إصدارات جديدة: حي الاميركان

 

 

 

الكتاب: حي الاميركان

الكاتب: جبور الدويهي

الناشر: دار الساقي في بيروت

عدد الصفحات: 160 صفحة متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: يكتب الروائي اللبناني جبور الدويهي في عمله الاخير "حي الاميركان" قصة مدينة وناسها في سلسلة من التطورات التي طالتهم من خلال تغير لحق بعالم يحيط بهم، ولعل الكاتب هنا من اوائل الروائيين اللبنانيين الذين تناولوا موضوع نشوء بعض الحركات الجهادية أو "الانتحارية" الاسلامية في بيئة كانت في سالف عهدها مرتعا لحركات التحرر العربي كافة وللدعوات القومية والانسانية العربية. بحسب رويترز.

جاءت الرواية في 160 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن "دار الساقي" في بيروت، ويستند الكاتب الى أحداث واقعية يستمد منها نسيجه الروائي والى وقائع جرت لشخصيات حقيقية من المدينة وطبعا مع تغيير في سمات هذه الشخصيات وفي تلك الوقائع مما يجعل الامر عملا خياليا يستند الى بعض الوقائع فلا يتحول الى مجرد تاريخ حقيقي لمراحل من حياة المدينة. المدينة هنا هي مدينة طرابلس اللبنانية الشمالية.

يبدأ الكاتب من فترة من تاريخ المدينة أيام الانتداب الفرنسي وبعد الاستقلال سنة 1943. انها مرحلة كانت السلطة المحلية والنفوذ فيها لزعامات المدينة والتي قامت بدور مهم أيضا على صعيد الحكم الوطني.

ويرسم عددا من شخصياته الروائية عند الحديث عن تلك الزعامات بسمات يبدو واضحا انها تستند الى ملامح معينة مأخوذة من نماذج من أشخاص يشبهون في بعض صفاتهم سلسلة من أفراد عائلة كرامي الطرابلسية العريقة.

وقد أعطت عائلة كرامي عددا ممن لعبوا أدوارا كبرى في حياة لبنان ومنهم عبد الحميد كرامي مفتي طرابلس والشمال وهو أحد رجال الاستقلال ورئيس سابق للحكومة وعضو في البرلمان اللبناني وهو والد رئيسي الوزراء السابقين الراحل رشيد كرامي وشقيقه عمر كرامي وغيرهم من أفراد العائلة من وزراء ونواب.

العائلة المشابهة التي يتحدث عنها الدويهي هنا هي عائلة الزعيم مصطفي العزام الذي أوصى بالزعامة بعده لابنه البكر من بين ولديه الاثنين وبقي الاصغر زعيما محليا نافذا، اما الحكم النهائي الذي يصدره الدويهي فهو انه لا بد من تغير في وضع هذا العالم الذي أصابه التحول الى درجة فقد فيها كثيرا من ملامحه الماضية فانتشر فيه الفقر والبطالة والخيبات واليأس و"مشائخ" متطرفون حولوا عددا من الشبان الى جهاديين اسلاميين وانتحاريين تمتد أنشطتهم من أفغانستان الى اليمن والعراق والى لبنان ويتكاثر فيه تفجير الاحزمة الناسفة والسيارات الملغومة، ويبدو ان بعض هذا التحول الذي يشير اليه الكاتب هو التخلي عن القتل واستفاقة الشعور النائم بالاخوة الانسانية.

اسماعيل وهو ابن بلال محسن كانت والدته وجدته تعملان في بيت عبدالله العزام اما ابوه فهو عاطل عن العمل. كانت انتصار ام اسماعيل تأخذه معها أحيانا الى بيت العزام، وقع اسماعيل تحت تأثير بعض المشائخ وتغير في عاداته وتصرفاته الى ان كلفوه بالسفر الى العراق بجواز سفر مزور وهناك كلف بمهمة تفجير احدى الحافلات عند توقفها في احدى المحطات. ارتدى الحزام الناسف وركب الحافلة لكنه فوجىء فيها بصبي صغير يشبه أخاه الصغير الكسيح فكاد يضمه باكيا. عند التوقف لم يفجر الحزام بل دخل الى أحد المراحيض واخفاه هناك.

في هذا الوقت وزعت اخبار عن العملية التي لم تتم ووزع معها شريط عن الشهيد اسماعيل وصلت الاخبار الى المدينة فارتفعت صوره وتألفت جمعيات تحمل اسمه، استطاع اسماعيل العودة الى لبنان سرا مع عائلة عراقية نازحة ضمته اليها وأعطته بطاقة هوية ابنها الذي يشبهه. في المدينة خشي ان يعرفوه فيتحول الى طريد. ملجأه الاخير كان بيت العزام حيث استقبله عبد الكريم العزام نجل عبدالله العزام وأبلغ والدته بانه حي. ولما سعت الشرطة الى اعتقاله بصفته ارهابيا مطلوبا للعدالة بعد ان حققت مع عبد الكريم العزام ساعده عبد الكريم على الهرب، يصف الدويهي التحول الرهيب الذي أصاب المدينة من خلال حديث عبدالكريم العزام مع خالته بعد عودته من فرنسا ليفاجأ بالتغير الحاصل. قال باكيا عن ذلك العالم الرومانسي الذي كانت عليه المدينة التي لقبت بالفيحاء ببساتين برتقالها وليمونها الشهيرة "اقتلعوا كل شيء...اطلقوا الجرافات وباعوا الاشجار حطبا البساتين المنبسطة المتعرجة التي تضيق او تعرض ... حولها مهندسو التنظيم المدني الى ملكيات مربعة او مستطيلة مستقيمة تماما.

"خططوا للطرقات وللمساحات المشتركة تشاجروا حول معدلات البناء لم يبال احد بالليمون لان الاراضي ارتفعت اسعارها"، وفي حديث مع ابن عمه الوريث السياسي للبيت يقول مقارنا بين ماضي المدينة وحاضرها "سيطر المتطرفون على المساجد وطردوا منها الخطباء الذين يحجمون عن الدعوة الى الجهاد كيفما اتفق ينقبون نساءهم بالاسود يكفّرون ويحرّمون هددوا المزينين النسائيين ومنعوا الاطباء الرجال من معاينة النساء ... يكدسون المال في حساباتهم الشخصية ويمدون بالسلاح زمرة من المرافقين ويرسلون الشبان الى القتال في جبهات لا يعودون منها"، وأضاف واصفا المدينة "المدينة ميتة. تستيقظ متأخرة وتتحول الى مدينة أشباح بعد الثامنة ليلا. حاربت الانتداب الفرنسي وتضامنت وتظاهرت مع كل قضية عربية ...خرج أهلها عن بكرة أبيهم الى الشوارع يوم استقال (الرئيس المصري الراحل) جمال عبد الناصر وقاد رجل من عندهم (فوزي القاوقجي) جيش الانقاذ الفلسطيني عام 1948 فامست لا تحرك ساكنا يشتري الاغنياء أصوات أهلها في الانتخابات أغنياء تحوم الشبهات حول طريقة تجميعهم للثروات"، ثم تحول فجأة من السياسة الى نعي صالات السينما التي أقفلت واحدة تلو الاخرى يعدّها (المتروبول) (الكولورادو) (الرومانس) (الروكسي) ويتبارى مع نفسه في معرفة الأقدم منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/نيسان/2014 - 15/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م