اليوم الدولي لأمننا الأرضي

فرصة لنتذكر بيئتنا

زاهر الزبيدي

 

في 22 نيسان/أبريل من كل عام اقترحته الأمم المتحدة ليكون اليوم الدولي لأمننا الأرضي.. وهي فرصة لنقف عند أمننا الأرضي الوطني وتداعيات سوء إستخدام البيئة في العراق وحجم العمل البيئي المنجز والمخطط إنجازه خلال الفترة المقبلة، فالبيئة اليوم في العراق تعاني من إنهيارات كبيرة في جدار ثباتها والمواطن ليس وحده المسؤول عن ذلك فالحروب الطويلة والعديدة التي مرت على العراق بفعل التخبطات السياسية السابقة؛ أدت الى إنتهاكات واضحة للنظام البيئي العراقي أدى ذلك الى إنعكاسات سلبية كبيرة على صحة الإنسان العراقي حينما بدأت التشوهات الخلقية والإصابة بالسرطانات المختلفة تلقي بظلالها السوداء على مصير الكثير من أبناء شعبنا حين لم نألف ذلك من قبل.

والحديث عن البيئة ليس ترفاً مثلما يظنه البعض؛ أنما هو السبيل لإيجاد حزمة التشريعات القوانين الكفيلة بتحييد الخلل في العناصر المختلفة التي تكون بيئة العراق فإي تغيير كمي أو نوعي في النسب المحددة من العناصر الكيميائية سيترك أثاره السلبية على بيئة العراق.. وحتى اللحظة لم نمتلك في العراق لآلية متكاملة لتدوير النفايات حيث تتعاظم كمياتها بشكل كبير لا يتناسب وحجم المكننة الموجودة لدى الدوائر المختصة في أمانة العاصمة والمحافظات لتدوير تلك النفايات والإستفادة منها توفير الطاقة أو الأسمدة أو أي عملية أخرى دأب العالم على إستخدمها منذ فترة طويلة تمكن من خلالها تنظيم تلك العملية بما يخدم البيئة والإقتصاد في ذات الوقت.

على الرغم من أننا لم نصل لغاية الآن الى نوع التلوث المدمر الذي ينتج عن إنفجار المفاعلات النووية على سبيل المثال ولم ندخل مرحلة الثروة الصناعية التي تنطلق نتاجاتها الغازية في الجو إلا إننا لدينا تجربة تلوث جوي خطيرة نتجت عن عدد المولدات الحكومية والأهلية التي تعمل على مدار الساعة في سبيل توفير الطاقة الكهربائية، وتلك النواتج من الغازات السامة نأمل لها أن تنتهي قريباً بعد التحسن الكبير في توفير الطاقة الكهربائية وكلنا أمل في عبوره من خانق الوقود الى توفير البدائل عن مصادر الطاقة النظيفة التي انتشرت في البلدان المجاورة بعدما عبرت بلدان أوربا في خطط طموحة تنتهجها منذ أمد بعيد.

الكثير من التهديدات البيئية سنكون معها بحاجة الى مواجهات سريعة ودقيقة منها على سبيل المثال لا الحصر ما حدث في الفترة الأخيرة من إنقطاع لمياه نهر الفرات عن مناطق الوسط والجنوب وما شكل ذلك من تهديد كبير على الواقع البيئي في تلك المناطق، حذر من ذلك السيد وزير البيئة سركون لازار صليوا في وقوع كارثة بيئية في مدن الوسط والجنوب نتيجة قطع العصابات الارهابية لمياه نهر الفرات. حيث قال صليوا " ان عملية قطع مياه نهر الفرات عن مدن الفرات الاوسط وجنوب العراق يهدد بكارثة بيئية شبيهة بجريمة النظام المقبور خلال تجفيفه مياه الاهوار في تسعينيات القرن الماضي مضيفا ان جرذان داعش الذين يحتلون جزء عزيزا على العراقيين وهي مدينة الفلوجة ارتكبوا جريمة بيئية خطيرة حين قطعوا مياه نهر الفرات عن باقي مدن العراق ".

كذلك فإن ماحدث في يوم الخميس الماضي من تسرب بقعة نفطية كبيرة في مياه دجلة نتيجة لعطل في أحد الأنابيب المتهرئة التي تمر من تحت مياه دجلة وتربط مصفى بيجي بحقول كركوك؛ قد ترك آثاراً بيئية خطيرة نتج عنها حالات إختناق شديدة بفعل الحريق الذي نتج عنها، رافق ذلك تأشير لقصور شديد في إتباع المعالجات الحديثة والوقائية من تلك الحالات التي ما أن تعرف المجاميع الإرهابية بحجم تأثيراتها حتى تستخدمها كأحد أساليبها القذرة في الحرب على أبناء شعبنا فالحرب مفتوحة وما تصل إليه يد الإرهاب، قبل أيدينا، تستخدمه دون هوادة أو وازع إنساني، مما يجعلنا في حاجة ماسة الى معالجات فورية وسريعة إذا ما تكررت تلك التلوثات الخطير والعالم اليوم مشبع بالعديد من الطرق في مكافحة البقع النفطية مهما كان حجمها.

 فالوقاية تظهر هنا كأهم عناصر المواجهة وإعادة تقييم شاملة ودورية لمستوى كفاءة الأنابيب الناقلة للنفط القريبة من شواطيء الأنهار والبعيدة عنها، ولكننا نرى أنه على الرغم من أن وزارة البيئة قد أشرت هذا الخلل منذ عام 2011 إلا إجراء مناسب لم يتم كما أشار الى ذلك النائب جمال الكيلاني في ان "وزارة البيئة رفعت تقريرا إلى مجلس الوزراء لتدارك التلف الذي تتعرض له هذه الحزمة من الأنابيب وبالفعل وافق مجلس الوزراء على انشاء مجسر يمر فوق نهر دجلة لهذه الانابيب في شهر نيسان عام 2011"، مستدركا بالقول "الا ان الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين لم تتابع انشاء هذا المجسر ولم تهتم به وشركة نفط الشمال لم تنفذ هذا المشروع"، وبعد مرور ثلاثة سنوات يتحمل أبناء شعبنا نتائج مؤلمة بسبب التهاون من قبل الحكومات المحلية في تدارك الخلل الذي نتج عنه هذا الحادث المؤلم.

إن مسؤولية الحفاظ على بيئة سليمة تتناسب وحجم التحديات البيئية المتطورة؛ هي مسؤولية جسيمة لا يجب أن تلقى على عاتق وزارة البيئة ومديرياتها العاملة في المحافظات كافة فقط؛ بل نرى أنها مسؤولية تضامنية تستدعي العمل الكبير من كافة وزارات الحكومة في تدعيم الأسس البيئية المناسبة والعمل بشكل جماعي مشترك بناء مع أبناء شعبنا في بناء بيئة قادرة على إستيعاب وتفتيت جميع مسببات تلوثها، كما أن نشرنا لمبادئ التوعية البيئية المتوازنة التي نستهدف بها جميع شرائح أبناء شعبنا وسن القوانين والأنظمة الرقابية اللازمة لديمومة بيئتنا الأرضية الوطنية يعتبر من أهم وسائل الحفاظ عليها.

 نحن الآن نعيش عام البيئة في العراق عسى أن نتمكن فيه من إيجاد السبل الكفيلة بدرء المخاطر التي تهدد بيئتنا الجميلة.. حفظ الله العراق الجميل.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/نيسان/2014 - 22/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م