إسرائيل من الداخل.. تشرذم يقتات على الفساد والعنصرية

 

شبكة النبأ: يرى بعض المحللين المتخصصين بالشأن الإسرائيلية أن إسرائيل تعيش وسط دوامة الصراعات والأزمات الداخلية المتفاقمة، بسبب السياسات والخطط المتخبطة التي تتبعها الحكومة، والتي أسهمت بتفشي وانتشار الفساد المالي والأخلاقي وتفشي الإجرام والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، الذي يعاني أصلا من التفكك والانحدار بسبب ضعف القوانين وتفاقم الصراعات السياسية، التي أصبحت محط انتقاد الكثير داخل وخارج إسرائيل التي تعتبر نفسها دولة فوق الشرائع والقوانين.

وبحسب بعض المراقبين فأن ما تعانيه إسرائيل بسبب تعنتها المستمر وسياساتها الإجرامية ربما سيكون مقدمة لانهيار هذا الكيان الغاصب، الذي يعاني اليوم من انتقادات متزايدة قد تقود الى العزلة الدولية، خصوصا وان الفترة السابقة قد شهدت تردي العلاقات الشخصية والسياسية بين نتنياهو والكثير من حلفاء ومنهم والرئيس الامريكي باراك أوباما.  

النازيون الجدد

وفي هذا الشأن وصف أشهر كتاب إسرائيل، عاموس عوز، المتطرفين اليهود المسؤولين عن هجمات عنصرية تستهدف المسيحيين والمسلمين بـ"النازيين الجدد العبرانيين". ونقلت صحيفة هآرتس على موقعها على الإنترنت عن عاموس عوز، أشهر الكتاب الإسرائلييين، قوله إن تعبير "تدفيع الثمن" الذي يستخدم بشكل واسع لوصف الهجمات التي يشنها المتطرفون اليهود على الفلسطينيين والعرب الإسرائيليين ليس سوى تخفيف لحقيقة ما يحصل.

وأضاف الكاتب الإسرائيلي أمام مدعوين كانوا يحتفلون ببلوغه الخامسة والسبعين "هناك أسماء لطيفة تستخدم لوصف المسخ، الذي لا بد من تسميته بما هو عليه: مجموعات من النازيين الجدد العبرانيين". وتابع عوز "إن مجموعاتنا من النازيين الجدد تستفيد من دعم عدد من القوميين وحتى من نواب عنصريين ومن حاخامين يقدمون لها بحسب رأيي تبريرات دينية".

وتم العثور على كتابات جديدة مناهضة للمسيحيين والمسلمين وأخرى عنصرية ضد العرب في القدس، ما دفع الشرطة إلى تعزيز حمايتها للمواقع الدينية خصوصا مع اقتراب زيارة البابا فرنسيس إلى الأراضي المقدسة. وكتبت على جدران كنيسة القديس جاورجيوس قرب حي اليهود المتدينين في القدس عبارة "تدفيع الثمن، الملك داود لليهود، والمسيح قذارة".

كما كتبت عبارة "الموت للعرب" على جدران منزل في القدس العتيقة، كما رسمت صلبان معقوفة نازية على جدران شقة في القدس الغربية. وتحت شعار "تدفيع الثمن" يقوم مستوطنون متطرفون وناشطون من اليمين المتطرف بتكثيف اعتداءاتهم على الفلسطينيين والعرب الإسرائيليين، وحتى على الجيش الإسرائيلي أحيانا بحجة معارضتهم لقرارات حكومية يعتبرون أنها تتعارض مع مصالحهم. بحسب فرانس برس.

وتتعرض أماكن عبادة مسيحية وإسلامية بشكل شبه يومي لاعتداءات من هذا النوع. ومع أن الشرطة اعتقلت عددا من الأشخاص إثر هذه الاعتداءات، لم تحصل ملاحقات قضائية بحقهم. وارتفعت أصوات تطالب بتسليم هذا الملف إلى جهاز الشين بيت لردع المعتدين.

فساد حكومي

في السياق ذاته اصدرت محكمة في تل ابيب حكما بالسجن لست سنوات بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت لقبوله رشاوى متعلقة بفضيحة عقارية ضخمة في القدس، بحسب ما اوردت وسائل الاعلام الاسرائيلية. وقالت الاذاعات الاسرائيلية انه حكم على اولمرت بالسجن ست سنوات وبدفع غرامة قدرها مليون شيكل (290 الف دولار) وذلك بعد ادانته بتهمة الرشوة في قضيتين عندما كان رئيسا لبلدية القدس. وادين اولمرت بتهمة تلقي رشاوى وهو اول رئيس وزراء سابق يواجه حكما بالسجن بتهمة الفساد.

وقال القاضي عند نطقه بالحكم "لقد شغل المنصب الاكثر اهمية ومركزية وانتهى به الامر مدانا بجرائم وضيعة". واضاف "الموظف العمومي الذي يقبل الرشاوى هو بمثابة خائن". وادين اولمرت (68 عاما) بتهمة تلقي رشاوى في قضيتين منفصلتين، احداهما فضيحة العقارات الكبرى "هولي لاند" (الارض المقدسة) في القدس حين كان رئيسا لبلدية المدينة (1993-2003) وادين ايضا بالإدلاء بشهادة الزور لمحاولته تشويه سمعة الشاهد الرئيسي في القضية. وكان اولمرت اعتبر في العام 2010 مشتبها به رئيسيا في قضية "هولي لاند" بتهمة تلقي رشاوى بقيمة 1,5 مليون شيكل (430 الف دولار) رغم ان الادعاء خفض لاحقا المبلغ الذي تلقاه الى نحو النصف.

الى جانب ذلك أعلن القضاء الإسرائيلي وقف ملاحقة وزير الطاقة سيلفان شالوم على خلفية قضية تتعلق بالاعتداء جنسيا على زميلة سابقة. وذكر بيان لوزراة العدل أن المدعي العام للحكومة اعتبر الوقائع المنسوبة للوزير سقطت ب"التقادم". وأوقف القضاء الإسرائيلي ملاحقة وزير الطاقة سيلفان شالوم، على خلفية تهم بالاعتداء جنسيا على زميلة سابقة، بسبب التقادم.

وقال بيان صادر عن وزارة العدل الإسرائيلية إن المدعي العام للحكومة يهودا فاينشتاين، وهو أيضا مستشار الحكومة، اعتبر أن الوقائع المنسوبة لشالوم والتي وقعت قبل 15 عاما، سقطت بالتقادم. وقامت الشرطة الإسرائيلية في وقت سابق باستجواب الوزير (العضو في حزب الليكود اليميني) بعد تقديم امرأة كانت تعمل تحت إمرة شالوم عندما كان وزيرا للعلوم شكوى للشرطة. ويسقط هذا النوع من الجرائم بالتقادم في إسرائيل بعد مرور عشر سنوات. بحسب فرانس برس.

وبحسب البيان، فإن الشرطة حققت أيضا في شكاوى قدمتها نساء أخريات ضد سيلفان شالوم دون التوصل إلى أدلة كافية لملاحقته قضائيا. وأضاف البيان أن المدعي العام اعتبر بأنه "لا يوجد أي سبب لمواصلة التحقيقات". وتحدثت وسائل الإعلام مطولا عن هذه الفضيحة، مذكرة بالفضيحة السابقة المتعلقة بالرئيس السابق موشيه كتساف الذي يقضي منذ كانون الأول/ديسمبر 2011 حكما بالسجن بتهمة الاغتصاب. ويعد شالوم مرشحا محتملا لخلافة شيمون بيريز في منصب رئيس الدولة. وسينتخب البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الرئيس المقبل في موعد لم يحدد بعد.

قانون جديد

على صعيد متصل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيسعى لسن قانون يعرف إسرائيل بانها دولة يهودية في خطوة من المؤكد أن تثير معارضة من المواطنين العرب الذين يشكلون خمس عدد السكان. وقال نتنياهو في خطاب في تل أبيب "سأدعو (لسن) قانون أساسي يصف إسرائيل بأنها دولة الشعب اليهودي". وكان نتنياهو يشير إلى رفض الفلسطينيين لمطلبه بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية خلال محادثات السلام التي عقدت في الآونة الأخيرة.

ويخشى الفلسطينيون أن يؤدي هذا الوصف إلى التمييز ضد أقلية عربية كبيرة داخل إسرائيل تشكل نحو خمس عدد سكانها وإلغاء أي حق لعودة اللاجئين الفلسطينيين منذ حرب عام 1948 إلى إسرائيل الحالية. ومن شأن إقدام إسرائيل على ترسيخ وضعها كدولة يهودية في قانون -وهو تعريف تضمنه إعلان قيامها في عام 1948- أن يزيد من تعقيد أي محاولات لاستئناف مفاوضات السلام المتعثرة بسبب هذه القضية وقضايا أخرى.

وكان نتنياهو يتحدث في القاعدة التي وقع فيها إعلان قيام دولة إسرائيل وقال إن أولئك الذين يسعون لإقامة دولة فلسطينية ويرفضون الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية يتحدون حق إسرائيل في الوجود. وقال محمد بركة وهو مشرع من عرب إسرائيل عن قائمة حداش (الحزب الشيوعي العربي) إن التشريع الذي سيعلن إسرائيل دولة يهودية سيكون ذا طابع عنصري. وأضاف "في الحقيقة لقد فوجئت لعزمه تقديم ذلك كقانون اساسي. أتابع تصرفات نتنياهو في محادثات السلام. وأعرف أنه لا يريد السلام ... لكنه مضى بعيدا جدا في هذه النقطة."

وقال بركة في بيان إن القانون المقترح يعتبر "استكمالا لمسلسل القوانين العنصرية... وهو عملية لتثبيت هذه السياسة وجعلها الزامية بمعنى جعل العنصرية سياسة الزامية لمؤسسة الحكم." وأضاف البيان "ما من شك أننا سنصعد نضالنا وندعو كل القوى الديمقراطية الحقيقية في الشارع اليهودي الى أن تعلن موقفها من هذا القانون وتنخرط في المعركة ضد هذا القانون العنصري الخطير." بحسب رويترز.

وفي غياب دستور رسمي تحدد مجموعة من القوانين الأساسية وافق عليها الكنيست منذ قيام إسرائيل 1948 السلطات الحكومية والتشريعية والقضائية وتحمي الحقوق المدنية وتحدد وضع القدس المتنازع عليه دوليا كعاصمة لإسرائيل. وقال مسؤول إسرائيلي إن سن قانون أساسي يعلن إسرائيل دولة يهودية سيكون خطوة رمزية إلى حد كبير. وتعهد نتنياهو في كلمته بأن إسرائيل "ستضمن مساواة كاملة في الحقوق الشخصية والاجتماعية لكل مواطنيها - يهودا أو غير يهود - في دولة يهودية وديمقراطية."

انقسام في اليمين

من جانب اخر أثارت مساعي أحد كبار داعمي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأمريكيين لشراء صحيفة إسرائيلية يمينية ثانية انتقادات لدى البعض الذين يرون في ذلك خطوة لتعزيز القاعدة الانتخابية لنتنياهو مع تقدم محادثات السلام مع الفلسطينيين التي ترعاها الولايات المتحدة. ووافقت محكمة في القدس على عرض شراء صحيفة مكور ريشون التي تخاطب اليهود المنتمين للمعسكر القومي الديني ومنهم كثيرون يعيشون في مستوطنات بالضفة الغربية.

وقدم عرض الشراء شيلدون أدلسون وهو داعم للحزب الجمهوري الأمريكي ويعمل في مجال أندية القمار ويملك بالفعل صحيفة يسرائيل هيوم وهي صحيفة يومية توزع مجانا على نطاق واسع في إسرائيل. وتقول يسرائيل هيوم إنها تريد أن تتوسع في سوق الصحف الآخذة في الانكماش في إسرائيل كما في غيرها من الدول في مواجهة وسائل الإعلام الإلكترونية الرخيصة. وقالت كل من يسرائيل هيوم ومكور ريشون إن مكور ريشون ستحتفظ بسياستها التحريرية المستقلة.

لكن الوزير نفتالي بينيت أبدى أسفه لهذه الصفقة. وحزب البيت اليهودي - القومي المتشدد - الذي ينتمي إليه بينيت طرف رئيسي في حكومة نتنياهو الائتلافية المحافظة ويعارض صراحة إمكانية التوصل إلى اتفاق لإقامة دولة فلسطينية. وقال بينيت لراديو الجيش الإسرائيلي عند سؤاله عن بيع مكور ريشون إن الصفقة التي لا تزال في انتظار موافقة سلطات مكافحة الاحتكار "تحزنني". وتابع قوله "يسرائيل هيوم هي (مثل) صحيفة برافدا (الروسية). إنها لسان حال شخص واحد .. رئيس الوزراء."

وأشار إلى ترحيب الصحيفة بسياسات نتنياهو التي انتقدها يمينيون كثيرون آخرون ومنها التعليق الجزئي المؤقت للبناء في مستوطنات في عامي 2009 و2010 . وتريد واشنطن حاليا إعادة فرض هذه القيود للمساعدة في إبقاء عملية السلام المتعثرة على المسار. وأضاف بينيت "عند كل مرحلة تشهد خلافا بين المصلحة الوطنية ورئيس الوزراء تنحاز الصحيفة دائما لرئيس الوزراء."

واعتبر أوري إليتسور نائب رئيس تحرير مكور ريشون تصريحات بينيت غير صحيحة ووصفها بأنها "زلة لسان مؤسفة" وقال إن صحيفته ستعارض أي إخلاء لمستوطنات. وردا على سؤال للراديو عما إذا كانت الصحيفة ستنتقد نتنياهو بعد بيعها إذا أقدم على إخلاء مستوطنات بالضفة الغربية قال إليتسور "لنفترض ذلك.. نعم. وإذا لم يكن الأمر كذلك فلن يكون لي مكان هناك بعدها."

وأشار هانوخ مرمري - وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة هاآرتس الليبرالية اليومية والذي يحرر مدونة معنية بشؤون الإعلام - إلى أن بينيت يخشى فقدان وسيلة لحشد الناخبين ضد نتنياهو. وانضم مشرع من حزب البيت اليهودي لمشرعين من اليسار والوسط لسن تشريع يحظر الصحف المجانية. ويقول مشروع القانون إن هذه الصحف المجانية تقوض على نحو غير منصف الصحف الحرة و"تلحق ضررا كبيرا بحرية التعبير".

وقال مشروع القانون "من المقبول اليوم في كثير من البلدان الغربية منح الصحف دعما اقتصاديا لضمان استمرار أدائها وهو أمر ضروري للديمقراطية." وانتقد جونين جينات الكاتب في يسرائيل هيوم مشروع القانون. وقال "لا يوجد بلد في العالم تدار فيه المنافسة بين الصحف التي تباع والصحف المجانية بالإسكات ووصاية البرلمان. هذا اختراع إسرائيلي." وكثيرا ما يشن جينات حروبا كلامية على منتقدي صحيفته وعلى منافستها صحيفة يديعوت أحرونوت أكثر الصحف مبيعا. بحسب رويترز.

وتشكل مبيعات طبعة نهاية الأسبوع ليديعوت حصة 43 بالمئة من السوق مقارنة مع 31 بالمئة ليسرائيل هيوم. وقد تقلص يسرائيل هيوم الفجوة بشراء مكور ريشون التي تملك طبعتها في نهاية الأسبوع أربعة بالمئة من السوق. ومبيعات مكور ريشون اليومية لا تذكر.

الخدمة العسكرية

من جهة اخرى قالت إسرائيل إنها تكثف جهودها لتشجيع المسيحيين العرب على الانضمام الي الجيش. ويبلغ عدد المسيحيين العرب في إسرائيل نحو 160 ألف شخص أو حوالي 2 بالمئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم ثمانية ملايين نسمة. وقال ضابط كبير بالجيش إن عدد المجندين المسيحيين الذي يبلغ حاليا حوالي 100 من المتوقع ان يتزايد في الأشهر القادمة.

وأبلغ اللفتنانت كولونيل عمير هاي الصحفيين "ننوي استدعاء المسيحيين الذين هم في سن التجنيد (17 و18 عاما) وسنرسل اليهم إخطارات استدعاء للتطوع للخدمة." والمسيحيون العرب في إسرائيل معظمهم فلسطينيون واعتادوا بشكل تقليدي الوقوف إلى جانب الطائفة المسلمة في القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وتمثل الأقلية المسلمة نحو 20 بالمئة من السكان ويتم في الأغلب اعفاء من هم في سن التجنيد من اداء الخدمة العسكرية.

وقال هاي إن كل أفرع الجيش بما في ذلك الوحدات الخاصة ستكون مفتوحة أمام المتطوعين ماداموا مؤهلين لمتطلبات المهمة. وأضاف قائلا "لن تغلق اي (وحدة) أمام (المجندين المسيحيين) ما لم تكن هناك معايير تحد من قدرة المجند على الخدمة.. الذكور فقط هم الذين سيتم استدعاؤهم في الوقت الراهن رغم ان الاناث موضع ترحيب للتطوع ايضا."

وقال الأب جبرائيل ناداف رئيس منتدى التطوع المسيحي الإسرائيلي لراديو الجيش "أرحب بهذه الخطوة المهمة والتاريخية... لأن تكون الطائفة المسيحية عضوا في المجتمع الإسرائيلي وأن تكون متساوية في الحقوق والواجبات." واليهود الإسرائيليون ملزمون باداء الخدمة العسكرية في سن الثامنة عشر حيث يخدم الرجال ثلاثة أعوام والاناث عامين. وتعفى الغالبية العظمى من اليهود المتشددين من اداء الخدمة لاعتبارات دينية وهي قضية مثيرة للخلاف في المجتمع الإسرائيلي. بحسب رويترز.

والاقليات الاخرى التي يتم استدعاؤها للخدمة هي العرب الدروز والعرب البدو. وقال الاب ناداف الذي يؤيد صراحة اندماج المسيحيين بشكل أكبر داخل المجتمع الإسرائيلي انهم يريدون النظر اليهم على انهم من مواطني إسرائيل. وأضاف قائلا "لسنا عربا ولسنا فلسطينين. نحن إسرائيليون. مواطنون لهذا البلد ونعتبر انفسنا موالين لهذه الدولة ومؤسساتها كما هو حال اي مسيحي يعيش في أي مكان اخر في العالم."

طائرة خاصة

في السياق ذاته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يحتاج الى أجهزة إتصال مشفرة ومأمونة على الطائرة المستأجرة التي تقله في زياراته الخارجية. وردت التصريحات التي أدلى بها زعيم دولة تساورها مخاوف أمنية عميقة ضمن تقرير أصدرته لجنة معينة من قبل الحكومة تبحث فيما اذا كان يتعين توفير طائرة رسمية لرئيس الوزراء ورئيس الدولة شمعون بيريس. وأوصت اللجنة بأن تشتري الدولة طائرة مستعملة مع تزويدها بوسائل إتصال مؤمنة ومعدات مضادة للصواريخ.

وبعد أن أحيلت للاستيداع في عام 2001 طائرة متهالكة بوينج 707 تابعة للقوات الجوية استأجر رؤساء الحكومات في إسرائيل طائرة من الخطوط الجوية التجارية الوطنية بغرض إستخدامها في الرحلات الرسمية للخارج بما في ذلك رحلات جوية الى الولايات المتحدة التي تستغرق 12 ساعة وتمثل وجهة رئيسية.

وقالت اللجنة عقب الإستماع الى نتنياهو وعدد من كبار مسؤولي الأمن "جميع من (أدلوا بشهاداتهم) أشاروا الى مدى خطورة الوضع الذي ينطوي على إفتقار رئيس الوزراء الى اتصالات مستمرة بالأقمار الصناعية خلال مدة الرحلة التي يمكن ان تقطع بضع ساعات في مسارها عبر الاطلسي." وأضافت "والإتصالات -عندما تكون متوفرة- لا تكون مشفرة."

وخلال تعليقاته أمام اللجنة شكا نتنياهو من انه "من غير المتصور" ان توضع "القيادة العليا لدولة اسرائيل داخل علبة" ولا يتوافر لديها أي حماية أو وسائل اتصال مواتية. ونقلت اللجنة عنه قوله "توجد اتصالات عندما يلصقون هوائيا ما على زجاج الطائرة."

وشاهد مراسلون يرافقون نتنياهو على متن الطائرة في مناسبة واحدة على الأقل معاونا وهو يتردد على قسم الصحافة حاملا في يده هاتفا يعمل من خلال الأقمار الصناعية قرب المقعد الملاصق للنافذة وهو يجري مكالمة مستفسرا عن أحدث الأنباء في اسرائيل. وقال يورام كوهين مدير جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) للجنة إنه يتصادف في بعض الأحيان ان يكون لدى الجهاز "معلومات مخابرات حساسة يود ان ينقلها (لنتنياهو)... لكن لا يكون بمقدور رئيس الوزراء تلقي المعلومات السرية خلال اي رحلة جوية." بحسب رويترز.

وشكا تامير باردو الذي يرأس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) قائلا "تحاول أن تجرب استخدام تجهيزات ما في قمرة القيادة لابتكار شيء يبدو في قمة الغباء." وأشارت تقديرات اللجنة الى أنه يمكن شراء طائرة للمسافات الطويلة بمبلغ 70 مليون دولار تقريبا متضمنا تكلفة أجهزة الاتصالات الخاصة والمعدات المضادة للصواريخ. وقالت اللجنة إن الرحلات الجوية المستأجرة لزيارات نتنياهو الخارجية وتذاكر الدرجة الأولى لبيريس الذي عادة ما يستخدم الرحلات الجوية المنتظمة كبدت دافع الضرائب الإسرائيلي أربعة ملايين دولار العام الماضي. ويسعى نتنياهو لإقناع اللجنة بشراء طائرة مؤكدا ان ذلك سيكون اقتصاديا أكثر.

جماعة جيه

على صعيد متصل أجرت منظمة تضم الجماعات اليهودية الامريكية الرئيسية تصويتا رفضت بموجبه محاولة جماعة جيه. ستريت الليبرالية الانضمام الى عضويتها مما أشاع حالة من الاحباط لدى الجماعة التي تصف نفسها بأنها مؤيدة لاسرائيل ومؤيدة للسلام ومؤيدة لحل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية. وعبر عدد من الجماعات اليهودية المعتدلة والليبرالية الاخرى عن معارضة القرار الذي اتخذه (مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الامريكية الرئيسية) الذي قال انه بحث طلب جماعة جيه. ستريت طوال عدة أشهر.

وجماعة جيه. ستريت التي تتخذ من واشنطن مقرا لها أكثر تأييدا من أي جماعة يهودية أخرى للتوصل الى اتفاق في الشرق الاوسط يستند الى حل الدولتين الذي سيؤدي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة واسرائيل آمنة. واشار مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الامريكية الذي نشر نتائج التصويت الرسمي الذي جرى في نيويورك الى ان الانضمام يحتاج الى تأييد ثلثي أعضاء المؤتمر الخمسين.

وذكر المؤتمر ان بعض المنظمات الاعضاء قدمت طلبات مرات عدة قبل الفوز بالتأييد اللازم. وقال رئيس المؤتمر روبرت سوجرمان والرئيس التنفيذي مالكولم هوينلين في بيان "العضوية الحالية للمؤتمر تضم منظمات تمثل وتوضح اراء شرائح عريضة من الطائفة اليهودية الامريكية ونحن واثقون من ان المؤتمر سيواصل تقديم توافق الطائفة في القضايا القومية والدولية المهمة مثلما فعل طوال السنوات الخمسين الماضية."

وقالت جماعة جيه. ستريت التي تشكلت منذ ست سنوات ان المؤتمر فعل العكس تماما بقراره وانه اختار "اغلاق باب الخيمة" التي تمثل مظلة للمجتمع اليهودي. وقالت جيه. ستريت في بيان "التصويت يوضح من نواح عديدة أحد الاسباب الرئيسية التي أنشئت من أجلها جيه. ستريت في المقام الاول والسبب في اننا مستمرون في النمو: شريحة كبيرة من الطائفة اليهودية الامريكية تشعر بأنها ليس لها وطن أو صوت داخل الهياكل التقليدية." بحسب رويترز.

ووصفت نانسي كوفمان رئيسة المجلس القومي للنساء اليهوديات نتيجة التصويت بأنه "يوم حزين للتعددية في الطائفة اليهودية الامريكية." وقالت في بيان "إنه أمر مؤسف ان يبدو الامر أكثر صعوبة بالنسبة للمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة ان تختلف باحترام بشأن السياسات الخاصة بكيفية بناء دولة اسرائيل يهودية ديمقراطية نابضة بالحياة قوية أكثر من الناس الذين يعيشون في اسرائيل."

يهود فرنسا

من جانب اخر وعندما طرح التاجر اليهودي الفرنسي البسيط دانييل فكرة الهجرة إلى إسرائيل للمرة الأولى قبل ثمانية أعوام حثه والداه وأصدقاؤه على العدول عن المجازفة.. لكنه الآن يقول إن بعضهم هم أنفسهم أصبحوا يفكرون في الهجرة. ويعتزم دانييل (31 عاما) إغلاق متجر الأقفال وتصليح النوافذ الذي يملكه جنوبي باريس والانتقال إلى إسرائيل التي يعرف لغتها بالكاد ولا تنتظره فيها فرصة عمل. وقال دانييل الذي طلب عدم ذكر اسمه بالكامل خوفا من خسارة زبائنه إذا عرفوا بنيته إغلاق المتجر "السبب الرئيسي بالنسبة لي هو الأزمة الاقتصادية.. والسبب الثاني هو معاداة السامية."

ويهاجر يهود فرنسا إلى إسرائيل بمعدل لم يسبق له مثيل تاركين وراءهم ما يصفونه بجو عام طارد على نحو متزايد في طريقهم إلى إسرائيل التي تجذبهم إليها بتمويل حكومي مغري. وتقول وكالة اجانس جويف التي ترصد هجرة اليهود إن 1407 يهود هاجروا من فرنسا إلى إسرائيل خلال ثلاثة شهور فقط مما يعني أن عام 2014 في طريقه ليصبح العام الذي شهد أكبر تدفق من يهود فرنسا على إسرائيل منذ قيامها عام 1948. وبلغ عدد المهاجرين اليهود من فرنسا إلى إسرائيل العام الماضي 3300 وهو ما يزيد بنسبة 73 في المئة عن عام 2012.

وهاجر يهود فرنسيون آخرون إلى الولايات المتحدة أو بريطانيا أو دول أخرى. وفرنسا بها أكبر عدد من اليهود في أوروبا ويقول المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا إن عددهم في فرنسا زاد بمعدل النصف منذ الحرب العالمية الثانية ووصل إلى نحو 550 ألفا. وفي فرنسا قتل ثلاثة تلاميذ يهود وحاخام في هجوم نفذه إسلامي متشدد يدعى محمد مراح عام 2012 كما تعرض متجر لبيع الطعام المذبوح على الطريقة اليهودية لهجوم آخر في نفس العام مما أصاب اليهود الفرنسيين بصدمة.

وترصد الخدمة الأمنية للجالية اليهودية التابعة للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا حوادث معاداة السامية بدءا من الهجمات الجسدية إلى الكتابة على الجدران وتبلغ بها الشرطة الفرنسية. ورصدت الخدمة 423 من هذه الحوادث العام الماضي أي أقل من عددها في عام 2012 لكن العدد يبقى أكبر من متوسط تلك الحوادث خلال التسعينيات من القرن الماضي. وقال دانييل الذي لا يضع أي رموز تشير إلى دينه إنه يرى زيادة في مشاعر معاداة السامية خاصة على مدونات الكترونية ومنتديات دردشة تتبنى فكرا معاديا للسامية. وأضاف أنه لاحظ تعرض اليهود لسوء المعاملة عندما زار أقاربه في حي قديم بجنوب باريس كان يسكن فيه وأصبح مكتظا بالمهاجرين. وقال "عندما كنت صغيرا كان أصدقائي من العرب أو السود ولم تكن لدي أي مشكلة معهم بل على العكس.. أما الآن فقد احتدت نظراتهم إلي وكأننا نلعب لصالح فريقين مختلفين."

وبينما تطرد معاداة السامية المزيد من يهود فرنسا فإن اقتصاد إسرائيل القوي يجذبهم. ونما الاقتصاد الإسرائيلي 3.3 في المئة العام الماضي مقابل 0.3 في المئة للاقتصاد الفرنسي. وقال دانييل إن الأعباء تزايدت عليه بسبب الضرائب الفرنسية والقيود حيث انخفضت مبيعاته الشهرية التي وصلت إلى نحو عشرة آلاف يورو (13700 دولار) إلى نحو نصف هذا المبلغ خلال الشهور الستة المنصرمة. وأضاف "أردت تغيير موقع واجهة متجري للترويج لمزيد من الأعمال لكن استصدار الأوراق اللازمة وحده كلفني ألف يورو بين أجر المحامي وتكلفة التسجيل الرسمي.. إنه أمر مرهق." بحسب رويترز.

وستدفع إسرائيل ثمن تذكرة الهجرة إليها وخدمات التوظيف إلى جانب عام من التدريب على العبرية في إطار برنامج حكومي توسع العام الماضي لجذب المهاجرين اليهود. ويهدف البرنامج لجذب 42 ألف يهودي فرنسي بحلول عام 2017. وقد لا تكون الحياة في إسرائيل سهلة بالنسبة للوافد الجديد. وعادة ما يتوجه المهاجرون الفرنسيون إلى مجتمعات بعينها خاصة نتانيا وهي بلدة ساحلية تقع شمالي تل أبيب. لكن أسعار المنازل في نتانيا تساوي أسعار السكن في أغنى الأحياء في باريس مما يعني أنها ستبقى بعيدة عن دانييل. وقال دانييل بعدما التقى مرة ثانية بمستشار في اجانس جويف "الذهاب إلى إسرائيل يعني التضحية.. سأضطر للبدء من الصفر. ولكن بالنسبة لأطفالي عندما يصبح لدي أطفال.. أعتقد أن الوضع سيكون أفضل."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آيار/2014 - 1/شعبان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م