الزواج المبكر.. ما لهُ وما عليه

 

شبكة النبأ: من الظواهر التي غالبا ما يتم التغاضي عنها، أو غض الطرف عنها، ظاهرة التعقيدات التي تواجه الشباب من كلا الجنسين، في المجتمعات العربية والإسلامية، ونعني بالتعقيدات، سلسلة من المشكلات المتعالقة مع بعضها، تشكل جدارا شاهقا أمام طموحات الشباب، بالعيش المستقر الذي يساعد على الابداع والابتكار والنجاح، والاسهام في بناء المجتمع، عن رغبة وشعور تام بالمسؤولية، ولكن هل الجهات المعنية والظروف الموضوعية، تساعد الشباب فعلا، لكي يقدموا كل ما لديهم من مواهب وطاقات؟.

في حقيقة الامر هناك اهمال للمشكلات التي تواجه الشباب، ومن بين الظواهر الخطيرة التي قد تستفحل وتفتك بالنسيج المجتمعي، مشكلة العنوسة بالنسبة للنساء، ومشكلة عدم قدرة الشباب على الزواج، حتى اصحاب الاعمار الكبيرة نسبيا، أي هناك من يبلغ الاربعين، وهو غير قادر على الزواج ومتطلباته المالية، فضلا عن فتح بيت ورعاية اسرة، وهو امر يتطلب المزيد من المعونة والتخطيط من لدن الدولة اولا، ثم دور المنظمات والمؤسسات الخيرية التي ينبغي ان تسهم بقوة في مواجهة هذه الظاهرة المستفحلة.

الزواج المبكر هو جزء من الحلول المقترحة والمناسبة لمكافحة استفحال ظاهرة العنوسة، ولكن لابد أن يرافق ذلك تخطيط دقيق لامور كثيرة، ينبغي أن تتصدى لها الجهات الحكومية المعنية برعاية الشباب، وكذلك هناك مسؤولية على الآباء والعوائل بصورة عامة، فالزواج المبكر يمكن ان يكون حلا مناسبا جدا للقضاء على ظاهرة العنوسة، ومعالجة المشكلات الجنسية التي تواجه الشباب، ولكن لابد أن تتم دراسة الظروف المعيشية وما شابه.

كذلك هناك مخاطر كبيرة تنتج عن حرمان الشباب من الزواج، بسبب مصاعب الحياة وما شابه، الامر الذي يتسبب في مشكلات معقدة منها، تفشي ظاهرة تأخر الشباب في الزواج، وهو خطر يهدد مجتمعاتنا كافة، وينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة، ومن أخطرها، وقوع الشباب من الجنسين فيما هو محرم من الفواحش إشباعاً للغريزة الفطرية الموجودة لديهم، والتي لم تشبع عن طريق الزواج المبكر، وفي الوقت نفسه، قامت وسائل الإعلام من قنوات فضائية، وشبكة إنترنت، وقصص داعرة، بإثارتها وتأجيجها؛ مما جعل العفة أمراً صعباً على كثير من الشباب، وهذا نذير بفوضى جنسية تهدد الجميع.

كذلك هنالك احتمال كبير بالإصابة بالأمراض النفسية نتيجة انفراد الأعزب في حالات كثيرة بنفسه دون أن يجد من يشكو له همومه، ويبث له أحزانه، فيصاب بالأمراض النفسية. ثم عدم التمتع بالصحة الكاملة. كذلك قد يحدث ضعف في النسل، فإن الشاب إذا تزوج متأخراً لا تكون لديه القدرة الكافية للإنجاب مثل الذي يتزوج مبكراً. وكذلك عدم القدرة على تربية أولاده التربية التي ينشدها، ويطمح إليها، لأن الرجل إذا كبر صار أكثر انشغالاً في صحته ورزقه، فهناك الكثير من المشكلات التي تستحوذ على ذهنه، بحيث ينشغل عن مهنة مهمة جداً ألا وهي تربية أولاده التربية الصالحة.

وهكذا نلاحظ أن سلسلة من التعقيدات بعضها يقود البعض الآخر، تحدث نتيجة لعدم الاهتمام بالزواج المبكر، إذ غالبا ما يعاني الشاب من صعوبات كبيرة جدا، تتعلق بتفريغ طاقاتهم الجنسية، الامر الذي يدفعهم ذلك الى انتهاج اساليب خاطئة وخطيرة، كما اثبت ذلك علماء الاجتماع وعلماء النفس.

يقع على الدولة والحكومة على وجه الخصوص، الجهد الاكبر للمعالجة، وهي ايضا تتحمل المسؤولية الاكبر في هذا المجال، إذ ان معالجة ظاهرة العنوسة، وتشجيع الزواج المبكر، تتطلب تخطيطا وتنظيما مدروسا لتشجيع الزواج، مثل توفير مبالغ كافية عبر القروض الميسرة، فضلا عن تقديم مبالغ كمنح غير قابلة للاسترجاع، وامتصاص البطالة، وبناء شقق عمودية للسكن المناسب، وما شابه من حلول تشجع على الزواج المبكر، لكي يتفادى المجتمع الخسائر الكبيرة التي يتعرض لها في حالة اهمال الشباب، واهمال معالجة ظاهرة العزوف عن الزواج.

وعندما نقارن بين فوائد الزواج المبكر، واضرار العنوسة، والعزوبة بالنسبة للذكور، فإن الفرق يبدو كبيرا فعلا، لذلك تقع مسؤولية كبيرة على الدولة اولا والمؤسسات المعنية، من اجل معالجة هذه الظاهرة، ووضع المعالجات المناسبة لها، من دون اهمال، لأن النتائج ستكون وخيمة، كونها تتعلق بالبناء المجتمعي عموما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/آيار/2014 - 10/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م