فساد البنوك الكبرى وزعزعة الاقتصاد العالمي

 

شبكة النبأ: القطاع المصرفي العالمي الذي تأثر بشدة في الفترة السابقة نتيجة الأزمات المالية والمشاكل المتواصلة التي شهدها العالم، يعيش اليوم وبحسب بعض المراقبين ازمة جديدة تتمثل بجملة من قضايا الفساد والتلاعب المالي في العديد من البنوك العالمية، حيث تشير التقارير الى ان السلطات الرسمية في العديد من دول العالم تجري اليوم تحقيقات خاصة مع العديد من البنوك الكبرى في احتمال تلاعبها في اسعار الصرف في سوق العملات الأجنبية وغيرها من الامور والمعاملات الاخرى التي يبلغ حجم المعاملات اليومية فيها بما يقدر بـ(5.3 تريليون دولار).

وتركز التحقيقات وبحسب بعض التقارير المسربة علي جوانب كثيرة تهم التعامل المصرفي منها غرف الدردشة والرسائل الالكترونية التي يتبين منها ارسال وسطاء معلومات حساسة عن اسواق صرف العملات بشكل غير قانوني وهناك شكوك قوية من قيام متداولين برفع او خفض اسعار الصرف، فمن الاتهامات الموجهة الي بعض البنوك انها دأبت علي دفع عملائها لاستخدام سعر مرجعي محدد في حين كان هناك سعر أفضل متاح ليحصل البنك علي هامش ربح أعلي، وبالرغم من سيولة السوق، حسبما يقول أحد محللي اسواق العملات.

فيما يرى بعض المراقبين للشأن الاقتصادي ان الكثير من المصارف الأوروبية تتجه إلى الهاوية وربما ستسقط قريباً بسبب الفساد وقضايا الاحتيال المالي وغسيل الاموال، وبالتالي تحتاج تلك البنوك الى رأس المال لاحتواء الازمات الاقتصادية ولاسيما أزمة الديون الحاصلة في منطقة اليورو، إلا أن هناك خطورة تكمن في معالجة أعراض ضعف النظام المصرفي الذي قد ينتج اقتصاداً هشاً مع ارتفاع التضخم الاقتصادي.

لذا يرى أغلب المحللين الاقتصاديين أن الاقتصاد العالمي خلال الاونة الاخيرة اقل حيوية لكن اكثر استقرارا، مما يعني انه يتجه الى فترة سيكون فيها النمو ابطأ لكنه اقل تعرضا للتقلبات وخصوصا تلك التي سببها القطاع المصرفي، مما يثير مخاوف دخول الاقتصاد العالمي مرحلة اكثر صعوبة في المستقبل القريب.

ملاحقات قضائية

 وفي هذا الشأن رفعت هيئة تنظيم أمريكية دعاوى قضائية ضد 16 مصرفا بتهمة التلاعب في مؤشر لندن لسعر الفائدة بين المصارف (ليبور). ويستخدم مؤشر (ليبور) في صياغة عقود مالية بقيمة تريليونات الدولارات، منها الرهن العقاري والتحويلات المالية عبر العالم كله. وقالت الهيئة التنظيمية إن التلاعب ألحق أضرارا جسيمة بنحو 38 مصرفا أغلقت أثناء الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وفي أعقابها.

وتتضمن قائمة المصارف الملاحقة قضائيا باركليز واتش اس بي سي وسيتي غروب، والمصرف الملكي الاسكتلندي. كما قررت الهيئة الأمريكية - وهي الشركة الفيدرالية للتأمين على الودائع - مقاضاة جمعية المصارف البريطانية. ونقل عن الهيئة الأمريكية قولها إن "جمعية المصارف البريطانية شاركت في العملية المزعومة، من أجل حماية إيراداتها من بيع رخص المؤشر."

وتقول الهيئة التنظيمية إن المصارف الملاحقة قضائيا تلاعبت بالمؤشر من أغسطس/آب 2007 إلى منتصف 2011. وطالت الاتهامات مصارف أخرى، منها بنك أمريكا، جي بي مروغان، ودويتش بنك، ولويدز، وكريدي سويس، ويو بي اس، ورابوبنك. والليبور هو متوسط الفائدة التي تطبقها المصارف في التعامل في ما بينها، ويتم تحديده يوميا. وتشارك أغلب المصارف العالمية بتقديراتها في تحديد المؤشر. ولكن يعتقد أن بعض هذه المصارف استغل المؤشر لتحقيق أرباح من خلال رفع أو خفض قيمته. وتحقق هيئات تنظيم دولية منذ عامين في مزاعم التلاعب بالمؤشر. وقد فرضت عقوبات في هذا الإطار بقيمة 3.7 مليار دولار حتى الآن.

من جانب اخر تجري الولايات المتحدة تحقيقا مع ثلاثة مصارف فرنسية بشبهة تورطها في قضية تبييض اموال وانتهاك العقوبات الاميركية المفروضة على عدد من الدول، كما افاد مصدر مقرب من التحقيق. وقال المصدر طالبا عدم ذكر اسمه ان "التحقيق يهدف الى تبيان ما اذا كانت المصارف قامت بعمليات تبييض اموال وانتهكت الحظر الاميركي عبر القيام باعمال مع عدد من الدول مثل كوبا وايران والسودان". بحسب فرانس برس.

واكد المصدر بذلك معلومات نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال. واوضح المصدر ان التحقيق يستهدف اضافة الى المصارف الفرنسية الثلاثة عددا آخر من المصارف الدولية، رافضا الكشف عن اسماء هذه المصارف او متى بدأ هذا التحقيق. واضاف ان التحقيق تتولاه بشكل مشترك وزارتا الخزانة والعدل الاميركيتان والهيئة الناظمة للخدمات المالية في نيويورك. وبحسب وول ستريت جورنال فان "بي ان بي باريبا"، اكبر مصرف في فرنسا، يجري حاليا مفاوضات مع السلطات الاميركية للتوصل الى اتفاق ودي حول هذه القضية.

من جهة اخرى وافق مصرف بنك اوف اميركا على تسديد 9،3 مليارات دولار لاغلاق فصل قانوني اخر بخصوص القروض العقارية الفاسدة التي ادت الى الازمة العقارية، بحسب اتفاق اعلن عنه الاطراف. وينص الاتفاق على تسديد المصرف 5،83 مليار دولار نقدا الى وكالتي اعادة تمويل الرهن العقاري فاني ماي وفريدي ماك.

وتخصص 3،5 مليارات باقية لشراء البنك قروضا فاسدة ما زالت الوكالتان شبه العامتين تملكانها. وستؤثر هذه التسوية كثيرا على الارباح الفصلية على ما سارع البنك الى التأكيد، وينهي الاتفاق المبرم رسميا اربع تحقيقات قضائية بداتها الوكالة الفدرالية لتمويل الاسكان عام 2011، وهي الوكالة المشرفة على القطاع وعلى وكالتي "فاني" و"فريدي".

بنك باركليز

في السياق ذاته قالت الهيئة الاتحادية للجمارك بأن "بنك باركليز تصرف بطريقة طائشة" وخرق بعض القواعد ومن المتوقع أن يتم استجواب عدد من مدراء بنك باركليز التنفيذيين السابقين من قبل مكتب جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة حول صفقة أبرمت مع مستثمرين في قطر في عام 2008. وسيخضع للاستجواب الرئيس التنفذي السابق بوب دايموند و جون فارلي وهما من بين 12 من كبار المدراء السابقين المقرر استجوابهم.

ويحقق مكتب جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة في مزاعم بأن باركليز دفع 322 مليون جنيه استرليني في شكل رسوم للمستثمرين من أجل كسب دعمهم وجمع تبرعات تقدر بحوالي 5 مليار جنيه استرليني. وقال متحدث باسم دايموند بأن الأخير "سيواصل تعاونه وسيقدم ما يستطيع لبنك باركليز، إلا أنه لن يعلق على أي موضوع".

ويعمل دايموند في الولايات المتحدة، إلا أنه يزور المملكة المتحدة بشكل منتظم. ويواجه بنك باركليز غرامة تقدر بـ 50 مليون جنيه استرليني من هيئة السلوك المالية حول المدفوعات القطرية. وقالت الهيئة الاتحادية للجمارك بأن "بنك باركليز تصرف بطريقة طائشة" وخرق بعض القواعد. ورفض باركليز ومكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة التعليق حول هذا الموضوع، كما لم يتم التمكن من الاتصال بفارلي.

على صعيد متصل أعلن مصرف باركليز أنه سيلغي 19 ألف وظيفة بحلول عام 2016، منها 9 آلاف في بريطانيا. وبموجب استراتيجية جديدة، سيفقد قطاع الاستثمار في المصرف نحو 7 آلاف وظيفة بحلول نهاية 2016. وظل قطاع الاستثمار في باركليز يعاني تباطؤا في الطلب على ديون الحكومة والشركات. كما سينشيء باركليز "مصرفا سيئا" سيعمل في نهاية المطاف على بيع أو تقليل نشاط عمليات غير رئيسية بقيمة 115 مليار جنيه استرليني.

ويتضمن ذلك نحو 90 مليار جنيه استرليني من الأصول المصرفية الاستثمارية، وجميع الخدمات المصرفية للأفراد في دول أوروبا، التي تبلغ قيمتها 16 مليار جنيه استرليني. واستخدم عدد من المؤسسات "المصارف السيئة" منذ الأزمة المالية العالمية كأسلوب لتأمين القروض والأصول المحفوفة بالمخاطر. ويعطي إلغاء الوظائف أهمية أكبر لعمليات التجزئة الخاصة بالمصرف في بريطانيا، وذراعه لخدمات البطاقات الائتمانية، ولأعماله في دول افريقيا.

وقال أنتوني جينكنز، المدير التنفيذي للمصرف، إن "هذا تبسيط جريء لباركليز. سوف نصبح مصرفا دوليا متخصصا، يعمل فقط في المساحات التي لدينا فيها قدرات وأفق وميزة تنافسية." وقال كمال أحمد، محرر الشؤون الاقتصادية في بي بي سي، إن باركليز قد يغلق نحو 400 فرع خلال الأشهر القليلة القادمة، لكن خطوة الإعلان عن إغلاق الفروع لن تكون وشيكة.

وفي البيان الذي أصدره باركليز، لم يرد ذكر أي تفاصيل عن إغلاق فروع للخدمات المصرفية للأفراد. ويعمل في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد 32 ألف شخص في بريطانيا، ونحو 5900 في أوروبا. وسيتم إلغاء غالبية الوظائف التي تم الإعلان عنها في العام الجاري، حيث ستلغى 14 ألف وظيفة في المجموعة. وتتجاوز هذه الأرقام ما أعلنه المصرف سابقا بشأن رغبته تخفيض ما بين 10 آلاف و12 ألف وظيفة.

وسوف يفقد قطاع الاستثمار في المصرف 2000 وظيفة هذا العام، بالإضافة إلى 5 آلاف وظيفة أخرى بحلول نهاية عام 2016. ويوظف القطاع حاليا نحو 26 ألف شخص. وفي الربع الأول من العام الجاري، انخفضت أرباح باركليز 5 في المئة، بعدما انخفضت عائدات أعمال الاستثمار المصرفي 28 في المئة. وانخفضت العائدات التي يحققها البنك من تداول العملات والسندات والسلع بنحو 41 في المئة، لتصل إلى 1.23 مليار جنيه استرليني.

الى جانب ذلك قالت محطة سكاي نيوز التلفزيونية إن بنك باركليز البريطاني سيدفع علاوات للعاملين تصل إلى حوالي 2.4 مليار جنيه استرليني (3.9 مليار دولار) عن العام 2013 وهو العام الذي دعا فيه المساهمين لتقديم نحو ستة مليارات جنيه لدعم رأس المال. وتمثل العلاوات زيادة 11 في المئة عن 2012. ويمكن أن يثير ارتفاع العلاوات غضب السياسيين والعامة من عدم قيام البنوك بكبح المكافآت.

وكانت العلاوات المفرطة بين الأمور التي ألقي عليها باللوم في تشجيع المعاملات التي تنطوي على مخاطرة والتي ساهمت في الأزمة المالية في 2008-2009. وقالت سكاي إن من المتوقع أن يبرر باركليز الزيادة في العلاوات بالإشارة إلى الأداء القوي لوحدته الاستثمارية في الولايات المتحدة ومخاطر أن يفقد البنك كبار موظفيه لصالح منافسيه في وول ستريت. وكان باركليز دفع علاوات قيمتها 1.85 مليار استرليني في 2012 منها 1.3 مليار لموظفي أنشطته الاستثمارية فقط.

قوانين ملزمة

على صعيد متصل اقترح بنك انجلترا المركزي قاعدة تهدف لمنع الإفراط في المخاطرة تلزم المصرفيين الذين يتركبون تجاوزات في الأداء ورؤساءهم بإعادة العلاوات حتى ست سنوات بعد حصولهم عليها. وتهدف القاعدة الجديدة التي طرحها البنك للنقاش لمنع المصرفيين من القيام برهانات كبيرة واضعين في اعتبارهم أنه بوسعهم الانتقال إلى وظائف أخرى قبل ظهور أي مشكلات للعلن. وتمثل القاعدة تشديدا للقواعد الحالية التي لا تسمح سوى بإلغاء أو خفض العلاوات التي منحت ولم يتم صرفها بعد.

وكان مشرعون بريطانيون دعوا إلى مثل هذا الإجراء في تقرير بخصوص المعايير المصرفية أعد وسط غضب شعبي من حصول المصرفيين على علاوات ضخمة برغم احتياج بعض البنوك لدعم من الدولة خلال الأزمة المالية في 2007-2009 وبرغم فرض غرامات على بعض البنوك بسبب سوء الأداء. وسوف تتطلب القاعدة الجديدة إعادة صياغة عقود الموظفين حتى تكون ملزمة قانونا لكبار المصرفيين برد العلاوات إذا ثبت أنهم أساءوا التصرف حتى إذا تركوا العمل في البنك.

وقال أندرو بيلي نائب محافظ بنك انجلترا المركزي في بيان "السياسة التي نتشاور بخصوصها ستضمن إمكانية استرداد العلاوات من الأفراد بعد حصولهم عليها بالفعل إذا اتضح أنهم عرضوا استقرار شركاتهم للمخاطر أو انخرطوا في أفعال غير مناسبة." واضاف بيلي الذي يرأس أيضا الهيئة المشرفة على البنوك البريطانية التابعة للبنك المركزي "سيبعث هذا برسالة واضحة للأفراد عما هو متوقع منهم وعن عواقب عدم التصرف بشكل لائق." بحسب رويترز.

وقال روب مولتون من شركة المحاماة أشورست إن استرداد العلاوات المدفوعة أمر جذاب سياسيا لكنه صعب من الناحية العملية. واضاف "ماذا سيحدث إذا أنفقها المصرفي على الشمبانيا؟ سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لاستراد الأموال من شخص غير مسؤول مباشرة عن سوء الأداء لكنه مسؤول تنفيذي." واضاف "ربما يتعلق التأثير بالعلاقات العامة أكثر من كونه تأثيرا عمليا. هل أعتقد أن المصرفيين لن يأتوا للعمل في لندن بسبب هذا؟ لا."

القطع الإلكتروني

من جانب اخر يقول مصرفيون كبار إن العمل يمضي قدما صوب اعتماد طريقة جديدة لتحديد أسعار "القطع" القياسية لسوق الصرف الأجنبي وذلك بعد تكشفت خفايا جديدة في الخلاف بشأن تلاعب مزعوم أحدث هزة داخل القطاع. ورغم وجود عوائق كبيرة تحول دون تعديل نظام القطع - الذي يستخدم في تسعير استثمارات وصفقات بتريليونات الدولارات - يقول المصرفيون إن جدوى استخدام نظام إلكتروني تزداد وضوحا.

وسيتضمن النظام الجديد مطابقة أوامر بأحجام ضخمة ثم تسويتها إلكترونيا وبأقل قدر من التدخل البشري مما سيجعل التلاعب أمرا صعبا. ويتوقع كثيرون أن تؤدي الفضيحة إلى التعجيل بأفول نجم نظام التداول الصوتي الذي أصبح نموذجه لمتعاملين وسماسرة يتحدثون في الهاتف مع عدة عملاء وبنوك في نفس الوقت هو الصورة المعبرة عن القطاع لعشرات السنين.

ويسعى المتعاملون في السوق المالية الأكبر في العالم والأقل خضوعا للوائح التنظيمية لجعل التداول أكثر شفافية وحصانة من المخالفات. وفي مسعى لمعالجة ما يفترض أنه دور العقود المشتقة في تأجيج الأزمة المالية سعى المسؤولون الرقابيون إلى نقل أكبر قدر من تداولات تلك السوق إلى بورصات متخصصة. ويريد المصرفيون وغيرهم من المعنيين بسوق الصرف الأجنبي الأقل تعقيدا تفادي أي تدخلات جذرية في القطاع من جانب الهيئات التنظيمية تخوفا مما يقولون إنها إجراءات معقدة وتكاليف باهظة.

وبحله مشكلة سعر القطع يأمل القطاع في أن يحتفظ بنموذجه الفريد للتنظيم الذاتي الذي يقول إنه عامل رئيسي في التراجع المطرد لتكلفة تداول العملة. لكن القطاع ينظر أيضا بعين القلق صوب تحقيقات تجريها الهيئات التنظيمية ليس من المتوقع انتهاؤها قبل العام المقبل ومجموعة عمل لمجموعة العشرين.

وتتعلق أزمة التلاعب التي أدت إلى إيقاف أكثر من 20 متعاملا كبيرا عن العمل أو إقالتهم باتهامات لمتعاملين في بعض أكبر البنوك بالتواطؤ لتوجيه أسعار الصرف. وفي سوق قيمتها 5.2 تريليون دولار يوميا تتيح أسعار "القطع" مواعيد محددة يوميا لمديري الأصول لإجراء كثير من الصفقات بما يتيح نقطة مرجعية لتحديد قيم الصناديق ومعاملات الصرف الأجنبي المنفذة. وأدى هذا إلى تركز أحجام كبيرة من المعاملات وهو ما يعتبر مصدر إزعاج للبنوك لكنه يعطي الفرصة أيضا لعدد صغير نسبيا من المتعاملين الذين ينفذون أوامر الصناديق الكبيرة للعمل معا وتبادل المعلومات من أجل التنبؤ باتجاه السوق.

والسؤال الآن هو كيفية تغيير ذلك النظام لتفادي فساد "العامل البشري" وهي مهمة غير سهلة في سوق تعمل عبر عدة مواقع وولايات قضائية ومنصات شتى. وأبلغت عدة شخصيات كبيرة بالقطاع أن إجراء التداول الفوري للعملات من خلال بورصة هو حل غير عملي. لكن إيجاد حل لعملية تحديد سعر القطع سيكون أقل صعوبة.

وقال رئيس التجارة الإلكترونية بأحد البنوك التي تشملها التحقيقات "يمكن إيجاد مزود خدمة يتولى تقديم الأدوات لتنفيذ القطع من خلال طرف ثالث بحيث يضع الناس الأوامر ويباشر النظام الإلكتروني مطابقتها مع تنفيذ الأوامر الباقية باستخدام خوارزمية. و"هناك منصات تعرض علينا توفير تلك الخدمة. إذا استقطبت عددا كبيرا فسيكون مقترحا مثيرا للاهتمام." بحسب رويترز.

ويقول مصرفيون إن تنفيذ المعاملات عند القطع يتراجع بالفعل مما يشير إلى أن مديري الأصول أنفسهم يجدون سبلا جديدة لإجراء الصفقات. وستقدم مجموعة الأسعار المرجعية للصرف الأجنبي التابعة لمجلس الاستقرار المالي - برئاسة جاي دوبيل مدير قسم الأسواق بالبنك المركزي الأسترالي ونظيره في بنك انجلترا المركزي بول فيشر - تقريرها إلى مجموعة العشرين بشأن الإجراءات اللازمة لإكساب الأسعار المرجعية مزيدا من الشفافية والموثوقية.

اجراءات وخلافات

 في السياق ذاته اعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ان روسيا ستتخذ اجراءات ضد دبلوماسيين اميركيين ردا على وقف مصرف جي بي مورغان الاميركي عملية تحويل لدبلوماسي روسي. وقال في بيان ان روسيا ترى ان "قرار مصرف جي بي مورغان تشايس وقف عملية تحويل السفير الروسي في استانا لاموال الى شركة سوغاز للتأمين بحجة فرض عقوبات على روسيا غير مقبول وغير شرعي وغير منطقي".

وسوغاز مملوكة جزئيا من مصرف روسيا المدرج على قائمة الشركات والافراد التي تطالها العقوبات الاميركية ردا على الحاق شبه جزيرة القرم بروسيا. وحذر لوكاشيفيتش من ان "واشنطن يجب ان تفهم ان اي عمل عدائي حيال الدبلوماسيين الروس لا يشكل فقط انتهاكا فاضحا للقانون الدولي بل هو بداية لعمليات رد سيكون لها بالتاكيد اثار على عمل السفارة والقنصلية الاميركية في روسيا". وقالت الوزارة ان "مصرف جاي بي مورغان لم يسد خدمة جيدة" للادارة الاميركية.

وفي رد فعل على هذا الاعلان، قال مصرف جي بي مورغان الذي يتمتع بوجود قوي في القطاع المالي الروسي انه "يخضع كغيره من المؤسسات المالية الاميركية التي لديها نشاطات على الصعيد الدولي (...) لشروط تنظيمية محددة". واضاف المصرف في بيان نشره مكتبه التمثيلي في موسكو "سنواصل تنفيذ توصيات الحكومة الاميركية لتطبيق العقوبات الاخيرة".

من جانب اخر قالت صحيفة ان.زد.زد آم زونتاج السويسرية إن السلطات الأمريكية تكثف الضغط على كريدي سويس للاعتراف بمساعدته أمريكيين أثرياء في التهرب الضريبي عن طريق إخفاء أموال في حسابات بالبنك السويسري. وقال المصدر الذي نقلت عنه الصحيفة إن السلطات الأمريكية تقدمت بمطالب "قاسية" تتعلق بغرامات محتملة وتريد أسماء جميع المواطنين الأمريكيين الذين أودعوا أموالا لم تخضع للمعاملة الضريبية في حسابات ببنك كريدي سويس. وقالت الصحيفة نقلا عن مصدر قريب من البنك لم تذكر اسمه "تطلب واشنطن إقرارا بالذنب." بحسب رويترز.

وكريدي سويس من بين أكثر من عشرة بنوك سويسرية تخضع للتحقيق الجنائي في الولايات المتحدة بخصوص ما إذا كانت ساعدت أمريكيين أثرياء على التهرب الضريبي. وزاد الضغط على كريدي سويس في الآونة الأخيرة بعد اعتراف أحد موظفيه السابقين بمساعدة عملاء أمريكيين على التهرب الضريبي. وكان كريدي سويس قال إنه زاد مخصصاته للقضايا الضريبية وقوانين الأوراق المالية في الولايات المتحدة لمثليها إلى 895 مليون فرنك سويسري (مليار دولار).

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/آيار/2014 - 16/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م