إعلام الحقيقية.. مهنة البحث عن الحقوق والموت

تقرير شبكة النبأ الدوري حول الحريات الإعلامية في العالم

 

شبكة النبأ: يتعرض العاملون في مجال الإعلام الى عمليات القتل والاستهداف بشكل مستمر في مختلف دول العالم وخاصة خلال الاونة الأخيرة، لاسيما ممن يعملون في المناطق الساخنة سياسيا وأمنيا التي تشهد نزعات توترات وصراعات عسكرية على نحو دائم.

وهو ما أودى بحياة مئات الصحفيين حول العالم، بينما عبرت المنظمات الدولية المدافعة عن حماية وحرية الصحفيين عن قلقها العميق جراء اتساع تزايد الانتهاكات وعمليات القتل والاختطاف التي يتعرض لها الكثير من الصحفيين والإعلاميين، هذا بالإضافة الى الضغوط التي تمارسها بعض الحكومات على المؤسسات الإعلامية والتي أصبحت بعيده عن الاهتمام والحماية.

وبحسب تقرير لجنة الصحفيين الدولية والمعنية بحماية حرية الصحافة ومقرها نيويورك أنه منذ 1992م لقي أكثر من 1000 صحفي مصرعهم خلال تغطيهم للأحداث والصراعات الجارية حول العالم وأوضحت اللجنة أنه قد بلغت نسبة الضحايا الذين استُهدفوا بالقتل 44%، وهو أقل من المعدل التاريخي، أما الصحفيون الذي قُتلوا جراء تبادل إطلاق النار في المعارك فقد بلغت نسبتهم ستة وثلاثين بالمائة فيما قُتل 20% أثناء قيامهم بأنواع أخرى مختلفة من المهمات الخطرة.

بينما اليوم ومع تصاعد الحروب والنزاعات يخشى أصحاب مهنة المتاعب من مواجهة انتهاكات  دموية جديدة مع تراجع الحريات في العالم، ويمثل هذا التراجع مؤشرا خطيرا شابته انتقادات واسعة من لدن النقابات والمنظمات الحقوقية العالمية، بينما يرى المتخصصون بهذا الشأن أن استهداف الصحافة والكلمة الاعلامية حول العالم بطرق تعسفية بشعة يعزز ما طالب به الاعلاميون من مطالب مشروعة بتوفير الحماية لهم من خلال اقرار القوانيين اللازم للمحافظة على حقوقهم وكرامتهم المهنية.

أكثر البلدان خطورة

وفي هذا الشأن ذكرت "لجنة حماية الصحافيين" بان سوريا هي "البلد الاكثر خطورة في العالم بالنسبة للصحافيين"، وذلك في تقرير سنوي نشرته وتضمن قائمة بالدول التي قتل فيها صحافيون وظلت هذه الجرائم من دون محاسبة. وعلى غرار السنة المنصرمة، تصدر "مؤشر الإفلات من العقاب" الذي تصدره اللجنة، للعام 2014 العراق تليه الصومال والفيليبين في حين حلت سوريا في المركز الخامس.

وقالت اللجنة في تقريرها ان "احتلال سوريا للمركز الخامس على قائمة المؤشر يظهر تصاعد أعداد الصحافيين المستهدفين بالقتل هناك، مما يشكل تهديدا جديدا للصحافيين العاملين في هذا البلد. وتحتل سوريا أصلا موقع البلد الأخطر في العالم بالنسبة للصحافيين، نظرا للأعداد غير المسبوقة من حالات الاختطاف والمعدلات العالية لسقوط القتلى في المعارك وتقاطع النيران". وأضافت "كان تجدد العنف في العراق والصومال والفليبين، إضافة إلى الإخفاق في إحالة حالات القتل السابقة إلى القضاء، عاملا في إبقاء هذه البلدان في خانة أسوأ ثلاث دول حسب المؤشر".

واوضحت ان "العراق، الذي بلغت نسبة الإفلات من العقاب فيه مئة بالمئة في 100 حالة قتل، يحتل المركز الأول في الإفلات من العقاب، وهو مركز احتفظ به منذ أن برز هذا المؤشر إلى حيز الوجود عام 2008".

وذكر التقرير بان "الصحافيين العراقيين، الذين استهدفوا بأعداد حطمت الارقام القياسية السابقة منذ الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 كانوا قد شهدوا فترة هدوء سنة 2012 وهي أول سنة تمر دون أن يقتل فيها صحافي واحد بسبب عمله. غير أن عودة جماعات مسلحة إلى ممارسة نشاطها في أنحاء مختلفة من البلاد أدى إلى تزايد حالات مقتل الصحافيين العام الماضي حيث وصلت إلى 10 حالات - تسعة منها جرائم قتل".

وتابع التقرير ان "الصومال احتلت المركز الثاني كأسوأ دولة على مؤشر الإفلات من العقاب، وذلك للسنة الرابعة على التوالي. وقد وقعت أربع جرائم قتل جديدة عام 2013 لتزيد من خطورة الشواغل الخطيرة أصلاً بشأن أعداد الصحافيين الذين قُتلوا انتقاماً منهم لقيامهم بعملهم". واوضحت اللجنة ان "مؤشر الإفلات من العقاب يحسب عدد حالات قتل الصحافيين التي لم تُحل كنسبة من عدد سكان الدولة".

مشيرة الى انها هذا العام "قامت لجنة حماية الصحافيين بدراسة حالات قتل الصحافيين في كل بلد من بلدان العالم منذ عام 2004 وحتى عام 2013. وتعتبر الحالات بأنها لم تُحل عندما لا يُدان مرتكبوها. ويتم إدراج الدولة على قائمة المؤشر إذا بلغ عدد حالات القتل التي لم يحل لغزها فيها إلى خمس حالات فما فوق. وقد انطبق هذا المعيار على 13 بلداً هذه السنة، مقابل 12 بلداً في العام الماضي". بحسب فرانس برس.

وهذه الدول ال13 هي: العراق (100 قضية لم تحل، بزيادة 9 قضايا) و الصومال (26، بزيادة 4) والفليبين (51، بزيادة 3) وسريلانكا (9) و سوريا (7 منذ 2012)، وافغانستان (5 بدون زيادة) والمكسيك (16) وكولومبيا (6، بزيادة قضية واحدة) و باكستان (22) وروسيا (14، بزيادة 2) والبرازيل (9، بزيادة 3) ونيجيريا (5 منذ 2009) والهند (7، بزيادة 2).

باكستان

الى جانب ذلك أعلنت الحكومة الباكستانية تشكيل لجنة خاصة كلفت التحقيق في ملابسات محاولة اغتيال الصحافي الشهير حامد مير، خصوصا بعد ان وجه شقيقه امير مير اصابع الاتهام الى اجهزة الاستخبارات الباكستانية. وكان الصحافي حامد مير الذي يقدم برنامجا تلفزيونيا حواريا مشهورا على شبكة التلفزيون جيو نيوز نجا من محاولة اغتيال لكنه اصيب بثلاث رصاصات. كان الصحافي متوجها بسيارته من مكتبه الى مطار كراتشي عندما هاجمه مسلحون يستقلون دراجات نارية.

وافاد مكتب رئيس الحكومة ان اللجنة تشكلت من ثلاثة قضاة كما رصدت جائزة بقيمة عشرة ملايين روبية (اكثر من مئة الف دولار) لمن يقدم معلومات توصل الى كشف هوية الجناة. والمعروف عن حامد مير انه ينتقد منذ فترة طويلة اجهزة الاستخبارات والجيش ويتهمهما بالتورط في فقدان الاف الاشخاص في منطقة بلوشيستان في جنوب غرب باكستان حيث تنشط مجموعات انفصالية عدة.

وسارع امير مير الى توجيه اصابع الاتهام الى اجهزة استخبارات الجيش الباكستاني التي اعتبرها مسؤولة عن محاولة الاغتيال. وقال شقيق حامد مير "قال لي انه في حال تعرضه لاي مكروه فان رئيس اجهزة الاستخبارات الجنرال ظاهر الاسلام سيكون هو المسؤول". ونجا حامد مير العام الماضي من محاولة اغتيال عندما تم تفكيك قنبلة زرعت تحت سيارته قبل ان تنفجر.

الا ان المكتب الاعلامي للقوات المسلحة الباكستانية رفض اتهامات امير مير. وجاء في بيان صادر عن هذا المكتب "ان بث الادعاءات ضد اجهزة الاستخبارات الباكستانية من دون ان يكون لها اي اساس هو امر مؤسف للغاية". وتابع البيان ان الجيش "يدين" الاعتداء الذي استهدف حامد مير و"يطالب بتحقيق مستقل" لكشف الجناة. ونجا مقدم البرامج التلفزيونية الشهير رضا رومي المعروف بانتقاداته اللاذعة لحركة طالبان من اعتداء استهدفه في لاهور يشبه الاعتداء الذي استهدف مير.

الى جانب ذلك التزمت السلطات الباكستانية بتشكيل لجنة خاصة بحماية الصحافيين وبإضافة قضية حرية الصحافة الى برنامج مفاوضات السلام مع متمردي حركة طالبان، وفقا لمسؤولين. وتعتبر باكستان من الاماكن الاكثر تعقيدا وخطورة على عمل المراسلين. وخلال العام الماضي، قتل سبعة صحافيين خلال قيامهم بعملهم، بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، التي وضعت باكستان في المرتبة 158 من اصل 180 على لائحتها العالمية لحرية الصحافة.

والتزم رئيس الحكومة بتشكيل لجنة خاصة مؤلفة من صحافيين وشخصيات عامة واعضاء في الحكومة، وستعمل اللجنة على وضع معايير خاصة لحماية المراسلين، بحسب ما نقل مكتب شريف بعد لقاء عقده مع لجنة حماية الصحافيين (سي بي جي). وتعمل لجنة حماية الصحافيين (سي بي جي)، ومقرها نيويورك، مع منظمة "مراسلون بلا حدود" من اجل حماية الصحافيين في كافة انحاء العالم.

وقالت عضو اللجنة ووفدها الى باكستان كاتي مارتون "حصلنا على الالتزام الاكثر جدية من اعلى منصب سياسي في ما يتعلق بحقوق الصحافيين من اجل ممارسة عملهم من دون خوف". واوضحت مارتون انه خلال المقابلة التزام الحكومة بإضافة قضية حرية الصحافيين الى برنامج المفاوضات مع حركة طالبان الباكستانية، وهي عبارة عن تحالف يجمع العديد من الفصائل الاسلامية المسلحة.

من جانب اخر شارك مئات الاشخاص في تشييع جنازة سردار احمد الصحافي الافغاني في وكالة فرانس برس الذي قتلته مع زوجته واثنين من اولاده مجموعة من حركة طالبان. واحتشد افراد العائلة والاقارب في المنزل العائلي في كابول للصلاة على القتلى قبل الجنازة في مسجد عيد غاه. ومنعت السلطات السير في عدد من الشوارع التي سيسلكها موكب الجنازة في كابول. ورافقت صور كبيرة مزينة بالورود النعوش، ولف نعشا سردار وزوجته الحميراء بالعلم الافغاني.

ثم ووريت جثامين سردار (40 عاما)، وزوجته، وابنتهما نيلوفار (6 سنوات) وابنهما عمر (5 سنوات)الثرى جنبا الى جنب في مقبرة بضاحية العاصمة الافغانية. وتوالى على تأبين سردار وعائلته بكلمات مؤثرة كل من اشقائه ورئيس جهاز الاستخبارات الافغانية امرالله صالح والنائبة شوكيرا براك زائي وكان سردار احمد المراسل منذ عشر سنوات في مكتب وكالة فرانس برس، قتل مع زوجته واثنين من اولادهما في الهجوم الذي شنته مجموعة من عناصر طالبان على فندق سيرينا في كابول . وما زال ابنهما الثالث ابوزار البالغ من العمر عامين والذي اصيب بجروح خطرة في حالة حرجة.

وقتل في الهجوم الدامي على افخم فنادق العاصمة الافغانية تسعة اشخاص بالاجمال منهم كنديتان تعملان في مؤسسة آغا خان ومواطن من الباراغواي يعمل لحساب منظمة ان.دي.آي الاميركية. وكان سردار احمد كتب عشرات التحقيقات عن الحياة بعد حركة طالبان، وازدهار تجارة الافيون ووضع الاطفال والتحديات التي تواجهها افغانستان على صعيد اعادة الاعمار والانتخابات الرئاسية في 2004 و2009 ومواضيع متنوعة اتسمت جميعها بلمسات انسانية ونظرة ثاقبة ولاذعة احيانا. واسس هذا الصحافي المتخصص في المسائل الامنية والمعروف بدقته واستقامته وتحقيقاته الحية، وكالة برسيستان المحلية للانباء التي تؤمن خدمات الترجمة للصحافيين الاجانب الذين يأتون الى افغانستان. بحسب فرانس برس.

وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان سردار احمد "الذي قتل اثناء ممارسة مهنته، كان صحافيا متحمسا وحريصا على ان ينقل بدقة ورهافة وذكاء تعقيدات الوضع الافغاني". وبعث وزير الخارجية الاميركي جون كيري بتعازيه الى عائلة سردار احمد، فيما اعرب الرئيس الافغاني عن اسفه لخسارة "صحافي لامع". واشاد رئيس مكتب الوكالة في كابول بن شيبارد بالصفات الانسانية والمهنية لزميله وصديقه. وقال ان "سردار الذكي والواسع الاطلاع والانيق والذي يفيض حماسة لافتة، كان صحافيا من الطراز الاول ... ورجلا يترك اثرا على اي شخص يلتقيه".

أفغانستان والفيليبين

في السياق ذاته أفاد مصدر أمني أفغاني بأن صحافية غربية قتلت وأصيبت أخرى بجروح خطيرة حين أطلق رجل يرتدي بزة للشرطة النار عليهما خلال تغطيتهما الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الأفغانية. وأكدت وكالة أستوشييتد برس الأمريكية مقتل الصحافية الألمانية أنيا نيدرينغهاوس التي تعمل لديها وإصابة زميلتها كاثي غانون في الهجوم. وأعلن مسؤول في الشرطة الأفغانية أن صحافية غربية قتلت وأصيبت أخرى بجروح خطيرة في هجوم.

وقال يعقوب ماندوزاي مساعد قائد الشرطة في ولاية خوست حيث وقع الهجوم إن "إحدى الصحافيتين قتلت والثانية في وضع حرج حاليا" بينما كانتا في مقر قيادة الشرطة. وأضاف بأن الهجوم شنه رجل يرتدي بزة للشرطة. وهو ثاني هجوم يستهدف مباشرة صحافيا غربيا في أفغانستان بعد مقتل نيلز هورنر المراسل البريطاني السويدي الذي قتل في وسط الشارع مطلع آذار/مارس في كابول.

من جانب اخر اغتال مسلحون صحافيا اذاعيا في جنوب الفيليبين الذي يشهد تصعيدا في اعمال القتل، في اخر جريمة يشهدها هذا البلد الذي يعتبر من اخطر البلدان بالنسبة لمهنة الصحافة وفق ما اعلنت السلطات. وكان ريتشارد نجيب الصحافي في اذاعة دي اكس ان ان عائدا من مباراة لكرة السلة عندما قتله ثلاثة مسلحون وفق ضابط الشرطة المحلية في جزيرة بونغاو خوسليتو ساليدو. وقال الضابط "نحقق في الدوافع المحتملة لهذه الجريمة التي قد تعود الى خلافات شخصية". بحسب فرانس برس.

واعلن الناطق باسم الرئيس الفيليبيني بنيغنو اكينو ان الرئيس أمر "بمطاردة وتوقيف وملاحقة المسؤولين عن هذه الجريمة". وتقع جزيرة بونغاو التي تنشط فيها مجموعات اسلامية مسلحة في اقصى جنوب ارخبيل الفيليبين. واعلنت النقابة الوطنية للصحافيين في الفيليبين ان 27 صحافيا قتلوا منذ 2010 تاريخ تولي الرئيس اكينو الذي وعد بمكافحة هذه الظاهرة. بينما اوضحت لجنة حماية الصحافيين ومقرها في نيويورك ان الحصيلة منذ 1992 بلغت 76 قتيلا، ما يجعل الفيليبين ثالث دولة على "لائحة المتهربين من العقاب" وفق المنظمة. وفي 2009 قتل 57 مدنيا منهم ما لا يقل عن 32 صحافيا في مجزرة نسبت الى نواب محليين كانوا يرافقون مرشحا لمنصب حاكم المنطقة.

حرية الصحافة من النقيض إلى النقيض

على صعيد متصل تحول الفرنسي روبير مينار أحد مؤسسي منظمة "مراسلون بلا حدود" المدافعة عن حرية الصحافة من النقيض إلى النقيض. فبعد أن دافع لسنوات طويلة عن حرية التعبير، فاز في الانتخابات البلدية الفرنسية في مدينة بيزييه (جنوب) بدعم من "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة. وتثير مسيرة روبير مينار، أحد مؤسسي منظمة "مراسلون بلا حدود" المدافعة عن حرية الصحافة والتي ترأسها لمدة 23 سنة، دهشة من عرفه واستغراب المدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك بعد انزلاق إيديولوجي يعجز المنطق عن تفسيره، خصوصا بعد فوزه ببلدية بيزييه (جنوب فرنسا) بفضل دعم "الجبهة الوطنية"، رمز اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان.

ولم ينفك روبير مينار (60 عاما) يدافع عن مواقفه باسم "حرية التعبير" أيضا، فيما اعتبر رفقاء دربه أنه خطأ لا يغفر له. ورأى فيه فرانسوا سودان رئيس تحرير مجلة "جون أفريك" أنه "خلط للمفاهيم". ففي عام 2011 كتب مينار في بيان عنوانه "يحيا جان ماري لوبان!" – وهو الرئيس السابق لـ"الجبهة الوطني"- أن "الدفاع عن حرية التعبير يعني حتما الدفاع عن حق اليمين المتطرف وأتباعه".

وبعد بيان "يحيا لوبان!"، حدثت القطيعة بين مينار وكل من ناضل معه من أجل الحريات. واستغرب كثيرون أن يصبح مينار مدافعا على أفكار لوبان المتطرفة – ومن بينها معاداة المهاجرين وتفضيل الوطنيين الفرنسيين، ودعم عقوبة الإعدام ومعارضة الزواج المثلي – بعد أن كان على رأس إحدى أبرز منظمات حقوق الإنسان. وكان مينار وهو من "الأقدام السود" ومواليد مدينة وهران الجزائرية، العدو اللدود لأنظمة القمع عبر العالم، وكان دائما يفتخر بمنعه دخول عدة بلدان أبرزها كوبا وتركيا والجزائر وتونس في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وكان روبير مينار لا يتردد في تحدي "الأنظمة الاستبدادية خصوصا الأفريقية، للدفاع عن الصحافيين"، كما يقول أحد مساعديه السابقين. لكنه لم يعد اليوم الرجل الذي "أيقظ وعي جيل كامل من الصحافيين الأفارقة المستقلين" كما يضيف فرانسوا سودان. وقاد مينار على رأس "مراسلون بلا حدود" عمليات قوية نالت إعجاب مدافعي حقوق الإنسان وحرية الصحافة.

ففي 2008، حاول عرقلة مراسم إشعال الشعلة الأولمبية في أثينا للتنديد بانتهاك حرية التعبير في الصين مضيفة الأولمبياد آنذاك. وسعى إلى عرقلة مسار الشعلة ذاتها في باريس، كما أنه احتج على جادة الشانزليزيه في العيد الوطني الفرنسي يوم 14 يوليو/تموز 2008 ، ما أدى إلى اعتقاله. بحسب فرانس برس.

ولكن أحد الذين كانوا إلى جانبه في منظمة "مراسلون بلا حدود" قال إن مينار معروف بـ "السلطوية والأبوية وعدم تقبل الأفكار المخالفة". وبالرغم من فوزه ببلدية بيزييه بدعم من اليمين المتطرف، ورغم تصريحاته لصحيفة "لوموند" والتي أكد فيها أنه يدعم "80 بالمئة من أفكار اليمين المتطرف، لاسيما تلك المتعلقة بالهجرة"، إلا أن روبير مينار يذكر دائما بأنه ليس عضوا في حزب مارين لوبان وأنه سيظل رجلا حرا ومستقلا.

صحافي العام في حقوق الإنسان

في السياق ذاته أعلنت الأكاديمية العربية لحقوق الإنسان في لندن عن منح جائزة سنوية عنوانها (صحافي العام في حقوق الإنسان) للأعمال التي ينجزها كتاب ومراسلون وإعلاميون في وسائل الإعلام المختلفة وترصد انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي. وقالت الأكاديمية في بيان إن الجائزة ستحمل أسماء صحفيين "ضحوا بحياتهم للدفاع عن حرية التعبير" وأن جائزة 2014 ستحمل اسم الصحفي العراقي ضرغام هاشم الذي اختطف 1991 بعد نشره مقالا موجها للرئيس العراقي السابق صدام حسين تحت عنوان (السيد الرئيس. أترضى أن يهان شعبك؟) ولا يزال مفقودا.

وأضاف البيان أن جائزة الدورة الأولى ستكون "إحياء لذكرى إنسان ظل اسمه طي النسيان لكن شجاعته ستبقى خالدة وملهمة ولا حدود لها." وتابع البيان أن التطور الوحيد في اختفاء هاشم حدث في فبراير شباط 2012 بعد نحو 20 عشرين عاما من اختطافه حيث نشرت صحيفة (الناس) مقالا على موقعها الإلكتروني قال فيه معتقل سياسي عراقي سابق إنه احتجز مع هاشم في السجن نفسه. وأشار إلى أنه شاهده وهو يتعرض للتعذيب ثم شاهده هو يعدم. بحسب رويترز.

وقال البيان إن المجتمع الدولي كرم الكثير من الكتاب العراقيين اعترافا بالتزامهم بحرية التعبير في حين بقي هاشم منسيا منذ 1991 دون أن يحظى بالتقدير المناسب. لكن عائلته تعتقد أن ابنها سيعود. وأضاف البيان أن الأكاديمية العربية لحقوق الإنسان "تحيي شجاعة ضرغام هاشم وأمانته وبطولته في وقت وفي ظروف تنعدم فيها تماما حرية التعبير. ونسعى إلى تكريم إرثه المنسي عبر تقديم قصته إلى العالم." ولم يحدد البيان موعد الإعلان عن الأعمال الفائزة بالجائزة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/حزيران/2014 - 5/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م