حزب الله.. في حرب وجود مع الإرهاب التكفيري

 

شبكة النبأ: يرى الكثير من المراقبين ان "حزب الله اللبناني" الذي اعلن المشاركة الرسمية في الحرب الدائرة في سوريا، يخوض اليوم معركة مصيرية ضد جهات وإطراف متعددة، من أهمها إسرائيل والمجاميع المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة والمدعومة من جهات ودول أخرى، تسعى وبشكل جاد الى إسقاط النظام السوري احد أهم واقرب حلفاء حزب الله في المنطقة، حيث يرى الكثير من المحللين ان تدخل "حزب الله" العسكري والتطورات الميدانية الجديدة قد أسهمت بتغير الكثير من والتوقعات والرهانات السابقة، خصوصا وان قيادة "حزب الله" قد أدركت وبشكل مبكر خطورة الأحداث في سوريا التي أصبحت مركزاً لجذب الكثير من المسلحين ومن مختلف الجنسيات لن تقف عند الحدود السورية فقط وإنما ستشمل باقي الدول الأخرى بما فيها لبنان الذي سيكون الهدف الأول والمهم في سيناريو التغير الخليجي المعلن.

مراقبون آخرون أكدوا ان التحركات والانجازات العسكرية المهمة التي حققها "حزب الله" وعلى الرغم من صعوبة المرحلة، هي دليل واضح على ان الحزب يتمتع بقوة عسكرية وخبرة ميدانية لا يمكن الاستهانة بها، وهي رسالة واضحة أدركها الكثير من الخصوم في الداخل والخارج.

فيما يرى بعض المحللين ان انخراط حزب الله في الحرب السورية قد يحول الحرب إلى صراع شرس يحارب فيه الجيش السوري المجاميع المسلحة ومنهم مقاتلون من تنظيم القاعدة يحاربون تحت لواء جبهة النصرة، مما يشي بأن الصراع السوري قد وصل مرحلة الحسم على المدى القريب.

وفي هذا الشأن فقد طالب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله بدعم داخلي لمقاتليه. وقال نصر الله لأنصاره عبر دائرة تلفزيونية "بعض اللبنانيين لم يكتشفوا أن ما يجري في سوريا يهدد لبنان في حين ان الأمريكيين والأوروبيين يعتبرون أنه يهدد أمنهم."

وتابع "أطالبكم بتغيير موقفكم أو إعادة النظر في موقفكم مما يجري في سوريا." وبرر نصر الله إرسال قواته إلى حرب خارجية قائلا "لو انتصر الإرهاب التكفيري في سوريا سنلغي جميعا وليس فقط حزب الله ولو هزم سنبقى جميعا." وأضاف "المشكلة مع المقاومة بلبنان كانت من الفريق الأخر بسبب موقفنا السياسي تجاه سوريا وليس لتدخلنا العسكري وان كان دخولنا العسكري إلى سوريا جاء متأخرا وجاء بعد تدخل الجميع." وقال إن "المقاومة ستبقى شامخة وصلبة تحمي أرضها وشعبها."

سجال حاد

الى جانب ذلك يشهد لبنان سجالا حادا بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان وحزب الله على خلفية البيان الوزاري للحكومة الجديدة وقتال الحزب الى جانب النظام السوري، اذ طالب سليمان بعدم التشبث "بمعادلات خشبية" في البيان، بينما وصفه الحزب بانه "ساكن" القصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت. وأبصرت الحكومة برئاسة تمام سلام النور في 15 شباط/فبراير بعد تعثر لعشرة أشهر. ولم تتمكن اللجنة المكلفة صياغة البيان الوزاري، من الاتفاق حوله في سبع جلسات عقدتها حتى الان. ويجدر بالحكومة اقرار هذا البيان لتنال على اساسه ثقة مجلس النواب.

ويشكل موضوع سلاح الحزب وقتاله في سوريا نقطة خلاف اساسية، اذ يطالب سليمان و"قوى 14 آذار" المناهضة لدمشق بتضمين البيان اشارة الى "اعلان بعبدا" الصادر في حزيران/يونيو 2012 بموافقة الكتل السياسية الاساسية، والذي يدعو الى "تحييد لبنان" عن الصراعات الاقليمية في اشارة الى الحرب في سوريا. الا ان حزب الله يتمسك بعبارة "جيش وشعب ومقاومة" الواردة في بيانات وزارية سابقة.

وقال سليمان في خطاب "في مناسبة مناقشة البيان الوزاري، أدعو الجميع، الى عدم التشبث بمعادلات خشبية جامدة تعرقل صدور هذا البيان"، وذلك بحسب النص الموزع من المكتب الاعلامي في الرئاسة. واضاف "اما بالنسبة الى ما حصل من تجاوز للمطلب القاضي بادراج اعلان بعبدا صراحة في البيان نفسه (...) أؤكد لكم، ان اعلان بعبدا، اصبح من الثوابت"، وانه "يسمو على البيانات الوزارية (...) وستظهر الايام، ان الجميع مستقبلاً سيحتاجون الى هذا الاعلان ويطالبون بتطبيقه".

كما جدد سليمان "دعوة الجميع في الداخل اللبناني إلى عدم الانخراط في هذا الصراع على قاعدة إعلان بعبدا وتحييد لبنان عن صراعات الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم". وبعد ساعات، أصدر الحزب بيانا مقتضبا جاء فيه "مع احترامنا الأكيد لمقام رئاسة الجمهورية وما يمثل فإن الخطاب الذي سمعناه يجعلنا نعتقد بأن قصر بعبدا بات يحتاج في ما تبقى من العهد الحالي إلى عناية خاصة لأن ساكنه أصبح لا يميز بين الذهب والخشب".

ورد الرئيس اللبناني سريعا على بيان الحزب، قائلا في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع "تويتر" ان "قصر بعبدا بحاجة الى الاعتراف بالمقررات التي تم الاجماع عليها في ارجائه اعلان بعبدا". واصدرت "هيئة الحوار الوطني" التي يرأسها رئيس الجمهورية وتضم غالبية الكتل السياسية الاساسية ومنها حزب الله، "اعلان بعبدا" في 11 حزيران/يونيو 2012. ويتألف الاعلان من 17 بندا، ابرزها "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوترات والأزمات الإقليمية" في اشارة الى النزاع السوري.

ويشدد الحزب ذو الترسانة العسكرية الضخمة التي يقول ان هدفها "مقاومة" اسرائيل، على ان ثلاثية "جيش وشعب ومقاومة" هي "معادلة ذهبية" لحماية لبنان من "الاعتداءات" الاسرائيلية. وأدرجت الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء حرب العام 2006 مع اسرائيل، هذه العبارة في بياناتها. الا ان القوى السياسية المناهضة للحزب رفضت استخدامها مجددا في اي بيان وزاري، منذ كشف الحزب عن مشاركته في القتال الى جانب قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد. بحسب فرانس برس.

وادى الاعلان عن هذه المشاركة الى رفع حدة التوتر السياسي والامني في لبنان المنقسم حول النزاع السوري المستمر منذ نحو ثلاثة اعوام. وتتألف الحكومة الجديدة من 24 وزيرا، ثمانية منهم لقوى الثامن من اذار المؤيدة للنظام السوري، وثمانية اخرون لقوى الرابع عشر من اذار المناهضة لدمشق، وثمانية وزراء من الوسطيين المقربين من رئيسي الحكومة والجمهورية اضافة الى ممثلين للزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

خبرة قتالية جديدة

على صعيد متصل فمن القتال ضد إسرائيل على الحدود اللبنانية، إلى القتال في سوريا إلى جانب قوات النظام، يكتسب حزب الله خبرة ميدانية مختلفة، لكنه أيضا يظهر كقوة أساسية في النزاع تساهم في التدريب وقيادة العمليات العسكرية، بحسب محللين ومقاتلين. وأكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في أكثر من مناسبة، أن حزبه "سينتصر" في معركته مع "الإرهاب التكفيري" في سوريا، واصفا هذه المعركة بـ"الاستباقية" حتى لا يجتاح هذا الإرهاب لبنان، على حد قوله. وقال نصرالله "إننا في هذه المعركة سننتصر. المسألة مسألة وقت".

ويقول أندرو اكزوم، الموظف السابق في وزارة الخارجية الأمريكية والخبير في الشؤون اللبنانية، "هناك جيل جديد من مقاتلي حزب الله يخوض تجربته القتالية الأولى في سوريا. أتصور إنهم يكتسبون خبرة جيدة في القتال ضمن مجموعات صغيرة في مواجهة حقيقية في ساحة المعركة" لا من خلال معارك وهمية تنفذ عادة في التدريبات. ويقدر عدد مقاتلي حزب الله في سوريا بخمسة آلاف. ويتلقى عناصر الحزب قبل ذهابهم إلى الميدان دورات تدريبية في لبنان في مرحلة أولى، ثم في إيران.

ويذكر أحد هؤلاء، وقد قدم نفسه باسم أبو محمد (30 سنة) من منطقة بعلبك (شرق) أن "دورات التدريب تبدأ في جرود بعلبك وتتراوح بين أربعين يوما وثلاثة اشهر، ثم تستكمل في إيران لمدة شهرين حيث يتم التدريب على الأسلحة الثقيلة". وكان أبو محمد عاد قبل فترة من منطقة القلمون شمال دمشق حيث شارك في المعارك وأصيب برصاصة في صدره.

ويبرر حزب الله مشاركته في القتال السوري بمحاولة منع "المجموعات التكفيرية" من الوصول إلى لبنان. كما أكد الأمين العام للحزب حسن نصرالله أنه لن يسمح بسقوط النظام السوري، حليف "المقاومة" الأول. ويؤكد مقاتلو الحزب أن من يذهب إلى سوريا لا يحتاج إلى إقناع، مرددين الخطاب نفسه حول ضرورة ردع المتطرفين ومساندة بشار الأسد الذي "دعمنا في حرب تموز/يوليو".

ويقول فيليب سميث من جامعة ميريلاند الأمريكية أنه بالنسبة إلى العديد من عناصر حزب الله، المعركة هي أيضا "نوع من الجهاد الدفاعي عن المقامات الشيعية (مثل السيدة زينب قرب دمشق) في ظل هجمة على الطائفة الشيعية في المنطقة". وعلى الرغم من أن الخطاب العلني لحزب الله ينفي الطابع الطائفي للقتال في سوريا، إلا أن تحول الحزب إلى طرف في النزاع رفع حدة التوتر الشيعي السني في لبنان والمنطقة.

ويضيف إن الدورات التدريبية في صفوف الحزب حاليا "أكثر كثافة، لأننا نقاتل منذ أكثر من سنتين بشكل متواصل من دون توقف". وتحصل بعض الدورات التدريبية في جنوب لبنان. وتشمل الدورات في إيران التدرب على قيادة المجموعات على الأرض. ويقول مقاتلون في حزب الله إن التجنيد بلغ أوجه خلال السنة الماضية بعد الإعلان عن انخراط الحزب في النزاع السوري، لكن الوتيرة تراجعت قبل أشهر، "لأن العدد أصبح كافيا"، بحسب ما قال أحدهم. ويؤكدون أن المعايير المطلوبة للقتال في صفوف الحزب أن يكون المرء خلوقا ومتدينا ويبلغ 18 عاما. بحسب فرانس برس.

ويقول جيفري وايت، أحد المسؤولين السابقين في الاستخبارات الأمريكية، في تقرير صدر أخيرا عن مركز مكافحة الإرهاب في واشنطن، إن النزاع السوري "يعطي حزب الله معرفة قيمة حول الحرب غير التقليدية"، مضيفا إن الحزب "يقود العمليات، بما فيها العمليات الهجومية، ولا يكتفي بالقتال في معارك تكتيكية" صغيرة. ويوضح أن المعارك "من نوع آخر... تستغرق وقتا طويلا وتشارك فيها وحدات كبيرة، وتتخللها عمليات معقدة".

ويلعب الحزب كذلك دورا في تدريب بعض المجموعات السورية. ويشير معهد الدراسات حول الحرب في واشنطن في تقرير صدر في نيسان/أبريل إلى أن حزب الله "لديه الآن كوادر بين المقاتلين اختبروا العمليات الهجومية داخل المدن"، بالإضافة إلى "خبرة في التنسيق مع قوى حليفة في المعركة والقدرة على تأمين إمدادات لوجستية لوقت طويل".

فوز الأسد

من جانب اخر قال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية إنه يتعين على المعارضة السورية وداعميها في بعض الدول العربية والغربية أن يقبلوا بأن الرئيس بشار الأسد سيترشح في الانتخابات المتوقعة هذا العام ويفوز فيها حتى وإن حققت المعارضة المسلحة بعض المكاسب على الأرض. ويبدو أن خصوم الأسد في الخارج يتقبلون هذا الأمر على نحو متزايد. وقال الشيخ نعيم إن الأسد يظل بعد ثلاث سنوات من بدء الصراع المدمر محتفظا بتأييد شعبي في سوريا. وكان قد توقع قبل عامين فشل المعارضة في الاطاحة بالرئيس السوري.

وقال "على الجميع أن يعلم أن سوريا فيها خياران لا ثالث لهما: إما أن يبقى الرئيس بشار الأسد رئيسا باتفاق وتفاهم مع الأطراف الأخرى بطريقة معينة وإما أنه يستحيل أن تكون المعارضة هي البديل أو هي التي تحكم سوريا لأنها غير قادرة ولأنها جربت حظها وفشلت... لذلك الخيار واضح إما التفاهم مع الرئيس الأسد للوصول إلى نتيجة أو إبقاء الأزمة مفتوحة مع غلبة للرئيس الأسد في إدارة البلاد."

وأضاف "يوجد واقع عملي. على الغرب أن يتعامل مع الواقع السوري لا مع أمنياته وأحلامه التي تبين خطأها. ولو استمروا في هذه المنهجية عشر سنوات سيبقى الحل هو الحل." وتجيء تعليقات الشيخ نعيم في أعقاب تصريحات لرئيس وزراء روسيا السابق سيرجي ستيباشين قال فيها بعد الاجتماع مع الأسد إن الرئيس السوري يشعر بأن وضعه آمن ويتوقع أن تنتهي المرحلة الرئيسية من العمليات العسكرية بنهاية العام الجاري.

وقال مسؤولون إن الاستعدادات ستبدأ للانتخابات الرئاسة وهي خطوة تعكس قدرا من التفاؤل في العاصمة دمشق أنها قد تنتهي بإعلان الأسد فوزه بتأييد شعبي يستخدمه في صد المساعي الرامية للتفاوض على انتقال السلطة والتي تدعمها الامم المتحدة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يرشح الأسد نفسه لفترة رئاسية ثالثة في الانتخابات المقرر إجراؤها في غضون أشهر.

وقال نائب الأمين العام لحزب الله "في قناعتي يترشح وينجح لأن له رصيدا شعبيا مهما في سوريا ومن كل الطوائف وعلى رأسها الطائفة السنية... أنا أرجح أن تحصل الانتخابات في موعدها وأن يترشح الرئيس الاسد وأن ينجح من دون منافسة." وكان الشيخ نعيم يتحدث ببلاغة وطلاقة وهو يعتمر عمامته البيضاء ويرتدي جبة بنية اللون وينتقي عباراته بعناية ولا تفارق الابتسامة محياه.

وأضاف أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين في حالة فوضى كاملة وليس لديهم سياسة متماسكة حول كيفية التعامل مع سوريا التي أضحت نقطة جذب للمقاتلين المتشددين من مختلف أنحاء العالم. وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قال إن الأسد لم يعد يواجه خطر إسقاطه وإن دمشق تجاوزت خطر التقسيم بعد ثلاث سنوات على بدء الصراع. ويبدو أن هذا الرأي بدأ يترسخ في العواصم الغربية.

وتستبعد فرنسا الآن استخدام القوة ضد سوريا رغم أنها كانت تتأهب للمشاركة في عمل عسكري لم يكتب له أن يتحقق. وتصف باريس المحادثات المتعثرة بشأن عملية انتقال سياسي بأنها "الخطة الوحيدة" وهو رأي يقول مسؤولون أمريكيون إن له مؤيدوه في واشنطن لاسيما بين القادة العسكريين الذين يفضلون الأسد على فوضى طائفية.

ورغم أن قوات ما يسمى بالمعارضة لا تسلم بالهزيمة فإن قادة من أمثال بدر جاموس من الائتلاف الوطني السوري يؤكدون أنه دون تدخل خارجي سيستمر الجمود الحالي. ويحقق الجيش السوري مكاسب مطردة على طول الطريق البري وكذلك في المناطق المحيطة بدمشق وحلب خلال الشهور المنصرمة ليستعيد زمام المبادرة في الصراع الذي دخل عامه الرابع وقتل فيه أكثر من 150 ألف شخص.

وهذا يجعل الدول الغربية في مواجهة احتمال فقد نفوذها في الشرق الأوسط. ويرى كثيرون الآن استراتيجية جديدة تقوم على احتواء الأسد وما ترتب على الحرب من ملايين اللاجئين وجحافل المقاتلين. وقال اندرو اكسيوم المسؤول الأمريكي السابق الذي عمل في قضايا الشرق الاوسط بوزارة الدفاع "الولايات المتحدة لديها سياسة معلنة بتغيير النظام لكنها لم تخصص الموارد اللازمة لتحقيق التغيير.

أما استراتيجية الاحتواء الأمريكية الفعلية مناسبة جدا لما يرجح أن يكون حربا طويلة جدا." وتدعم دول غربية وبعض الدول العربية وتركيا المجاميع المسلحة في حين تدعم إيران وروسيا الأسد. ودعا الشيخ نعيم إلى التمييز "بين ترشيح الرئيس الأسد وهو أمر واقع ونجاحه في الانتخابات بسبب الإطار الشعبي المؤيد له بالمجمل وبين استقرار سوريا السياسي الذي له علاقة بتدخلات الدول الأجنبية وبعض الدول العربية في شؤونها بحيث تمنع حتى الآن من الحل السياسي الشامل."

وقال "ما لم يحصل حل سياسي شامل في المنطقة باتفاق الأطراف الداخلية فإن وضع الأزمة سيبقى مستمرا حتى ولو حصل بعض التغيير في موازين القوى وهو الآن يحصل لمصلحة النظام. "لكن سوريا بالمجمل لا يمكن أن تستقر على المستوى السياسي والاجتماعي إذا لم يحصل هناك حل سياسي وإذا لم يتم إنجاز الخطوات التي تؤدي إلى اتفاق ينهي هذه الأزمة." وأكد أن المرحلة الحالية في سوريا وفي المنطقة "هي مرحلة انعدام وزن وعدم وجود حلول سياسية نهائيا... فأمريكا بحالة حيرة. هي من ناحية لا تريد للنظام أن يبقى ومن ناحية أخرى ليست قادرة على ضبط المعارضة التي تمثلها داعش والنصرة.

ولذا كان الخيار الأخير أمريكيا هو بقاء الوضع في سوريا في حالة استنزاف لمرحلة غير محددة بانتظار تطورات يمكن أن تساعد على استشراف بعض الحلول إضافة إلى أن الأولوية الأمريكية اليوم هي خارج دائرة منطقة الشرق الأوسط وخاصة في الأزمة السورية. "بناء عليه أفترض أو أتوقع أن تطول الأزمة السورية في حالة المراوحة بسبب عدم وجود قرار دولي إقليمي بتسهيل الحل السياسي."

وتابع قائلا إن "كسر حالة المراوحة لمصلحة الحل السياسي لا يمكن أن تتم بإرادة المعارضة السورية لأنها معارضة مفككة ومشتتة ليس لها برنامج وغير قادرة على أن تحقق تمثيلا مناسبا في مقابل النظام." ودعا الدول الخارجية إلى "الكف عن تسعير الأزمة ومدها بالمال والسلاح وإبقاء الأمور في حالة غليان لمصلحة تشجيع الأطراف على أن يبحثوا عن إجراءات سياسية منطقية قادرة على أن يجلس النظام مع المعارضة ليتفاهموا على حلول يمكن أن تكون محطة لحلول سياسية أوسع وأشمل وبغير هذه الطريق لا أجد حلا."

وقال نائب الأمين العام لحزب الله "القناعة الأمريكية الدولية الآن منصبة على ضرورة بقاء الأزمة السورية مفتوحة وليس لديهم قرار جدي بالحل. وبناء عليه فإن استمرار دعم بعض الدول الإقليمية والعربية للمعارضة له علاقة بمحاولة الاستفادة من الوقت الضائع علهم ينتهزون فرصة تستطيع من خلالها المعارضة أن تحصل على شيء. لكن في رأيي هذه إضاعة للوقت واستنزاف للشعب السوري ومزيد من القتل والتدمير. فحالة المراوحة هي حالة سلبية للشعب السوري وليست حالة إيجابية."

ولعب مقاتلو حزب الله دورا في دحر مقاتلي المعارضة حول مزار شيعي قرب دمشق كما أن السيطرة على القلمون وخصوصا يبرود ساعدت الأسد على قطع خط إمداد لقوات المعارضة عبر الحدود من لبنان. وتقع تلك البلدة قرب الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب في الشمال وبساحل البحر المتوسط في الغرب حيث تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وقال الشيخ نعيم إنه على الرغم من تحقيق نصر كبير فإن من السابق لأوانه الحديث عن انسحاب حزب الله.

وأضاف "نحن موجودون في سوريا حيث يجب أن نكون... وبالتالي كل الدعايات التي تتحدث عن وجودنا في كل مكان وفي كل بقعة هي دعايات غير صحيحة. نحن نعلم أين نتواجد وما هو الأمر الذي يؤدي إلى حماية ظهر المقاومة وخط المقاومة وهذا هو العنوان الأساسي في التعاطي مع الملف السوري. "إلى الآن نعتبر أن وجودنا في سوريا ضروري وأساسي أما متى يتغير هذا الظرف فهذا أمر ميداني سياسي يتطلب قراءة ومراجعة في المستقبل من أجل أن نحدد صيغة أخرى إذا كنا سننتقل إليها. أما إذا بقينا على وضعنا وكانت الظروف متشابهة فنحن حيث يجب أن نكون."

وأشار الى أن معارك القلمون سارت "بانسياب وهدوء وراحة وتكتكة ما يدل بأن الأمور ليست معقدة وإنما فيها يسر وفيها شيء من التخطيط الدقيق الذي يساعد على تقليل الخسائر وإيصال النتيجة وهي ضرورة أن لا يفكروا بسلوك الطريق العسكري للوصول إلى الحلول المطلوبة.. أن يفكروا في الطريق السياسي وأن يبذلوا له فهذا أنفع وأربح."

وأذكى الصراع في سوريا التوتر بين السنة والشيعة في لبنان وفي أنحاء العالم العربي. وأعلنت جماعات سنية متشددة المسؤولية عن تفجير سيارات ملغومة استهدفت الضاحية الجنوبية ببيروت وهي معقل حزب الله كما سقطت صواريخ على بلدات شيعية وسنية في سهل البقاع. وساهمت الإجراءات التي قام بها الجيش والأجهزة الامنية بمساعدة حزب الله على الحد من هذه التفجيرات.

وقال الشيخ نعيم "العمل في مواجهة الانتحاريين والسيارات المفخخة كان عملا جيدا إذ أنه تشعب لجوانب عدة. الجانب الأول هو الجانب السياسي الذي فيه إبراز لحقيقة الخطر والمشكلة ومنبوذية هؤلاء. الجانب الثاني هو العمل الأمني الذي كشف معاقلهم وقبض على بعض المرتكبين.

الجانب الثالث الإجراءات التي اتخدت من خلال الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالحواجز المختلفة التي ضيقت على الحركة. الجانب الرابع هو معركة يبرود وما أحاط بها لأن يبرود كانت مركز الثقل في تصدير السيارات المفخخة بسبب الكراجات والمصانع المخصصة لهذا الأمر. ونستطيع القول أن يبرود هي مركز الإدارة والإنطلاق."

وأضاف "عندما تشابكت هذه العوامل الأربعة أدى هذا إلى إضعاف كبير لجماعة القاعدة ومن معها وبالتالي تراجعت العمليات بنسبة كبيرة جدا ونعتقد أن الوضع تحسن في هذا الإطار بنسبة كبيرة جدا وإن كان يجب أن نبقى منتبهين وحذرين وأن يتابع هذا الملف بنفس الحيوية كي لا يكون لهم منفذ لاستغلال أي ثغرة.. وإلا النتائج واضحة من خلال الواقع الميداني." بحسب رويترز.

وعن المواجهة مع إسرائيل قال الشيخ نعيم "قتال إسرائيل يكون بأن نكون على جهوزية كاملة لنحرر في الوقت المناسب وندافع في الوقت المناسب ونردع في الوقت المناسب ونبقي المعادلة مع إسرائيل قائمة حتى لا تتجاوز حدودها وهذا أمر حاصل حاليا." وتابع قائلا "آخر حادثة عندما أطلقت إسرائيل صواريخها على الحدود اللبنانية السورية في منطقة جنتا على نقطة لحزب الله تم الرد المناسب الذي جعل إسرائيل تدرك تماما بأنها قد تدخل في مشكلة كبيرة إذا أرادت أن تقوم بهذا النوع من الاعتداءات." وكان نصر الله أعلن المسؤولية عن تفجير استهدف دورية إسرائيلية على الحدود في مارس آذار قائلا إن الهجوم رد على غارة جوية إسرائيلية على هدف تابع للحزب على الحدود السورية اللبنانية.

إسرائيل ومنع حزب الله

على صعيد متصل دعت إسرائيل لبنان إلى منع حزب الله من القيام بأعمال انتقامية ردا على غارة جوية إسرائيلية على موقع يستخدمه مقاتلوه على الحدود السورية. ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي تنفيذ الهجوم وذلك تمشيا مع صمتها على ثلاثة هجمات مماثلة على الأقل خلال العام الماضي استهدفت قوافل أسلحة متطورة يشتبه انها متجهة إلى حزب الله من سوريا التي مزقتها الحرب الأهلية. وقال حزب الله في بيان علني صريح غير معتاد عن الحادث "المقاومة ستختار الزمان والمكان المناسبين والوسيلة المناسبة للرد" على إسرائيل.

وتعهدت إسرائيل في كثير من الأحيان باستهداف لبنان في أي صراع جديد مشيرة إلى أن حزب الله الشيعي المدعوم من إيران لديه ساسة في حكومة بيروت. وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينتز "من البديهي أن يكون لبنان مسؤولا عن أي هجوم على إسرائيل من أراضي لبنان." وقال لإذاعة راديو إسرائيل "من واجب الحكومة اللبنانية منع أي هجوم إرهابي - سواء كان هجوما إرهابيا أو صاروخيا أو أي هجوم آخر - على دولة إسرائيل." وإسرائيل في حالة حرب من الناحية النظرية مع لبنان وسوريا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/نيسان/2014 - 15/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م