.

وأعلن أوباما عن اقتراح بقيمة خمسة مليارات دولار لأنشاء "صندوق شراكة" لمساعدة الدول في محاربة الإرهاب على أراضيها، وقال البيت الأبيض إن أوباما سيعمل مع الكونجرس لتدبير الأموال اللازمة للبرنامج في الميزانية الاتحادية المتقشفة، وستستخدم الأموال لتدريب وتجهيز دول أخرى على محاربة "التطرف العنيف والفكر الإرهابي"، ولحق الضرر بصورة أوباما لدى حلفاء مثل السعودية بسبب رفضه اللجوء للتحرك العسكري ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لاستخدامه أسلحة كيماوية العام الماضي بعدما كان اوباما هدد بالاقدام على العمل العسكري، لكن أوباما يقول إن تهديداته أتت ثمارها بالتوصل لاتفاق دولي لتأمين مخزونات الأسلحة الكيماوية السورية وازالتها.

وقال أوباما إن إدارته ستعمل مع الكونجرس "لتكثيف" الدعم للجماعات التي "تمثل البديل الأفضل للإرهابيين والطغاة المستبدين،" لكنه لم يقدم تفاصيل محددة، وسيحصل الأردن ولبنان وتركيا والعراق على موارد اضافية أيضا للمساعدة في استيعاب اللاجئين السوريين، وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن هذه الأموال ستأتي من الصندوق الجديد، وقال أوباما عن سوريا "بقدر ما تثيره من احباط لا توجد اجابات سهلة، لا يوجد حل عسكري يمكنه ازالة المعاناة الرهيبة في أي وقت قريب".

ورحب الائتلاف السوري المعارض بوعد أوباما، وقال في بيان إن الشعب السوري وقوات المعارضة ملتزمون بالعمل مع اصدقائهم وتوسيع التعاون الاستراتيجي في التصدي للإرهاب الذي "مكن له نظام الأسد في سوريا"، ودافع أوباما بقوة عن استخدام مؤسسات متعددة الأطراف لمعالجة مشكلات عالمية، وقال إن الزعامة الأمريكية ساعدت بقية العالم في عزل روسيا بعد تدخلها في أوكرانيا وان هناك امكانية حقيقية لتحقيق انفراجة مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي رغم الخلافات القائمة منذ فترة طويلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/حزيران/2014 - 15/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م