البحث في عالم كواكب.. الغاز كونية بين الاكتشاف والافتراض

 

شبكة النبأ: يواصل علماء الفضاء استكشافاتهم العلمية المهمة وإنجازاتهم علمية مثيرة في مجال رصد الكواكب والنجوم والظواهر الفضائية الاخرى من اجل التعرف على المزيد الاسرار الخاصة بهذا الكون، الذي اصبح اليوم ساحة معركة حقيقية بين الكثير من الدول والحكومات لأسباب سياسية او اقتصادية، هذا بالإضافة الى البحث عن البدائل المهمة وايجاد الحلول المناسبة للعديد من المشاكل والتحديات والمخاطر التي يعاني منها كوكب الارض كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان توفر التقنيات وأجهزة الحديثة والمتطورة قد اسهمت وبشكل فاعل في تذليل الصعوبات وتغير الكثير من النظريات السابقة، في حين يرى الخبراء بإن دول العالم يمكنها أن تنعم بنجاح برنامجها الفضائي لهذا العام، وتنال في الوقت نفسه العديد من المزايا الإستراتيجية من خلال تطوير عالم الفضاء.

حيث دخلت القوى الفضائية الثلاث الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا والصين، عصرا بات التعاون فيه أكثر أهمية من أي وقت مضى، لكن البحث في عالم الكواكب والفضاء الخارجي جعل العالم يعيش في سباق محموم لأجل السيطرة على الفضاء الخارجي، الذي أضحى ميداناً مفتوحاً لحرب تنافسة شرسة ومقياسًا مهما لتفوق الدول والحكومات التي تسعى بشكل حثيث الى بناء وتطوير برامجهما قدراتها العلمية المتعلقة باستكشاف الفضاء لأغراض مدنية أو عسكرية او اقتصادية، هذه المنافسة وعلى الرغم من تكاليفها الباهظة لم تعد تقتصر على البلدان المتقدمة بل شملت أيضا دخول بلدان أخرى تطمح للوصول إلى الفضاء، ومن هذا تبقى الغاز الكواكب بين الاكتشاف والافتراض التي قد تتحول إلى واقع في مستقبل ليس ببعيد.

الكواكب الصغيرة

وفي هذا الشأن فقد اكتشف علماء في الفلك كوكبا صغيرا خلف مدار بلوتو ويمكنهم فقط ان يخمنوا كيف وصل الي الفناء الخلفي للنظام الشمسي.

ويقدر قطر الكوكب -الذي اعطاه المركز الدولي للكواكب الصغيرة اسما مؤقتا هو (2012.في.بي113)- بحوالي 450 كيلومترا او أقل من حجم كوكب قزم مجاور يعرف باسم سدنا اكتشف قبل عشر سنوات. والكوكبان الصغيران هما أول جسمين يتم اكتشفهما في منطقة من النظام الشمسي كان يعتقد في السابق انها خالية من الاجسام الكوكبية. وتمتد هذه المنطقة من الحد الخارجي لحزام كويبر -الذي يضم كوكب بلوتو وأكثر من ألف جسم متجمد صغير اخر- إلى سحابة اورط المليئة بالمذنبات والتي تبعد عن الشمس بمسافة اكبر بعشرة آلاف مرة من كوكب الارض.

وقال سكوت شيبرد من مؤسسة كارنيجي في واشنطن في مقابلة "عندما اكتشف سدنا قبل عشر سنوات كان اكتشافا اعاد تعريف ما كنا نعتقده عن النظام الشمسي." ويقول علماء الفلك الذين نشروا نتائجهم في دورية (نيتشرNature) إنه ما من شيء في شكل النظام الشمسي الحالي يفسر وجود الكوكبين (في.بي113) وسدنا. بحسب رويترز.

ويعتقد شيبرد ان كوكبا اخر بحجم الارض على الاقل ربما اندفع إلى خارج النظام الشمسي آخذا في طريقه بعض الاجسام من حزام كويبر. ويعمل العلماء على تأكيد وجود ستة اجسام اخرى مماثلة لكوكب سدنا اكتشفت العام الماضي. ويتطلب ذلك تصوير الكواكب الصغيرة عدة مرات على مدار سنة أو اكثر لقياس مدى ابتعادها عن النجوم خلف النظام الشمسي.

كوكب بحجم الأرض

في السياق ذاته عثر العلماء لأول مرة على كوكب بحجم كوكب الأرض يدور في فلك حول نجم بعيد في منطقة يمكن أن تسمح بوجود حياة فيها. وهذا الاكتشاف الذي أعلن عنه العلماء هو الأقرب إلى إيجاد توأم حقيقي لكوكب الأرض. ويقع النجم المعروف باسم كيبلر 186 الذي يدور في فلكه هذا الكوكب على بعد نحو 500 سنة ضوئية ضمن مجموعة نجمية تسمى مجموعة الدجاجة. والنجم أصغر من الشمس ويميل لونه إلى الحمرة.

وقال الفلكي توماس باركلي من مركز بحوث إيمز التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) في موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا إن ذلك الكوكب- الذي سمي (كيبلر 186-إف) Kepler-186f - هو الأبعد عن نجمه وتصله إشعاعات من النجم كيبلر 186 تعادل ثلث الإشعاعات التي تصل إلى كوكب الأرض من الشمس مما يعني أن فترة الظهيرة في ذلك العالم قريبة بشكل أو بآخر من الوضع على الأرض قبل ساعة من مغيب شمسنا. وبعد هذا الكوكب عن شمسه مناسب لجعل الماء -إذا وجد- سائلا على سطحه. وهي حالة قد يرى العلماء أنها ضرورية للحياة.

وقال باركلي وهو ضمن فريق من العلماء أعلنوا هذا الاكتشاف في دورية (ساينس) Science هذا الأسبوع "هذا الكوكب ابن عم الأرض وليس توأمها." وكانت ناسا قد أطلقت التلسكوب الفضائي كيبلر عام 2009 للبحث في نحو 150 ألف نجم مستهدف عن آثار لأي كوكب عابر لمجال التلسكوب. وجرى تهميش عمل هذا التلسكوب بسبب عطل في نظام تحديد المواقع العام الماضي.

وما زال ثمة تحليل مستمر للبيانات التي أرسلها التلسكوب كيبلر. ومن الموضع الذي اتخذه كيبلر فإن كوكبا بحجم وموقع الأرض يدور حول نجم كالشمس سيحجب ما بين 80 و100 فوتون من كل مليون فوتون أثناء مروره امام التلسكوب. والفوتون جسيم أولي مكون للضوء. ويتكرر هذا النمط كل 365 يوما ويتعين أن يتكرر مرور الكوكب ثلاث مرات على الموضع الذي يقف فيه التلسكوب مع تكرار القراءات الملتقطة كي يتم استبعاد الاحتمالات الأخرى. لذا يستغرق البحث وقتا.

ويقول باركلي "إنه تحد مثير للغاية أن تجد نظيرا للأرض... معظم الكواكب المرشحة لا ينجح معها الأمر.. لكن الأمور قد تتغير بينما نحصل على مزيد من القراءات." ولا يعلم العلماء شيئا عن الغلاف الجوي للكوكب كيبلر 186-إف ولكنه سيكون هدفا للتلسكوبات التي يمكنها في المستقبل أن تفحص آثار الكيماويات التي قد ترتبط بالحياة. وأضاف "هذا الكوكب يقع في المنطقة التي يمكن أن تكون مأهولة.. ولكن هذا ليس معناه أن من الممكن أن يكون مأهولا." وعثر العلماء حتى الآن على نحو 1800 كوكب خارج المجموعة الشمسية. بحسب رويترز.

وقال الفلكي ديفيد شاربونو من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في رسالة بالبريد الإلكتروني "شهد العام الماضي كثيرا من التقدم في البحث عن كواكب مشابهة للأرض. والكوكب كيبلر 186-إف مهم لأنه أول كوكب خارجي لديه نفس درجة الحرارة وحجمه نفس حجم الأرض (تقريبا)." وأضاف "بالنسبة لي.. فإن الأثر المرجو هو إثبات أنه.. نعم مثل هذه الكواكب موجودة بالفعل... يمكننا الآن أن نشير إلى نجم ونقول.. هناك يوجد كوكب كالأرض."

مياه جوفية وسرعة جنونية

الى جانب ذلك كشفت دراسة ان القمر إنسيلادوس الصغير وهو أحد الأقمار التي تدور في فلك كوكب زحل أضيف الى عدد متنام من الأماكن خارج كوكب الأرض التي يوجد بها محيطات بما يحمل ذلك من أمل في امكانية العيش فيها. وكان القمر إنسيلادوس المتجمد الواقع على بعد 1.3 مليار كيلومتر في المجموعة الشمسية لا يوحي بأنه مكان مناسب لوجود مياه سائلة.

لكن قياسات الجاذبية التي أجرتها سفينة الفضاء كاسيني التي تدور حول زحل والتابعة لادارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) تظهر ان القمر به محيط تحت سطحه في نصفه الجنوبي. وحسب الدارسة التي نشرت في دورية (ساينس) يعتقد ان حجم المحيط يعادل على الاقل حجم بحيرة سوبيريور أكبر البحيرات العظمى الخمس في أمريكا الشمالية.

وقال عالم الكواكب ديفيد ستيفنسون الذي يعمل في معهد التكنولوجيا في كاليفورنيا ان نماذج الكمبيوتر تشير الى ان المحيط في الأغلب موجود بين القلب الصخري للقمر وسطحه المغطى بالجليد. وتشكل المحيط في الأغلب واستمر نتيجة لموجات المد التي تحدث من جراء قوة الجاذبية لزحل والأقمار الاخرى التي تدور حوله وتأثيرها على القمر إنسيلادوس.

واكتشفت سفينة الفضاء كاسيني من قبل بخار ماء ينبعث من مناطق ساخنة في القطب الجنوبي لإنسيلادوس. وقال المحللون إن أعمدة البخار هذه تحوي أملاحا وجزيئات عضوية. وقال ستيفنسون في بيان ان وجود محيط المياه الجوفية "يوفر تفسيرا محتملا لانطلاق المياه من تلك الصدوع."

وقال عالم الكواكب جوناثان لونين من جامعة كورنيل للصحفيين في مؤتمر أجري عبر الهاتف ان وجود مياه خاصة تلك القريبة من الصخور حتى تحوي معادن تثير احتمالات لان تكون كيمياء القمر إنسيلادوس صالحة للحياة. وقال لونين "باطن القمر إنسيلادوس هو مكان جذاب محتمل للبحث عن الحياة."

على صعيد متصل قال علماء إنهم اكتشفوا كوكبا خارج المجموعة الشمسية يبعد حوالي 63 سنة ضوئية عن كوكب الارض. وقال العلماء إن سرعة دوران الكوكب الذي سموه (بيتا بيكتوريس) حول نفسه تفوق مثيلتها في أي كوكب بمجموعتنا الشمسية اذ تصل إلى مئة الف كيلومتر في الساعة تقريبا. وسرعة دوران كوكب المشترى وهو الأسرع في المجموعة الشمسية حوالي 47 الف كيلومتر في الساعة بينما سرعة دوران كوكب الأرض 1700 كيلومتر في الساعة تقريبا.

واليوم على الكوكب المكتشف بيتا بيكتوريس ثماني ساعات فقط مقارنة بعشر ساعات على كوكب المشترى و24 ساعة على كوكب الأرض. ورصد العلماء حوالي 1800 كوكب خارج المجموعة الشمسية لكن لا يعرفون إلا القليل عنها مثل تكوين هذه الكواكب وكيفية دورانها حول نجومها.

وكوكب بيتا بيكتوريس أحد افضل ما درسه العلماء من بين هذه الكواكب. وهو أحد اثنى عشر كوكبا فقط منها أمكن للعلماء رصدها مباشرة وليس بوسائل الرصد غير المباشر والتي يمكن للعلماء من خلالها رصد تأثير الكوكب على النجم الذي يدور حوله. وقال بيرهارد براندل استاذ الفلك بجامعة ليدن في هولندا وأحد الباحثين الذين اكتشفوا الكوكب الجديد "لو عرفنا المزيد عن الكواكب الأخرى مثل درجة الحرارة عليها وغلافها الجوي وسرعة دورانها فسوف نرى كم هو متفرد موقع كوكبنا في الكون." بحسب رويترز.

والكوكب الجديد اكبر حوالي 3000 مرة من كوكب الأرض. ويزيد حجمه سبع مرات عن كوكب المشترى وهو الأكبر ضمن مجموعتنا الشمسية. ويبلغ عمر الكوكب الجديد نحو 20 مليون سنة فحسب بالمقارنة مع نحو 4.5 مليار سنة لكوكب الأرض. ونشر العلماء نتائج الاكتشاف في دورية (نيتشرNature).

ميلاد القمر

من جانب اخر فاذا كان الحالمون يرون القمر جميلا فإن دراسة جديدة كشفت أنه أكثر شبابا .. إذ خصمت 65 مليون سنة من عمره الذي حددته تقديرات سابقة. وخلصت الدراسة التي استخدمت أسلوبا جديدا لحساب ميلاد القمر الوحيد لكوكب الأرض إلى أن عمره حوالي 4.47 مليار عام فقط لاغير. وأظهر بحث نشر في دورية نيتشر أن اصطدام الكويكب الضخم بالأرض وتكون الحطام الذي تحول فيما بعد إلى القمر حدث بعد نحو 95 مليون عام من ميلاد النظام الشمسي.

وتشكك النتائج - التي تبلغ درجة دقتها 99.9 % - في بعض التقديرات السابقة التي أشارت إلى أن تكون القمر حدث بعد ما يتراوح بين 30 و 40 مليون عام من تكون النظام الشمسي منذ حوالي 4.58 مليار عام. والدارسة الجديدة مبنية على 259 عملية محاكاة بالكمبيوتر عن كيفية تحور النظام الشمسي. وحاكت البرامج فرضيات الاصطدام وما نجم عنه من اجسام صغيرة اختلطت مكونة الكواكب الصخرية الموجودة في عالمنا اليوم.

وأوضحت الدراسة أنه وفقا لتلك الساعة الجيولوجية الحديثة فإن آخر ارتطام كبير بالأرض جاء من جسم بحجم كوكب المريخ بعد نحو 95 مليون سنة من تشكل النظام الشمسي. وقال عالم الفلك جون تشامبرز من معهد كارنيجي للعلوم في واشنطن "نعتقد أن الجزء الأكبر من الشيء الذي ضرب الأرض وشكل في نهاية المطاف القمر ظل على الأرض. وان جزءا صغيرا من كتلته وبعض المواد من الأرض اندفع إلى الفضاء لتشكيل القمر."

وأضاف "كان هذا اخر حدث كبير على الأرجح." وكان التقييم السابق يستند إلى قياس الاضمحلال الاشعاعي الذي يحدث بشكل طبيعي للذرات الكبيرة داخل الصخور القمرية. وقال سيث جاكوبسون كبير الباحثين في مرصد نيس في فرنسا في رسالة بالبريد الالكتروني "طريقتنا الجديدة مستقلة عن التقنيات الاشعاعية ولذا فنحن نتجاوز الجدل." لكن النتائج الجديدة تفتح أيضا لغزا أكبر حول السبب في تشكل بعض الكواكب مثل المريخ بصورة سريعة نسبيا في حين اتخذت كواكب أخرى مثل الارض وربما الزهرة وقتا أطول للتشكل.

على صعيد متصل شاهدت مناطق مختلفة من العالم خسوفا نادرا للقمر حين وقع ظل الأرض على سطحه محولا لونه الى اللون البرتقالي الفاتح أو اللون الأحمر أو البني وفقا لاحوال الطقس المحلية. وتجلى الخسوف على مدى ثلاث ساعات وبدأ. وبعد نحو ساعة شوهد خسوف القمر بألوانه المتباينة. وشوهد الخسوف في كثير من مناطق الولايات المتحدة واعتمد ذلك على أحوال الطقس المحلية.

وشارك مشاهدون من فلوريدا حتى كاليفورنيا في حفلات لمراقبة خسوف القمر وتكالبوا على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت الأخرى لالقاء نظرة على ما أطلق عليه اسم "القمر الدامي" وتبادلوا صوره. واحتشدت مجموعة صغيرة في طريق جانبي الى الشمال من لوس انجليس وشاهدوا قمرا فضيا ما زال مضيئا وظلالا حمراء تنعكس على مداره. بحسب رويترز.

ولم يحالف مثل هذا الحظ آخرين فلجأوا الى تويتر يشكون من سحابة غطت نيوجيرزي وبيتسبيرج. كما كانت السماء ملبدة أيضا في مدينة سياتل الشمالية الغربية المطلة على المحيط الهادي. لكن أمكن مشاهدة ظاهرة الخسوف في أستراليا ونيوزيلندا ومعظم الأمريكتين. وقال موقع سبيس ويذر دوت كوم ان اللون المحدد للقمر يعتمد في الاساس على كمية الرماد البركاني والمواد الأخرى السابحة في الجو.

وتحدث حالات الخسوف مرتين أو ثلاث مرات كل عام عندما تصطف الشمس والأرض والقمر بالكامل ويمر القمر من خلال ظل الأرض. وقالت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) إن الخسوف سيكون آخر خسوف كامل للقمر تشهده الولايات المتحدة حتى 2019.

نشأة الكون

في السياق ذاته أعلن علماء الفلك انهم اكتشفوا نشأة الكون ألا وهو رصد تموجات في منظومة الزمان-المكان تمثل أصداء لعملية تمدد الكون الهائلة التي حدثت فور وقوع الانفجار العظيم. وقبل قرن من الزمن تنبأ العالم ألبرت أينشتاين بهذه التموجات في منظومة الزمان-المكان (الزمكان) التي يطلق عليها أيضا موجات الجاذبية. ويمثل هذا الاكتشاف إنجازا يتوج الفتوحات الكبيرة للفكر البشري في فهم كيف نشأ الكون منذ الأزل وتطوره في صورة أعداد لا تحصى من المجرات والنجوم والسدم ومساحات شاسعة في أقطار الفضاء.

وقال مارك كاميونكوفسكي عالم الفيزياء بجامعة جون هوبكنز وأحد الباحثين في المشروع المشترك الذي توصل الى هذا الكشف للصحفيين في مؤتمر صحفي في مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية في كمبردج بماساتشوستس "يمثل هذا الإكتشاف الحلقة المفقودة في علوم الفلك."

وموجات الجاذبية عبارة عن حركات موجية ضعيفة تنتشر عبر الاجرام بسرعة الضوء وكان العلماء يجدون في البحث عنها منذ عشرات السنين لأنها تمثل الأدلة الغائبة في سياق نظريتين. النظرية الاولى هي النظرية النسبية العامة لأينشتاين التي فتحت الباب على مصراعيه أمام الابحاث الحديثة في منشأ الكون وتطوره والتي سعى فيها أينشتاين الى تعميم مفاهيم نظريته الخاصة إذ أضاف عام 1915 مفهومي التسارع والجاذبية لنظريته الخاصة التي وضعها عام 1905.

وتقول النظرية العامة بأن قوانين الكون واحدة لكل الأجسام بصرف النظر عن حالات حركتها وأن الحركة غير المنتظمة (المتسارعة) مثلها مثل الحركة المنتظمة كلتاهما حركة نسبية وتقول أيضاً بأن المادة هي التي تتسبب في انحناء منظومة الزمان-المكان (الزمكان) ويزيد هذا الانحناء بزيادة كثافة المادة في الفضاء وكلما زاد الانحناء أبطأ الزمن من سيره.

وتقول هذه النظرية أيضاً بمبدأ التكافؤ أي التعادل بين عزم القصور الذاتي وقوة الجاذبية الأرضية وبأن الضوء يسير في خطوط منحنية حينما يقترب من جرم كوني ذي جاذبية كبيرة. ويقول أينشتاين ايضا بان هذه الانحناءات في الفضاء ليست ثابتة بل انها تتحرك مثل الماء في بحيرة ما أو على غرار الموجات الزلزالية في القشرة الارضية.

وقال جامي بوك عالم الفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكونولوجيا في باسادينا وأحد كبار الباحثين في المشروع المشترك إن موجات الجاذبية "تنتج عنها بالتناوب في الفضاء موجات من التضاغط في اتجاه والتخلخل في اتجاه معاكس." أما النظرية الثانية فهي حديثة نسبيا إذ ظهرت في ثمانينات القرن الماضي وأطلقت على موجات الجاذبية اسم التمدد الكوني وترتكز على فكرة بديهية تقول بان الكون نشأ عن الانفجار العظيم وهو عبارة عن انفجار في منظومة الزمان-المكان منذ 13.8 مليار عام.

وتقول هذه النظرية ايضا بان الكون تمدد بطريقة لوغاريتمية في نشأته اذ تمدد في الحجم 100 تريليون تريليون مرة مما أدى الى تناسق الكون بصورة ملحوظة في أغوار الفضاء كما وجدت نتيجة لذلك تموجات هائلة نجمت عنها موجات الجاذبية. ورغم ان هذه النظرية لاقت تأييدا عمليا كبيرا إلا أن عدم رصد موجات الجاذبية التي توقعتها النظرية دفع الكثيرين من علماء الفلك الى التحفظ على التسليم بها.

وقال افي لويب عالم الفيزياء بجامعة هارفارد في بيان "هذه النتائج ليست مجرد دليل دامغ لا يقبل الشك على تمدد الكون بل انها تبلغنا أيضا بموعد هذا التمدد ومدى ضخامة هذه العملية." وترتبط قوة اشارات موجات الجاذبية بمدى شدة تمدد الكون خلال فترة التمدد الوجيزة. وبلغت القياسات التي أعلنها علماء الفلك نحو ضعف القياسات التي توقعها الباحثون بالنسبة لموجات الجاذبية مما يوحي بامكان استنتاج كم كبير من المعلومات عن كيفية حدوث تمدد الكون.

وقد أمكن رصد موجات الجاذبية بالاستعانة بتليسكوب لاسلكي يتميز بقدرته على مسح الفضاء انطلاقا من القطب الجنوبي للارض وفحص ما يعرف بالموجات الكونية المتناهية الصغر وهي عبارة عن اشعاع ضعيف ينتشر في أرجاء الكون. ويمثل اكتشاف علماء الفلك في مختبر بيل لابس في نيوجيرزي عام 1964 لهذه الموجات الكونية خير دليل حتى الآن على ان الكون انبثق أصلا من انفجار ذي درجة حرارة عالية للغاية.

وتسبح هذه الموجات في الكون منذ 380 ألف عام عقب الانفجار العظيم. وستترك لفرق بحثية أخرى من العلماء مهمة التحقق من تفاصيل هذا الاكتشاف بالاستعانة بمجموعة كبيرة من التليسكوبات الارضية والفضائية. ومن شأن رصد موجات الجاذبية ان يساعد علماء الفيزياء على تحقيق حلم ظل يراود أينشتاين حتى قبل وفاته الا وهو توحيد جميع قوى الطبيعة الأربعة.

والقوى الرئيسية الاربعة في الطبيعة هي القوة النووية الشديدة التي تعمل على ربط مكونات نواة الذرة وأيضا الجسيمات الأساسية مثل البروتون والجسيم المسؤول عن هذه القوة هو الجلوون كما تربط هذه القوى بين الكواركات داخل البروتون الواحد. والقوة الثانية هي القوة النووية الضعيفة وهي أكثر القوى الكونية الاربعة غموضا وهي اقل بواقع 100000 مرة من القوى النووية الشديدة وهي مسؤولة عن تفكك نوى بعض الذرات على هيئة نشاط اشعاعي والجسيم الحامل لهذه القوى هو البوزون. بحسب رويترز.

أما القوة الثالثة فهي القوة الكهرومغناطيسية والرابعة هي قوة الجاذبية. وتقوم نظرية يطلق عليها النموذج المعياري (القياسي) على الدمج بين ثلاث من هذه القوى وهي القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية بغية صياغة نظرية متكاملة لسبر أغوار الكون. والنقص الذي يشكل عوارا لهذه النظرية هو عدم احتوائها على القوة الكونية الرابعة ألا وهي قوة الجاذبية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/آيار/2014 - 3/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م