موازين الحرب في سوريا وأزمة صراع الديكة

 

شبكة النبأ: الموازين الحربية في سوريا لا يحكمها المنطق او الحسابات، كما هو حال الدبلوماسية فيها.

فالثانية كتب لها الفشل، بعد مؤتمرين "جنيف الأول والثاني"، فيما لم تعد للإبراهيمي رغبة في الاستمرار بعمله، بعد ان فشل في إضافة شيء جديد، خلافاً لما توقع ان يكون لها من شأن، كما يرى المتابعون.

اما الأولى (الحرب)، فكان لها نصيب الأسد، حرب اعتمد على الكر والفر، ودعم الحلفاء، والحرب بالنيابة، او صراع الارادات والمصالح، التي ينتظر فيها الجميع من سيكون الربح؟، وعلى الطرف الخاسر ان يعترف بخسارته، ويقبل بشروط المنتصر.

ان الدول الإقليمية التي تفاعلت مع الازمة السورية (السعودية وإيران) وجدت فيها عمق استراتيجياً مهماً لها ولأمنها، الامر الذي اطال من عمر الازمة وفتح العديد من الخطوط الجديدة، ومنها الحركات المتطرفة وتنظيم القاعدة، إضافة الى دخول حزب الله كطرف رئيسي في المعادلة، كما يرى العديد من المحللين.

كما أصبح من الصعب على المجتمع الدولي اتخاذ أي قرار فردي، سواء من قبل الدول الكبرى، او الأمم المتحدة، للتدخل العسكري او الدعم الذي من شأنه ان يغير المعادلة العسكرية على الأرض لصالح طرف محدد، خصوصاً وان اتخاذ مثل هكذا خطوه قد تفجر المنطقة وتزيد من خطورة الأوضاع على الدول المنطقة، وتحول الوضع الى طريق أكثر مأساوية ودموية، بعد ان أدركت جميع الأطراف ان أي تحرك مريب من قوة داعمه لطرف ما، سيقابله تحرك اخر من قبل قوة ثانية لدعم الطرف الاخر.

وفي أخر المستجدات على الساحة الحربية يرى بعض المراقبين استعادت ثالث أكبر مدينة سورية من قبل قوات الحكومة يمثل ضربة قوية للمعارضة وانتصارا للأسد قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية التي من المرجح أن يعاد انتخابه فيها.

ويرى هؤلاء المراقبين أن القوات الحكومية تسيطر الآن على معظم العاصمة والطريق السريع الرئيسي بين دمشق وحمص والساحل الغربي المطل على البحر المتوسط بينما يسيطر مقاتلو المعارضة على معظم المنطقة الصحراوية في الشمال والشرق. ويتنازع الطرفان السيطرة على حلب ثاني كبرى المدن السورية في شمال غرب البلاد.

وعليه يبدو ان الامر اصبح شبيهاً بـ(صراع الديكة) بين النظام والفصائل المقاتلة، وعلى الأقوى الفوز في الميدان، بينما تقوم الأطراف الداعمة بالإسناد من الخلف، ومن دون التدخل بصورة مباشرة، في حين يتفرج المجتمع الدولي على الصراع بانتظار الفائز والخسار من الطرفين، ربما لإضافة اللمسات الأخيرة على الصراع.

الجيش السوري يسيطر على حمص بالكامل  

في سياق متصل فسيطرت القوات السورية بشكل كامل على مدينة حمص التي أصبحت تجسد وحشية الحرب في سوريا، وأعلن التلفزيون السوري أنه جرى تطهير الحي القديم بمدينة حمص من الجماعات "الإرهابية" المسلحة، وكان طلال البرازي محافظ حمص قال لرويترز في وقت سابق إنه سيتم إجلاء باقي المقاتلين وإعلان وسط حمص منطقة آمنة تمهيدا لبدء عمليات إعادة البناء، وفي إطار الاتفاق الذي أبرم بين المقاتلين وقوات الأسد أفرج عن عشرات الأسرى الذين كان المقاتلون يحتجزونهم في محافظتي حلب واللاذقية الشماليتين، بحسب رويترز.

وقال البرازي لوسائل إعلام رسمية إنه جرى الإفراج عن 70 شخصا خطفهم المقاتلون بينهم خمسة أطفال و17 امرأة. وأعلن التلفزيون الرسمي الإفراج عن مزيد من الأشخاص في وقت لاحق من محافظة اللاذقية، ويأتي إجلاء مقاتلي المعارضة من حمص بعد شهور من المكاسب التي حققها الجيش بدعم من حزب الله اللبناني على طول ممر استراتيجي يربط العاصمة دمشق بحمص والمنطقة المطلة على البحر المتوسط التي يسكنها العلويون الشيعة الذين ينتمي لهم الأسد.

الخلافات السعودية الامريكية

في سياق متصل مازالت الخلافات بين الولايات المتحدة والسعودية حول سياساتهما في الشرق الاوسط قائمة رغم المحاولات المبذولة لدعم التحالف بين البلدين وربما يترتب عليها تبعات مؤلمة لمقاتلي المعارضة، ورغم وجود أدلة على أن الاسلحة الامريكية بدأت تجد طريقها إلى الجماعات الأكثر اعتدالا التي تقاتل قوات الرئيس السوري بشار الأسد فإن الخلافات حول أنواع الأسلحة ومن يتسلمها عرقلت سير المعارك.

ويشكو مقاتلو المعارضة من عدم وجود صواريخ مضادة للطائرات للتصدي للقوة الجوية التي تتمتع بها قوات الأسد، وتمول السعودية وقطر المعارضة منذ سنوات على أساس أن الحرب الدائرة في سوريا معركة من أجل مستقبل الشرق الاوسط بين القوى المؤيدة للغرب من جهة وايران والمتطرفين الاسلاميين من جهة أخرى. . بحسب رويترز.

ومع ذلك ففي حين أن إدارة الرئيس الامريكي باراك أوباما تحمل الاسد مسؤولية العنف وتريده أن يترك السلطة فإنها تنظر للصراع نظرة مختلفة كل الاختلاف، ويخشى المسؤولون الأمريكيون التورط في حرب أهلية لا يرون لها حلا عسكريا واضحا تنذر باحتمال توجيه جيل جديد من الاسلاميين الذين يكرهون الغرب نحو التطرف.

وفيما بين مقاتلي المعارضة فإن إخفاق السعوديين والأمريكيين في تحسين مستوى التعاون يبين لهم الحقيقة من الوهم، ويبدو أن مباحثات استغرقت ساعتين بين أوباما والعاهل السعودي الملك عبد الله في مارس اذار لم تفعل شيئا لتغيير هذا الانطباع، وقال أحد قادة المعارضة السورية في حلب يقاتل رجاله إلى جانب جبهة النصرة المتطرفة "إذا رفض الأمريكيون اعطاءنا (صواريخ) مضادة للطائرات فلماذا لا تعطيها لنا السعودية؟".

في اللقاءات الخاصة يدافع المسؤولون الامريكيون والسعوديون عن العلاقة التي تربط بلديهما وتعد قوية وذات قاعدة عريضة، لكنهم يسلمون بأن ثمة اختلافا جوهريا حول أسلوب معالجة الصراعات السياسية الكبرى في الشرق الاوسط التي تفاقمت بفعل الربيع العربي لاسيما ما ترى الرياض أنها سياسة توسعية ايرانية في منطقة الخليج.

وعندما توصلت واشنطن لاتفاق أولي مع طهران بشأن برنامجها النووي في نوفمبر تشرين الثاني الماضي خشيت الرياض أن يؤدي ذلك إلى تقليل الضغوط السياسية على ايران بما يتيح لها مجالا أكبر للتدخل في المنطقة.

كما استاء السعوديون عندما لم يبذل أوباما جهدا لدعم حسني مبارك الذي اضطر للتخلي عن السلطة في مصر عام 2011 وعندما انتقدت واشنطن تدخل الجيش والاطاحة بالرئيس الاخواني المنتخب محمد مرسي، وفي الوقت نفسه يبدو أن الأسد يكتسب أرضا وأبلغ مسؤولا روسيا أن القتال العنيف سينتهي خلال عام.

وقال عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي الذي يقدم المشورة للحكومة "أخشى أن يختفي ما تبقى من الدولة السورية لذلك أقول إن الولايات المتحدة منيت بفشل كبير في هذا الجانب".

لكن دبلوماسيا أمريكيا عمل في المنطقة قال "الشعور بالإحباط من السعوديين كان نتيجة أنهم لم يقدموا لنا خطة قط"، وقال الدبلوماسي السابق إنه كان من الضروري وضع استراتيجية تتضمن تجميع المعارضة في اتحاد سياسي وعسكري يسيطر عليه المعتدلون وفي الوقت نفسه لي ذراع روسيا والصين أهم مؤيدي الاسد في مجلس الأمن، وأضاف الدبلوماسي "لابد من وجود شيء أكبر من مجرد إلقاء الأسلحة وحقائب المال".

وقامت الاستراتيجية السعودية الرئيسية في سوريا على اقناع واشنطن بضرورة استغلال امكانياتها الدبلوماسية والعسكرية والتخطيطية الأكبر بكثير لمساعدة المعارضة، وقال جمال خاشقجي رئيس قناة تلفزيون العرب الإخبارية السعودية التي يملكها الأمير الوليد بن طلال إن السعوديين يريدون أن يستخدم الامريكيون صواريخ توماهوك ومقاتلات إف-16 ضد قوات الأسد لكنه أضاف أن الأمريكيين يتساءلون أيضا عن المقاتلات إف-15 التي يملكها السعوديون.

وتخشى الولايات المتحدة أن تتسرب أي أسلحة أو تدريب مقاتلي المعارضة عليها إلى المتشددين المعادين للغرب فيما يكرر التجربة التي مرت بها الولايات المتحدة في أفغانستان خلال الثمانينات، وفي حين أن الرياض تدرك خطر المتشددين مثلما حدث قبل نحو عشر سنوات عندما شن تنظيم القاعدة سلسلة من الهجمات في المملكة فإنها ترى في الرفض الأمريكي خطأ استراتيجيا

ويعتقد المسؤولون السعوديون أن عدم دعم جماعات المعارضة المعتدلة في وقت سابق لم يشجع الأسد فحسب بل سمح للإسلاميين بالظهور كأقوى عنصر في جانب المعارضة، ورغم أن السلطات السعودية أعلنت مرارا أن تبرعاتها سواء للمعارضة السورية أو للمنظمات الانسانية يجب أن توجه عبر قنوات رسمية لضمان ألا ينتهي بها الحال في أيدي المتشددين فمن المرجح أن بعض التبرعات الخاصة وصلت للمتشددين.

ويشعر مسؤولون بالمملكة بالإحباط بسبب ما يرون أنه تردد أمريكي خاصة بعد أن تراجع أوباما عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا في أعقاب هجوم كيماوي في ريف دمشق في أغسطس اب الماضي.

ومع ذلك يعتقد مسؤولون أمريكيون أن التعاون شهد تحسنا في الأشهر الأخيرة وبدأت صواريخ أمريكية الصنع تظهر في ساحة القتال، وربما يكون أحد أسباب تحسن الأجواء بين البلدين الحليفين رحيل رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان الذي كان يتولى إدارة السياسة السعودية في سوريا عن منصبه، فقد تسبب أسلوبه في العمل في احتكاك مع الأمريكيين، لكن مصدرا دبلوماسيا في الخليج قال إن واشنطن مازالت تريد مزيدا من الانفتاح في الجانب السعودي.

غير أن المصدر قال إن السعوديين مازالوا يشعرون بأن أمريكا خذلتهم عندما تراجعت عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا، ورغم كل الخلافات مع الرياض فمازالت واشنطن أهم حليف للمملكة إذ تشترك معها في رؤية تقوم على استقرار المنطقة والتعامل الصارم مع المتشددين الاسلاميين.

ويعمل الوجود العسكري الامريكي الكبير في الخليج على حماية حدود المملكة كما أن القوات المسلحة السعودية مزودة بعتاد أمريكي في أغلب الاحوال وتربط شبكة علاقات شخصية المسؤولين والدبلوماسيين ورجال الاعمال من الجانبين، لكن بعد أن أدت انتفاضات الربيع العربي إلى زعزعة استقرار دول مجاورة للمملكة واحدة تلو الأخرى لم تتفق رؤية واشنطن مع الرياض.

وقال الدبلوماسي الامريكي السابق إن ذلك أثر على وجهة نظر الرياض في المحادثات النووية التي تشارك فيها واشنطن مع ايران وذلك رغم محاولات أوباما ومسؤولين آخرين تهدئة المخاوف السعودية، وقال جاري جرابو نائب رئيس البعثة الامريكية في الرياض سابقا إن السعوديين شديدو التشكك في ايران.

وقال "ثمة هاجس مسيطر عن ايران والخطر الذي تمثله، سمعنا من مسؤولين سعوديين بعضهم في مكانة رفيعة جدا أن نية ايران أن تجعل من نفسها زعيمة للعالم الاسلامي خاصة بعد أن استعاد الشيعة السيطرة على الأماكن المقدسة عندهم في العراق كربلاء والنجف"، وأضاف جرابو "هذا يبدو مبالغة بالنسبة لنا لكني سمعتها أن الوجهة القادمة هي مكة والمدينة".

ورغم كل هذا فمن المستبعد أن يتفكك التحالف إذ شبه جرابو العلاقات الامريكية السعودية بعلاقة زواج قديم فقال "الأمر أشبه باثنين متزوجين منذ 40 عاما، لا تستطيع أن تتخيل عدم وجودهما معا لكن لا يمكنك فيما يبدو أن تتفادى النقار.

فشل دبلوماسي

فيما بدأ البحث عن بديل للوسيط الدولي في سوريا الأخضر الابراهيمي الذي تقول مصادر دبلوماسية إنه يعتزم الاستقالة في المستقبل القريب فيما يرجع الى حد كبير إلى الاحباط من خطط الرئيس السوري بشار الاسد لاجراء انتخابات في يونيو حزيران.

وقالت المصادر إنه يوجد عدة مرشحين محتملين لخلافة الدبلوماسي الجزائري المخضرم منهم وزير الخارجية التونسي السابق كمال مرجان، وعلى مدى أكثر من عام لم يخف الابراهيمي أنه يفكر في ترك منصبه كمبعوث مشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية بشأن سوريا، وقال الابراهيمي للصحفيين قبل عام في نيويورك إنه يفكر في الاستقالة كل يوم.

وسيكون الابراهيمي في نيويورك في غضون ايام ومن المقرر أن يجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون، ويقول دبلوماسيون في مجلس الأمن إنه سيطلع سفراء الدول الاعضاء في المجلس يوم 13 مايو أيار على جهوده التي فشلت حتى الآن في انهاء الحرب الأهلية في سوريا التي دخلت عامها الرابع.

وقال دبلوماسي غربي كبير للصحفيين إنه يتوقع ان يعلن الابراهيمي نيته الاستقالة أثناء وجوده في نيويورك، وأكد دبلوماسي كبير آخر التصريحات، وتحدث كلا الدبلوماسيين بشرط عدم نشر اسميهما، وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة إن الأمر لا يتعلق بما إن كان الابراهيمي سيرحل وإنما متى سيرحل، وقال المسؤول "من المؤكد أن يحدث قريبا".

ورفض المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق التعليق على احاديث الدبلوماسيين عن استقالة وشيكة للابراهيمي، وقال حق "يقدر الأمين العام جدا الدور المستمر الذي يقوم به الممثل الخاص المشترك في محاولة انهاء العنف المروع في سوريا"، وأضاف "لا نتهكن بشأن الامور الشخصية"، ورتب الابراهيمي جولتين من المفاوضات في جنيف بين حكومة الأسد وأعضاء في المعارضة التي تسعى للإطاحة به. بحسب رويترز.

ورغم عدم تحقق انفراجات في تلك المحادثات قال دبلوماسيون ومسؤولون من الأمم المتحدة إن الابراهيمي كان يريد مواصلة عملية جنيف للتوصل إلى حل من خلال التفاوض ينهي القتال ويطلق عملية انتقال سياسي ويبدأ عملية المصالحة بين مؤيدي الأسد ومعارضيه.

لكن دبلوماسيين يقولون إن اعلان سوريا يوم 21 إبريل نيسان انها ستجري انتخابات رئاسية يوم الثالث من يونيو حزيران وجه لطمة قاسية لجهود الابراهيمي في جنيف إذ يعتبر التصويت على نطاق واسع محاولة من الاسد لتحدي المعارضة الواسعة ومد فترة بقائه في السلطة.

وقال المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك بعد الاعلان عن الانتخابات إن الابراهيمي وبان "حذرا من أن اجراء الانتخابات في الظروف الحالية وسط الصراع المستمر والنزوح الواسع سيضر بالعملية السياسية ويعرقل احتمالات التوصل الى حل سياسي"، وقال دبلوماسي غربي آخر "اوضح الابراهيمي أنه سيستقيل إذا مضت الانتخابات قدما ولذلك فنحن نتوقع استقالته".

وتقول مصادر دبلوماسية إن بين المرشحين البارزين لخلافة الابراهيمي في المنصب مرجان الذي كان وزيرا للدفاع ثم للخارجية في تونس من 2005 حتى انتفاضة الربيع العربي في 2011 التي أدت الى الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، وقال دبلوماسي غربي كبير "الاسم التونسي مطروح لكن يوجد آخرون"، لكنه لم يذكر اسماء مرشحين آخرين.

وكان سلف الابراهيمي الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان استقال محبطا في أغسطس آب 2012، وشكا مثل الابراهيمي من أن الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي لم يمكنهم التوحد وراء دعواته لإنهاء العنف واجراء انتقال سياسي سلمي، وقتل أكثر من 150 ألف شخص في الحرب وفر حوالي 2.5 مليون شخص الى الخارج ونزح تسعة ملايين آخرين داخل سوريا.

واستخدمت روسيا بدعم من الصين حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة مشروعات قرارات كانت ستدين حكومة الاسد وتهدد بعقوبات وتدعو الى المحاسبة عن أي جرائم حرب، لكن الحكومة السورية وموسكو تتهمان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتقويض جهود السلام بمساعدة السعودية وتركيا وقطر في تمويل مقاتلي المعارضة وتسليحهم.

المساعدات الانسانية

من جانب اخر أشارت منسقة الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة فاليري اموس إلى مجلس الأمن بضرورة اتخاذ اجراء أقوى لتوصيل المزيد من المساعدات إلى سوريا لكن فرنسا قالت إن معارضة روسيا لاي تحركات قوية أوجدت "انطباعا مؤسفا بالوصول لطريق مسدود".

وقالت اموس إن العنف والوضع الإنساني في سوريا-التي تشهد حربا دخلت عامها الرابع- ازدادا تدهورا منذ أصدر المجلس قرارا قبل شهرين يطالب بدخول المساعدات الانسانية للمناطق التي تحتاجها وذلك بشكل آمن ودون اي معوقات.

وأضافت اموس بعد اطلاع الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن على الوضع في سوريا خلال جلسة مغلقة "الوضع أبعد ما يكون عن التحسن بل إنه يزداد سوءا، ما يحدث هناك كل يوم مروع تماما، الاطفال والنساء والرجال مستهدفون بشكل مباشر"، وقالت "عندما رأينا ذلك في مواقف سابقة كان مجلس الأمن يلتف حول القضايا الإنسانية ويصدر قرارات قوية".

وقامت اموس بتذكير أعضاء مجلس الأمن بأزمات انسانية سابقة في الصومال والبوسنة "حين تحتم عليهم اقرار عدد من القرارات المختلفة بموجب الفصل السابع كي يتيح لنا إدخال المساعدات الإنسانية المطلوبة".

وأي قرار صادر بموجب الفصل السابع ملزم قانونا ويتم فرضه بالقوة العسكرية أو غيرها من الاجراءات القهرية مثل العقوبات الاقتصادية، وأجاز مجلس الأمن بموجب الفصل السابع عددا من عمليات حفظ السلام الرادعة كالتي في جمهورية الكونجو الديمقراطية وجنوب السودان وساحل العاج.

والقرار الذي اصدره المجلس في فبراير شباط بشأن فتح سبل دخول المساعدات هو قرار ملزم ولكن ليس بموجب الفصل السابع وغير قابل للتطبيق بالقوة، وتقول الأمم المتحدة إنه لا يمكن إرسال المساعدات عبر الحدود دون موافقة الحكومة السورية إلا بقرار بموجب الفصل السابع، وتوضح أن ارسال المساعدات لا يتم حاليا إلا من خلال عدد قليل من المعابر الحدودية، وقال دبلوماسيون بالأمم المتحدة إن موسكو ستعارض على الأرجح صدور اي قرار بموجب الفصل السابع للسماح بارسال المساعدات عبر الحدود.

وقال سفير استراليا لدى الأمم المتحدة جاري كوينلان إن "عددا كبيرا" من اعضاء المجلس سيبدأ مناقشة الاجراء الذي يمكن اتخاذه لمعالجة مشكلة عدم الالتزام بقرار فبراير شباط الذي أعدته استراليا ولوكسمبورج والأردن، لكن سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة جيرار آرو قال انه ليس من المرجح ان يتخذ المجلس اي اجراء يذكر نظرا لأن روسيا التي تمتلك حق النقض (الفيتو) ستحمي حكومة الرئيس بشار الأسد من اي اجراءات اكثر صرامة.

وأضاف للصحفيين "بعد ما سمعته فإن شعوري الشخصي للأسف الشديد هو ان المجلس لن يستطيع اتخاذ اي قرار نطرحه عليه، انه انطباع مؤسف بالوصول لطريق مسدود للأسف"، وقال آرو انه رغم الاعتراض الروسي فإن فرنسا لا تزال تنوي التقدم بقرار "في الاسابيع القادمة" لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية عن اتهامات محتملة بارتكاب جرائم حرب، وأوضحت موسكو انها تعارض هذه الخطوة.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين بعد افادة اموس للمجلس إن موسكو لن تدعم فرض عقوبات في محاولة لزيادة فتح سبل دخول المساعدات الإنسانية، وقال عشرات من المحامين البارزين من انحاء العالم في رسالة إلى الأمم المتحدة انه لا يوجد اي عائق قانوني أمام المنظمة الدولية لإرسال مساعدات عبر الحدود أو دعم المنظمات الاخرى لعمل ذلك، وقالت اموس "سيعطيك كل محام ثلاثة أو أربعة اراء مختلفة عن القانون الانساني الدولي"، وأضافت "لا أشعر انه يجب علينا ان نسخر وقتا ثمينا في الدخول في جدال قاصر على مجموعة معينة فيما يتعلق بقضايا القانون الانساني الدولي، اعتقد ان ما علينا القيام به هو التركيز على التوصل إلى أفضل السبل لتوصيل المساعدات".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/آيار/2014 - 9/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م