مركز المستقبل في حلقة نقاشية: من سيكون رئيس الوزراء القادم؟

 

شبكة النبأ: اقام مركز المستقبل للدراسات والبحوث، حلقة نقاشية متخصصة بعنوان (من سيكون رئيس الوزراء القادم؟)، وذلك في قاعة جمعية المودة والازدهار، بحضور نخبة من الباحثين والمختصين.

وقد استضاف المركز في هذه الندوة الباحث الدكتور (محمد القريشي)، الأستاذ في جامعة الكوفة، ورئيس المركز العراقي/الفرنسي للتعاون والحوار والحاصل على بوست الدكتوراه في الدبلوماسية الاوربية من اكاديمية الدبلوماسية في بروكسل، إضافة الى كونه مدير مشروع كرسي اليونسكو في جامعة الكوفة.

بداية تحدث الباحث في مركز المستقبل (باسم حسين الزيدي) عن أهمية الموضوع، كونه على درجة عالية من الحساسية، مشيراً الى انه "يهمنا كعراقيين اولاً، لكن الأهم يعنينا كباحثين، فالباحث دائماً ما يركز على خلفية الاحداث والأسباب الكامنة وراء الاختيار".

وأضاف "ان مركز المستقبل يرغب في تسجيل نقطة بحثية مقتضبة حول التجاذبات الخارجية".

وذكر الزيدي ان "اليوم، كما هو معلوم في العراق، التناقضات الداخلية هي انعكاس واضح لطبيعة التجاذبات الخارجية"، مضيفاً "وقد أشار بعض الباحثين والمحللين السياسيين الى وجود بوادر تغيير حقيقية في طبيعة العلاقات الدولية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية".

وعلل الباحث "اليوم نسمع عن مفاهيم، ربما ليست بالجديدة، لكن اعيد صياغتها لتتناسب مع الوضع الجديد منها (القيادة من الخلف، عقيدة المسؤولية، الدبلوماسية المشروطة، الصراع على القارات بدلاً من الدول...الخ)، هذا من جانب".

وقال "من جانب اخر، يجري الحديث ايضاً عن تفاهمات نقلتها وسائل الاعلام بإسهاب بين دول إقليمية مؤثرة في الشرق الأوسط (إيران والسعودية) في اجندتها ترتيب الأوراق في لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن".

وختم الباحث بالقول "بالمحصلة النهائية، يعتقد مركز المستقبل، ان فهم طبيعة هذا الصراع وتأثيره على اختيار رئيس الوزراء القادم في العراق، سيوضح موقع العراق خلال الأربع سنوات القادمة، سيما على المستوى الأمني، الاجتماعي، الاقتصادي، الخارجي".

كما طرح البحث في مركز المستقبل جملة من الأسئلة بالقول "اذن من سيكون رئيس الوزراء القادم؟، واي كفة سترجح في حسم الموقف لصالحها؟، وما هو العامل الأكثر تأثيرا في حسم الموقف؟ هل هو الاستحقاق الانتخابي؟ ام العامل الإقليمي؟".

بعدها تناول الباحث الدكتور (محمد القريشي) موضوع الحلقة النقاشية بالقول "تتنافس معظم القوى السياسية على منصب رئاسة مجلس الوزراء بسبب الصلاحيات الموكلة إلى هذا المنصب وما يتيحه ذلك من امكانية تنفيذ برامج الجهة الفائزة وترسيخ وجودها على الساحة السياسية العراقية"

وأضاف القريشي "وهذا ما أثبتته تجربة السنوات السابقة من حكم السيد نوري المالكي التي انتهت بالهيمنة على المشهد السياسي العراقي بوسائل عدة".

مشدداً على القول بانه "لا يمكن تناول منصب رئيس الوزراء دون الإشارة إلى تجربة السنين الماضية التي احتوت على خلل كبير في حالة التوازن بين السلطات الثلاث (مجلس الوزراء/مجلس النواب/رئاسة الدولة) نتيجة لتداخل المهام بين المؤسسات المذكورة الأمر الذي أدى إلى شلل في أداء مجلس النواب وتقاطع القوى المختلفة وانفراد رئاسة مجلس الوزراء في رسم معالم المشهد السياسي العراقي".

وقال "كما تميزت الدورات السابقة لمجلس النواب بضعف استقلالية الأعضاء وهيمنة الكتل السياسية على عمل المجلس بشكل همش القدرات الفردية للأعضاء".

مضيفاً "ومن هنا فان اداء رئيس الوزراء القادم مرهون بحل المشاكل البرلمانية العالقة كتشريع قوانين الأحزاب والنفط والغاز، وإجراء الإحصاء السكاني وربط الموازنة بحساباتها الختامية، وإبراء ذمة المسئولين كافة وإلزام الحكومة بالبرنامج الانتخابي المطروح للشعب سلفا، ومنع إشغال أي منصب في الوكالة إلا لمدة لاتزيد عن 90 يوما كحد أقصى، مع مراعاة وضع ضوابط صارمة على مشاريع القوانين المؤجلة وبشكل يفضي لاستصدارها وفق جدول معلن وتجريم تأخير إصدار الموازنة كل عام، والعودة الحقيقية لاستقلالية الهيئات المستقلة كونها تمثل صمامات الأمان وحامية الدستور".

المشهد الداخلي

ثم انتقل الباحث الدكتور (محمد القريشي) بالحديث عن المشهد الداخلي الذي "تتنافس على هذا المنصب قوى سياسية شيعية كائتلاف دولة القانون والتيار الصدري وكتلة أحرار والمجلس الإسلامي الأعلى، ويتفق المراقبون على وجود 3 احتمالات ممكنة للتحالفات القادمة".

مضيفاً ان اولها سيكون "استمرار هيمنة القوى الرئيسة الثلاث الشيعية والسنية والكردية على مقاعد البرلمان، وتحالف القوى الشيعية الرئيسية الثلاثة معاً ويبدو ذلك عسيرا بسبب الخلافات العميقة بين المالكي والسيد الصدر"، مضيفاً "وفي إطار هذه الحالة ستتحالف القوى السنية، (الوطنية)، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وائتلاف (العربية) بزعامة نائب رئيس الوزراء الحالي صالح المطلك، و(متحدون للإصلاح) بزعامة أسامة النجيفي وتنطلق في مفاوضاتها لتشكيل الحكومة مع الشيعة والأكراد".

وقال الباحث "وسيتحالف الحزبين الكبيرين كذلك (الاتحاد الوطني الكردستاني) بزعامة رئيس جمهورية العراق جلال طالباني، و(الحزب الديمقراطي الكردستاني) بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني".

اما ثاني الاحتمالات، فذكر الباحث ان "نجاح (دولة القانون) بالحصول على الغالبية البسيطة في الانتخابات أي 164 مقعداً من أصل 328 مقعدا، أو على ثلث أعضاءه في اقل تقدير، مما يسهل له طريق الحصول على ولاية ثالثة لزعيمه نوري المالكي".

مضيفاً "ولن تتمّكن (دولة القانون) الحصول على هذه الغالبية لوحده، وسيسعى إلى التحالف مع عدد من الكتل الشيعية والسنية الصغيرة للانضمام إليه، إضافة إلى قوى سياسية تشارك في الانتخابات للمرة الأولى، أو كتل انشقت عن كتلها الرئيسية وقررت تشكيل كتلة مستقلة تخوض غمار الانتخابات فيها".

وقد قسمها الباحث الى:

شيعيا/ سيتحالف مع: حزب "الفضيلة"، و"تيار الإصلاح الوطني"، "عصائب أهل الحق".

سنيا/ سيتحالف مع: "العراقية الحرة" و"البيضاء" وهي كتل انشقت منذ سنتين عن قوائم سنية كبيرة بقيادة أياد علاوي.

واكد بالقول "وفيما يخص الكتل الشيعية والسنية والكردية الكبيرة الباقية فإنها ستتفاوض مع القوي للحصول على مكاسب او تلجا الى المعارضة في البرلمان".

اما ثالث الاحتمالات التحالفية، فقد اشار اليها من خلال "تفتت الكتل الطائفية والقومية وبروز تحالفات مبنية على أساس البرنامج السياسي وليس على أساس الدين والقومية".

المشهد الإقليمي والعالمي

وبالانتقال الى المشهد الاوسع (الاقليمي والعالمي) فقد أكد الدكتور الباحث بالقول "تتنافس القوى الاقليمية والعالمية على الساحة السياسية للتأثير على عملية اختيار الرئيس وكذلك تنفيذ برنامجه الانتخابي".

وفقد صنفها القريشي وفق الجدول البياني التالي:

الدولة

نوع الدعم

طبيعة الدولة

ايران

دعم القوى الشيعية معنويا ولوجستيكيا

براكماتيكية

 

 

 

 

تعزيز قوة الحكم الشيعي وامين استقرار العراق

 

 

فضاء استراتيجي رادع

 

اميركا

دعم الحكومة بشكل عام

براكماتيكية

 

تامين حالة توازن سياسي بين السنة والشيعة

 

 

منطقة نفوذ حساسة

 

السعودية

دعم القوى السياسية السنية

نفس السلوك

 

دعم القوى الارهابية

في الباكستان

 

مادي- لوجستي

 

 

اضعاف الحكم الشيعي- مقاومة النفوذ الايراني

 

الاردن

دعم القوى السياسية السنية

 

 

لوجستي ( مقرات- اجتماعات)

 

 

توازن لصالح السنة

 

قطر

دعم القوى السياسية السنية

 

 

دعم القوى الارهابية

 

 

مادي- لوجستي- اعلامي

 

تركيا

دعم القوى السياسية السنية

 

 

دعم لوجستي- سياسات متذبدبة مع الاقليم

 

 

اضعاف الحكومة المركزية

 

 

الشخصيات المتنافسة

ثم تطرق الباحث الى اخذ عينة من الشخصيات التي من الممكن ان تتنافس على كرسي رئاسة الوزراء وقسمها كالاتي:

أياد علاوي: تقلصت فرصته كثيرا بسبب تصدع تجمعه بعد الانتخابات الاخيرة واعتماده على العامل الخارجي بصورة اساسية.

احمد الجلبي: عمق جماهيري محدود وحسابات سياسية ضيقة، فقد أخطأ لأنه لم ينضم الى الائتلاف ولكنه هذه المرة يخطئ لأنه انضم الى التحالف. كان بإمكانه بلورة تيار مدني وقيادته ولكنه قام بالرهان الخاسر.

عادل عبد المهدي: لم يحالف الحظ عبد المهدي في انتخابات 2005 مع انه كان قريباً جداً من هذا المنصب لولا أن التيار الصدري صوت في اللحظات الاخيرة للجعفري، مرشح مناسب استنادا الى ثقافته الواسعة وحكمته ولكنه تعرض الى أزمة ولكنه يمكن ان يطرح كمرشح تسوية في اللحظات الحرجة.

ابراهيم الجعفري: المرشح الأول لمنصب رئيس الوزراء لو حصل الائتلاف الوطني على الاغلبية الغيابية ولكن ذلك أمر مستبعد مالم ينضم اليه المالكي وهذا مستبعد كذلك.

نوري المالكي: مرشح قوي وقريب من الفوز لو أحسن اختيار المتحالفين وفيما اذا دخل الانتخابات باسم ائتلاف دولة القانون، ولكن تبقى العقبة الكبرى هي اقناع الكرد، ولا شك أن الاكراد سوف يفضلونه على الجعفري كما في المرة الاولى.

ثم قسم المرشحين لشغل المنصب حسب معرفة الدول الإقليمي والعالمية المؤثرة، ومدى مقبوليته لديها، فيما لو تمت تسويات او تفاهمات إقليمية وعالمية حول المرشح الاوفر حظاً:

 

ايران

اميركا

السعودية

تركيا

المالكي

نعم

نعم

كلا

؟

علاوي

كلا

...............

نعم

نعم

الزبيدي

نعم

؟

؟

...............

عبد المهدي

نعم

...............

...............

...............

الجعفري

..............

نعم

كلا

...............

وختم الباحث القريشي حديثة بالقول ان "من الناحية الجيبوليتيكية، فان إيران لديها توافق عالي، وكذلك الولايات المتحدة الامريكية لديها توافق عالي، اما بالنسبة لموقف السعودية فهو متأزم، بينما الموقف التركي يشير الى تذبذبها".

وقد شارك الحضور، من مسؤولي المراكز والأساتذة والباحثين، بمداخلات وملاحظات مهمة، تنوعت بين الأسئلة والتعليق على هامش البحث.

فقد أشار الشيخ مرتضى معاش مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام الى طبيعة الخطوط الحمراء التي وضعت قبل الانتخابات، وتساءل عن مدى جديتها، وهل من الممكن ان نرى لون آخر لهذه الخطوط، فيما بعد، او من الممكن ان تذاب وتنتهي بعد اعلان النتائج والبدء بمرحلة التحالفات؟

ثم تناول تصريحات السيد (بارزاني) حول تشكيل حكومة شراكة وليست حكومة اغلبية، والتي تشبه الفيتو بوجه ائتلاف دولة القانون وتحديداً ضد السيد (المالكي) لترشيحه لولاية ثالثة، والتي يسانده في هذا الراي السيد (النجيفي).

وختم الشيخ معاش كلامه بالقول "اعتقد ان الأكثرية او الاستحقاق الانتخابي لا تفيد بقدر عملية التوافقات التي درج عليها ساسة العراق منذ عام 2003، وإذا اخذنا العامل الإقليمي والدولي، بنظر الاعتبار، وهو كذلك، فان الأطراف الإقليمية (إيران والسعودية) والدولية (الولايات المتحدة) سيكون لها دور بارز في تحديد التوافقات القادمة، سيما وان الامريكان قد طالبو بتشكيل حكومة سريعة وتوافقية".

وبالحديث عن العملية السياسية التي تجري حالياً في العراق، اكد الأستاذ على كمونة (ممثل يونامي في كربلاء) على ضرورة المضي قدماً في بث أجواء التسامح والعفو لتحقيق "العدالة الانتقالية" باعتبارها الحل الحقيقي لمسائل الخلافات السياسية بين المكونات العراقية، التي باتت تبحث عن المصالحة الوطنية.

فيما أشار الباحث (علي الطالقاني) بمداخلته بالقول "الأمر الذي يتخوف منه محللون من أن اعادة حصول المالكي على ولاية ثالثة قد يؤدي إلى حدوث أزمة في وقت تزداد فيه التجاذبات السياسية مع تزايد حدة العنف والارهاب في مناطق عدة من العراق، ولهذه المخاوف أسباب يستند إليها الكثير من المحللين منها:

ـــ مواقف المرجعية الدينية من إدارة حكومة المالكي وخصوصا في مجال مكافحة الارهاب. والفساد وتردي الخدمات.

ـــ وجود مخاوف من تزايد حدة التوترات الطائفية ونشوء حرب أهلية.

ـــ عدم استطاعة رئيس الحكومة على اجراء تحالفات رصينة وشفافة. فضلا عن سوء علاقته مع باقي الكتل السياسية الشيعية والسنية والكردية.

ـــ رغبته بالاستمرار في منصبه وهو الأمر الذي سيوقع البلاد مرة أخرى في دائرة الأنظمة الاستيلائية والديكتاتورية التسلطية، مما يعرقل مأسسة دولة ديمقراطية حديثة.

كما تحدث الأستاذ (عدنان الصالحي) عن ظهور "الفريق القوي المنسجم"، والذي ربما سيتشكل من (الائتلافات الشيعية المعارضة، إضافة الى الاكراد والسنة) والتي قد تشكل مفاجأة في تشكيل الحكومة القادمة.

وفي ختام الندوة طرح المدرب الدولي الأستاذ (علي الشمري) جملة من الأسئلة التي ابتدائها بالقول "ان المرجعيات الدينية طرحت فكرة التغيير، لكن الواقع الذي افرزته النتائج مخالفة لهذا الطرح".

وأضاف "فلو افترضنا فوز المالكي بولاية ثالثة، ماهي طبيعة العلاقة القادمة بين الطرفين (المرجعية والمالكي)؟، وهل سنشهد بعض التنازلات من أحد الأطراف تجاه الاخر؟"

وذكر في ختام قوله ان هناك أسماء معينة طرحت لتولي منصب رئيس الوزراء، فهل من الممكن ان نشهد شخصية جديدة ومختلفة عن الأسماء المتداولة اليوم؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آيار/2014 - 23/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م