اليمن... اضطراب مزمن يبقيها في عنق الزجاجة

 

شبكة النبأ: بعد ان واجهت اليمن صعوبات وعقبات أحبطت العديد من مبادرات المصالحة الوطنية التي اعتبرها الكثيرون الحل الأمثل لتحقيق السلم الاجتماعي والعدالة بين جميع مكونات المجتمع اليمني، تواجه، راهنا، داء القاعدة من جديد، بعد ان استغل التداعيات الأمنية الأخيرة ليعاود نشاطه وعملياته داخل اليمن ليضيف لها تحدياً اخر.

وقد تضافر الفشل السياسي والأمني، كما يرى المحللون، لينتج عدم استقرار واضح في مسيرة الدولة نحو بر الأمان، سيما وان الحكومة اليمنية لم تستطع حتى اليوم، من جمع الفرقاء حول صيغة توافقية للخروج من عنق الزجاجة.

فيما لم تساهم الجهود الدولية بالكثير "حتى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يتيح فرض عقوبات على أي شخص يعرقل عملية الانتقال السياسي في البلاد أو يرتكب انتهاكات لحقوق الإنسان" من اجل دعم استقرار اليمن، او منع التأثيرات السياسية الخارجية التي غالباً ما تؤثر على سير اعمال الحكومة او جهود المصالحة الوطنية.

وربما أتت بعض الجهود الدولية او الدول الحليفة لليمن، بنتائج عكسية، كما هو الحال بالقصف الذي يتم عن طريق الطائرات بدون طيار سيئة الصيت، والتي تستهدف عناصر تنظيم القاعدة النشط في اليمن، لكنها قد تصيب اهدافاً مدنية عن طريق الخطأ.

لذا يرى الكثير من المحللين أن انفلات الأمني وزيادة حدة التوتر والصراع بين الاطراف السياسية المتخاصمة، فضلا عن الوضع الاقتصاد المترهل، جميعها هذه الامور تقود الدولة الى هشاشة على الاصعدة كافة، وقد زاد هذه الامور من تأزم الأوضاع ورفع من حالة الاحتقان السياسي، لتقدم صورة سياسية امنية لانعدام الثقة بين المكونات السياسية ولتشكل أساس الأزمة في اليمن الجديدة، وتضع عقبات مستعصية تعرقل التنمية والاستقرار في البلاد اليمنية.

فقد شنت قوات يمنية تدعمها طائرات تابعة للقوات الجوية هجوما كبيرا على معاقل القاعدة في جنوب البلاد في محاولة للقضاء على التنظيم الاسلامي المتشدد الذي قتل مئات الأشخاص منذ عام 2011، وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن خمسة من زعماء القاعدة المحليين لقوا حتفهم في القتال وأحدهم يدعى أبو القعقاع، وقال مسؤول بالحكم المحلي إن خمسة جنود يمنيين قتلوا أيضا.

وهرب متشددون من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وحلفاء لهم في جماعة أنصار الشريعة إلى المنطقة الجبلية في عام 2012 بعد أن طردهم الجيش اليمني بدعم من الولايات المتحدة من المدن التي سيطروا عليها في عام 2011، ويمثل المسلحون تحديا كبيرا لجهود الحكومة لإعادة الاستقرار إلى البلد الحليف للولايات المتحدة منذ إجبار الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي في عام 2012 بعد عدة أشهر من الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.

ويشارك مئات المتطوعين من ميليشيا محلية تعرف باسم اللجان الشعبية مع الجيش في الهجوم الجديد الذي بدأ بعد من سلسلة هجمات جوية أدت إلى مقتل 55 متشددا مشتبها بهم في مخابئهم الرئيسية في جنوب اليمن.

ونقل موقع وزارة الدفاع اليمنية على الانترنت عن جمال العاقل محافظ أبين قوله أن "أبطال القوات المسلحة والأمن وبتعاون اللجان الشعبية عازمون وبإصرار كبير على القضاء على من تبقى من العناصر الارهابية في مديرية المحفد وضرب أوكارهم وتخليص الوطن من شرورهم"، ونفذ المتشددون عشرات التفجيرات والهجمات الانتحارية ضد المنشآت العسكرية والمنشآت الحكومية والرعايا الأجانب. بحسب رويترز.

وذكرت مواقع اخبارية محلية على الانترنت أن المتشددين احتجزوا عدة جنود في المراحل الأولى من القتال ووضعت على مواقع صور رجال يرتدون الزي العسكري يجلسون في مؤخرة شاحنة بين رجال ملثمين يحملون لافتة لتنظيم القاعدة، وقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن 70 في المئة من مقاتلي القاعدة أجانب.

وأضاف في احتفال للخريجين بكلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة "70 في المئة غير يمنيين وعلى من يشكك في ذلك من إخواننا أن يذهب إلى ثلاجات الموتى في المستشفيات الذين لم تقبل جثثهم بلادهم وهم من البرازيل وهولندا واستراليا وفرنسا ومن شتى دول العالم".

وقالت مصادر محلية إن طائرة بدون طيار شوهدت فوق المناطق المستهدفة قبل الضربات في وقت سابق، وتعترف الولايات المتحدة باستخدام طائرات بدون طيار لاستهداف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن لكنها لا تعلق على هذه العمليات.

وجاءت هذه الضربات الجوية بعد لقطات فيديو وضعت على الانترنت تبين زعيم التنظيم ناصر الوحيشي يتحدث إلى حشد كبير من المقاتلين في منطقة جبلية لم يكشف عنها في اليمن وهو يتوعد بمهاجمة الولايات المتحدة.

وينسب مسؤولون أمريكيون الفضل إلى استراتيجية استخدام طائرات بدون طيار في أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لم يعد قادرا على السيطرة على أراض في اليمن مثلما فعل عام 2011، لكن منتقدين بينهم سياسيون يمنيون وامريكيون يقولون إن الضربات والخسائر في صفوف المدنيين تزيد التعاطف مع تنظيم القاعدة والاستياء من واشنطن.

وتتابع السعودية بقلق تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ تأسيس هذا الفرع بواسطة مواطنين من البلدين وتعهده بأسقاط الأسرة الحاكمة في السعودية.

التحول السياسي وعقباته

في سياق ذي صله وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على فرض عقوبات على أي شخص في اليمن يعرقل عملية الانتقال السياسي في البلاد أو يرتكب انتهاكات لحقوق الإنسان لكنه لم يصل إلى حد إدراج أشخاص بعينهم على القائمة السوداء.

وتمت الموافقة بالإجماع على مشروع القرار الذي أعدته بريطانيا، لكن القرار ترك مسألة العقوبات مثل تجميد أموال أشخاص بعينهم أو حظر سفرهم إلى لجنة جديدة للعقوبات خاصة باليمن تتبع الأمم المتحدة وتضم الدول الأعضاء في المجلس.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والنائب الأسبق للرئيس علي سالم البيض في مقدمة الشخصيات التي يتوقع إدراجها على قائمة الأمم المتحدة السوداء، وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور لمجلس الأمن "أوضح المجلس أننا سنظل ملتزمين بقوة بدعم اليمن في تنفيذ الخطوات التالية في عملية الانتقال بما في ذلك الإصلاح الدستوري والانتخابات العامة".

ومضت تقول "اتخذ المجلس خطوة للأمام بتشكيل لجنة مستعدة لمعاقبة أفراد يعرقلون عملية الانتقال الجارية في اليمن"، وأضافت أن المجلس في وسعه الآن "أن يرد في الوقت المناسب على أولئك الذين يسعون لإخراج العملية عن مسارها".

ورحب سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة مارك ليال جرانت بالموافقة على القرار وقال للمجلس إنه يتضمن عددا من الرسائل الواضحة من بينها أن العالم عازم على دعم الشعب اليمني وحكومته في كفاحهما لتحقيق الاستقرار في البلاد، وتابع قائلا إن القرار يتضمن أيضا تحذيرات واضحة.

وقال ليال جرانت "هؤلاء الذين يرغبون في إخراج الانتقال السياسي عن مساره سيواجهون عواقب سريعة وحاسمة من خلال لجنة العقوبات"، وأضاف "القرار واضح وينص على أن عملية الانتقال تتطلب طي صفحة الرئيس علي عبد الله صالح".

وقال جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن للصحفيين بعد التصويت على القرار "أعبر عن سعادتي اليوم لأن المجلس اتخذ إجراء حاسما"، وأضاف "هناك أسلوب ممنهج للعرقلة وتحديات أمنية خطيرة" في اليمن.

وكان المجلس أبدى في وقت سابق قلقه من تقارير تتحدث عن تدخل صالح والبيض، واتهم بن عمر في نوفمبر تشرين الثاني الماضي دوائر مقربة من صالح بعرقلة محادثات المصالحة التي تستهدف استكمال اتفاق نقل السلطة الذي سمح بتنحيه عن منصبه.

ورحب سفير اليمن لدى الأمم المتحدة جمال عبد الله السلال بموافقة مجلس الأمن على القرار ووضع نظام للعقوبات، وقال إن بلاده لا تريد العودة إلى المربع الأول وأن تواجه العنف والانزلاق الى الحرب الأهلية.

فيما لم يكد حبر توقيع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على خطة تستهدف إعادة الاستقرار إلى بلاده يجف حتى بدأت الاعتراضات تنهال عليها، وكان رئيس الدولة التي بدت لسنوات على شفا التفكك يأمل في إرضاء الفصائل السياسية المتناحرة بإقامة دولة اتحادية من ستة أقاليم يكون لكل اقليم فيها دور أكبر في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية.

وحتى الان يبدو أن عددا قليلا من الفصائل راض عما يجري مما يضيف إلى متاعب اليمن الذي يعاني بالفعل الفقر المدقع وسوء الإدارة وحركات تمرد اقليمية كما يخوض قتالا مع جناح للقاعدة، ويطلب مواطنون في جنوب اليمن الحكم الذاتي ويطلب آخرون الانفصال ويخشون من أن تضعف الخطة الجنوب لأسباب من بينها أنها تبعده عن إقليم حضرموت مترامي الاطراف حيث توجد بعض احتياطيات النفط.

ولدى بعض المتمردين الحوثيين في الشمال أيضا تحفظات قوية لأن الخطة المقترحة تربط المنطقة الجبلية الوعرة التي يسيطرون عليها بمنطقة صنعاء وتحرمها من منفذ على البحر، وتبدو إثارة جدل سياسي يستمر لشهور حتمية، وإذا تحولت هذه الخلافات للعنف فإن انعدام الاستقرار في اليمن سيزيد.

وعانى اليمن صراعات كثيرة خلال الخمسين عاما الماضية ويعاني نقصا في الغذاء والمياه ويعاني أيضا الفساد وسوء الخدمات الاجتماعية التي تكاد تكون غير موجودة كما أضعفت الخلافات بين الفصائل قوات الأمن، وتعني الصراعات الاقليمية وانتشار القبائل المدججة بالسلاح أن أجزاء كثيرة في اليمن خارج نطاق سيطرة الدولة.

ويضطر اليمن لاستيراد معظم غذائه بسبب قلة الأراضي الصالحة للزراعة مقارنة بتعداد سكانه المتزايد، ومعدل سوء التغذية عند الأطفال في اليمن من بين المعدلات الأكبر في العالم، وفي مواجهة مثل هذه المشكلات الضخمة ترمي خطة هادي إلى بناء هيكل إداري يبدأ على الاقل في إعادة إعمار البلاد لكن التوافق عليها صعب.

وقالت جين ماريوت السفيرة البريطانية في اليمن "لم تكن الخطة الاتحادية لترضي الجميع على الاطلاق، هناك الكثير من الامور التي قد تفشل، ووفقا لما رأيناه حتى الان في اليمن هناك الكثيرون الذين يحاولون إنجاح هذا الأمر، والتحدي الكبير هو الارادة السياسية فلا يزال هناك أناس لهم جدول أعمال خاص بهم ولا يركزون بالضرورة على مصالح اليمن".

قال ابراهيم شرقية وهو خبير في حل الصراعات إن النزاعات يمكن أن تحل سلميا لكنه حذر من مشكلات خطيرة إذا لم يحدث هذا، ويأتي قرار تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم مع إعطاء العاصمة صنعاء وضعا خاصا في وقت حساس بالنسبة لجهود اليمن الرامية لإنهاء انعدام الاستقرار، ومع تفاقم الانقسام في المنطقة على أساس طائفي بسبب الحرب في سوريا فإن التوترات الداخلية في اليمن تجعله ساحة معركة أخرى في "الحرب الباردة" بين السعودية وإيران في منطقة الشرق الأوسط.

والتحول إلى دولة اتحادية جزء من انتقال اليمن المقرر إلى الديمقراطية بموجب اتفاق لانتقال السلطة توسطت فيه الولايات المتحدة خرج بموجبه الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة في 2012 بعد عام من الاحتجاجات على حكمه، وتنهي الدولة الاتحادية مركزية السلطة في صنعاء وتخفف من السلطات التي استحوذ عليها صالح طوال عقود حكمه بعدما استشرى في عهده الفساد والصراع.

وسيكون لكل إقليم في اليمن سلطة أكبر فيما يتعلق بشؤونه مثل الخدمات المدنية والاجتماعية والصحية والأمنية كما سيكون لكل إقليم قوة شرطة خاصة به على أن يحمي الجيش اليمني حدود البلاد، ولا يعارض الجنوبيون والحوثيون بالضرورة فكرة إقامة دولة اتحادية لكنهم غير سعداء بالتقسيم المقترح.

ويتوقع ان يبدأ قريبا وضع مسودة للدستور الذي من المقرر أن يرسم الخطوط العريضة للخطة الاتحادية مما يمهد الطريق أمام إجراء انتخابات العام المقبل لكن الوصول إلى اتفاق سيكون صعبا، وكان مسؤولون جنوبيون بين أول من أبدوا اعتراضاتهم على خطة هادي الذي وافق عليها في وقت سابق.

وكتب تيودور كاراسيك مدير الابحاث والاستشارة في مؤسسة انيجما الفكرية المختصة في الشؤون الأمنية والعسكرية مقالا على الانترنت قال فيه إن من بين عيوب الخطة عدم تحديد "كيفية بناء الكيانات الاتحادية واختيار موظفيها وطبيعة العلاقات بين المركز والأطراف"، ويطالب العديد من أبناء الجنوب منذ فترة طويلة بإعادة دولة اليمن الجنوبي التي اتحدت مع الشمال في عام 1990، وانسحب العديد من الزعماء الانفصاليين من محادثات مصالحة وطنية طال أمدها قبل أن تنتهي باتفاق على تحويل اليمن إلى دولة اتحادية لكنه ترك لهادي قرار تقسيم البلاد إلى إقليمين أو ستة.

اتخذت لجنة برئاسة هادي قرارا بشأن خطة تضع تصورا يقسم ما كان يعرف بجنوب اليمن إلى إقليمين هما عدن وحضرموت بينما ينقسم شمال اليمن الأكثر سكانا إلى أربعة أقاليم، وقال شرقية إنه يجب عدم التقليل من شأن الاعتراض لأن رفض الحوثيين وأبناء الجنوب للتقسيم المقترح يمثل تحديا جديا للغاية.

وأضاف أن الاعتراضات لن تنهي فكرة النظام الاتحادي نفسها لكنها ستعرقل العملية الانتقالية، ورفض علي سالم البيض الرئيس السابق لليمن الجنوبي ويقيم في لبنان الاقتراح جملة وتفصيلا، وقال سالم البيض في تعليقات أرسلت عبر أحد مساعديه إن شعب الجنوب سيستمر في كفاحه السلمي وإنه يملك القدرة على إحباط كل خطط الاتحادية، ورفض مسؤولون جنوبيون آخرون يعيشون في اليمن الخطة وقال عبد الغني الإرياني أستاذ العلوم السياسية اليمني إنه لا يمكن استبعاد رد فعل عنيف من أبناء الجنوب.

وقال إنه إذا تقرر تحدي رفض الجنوبيين بالقوة فستنتشر الفوضى، وأضاف أن أكثر الفصائل التابعة لسالم البيض تشددا قالت مرارا إنها ستلجأ للعنف لتحقيق أهدافها وإن خطر حدوث ذلك أمر له مصداقيته، وأشار مسؤولون يمنيون إلى أن الحكومة مستعدة لتغيير حدود الاقاليم الستة ولكن ليس دمج الجنوب في اقليم واحد بدلا من اقليمين.

وقالت ماريوت التي استعمرت بلادها عدن وباقي الجنوب حتى الاستقلال عام 1967 إن الآمال تنعقد على الخطة الاتحادية لتبديد هذا الخطر، وأضافت "من المهم أن تمتد سيطرة حكومة اليمن وتتم السيطرة على الامن.

قال محللون إن الخطة الاتحادية لم تحظ أيضا برضا الحوثيين الذين ينتفضون بين الحين والاخر منذ 2004 خاصة لأنها تفصل منطقة صعدة الجنوبية التابعة لهم عن البحر الأحمر، وقال السياسي الحوثي علي البخيتي إن كان من المفترض أن تكون هناك معايير اقتصادية تضع في الاعتبار توزيعا متساويا للموارد والسلطة.

وأضاف أن الخطة ستفشل عند تطبيقها عمليا وأن السلطة ستضطر آجلا أو عاجلا لتغيير الوضع، واشار إلى أن السلطة لن تتمكن من إجبار المواطنين على أن يكونوا جزءا من اقليم لذا ستظل الخطة حبرا على ورق، ويضع التقسيم صعدة ضمن اقليم أزال مع العاصمة صنعاء التي سيكون لها وضع خاص.

وقال شرقية إن هذا الربط أو جعل صعدة جزءا من صنعاء يجعل الحكم الذاتي مستحيلا بالنسبة للحوثيين، وقال الأرياني إنه لا يتوقع أن يعوق الحوثيون العملية الانتقالية ووصف اعتراضاتهم بأنها ليست سوى موقف للمساومة وليس تحديا جديا للاتفاق.

ويقول عبد الرحيم صابر المستشار السياسي الكبير التابع للأمم المتحدة في صنعاء إن التمويل قد يصبح العقبة الرئيسية أمام الاتحادية، وقال صابر إن التحدي الأكبر أمام النظام الاتحادي لن يكون سياسيا وإنما اقتصاديا بالأساس، وأضاف أن الحديث يدور بشأن إقامة نظام سياسي جديد بالكامل وستكون هناك مؤسسات جديدة وانتخابات وبرلمانات وحكومات وأجهزة أمنية في كل إقليم، وقالت ماريوت إن بريطانيا تشعر بمثل هذه المخاوف، وأضافت "بناء مؤسسات الدولة لن يحدث بين عشية وضحاها، نتطلع إلى أفق زمني يمتد عشر سنوات قبل أن يتسنى لنا الحكم حول فشل أو نجاح هذا.

عام مالي صعب

من جهته قال صندوق النقد الدولي إن وضع المالية العامة في اليمن سيكون صعبا عام 2014 ما لم تحصل الحكومة اليمنية على مساعدات خارجية أكبر وتنفذ حزمة إصلاحات مالية واسعة، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن ممثل صندوق النقد الدولي في اليمن غازي شبيكات قوله "الحكومة اليمنية تستهدف عجزا أكبر في موازنة العام الجديد مقارنة بموازنة 2013 وإيجاد تمويل لهذا العجز سيشكل تحديا حقيقيا للحكومة".

وأشار إلى محدودية المبالغ التي يمكن توفيرها من الجهاز المصرفي اليمني وقال إن استمرار التوسع في الاستدانة عبر بيع أذون الخزانة والسندات لتغطية عجز الموازنة من شأنه أن يؤثر سلبا على عملية الإقراض الذي يمكن أن توفره البنوك للقطاع الخاص المستثمر.

وأضاف أن الاستمرار في خفض النفقات الرأسمالية لا يتناسب مع متطلبات المرحلة التي ينبغي فيها تحقيق معدلات نمو أعلى للمساهمة في تخفيض نسب الفقر والبطالة، وقال شبيكات "استمر الاقتصاد اليمني بالتعافي من أزمة عام 2011 حيث نما عام 2013 بنسبة 4.5 بالمئة وهي نسبة أقل مما كان متوقعا لها بسبب استمرار الانقطاعات في إنتاج النفط"، وتوقع أن تستمر وتيرة النمو تلك على المدى المتوسط لكنها تبقى غير كافية للوصول بالدخل الفردي إلى مستواه قبل عام 2011 وغير كافية لتخفيض معدلات الفقر والبطالة المرتفعة.

وكان اليمن أقر ميزانية عام 2014 التي ترفع الإنفاق نحو أربعة بالمئة إلى 2.88 تريليون ريال (13.4 مليار دولار) مقارنة بالإنفاق المقرر في ميزانية 2013. وتتضمن الميزانية عجزا قدره 679 مليار ريال تقريبا. ويقارن هذا بعجز قدره 682 مليار ريال في ميزانية 2013، وكان الاقتصاد قد انكمش بمعدل 12.7 في المئة في 2011 حين عصفت الاضطرابات بالبلاد.

ومازال اليمن يتعرض لضغوط مالية بسبب تفجيرات متكررة لخطوط أنابيب النفط ينفذها رجال قبائل، وتشكل صادرات الخام ما يصل إلى 70 بالمئة من إيرادات الميزانية، وقال المسؤول بصندوق النقد ان وضع المالية العامة في اليمن ظل صعبا العام الماضي إذ انخفضت المنح الخارجية بشكل ملحوظ بعد المستوى الذي وصلته عام 2012 والذي تلقى فيه اليمن منحا كبيرة غير متكررة من السعودية. بحسب رويترز.

وتابع "اليمن بحاجة ملحة إلى تطبيق إصلاحات تهدف لمعالجة الخلل في هيكل الموازنة العامة وتوجيه جزء اكبر من الموارد في الموازنة بما يسمح بزيادة الإنفاق الاستثماري والاجتماعي وذلك بإعادة ترتيب النفقات من خلال إزالة الدعم الشامل غير المستهدف للمشتقات النفطية وزيادة الإنفاق الرأسمالي و التمويلات الاجتماعية"، وأشار إلى أن الدولة تنفق على الدعم ما يصل إلى عشرة ملايين دولار يوميا ويذهب معظمه إلى الطبقة الغنية.

كما قالت مسؤولة يمنية إن الاضطراب السياسي يعرقل قدرة اليمن والدول المانحة على تحويل مساعدات خارجية بمليارات الدولارات لاستخدامها في إعادة إعمار البلاد، وقالت أمة العليم السوسوة المديرة التنفيذية لجهاز تسريع استيعاب مساعدات اليمن إن اليمن بحاجة ماسة لإصلاحات لضمان تمكينه من الوفاء بالتزاماته المالية.

وأنشئ هذا الجهاز العام الماضي لمساعدة اليمن في استيعاب مساعدات قيمتها نحو ثمانية مليارات دولار تعهد بها المانحون، ووصل اليمن قدر محدود من التمويل المخصص للاستخدام في مشاريع البنية الأساسية الكبرى مثل مد الطرق وإقامة محطات الكهرباء أو المنشآت الصحية، ونتيجة لهجمات تنظيم القاعدة أو رجال القبائل المسلحين يصعب بدء أي أعمال لإعادة الإعمار.

وقالت أمة العليم "جملة التطورات والمتغيرات السياسية التي عانت منها الحكومة أدت إلى تباطؤ في استيعاب المنح"، وأضافت "لكن منذ بعد توقيع اتفاق الإطار المرحلي والتي ركزت على المشروعات الكبيرة واعترفت الحكومة والمانحون أنهما لا يستطيعان تنفيذها للأسباب الأمنية والسياسية."

ويقول مسؤولون يمنيون إن هذه المساعدات تأخرت نتيجة خلافات بشأن أي المشروعات التي ينبغي أن تتلقى التمويل ولأن بعض دول الخليج تحجز الأموال لأسباب سياسية، وطلبت الدول المانحة من اليمن إنشاء جهاز للتنسيق بينها وبين صنعاء لتسهيل تحويل الأموال وقد أنشئ أواخر العام الماضي.

وقالت أمة العليم التي تم تعيينها لرئاسة الهيئة هذا الشهر إن اليمن بحاجة إلى العمل على "الاصلاح الكامل للمنظومة المالية سواء كان نقدا أو ادارة الموازنة أو إصلاح الأسعار أو إصلاح الخدمة المدنية أو مكافحة الفساد"، وأضافت "بدون تصحيح الأوضاع المالية السيئة جدا قد تنذر وبدون أي مبالغة بأن لا تستطيع الموازنة العامة من تسديد التزاماتها حتى لرواتب الموظفين أكانوا مدنيين أو عسكريين".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/آيار/2014 - 5/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م