انتخابات الرئاسة المصرية... ومؤشرات عودة حكم الدولة العميقة

 

شبكة النبأ: أظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في واشنطن بعض النتائج الاستطلاعية والتي ربما تعكس حالة الشارع المصري وقت الانتخابات الحاسمة، التي يتنافس فيها السيسي وصباحي على حجز مقعد الرئاسة المصرية بعد الاضطرابات والثورات والإرهاب الذي عصف بمصر مؤخراً وقسم المواطنين بين مؤيد ومعارض.

ومن بين استطلاعات الرأي التي اجرها المركز ذكر:

1. حصل السيسي على تأييد 54% من المشاركين، بينما قال 45% منهم إنهم لا يؤيدونه.

2. أيد 35% من المشاركين في الاستطلاع، السياسي اليساري حمدين صباحي المنافس الوحيد للسيسي بينما قال 62% إنهم لا يؤيدونه.

3. 43% من المصريين يعارضون عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي، فيما أيد 54% تحرك الجيش ضد مرسي.

4. وأظهر الاستطلاع أن 38% من المصريين يحتفظون لجماعة الإخوان المسلمين بنظرة إيجابية رغم حظرها وإعلانها جماعة إرهابية.

5. وبحسب الاستطلاع رأى 45% من المشاركين أن الجيش له دور سلبي مقابل 56% قالوا إنه يقوم بدور إيجابي في المجتمع المصري.

6. ورأى 41% أن دور القضاء إيجابي مقابل 58% رأوا العكس. كما نقلته رويترز.

ويبدو واضحاً من خلال الاستطلاع الذي اجراه المركز البحثي المتخصص، بالاعتماد على شرائح مختلفة من المجتمع المصري، حجم التباينات الكبيرة التي يعيشها المجتمع المصري، في ظل اضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تأثرت كثيراً بالربيع المصري غير المستقر.

وقد أكد العديد من المحللين، ان الانشقاقات التي وقعت بين الحركات الثورية، وتجريم الاخوان المسلمين، والخوف من سيطرة الجيش، إضافة الى التضييق الكبير على الحريات والتظاهرات، أدت الى توسيع نظرة التشاؤم حول مستقبل مصر.

فيما أشار اخرون، الى عودة سيطرة الحرس القديم، او الدولة العميقة داخل مصر، والتي غيرت الكثير من المعادلات، ومهدت الطريق لعودة الجيش، وتولي السيسي، كحاكم عسكري، السلطة من جديد في مصر.

لكن يتساءل بعض المحللين هل يمكن أن يترجم السيسي -العسكري المحترف- المهارات التي يتطلبها منصب الرئيس –كسياسي محترف- في حال لو تم انتخابه رئيسا لمصر؟.

المصريون يصوتون

فقد بدأ الناخبون المصريون الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة المصرية في ثاني خطوة من خارطة الطريق التي أعلنها قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي وقت عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الثالث من يوليو تموز.

ويخوض السيسي الانتخابات منافسا للسياسي اليساري حمدين صباحي الذي جاء ثالثا في انتخابات 2012، والخطوة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق هي الانتخابات التشريعية التي يتوقع أن تجرى قبل نهاية العام، وكانت الخطوة الأولى تعديلا لدستور صاغته جمعية تأسيسية غلب عليها الإسلاميون عام 2012.

وأظهرت لقطات تلفزيونية السيسي متوجها وسط حراسة أمنية مشددة وتزاحم المصورين للإدلاء بصوته في لجنة بحي مصر الجديدة شمال شرقي القاهرة، وسمع صوت مؤيد له يناديه "يا ريس، يا ريس"، وأظهرت لقطات تلفزيونية صباحي متوجها للإدلاء بصوته في لجنة انتخابية بمدينة الجيزة على الضفة الأخرى لنيل القاهرة وقوله "إحنا حريصين على ان احنا نبني دولة نتشارك فيها جميعا".

ويحق لأكثر من 53 مليون مصري الإدلاء بأصواتهم، وقال التلفزيون المصري إن الرئيس المؤقت عدلي منصور أدلى بصوته في لجنة بمصر الجديدة ونقل قوله داعيا المصريين على المشاركة "أنا بأقول لكل مصري انزلوا شاركوا في بناء مستقبل وطنكم، نتوقف عن الكلام ونبدأ العمل"، وفي محافظة الغربية بدلتا النيل قال مصدر أمني إن مجهولين يستقلون سيارة لا تحمل لوحات معدنية ألقوا قنبلة محلية الصنع أمام لجنة انتخاب في قرية دمرو لكن انفجارها لم يوقع إصابات بين عدد من الناخبين اصطفوا أمام اللجنة.

وأضاف المصدر أن المهاجمين لاذوا بالفرار، واستقال السيسي من منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربي وترك قيادة الجيش في مارس آذار ليتسنى له خوض الانتخابات طبقا للقانون الذي يمنع العسكريين العاملين من الاشتغال بالسياسة، وفي مدينة السويس شرقي القاهرة قالت شاهدة عيان إن قوات الجيش والشرطة اقامت حواجز معدنية خارج مراكز الاقتراع وسمحت للناخبين بالوصول إلى اللجان الانتخابية بعد التأكد من هوياتهم. بحسب رويترز.

وقال صابر حبيب أمام لجنة انتخاب وهو يلوح بقبضة يده في الهواء "إحنا شايفين السيسي راجل صح (حقيقي)، مصر تحب الرجل القوي"، واضاف حبيب وهو مقاول عمره 61 عاما "عايزين البلد تمشي لقدام وان الناسي تاكل عيش (خبز)".

ويعتبر السيسي على نطاق واسع الزعيم الفعلي لمصر منذ أزاح محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين من الرئاسة في يوليو تموز الماضي، وهو يواجه منافسا وحيدا في الانتخابات، هو السياسي اليساري حمدين صباحي، ومن المتوقع أن يفوز السيسي بسهولة، فهو يحظى بتأييد واسع بين المصريين الذين فرقت بينهم الاضطرابات السياسية منذ انتفاضة 2011 التي رفعت شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".

ورغم أن البعض يشعر بقلق بالغ من الحملة السياسية الصارمة التي تشهدها مصر منذ خلع السيسي أول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة يظل هناك كثيرون يرون فيه المنقذ بعد أن أنهى حكم مرسي الذي أمضى في الرئاسة عاما شهد انقسامات حادة بين المصريين وانتهى باحتجاجات حاشدة أدت إلى الإطاحة به.

وعن السيسي قال أحمد عرفة (61 عاما) وهو بائع جرائد بالقاهرة "تاريخه في الجيش ومواقع المسؤولية التي تولاها ودوره كرجل مخابرات تجعله يعرف أين مصلحة بلدنا، ما يهم الناس هو الأمن والاستقرار والسياحة والاستثمار"، ويأتي التصويت بعد أدمى صفحة في صفحات التاريخ المصري الحديث، فقد قتل مئات من الإسلاميين وسجن آلاف آخرون كما قتل مئات من قوات الأمن في دائرة عنف متواصلة.

وسجن أيضا أفراد من الحركة المطالبة بالديمقراطية التي قادت الاحتجاجات على مبارك ويتحدث نشطاء عن حالات تعذيب كثيرة على أيدي الأجهزة الأمنية مما يعيد إلى الأذهان الانتهاكات التي كانت تمارسها الشرطة وساهمت في إشعال انتفاضة 2011، وتعهد الإخوان المسلمون وحلفاؤهم الإسلاميون بتصعيد "موجة ثورية" رغم أنه مرت شهور كثيرة منذ تمكنوا من حشد أعداد كبيرة في الشوارع، وتنحصر معظم احتجاجاتهم الآن داخل الجامعات، وحثت الجماعة مؤيديها على مقاطعة الانتخابات.

وقال عضو بالجماعة في العشرينات من العمر طلب عدم نشر اسمه خشية الاعتقال "المشاركة في هذه الخطوة الإدارية تعطي شرعية لهذا الانقلاب، حتى لو كنا سنعطي صوتنا للمرشح المنافس، سنواصل كفاحنا"، وحثت وسائل الإعلام المحلية التي تديرها الدولة ورجال أعمال الناخبين على المشاركة في العملية الانتخابية، وستكون هذه سابع مرة يدلي فيها المصريون بأصواتهم في انتخاب أو استفتاء خلال ما يزيد بقليل عن ثلاث سنوات.

ولدواع أمنية لم يظهر السيسي في مؤتمرات جماهيرية خلال الحملة الانتخابية التي بدأت منذ أقل من شهر، وكان قد قال إنه تم الكشف عن خطتين لاغتياله، وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "معظم الناس تعبوا من الثورة ويريدون الاستقرار، وفي الوقت نفسه هناك مخاوف كثيرة، يخشى كثيرون عودة نسخة جديدة من نظام مبارك"، وسيكون السيسي (59 عاما) في حال فوزه هو الرجل السادس الذي يأتي من الجيش لإدارة شؤون مصر منذ أطاح الجيش بالملكية عام 1952 وسيعيد نموذجا متصلا لم يفصله سوى السنة الوحيدة التي قضاها مرسي في الحكم.

وسيقود السيسي السلطة التنفيذية والتشريعية لحين انتخاب برلمان جديد، ومن المتوقع إجراء انتخابات عامة في مرحلة لاحقة هذا العام، وضمن السيسي 95 في المئة من أصوات المصريين بالخارج لكن استطلاعا أجراه مركز بيو للأبحاث ومقره واشنطن أعطى صورة أقل وضوحا إذ أشار إلى أن نسبة التأييد للسيسي 54 في المئة في حين أن نسبة غير المؤيدين 45 في المئة، ونتيجة الانتخابات تبدو حتمية لكن الإقبال الكبير سيعني تفويضا قويا لحكم السيسي، وسيتابع الانتخابات مراقبون من الاتحاد الأوروبي ومنظمة الديمقراطية الدولية التي تمولها الولايات المتحدة.

وستترك الانتخابات أثرا على العلاقات مع الولايات المتحدة التي ربطت مستقبل علاقاتها العسكرية القائمة منذ فترة طويلة مع مصر بالتحول السياسي، وبعد عزل مرسي والقيام بالحملة الأمنية الصارمة أوقفت الإدارة الأمريكية معظم المساعدات العسكرية السنوية لمصر والتي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار، لكنها أعلنت أنها ستستأنف بعض المعونات العسكرية لأسباب منها المساعدة في التصدي للمتشددين.

ويتصدر الأمن جدول أعمال السيسي، وتتهم الدولة الإخوان المسلمين بالضلوع في أعمال عنف ضدها وأعلنتها جماعة إرهابية وهو ما ينفيه الإخوان، وأعلن إسلاميون أكثر تشددا مسؤوليتهم عن كثير من الهجمات، وتوحي تصريحات السيسي بأن تركيزه سينصب على التنمية الاقتصادية في بلد منغمس في الفقر بينما قد تتخذ الحقوق السياسية موقعا أدنى، وكان قد قال يوما إن مصر ليست مؤهلة لتطبيق ديمقراطية كاملة على الطراز الغربي.

قال ناثان براون أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة "هناك لمحة واضحة من اليمين الأوروبي قبل الحرب العالمية الثانية في حديثه (السيسي) وفي نظرته للعالم على الأرجح: القومية، الأبوة، الإحساس القوي بالدولة، التحفظ الاجتماعي، التشديد على الواجب، انعدام الثقة في الحياة البرلمانية والتعددية السياسية".

وشبه خالد داود المتحدث باسم حزب الدستور الليبرالي السيسي بالحكام الأقوياء الآخرين الذين حكموا مصر منذ عام 1952، وقال "من الواضح أنه لا يفكر في وضع قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان في صدارة جدول أعماله"، ويدعم حزب الدستور صباحي، وأضاف داود "لدينا الكثير الذي ينبغي إنجازه كقوى ديمقراطية ملتزمة بثورة 25 يناير" مشيرا إلى المظاهرات التي أدت إلى الإطاحة بمبارك عام 2011.

فيما قالت السفارة المصرية بالسعودية في بيان إن 93 بالمئة من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية منحوا أصواتهم لوزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي فيما حصل السياسي اليساري حمدين صباحي على سبعة بالمئة.

وقال بيان للسفارة المصرية "من بين 76609 ناخبين شاركوا في الانتخابات التي استمرت لمدة خمسة أيام في الفترة من 15 إلى 19 مايو الحالي حصل المرشح عبد الفتاح السيسي على أصوات 70267 ناخبا فيما منح 5213 ناخبا أصواتهم للمرشح حمدين صباحي بينما بلغ عدد الأصوات الباطلة 1129 صوتا"، ويقدر عدد المصريين في المملكة بنحو مليوني مصري يمثلون أكبر جالية مصرية في الخارج.

معارضة السيسي

من جهتها قالت حركة شباب 6 ابريل المصرية المحظورة التي صدر قبل شهور حكم بسجن مؤسسها أحمد ماهر إنها ستقاطع انتخابات الرئاسة أواخر الشهر الحالي وستواصل السعي لتحقيق أهداف انتفاضة 2011 التي شاركت فيها، والحركة التي انبثقت عنها حركة شباب 6 ابريل (الجبهة الديمقراطية) من أبرز الجماعات التي شاركت في الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

وزعمت الحركة أن القوات المسلحة سيطرت على الدولة وأن ذلك دعاها لمقاطعة الانتخابات، ويخوض الانتخابات قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي الذي يتوقع على نطاق واسع نجاحه بسهولة على منافسه الوحيد السياسي اليساري حمدين صباحي.

وقالت الحركة في بيان قرأه محمد كمال عضو المكتب السياسي لها في مؤتمر صحفي عقد في مقر منظمة سياسية لنشطاء في وسط القاهرة "في ظل العشوائية والتضارب والتداخل والمنع والقمع والقتل والسيطرة الغاشمة وضبابية وانعدام النزاهة، في ظل سيطرة الحزب العسكري الجديد على مفاصل الدولة ومؤسساتها وإعلامها (وتسخير) ذلك في خدمة مرشحه المدلل وتحول الانتخابات، إلى تمهيد إجرائي لقدوم دكتاتور جديد.

وسجن ماهر ثلاث سنوات في ديسمبر كانون الأول لإدانته بالتظاهر دون موافقة السلطات والتعدي على رجال شرطة وتحطيم ممتلكات عامة وخاصة، وصدر نفس الحكم على اثنين من النشطاء البارزين الذين شاركوا في انتفاضة 2011 هما محمد عادل وأحمد دومة، وقال كمال إن ما يقلق حركة شباب 6 ابريل في ظل العملية السياسية الحالية أن "الحريات السياسية تتلاشى بشكل واضح جدا، الأزمة الاقتصادية تتجه للتصاعد"، وأضاف أنه يتوقع احتجاجات شعبية واسعة ابتداء من يوليو تموز المقبل على ضوء ارتفاع الأسعار.

وقال كمال إن حركة شباب 6 ابريل (الجبهة الديمقراطية) لم تشارك في المؤتمر الصحفي الذي قرأ فيه بيان مقاطعة الانتخابات، وكان مصدر قال إن الجبهة الديمقراطية شاركت بممثلين لها في المؤتمر الصحفي، وشاركت حركة شباب 6 ابريل في الاحتجاجات الحاشدة التي سبقت الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يونيو حزيران والذي عزله الجيش في الشهر التالي. بحسب رويترز.

وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قضت في إبريل نيسان بحظر حركة شباب 6 ابريل وقال كمال تعقيبا على الحكم بعد صدوره إنه "مسيس من الدرجة الأولى"، وقال مسؤول في الحركة بعد الحكم بسجن ماهر إن الحركة سحبت اعترافها بخارطة الطريق التي أعلنها السيسي عندما كان قائدا للجيش يوم إعلانه عزل مرسي، وبمقتضى خارطة الطريق عدل الدستور وستجرى انتخابات تشريعية بعد الانتخابات الرئاسية، ومنذ الإطاحة بمبارك تمر مصر باضطراب سياسي تخلله عنف واسع كما تمر بتدهور اقتصادي ومشاكل أمنية داخلية.

وكان ائتلاف يضم أحزابا إسلامية تعارض عزل مرسي أصدر بيانا في وقت سابق يعلن فيه مقاطعته للانتخابات التي وصفها بأنها "مسرحية هزلية" تهدف إلى تنصيب "مدبر الانقلاب" رئيسا للبلاد.

وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية في بيان على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي على الانترنت إنه لن يعترف بالرقابة على الانتخابات من قبل "داعمي الانقلاب الغربيين" في إشارة واضحة للاتحاد الأوروبي الذي وافق على إرسال بعثة مراقبة، وجعلت وسائل الإعلام المصرية من السيسي بطلا وينظر كثيرون إليه على أنه الحاكم الفعلي للبلاد بعد عزل مرسي، وترك منصبه كقائد للجيش ووزير للدفاع الشهر الماضي من اجل خوض انتخابات الرئاسة.

ويرى أنصار السيسي أنه الرجل القوي المطلوب في الوقت الراهن لاستقرار البلاد، لكن معارضيه ومعظمهم من الإسلاميين فينظرون اليه على انه العقل المدبر لانقلاب دموي انتزع السلطة من رئيس منتخب، وكان المصريون أدلوا بأصواتهم في وقت سابق هذا العام في استفتاء على الدستور الجديد، وأظهرت النتائج الرسمية موافقة 98 في المئة ممن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور وبلغت نسبة الإقبال على التصويت 39 في المئة.

وقال الناشط الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق في مصر خالد علي إنه لن يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة المتوقعة خلال أشهر ووصفها بأنها "مسرحية" وعبر عن رفضه لترشح قائد الجيش ووزير الدفاع عبد الفتاح السيسي.

وأضاف علي "استحالة في أي مجتمع زي دول العالم الثالث اللي احنا فيه وزي الظروف اللي بتمر بيها مصر وينزل وزير الدفاع الانتخابات، لان طول عمر قائد الجيش المصري محبب عند المصريين مش لشخصه ولكن لأنه قائد الجيش المصري"، وتابع أن من بين مطالبه "أن يحمي الجيش الوطن والديمقراطية وأن يبتعد قادة الجيش عن العملية الانتخابية".

وانتقد خالد علي قانون الانتخابات الرئاسية الذي يحصن قرارات اللجنة المشرفة من الطعن عليها، ودعا لإلغاء قانوني التجمهر والتظاهر والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، ورغم أن علي يحظى باحترام قطاع كبير من الشباب لأنه أحد أبرز وجوه الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 لكنه حصل على المركز السابع في انتخابات 2012 التي فاز بها مرسي، ولم يحصد سوى نحو 143 ألف صوت.

واشتهر بدفاعه عن الحقوق خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ففي مارس آذار 2010 حصل على حكم من القضاء الإداري بإلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 1200 جنيه مصري (172 دولارا).

صباحي منافساً للسيسي

من جانب اخر قال المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي إن لديه شكوكا في أن يتمكن قائد الجيش ووزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي من إحلال الديمقراطية إذا انتخب للمنصب مشيرا إلى ما قال إنها انتهاكات حقوقية وقعت منذ أعلن السيسي عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو تموز.

وأضاف صباحي إن السيسي يتحمل "مسؤولية مباشرة أو ضمنية سياسية" عن انتهاكات حقوقية وقعت في أكبر الدول العربية سكانا خلال الفترة الانتقالية التي بدأت بعد عزل مرسي وتستمر لحين إجراء انتخابات تشريعية بعد الانتخابات الرئاسية.

وكان صباحي أيد بقوة إعلان السيسي في يوليو تموز عزل مرسي الذي حكم مصر عاما واحدا لكنه يقول إن معالم عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية مطلع عام 2011 تعود الآن.

ولمح السيسي بقوة إلى عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، كما أعلن صباحي الذي حل ثالثا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة عام 2012 عزمه خوض السباق للمرة الثانية رغم توقعات بفوز ساحق للسيسي لما يتمتع به من تأييد قطاع كبير من الشعب المصري، وعزلت قيادة الجيش مرسي المنتمي للإخوان المسلمين بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.

ويشكو مصريون كثيرون من أن مرسي فشل في علاج الاضطراب السياسي والتدهور الاقتصادي والانفلات الأمني الذي أعقب الإطاحة بمبارك، ورغم ما يشير إليه من "الأخطاء" يقول صباحي إنه "غير نادم" على المشاركة في الاحتجاجات التي اندلعت ضد مرسي يوم 30 يونيو حزيران ويعتبرها "ثورة متممة ومصححة لثورة (25) يناير (كانون الثاني 2011)" التي أطاحت بمبارك.

وأضاف صباحي الذي أودع السجن 17 مرة في عهد مبارك إن مصر ما زالت بانتظار نظام ديمقراطي حقيقي، وقال إن الحكم الانتقالي الحالي "لم يعبر عن احترامه للقيم الديمقراطية والتعدد، انتهك الدستور اللي احنا اتفقنا عليه (في تعامله مع المعارضين)، ما نعيشه ليس تعبيرا عما يريده ويستحقه الشعب المصري من حريات".

وخلال ما يقرب من تسعة أشهر بعد عزل مرسي قتل في العنف السياسي بمصر نحو 1500 شخص أغلبهم من مؤيدي مرسي وبينهم مئات من قوات الأمن، وألقي القبض على الآلاف من أعضاء وقادة جماعة الإخوان بمن في ذلك مرسي والمرشد العام للجماعة محمد بديع ويحاكمون بتهم تتصل بالقتل والإرهاب والتخابر والتحريض على العنف والتظاهر بدون موافقة مسبقة.

وشهدت البلاد تصاعدا في التفجيرات والهجمات المسلحة التي يشنها متشددون إسلاميون ينشطون في شبه جزيرة سيناء ويقال إنهم وسعوا نطاق هجماتهم إلى القاهرة ومدن أخرى في شمال البلاد وجنوبها. بحسب رويترز.

وتتنصل جماعة الإخوان من هذه الهجمات وتستنكرها قائلة إنها ملتزمة بالسلمية في احتجاجاتها على ما تقول إنه انقلاب عسكري، لكن صباحي حمل الاخوان المسؤولية الأكبر عن العنف، وقال "ما أعرفه أن جماعة الاخوان المسلمين كجماعة وحزب مسؤولة مسؤولية سياسية كاملة عن ظاهرة العنف والإرهاب في مصر".

وأضاف "لو كانوا اختاروا أن يحترموا إرادة شعبهم ثم يمارسوا المعارضة بطرق سلمية لم يكن يحدث أبدا هذا الاندفاع (نحو العنف)"، وشدد على أن مصر لم تطهر بعد من النظام "العفن" أو تضع نواة لجيل جديد من الساسة.

وأضاف "النظام اللي حكمنا لأربع عقود وقام على فقر واستبداد وفساد وتبعية لا يزال قائما بنفس سياساته الجوهرية، التغير في وقت مرسي كان تغيرا على السطح، وتم نوع من أنواع إحلال نخبة تطلق ذقونها مكان نخبة حليقة".

ولكنه عاد وأكد على أن ملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشارع للمساعدة في الإطاحة برئيسين في ثلاثة أعوام لن يتسامحوا مع أي دكتاتورية جديدة، وعبر عن "مخاوف" من إعادة إنتاج نظام مبارك لكنه حذر من أن "اللي هيعيد إنتاج نظام مبارك ومرسي سيلقى مصير مبارك ومرسي"، وأضاف "أي محاولة لإنتاج النظام القديم أو الحفاظ عليه حتى لو بمكياج وبرش السكر فوق الموت لن تفلح".

وتابع أن الحكومة الحالية استخدمت حربها على الإرهاب كغطاء من أجل خنق المعارضين، وقال إن أبرياء تعرضوا للاعتداء وأشار إلى أن الحكومة أصدرت قانونا يقيد الاحتجاجات، ووصف صباحي قانون تنظيم المظاهرات بأنه "خطأ لا معنى له"، وقال "شباب الثورة ملقى في السجون ووجوه مبارك الفاسدة تعود لتطل علينا في الإعلام والمشهد السياسي".

وعلى الرغم من مزاعم بوجود انتهاكات في الفترة الحالية إلا أن السيسي له شعبية عند كثير من المصريين بوصفه شخصية حاسمة يمكنها قيادة البلاد للخروج من أزمتها السياسية والاقتصادية، ويرى صباحي أن شعبية السيسي سببها "الشعور الجمعي بالخوف على قضية الأمن" وهو ما دفع الناس للجوء إلى قوة قادرة على أن "تفل الحديد بالحديد".

وتابع أن السيسي في حال وصوله للحكم ستكون "لديه فرصة أنه يمشي باتجاه عبد الناصر، و(لكنه) يواجه خطر أنه يمشي في اتجاه مبارك، إذا أحاطت بالسيسي نخبة نظام مبارك البائدة فهي ستثقله باتجاه الانحدار إلى حال مبارك، وإذا أحاطت به نخبة من الثورة هتحلق في اتجاه أحلامها ليقترب من تجربة العدل الاجتماعي اللي عبر عنها عبد الناصر".

ووصف صباحي نفسه بأنه من قلب الناس وهو الذي يمثل الثورة ومطالبها وأهدافها المتمثلة بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية، وتابع أن عدم وصول من قاموا بالثورة للحكم "ليس ضعفا من الشعب، (بل) ضعف القوى السياسية المعبرة عنه".

وانتخب صباحي مرتين لعضوية البرلمان في عهد مبارك وحل أولا في مدينة الإسكندرية والسويس وعدة محافظات في دلتا مصر في انتخابات الرئاسة عام 2012 التي فاز فيها مرسي، ولكنه أقر بصعوبة المنافسة مع السيسي لكنه قال "أعتقد فرصي أكبر في معركة أصعب".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 28/آيار/2014 - 27/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م