فجوة الوظائف وتداعيات الازمة المالية..

 

شبكة النبأ: تقلبات الازمة المالية وتداعياتها اثرت بشكل سلبي على أغلب أركان الاقتصاد في العديد من دول العالم، ولاتزال تهدد الكثير من المؤسسات والموظفين الذين يواجهون اليوم الكثير من المشكلات والضغوط، بسبب مخاوفهم المتزايدة على وظائفهم التي اصبحت رهن القرارات الخاصة التي يصدرها ارباب العمل واصحاب الشركات الذين عمدوا الى اتخاذ بعض الإجراءات الخاصة بهدف تعويض تلك الخسائر الهائلة التي كانت سببا في تسريح آلاف العمال هذا بالإضافة افلاس العديد من المؤسسات كما يقول بعض الخبراء، الامر الذي تسبب في تفشي ظاهرة الفقر وازدياد معدلات البطالة التي تعد من اخطر التهديدات.

من جانب اخر يرى بعض الخبراء ان الازمة المالية وعلى الرغم من تأثيراتها السلبية الكبيرة لكنها لم تؤثر على بعض الشركات المهمة التي عمدت الى رفع اجور العاملين لديها بهدف تشجيعهم ودفعهم على تقديم المزيد من العطاء، وتعرف الوظيفة بانها عقد يتم بين طرفين: الموظف وصاحب الوظيفة، يقوم بموجبه صاحب الوظيفة بمنح المال بصفة شهرية منتظمة للموظف مقابل قيامه بخدمة أو عمل ما. وهي أيضا: أداء مهمة أو عمل أو جهد فكري أو عضلي بمقابل مادي أو معنوي.

وفيما يخص هذا الامر فقد اثار البرتو ويريتيلنك حاكم مقاطعة ريو نيغور في الارجنتين موجة استنكار بإعلانه عبر يوتيوب صرف 170 من اصل 340 موظفا كبيرا في المنطقة. وبدلا من التوجه مباشرة الى الموظفين، بث شريطا مسجلا على موقع تبادل اشرطة الفيديو هذا موضحا ان اجراءات التقشف هذه ضرورية لمواجهة تراجع الاموال العامة المتوافرة. وقال الحاكم المقاطعة الواقعة في منطقة باتاغونيا في رسالته "قررت خفض عدد الموظفين الرسميين في المقاطعة بنسبة 50 % (..) اما الذين سيحتفظون بوظائفهم ستخفض اجورهم بنسبة 15 %". ومقاطعة ريو نيغرو منطقة زراعية وسياحية تضم مدينة باريلوتشي في جبال الانديس.

الغاء عشرة آلاف وظيفة

على صعيد متصل اكدت المجموعة الفرنسية الاميركية لمعدات الاتصالات الكاتيل-لوسنت التي تحاول منذ سنوات الخروج من ازمة، الغاء عشرة آلاف وظيفة في العالم في اطار خطة لإعادة التنظيم. وتسعى المجموعة التي تواجه صعوبات مالية خطيرة الى خفض نقفاتها بنسبة تتجاوز ال15 بالمئة بحلول 2015. وقالت المجموعة في بيانها ان هدف المجموعة التي خسرت 1,3 مليار يورو اضافية العام الماضي، هو خفض نفقاتها بمقدار مليار يورو لتعود الى "طريق تحقيق الارباح".

وترافق هذه الخطة الاجتماعية التي كشفت الصحف جزءا كبيرا منها اجراءات لإعادة توجيه ابحاث المجموعة الى تقنيات "المستقبل"، اي شبكات الانترنت والمعلوماتية الافتراضية (كلاود) والشبكة السريعة. واوضحت المجموعة ان تقنيات "المستقبل" يفترض ان تمثل 85 بالمئة من نفقات ابحاث المجموعة بحلول 2015، مقابل 65 بالمئة حاليا، بينما ستخفض الميزانيات المخصصة للتقنيات "في طور الانتهاء" بنسبة ستين بالمئة. بحسب فرانس برس.

وسيكون لهذه الخطة انعكاسات اجتماعية "كبيرة"، كما تعترف المجموعة التي تنوي في الوقت نفسه ربط نفقاتها الادارية "بمعايير" العمل. وستلغي الكاتيل-لوسنت عشرة آلاف وظيفة بحلول 2015 بينها 4100 وظيفة في الشرق الاوسط وافريقيا، و3800 في آسيا المحيط الهادئ و2100 في القارة الاميركية. وفي فرنسا نفسها، تنوي المجموعة الفرنسية الاميركية اعادة تجميع نشاطها في مكاتبها في فيلارسو بالقرب من باريس ولانيون (غرب). وتنوي المجموعة الغاء 900 وظيفة اعتبارا من 2014 تضاف اليها 900 وظيفة اخرى في اطار عمليات تنظيم داخلية وخارجية جديدة.

تهديد جديد

في السياق ذاته اعلنت ادارة شركة اير فرانس التي بدات عملية اعادة هيكلة واسعة للمجموعة منذ 2012، الغاء ما بين 2500 و2600 وظيفة اضافية كما افاد مصدر نقابي. وبحسب ديدييه فوفيرت السكرتير العام لنقابة "سي جي تي" في الشركة الفرنسية، فقد ابلغت الادارة ممثلي الجهاز العامل بانها ستعمد الى الغاء هذه الوظائف في اطار خطة او خطط ترك عمل طوعي. وردا على سؤال، لم تشأ اير فرانس "تاكيد هذه الارقام في الوقت الراهن".

وفي عامين، بين حزيران/يونيو 2011 وحزيران/يونيو 2013، تراجع عدد الموظفين بواقع 5600 وانتقل العدد من 106300 الى 100700 موظف. وخطة "ترانسفورم 2015" التي طبقت منذ 2012 ستتيح للشركة تحقيق وفر بقيمة ملياري يورو في غضون ثلاثة اعوام ويعود ذلك جزئيا الى فعالية اقتصادية اضافية بنسبة 20 بالمئة وجعل الدين عند 4,5 مليارات في نهاية 2014 مقابل 6,5 مليارات في كانون الثاني/يناير 2012. وفي الربيع، اعلنت الادارة ان خطة "ترانسفورم 2015" ستتوسع لان اير فرانس لا تزال تعاني من ضعف الشبكة على الخطوط القصيرة والمتوسطة.

مليون بريطاني

من جانب اخر أوضح مسح أن نحو مليون بريطاني يشغلون وظائف بدون ضمانات للحد الأدنى للأجر أو ساعات العمل وهو رقم أعلى كثيرا من 250 ألفا حسب تقديرات مكتب الاحصاءات الوطني. ووجهت نقابات العمال وحزب العمال المعارض انتقادات لعقود العمل الخالية من هذه الضمانات لانها لا توفر لمن يوقعون عليها سوى رعاية محدودة للغاية كما لا تتيح لهم مهلة كافية قبل تكليفهم بالأعمال.

وقال معهد تشارترد للعمالة والتنمية وهو أكبر مؤسسة متخصصة في مجال الموارد البشرية إنه يقدر بناء على مسح شمل نحو ألف موظف أن ما بين ثلاثة إلى أربعة بالمئة من القوى العاملة البريطانية تعمل بعقود لا تضمن حدا أدنى للأجر أو ساعات العمل أي نحو مليون شخص.

ويفسر النمو السريع لهذا النوع من العقود الذي لا نظير له في بقية الدول الأوروبية والولايات المتحدة قدرة الاقتصاد البريطاني علي توفير وظائف لعدد قياسي من المواطنين رغم انه لا يسجل نموا يذكر. وفي وقت سابق رفع مكتب الإحصاءات الوطني تقديره لعدد العاملين بمثل هذه العقود إلى 250 ألفا من 200 ألف . بحسب رويترز.

وقال بيتر تشيز الرئيس التنفيذي لمعهد تشارترد "يشير مسحنا إلى أن هذه العقود اكثر انتشارا مما توحي به أرقام مكتب الاحصاءات الوطني. لكن افتراض أن جميع هذه العقود 'سيئة' وتلميح بعض الجهات بضرورة حظرها ينبغي أن يكون موضع بحث."

رواتب المدراء

على صعيد متصل ما زال الفارق بين رواتب المدراء المئة الأعلى أجرا في كندا ومتوسط دخل الكنديين يتسع بالرغم من المطالبات المتعددة بتكييف الأجور، وفق دراسة صادرة عن المعهد الكندي للسياسات البديلة. وكتب هيو ماكنزي القيم الرئيسي على هذه الدراسة المتمحورة على رواتب مديري الشركات بالاستناد إلى إحصاءات مجمعة من 240 شركة مدرجة في بورصة تورونتو "لا تزال أجور نخبة المديرين التنفيذيين ترتفع ارتفاعا شديدا". وأوضح أن "رواتب المديرين المئة الأعلى أجرا في كندا تتخطى ب 171 مرة متوسط دخل" الكنديين. وفي العام 1998، كانت هذه الرواتب أعلى ب 105 مرات من متوسط الدخل، بحسب الدراسة. بحسب فرانس برس.

ومدراء أكبر الشركات الكندية ليسوا بالضرورة الأعلى أجرا. فقد كانت المرتبة الأولى من نصيب المدير التنفيذي لشركة سكك الحديد "كنديان باسيفيك" الذي كسب 49,5 مليون دولار في العام 2012، علما أن شركته احتلت المرتبة 75 من حيث رقم أعمالها. وتلاه في المرتبة الثانية مدير مجموعة "تومسون رويترز" الإعلامية مع 18,8 مليون دولار. وجاء في المرتبة الثالثة مدير مجموعة "تاليسمان إنرجي" النفطية مع 18,6 مليون دولار. وبلغ معدل الدخل السنوي للمديرين المئة الأعلى أجرا في كندا 7,96 ملايين دولار في العام 2012. ولفت هيو ماكنزي ختاما إلى أن أغلبية هؤلاء المدراء يكونون قد تقاضوا خلال أول يوم عمل من العام الجديد ما يوازي الدخل السنوي للموظف الكندي عموما.

افضل الاجور

من جهة اخرى احتلت شركات غوغل وكوستكو وفيسبوك صدارة قائمة المؤوسسات التي تقدم افضل الاجور والمخصصات في الولايات المتحدة على ما جاء في ترتيب نشره الموقع الالكتروني "غلاسدور" المتخصص بشؤون العمل. وباستثناء شركة التوزيع العملاقة "كوستكو" التي تتميز بمخصصاتها الاجتماعية السخية، فان اربعا من الشركات الخمس الاولى تنشط في مجال التكنولوجيا المتطورة على ما جاء في الدراسة التي قام خلالها الموظفون بتوزيع العلامات على الشركات التي يعملون فيها.

ولدى شركة "غوغل" حيث يتقاضى مهندس برمجيات متدرب بشكل وسطي اجرا قدره 6452 دولارا في الشهر، يشيد الموظفون بإمكانية استخدامهم مجانا نادي الرياضة ومغسل الملابس والبولينغ وخدمة ايواء الكلاب. الا ان بعض التعليقات اشارت الى ان "قلة من العاملين لدى غوغل يرتاحون خلال عطل نهاية الاسبوع او يأخذون عطلة".

واشاد العاملون في فيسبوك التي حلت ثالثة ب "الاستقلالية" الممنوحة اليهم. وتلت فيسبوك في المرتبة الرابعة شركة "ادوب". وحلت شركة مونسانتو للمنتجات الكيميائية الزراعية في المرتبة العاشرة تلتها مجموعة الاتصالات "فيريزون" ومختبرات "فايزر" و"شركة "بروكتر اند غامبل". وحلت شركة "اي باي "التي توظف خمسة الاف شخص في مرتبة متدنية هي الخامسة والعشرون. وقالت ناطقة باسم "غلاسدور" ان الدراسة "تستند بالكامل على معلومات الاجراء". واضحت ان 75 موظفا حاليا او سابقا على الاقل عليهم الرد عفويا على الاسئلة لادراج شركتهم في الترتيب.

على صعيد متصل أعلن العملاق الاميركي "امازون" المتخصص في التوزيع الالكتروني عن توظيف 7 آلاف شخص في الولايات المتحدة، عشية زيارة الرئيس باراك أوباما مراكز معالجة الطلبات التابعة له. واشار "امازون" الى تأمين 6 آلاف وظيفة بدوام كامل في مراكز معالجة الطلبات بهدف "الاستجابة الى ارتفاع الطلب لدى المستهلكين"، والى توظيف ألفي شخص حاليا بدوام كامل أو جزئي في قسم خدمات الزبائن. بحسب فرانس برس.

واوضحت المجموعة التي تتخذ من سياتل في شمال غرب الولايات المتحدة مقرا لها أنها "أمنت آلاف فرص العمل في السنوات الأخيرة في مراكز معالجة الطلبات أو مراكز خدمات الزبائن التابعة لها". واضافت انها "افتتحت السنة الماضية 8 مراكز لمعالجة الطلبات في الولايات المتحدة، ما أمن وظائف لآلاف السكان" في البلاد. وزار الرئيس الأميركي مركز معالجة الطلبات التابع ل"امازون" في شاتانوغا في تينيسي جنوب الولايات المتحدة، في الوقت الذي يحاول فيه اعادة تركيز سياسته على الاقتصاد والطبقات المتوسطة.

بيضة من الذهب

في السياق ذاته باتت وظيفة مهندس ولاسيما في الصناعات البتروكيماوية بمثابة الدجاجة التي تبيض الذهب، مع اندلاع ما يشبه الحرب الضارية للفوز بهم. ويقول خبراء توظيف إنّ أعقد مهماتهم هي العثور على مهندس بخبرة تتراوح بين 5 و15 سنة لاسيما مع الصعود الاستعراضي لصناعة النفط والغاز الصخريين. ويضيف الخبراء أنّ المسألة تتعلق بالعرض والطلب حيث أن السوق تفتقد لمهندسين من أصحاب الخبرة بحكم أنهم سرعان ما يذوبون في السوق بمجرد ظهورهم.

ويستغرق البحث عن مهندس الآن ضعف ما يستغرقه البحث عن مرشح لأي وظيفة أخرى، فيما يتراوح الراتب السنوي لما بين 200 و350 ألف دولار بالنسبة إلى المستويات الرفيعة وليست الإدارية. ووصل الأمر بمحللين إلى التنبيه إلى أن افتقار السوق للأعداد الملائمة من المهندسين قد تنعكس سلبا على الاقتصاد. وينحى الخبراء جزئيا باللوم على طفرة التكنولوجيا التي شهدها العالم أواخر القرن الماضي مما دفع المهندسين المحتملين ساعتها إلى تغيير وجهتهم نحو دراسة تكنولوجيا المعلومات. بحسب CNN.

ومن نجا من ذلك الاختيار، يستفيد الآن بأكثر ما يمكن، لاسيما أن الشركات تتهافت على المهندسين بل إنها تدفع لهم أكثر حتى مما اتفقت عليه سابقا معهم من أجل الاحتفاظ بهم. ولا يتعلق الأمر فقط بالولايات المتحدة بل إن الأمر ينسحب أيضا على دول ناشئة ونامية مثل البرازيل والصين والهند، فيما تعاني بريطانيا وألمانيا وأستراليا من شح في بعض اختصاصات الهندسة.

التدريب المهني

الى جانب ذلك بدأت الصين تتنبه لمشكلة قد تضر باقتصادها وهي عدم تحلي خريجي الجامعات والمدارس العليا بالمهارات المطلوبة في سوق العمل. فسيدخل 7.27 مليون خريج جديد - وهو مثل عدد سكان هونج كونج بالكامل- العام الجاري سوق العمل التي تعاني من نقص في العمالة الماهرة. ومع ذلك فان الكثير من خريجي الجامعات والمدارس يفتقرون إلى المهارات التي تتطلبها الوظائف الأمر الذي دفع الحكومة إلى بحث سبل اصلاح نظام التعليم العالي لسد هذه الفجوة.

وبينما يسعى معظم طلبة الفنون الحرة للحصول على وظيفة بعد التخرج هذا الصيف يستعد لي شيدونج (22 عاما) ليبدأ العمل كهربائيا وهي الوظيفة التي حصل عليها قبل أن ينهي تدريبه الذي استمر ثلاثة أعوام في مدرسة مهنية صغيرة. وقد تبدو شهادة لي العلمية أقل إثارة للإعجاب لكن الوظيفة التي حصل عليها في سوق العمل الضيقة ربما تحمل حلا للغز التوظيف في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وذكرت وسائل اعلام أن قطاع المعدات وحده يتوقع فجوة قدرها 600 ألف عامل مطلوبين لتشغيل آلات تعمل عن طريق الكمبيوتر. وقال لي "تدربنا لنكون عمالا مهرة. من السهل تماما بالنسبة لنا أن نجد وظيفة ونحن لا نزال ندرس في المدرسة." ولي في المرحلة النهائية من برنامج يمتد ثلاث سنوات بمدرسة هيبي للتعليم المهني والتكنولوجيا في مدينة تانغ شان الصناعية الني تقع على بعد 180 كيلومترا شرقي بكين.

وأضاف لي وهو ينتظر صديقا في معرض للتوظيف في بكين التي حصل فيها أقل من ثلث خريجي الجامعات هذا العام على وظيفة بنهاية أبريل نيسان "وجد 70 في المئة من الطلبة في فصلنا وظيفة وبدأ أخرون مشروعاتهم الخاصة." وتقول الحكومة إنها تعتزم إعادة التركيز على أكثر من 600 مدرسة محلية للتعليم المهني والتقني لتستبدل الأدب والتاريخ والفلسفة بالمهارات التكنولوجية لتلبية احتياجات سوق العمل. بحسب رويترز.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة شينخوا أنه سيتم اطلاق برامج تجريبية هذا العام وأن 150 جامعة محلية انضمت إلى خطة وزارة التعليم. وقال تشين يو مدير معهد الصين لبحوث التوظيف في جامعة بكين "فهم الذات وسوق العمل والتدريب والتعليم لتلبية متطلبات سوق العمل.. كلها عناصر غائبة عن نمط التعليم لدينا الذي يعيش في برج عاجي."

البحث عن مهن اخرى

على صعيد متصل حظر صيد الاسماك بشباك الجر القاعي في مياه هونغ كونغ وجه ضربة ستكون قاضية على الارجح لصيد السمك الذي يشهد تراجعا منذ سنوات عدة، مخلفا مرارة لدى الصيادين الذي ساهموا في رسم هوية هذه المنطقة. نغا كا-هو (23 عاما) ينتمي الى عائلة صيادين. وهو يفكر بمستقبله بعيدا عن البحر فيما يجلس على مركب والده القديم في بلدة تاي او.

ويقول الشاب "هونغ كونغ يجب ان تفخر برجال من امثال والدي. لكني لن اكون صيادا مع انه من المؤسف فعلا الا استخدم كل هذه المعارف في مهنتي المستقبلية". وكانت هونغ كونغ تعتمد بكل رئيسي على صيد الاسماك قبل قدوم المستعمرين البريطانيين في منتصف القرن التاسع عشر. وكانت تعد مجموعات عدة من صيادي الاسماك استمرت حتى فترة قصيرة وقد اعطتها ثقافتها وجزءا كبيرا من مطبخها التقليدي الذي يتمحور على نتاج البحر.

وكان الصيادون وعائلاتهم الذين يدعون "تانكا" يقيمون على متن مراكبهم او في بلدات صغيرة في مناطق بعيدة من هونغ كونغ الواقعة جنوب الصين. الا ان صيد الاسماك لم يعد النشاط الرئيسي في الجزيرة منذ فترة طويلة. فالمحرك الرئيسي للاقتصاد كان الصناعة في الستينات والسبعينات والقطاع المالي في السنوات الثلاثين الاخيرة.

وكان اسطول صيد السمك يضم عشرة الاف مركب في الستينات وقد انخفض هذا العدد الى اربعة الاف اليوم بسبب تراجع مخزونات الاسماك منذ الثمانينات. وفي وقت سابق منعت السلطات الصيد بشباك الجر القاعي لحماية ما تبقى من هذه المخزونات. ويؤكد نغ كووك-كيت (53 عاما) "الاستمرار في الصيد لم يعد ممكنا خصوصا بعد منع شباك الجر القاعي". فان اراد هذا الصياد ان يصطاد بهذه الطريقة، عليه ان يبتعد اكثر من 20 ميلا بحريا من الشواطئ. لذا فهو يخرج اقل بكثير من الماضي فيما تكلفه الرحلة اكثر (ببب المحروقات). وهو يؤكد ان السلطات لم تعوض عليه كفاية. ويقول بأسف "هونغ كونغ معروفة بانها مركز صيد اسماك منذ فتح مرفأها امام التجارة الا ان الحكومة لا تهتم لامر الصيادين".

ولا يزال "التانكا" يقيمون في بلدات ساحلية بعيدا عن الاحياء الحديثة في هونغ كونغ. وبما انهم لا يملكون لا الاراضي ولا المواشي كان بقية السكان ينظرون اليهم بفوقية. ويوضح ليو تيك-سامغ عالم الاجتماع في جامعة "هكوست" الذي شب في احدى هذه الجماعات "لقد سكنوا اماكن منفصلة لفترة طويلة جدا وكان الناس على اليابة يرفضون تزويجهم من بنتاهم. لقد كان هناك فصل ثقافي واجتماع فعلي". وقد توقف بعضهم عن صيد الاسماك وباتوا يعملون في مجال السياحة. والكثير منهم لا يحن بتاتا الى ظروف العيش السابقة.

تشونغ امرأة مسنة تبلغ الثمانين كانت تقيم مع زوجها وعائلتها على متن مركب صيد. وكانت تنزل الى اليابسة فقط لبيع السمك المملح الذي يزال احد اطباق هونغ كونغ المميزة. تقول تشونغ "كانت حياة قاسية وخطرة جدا لا نشتاق اليها ابدا". البعض تمتع بحس عملي واختار مجالا اخر بسهولة.

ويوضح شو شينغ الذي كان صيادا لمدة ثلاثين عاما "لم يعد هناك الكثير من الامساك فقررت ان اعمل سائق" زورق ينظم رحلات للسياح لرؤية الدلافين. يقول "في البداية كنت اشتاق الى الصيد لكن الوضع ممتاز اليوم". واوقف مينغ تشينغ-واه (55 عاما) الصيد في العام 2004 وهو يهتم منذ ذلك الحين بمنصة عائمة يتم عليها استعادة تقنات الصيد التقليدية امام مجموعات السياح. ويؤكد "من المهم جدا المحافظة على هذا التراث لان هونغ كونغ كانت في ما مضى مجتمع صيادي اسماك. الناس على اليابسة والحكومة لا يهتمون لمساهمة الصيادين في تاريخ هونغ كونغ". بحسب فرانس برس.

وبات صيد الاسماك يشكل نسبة قليلة جدا من اقتصاد المنطقة مع 1,8 مليار دولار محلي (170 ملون يورو) اي اقل من 0,1 % من اجمالي الناتج المحلي. لكن البروفسور ليو يعتبر ان "مجتمعا متينا وسليما ينبغي ان يتمتع بثقافة منوعة. علينا ان نساعد الناس على المحافظة على تقاليدهم. هونغ كونغ مركز مالي اليوم لكن كل شيء ممكن في المستقبل".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/حزيران/2014 - 13/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م