نيجيريا وأزمة الرهائن... عنف طائفي بصبغة قاعدية

 

شبكة النبأ: يشير المحللون الى بوكو حرام، كتنظيم إرهابي يرتبط بتنظيم القاعدة يعتمد أسلوب استهداف المدنيين من البسطاء في القرى والارياف على حدود نيجيريا والكاميرون، إضافة الى العمليات التفجيرية وعمليات الخطف، وكان اخرها خطف مئات الطالبات والتهديد بتزويجهن بالقوة او بيعهن في سوق العبيد، وقد لاقت الحادثة ادانة دولية واسعة، إضافة الى اشتراك العديد من الدول الكبرى في عمليات البحث والدعم اللوجستي، فيما اعلنت نيجيريا حالة الطوارئ وشنت عمليات عسكرية موسعة تستهدف عناصر الحركة داخل نيجيريا.

الوضع الهش في عموم افريقيا، ونيجيريا، التي انتشرت فيها عناصر بوكو حرام المتشددة، في محاولة لتطبيق الشريعة الإسلامية، على حد وصفها، معتمدة اسلوب التشدد والتطرف في تطبيق هذا الامر، في بلد فيه العديد من الاعراق والديانات، والتي من الممكن ان تؤدي الى تناحرات دينية بين المواطنين، وقد بدئت بوادر العنف الديني، في بعض المناطق إثر اختطاف الطالبات من قبل عناصر بوكو حرام.

وقال مفوض شؤون التعليم بولاية بورنو النيجيرية إن أربع فتيات أخريات فررن من متشددي بوكو حرام الذين خطفوهن مؤخراً مضيفا أن 219 فتاة لا يزلن قيد الاحتجاز، وأضاف إن أربعة فتيات عدن إلى أهاليهن لكنه امتنع عن إعطاء مزيد من التفاصيل بشأن فرارهن، وقال رئيس أركان الدفاع الجوي المارشال اليكس باده إن الجيش يعرف مكان الفتيات المخطوفات لكنه لا يريد استخدام القوة لإنقاذهن خشية تعريض حياتهن للخطر، وتعرض الجيش النيجيري لانتقادات في الداخل والخارج لإخفاقه في حماية الفتيات ورد فعله البطيء في التعامل مع أزمة الرهائن.

وقال "لا يهم الانتقادات وستواصل القوات المسلحة النيجيرية ما أقسمت عليه اليمين، تعلمون أن لنا شركاء دوليين يعملون معنا للإفراج عن فتياتنا وسيتم الإفراج عنهن"، وكانت الفتيات يؤدين امتحاناتهن في مدرسة ثانوية في قرية تشيبوك في الشمال الشرقي النائية في 14 نيسان/أبريل حينما حاصرها مسلحون إسلاميون وأجبروا 276 تلميذة على ركوب شاحنات انطلقت بهن، وتقول السلطات في ولاية بورنو التي تقع في مناطق نشاط بوكو حرام إن 53 فتاة فررن بعد وقت قصير من خطفهن.

وفي سياق متصل، هاجم عشرات الشبان المسلحين بالحجارة والزجاجات الفارغة في أبوجا نساء تظاهرن دعما للتلميذات المخطوفات في نيجيريا من قبل جماعة "بوكو حرام" الإسلامية، حسب ما أعلنت إحدى الناشطات.

وقالت خديجة بالا عثمان وهي مسؤولة في حركة "أعيدوا بناتنا"، "تعرضنا لهجوم من مجموعة من الرعاع"، وأضافت "تعرض لنا بعضهم بالضرب على الرأس بالكراسي"، وقالت عثمان إن بين "الرعاع" أشخاص رفعوا يافطات مؤيدة للرئيس غودلاك جوناثان، ولم يكن بالإمكان حتى الآن إقامة أية صلة بين المحتجين والسلطات، وأضافت أن الشرطة شاهدت أعمال العنف ولم تتدخل، وقال مصور كان يغطي المظاهرة إن قاعدة الكاميرا تعرضت للتكسير من قبل الشبان الذين كانوا عازمين على ما يبدو على منع تصوير التجمع الداعم للتلميذات، وأشارت عدة أوساط مؤخرا إلى أن قضية خطف التلميذات جاءت للتأثير سلبا على جوناثان.

وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال إن بلاده هي الوحيدة التي تساعد نيجيريا للعثور على نحو 200 تلميذة اختطفتهن جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة، متجاهلا بذلك ما تقوم به في هذا المجال دول أخرى. بحسب رويترز.

وقال كيري أمام حشد من أفراد السلك الدبلوماسي الأمريكي بمناسبة مرور تسعين عاما على تأسيسه إنه في مواجهة "بوكو حرام، في نيجيريا، الولايات المتحدة موجودة هناك، إنها تقدم الدعم للمساعدة في العثور على هؤلاء الشابات"، وأضاف في خطاب ألقاه خلال حفل عشاء في مقر الوزارة واتسم بلهجته الهجومية إنه "ليس فقط أن الدول الأخرى لم تتم دعوتها، بل أنها أصلا لم تعرض (تقديم المساعدة)، هذا الأمر يحدث فرقا".

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن أن ثمانين عسكريا أمريكيا أرسلوا إلى تشاد للقيام "بعمليات "استخباراتية" ومراقبة وعمليات تحليق استكشافية فوق شمال نيجيريا والمناطق المجاورة".

من جانبه أعلن الجيش النيجيري انه تم تحديد مكان وجود التلميذات، وقال رئيس اركان القوات المسلحة النيجيرية الماريشال الكس بادي للصحافيين امام المقر العام للدفاع في ابوجا ان "الخبر السار بالنسبة الى الفتيات اننا نعلم مكان وجودهن لكننا لا نستطيع ان نكشفه لكم".

وادلى المسؤول العسكري النيجيري بهذه التصريحات بعدما خاطب متظاهرين نظموا مسيرة حتى المقر العام للدفاع في ابوجا تضامنا مع المخطوفات.

واذ رفض كشف تفاصيل حول مكان وجود التلميذات، اعتبر بادي ان العملية "سر عسكري"، واضاف "اننا نعمل، سنعيد الفتيات"، وامام المتظاهرين قال "لا احد يحق له ان يقول لنا ان الجيش النيجيري يجهل ما يقوم به، نحن نعلم بما نقوم به، لا يمكننا ان نجازف بقتل بناتنا في حين اننا نريد تحريرهن"، وتابع "نحن نعمل، الرئيس (غودلاك جوناثان) يدعمنا بقوة، لقد منحنا الرئيس سلطة القيام بالعمل". بحسب فرانس برس.

وتبنت نيجيريا مع الدول المجاورة لها في 17 ايار/مايو في باريس خطة "حرب" ضد بوكو حرام التي اعتبرت "تنظيما ارهابيا" و"تهديدا كبيرا" للمنطقة.

معقل بوكو حرام

فيما تبدو مايدوغوري المعقل التاريخي لبوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، اكثر هدوءً مما كانت قبل سنة، لكن سكانها يعيشون فيها كأنهم "محاصرون" ويتجنبون مغادرتها خوفا من هجمات يشنها الإسلاميون، وقد تمكنت ميليشيات الدفاع الذاتي في حزيران/يونيو 2013 من طرد بوكو حرام من مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو، في سياق هجوم شنه الجيش على وقع القصف المدفعي شبه اليومي، وهي مدينة حيوية جدا ويناهز سكانها المليون.

لكن السكان يعتقدون ان ما يثير خوفهم يكمن خارج المدينة، حيث يقيم رجال مدججو بالسلاح ويختبئون في الادغال، حواجز على الطرق بالثياب العسكرية ويعتدون على المدنيين ويجتاحون القرى المجاورة، وقال آري كاكا احد سكان مايدوغوري، "نحن محاصرون عمليا من بوكو حرام".

واضاف ان "الخروج من المدينة هو مثابة كابوس لان مقاتلي بوكو حرام غالبا ما يقيمون حواجز على كبرى الطرق للتفتيش وقتل المسافرين"، وقال ان "مغادرة المدينة يعني المجازفة في المجهول المتمثل بخطر الوقوع في ايدي العصابات المسلحة الاجرامية".

ويقوم آري كاكا تاجر الاقمشة برحلتين شهريا الى كانو، المركز الاقتصادي الكبير في شمال البلاد، على بعد 600 كلم الى الغرب، ويقول ان هذه الرحلة التي تضطره تجارته الي القيام بها وتستغرق سبع ساعات "عذاب نفسي"، وفي ايلول/سبتمبر 2013، قتل 167 شخصا على حاجز لبوكو حرام على بعد 70 كلم عن مايدوغوري، وكان هؤلاء قتلوا المسافرين قبل ان يجتاحوا قسما كبيرا من مدينة بنيشيك، وقال آري كاكا "ارتجف كلما اجتزت بنيشيك لان الدمار فيها يذكرني بالمجزرة".

ووصلت حميدة محمود الطالبة في جامعة مايدوغوري لتوها من ولاية جيغاوا (المجاورة غرب ولاية بورنو)، وقالت ان الرحلة التي تستمر خمس ساعات لدى عودتها من الاجازة، تجربة مخيفة، وقالت "عشية استئناف الدروس، ابقي يقظة طوال الليل واصلي حتى يحمينا الله من بوكو حرام".

ويشعر سائقو السيارات بارتياح عندما يصلون الى نقطة تفتيش يتولاها جنود او عناصر من الشرطة، ولا ينزعج احد من دس "اكرامية" في ايديهم من اجل تسهيل مرورهم، على رغم اللافتات التي تذكر بأن هذا التصرف ممنوع، وقال السائق امادو ناتالا الذي غالبا ما يقوم بالرحلة بين كانو ومايدغوري ان ذلك "افضل من ان يقتلني عناصر بوكو حرام".

ويحرص السائقون على ان يصلوا الى مايدوغوري قبل حلول الليل من اجل سلامتهم وعادة ما يسافرون ضمن قوافل من السيارات، ويتناثر على الطريق حطام السيارات والشاحنات المحروقة التي دائما ما تذكر بوجود بوكو حرام، وينادي المتمردون بإقامة حكومات اسلامية في ولايات شمال نيجيريا التي تسكنها اكثرية اسلامية، وكثفوا في الفترة الاخيرة هجماتهم الدامية حتى ابوجا وفي وسط البلاد. بحسب فرانس برس.

واضاف السائق "تستطيع بوكو حرام ان تشن هجوما في اي وقت لكنها غالبا ما تعمد الى شن هجمات على الطرق في المساء"، وفي اذار/مارس 2013، بعد حلول الظلام، هاجم الاسلاميون واحرقوا قريتي ماينوك وجاكانا على الطريق الرئيسية المؤدية الى كانو، وقتلوا حوالى 80 شخصا، لكن القيام برحلة الى اقصى الشمال في منطقة الكاميرون المجاورة وتشاد حيث زادت بوكو حرام من مجازرها، تجربة محفوفة بالمخاطر للمقيمين في مايدوغوري.

وقال ابراهيم غريما من مدينة باما التي تبعد 70 كلم جنوب شرق مايدوغوري "لم اذهب مرة الى مدينتي لزيارة عائلتي في الشهرين الماضيين لاني أخشى مكامن بوكو حرام"، وغالبا ما يتنقل مقاتلو بوكو حرام في القطاع بين مايدوغوري وباما، وقد اقاموا معسكرات بدائية في غابة سامبيزا وحول مدينة ديكوا، وللوصول اليها، يتعين المرور بمحور مايدوغوري-باما، وقال غريما "نشعر بالأمان في المدينة، لكن عندما تغادرها لا تعرف ماذا ينتظرك".

منظمة ارهابية

الى ذلك أدرج مجلس الأمن الدولي جماعة بوكو حرام النيجيرية الإسلامية المتطرفة على اللائحة السوداء للمنظمات الإرهابية التي تخضع لعقوبات بسبب علاقتها بتنظيم القاعدة، وطلبت نيجيريا هذا الإجراء من لجنة العقوبات ولم يعارض أي عضو في اللجنة الطلب، بحسب دبلوماسيين، وتتمثل العقوبات في تجميد الأرصدة وحظر سلاح ومنع من السفر.

وأشادت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سمانتا باور في بيان بهذا الإجراء "المهم" الذي قالت انه "سيساعد على قطع موارد مهمة للتمويل والتسلح على بوكو حرام وكذلك إمكانيات التنقل، ويظهر وحدة المجتمع الدولي" في مكافحة هذه الجماعة.

فيما قتل 118 شخصا على الأقل في تفجيرين بسيارة مفخخة في سوق مكتظ في مدينة جوس بوسط نيجيريا، فيما وافق البرلمان على تمديد حالة الطوارئ في شمال شرق البلاد الذي يشهد تمردا تقوم به جماعة بوكو حرام الإسلامية المسلحة، وأوضح المتحدث باسم حاكم الولاية بام أيوبا أن معظم الضحايا "من النساء".

وقد استهدف الهجومان سوقا مكتظة في مدينة جوس بحسب ما أفاد مسؤول عسكري محلي، وقال بام ايوبا في وقت سابق "وقع تفجيران منفصلان في سوق نيو، ووقع الانفجار الأول الذي نتج من شاحنة مفخخة في سوق نيو أبوجا المكتظة وفق الجيش، وسارعت فرق الإسعاف إلى مكان الحادث، وبعد عشرين دقيقة من الانفجار الأول انفجرت شاحنة صغيرة مفخخة، وولاية بلاتو تشكل الحدود بين الجنوب المسيحي والشمال المسلم بغالبيته في البلاد.

وفي شهر أوقع هجومان بسيارة مفخخة نحو مئة قتيل في أبوجا العاصمة الفدرالية (على بعد 300 كلم إلى جنوب غرب جوس)، وتبنتهما جماعة بوكو حرام الإسلامية التي يشكل شمال شرق البلاد معقلها.

من جهة أخرى صوت أعضاء مجلس الشيوخ بالإجماع كما فعل النواب مؤخراً على تمديد حالة الطوارئ في ولايات يوبي واداماوا وبورنو (شمال شرق)، وهذا التدبير كان ساريا منذ عام في هذه الولايات.

وكان الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان الذي واجه انتقادات كثيرة لفساد إدارته وعجزه على إنهاء التمرد، طلب تمديد حالة الطوارئ ستة اشهر إضافية بعد أن عبر عن قلقه على الضحايا المدنيين الذين يتزايد عددهم واصفا العنف في الولايات الثلاث بـ"المخيف"، وفي 14 أيار/مايو 2013 ترافق فرض حالة الطوارئ في شمال شرق البلاد مع هجوم عسكري واسع على بوكو حرام. بحسب فرانس برس.

وانتشر آلاف الجنود وفرض حظر التجول وقطعت شبكة الهاتف الجوال لتعقيد تنظيم هجمات جديدة ما أسهم في زيادة عزلة منطقة تفتقر كثيرا للخطوط الثابتة ولوسائل النقل، وكان الجيش النيجيري اعتبر في البداية ان تدخله ناجح مؤكدا أنه شل حركة الإسلاميين في المدن الكبرى وصدهم إلى مناطق نائية.

لكن هجمات بوكو حرام تكثفت في نهاية المطاف واصبحت شبه يومية مستهدفة أكثر فأكثر المدنيين حتى أنها طالت في الأسابيع الأخيرة ابوجا وكانو، ومنذ بداية السنة أسفرت هجمات بوكو حرام عن سقوط أكثر من ألفي قتيل غالبيتهم من المدنيين.

النجاح في الحرب ضد بوكو حرام

من جانب اخر اعتبر عدد من الخبراء ان "الحرب" التي اعلنتها نيجيريا وجاراتها على جماعة بوكو حرام يمكن ان تنجح اذا توافرت لها الوسائل الموعودة مع تعبئة كبرى ضد هذه الجماعة الاسلامية المتطرفة.

واعتبر دابو توماس استاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية لاغوس ان الاتفاق الذي توصل اليه القادة الافارقة اثر قمة باريس وينص على "بناء تعاون عسكري اقليمي في الحرب على بوكو حرام من شانه ان يغير الوضع".

واكد ان هذا الاتفاق "يمكن ان يقضي على تهديد بوكو حرام اذا تم تطبيقه بشكل فاعل"، موضحا مع ذلك ان "الامر يتطلب ايضا ان ينحي القادة الافارقة خلافاتهم الفردية"، وقال نوليس اوسيسيوما مدير ادارة العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة ايبادان انه "ينبغي قبل كل شيء ان تكون هناك ارادة سياسية مشتركة".

وفي القمة التي عقدت بمبادرة من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اعلن الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان ورؤساء تشاد والكاميرون والنيجر وبنين خطة مكافحة اقليمية واسعة النطاق يدعمهم فيها الغربيون، وتنص هذه الخطة على "تنسيق استخباراتي وتبادل المعلومات واشراف مركزي على الوسائل ومراقبة الحدود ووجود عسكري حول بحيرة تشاد وقدرة على التدخل في حال الخطر" كما اوضح الرئيس الفرنسي.

كما تنص الخطة خصوصا على تسيير "دوريات منسقة، وهو ما لم تكن عليه الحال بين الدول المتاخمة" لنيجيريا كما اشار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وشدد البروفيسور دابو توماس على اهمية البعد الاقليمي لان "نيجيريا لا تملك الوسائل لشن هذه المعركة وحدها، فهي في حاجة الى تعاون الدول المجاورة" في مكافحة بوكو حرام التي وصفتها خلال قمة باريس بانها "فصيل ارهابي" مرتبط بالقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وبانها "تهديد كبير" للمنطقة.

واستنادا الى هذا الخبير فقد تاكد ان مقاتلي بوكو حرام اعتادوا اجتياز الحدود لوضع انفسهم في منأى بعد ارتكاب اعتداءاتهم، واضاف "ليس من قبيل الصدفة ان تكون كل هجمات بوكو حرام في اماكن قريبة من الحدود"، مؤكدا ان "عملية عسكرية مشتركة على الحدود ستساعد كثيرا في احتواء هذه الهجمات". بحسب فرانس برس.

الا ان رئيس تحرير صحيفة "زيس داي" النيجيرية سايمون كولاوالي اعتبر ان من "العار" انتظار وقوع حادث مأساوي مثل خطف التلميذات حتى يقرر قادة المنطقة العمل معا، وقال ان "الرئيس غودلاك جوناثان طلب بالفعل في السابق وساطة الرئيس فرنسوا هولاند لإقامة حوار مع جيراننا الناطقين بالفرنسية، لكن ان يأتي الشيء متأخرا افضل من ان لا يأتي على الاطلاق، المطلوب الان وضع استراتيجية وان تتعهد الدول المشاركة فعليا في الحرب"، ويرى عدد من المراقبين ان ما ينقص حتى الان هو قيام تعاون بين نيجيريا والكاميرون.

الا ان مسؤولة افريقيا في وزارة الدفاع الاميركية اليس فريند شددت على ان "نيجيريا شريك من الصعب جدا العمل معه"، من جانبها دعت الحركة النيجيرية لدعم الفتيات المخطوفات "برينغ باك اور غيرلز" (اعيدوا لنا بناتنا) الى الانتقال من الاقوال الى الأفعال، وقالت اوبي ايزكويسيلي منسقة الحركة، التي لفتت انتباه الراي العام العالمي الى مأساة التلميذات، ان الامر يتطلب "آلية لضمان تنفيذ" الخطة التي اعلنت في باريس.

وعلى الصعيد العسكري شدد البروفيسور نوليس اوسيسيوما على انه "سيكون على القادة الافارقة التغلب على مشاكل لوجستية وتقاسم المعلومات الاستخباراتية"، ويطرح نقص تجهيز الجنود النيجيريين في الشمال الشرقي وافتقارهم حتى الى اجهزة اللاسلكي مشكلة في طريق تنفيذ خطة "الحرب" على بوكو حرام، فيما ذكر الرئيس هولاند بان "هذه المجموعة الارهابية تملك اسلحة ثقيلة".

الا ان اوسيسيوما يرى ان "نيجيريا تملك الوسائل العسكرية لمحاربة بوكو حرام، وما ينقصها هو المعلومات الاستخباراتية"، وذكر ايضا بضرورة عدم استبعاد الحوار مع المتمردين، وقال ان "الازمة ما كانت لتصل الى هذه النقطة لو تفاوضت الحكومة منذ البداية مع الحركة المتمردة عام 2009".

فيما اتهم مسؤول في مجال مكافحة الإرهاب في نيجيريا الكاميرون المجاورة بعدم بذل جهود كافية لطرد مقاتلي بوكو حرام من أراضيها، وقال المنسق العام لمركز مكافحة الإرهاب ساركين ياكي بيلو إن الجهود الإقليمية ضد الحركات الإسلامية المسلحة تحسنت على مدى سنوات لكن هناك حاجة لبذل المزيد، وقال "النيجر كانت سباقة وفاعلة ولم تبد تشاد أي تسامح مع بوكو حرام.

ورغم أن جماعة بوكو حرام نشأت في نيجيريا إلا أن نجاح أي جهود ترمي إلى هزيمتها ستعتمد في جانب منها على الدول المجاورة التي تتشارك في أراضي حدودية شاسعة وشبه قاحلة، وأعلن الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان حالة الطوارئ في شمال شرق نيجيريا قبل عام لكن بوكو حرام انسحبت إلى منطقة الحدود مع الكاميرون، وكانت تشن هجمات كر وفر يومية طوال العام الماضي من جبال ماندرا على الحدود بين الكاميرون ونيجيريا.

وقال بيلو إن الاتصالات لم تكن على ما يرام بين البلدين على مدى عقود مما أعاق التعاون بينهما، وهناك نزاع حدودي بينهما منذ حصولهما على الاستقلال من بريطانيا وفرنسا في الستينات، ونفى وزير الإعلام الكاميروني عيسى تشيروما باكاري أن تكون بلاده تتقاعس في المعركة مشيرا إلى أنها أرسلت قواتها إلى شمال البلاد لمحاربة تهديد جماعة بوكو حرام، وقال "الكاميرون لم تكن أضعف حلقة في السلسلة.

واضاف "كما يتضح من نشر القوات والعتاد في الأيام القليلة الماضية فإننا فرضنا ستارا حديديا من قوة النيران لا تستطيع بوكو حرام اختراقه"، وقال جوناثان إنه أمر بشن هجوم على بوكو حرام لكن الجهود الرامية إلى سحقهم لم تكن فعالة إلى الآن وأظهرت الجماعة قدرة على الصمود في حربها المستمرة منذ خمسة أعوام ضد الحكومة النيجيرية من أجل إقامة دولة إسلامية.

وأبرمت نيجيريا اتفاقا مع النيجر يسمح لقواتها بعبور حدودها لمطاردة بوكو حرام وتبحث التوصل إلى اتفاق مماثل مع تشاد لكنها تشكو من أن منطقة شمال الكاميرون تمثل قاعدة خلفية للمتشددين، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الكاميرونية الليفتنانت جنرال ديدييه بادجيك إن بلاده مترددة في ردها على بوكو حرام بسبب نقص الموارد لكنها عززت في الآونة الأخيرة مستوى قواتها في المنطقة.

وتعرضت الكاميرون لبعض هجمات بوكو حرام على أراضيها، وهاجم مقاتلون يشتبه أنهم من بوكو حرام موقع عمل صيني في شمال الكاميرون انطلاقا من نيجيريا وقتلوا جنديا كاميرونيا على الأقل وخطفوا عشرة عمال صينيين، واعترف بيلو منسق مركز محاربة الإرهاب في نيجيريا بأن ضعف التعاون يمثل مشكلة عالمية، وقال "الجهاديون أكثر اهتماما منا بالبعد العالمي في تفكيرهم، ما زلنا نترك الأمر لكل دولة منفردة، لا يمكنني أن أرى نجاحا طالما تمسكنا بذلك النهج".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/حزيران/2014 - 4/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م