في اليمن... فراغ أمني تشغله القاعدة

 

شبكة النبأ: تعاني دول مثل العراق وليبيا واليمن، تغلغل تنظيم القاعدة فيها، بسبب ضعف القدرة العسكرية والقيادات الأمنية من جهة، وكونها دولاً مرت بأزمات قوية، أدت الى انتشار التنظيمات المتطرفة، التي عادة ما تنتشر في بيئات يضعف فيها المشهد الأمني وترتبك فيها الأوضاع الاجتماعية والدينية والاقتصادية.

وقد حاولت الحكومة التي تلت الربيع اليمني عام 2011، السيطرة على اختراقات تنظيم القاعدة والقضاء على مناطق نفوذه، من خلال القيام بحملات امنية، عدها الكثير من الخبراء الامنيون غير ناجحة بالمستوى المطلوب، كمونها لم تمثل حلاً جذرياً للقضاء على التنظيم والجماعات المرتبطة به، إضافة الى ما تشهده اليمن اليوم من عودة القاعدة الى الواجهة وانتشارها في مناطق جديدة، والقيام بعمليات كبيرة ونوعية ضد الحكومة، على الرغم من قيام الأخيرة بحملة كبيرة لاستهداف الخلايا الارهابية.

يذكر ان الحملات المشابهة التي تجري في العراق ضد التنظيمات الارهابية، تعاني هي الأخرى من أزمات مشابه لما تلاقيه اليمن، فالقاعدة في اليمن (كما في غيرها من الدول التي تنشط فيها) استطاعت ان تطور اساليبها، بعد استغلال الفراغ الأمني وضعف الإجراءات العسكرية والاستخبارية، وتعدد الولاءات داخل المنظومة العسكرية، لتتناسب مع التغيرات الجديدة.

وعليه في ظل تصاعد اعمال العنف في اليمن وتفاقم الانقسامات الداخلية السياسية التي أدت الى هشاشة الدولة سياسيا وامنيا واقتصاديا، كلها أمور تتيح أرضا خصبة للقاعدة للتخطيط لغارات وهجمات جديدة. وهو جناح ما بقى التنظيم في اليمن أكثرها نشاطا وطموحا ليحقق مكاسب وسيطرة كبيرة حتى الوقت الراهن.

مرونة القاعدة

فقد تشير هجمات على أهداف حكومية يمنية كبرى يعتقد أن تنظيم القاعدة وراءها إلى أن الحملة النشطة التي يشنها الجيش لمكافحة الإرهاب لم تنل من قدرة المتشددين على إذلال السلطات بأعمال عنف تنم عن التحدي.

وبعد هجمات شنها المتشددون على قوات الأمن وأجانب ومسؤولين حكوميين على مدى أشهر بدأ الجيش اليمني في أواخر الشهر الماضي حملة منسقة استخدم فيها قواته الجوية والبرية لمهاجمة معاقل المتشددين في محافظتي أبين وشبوة.

وجاءت الحملة في أعقاب سلسلة من الهجمات بطائرات بلا طيار يعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة نفذتها ضد أهداف لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلال شهر أبريل نيسان، وأدت الحملة إلى إخراج المتشددين من بعض المعاقل في الجنوب لكن الحكومة أخفقت في منع ما يبدو أنها موجة من الهجمات الانتقامية من جانب المتشددين.

وقال ماجنوس رانستورب خبير الإرهاب في كلية الدفاع الوطني السويدية إن المتشددين "يريدون ضمان أن يدرك السكان أن بوسعهم الرد وأنه مازال لهم وجود، ووقع اشتباك مع المتشددين قرب القصر الجمهوري في صنعاء أسفر عن مقتل أربعة جنود ونجا وزير الدفاع من محاولة اغتيال فيما يبدو عندما جرى إطلاق النار قرب موكبه في شبوة، وقالت تقارير رسمية في وقت لاحق إن إطلاق النار كان لأسباب احتفالية.

وحاول مهاجمون من المتشددين فيما يبدو اقتحام حاجز تفتيش أمني في المنطقة نفسها في العاصمة وقتل ثلاثة منهم، واقتحم مهاجم انتحاري بسيارته المليئة بالمتفجرات مبنى للشرطة العسكرية في مدينة المكلا الساحلية وقتل عشرة جنود على الأقل ومدني.

وتتابع هذه التطورات عن كثب أجهزة مكافحة الإرهاب الغربية التي تحرص على مساعدة الجيش اليمني للتغلب على ما يعانيه من ضعف في العتاد والمعنويات، وتخشى واشنطن أن يستخدم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب اليمن قاعدة لشن هجمات على الغرب مستقبلا، وكان التنظيم دبر هجمات تم احباطها لتنفيذ عمليات ضد طائرات تابعة لشركات أجنبية في الماضي، وبعض أعضاء تنظيم القاعدة من السعودية التي تشترك في حدود طويلة مع اليمن وأحد أهداف التنظيم الإطاحة بحكم آل سعود.

وتحمل حملة الجيش أوجه شبه كبيرة لهجوم مماثل وقع عام 2012 عندما أخرج الجيش جماعة أنصار الشريعة التي خرجت من عباءة القاعدة من معاقلها في أبين وشبوة، وكانت تلك الحملة ردا على سعي القاعدة توسيع نطاق نفوذها بينما كانت الدولة مشغولة بالاحتجاجات المطالبة بعزل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وتمكن المتشددون من الاحتفاظ بالأرض لنحو عام وأعلنوا الكثير من المدن إمارات اسلامية قبل أن يطردهم منها الجيش في نهاية المطاف.

وبعد عامين تقريبا وجد الجيش نفسه يخوض حملة مشابهة على مقاتلي القاعدة الذين تمكنوا من تجميع أنفسهم في الشهور التي انقضت منذ الحملة السابقة التي شنها الجيش، وقال محللون إن من بين مشاكل الجيش عدم كفاية المعدات والتدريب وانقسام أجهزة الامن بالإضافة إلى غياب استراتيجية طويلة الاجل للتعامل مع المناطق التي يتم تطهيرها من المتشددين.

وتفاقمت الانقسامات في الجيش بعد أن هرب اللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى من قوات المشاة المدرعة في الاضطرابات التي سادت عام 2011 وأدت في نهاية الأمر إلى إنهاء حكم الرئيس صالح، وقال أستاذ العلوم السياسية عبد الغني الارياني "أعتقد أن مشكلة انقسام الجيش، مازالت معنا، ربما بدرجة أقل مما كانت قبل عامين، الانقسامات داخل القوات مازالت قائمة وهناك ولاءات منقسمة، البعض ليس موضع ثقة للمشاركة في هذه الحملة".

وأضاف الارياني إنه رغم أن هذه الحملة تكرار لحملة عام 2012 من حيث الاستراتيجية والأسلوب والأثر فإن الظروف السياسية مختلفة، وتابع "في عام 2012 لم يكن ثمة نية لخوض الحرب حتى النهاية، لذلك فكل ما فعلوه هو تفريق القاعدة من أبين وخلقوا بذلك مشاكل في البيضاء وحضرموت وغيرها من الأماكن، أما هذه المرة فأنا أعتقد أنها مخططة بدقة أكبر وأعتقد أنهم سيلاحقونهم حتى النهاية". بحسب رويترز.

وقال إنه يرجو أن تحقق هذه المرة نتائج أفضل "لكني لا أعتقد أن الخيار العسكري قابل للتطبيق في مكافحة الإرهاب، إذ يتعين عليك أن تقوم بالكثير من عمل الشرطة على الأرض وعلى مدى فترة من الوقت وفي الوقت نفسه تتعامل مع الاسباب الأساسية للتشدد".

وقال مسؤول أمني كبير إن قوات الأمن تعمل ببطء للتغلب على انقسامات عام 2011، لكنه أضاف أن ذلك لا يعني أن اليمن لا يحتاج لمزيد من قوات مكافحة الإرهاب، وقال "لدينا المئات من هذه القوات لكنها ليست كافية، نحتاج لتدريب مزيد من الافراد ونحتاج لمزيد من الأسلحة الفتاكة لزيادة كفاءة هذه القوات التي أثبتت فعاليتها في التصدي للقاعدة".

ولم يحدد المسؤول المعدات المطلوبة لكن خبراء عسكريين يقولون إن الجيش اليمني يحتاج أسلحة ومعدات حديثة لمواجهة التشدد مثل نظارات الرؤية الليلية، وكما حدث في المرة السابقة هرب المتشددون إلى حد كبير من التجمعات العمرانية إلى مناطق أكثر وعورة يصعب الوصول إليها، وتقول ابريل لونجلي ألي كبيرة خبراء اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية إن إحدى المشاكل الأساسية هي ما خطة الجيش للمناطق التي أخرج منها المتشددين.

وقالت ألي "ما هي الخطة لمنع القاعدة من إعادة تنظيم صفوفها في تلك المناطق أو قربها؟، لا يوجد جهد منسق للحديث عن الخطوة التالية"، وأضافت أنه لا توجد خطة واضحة لكيفية تعزيز انفاذ القانون على المستوى المحلي في تلك المناطق أو لتنفيذ استراتيجيات تنمية في المناطق المعرضة لأن تصبح قاعدة للمتشددين مرة أخرى.

وفي الماضي بدا أن تنظيم القاعدة استغل غياب التنمية واخفاق الحكومة في توفير الخدمات الاساسية لكسب بعض التأييد في بعض المناطق الفقيرة، وقالت ألي "يقول اليمنيون في الجنوب إن الفقر وإخفاق الحكومة في توفير الأمن والخدمات الاساسية والتعليم كلها عوامل تصب في صالح القاعدة، وهم يزعمون أن القاعدة تمكنت على نحو متزايد من استغلال الوضع بتجنيد الشبان المحبطين في صفوفها".

البعثات الغربية وتشديد الأمن

من جهتها شددت البعثات الدبلوماسية الغربية في اليمن إجراءاتها الأمنية بعد هجمات جريئة شنها تنظيم القاعدة على الأجانب رغم تكبد مقاتليه خسائر في حملة للجيش في جنوب البلاد، ويقوم الجيش بأكبر حملة منسقة منذ حوالي عامين على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تراه واشنطن أحد أقوى أجنحة التنظيم، وألقي باللوم على التنظيم في هجمات قاتلة على قوات الأمن والأجانب ومنشآت النفط والغاز.

وأعلن الجيش أن قواته دخلت مدينة عزان مقصدها الأخير في حملة بدأت منذ عشرة أيام على متشددين إسلاميين في محافظات البلاد الجنوبية، وفي وقت لاحق قالت وزارة الدفاع اليمنية على موقعها الالكتروني إن قوات الأمن قتلت أربعة من أفراد القاعدة في العاصمة صنعاء، وأضافت إن الأربعة بادروا بإطلاق الرصاص بعد أن أوقفت الشرطة سيارتهم وحاولت القبض عليهم.

وتحرص القوى الكبرى على أن يكبح اليمن جماح المتشددين الإسلاميين ويستعيد الأمن في الجنوب لدرء المخاطر عن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وكي لا يستخدم اليمن كنقطة انطلاق لشن هجمات على أهداف غربية.

وبعدما أعلنت الولايات المتحدة تعليق العمل في سفارتها قال الاتحاد الأوروبي وفرنسا إن الاتحاد قلص وجوده في اليمن ليقتصر على الموظفين الأساسيين وإن فرنسا قيدت حركة دبلوماسييها، وقال مايكل مان المتحدث باسم منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون "مثل الجهات الدبلوماسية والدولية في صنعاء نقلص التواجد ليقتصر على العاملين الأساسيين ونراجع إجراءاتنا الأمنية"، وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن المستوى الأمني في اليمن عند حده الأقصى.

وقالت "هناك يقظة شديدة، عقب الأحداث الأخيرة أصدرنا تقييدا لحركة الدبلوماسيين، نقيم الوضع لكننا لم نتخذ قرار (إغلاق السفارة)"، وقالت الولايات المتحدة إنها علقت عمليات سفارتها في صنعاء بسبب هجمات على مصالح غربية في البلاد في الآونة الأخيرة، وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك إن المنظمة العالمية لا تخطط للخروج من اليمن، وقال دون أن يخوض في التفاصيل إن الأمم المتحدة "على العكس مصممة على الاستمرار في تنفيذ مهامها الحيوية في هذا البلد بما في ذلك المهام السياسية والتنموية والإنسانية، وتطبق الأمم المتحدة مجموعة من خيارات إدارة المخاطر الأمنية لتحقيق المهام آنفة الذكر".

وأصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحذيرا جديدا من السفر ونصحت بعدم السفر إلى اليمن ودعت مواطنيها إلى مغادرة البلاد، وتأتي الاحتياطات الأمنية الغربية بعد هجمات جريئة متزايدة على أهداف للحكومة اليمنية وأهداف غربية في مدن كبرى حتى بعد الحملة التي يشنها الجيش على المتشددين في المناطق النائية بجنوب البلاد.

وقتل حارس أمن فرنسي بالرصاص بعد سلسلة اغتيالات وعمليات اختطاف للغربيين في العاصمة صنعاء وفي عدن ثاني كبرى المدن، وقال مصدر عسكري إن حملة الجيش على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ستستمر على الرغم من دخول الجيش إلى عزان بمحافظة شبوة، وقال المصدر "لا يعني دخول عزان نهاية المعركة مع القاعدة، سنواصل ملاحقتهم في المناطق الجبلية والصحراوية التي فروا إليها"، وسيطرت القوات الحكومية على منطقة المحفد في محافظة أبين في وقت سابق. بحسب رويترز.

وقالت وزارة الدفاع اليمنية في بيان "قال مصدر عسكري مسؤول في المنطقة العسكرية الثالثة إن وحدات القوات المسلحة والأمن دخلت مدينة عزان بمحافظة شبوة، يعود الأمن والاستقرار تدريجيا إلى المناطق التي تم تطهيرها من الإرهابيين".

السلطات الأمنية

فيما أظهرت وثائق أن وزارة الداخلية ومصلحة السجون في اليمن تلقت معلومات بأن عناصر من تنظيم القاعدة تعتزم اقتحام السجن المركزي بالعاصمة وذلك قبل شهرين من حدوث الاقتحام، لكن يبدو أن التحذير لم يجد آذانا صاغية.

ففي 14 فبراير شباط نفذ مسلحون هجوما منسقا بالقنابل والقذائف والأسلحة النارية على السجن لتحرير نزلاء على صلة بالتنظيم، وفر في تلك الأحداث ما لا يقل عن 19 نزيلا يشتبه بأنهم من المتشددين، وفي أواخر مارس آذار نشر تسجيل مصور على الإنترنت يظهر فيه زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو يحتفي بنزلاء فارين ويتوعد بمهاجمة الولايات المتحدة.

والوثائق المرتبطة باقتحام السجن تلقي الضوء على واحد من أكبر التحديات أمام اليمن في صراعه مع القاعدة في جزيرة العرب: وجود قوة أمن ضعيفة منقسمة تفتقر للتجهيزات اللازمة وبحاجة ماسة لإعادة الهيكلة وإلا ظل الباب مفتوحا أمام اختراقات أمنية كبرى يمكن أن تهدد مصالح الغرب، ومن بين الوثائق مذكرة رسمية بخط اليد تحت بند "عاجل وسري" رفعها مدير سجن صنعاء المركزي العقيد محمد الكول إلى رئيس مصلحة التأهيل والإصلاح بتاريخ السابع من ديسمبر كانون الأول 2013.

وتضمنت المذكرة التي تحمل في مقدمتها ما يدل على أنها من مراسلات وزارة الداخلية تحذيرا من "معلومات تفيد بأن عناصر تنظيم القاعدة الموجودين داخل الإصلاحية يخططون مع بقية التنظيم خارج الإصلاحية لمحاولة اقتحام السجن وإطلاق سراحهم خاصة بعد اقتحام مقر وزارة الدفاع".

ولم يتضح رد فعل عبد القادر قحطان الذي كان وزيرا للداخلية في ذلك الحين، لكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عين وزيرا جديدا بعد اقتحام السجن وتم حبس الكول على ذمة التحقيق في اتهامات بالتقصير في أداء الواجب، ورفض الكول التعليق لأن القضية مازالت منظورة.

وتضمنت مذكرة أخرى من الكول "بتعزيز حراسة السجن بجنود إضافيين وتغيير بعض الأفراد ممن هم في سن لا يسمح لهم بالاستمرار في الحراسة ومن لا يصلحون للعمل في الحراسة وإصلاح كاميرات المراقبة المعطلة منذ سنتين، ولكن لم يستجب أحد لهذا".

وسئل العقيد أحمد حربة السكرتير الصحفي لوزير الداخلية الحالي التعليق فقال "استكملت التحقيقات مع عدد من المسؤولين وأفراد حراسة السجن المركزي وتمت إحالة الملفات إلى القضاء"، وأضاف دون أن يحدد الاتهامات "القضاء هو الذي سيدينهم أو يبرئ ساحتهم، لأن الحديث عن وجود عجز في الجنود أو غيره ليس مبررا، لحدوث مثل هذا الأمر".

طالبت المذكرة المؤرخة في السابع من ديسمبر كانون الأول بنقل سجناء القاعدة المحتجزين بالسجن المركزي إلى "سجن الأمن السياسي، أو أي سجن ترونه خاصا بالجماعات المتطرفة" وحذرت من أن "بقاءهم في الإصلاحية يعد خطرا أمنيا خاصة وأن السجن أصبح متهالكا ومن السهل عملية اقتحامه". بحسب رويترز.

وجاء في المذكرة أيضا أن سجناء القاعدة نشروا "فكرهم التكفيري بين أوساط السجناء خصوصا بعد وعدهم بإخراجهم من السجن بأي وسيلة"، وأشارت الوثيقة إلى "إخلاء مسؤولية إدارة السجن" التي ذكرت أنها استنفدت "جميع الإجراءات والحلول وأنها أرفقت كشفا بأسماء السجناء الذين تطلب نقلهم من الإصلاحية".

وتضمنت وثيقة مرفقة كشفا بأسماء السجناء الذين طلبت إدارة السجن المركزي نقلهم إلى سجن، أما النائب العام أحمد علي الأعوش فقد قال في مذكرته المؤرخة في التاسع من ديسمبر كانون الأول إنه تم تلقي صورة من "البلاغ بوجود مخطط من قبل بعض المنظمات الإرهابية بالتعاون مع بعض السجناء المنتمين لهذه المنظمات لمهاجمة السجن وتهريب السجناء وهو ما لزم إبلاغكم باتخاذ إجراءاتكم تفاديا لما قد يحصل وتوفير الحماية اللازمة للسجن المركزي والتحري حول البلاغ المشار إليه وفقا للقانون"، وحملت المذكرة توقيع الأعوش وختمه.

وفي بلد يتغلغل فيه الفساد والحكم غير الرشيد في النسيج السياسي لا عجب في أن تكون قوات الأمن أقل فعالية، وأعاد الرئيس هادي هيكلة وزارة الدفاع لكنه يقر بأن الأمر يتطلب ما هو أكثر من ذلك.

وقال في كلمة أدلى بها في الآونة الأخيرة في احتفال بمناسبة تخريج دفعة حاصلة على درجة الماجستير في الحقوق وعلوم الشرطة "أسس بناء الأمن دائما تكون صعبة ولذلك لابد من أن يكون كادر وزارة الداخلية الأمني أفضل ترتيبا وتنظيما على المستوى العملي."

وعن المذكرتين المتعلقتين باقتحام سجن صنعاء المركزي قال مسؤول أمني يمني بارز "الواضح أن هناك تقصيرا وإهمالا ولهذا قام الرئيس بتغيير وزير الداخلية كما تمت إقالة رئيس مصلحة السجون ومدير السجن وحراس السجن، والتحقيقات مستمرة مع مدير السجن وأفراد الحراسة ونتائج التحقيقات هي التي ستحدد طبيعة ومسؤولية كل شخص في هذه الحادثة وإذا ما كان الإهمال متعمدا أم أنه تقصير".

وفي غياب قوة أمنية يمنية قوية لأسباب منها مواجهة الانفصاليين في الجنوب وتمرد في الشمال زاد اعتماد واشنطن على هجمات الطائرات بغير طيار في التصدي لخطر القاعدة في جزيرة العرب.

الضربات الجوية

الى ذلك ربما أسفرت غارات جوية مكثفة على مدى يومين استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن عن مقتل وإصابة بعض قادة التنظيم لكن من المستبعد أن تقضي الضربات الجوية وحدها على الخطر الذي تمثله القاعدة على اليمنيين والغرب.

فقد تضافرت عدة عوامل تتمثل في ضعف الحكومة المركزية وسوء تجهيز القوات الأمنية وتفشي الفقر والفساد لتجعل من اليمن ملاذا مثاليا لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي وصفه الرئيس الأمريكي بأنه أنشط الجماعات التي "تتآمر على وطننا."

واستخدمت واشنطن الطائرات دون طيار لقتل أعضاء التنظيم وقادته سعيا لمنعه من التخطيط لمزيد من الهجمات مثل محاولته تفجير طائرة أمريكية في ديسمبر كانون الأول عام 2009، وقال مصدر بأجهزة الأمن القومي في الولايات المتحدة إن الحكومة الأمريكية تعتقد أن التنظيم يخطط حاليا لشن هجمات على أهداف أمريكية بما فيها السفارة الأمريكية في صنعاء، لكن المحللين يقولون إن الضربات الجوية لا تلحق بالقاعدة إلا ضررا محدودا.

ويقول المحللون إن التنظيم سيظل مصدر خطر جسيم ما لم تستطع الحكومة معالجة تحديات مثل الفقر وعدم كفاية القوات الأمنية وتحد من الخسائر البشرية التي تتسبب فيها بين الحين والحين تلك الضربات الجوية مما يغذي المشاعر المعادية للولايات المتحدة.

وقال ليتا تيلر الباحث المتخصص في الارهاب ومكافحته بمنظمة هيومن رايتس ووتش "لا يمكن للولايات المتحدة ببساطة أن تقضي على خطر الارهاب بالقتل"، وأضاف "على الولايات المتحدة والدول الأخرى المعنية أن تعالج كل العوامل المحركة للإرهاب بما في ذلك الفقر والأمية والتهميش السياسي وانعدام الفرص للشباب".

والنجاح الرئيسي الذي حققته الطائرات دون طيار هو الحد بدرجة كبيرة من تحركات تنظيم القاعدة وقدرته على الاحتفاظ بمكاسب على الأرض مثلما كان الحال عام 2011، وقال مصطفى العاني المحلل الأمني الذي تربطه صلات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية "عندما ينتقلون من النقطة أ إلى النقطة ب فعليهم أن يفكروا 100 مرة، فقد فقدوا حريتهم".

وأضاف أن الهجمات الجوية بطائرات دون طيار "ذات فاعلية كبيرة لكنها لن تعالج المشكلة، فلهؤلاء الناس من يحل محلهم دائما، يمكنك أن تقتل عشرة منهم وستجد عشرة آخرين في الطريق، (لذلك) فهو نجاح لن ينهي الحرب على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب."

ووقعت عدة هجمات جوية يفترض أن طائرات أمريكية دون طيار قامت بها على محافظات في وسط وجنوب اليمن، وقالت وزارة الخارجية اليمنية إن 55 متشددا قتلوا، فيما يعد أكبر الضربات لأعضاء التنظيم منذ عام 2012 على الأقل، وقالت إن ثلاثة من القتلى من الاعضاء البارزين في التنظيم.

وقال ماجنوس رانستورب خبير الارهاب بكلية الدفاع الوطني السويدية "الضربات بالطائرات دون طيار ليست الحل على الاطلاق، فهي وسيلة إسعاف تكتيكية لكنها من الممكن أن تصبح في غاية الأهمية إذا كنت لا تريد أن تشاهد الطائرات وهي تتساقط من السماء في الغرب".

ويشير أستاذ العلوم السياسية اليمني عبد الغني الارياني إلى الزيادة الحادة في عدد عناصر القاعدة منذ بدأت حملة الضربات بالطائرات دون طيار عام 2003 من بضع مئات إلى عدة الاف حسب بعض التقديرات الان.

وقال الارياني إن هناك أسبابا عديدة للزيادة في عدد أعضاء تنظيم القاعدة وإن كان من الصعب استبعاد الاثر العكسي الناتج عن استخدام الطائرات دون طيار ما أدى إلى زيادة فرص تجنيد أعضاء جدد.

وأضاف أن من العوامل التي ساهمت في نمو القاعدة في اليمن اعتماد الحكومتين اليمنية والأمريكية اعتمادا كبيرا على استخدام الطائرات دون طيار كوسيلة مفيدة في تأجيل حل المشكلة بدلا من انتهاج منهج سليم شامل لحل المشكلة.

وربما يكون أحد الخيوط التي ساهمت في الضربة الاخيرة ظهور مقطع فيديو على الانترنت قبل شهر ظهر فيه الوحيشي مع مئات من المقاتلين وتوعد بمهاجمة الولايات المتحدة خلال الاحتفال بعملية هروب لمسجونين من القاعدة من سجن صنعاء المركزي، ووصف السقاف الفيديو بأنه "استفزازي" وقال إنه أوضح الموقع الذي كانت توجد فيه عناصر القاعدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/آيار/2014 - 16/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م