إيران والأزمة النووية... عقبات كبيرة ومطالب أكبر

 

شبكة النبأ: أثر فشل المفاوضات الأخيرة في تشكيل ملامح النهائية لصياغة مسودة الاتفاق النووي، اجتمع وزير خارجية إيران "جواد ظريف" مع نظيرته في الاتحاد الأوربي "كاثرين اشتون" في تركيا لتحريك عجلة الملف النووي الإيراني نحو الامام.

وقال ظريف من الجزائر "لقد تقدمنا، لقد تبادلنا وجهات النظر خلال محادثات طويلة في اسطنبول خلال اليومين الماضيين مع السيدة كاثرين آشتون"، وأضاف "المسألة تتعلق بالوقت وبالإرادة السياسية التي يجب التعبير عنها للوصول إلى اتفاق، ويمكن أن أؤكد لكم أن الطرف الآخر لديه الإرادة السياسية للوصول إلى اتفاق".

على أثر ذلك أعلن الناطق باسم الجهاز الدبلوماسي في الاتحاد الاوروبي، بان الجولة المقبلة من المفاوضات ستجري للفترة من 16 الى 20 حزيران/يونيو في فيينا، واشار "مايكل مان" ان هذا الموعد تحدد في ختام "محادثات مطولة ومفيدة" بين "ظريف" و"اشتون" في لقائهما المغلق بإسطنبول، واضاف "ان اشتون وظريف يرغبان في انعقاد اجتماع للخبراء سريعا في هذا الوقت".

وقد رافقت مفاوضات الملف النووي الايراني، من البداية، العديد من الإخفاقات والتشنجات، الى جانب التفاؤل الحذر وإمكانية الحسم، سيما وان مفاوضات على هذا المستوى العالي من الجدية والالتزام الواقعي لم تجري منذ بداية الازمة النووية وإطلاق العقوبات الاقتصادية ضد إيران.

وتحاول إيران، بحسب أغلب محللين، استغلال الظروف السياسية والدبلوماسية كاملة، من اجل احداث التغيير وانهاء الملف النووي دفعة واحدة، لتجنب التقلبات او المفاجأة الأخيرة التي قد تغير الكثير من العناصر الإيجابية ومراحل بناء الثقة التي قطعها الفريقين، وربما يأتي في سياق ذلك اللقاء الأخير الذي جمع وزيري خارجية الاتحاد الأوربي وإيران.

وقد أكد الجانب الإيراني انه يرغب في توقيع الاتفاق النهائي في موعده المحدد او اخر تموز المقبل، بعد ان دار الحديث حول تمديد المفاوضات لستة أشهر قادمة في حال بقاء بعض المسائل العالقة دون حل.

إضافة الى قرب انتهاء تكليف مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "كاثرين اشتون" التي رافقت المفاوضات مع ظريف منذ البداية، وشكلت ثنائي مهم في دفع العديد من العقبات بشكل هادئ وسلسل.

كما ان الاطالة في المفاوضات من الممكن ان ترفع سقف المطالب، وتزيد الأمور تعقيداً، بالنسبة للجانب الإيراني، الذي وبحسب متابعين، يصارع من جانبين، الأول من الداخل، وهم من وصفهم بالمحافظين او الحرس القديم الذي لا يرغب في اجراء أي حوار مع الولايات المتحدة حول النووي، والثاني من الخارج، والذي يحاول بقوة نحو فشل المحادثات بين الطرفين والمتمثل بإسرائيل وجماعات الضغط داخل الولايات المتحدة، إضافة الى دول إقليمية أخرى.  

انفراجة مستعصية  

فقد قالت إيران إن القوى العالمية تطلب "الكثير" في المفاوضات التي تهدف للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني بحلول يوليو تموز لكن العقبات يمكن تجاوزها، ولم تحرز طهران والقوى العالمية الست تقدما يذكر في أحدث جولة من المحادثات في وقت سابق من هذا الشهر في فيينا مما أثار الشكوك بشأن فرص حدوث انفراجه بحلول 20 يوليو تموز.

وقبل أن يبدأ زيارة لتركيا لإجراء محادثات مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون تتناول سبل دفع المفاوضات قدما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في طهران إن التوصل إلى تسوية ما زال ممكنا رغم الصعوبات، وقال ظريف "يجب أن يكفوا عن طلب الكثير، لدينا خط أحمر وهم يريدون أيضا ضمانات بأن برنامجنا النووي سيظل سلميا دائما.

وتعتبر إيران أن تخصيب اليورانيوم خط أحمر لكن مستويات التخصيب قابلة للتفاوض، ويستخدم اليورانيوم المخصب في محطات توليد الكهرباء لكنه يمكن أن يستخدم في صنع القنابل الذرية إذا جرى تخصيبه لمستوى أعلى، وتشتبه القوى الغربية بأن البرنامج النووي المدني السلمي المعلن ستار تخفي الجمهورية الإسلامية وراءه سعيها لامتلاك قدرة تسلحيه، وتنفي إيران هذا لكنها دأبت على إخفاء أنشطتها عن المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة.

وتريد القوى الدولية من إيران أن توافق على تقليص أنشطة التخصيب وأنشطة نووية أخرى وتقبل بعمليات تفتيش أكثر صرامة تقوم بها الأمم المتحدة لحرمانها من أي قدرة على صنع قنابل ذرية في فترة زمنية قصيرة وذلك مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وقال ظريف إن القوى العالمية يجب أن تكف عن ممارسة ضغوط إضافية على الجمهورية الإسلامية لإجبارها على تقديم تنازلات. بحسب رويترز.

ونقلت الوكالة الإيرانية عن ظريف قوله "العقوبات لم تفدهم بشيء سوى أننا صنعنا 19 ألف جهاز للطرد المركزي"، ونقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة الخارجية لم تذكر اسمه قوله إن ظريف سيجتمع باشتون في اسطنبول على مدى يومين "لمناقشة سبل دفع المحادثات قدما" قبل أن تبدأ الجولة المقبلة من المفاوضات في يونيو حزيران في فيينا، وقالت إيران والولايات المتحدة إن الجولة الأخيرة من المحادثات كانت بطيئة وصعبة.

ومن الممكن مد اتفاق مؤقت توصلت إليه إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا في نوفمبر تشرين الثاني لستة شهور أخرى إذا فشل الجانبان في التوصل لتسوية طويلة الأمد بحلول 20 يوليو تموز، لكن إيران حريصة على التوصل إلى حل سريع للصراع، وقال ظريف "إذا لم نتوصل إلى اتفاق (بحلول الموعد النهائي في يوليو تموز) فما زال أمامنا ستة شهور أخرى لكن هدفنا هو الوصول إلى نتيجة في غضون هذين الشهرين".

وتريد إيران استراحة من عقوبات اقتصادية صارمة فرضت عليها بسبب أنشطتها النووية حتى يستطيع الرئيس الإيراني حسن روحاني الوفاء بتعهد قطعه أثناء الحملة الانتخابية العام الماضي بإخراج إيران من عزلتها الدولية.

التحقيقات بين السلب والايجاب

بدورها وعلى الرغم من المؤشرات على أن إيران باتت أكثر تعاونا في التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلا أنه لا يبدو أن الوكالة باتت أقرب إلى اكتشاف ما حدث في موقع عسكري في صلب تحقيقاتها، وتحقق الوكالة في أبحاث أجرتها إيران يشتبه أنها تهدف لصناعة قنبلة نووية.

وقال تقرير سري للوكالة الدولية إن إيران بدأت للمرة الأولى منذ أعوام الانخراط فعليا في تحقيق للوكالة (سبق أن أعاقته لوقت طويل) بشأن مزاعم بأنها باشرت تصميم سلاح نووي، ولكن هناك مخاوف بتقويض أي أمل بشأن استعدادات إيران المحتملة للتعامل بشكل كامل مع بواعث القلق حيال نشاطاتها النووية مادامت ترفض منح وكالة الأمم المتحدة الإذن بالدخول إلى موقع في قاعدة بارتشين شمالي شرقي طهران وكشف أي معلومات عنه.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن من الضروري لإيران أن تجيب على أسئلة الوكالة الدولية إذا ما قدر لواشنطن والقوى العظمى الخمس الأخرى المنخرطة في المحادثات معها بشأن ملفها النووي التوصل إلى تسوية نووية أوسع مع إيران بحلول 20 يوليو تموز المقبل، إلا أن نفي إيران المتكرر لأي تطلعات لصنع قنبلة نووية سيجعل من الصعب عليها الاعتراف بأي مخالفة في الماضي من دون أن تخسر مصداقيتها.

وجاء في تقرير الوكالة أن الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية تظهر "نشاطات بناء مستمرة" في بارتشين وهو اكتشاف يمكن أن يزيد من الشكوك الغربية بأن إيران تحاول أن تخفي أي دليل يدينها على وجود تجارب غير شرعية ذات علاقة بنشاطاتها النووية هناك.

وقال أحد المبعوثين الغربيين "بات من الواضح أن هناك المزيد من عمليات التطهير الجارية" وقال إن هناك مؤشرات على أعمال تغيير كبرى في بارتشين منذ بداية عام 2012 مثل إزالة التربة وتعبيد المكان الذي ترغب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فحصه، وأضاف "لا أستطيع التفكير في أي تفسير آخر لعمليات تطهير استمرت 28 شهرا ومنع الوكالة الدولية من الدخول إلى بارتشين سوى بأنها محاولة لإخفاء آثار شيء ما لتجنب أخذ عينات بيئية منه".

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي طلبت الدخول إلى بارتشين على مدى أكثر من عامين إنها تملك معلومات أن إيران شيدت حجرة فولاذية ضخمة هناك لتجارب التفجير ربما قبل أكثر من عقد من الزمن، وقالت الوكالة عام 2011 إن "مثل هذه التجارب ستكون مؤشرات قوية على عمليات تطوير محتملة لسلاح نووي".

وقالت ايران إن بارتشين منشأة عسكرية بالمواصفات المتعارف عليها ونفت مزاعم حصول عمليات تطهير، وقال مارك فيتزباتريك مدير برنامج الحد من الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إن "النشاط الحاصل في بارتشين يمنح ما يكفي من الأسباب للمخاوف المستمرة بأن إيران ربما تحاول أن تزيل أي آثار باقية للتجارب" المرتبطة بالملف النووي. بحسب رويترز.

إلا أنه أضاف أن المرء يجب ألا يقفز إلى الاستنتاجات، وقال "هذا النشاط يمكن أن يحصل لسبب غير مؤذ على الإطلاق"، وكانت الشكوك الإيرانية بخصوص موقع بارتشين جزءا من تقرير صدر عام 2011 وتضمن معلومات مخابرات قيمة تشير إلى حصول أبحاث إيرانية في السابق قد تكون متصلة بالأسلحة النووية، وأشار التقرير إلى أن بعضا من هذه النشاطات قد تكون مستمرة.

ولا ترتبط المحادثات بين إيران والوكالة الدولية بالمحادثات بينها وبين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا ولكنها تكمل بعضها بعضا إذ أن هدفي المباحثات يرتكزان على المخاوف بأن إيران ربما تستخدم سرا الطاقة النووية وبرنامج الأبحاث كغطاء لتنمية قدراتها للتسلح.

وقال تقرير الوكالة إن إيران قد بدأت التعامل مع موضوع واحد في التحقيق عبر توفير التوضيحات حول عمليات تطوير صاعق تفجير قد يستخدم لإعداد جهاز تفجير نووي، وله استخدامات أخرى، ووافقت إيران أيضا على تزويد الوكالة بمعلومات عن جانبين آخرين من التحقيقات من ضمنها المزاعم حول الشروع إجراء تفجيرات بعبوات ناسفة قوية، وقال دبلوماسي رفيع إن "المشاركة والتعاون الذي أظهرته إيران كان يتحسن طوال الوقت".

ولكن تقرير الوكالة أظهر أنه لم يتحقق تقدم يذكر حتى الآن بخصوص بارتشين وقال إن الوكالة مستمرة في متابعة عملية الحصول على الأجوبة "لأسئلة مفصلة" قدمتها إلى إيران حول هذا الموضوع، وأضاف أن النشاطات التي لاحظتها الوكالة "تبدو وكأنها تظهر إزالة-استبدال أو تجديد الجدار الخارجي للمبنيين الخارجيين الرئيسيين في الموقع"، ويزعم التقرير أن حجرة اختبار مقفلة ربما شيدت في واحد منهما.

فيما اوضح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الياباني يوكيا امانو في التقرير ان ايران قدمت خلال اجتماعات تقنية في اواخر نيسان/ابريل "معلومات وتوضيحات بما في ذلك وثائق لتبرير حاجتها واستخدامها اسلاك الصواعق المتفجرة (اكسبلودينغ واير ديتونيتر -اي بي دبليو"، واضاف ان ايران "زودت الوكالة بمعلومات تشير الى ان استخدام هذه الصواعق بشكل متزامن جرى لغرض مدني".

وقال امانو في التقرير الذي رفع الى الدول الاعضاء في الوكالة "انها المرة الاولى منذ العام 2008 التي تقوم فيها ايران بتبادل تقني (للمعلومات) مع الوكالة حول هذه المسألة او مسائل اخرى على صلة بالابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الايراني".

ومسألة الصواعق "اي بي دبليو واحدة من "سبعة اجراءات عملية" اتفقت ايران والقوى الكبرى على تنفيذها بموجب الاتفاق المرحلي الذي وقع في تشرين الثاني/نوفمبر ويفترض ان ينجز في 15 ايار/مايو، وقالت الوكالة في تقريرها ان كل شيء طبق مؤكدة ان ايران تنفذ تعهداتها، ويلحظ الاتفاق تجميدا جزئيا للأنشطة النووية الايرانية مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية على طهران.

وبموجب اتفاق تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وافقت ايران على تحويل و"تمييع" مخزونها من اليورانيوم المخصب، ما يصعب القدرة على تصنيع المواد اللازمة للقنبلة النووية بسرعة، وما زال هناك 38,4 كلغ من المخزون الايراني من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لا بحاجة الى تحويل مقابل 160,6 كلغ في شباط/فبراير، وفق ما جاء في تقرير الوكالة الذرية.

وذكر التقرير ان برامج التخصيب لا تزال مجمدة حيث لم يخصب اليورانيوم باي نسبة تتخطى الخمسة في المئة ولم توضع اي آلة للطرد المركزي في منشآت التخصيب، ومن الممكن استخدام اليورانيوم المخصب لتصنيع الوقود النووي وايضا لتصنيع اساس القنبلة النووية.

وقال مسؤول رفيع المستوى مطلع على الملف الايراني انه "لا يزال من المبكر" القول ان كامل المعلومات المقدمة من ايران والتي تشمل الصواعق ذات صدقية لكنه رحب بأجواء المباحثات بين الوكالة الذرية وطهران، واضاف "لدينا الكثير من المعلومات الجديدة وهذا امر جيد"، مؤكدا ان "الالتزام والتعاون يتحسنان في كافة الاوقات".

وقال كيلسي ديفينبورت من منظمة مراقبة الاسلحة ان تقرير الوكالة الذرية يبين ان "ايران تفي بالتزاماتها ومستعدة لان تكون شفافة اكثر في ما يتعلق بانشطتها النووية"، وصدر التقرير بعد اسبوع على الجولة الرابعة من المحادثات النووية بين ايران ودول مجموعة 5+1 في فيينا، والتي انتهت من دون اي تقدم ملحوظ باتجاه اتفاق نهائي.

ومن الممكن ان ينتج عن عدم الوصول الى اتفاق نهائي بحلول 20 تموز/يوليو نزاعا خاصة ان اسرائيل والولايات المتحدة لم تلغيا الخيار العسكري كما قد تدخل منطقة الشرق الاوسط في سباق للتسلح.

نقطة صعبة

فيما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن المحادثات بشأن برنامج طهران النووي وصلت إلى نقطة هامة وصعبة للغاية لكن التوصل لاتفاق لا يزال ممكنا بحلول المهلة المحددة في يوليو تموز.

وأثار عدم إحراز تقدم في محادثات فيينا بين إيران والولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا شكوكا بشأن إمكانية تحقيق تقدم قبل انقضاء مهلة 20 يوليو تموز، وقال روحاني في مؤتمر صحفي من خلال مترجم "اعتقد أن المفاوضات وصلت إلى نقطة هامة وحساسة وصعبة للغاية".

كان روحاني يتحدث في شنغهاي حيث حضر قمة إقليمية وبعد ان أجرى محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقال روحاني "لا يمكننا توقع الحل في اجتماعين فقط لكننا لسنا متشائمين بشأن التوصل لاتفاق نهائي، لا يزال لدينا الوقت، بوسعنا تحقيق ذلك، يمكننا فعل ذلك حتى بحلول المهلة".

وقال روحاني إن التوصل لاتفاق في وقت مبكر سيعود بالنفع على الجميع لكن لا يوجد ما يدعو "للعجلة" لاختتام المحادثات، وأوضح روحاني أنه في حالة عدم الوفاء بالمهلة يمكن تمديد الاتفاق المؤقت ستة أشهر أخرى، وأضاف "العلامات والمؤشرات التي وصلتنا في الأيام القليلة الماضية تقول إنه من الممكن جدا التوصل لاتفاق بحلول نهاية يوليو".

وقال روحاني إن "بعض الدول التي تريد اثارة المشكلات وراء الكواليس" لا ينبغي أن تمنح فرصة "لتقويض" المحادثات، ولم يحدد الدول التي يشير إليها، وقال روحاني "إذا لم نحقق نجاحا فإن هذا يعني إن الطرف الاخر عنيد للغاية لأن حكومتي مستعدة لأن تكون منطقية ومستعدة للتفاعل مع بقية العالم والتعاون مع بقية العالم"، وأضاف "سياستي قائمة على التعاون لا المواجهة".

انتهاء تكليف آشتون

الى ذلك وفي الوقت الذي تعمل فيه إيران والمفاوضون الدوليون لإتمام اتفاق بشأن برنامج طهران النووي قبل انقضاء المهلة المحددة لذلك في يوليو تموز المقبل قد تكون هناك مسألة عملية عالقة في الأذهان، قرب انتهاء فترة تكليف مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، قد لا تكون كاثرين آشتون (تلك البارونة البريطانية التي تقلدت أعلى منصب في السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خلال السنوات الخمس الماضية) هي صاحبة القرار الحاسم في المحادثات، لكنها كانت المنسق الرئيسي للمفاوضات منذ 2010.

ويتطلب منها هذا الدور العمل مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لعرض موقف واضح وموحد وفي الوقت ذاته محاولة بناء الثقة مع الإيرانيين لمواصلة تلك المحادثات الحساسة، في النهاية، الذي سيحدد إن كان قد تم التوصل لاتفاق هما إيران والولايات المتحدة، لكن دور آشتون في قيادة العملية أكسبها ثناء وساعد في إسكات بعض الانتقادات الكثيرة لها.

ربما لا تكون آشتون سيدة دولة في طور التكوين على الساحة الدولية، لكن غيابها الوشيك عن المهمة قد يعقد العملية الدبلوماسية في وقت حاسم وقد يعرض المحادثات للخطر، وقال علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية "رحيلها سيحدث فجوة ولو مؤقتا، العلاقات الشخصية لها أيضا أهميتها، بدرجة هائلة في الحقيقة". بحسب رويترز.

ولاتزال كل الأطراف تأمل في التوصل لاتفاق قبل انقضاء المهلة في 20 يوليو تموز وإحداث علامة تاريخية، وإذا حدث هذا فستكون آشتون قد رأت بنفسها نجاح دبلوماسيتها، فتكليفها لن ينتهي قبل آخر أكتوبر تشرين الأول، لكن نظرا لحساسية المحادثات ونقاط القلق التي أثارتها عناصر خارجية مثل إسرائيل والانقسامات العميقة بين الأطراف المشاركة فإن حدوث تأخير أمر وارد.

والتأخير يعني أن مسؤولا جديدا عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي سيأتي وسيكون بطبيعة الحال أقل دراية بالأمور أو أقل صلة بالإيرانيين، ومن الممكن (وإن كان ذلك غير مرجح) تسليم العصا لطرف آخر من خارج الاتحاد الأوروبي يمكن أن يعيد الأمر برمته إلى البداية من منظور إيراني.

وآشتون (58 عاما) نشطة سابقة في المجال النووي وكانت موظفة اجتماعية وإدارية في مستشفى منحها حزب العمال البريطاني في عام 1999 لقب بارونة مدى الحياة، ولم تكن لها خبرة بالسياسة الخارجية حين عينت في منصبها في خطوة مفاجئة في ديسمبر كانون الأول 2009، ورغم نقاط الضعف هذه ومرورها بفترة صعبة في بداية مهمتها في وقت كانت تجاهد فيه لإثبات نفسها تمكنت من إقامة علاقة شخصية قوية مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نظيرها في المحادثات حتى أنه كان يناديها أحيانا باسم كاثي.

وتتمتع آشتون بقدرة على التواصل مكنتها فيما يبدو من التعامل الوثيق مع ظريف، وقد لا تكون هذه المقدرة كافية للتوصل لاتفاق لكنها تسمح للأطراف بمواصلة الحديث، وقال كليف كبتشان محلل شؤون الشرق الأوسط بمجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر "في النهاية ستتقرر هذه المحادثات على أساس المصلحة الوطنية لا الشخصية"، لكنه أضاف قائلا "الشخصية لها أهميتها، ورحيلها سيربك على الأقل المناخ وسيعطل قوة الدفع".

قادت آشتون العملية الدبلوماسية مع إيران خلال تطورات بالغة الأهمية على مدى سنوات منها توقيع اتفاق مؤقت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي وافقت طهران بمقتضاه على الحد من بعض الأنشطة شديدة الحساسية في برنامجها النووي مقابل تخفيف محدود للعقوبات عليها.

جاء ذلك الاتفاق عقب استئناف المفاوضات الرسمية في أوائل 2012 بعد أن صعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات وسط تنامي المخاوف من احتمال سعي إيران لاكتساب القدرة على صنع قنبلة نووية، وتنفي طهران أنها تحمل من خلال برنامجها النووي أي نوايا عسكرية.

والسؤال الرئيسي هو أي شخصية تلك التي يمكن أن تحل محل آشتون حين ينتهي تكليفها، ستظهر الترشيحات رسميا خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة، وحتى وقتها قد لا يقع الاختيار على المرشح إلا في اللحظات الأخيرة، وفور ترشيحه لابد وأن يخضع لفحص وتدقيق وتتم الموافقة عليه في جلسات تعقد أمام البرلمان الأوروبي، وحينها فقط يمكنه أن يبدأ التفكير في الأولويات، وأي تأخير من الجانب الأوروبي يمكن بسهولة أن يدفع إيران للتأخير من جانبها، ومسؤول السياسة الخارجية الجديد قد يكون له أسلوب مختلف ومنهج مغاير.

وقالت دينا اصفندياري الباحثة بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "اختيرت آشتون لأنها لم تكن لتتخذ منهجا حادا في سياستها الخارجية، هي صوت الإجماع واللهجة الهادئة"، وأضافت "إذا جاء شخص أعلى صوتا فقد تتغير ديناميكية المحادثات".

ومن بين الأسماء التي ورد ذكرها ضمن المرشحين المحتملين لخلافة آشتون وزير خارجية السويد كارل بيلت ونظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي وكلاهما له صوت عال في قضايا تتراوح بين العقوبات الاقتصادية والتجارة والسياسة الدفاعية.

ولأنه كان لزاما على الاثنين أن يقودا سياسات بلديهما الخارجية فهما أقل اعتيادا على القيام بدور الراعي وأكثر ميلا للإمساك بعجلة القيادة وهو تغير معرقل في المواقف من وجهة نظر إيران ناهيك عن وجهة النظر الأمريكية أو الروسية أو الصينية، كما أن رحيل آشتون قد يعني أيضا رحيل فريقها التفاوضي ليحل محله فريق يختاره خليفتها مما سيعقد الجوانب الفنية للمفاوضات، ويقول مسؤولون إن من غير الواضح ما إذا كانت هيلجا شميد أكبر مفاوضي الاتحاد الأوروبي الألمانية المولد ستبقى في منصبها بعد التغير رغم أنها أقامت علاقات وثيقة مع نظرائها الإيرانيين في 2011.

وهناك عامل آخر يمكن أن يشكل المستقبل وهو أن خليفة آشتون سيحدد بدرجة كبيرة نوع العلاقة التي ستربط الاتحاد الأوروبي بإيران إن تم إبرام اتفاق نووي، فهناك شركات من أوروبا والولايات المتحدة تتوق لاقتناص فرص تجارة واستثمار في إيران لدى رفع العقوبات الغربية، لكن في تلك المرحلة قد يتعين أيضا على الاتحاد الأوروبي أن يبحث سجل حقوق الإنسان في إيران والذي يمثل مشكلة قائمة منذ فترة طويلة لم يتم التطرق إليها في المحادثات النووية لكنها قد تصبح قضية حساسة مع مناقشة أمر العلاقات التجارية والاستثمارات في المستقبل، وقال دانييل كوهين المحلل في مركز فرايد للأبحاث إن آشتون "كانت لديها رفاهية أتاحت لها ألا تفكر في هذا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/حزيران/2014 - 3/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م