بوكو حرام النيجيرية وتكريس عنف القاعدة الظلامي

 

شبكة النبأ: منذ أشهر تواجه نيجيريا مشاكل أمنية خطيرة بسبب تصاعد أعمال العنف الطائفي وازدياد الهجمات الانتقامية المسلحة التي يقوم بها عناصر جماعة بوكو حرام المتشددة التي تسعى الى فرض سيطرتها وإخضاع البلاد لتكون إمارة إسلامية، واليوم تمارس هذه الجماعة المتطرفة جرائم التي تستهدف شريحة الطلبة بالاغتيال والخطف.

إذ تخشى بعض المراقبين الحقوقيين من احتمالات تسارع وتيرة العنف التي قد تمتد الى مناطق ودول أخرى، خصوصا وان هذه الجماعة المتطرفة التي أصبحت أكثر قوة قد اعتمدت خطط وأساليب جديدة في حربها المعلنة والتي أسهمت في سقوط الكثير من الابرياء بالإضافة الى تهجير وإبعاد الآلاف منهم، وهو ما دفع السلطات الحكومية الى طلب المساعدة المجتمع الدولي والدول غربية من اجل إعادة الأمن والاستقرار الى نيجيريا خصوصا بعد عملية اختطاف الطالبات الأخيرة التي قام بها أعضاء وعناصر الجماعة، وهو ما قد يسهم في ازدياد أعمال العنف خصوصا وان هذه الحركة التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي ترفض وبشكل قاطع كل ما يتعلق بالغرب.

فيما يرى محللون آخرون ان الحركة المتطرفة اقامت علاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، مما يجعلها مسجل خطرا على مستوى العمليات الإرهابية يهدد امن اكبر بلد افريقي السكان وانتاج النفط في القارة.

فكما يبدو أن نيجيريا قد دخلت منعطفاً خطيراً سيشكل تهديدًا حقيقيًا لامنها واستقرارها في المستقبل القريب، خصوصا مع ضعف الحكومة وهيمنة الجماعات المسلحة، ومنها الجماعات القوى الإسلامية المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة، التي تسعى الى الهيمنة والاستفادة من المتغيرات الحالية خصوصا مع انتشار الفوضى وغياب المؤسسات الأمنية. هو ما قد يمكنها وفي من تحقيق أهدافها الخاصة في نيجيريا.

لذا يعزو الكثير من المحللين أن انفلات الأمني وتصاعد أعمال العنف وزيادة حدة التوتر والصراع بين الاطراف المتخاصمة الحكومية وغير الحكومية، فضلا عن تنامي الفوضى، جميعها هذه الامور تقود الدولة الى هشاشة سياسية وامنية واقتصادية خطيرة جدا، وقد زاد هذه الامور من  تأزم الأوضاع ورفع من حالة الاحتقان السياسي، لتقدم صورة امنية سياسية تشكل أساس الأزمة في نيجريا.

مجزرة جديدة وتعبئة دولية

في سياق متصل شنت "بوكو حرام" هجوما على مدينة غامبورو نغالا النيجيرية مخلفة مجزرة كبيرة حيث قدر عدد القتلى بالمئات. وتتواصل التعبئة الدولية لمساعدة أبوجا بغرض تحرير الفتيات المخطوفات من لدن هذه الجماعة المتطرفة.

شنت جماعة "بوكو حرام" هجوما في غامبورو نغالا، المدينة القريبة من الحدود الكاميرونية في ولاية بورنو، المعقل التاريخي للجماعة والتي سبق أن شهدت خطف مئات التلميذات في 14 نيسان/ابريل. بحسب  فرانس برس.

وأفاد سكان أن المهاجمين كانوا يستقلون آليات مدرعة مطلية بألوان قوات الأمن وقد احرقوا السوق ومكتب الجمارك ومركز الشرطة وغالبية المتاجر.

وتحدث سناتور محلي عن 300 قتيل. وأحصى شهود أكثر من مئة جثة في المدينة المدمرة مشيرين إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع.

قبل إعلان هذه المجزرة الجديدة، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليل الثلاثاء أنه سيرسل قوات أمريكية تضم جنودا وشرطيين وعناصر في "وكالات أخرى" لمساعدة نيجيريا في العثور على أكثر من مئتي تلميذة مخطوفة.

وقال الرئيس الأمريكي إن هذا "الوضع المثير للغضب" يلقي بظلاله على افتتاح "منتدى دافوس الأفريقي" الاقتصادي الذي يبدأ أعماله الأربعاء في أبوجا وتراهن عليه نيجيريا لإبراز جهودها الاقتصادية وتحسين صورتها دوليا.

قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان لوفول، إن "رئيس الجمهورية ذكر بأن فرنسا ستبذل كل الجهود لمساعدة نيجيريا في مطاردة هذه المجموعة والعثور على الرهائن المخطوفين"، وأضاف "أننا نواجه" من خلال عملية الخطف هذه "واحدة من أشرس العمليات الإرهابية التي تستهدف خطف رهائن أطفال والاتجار بهم".

وفي وقت لاحق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمام النواب أن باريس اقترحت على نيجيريا إرسال "فريق متخصص" للمساعدة في العثور على التلميذات المخطوفات، وقال فابيوس إن "الرئيس زودني ووزارة الدفاع تعليمات، ما أن ارتكبت الجريمة، بوضع أجهزة (الاستخبارات) في تصرف نيجيريا والدول المجاورة. وهذا الصباح، طلب منا الاتصال بالرئيس النيجيري (غودلاك جوناثان) لإبلاغه أن فريقا متخصصا مع كل إمكاناتنا في المنطقة هي في تصرف نيجيريا للمساعدة في البحث عن الفتيات واستعادتهن"، وأوضحت أوساط أن فرنسا ستساعد السلطات النيجيرية في إطار التعاون بين البلدين على صعيد "تبادل المعلومات الإستخباراتية".

أعلن متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني الأربعاء أن بريطانيا سترسل فريقا من المستشارين الحكوميين إلى نيجيريا في إطار الجهود للإفراج عن التلميذات المخطوفات.

وأوضح المتحدث أن الفريق سيغادر "في أقرب وقت" من دون أن يحدد طبيعة أعضائه وما إذا كان سيضم طاقما عسكريا، وسيعمل هذا الفريق إلى جانب العسكريين والعناصر المكلفين بحفظ الأمن الذين أرسلهم الرئيس الأمريكي، وسيتحرك المستشارون البريطانيون خصوصا في مجال تنسيق العمليات وتقديم المشورة للسلطات المحلية، ولن يشاركوا مباشرة في العمل الميداني لتحرير الفتيات المخطوفات.

وقد تعرض الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان والسلطات النيجيرية للانتقاد من قبل أهالي التلميذات المخطوفات لعجز الدولة عن العثور على التلميذات المخطوفات، وكانت عشرات التلميذات نجحن في الفرار لكن أكثر من 220 لا يزلن بأيدي المتمردين بحسب الشرطة.

استهداف شريحة الطلبة

على صعيد متصل قال شهود إن مسلحين يشتبه بأنهم إسلاميون متشددون اقتحموا كلية في شمال شرق نيجيريا وقتلوا نحو 40 طالبا رميا بالرصاص كان بعضهم نياما. وقال أشخاص من موقع الحادث إن المسلحين الذين يعتقد أنهم أعضاء في جماعة بوكو حرام الإسلامية المتمردة هاجموا نزلا للطلبة وأخرجوا بعضهم ثم قتلوهم وأطلقوا النار على آخرين حاولوا الفرار.

وقال أحد الطلاب الناجين ويدعى إدريس "بدأوا في جمع الطلاب وتوزيعهم في مجموعات بالخارج ثم فتحوا النار وقتلوهم مجموعة تلو الأخرى. كان شيئا مروعا للغاية." وقال أحمد جوجونبا سائق سيارة أجرة يعيش بالقرب من الكلية "جاءوا في حوالي الساعة الواحدة صباحا وهم يحملون أسلحة نارية وتوجهوا مباشرة إلى سكن الطلاب وفتحوا النار عليهم... ونظرا لأن الكلية تقع في منطقة غابات حاول الطلبة الآخرون الركض هنا وهناك في محاولات يائسة للهرب لكن بعضهم سقط قتيلا مع إطلاق الرصاص."

وكثفت حركة بوكو حرام التي تريد إقامة دولة إسلامية في شمال نيجيريا هجماتها على المدنيين في الأسابيع الفليلة الماضية ردا على حملة عسكرية تستهدفها. وأصبحت بوكو حرام وجماعات إسلامية مثل جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة أكبر تهديد أمني في نيجيريا ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا.

وأبلغ أحد موظفي الكلية طالبا عدم ذكر اسمه أنه تم العثور على جثث في غرف السكن وقاعات المحاضرات وفي الخارج. وأحصى شاهد 40 جثة مخضبة بالدماء ملقاة على الأرض بالمستشفى الرئيسي في مدينة داماتورو عاصمة ولاية يوبي وأغلبهم من الشبان الذين يعتقد أنهم طلاب. ونقلت الجثث من الكلية الواقعة في منطقة جوجبا الريفية على مسافة نحو 50 كيلومترا جنوبي داماتورو. بحسب رويترز.

وقال مفوض الشرطة سنوسي رفاعي إنه يشتبه في أن جماعة بوكو حرام وراء الهجوم ولكنه لم يكشف عن مزيد من التفاصيل. وقتل الآلاف منذ أن بدأت جماعة بوكو حرام هجماتها في عام 2009 وتحولت من حركة دينية تعارض الثقافة الغربية إلى ميليشيا مسلحة يزداد ارتباطها بجناح تنظيم القاعدة في غرب إفريقيا.

خطف الفتيات

في السياق ذاته أكد سكان أن جماعة بوكو حرام المتطرفة خطفت فتيات أخريات في شمال نيجيريا وذلك بعد يوم من تبنى زعيم الجماعة مسؤولية خطف اكثر من 200 تلميذة مهددا بـ"بيعهن في السوق وفق شرع الله" ما أثار ردود فعل وتنديدا دوليا.وذكرت صحيفة "صحارا ريبورترز" الالكترونية أن جماعة "بوكو حرام" خطفت ثماني مراهقات في شمال نيجيريا. من قرية وارانبي الخاضعة لسيطرة الحكومة المحلية بولاية بورنو. وتردد أن المتمردين مازالوا يسيطرون على الطرق المؤدية إلى القرية.

ويأتي الحادث بعد أسابيع من اختطاف "بوكو حرام" - ومعناها التعليم الغربي حرام- لأكثر من 200 تلميذة بإحدى المدارس الداخلية في منطقة شيبوك بولاية بورنو. وهي العملية التي أثارت انتقادات محلية ودولية واسعة. وقد تبنى زعيم جماعة بوكو حرام أبو بكر شيكو في شريط الفيديو خطف الفتيات وقال "خطفت الفتيات. وسأبيعهن في السوق وفق شرع الله". وأدانت الحكومة الألمانية عملية اختطاف التلميذات معتبرة العملية بمثابة احتقار للإنسانية. ومشيرا لذلك قال متحدث باسم الخارجية الألمانية في برلين:"نحن مرتاعون إزاء هذا القدر المحتقر للإنسانية من العنف الذي يستخدمه متعصبون دينيون من طائفة بوكو حرام في إرهاب السكان". ودعا المتحدث لإطلاق سراح الفتيات المحتجزات فورا.

من جانبها نددت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بتهديد جماعة بوكو حرام الإسلامية في نيجيريا ببيع الفتيات المخطوفات "وتزويجهن بالقوة". وقال روبرت كولفيل الناطق باسم مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي "نحذر مرتكبي هذا العمل بان الاستعباد سواء كان جنسيا أم لا، محظور بشدة بموجب القانون الدولي. ومثل هذه الأعمال يمكن أن تشكل في بعض الظروف جرائم ضد الإنسانية". وقال انه يجب الإفراج فورا عن التلميذات وإعادتهن إلى عائلاتهن. كما ندد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بعملية الخطف قائلا ان لندن ستقدم "مساعدة ملموسة" لنيجيريا في هذه القضية.

وقد خطفت 276 تلميذة من مدرستهن في شيبوك في ولاية بورنو في 14 نيسان/ابريل. وتمكنت 53 تلميذة من الفرار وما زالت 223 فتاة في قبضة الخاطفين. وسرت أنباء حول احتمال نقلهن الى تشاد والكاميرون المجاورتين حيث سيتم بيعهن مقابل 12 دولارا لكل واحدة منهن. الى جانب ذلك تظاهر أولياء أمور لطلب المزيد من العون للبحث عن بناتهم. وقالت أحدى الأمهات، طلبت عدم ذكر اسمها، إنهم ممتنين للدعم الذي لقوه من النيجيريين، بينما نظم آخرون مسيرات للضغط على السلطات.

وقالت "نريد رؤية المزيد من الجهد". وشنت الجماعة، التي يعني اسمها "التعليم الغربي حرام" بلغة الهاوسا المحلية، موجة من الهجمات شمالي نيجيريا في السنوات الاخيرة، ويقدر عدد القتلى في العنف والحملة الامنية التي تبعته 1500 شخص في العام الحالي فقط. وقالت احدى الامهات "نشكر النساء على دعمهن"، وقالت إن مثل هذه المسيرات يمكن ان تضغط على الحكومة لبذل المزيد من الجهد للعثور على الفتيات. وقالت "نناشد الاخرين في الخارج القدوم لمساعدتنا لأن الحمل ثقيل علينا كآباء وامهات". وقالت إنها تتلهف لمعرفة ما حدث لابنتها وأن العثور على جثة افضل من عدم العثور على شيء. بحسب بي بي سي.

وفي وقت سابق قال ابا مورو وزير الداخلية النيجيري إنه يفهم "المشاعر الدفاقة"، ولكن الحكومة لا يمكنها الكشف عن تفاصيل ما تقوم به لاطلاق سراح الفتيات. وقال إن الحكومة عليها العمل "سرا" لأن الخاطفين هددوا بقتل الفتيات إذا اتخذت بعض الخطوات. واتهم الاحزاب السياسية بتسييس الازمة، وقال إنهم يجب أن يعملوا مع الحكومة بدلا من انتقادها. وتكاد بعض مناطق شمال شرق نيجيريا ان تكون خارج سيطرة الجيش، مما يسمح للمسلحين بنقل الفتيات صوب الحدود او عبرها.

فوضى يومية

الى ذلك وصف الرئيس الامريكي باراك اوباما جماعة بوكو حرام الاسلامية المتشددة في نيجيريا بانها منظمة بشعة تتسبب في الحاق الفوضى في حياة الناس يوميا. وقال اوباما في مقابلات تلفزيونية انه يعتقد ان خطف اكثر من مئتي تلميذة على يد جماعة ربما يكون حدثا لحشد العالم من اجل القيام بعمل ازاء جماعة بوكو حرام. وارسلت الولايات المتحدة فريقا من الخبراء الى نيجيريا للمساعدة في البحث التلميذات المختطفات. ويضم الفريق جنودا امريكيين ورجال شرطة ومفاوضين في شؤون خطف الرهائن. بحسب بي بي سي.

ورحب الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان بالعرض الأمريكي، بحسب ما ذكرته جين بساكي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية. وأوضحت بساكي أن السفارة الأمريكية في نيجيريا "مستعدة لتشكيل خلية تنسيق" تتضمن أفراد من الجيش الأمريكي ومتخصصين في تطبيق القانون لديهم خبرة في التحقيقات والمفاوضات في حوادث الاختطاف. وأضافت أن الرئيس باراك أوباما أصدر تعليمات للخارجية الأمريكية كي تبذل كل ما تستطيع لمساعدة أبوجا. واتصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالرئيس النيجيري لبحث هذه المساعدات.

من جانب اخر تعهد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن بلاده "ستبذل كل جهد لمساعدة نيجيريا" في العثور على التلميذات اللواتي خطفتهن حركة بوكو حرام حسبما أعلن ناطق باسم الحكومة. وصرح ستيفان لوفول أن "الرئيس ذكر بأن فرنسا ستبذل كل الجهود لمساعدة نيجيريا في مطاردة هذه المجموعة والعثور على الرهائن"، وأضاف أن "عملية الخطف هذه تعتبر من الأكثر فظاعة لأن الأمر يتعلق بخطف أطفال". وخلال زيارة إلى نيجيريا في 27 شباط/فبراير الماضي، قال هولاند للسلطات النيجيرية إن "معركتكم ضد بوكو حرام هي أيضاُ معركتنا وسنكون مستعدين دائماً لأن نقدم لكم ليس فقط دعمنا السياسي بل مساعدتنا كلما كان ذلك ضروريا".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/آيار/2014 - 9/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م