لعبة السلاح الكيماوي في سوريا.. تصعيد لتغيير موازين الحرب

 

شبكة النبأ: رافقت التكهنات باستخدام المواد الكيماوية في سوريا ضد المدنيين، الكثير من الاتهامات واللقاء اللوم على جهة ما، من دون تحديدها بالذات او كشف ارتباطها الوثيق بالحادث، الامر الذي جعلها تبدو وكأنها مسألة حساسة يمكن الاستعانة بها كلما دعت الحاجة الى التصعيد او اشعال فتيل الازمة في سوريا من جديد، فضلاً عن اللقاء اللوم على طرف بانه السبب في ذلك، كما يرى بعض المحللين.

ومع الاتفاقات الدولية التي ابرمت مع الجانب السوري مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بوساطة روسية، لتدمير الترسانة الكيماوية التي يملكها النظام، والتي سارت في بداية الامر بوتيرة مقبولة، بعد ان تمكن المجتمع الدولي من تدمير نسبة كبيرة منها في البحر، عادة في الوقت الراهن، الاتهامات المتبادلة عن استخدام مواد جديدة "الكلور" في المعارك التي تجري بين قوات النظام والمسلحين المعارضين له، في أجواء اتهم فيها كل طرف، الطرف الاخر، لتعيد الى الاذهان ما جرى سابقاً قبل ما يقارب العام من الزمن.

ويبدو ان البحث عن ثغرات بين الخصوم من اجل اثارة الراي العام، هي أحد الأساليب المستخدمة في إدارة الازمة السورية، سيما وان القضايا التي تثار بعد أي هجوم محتمل، وطريقة ادارتها اعلامياً وسياسياً، تضع المزيد من علامات الاستفهام عن المستفيد الأول خلف هكذا نوع من الهجوم؟، والغاية الجديدة التي تكمن خلفها؟.

فقد تكشف هجمات غاز الكلور في سوريا مؤخراً (إن ثبت حدوثها) عن ثغرة كبيرة في الاتفاق الدولي على إزالة الأسلحة الكيماوية من سوريا وتوحي بأن الحرب الكيماوية يمكن أن تظل شبحا قائما حتى بعد الانتهاء من عملية الإزالة.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد اتفق مع الولايات المتحدة وروسيا على التخلص من ترسانة أسلحته الكيماوية التي لم يسبق وأن اعترفت بها دمشق رسميا من قبل وذلك بعد أن لقي مئات حتفهم في هجوم بغاز السارين في ريف دمشق في أغسطس آب الماضي.

وقالت واشنطن وحلفاؤها الغربيون وقتها إن قوات الأسد هي التي استخدمت غاز الأعصاب في أسوأ هجوم كيماوي بالعالم منذ ربع قرن، لكن الحكومة اتهمت مقاتلي المعارضة بارتكابه، وتعهدت سوريا بتسليم كل ترسانتها من الأسلحة الكيماوية أو تدميرها، إلا أنه لا يزال بحوزتها نحو 14 في المئة من المواد الكيماوية التي أعلنت عنها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وبالإضافة إلى ذلك يقال إن غاز الكلور -الذي لم يرد ذكره في القائمة المقدمة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية- يستخدم حاليا على أرض المعركة مما دفع بعض الدول للتفكير في تقديم طلب بالتحقيق ربما من خلال الأمم المتحدة، وحملت هجمات شهدتها عدة مناطق سورية هذا الشهر بصمات مشتركة جعلت بعض المحللين يعتقدون أن هناك حملة منسقة بغاز الكلور مع تزايد الدلائل على أن الحكومة هي الجانب الذي يسقط القنابل.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية التي تتحرى عن هذه المزاعم إنه إذا كانت الحكومة السورية قد استخدمت الكلور بغرض القتل أو الإيذاء فإن هذا سيمثل انتهاكا لمعاهدة الأسلحة الكيماوية التي انضمت إليها في إطار اتفاق جنيف الذي أبرم في سبتمبر أيلول للتخلي عن أسلحتها الكيماوية، وقالت جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "إن استخدام أي مادة كيماوية سامة بغرض التسبب في الموت أو الإيذاء انتهاك واضح للمعاهدة".

وفي قرية كفر زيتا الواقعة بوسط محافظة حماة على بعد 200 كيلومتر شرقي دمشق نشر نشطاء من المعارضة تسجيلا مصورا لأناس مختنقين ويجري تزويدهم بالأكسجين بعد سقوط قنابل من طائرات هليكوبتر يومي 11 و12 أبريل نيسان على حد قولهم، ولم يتسن التحقق من مصداقية التسجيلات، وكثيرا ما يلقي النشطاء باتهامات مشابهة لكن ما ظهر بهذه التسجيلات من عبوات صفراء ربما يعطي دلالة على ما حدث. بحسب رويترز.

وإحدى العبوات انفجرت جزئيا وكان مكتوبا على جانبها (سي.إل2) الرمز الكيميائي لغاز الكلور، وشوهدت أيضا كلمة (نورينكو) وهي أكبر شركة سلاح صينية، وصورت العبوات في ثلاث مناطق منفصلة وكانت جميعها مطلية باللون الأصفر وهو ما يشير إلى غاز الكلور وفقا للمعايير الدولية في استخدام شفرات اللون بالنسبة للغازات المستخدمة في أغراض صناعية.

وتقع منذ 11 أبريل نيسان هجمات متكررة على كفر زيتا كما شهدت بلدة التمانعة في إدلب هجوما حمل نفس السمات، وقال نشطاء إن طائرات هليكوبتر ألقت قنابل برميلية بدائية تتضمن عبوة كلور وهو ما تسبب في سقوط ضحايا.

وغاز الكلور مادة فتاكة استخدمت على نطاق واسع في الحرب العالمية الأولى وإذا استنشاقها أحد تتحول إلى حمض الهيدروكلوريك في الرئتين مما قد يؤدي إلى إحساس بالحرقان الشديد وارتشاح في الرئة، وقال هاميش دي بريتون-جوردون رئيس شركة سكيور بايو للاستشارات الكيماوية والحيوية والإشعاعية والنووية ومقرها بريطانيا إنه "مقتنع إلى حد كبير بأنه تم استخدام الكلور"، وأضاف "الدليل على درجة كبيرة من الوضوح".

قالت آمي سميثسون وهي خبيرة أمريكية بارزة في مجال الأسلحة الكيماوية بمعهد مونتيري إنه لن يمكن الجزم باستخدام الكلور أو مادة مشابهة ما لم تجر اختبارات، وأضافت "بمجرد أن تتخلص الحكومة السورية من بقية المواد الكيماوية المعلنة يجب أن يزيد الضغط كي تعدل سوريا إعلانها من جديد حتى يتم التخلص من الجزء الباقي من برنامجها الكيماوي الهجومي".

ومادة الكلور (التي يمكن أيضا استخدامها في الصناعة) ليست مدرجة بقائمة الأسلحة الكيماوية التي قدمتها سوريا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لكن كان يجري إنتاجها في سوريا منذ ما قبل الحرب، وقال متحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن الحكومة كان ينبغي أن تعلن عنها إذا كانت بحوزتها.

وتحدثت جماعات معارضة عن هجوم آخر، هذه المرة في بلدة تلمنس التي تقع على بعد 30 كيلومترا إلى الشمال الغربي من كفر زيتا، ونشرت جماعات معارضة تسجيلات مصورة على يوتيوب لرجال ونساء وأطفال وهم يعالجون في مستشفى ميداني، وبدا أن كثيرين يعانون من مشاكل في التنفس ويساعدهم مسعفون، واهتز جسد طفل يبدو أن سنه أقل من عشر سنوات بينما أخذ مسعفون يضعون سائلا في عينيه وفمه.

وأظهرت صورة فوتوغرافية فتى صغيرا آخر تم نقله إلى مستشفى أقرب من الحدود التركية، كان الطفل ميتا على محفة والدم حول فمه، وقال المسعفون إنه تعرض لغاز الكلور في تلمنس.

وأظهرت تسجيلات فيديو من موقع القصف نفس العبوات الصفراء، لكنها كانت ملتوية هذه المرة بفعل الانفجار، وقال إليوت هيجينز وهو باحث مقيم في بريطانيا يتابع يوميا على الإنترنت تسجيلات الفيديو المتعلقة بالحرب السورية لمعرفة الأسلحة المستخدمة فيها إن "قنابل الكلور" هذه تحمل نفس سمات القنابل البرميلية التي استخدمها الجيش في الحرب.

وأضاف إن إحدى القنابل في كفر زيتا بها قضبان معدنية -وهو ما يتماشى مع تصميمات القنابل البرميلية الضخمة الأخرى التي تستخدمها الحكومة، لتثبيت الفتيل في مكانه، وأظهر تسجيل مصور آخر لقنبلة برميلية منفجرة عبوة داخل البرميل مزودة بزعانف على الظهر ومواد متفجرة فيما يبدو حول قمة العبوة إضافة إلى فتيل التفجير.

وقال هيجينز "الشيء المثير في هذه التسجيلات الجديدة هو وجود نفس فتيل التفجير الأزرق الذي نراه في القنابل البرميلية البدائية الأخرى"، وتؤكد مئات التسجيلات المصورة أن طائرات هليكوبتر ألقت قنابل برميلية، ولدى مقاتلي المعارضة صواريخ وقذائف لكن لم ترد قط أي رواية تتحدث عن استخدام المعارضة ذخائر يتم إسقاطها من الجو أو استيلائهم على طائرة هليكوبتر.

توصل تحقيق أجرته الأمم المتحدة في ديسمبر كانون الأول إلى أن أسلحة كيماوية استخدمت على الأرجح في خمس هجمات عام 2013 وإن كان لم يتهم أحدا، وخلص التحقيق إلى أن غاز الأعصاب استخدم على الأرجح في أربع من تلك الهجمات الخمس.

وتعثرت مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الرامية إلى إزالة أسلحة الأسد الكيماوية وتأخرت عن المواعيد المقررة، وذكر أن سوريا قدمت قائمة "أكثر تحديدا" لأسلحتها الكيماوية للمنظمة بعد أن أشار المفتشون إلى وجود تضارب.

ورغم أن الأرقام لم تعلن على الملأ قال مسؤولون إن القائمة تتضمن أكثر من 500 طن من الأسلحة الكيماوية شديدة الخطورة مثل خردل الكبريت ومواد تستخدم في انتاج السارين إضافة إلى أكثر من 700 طن من المواد الكيماوية المستخدمة في أغراض صناعية.

وحصلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تشرف مع الأمم المتحدة على عملية تدمير الأسلحة على قائمة تفصيلية بالمواد الكيماوية والمنشآت التي أبلغت بها سوريا البعثة المشتركة لكنها لم تفكر في احتمال أن تكون القائمة غير كاملة.

وقال خبير الأسلحة الكيماوية دي بريتون-جوردون "يمكن استخدام الكلور في أغراض تجارية متعددة، وهو في الواقع ليس شديد الخطورة، فالسارين على الأرجح أشد خطورة منه بألفين إلى ثلاثة آلاف مرة، أنا وأنت يمكن أن نشتري الكلور من المتجر".

وأضاف أن هذا يضع الكلور في منطقة رمادية إذ أن تعبئة الكلور لأغراض صناعية لا تجعله سلاحا كيماويا بشكل قاطع إلى أن يستخدم في هذا المجال، وتابع "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وغيرها ساذجة بصراحة".

فتح تحقيق

من جهتها قالت مصادر إن مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تشرف على عملية تدمير المخزون السوري من هذه الأسلحة يدرس إرسال بعثة تقصي حقائق للتحقيق في تقارير عن وقوع هجوم بغاز الكلور في سوريا.

وأصبحت سوريا عضوا في المنظمة العام الماضي في إطار اتفاق مع روسيا والولايات المتحدة يقضي بأن تدمر دمشق برنامجها للأسلحة الكيماوية، وقالت المصادر إن أحمد أوزوموجو مدير المنظمة يملك سلطة فتح تحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيماوية في أي من الدول الأعضاء بما فيها سوريا دون الحاجة لطلب رسمي من الدول الأعضاء.

وقال أحد المصادر " يدرس المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بمبادرة منه، إرسال بعثة تقصي حقائق"، وأضاف المصدر "لا تزال هناك عدة أسئلة بحاجة لأجوبة، الموافقة السورية، تفويض البعثة، مشاركة منظمات أخرى مثل منظمة الصحة العالمية".

ورفض المتحدث باسم المنظمة مايكل لوهان الإدلاء بتعقيب، وذكرت المصادر أن عددا من الحلفاء الأوروبيين المهمين لواشنطن يدعمون فتح تحقيق في أحدث المزاعم عن استخدام غاز الكلور.

وقال مسؤول بريطاني "المؤشرات على استخدام غاز الكلور بين 11 و13 أبريل في محافظة حماة تبعث تحديدا على القلق"، وأضاف "نعتقد أن من الضروري فتح تحقيق في التقارير الأخيرة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية بما فيها غاز الكلور ونحن نعمل مع أطراف أخرى في المجتمع الدولي لتحديد كيفية عمل ذلك".

وتعهدت سوريا بتسليم أو تدمير مخزونها الكامل بحلول نهاية الشهر الجاري، ولا يزال هناك نحو 14 في المئة من الأسلحة الكيماوية التي أعلنتها للمنظمة كما أنها لم تدمر كل منشآت الانتاج والتخزين التي يزيد عددها على عشرة، وسيتعين وضع ترتيبات لتوفير الأمن لتعاون سوريا ومنظمات دولية أخرى بسبب الحرب الأهلية التي خلفت نحو 130 ألف قتيل وأجبرت الملايين على النزوح عن ديارهم.

وحملت واشطن وحلفاؤها الغربيون قوات الرئيس بشار الأسد المسؤولية عن استخدام غاز السارين في هجوم نفذ في أغسطس آب الماضي وأدى لمقتل المئات على مشارف دمشق، ووجه الأسد أصابع الاتهام للمتمردين، وخلص تحقيق قادته الأمم المتحدة إلى أن أسلحة كيماوية استخدمت على الأرجح في خمس هجمات خلال 2013 لكن التحقيق لم يوجه اللوم لطرف بعينه، وكشف التقرير أن غاز الأعصاب السارين ربما استخدم في أربع من هذه الهجمات.

ووضعت سوريا ما تبقى من أسلحتها الكيماوية في 16 حاوية منها 13 في موقع قرب دمشق تقول الحكومة إن من المتعذر الوصول إليه بسبب القتال، وتتولى المنظمة الاشراف على الالتزام بمعاهدة الأسلحة الكيماوية والتي تلزم الأعضاء بإعلان كل مخزونهم الكيماوي للمنظمة التي فازت بجائزة نوبل للسلام العام الماضي.

استخدام الكلور الصيني

فيما قالت وزارة الخارجية الصينية إنها تحقق في تقارير بأن اسطوانة كلور عليها اسم الصين ظهرت في تقارير تلفزيونية يعتقد أنها توثق هجوما بالغاز وقع في سوريا في وقت سابق، وتحمل الهجمات التي وقعت في عدة مناطق في سوريا هذا الشهر سمات مشتركة قادت محللين للاعتقاد أن هناك حملة منسقة للقصف باستخدام الكلور وذلك في وجود أدلة متزايدة على أن الجانب الحكومي هو الذي يستخدم هذه الأسلحة.

وأظهرت لقطات أخرى أسطوانة منفجرة جزئيا وعليها الرمز الكيميائي للكلور إلى جانب اسم شركة نورينكو الصينية التي تصنع الأسلحة، ولم يتسن التحقق من صحة اللقطات ولم ترد شركة نورينكو التي تعرف أيضا باسم شركة مجموعة صناعات الشمال الصينية على طلبات للتعليق.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشين قانغ في افادة صحفية دورية "نعارض إنتاج واستخدام الأسلحة الكيماوية، وفي هذا الأمر نحن حريصون ومسؤولون، وعلى المستوى المحلي لدينا قوانين وقواعد تخص هذا الأمر، ولدينا نظام إشراف".

وفي وقت لاحق قالت الخارجية الصينية في بيان إن الصين "ملتزمة بشدة بتعهداتها الخاصة بمنع الانتشار" وتشدد الإجراءات على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج بما في ذلك المواد الكيماوية الحساسة.

وأضاف البيان "الكلور مادة خام لها استخدامات صناعية واسعة، وهي ليست مدرجة على قوائم المواد الخاضعة لضوابط عند أي دولة أو جهة، وتأمل الصين أن تذكر وسائل الإعلام المعنية ذلك بصورة موضوعية لتجنب إحداث سوء فهم".

وعلاوة على ذلك فإن غاز الكلور الذي زعم استخدامه في ميدان المعركة لم يكن متضمنا في القوائم التي سلمت لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهو ما أدى ببعض الدول إلى المطالبة بالتحقيق ربما عن طريق الأمم المتحدة.

واستخدمت الصين وحليفتها روسيا حق النقض في مواجهة مساع غربية لفرض عقوبات على الحكومة السورية، ولكن الصين التي تحرص على عدم الانحياز لأي جانب دعت الحكومة إلى الحوار مع المعارضة واتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ المطالب الخاصة بالتغيير السياسي.

انتهاء المهمة

من جهة اخرى قالت سوريا إنها تتطلع لانتهاء عمل البعثة الدولية المشرفة على تدمير ترسانتها الكيماوية رغم أن المسؤولين الغربيين يقولون إنهم يريدون أن يواصل الفريق العمل، وجاء الإعلان السوري بعد أن قالت سيجريد كاج رئيسة البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمام مجلس الأمن إن الحكومة السورية ينبغي أن تلتزم بمهلة تنتهي في 27 أبريل نيسان لتسليم كل ما أعلنت عن وجوده لديها من أسلحة كيماوية.

لكن داخل قاعة المجلس قال دبلوماسيون إن وفود الولايات المتحدة ودول أوروبية عبرت عن قلقها إزاء اتهامات جديدة بأن الحكومة السورية استخدمت غاز الكلور وقالت إنه يجب إجراء تحقيق كامل.

وبعد الجلسة المغلقة التي شاركت فيها كاج عبر دائرة تلفزيونية مغلقة سئل مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري عما يجب أن يحدث فور أن تعلن بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن نقل المواد المرتبطة بالأسلحة الكيماوية السورية إلى خارج البلاد وإغلاق كل المنشآت ذات الصلة فقال إنه فور الانتهاء من هذه المهمة سترفع كاج تقريرا أخيرا إلى المجلس والهيئة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيما سيمثل نهاية للعملية برمتها.

لكن السفير البريطاني مارك ليال جرانت قال إنه يرى ضرورة استمرار مهمة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلال المستقبل المنظور بسبب الشكوك في أن سوريا أعلنت عن ترسانتها الكيماوية بالكامل، وأضاف "نرى أن هناك دورا مستمرا للبعثة المشتركة لما بعد إزالة المواد الكيماوية وهو ما قد يحدث سريعا جدا الآن وهناك عدد من المهام ينبغي إنجازها بما في ذلك التحقق من تدمير منشآت الإنتاج".

وقال "ذلك يعني أن المهمة المشتركة يجب أن تستمر" مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن الذي نص على تشكيل البعثة لم يحدد مهلة للانتهاء من عملها مما لا يدع متسعا لروسيا لإنهاء المهمة حتى وإن رغبت في هذا، وقال دبلوماسيون غربيون في نيويورك إن معركة دبلوماسية تلوح في الأفق بين سوريا وروسيا من ناحية وبين الغرب من الناحية الأخرى بشأن استمرار دور البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فور التخلص من المواد الكيماوية المعلنة.

ويبدو أن هذا الأمر يقترب سريعا، فمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قالت إن ما يقرب من 90 في المئة من الكيماويات المستخدمة في إنتاج الغاز السام خرجت من البلاد وهو رقم يمكن أن يصل قريبا إلى 100 في المئة.

ويرى ليال جرانت هو ومندوبون آخرون في نيويورك ضرورة مواصلة مهمة كاج بسبب استمرار الشكوك في أن سوريا أعلنت بالكامل عن برنامج الأسلحة الكيماوية، وقال "نعتقد أنها يجب أن تواصل إبلاغ المجلس بأشياء مثل نقاط الغموض في الإعلان الأصلي (عن الأسلحة الكيماوية)،"وأضاف أن المزاعم المتعلقة باستخدام غاز الكلور في الآونة الأخيرة أبرزت أهمية الإبقاء على المهمة.

فيما يقول دبلوماسيون نقلا عن معلومات مخابرات من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إن سوريا تحتفظ بالقدرة على نشر أسلحة كيماوية مما قد يعزز مزاعم بأن الجيش السوري استخدم غاز الكلور في الآونة الأخيرة، وتعكس هذه التصريحات قناعة متزايدة لدى العواصم الغربية بأن الرئيس السوري بشار الأسد لم يكشف بالكامل عن برنامج الأسلحة الكيماوية السورية على الرغم من وعوده بإنهائه ويصرون على أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقاومون دعوات الأسد لإنهاء مهمة دولية خاصة لنزع السلاح الكيماوي شكلت للتعامل مع سوريا.

وتنفي سوريا احتفاظها بالقدرة على نشر أسلحة كيماوية وتصف الزعم بأنه محاولة أمريكية وأوروبية لاستخدام سياساتها "الصبيانية" في ابتزاز حكومة الأسد، لكن في اعتراف ضمني بوجود نقص في الاعلان الاصلي قدمت سوريا في وقت سابق من الشهر الجاري قائمة أكثر تحديدا بأسلحتها الكيماوية لبعثة نزع السلاح الدولية بعد أن أبلغ مفتشون عن وجود تناقضات على الأرض وذلك حسبما ذكر مسؤولون.

وتحت تهديد من الولايات المتحدة بشن غارات جوية اتفق الأسد مع واشنطن وموسكو في سبتمبر أيلول الماضي على التخلص من أسلحته الكيماوية بعد مقتل مئات الأشخاص في هجوم بغاز السارين في أغسطس آب على أطراف دمشق، ويتولى فريق مشترك من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عملية التحقق من إعلان سوريا بشأن ترسانتها من الغازات السامة وتدميرها.

ويقول دبلوماسيون إن الحكومات الغربية تشك منذ فترة طويلة في أن سوريا لم تفصح عن كل جوانب برنامجها من الأسلحة الكيماوية، ولكن مبعوثين يقولون إنهم التزموا الصمت بشأن هذه المسألة لتفادي منح الأسد ذريعة لتقليص التعاون مع بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتأخير جدول زمني لشحن المواد السامة إلى خارج البلاد.

ورفض بشار الجعفري سفير سوريا لدى الأمم المتحدة الاتهام وقال في رسالة نصية عبر الهاتف المحمول "هذه الدول غير موثوق فيها فعلا وسياساتها تجاه تنفيذ الاتفاق بين الحكومة السورية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تقوم على مبادئ وإنما بالأحرى صبيانية، وقال الجعفري إن هدف القوى الغربية الثلاثة هو تمديد مهمة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية دون حاجة لذلك من خلال "مواصلة فتح (الملف الكيماوي) لأجل غير مسمى ومن ثم يمكنهم أن يواصلوا ممارسة الضغط على الحكومة السورية وابتزازها".

وقال مسؤول غربي آخر طالبا عدم ذكر اسمه إنه لا يوجد يقين تام باحتفاظ سوريا بأسلحة كيماوية لكن القوى الغربية الثلاث اتفقت على وجود "احتمال كبير" بأن سوريا لم تعلن عن كامل مخزوناتها من المواد الكيماوية المتعلقة بالأسلحة.

وأشار المسؤول إلى كمية كبيرة من مادة أولية تستخدم في صنع السارين اختفت في سوريا ومزاعم لم يتم التحقق منها أطلقتها دمشق عندما قالت إنها دمرت معظم مخزوناتها من غاز الخردل قبل وصول بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى غير ذلك من التناقضات بين تصريحات الجانبين. بحسب رويترز.

وفي مقابلات أجريت خلال الشهرين الماضيين مع مسؤولين غربيين مطلعين على معلومات المخابرات بشأن سوريا علمت أن المخاوف تشمل غاز الأعصاب الريسين وغاز الخردل ومواد أولية تستخدم في صنع السارين وغاز الكلور الذي ترددت أنباء في الآونة الأخيرة عن استخدامه في سوريا.

وتحدث مسؤولون أمريكيون وبريطانيون عن غموض ومشاكل في اعلان سوريا عن أسلحتها الكيماوية، وحذر مسؤولون أمريكيون في نوفمبر تشرين الثاني من أن معلومات المخابرات تشير إلى أن سوريا قد تحاول إخفاء بعض المواد السامة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/نيسان/2014 - 27/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م