السياسة.. من قاموس الامام الشيرازي

حيدر الجراح

 

اذا فسدت السياسة فسد كل شيء

"آية الله العظمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي"

 

شبكة النبأ: في معناها اللغوي، ومن مصدرها (ساس الدواب) تعني: اهتم بتربيتها وترويضها وتصريفها.

في معنى السياسة من خلال ممارستها، هي (ساس الناس بالحق، تدبرها، تولى تدبيرها وتصريفها).

ويعرفها الصاحب بن عباد، بانها فعل السائس، والوالي يسوس رعيته. ويقرنها الفيروز آبادي بالامر والنهي للرعية.

تقترن السياسة بالقائم على تدبير الشؤون للأفراد داخل المجتمع، نيابة عنهم، وتأخذ تلك الادارة للشؤون مسمى اخر في التنظير للسياسة وهي السلطة بما تعنيه من عملية صنع قرارات ملزمة لكل المجتمع تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات ونخب حسب أيديولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي.

والسياسة هي ايضا، علاقة بين حاكم ومحكوم وهي السلطة الأعلى في المجتمعات الإنسانية، حيث السلطة السياسية تعني القدرة على جعل المحكوم يعمل أو لا يعمل أشياء سواء أراد أو لم يرد. وتمتاز بأنها عامة وتحتكر وسائل الإكراه كالجيش والشرطة وتحظى بالشرعية.

وتعرف السياسة أيضا بأنها: كيفية توزع القوة والنفوذ ضمن مجتمع ما أو نظام معين. كذلك تعرف السياسة بانها العلاقة بين الحكام والمحكومين أو الدولة وكل ما يتعلق بشئونها أو السلطة الكبرى في المجتمعات الإنسانية وكل ما يتعلق بظاهرة السلطة.

ما هو الفساد؟

انه كما حددته "منظمة الشفافية الدولية" "كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته".

وتتنوع اشكال هذا الفساد وتتعدد، منها: (الرشوة: أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من اجل تنفيذ عمل او الامتناع عن تنفيذه مخالفةً للأصول.

المحسوبية: أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي لها الشخص مثل حزب أو عائلة أو منطقة…الخ، دون أن يكونوا مستحقين لها.

المحاباة: أي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة.

الواسطة: أي التدخل لصالح فرد ما، أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفؤ أو مستحق

نهب المال العام: أي الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة.

الابتزاز: أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد).

وللفساد السياسي تأثيرات متعددة ايضا تشتمل على:

تقويض الديمقراطية، وتغيير العملية السياسية في البلد، وهو ايضا يمتد الى الفساد في المؤسسات والهيئات التشريعية، فيقلل من المساءلة ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي، اضافة الى تأثيراته على مجمل الانشطة الاقتصادية، والتنمية، والتوزيع العادل للموارد.

فساد كل شيء هو بسبب فساد السياسة، هكذا ينظر الامام السيد محمد الشيرازي الراحل (قدس سره) الى ما آلت اليه احوال المسلمين في بلدانهم، بسبب فساد من يقومون بالفعل السياسي ومن يحكمون، وهو فساد يعود بالدرجة الاولى الى فقدان الثقة التي يجب توفرها بين الحاكم والمحكوم، وهي منعدمة في شعوبنا، على عكس المجتمعات الغربية، التي تثق بحكامها، وهي ثقة تبعث على الاطمئنان (المجتمع الغربي يطمئن لحكامه عادة، بينما المسلمون يكرهون حكامهم ويسعون جاهدين لإسقاطهم، وهذه الثقة في شعوبهم، وفقدانها من شعوبنا ناشئة من شكل الحكم ومنهجيته السياسية).

ولا يقتصر فساد السياسة على انعدام الثقة بالدرجة الاساس، والتي تكون نتيجة لممارسات سابقة، تكرسها وتجعلها نمطا اخلاقيا ونفسيا داخل ذوات الافراد، انها ايضا، اي فساد السياسة، تعود الى (الخديعة والمكر، والتلاعب بأموال الناس وثرواتهم، ونشر المجون والفساد بينهم)، والتي هي من صفات الطغاة، كما يكتب الامام الشيرازي.

والطغيان الذي هو وجه من وجوه الاستبداد، او هما وجهان لعملة واحدة، منشأ (اغلب المشاكل الفردية والاجتماعية في جميع ابعاد الحياة).

كثيرا ما يؤكد الامام الشيرازي (قدس سره) على مفهوم العدل، الذي يجب ان تقوم عليه الدول والحكومات، لما له من تأثير على الشعوب التي يمتاز حكامها بهذه الصفة، ايجابا او سلبا، لان (عدل الرؤساء له أعظم الاثر بالنسبة الى أنفسهم والى شعوبهم، كما ان ظلم الرؤساء له أعظم الاثر بالنسبة الى انفسهم والى شعوبهم، فالعدل كالنور، والظلم كالظلمة، هذا ينير، وهذه تظلم).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 7/آيار/2014 - 6/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م