ماذا بعد تفوق الإبداع العراقي؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: حصد الابداع العراقي جوائز مرموقة عالميا وعربيا، حدث هذا على نحو متصاعد في السنوات الاخيرة، وهو مؤشر على تميز الابداع العراقي، والمواهب الكبيرة التي ينطوي عليها العقل العراقي، لأن الابداع في الادب والفنون والطب والهندسة والثقافة عموما على نحو متميز، يدل على قدرة العراقيين على العطاء الدائم من خلال الابتكار ومواكبة الحياة بروح متألقة، وعقل يتوق الى التميز والتطور دائما.

آخر الجوائز المرموقة التي حققها المبدعون العراقيون، هي جائزة البوكر العالمية في نسختها العربية، حيث حصلت رواية (فرانكشتاين في بغداد) للكاتب احمد سعداوي على هذه الجائزة الأكبر عربيا، وقد فازت رواية السعداوي من بين اكثر من 150 رواية صدرت خلال 11 شهرا الاخيرة وشاركت جميعها في المسابقة المذكورة، وكانت المنافسة قوية جدا، وقد شارك فيها كتاب وروائيون لهم تجربة طويلة مع الرواية، ولديهم حضور كبير ودائم في المحافل العربية والدولية، إلا أن احمد سعداوي (الروائي العراقي الشاب) استطاع ان يخطف هذه الجائزة بقوة الابداع التي تميزت بها روايته.

فقد أعلن رئيس لجنة تحكيم جائزة البوكر في نسختها الاخيرة الدكتور سعد البازعي، أن رواية احمد سعداوي (فرنكشتاين في بغداد)، حظيت بشبه اجماع من قبل لجنة التحكيم، موضحاً أن كل آراء لجنة التحكيم في اختيار القائمة الطويلة والقصيرة كانت كلها توافقية، مؤكداً أن تحقق الشرط الفني في رواية أحمد سعداوي كان السبب الرئيس لفوزها بالبوكر، مستبعداً أن تفوز رواية لسبب سياسي، رداً على تعليق البعض عن توقع فوز رواية الكاتب السوري خالد خليفة "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" المرشحة ضمن القائمة القصيرة وتتعاطى مع الواقع السياسي السوري، مشيرا إلى أن اختيار رواية سعداوي جاء لعده أسباب منها، مستوى الابتكار في البناء السردي كما يتثمل في شخصية "الشسمه". مضيفا:" في الرواية أيضاً عدة مستويات من السرد المتقن والمتعدد المصادر وهي لهذا السبب وغيره تعد إضافة مهمة للمنجز الروائي العربي المعاصر.

إن هذا التأكيد على تميّز الابداع العراقي بالابتكار، يدعو الدولة ومؤسساتها الى الوقوف على عوامل الابداع، وتطويرها ودعمها ومؤازرتها، من خلال العمل المنظم والداعم للثقافة والمثقفين، فعندما تنهض الثقافة وتتميز، فإن ذلك دليل على تطور الدولة والمجتمع عموما، وطالما أن الابداع العراقي يحقق قفزات متصاعدة، ونتائج باهرة تؤكدها حالات الفوز الكبيرة المتكررة التي يحققها مبدعون عراقيون، مثل زها حديد وانعام كجه جي واحمد سعداوي وغيرهم، فإن هذا التفوق لا يتحقق اعتباطا، إنما هناك قاعدة قوية للابتكار في هذا البلد، وهناك قدرات وطاقات كامنة لابد من استثمارها على الوجه الامثل.

يحتاج هذا الهدف المهم والجوهري، الى دراسات وتخطيط وتنظيم من خبراء ولجان متخصصة، تدرس وتضع الخطوات الاجرائية من حيث التخطيط والتنفيذ، لدعم الثقافة عموما، والابداع في مجالات الحياة كافة، حتى يتم استثمار حالات الفوز الكثيرة التي يحققها مبدعون عراقيون في الفن والثقافة، كما اثبت ذلك فوز الروائي الشاب احمد سعداوي تولد 1973، وهذا ما يؤكد أن الابداع لا يخضع لعمر متقدم، لان السعداوي يعد من اصغر الاعمار المشاركة في جائزة البوكر، ومع ذلك استطاعت تجربته الروائية في (فرنكشتاين في بغداد) أن تخطف البوكر، من بين عدد كبير من الروايات، وبين روائيين كبار من امثال الاعرج واسيني الجزائري وأمير تاج السر السوداني وغيرهما.

في حقيقة الامر هذه الجائزة المهمة على مستوى الابداع، تجعل مسؤولية النهوض بالثقافة العراقية، امرا لا نقاش فيه، ولا تعارض عليه، خاصة ان الثقافة تسهم بشكل فاعل في تطوير البنية المجتمعية والسياسية معا، وطالما اننا متميزون بالابتكار والابداع، فإن هذا الامر يشكل دليلا كافيا على اننا مستعدون لمواكبة العصر على أفضل وجه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/آيار/2014 - 5/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م