سباق التسليح والتسلح.. تجارة بأمن العالم

 

شبكة النبأ: يشهد العالم اليوم وفي ظل اتساع وتنامي رقعة الخلافات وانتشار الجماعات المسلحة، سباق تسلح خطير يهدف الى بناء ترسانة عسكرية متكاملة ومتطورة تهدف الى حماية امن واستقرار تلك الدول ومنها دول الشرق الأوسط وخصوصا دول الخليج العربي، التي توسيع تعاقداتها الخاصة سبيل توفير تلك الأسلحة والمعدات بمختلف أنواعها وأشكالها، والتي رصدت لها أموال طائلة كما يقول بعض الخبراء الذين أكدوا على ان السنوات القادمة ستشهد زيادة في الإنفاق العالمي على برامج التسليح وذلك لمواجهة التقلبات والتحديات القادمة. وبحسب بعض التقارير فان إجمالي الإنفاق العالمي على التسليح بلغ في عام 2013 نحو 1.75 تريليون دولار أمريكي.

ويرى الخبراء في هذا الشأن ان العالم يشهد منافسة تتزايد حدتها، فانخفاض موازنات الدفاع الأمريكية والاوروبية يخلق مزيدا من التنافس في الأسواق الأخرى كالدول الخليج مثلا، لكنه أضاف أن نجاح الصفقات في مجال الدفاع يعتمد اعتمادا كبيرا على العلاقات بين الحكومات.

فيما اعتبر بعض الخبراء بأن الحرب الباردة تُعرف كونها "حرباً عالميةً ثالثة" لأنها سباقاً وقتالاً على مستوى عالمي من قبل متحاربين بالوكالة عن الولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى، في حين بدأت تكاليف التسليح عالمياً تتصدر اهتمامات العديد من المنظمات الدولية الداعية للحد من انتشار وتقنين تداول السلاح في أنحاء العالم، كونها خطوة قد تحد من انتشار حمى التسليح في العالم.

وفي هذا الشأن ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وآسيا من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الدفاعي العالمي في عام 2014 لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. وأظهرت دراسة اجراها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن إجمالي مبيعات أكبر 100 شركة أسلحة في العالم تراجع عام 2012 بنسبة 4.2 في المئة مقارنة بالعام السابق إذ بلغ 395 مليار دولار. وكان هذا ثاني انخفاض سنوي في مبيعاتها. وأدى النمو العسكري الكبير للصين وتصاعد التوترات بسبب منازعات بحرية إلى زيادة الإنفاق في أماكن أخرى بالمنطقة.

ويقول مايك ماكديفيت الباحث بمركز التحليلات البحرية وهي هيئة تمولها الحكومة الأمريكية وتقدم النصح للجيش "لا شك أن آسيا هي مكان الحدث ولا تظهر أي علامة على التوقف... تشعر الدول الأخرى في المنطقة بالقلق من توسع البحرية الصينية تحديدا وهذا يدفعها إلى الشراء." ويعتقد أن الصين رفعت إنفاقها العسكري لأكثر من اربعة امثاله منذ عام 2000 ومن المتوقع أن تتجاوز إنفاق بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجتمعة بحلول عام 2015.

إلا أن الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط زاد بوتيرة أسرع خلال العامين الماضيين إذ تخشى دول الخليج إيران وتخشى أيضا على استقرارها الداخلي. وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وهو مؤسسة بحثية في لندن انه يعتقد أن الإنفاق الدفاعي للسعودية بلغ الآن 59.6 مليار دولار لتتجاوز بريطانيا وتصبح رابع أكبر دولة في العالم من حيث الإنفاق العسكري. وتبرز منطقة الشرق الأوسط بين أكبر 15 ميزانية دفاع وأمن في العالم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. وتشمل هذه الدول سلطنة عمان والسعودية والعراق والبحرين وإسرائيل وليبيا والجزائر واليمن والأردن وإيران.

ويبدو أن هناك ارتياحا بين معظم دول الخليج إزاء تقسيم مشترياتها بين حلفائها الغربيين. وتشتري هذه الدول في الغالب طائرات يوروفايتر الأوروبية ورافال الفرنسية وطائرات أمريكية مثل اف-15 في نفس الوقت في محاولة واضحة لتأمين تحالفات متعددة. وشهدت مناطق أخرى في العالم نموا أيضا. وزادت ميزانية الدفاع في روسيا 30 في المئة منذ عام 2008 ومن المتوقع أن ترتفع 43 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة. وارتفع الإنفاق العسكري في أفريقيا جنوب الصحراء 18 في المئة عام 2013 بمفرده. بحسب رويترز.

وتعتقد مؤسسة آي.اتش.إس جينز الاستشارية أن كل ذلك سيرفع الإنفاق الدفاعي العالمي إلى 1.547 تريليون دولار في 2014 من 1.538 تريليون دولار العام الماضي بزيادة 0.6 في المئة. وقال بول بيرتون مدير قسم الفضاء والدفاع والأمن بالمؤسسة "من المتوقع أن يواصل مركز ثقل نفقات الدفاع التحول إلى الجنوب والشرق... ستمثل روسيا وآسيا والشرق الأوسط قوة الدفع لنمو الإنفاق العسكري العالمي".

23 مليار دولار

في السياق ذاته أعلنت قطر عن إبرام عقود بقيمة 23 مليار دولار لشراء طائرات هليكوبتر هجومية وصواريخ موجهة ومعدات عسكرية أخرى من بوينج وايرباص وغيرها من الشركات المنتجة للسلاح مع قيام الدولة الخليجية بتسريع تعزيز قدراتها العسكرية. وقالت متحدثة باسم معرض ومؤتمر الدوحة الدولي الرابع للدفاع البحري (ديمدكس) الذي صدرت فيه هذه الإعلانات إن قطر كشفت عن صفقات مع 20 شركة منها شركات أمريكية منحت صفقات بقيمة 27.5 مليار ريال قطري (7.55 مليار دولار). وتشمل مشتريات الأسلحة صفقات كبيرة مع لوكهيد مارتن ورايثيون وشركات اخرى.

وتتطلع قطر ودول عربية أخرى في الخليج والشرق الأوسط إلى الحصول على قدرات عسكرية جديدة متطورة تكنولوجيا لحماية نفسها من إيران المجاورة ومن تهديدات داخلية بعد انتفاضات الربيع العربي. وقالت المتحدثة في مؤتمر صحفي إن قيمة صفقة طائرات الهليكوبتر تقدر بنحو 8.9 مليار ريال قطري. وفي باريس قالت وزارة الدفاع الفرنسية إن قطر وافقت على شراء 22 طائرة هليكوبتر عسكرية تنتجها شركة تابعة لمجموعة إيرباص الأوروبية لمعدات الطيران والفضاء قيمتها ملياري يورو (2.67 مليار دولار) وطائرتي إيرباص للتزويد بالوقود. بحسب رويترز.

وقال مصدر مطلع إن قطر تعهدت أيضا بشراء منظومة باتريوت للدفاع الصاروخي التي تنتجها رايثيون وصواريخ باك 3 التي تصنعها لوكهيد وأجهزة استشعار متقدمة تقنيا وأجهزة رادار لطائرات الهليكوبتر أباتشي وصواريخ جافلين التي تنتجها شركة مشتركة بين لوكهيد ورايثيون. وفي يناير كانون الثاني أبلغت رايثيون محللين أنها تتوقع أن تطلب قطر في النصف الأول من 2014 شراء معدات في منظومة باتريوت للدفاع الصاروخي تزيد قيمتها عن ملياري دولار. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية وافقت في نوفمبر تشرين الثاني 2012 على بيع قطر وحدات نيران وأجهزة رادار لمنظومة باتريوت وصواريخ مختلفة من إنتاج لوكهيد ورايثيون قيمتها 9.9 مليار دولار.

الاتفاق السعودي

الى جانب ذلك أكدت مجموعة "بي ايه إي سيستمز" البريطانية للصناعات العسكرية انه تم التوصل الى اتفاق على زيادة اسعار طائرات يوروفايتر تايفون المقاتلة التي لا يزال تسليمها للسعودية في اطار "صفقة السلام". وقالت كبرى شركات الصناعة العسكرية الاوروبية في بيان ان "الحكومتين (البريطانية والسعودية) اتفقتا على زيادة سعر طائرات يوروفايتر تايفون في اطار برنامج السلام" وعلى شروط جديدة "تم ادراجها في العقد بين الحكومة البريطانية وبي ايه إي سيستمز".

ووقعت السعودية في 2007 مع بريطانيا عقدا بنحو 4,5 مليارات جنيه استرليني لشراء 72 طائرة يوروفايتر تايفون التي ينتجها تحالف شركات يضم "بي ايه إي سيستمز" وايرباص الاوروبية والايطالية فينميكانيكا. وتم حتى الان تسليم 34 من هذه الطائرات لسلاح الجو السعودي. وقبل يوم من نشر تقرير ارباحها السنوية، ذكرت المجموعة البريطانية التي تتفاوض على زيادة اسعار الطائرات الباقية منذ عدة اشهر بأن قيمة العقد الاساسي الموقع في 2005 كانت تتماشى مع "الظروف الاقتصادية لسنة 2005".

ولم تذكر المجموعة تفاصيل مالية ولكنها قالت انها تتوقع ان يتم تسديد الدفعات المطلوبة بعد الاتفاق. وقال رئيس مجلس ادارة المجموعة ايان كنغ "انها نتيجة منصفة لكل الاطراف". وارتفعت اسعار اسهم المجموعة بمعدل 0,94 بالمئة بعد الاعلان عن الصفقة لتصل الى 441,7 بنسا. ويعزز الاتفاق موقع المجموعة البريطانية بعد ان انسحبت الامارات من المباحثات مع الحكومة البريطانية لشراء طائرات تايفون يوروفايتر في وقت سابق.

وتعاني المجموعة البريطانية من خفض النفقات العسكرية البريطانية وتسعى للعثور على زبائن جدد بعد فشل خطة الدمج في اواخر 2012 مع مجموعة ايدس للصناعات الفضائية الاوروبية التي سميت لاحقا "مجموعة ايرباص". وقال كريستوف مينار المحلل لدى كبرل شوفرو "من المتوقع تلقي طلبية اضافية من 48 طائرة يوروفايتر تايفون للسعودية بنهاية 2014 او في 2015 بعد الاتفاق على السعر".

على صعيد متصل ذكرت صحيفة ألمانية أن صفقة لبيع بضع مئات من الدبابات القتالية الألمانية للسعودية ستلغى على الأرجح بسبب معارضة وزير الاقتصاد زيجمار جابرييل المنتمي للحزب الديمقراطي الاشتراكي. وتحدثت وسائل إعلام ألمانية عن اهتمام السعودية بشراء ما يصل إلى 800 دبابة طراز ليوبارد 2 من ألمانيا. ولا يصدر تأكيد لمثل هذه التقارير على الإطلاق بسبب حساسية صفقات الأسلحة.

وقالت الصحيفة إن السعودية حاولت على مدى سنوات الحصول على الدبابات من شركتي كراوس مافاي فيجمان وراينميتال وخصصت 18 مليار يورو (25 مليار دولار) في ميزانيتها للصفقة. وذكرت صحيفة بيلد أم زونتاج نقلا عن مصادر حكومية "الحكومة لن توافق على الصادرات محل الخلاف. "جابرييل يلعب دورا رئيسيا في هذا حيث وضع نفسه في وضع مناهض لتسليم الدبابات لأسرة حاكمة مستبدة وفقا لمصادر حكومية." بحسب رويترز.

ومبيعات الأسلحة مسألة حساسة في ألمانيا بسبب الماضي النازي في البلاد ودور شركات صناعة الأسلحة في تغذية حروب القرنين التاسع عشر والعشرين. ويتعين أن يوافق مجلس الأمن القومي الألماني الذي يضم المستشارة المحافظة أنجيلا ميركل ووزراء الاقتصاد والدفاع والتنمية والشؤون الخارجية على صفقات من هذا القبيل لكن قراراتها لا تعلن. وسبق أن أبلغ جابرييل وسائل الإعلام أنه من "العار" أن تصدر ألمانيا كل هذا العدد من الأسلحة.

العراق أسلحة وذخائر

على صعيد متصل أعلنت السفارة الاميركية في بغداد ان الولايات المتحدة سلمت العراق صواريخ من نوع هلفاير وبنادق من نوع ام-4 ومئات الاف الرصاصات. وجاء في بيان صادر عن السفارة الاميركية "سلمت الولايات المتحدة العراق في وقت سابق نحو مئة صاروخ هلفاير ومئات الاف الذخائر اضافة الى بنادق من نوع ام-4". واضاف البيان "من الضروري ان تكون قوات الامن العراقية مجهزة بأسلحة حديثة وفاعلة اخذا بعين الاعتبار التهديد الذي تمثله الدولة الاسلامية في العراق والشام على البلاد وعلى المنطقة".

وجاء ايضا في بيان السفارة ان الولايات المتحدة سلمت العراق منذ منتصف كانون الثاني/يناير الماضي ما مجموعه 11 مليون رصاصة والاف الرشاشات والبنادق والقنابل اليدوية، ومن المتوقع تسليم المزيد خلال الاسابيع القليلة المقبلة. ويشهد العراق تصعيدا في الهجمات التي تقوم بها بشكل خاص الدولة الاسلامية في العراق والشام الاسلامية المتطرفة.

الى جانب ذلك استضافت بغداد معرضا للأسلحة للعام الثالث على التوالي يشمل الطائرات والدروع والصواريخ واجهزة الاتصالات بمشاركة اكثر من 50 شركة عالمية، وذلك بهدف تسليح القوات العراقية التي تخوض معارك مع جماعات مسلحة. وقال وزير الدفاع سعدون الدليمي الذي افتتح المعرض ان "الشركات التي ساهمت اليوم في المعرض سيكون لها اولوية بالتعاقد على غيرها من الشركات في توفير احتياجات القوات المسلحة".

وافتتح المعرض في غرب العاصمة وسط اجراءات امنية مشددة، وبمشاركة اكثر من خمسين شركة تمثل تسع دول بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وكوريا الجنوبية. وعرضت هذه الدول نماذج لطائرات مقاتلة ومروحيات وهو ما يسعى العراق للحصول عليه مع اشتداد المعارك في صحراء الانبار غرب البلاد. كما عرضت الشركات معدات مراقبة واسلحة وآليات وادوات مكافحة الشغب وملابس عسكرية، واجهزة كشف المتفجرات ومعالجة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة.

وقال الملحق العسكري البريطاني بول بيكر "نحن حريصون على زيادة التعاون وتجهيز القوات العراقية بمعدات واسلحة عالية الجودة والنوعية". واضاف "نعتقد ان التجهيزات البريطانية هي الافضل في العالم، والعراق بحاجة الى معدات جيدة بسبب التحديات التي يواجها ضد قوى الارهاب على التراب العراقي". وسبق ان تعاقد العراق مع الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الجنوبية لشراء طائرات مقاتلة، وقد وضعت طائرات مراقبة اميركية ومروحيات روسية في الخدمة، فيما تنتظر بغداد تسلم طائرات "اف 16" في ايلول/سبتمبر المقبل.

وحقق العراق تقدما في اعادة بناء القوة الجوية بعد تعرض طائراته الى تدمير شبه شامل خلال حرب الخليج الاولى عام 1991 والقضاء على ما تبقى منها لدى اجتياح البلاد عام 2003. وقال وزير الدفاع مخاطبا القادة العسكريين "وانتم في الميدان حددتم ما هو المطلوب وما هو السلاح الفاعل". واضاف "اختاروا ادواتكم واسلحتكم بما يحافظ على العراق ويقويه ما دامت هذه الشركات قادمة الى البلد فلها الاولوية ان تختاروا منها ما تشاؤون". بحسب فرانس برس.

وكانت اغلب معدات الجيش العراقي الذي اعتبر ابرز قوة في الشرق الاوسط ابان الحرب العراقية الايرانية (1980-1988)، روسية الصنع ولكن منذ اجتياح البلاد عام 2003، أصبحت معداته اميركية. ومنذ بداية العام الحالي، يسيطر مقاتلون مناهضون للحكومة ينتمي معظمهم الى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، احدى اقوى المجموعات الاسلامية المتطرفة المسلحة في العراق وسوريا، على الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) وعلى اجزاء من الرمادي المجاورة. وتتريث القوات العراقية في مهاجمة الفلوجة وتفرض عليها حصارا تتخلله ضربات جوية وقصف لمواقع المسلحين، الا انها تخوض معارك ضارية في بعض مناطق الرمادي بهدف استعادة السيطرة الكاملة على هذه المدينة اولا.

الهند وباكستان

من جانب اخر اظهر تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام نشر في باريس ان مشتريات الهند وباكستان من السلاح زادت بقوة في السنوات الخمس الاخيرة التي سجل فيها ايضا سوق بيع السلاح نموا كبيرا ناهز 14%. واوضح التقرير ان واردات الهند من الاسلحة زادت بنسبة 111% في السنوات الخمس الاخيرة (2009-2013) مقارنة بما كانت عليه في السنوات الخمس التي سبقتها (2004-2008)، بحيث تضاعفت حصة المشتريات الهندية من اجمالي مشتريات السلاح في العالم من 7% الى 14%.

بدورها زادت مشتريات باكستان من انظمة التسلح الكبرى في الفترة نفسها بنسبة 119% وارتفعت حصتها من السوق العالمية من 2% الى 5%. وتلي هاتين الدولتين الصين (5% من المشتريات) والامارات (4%) والسعودية (4%) لتكتمل بها قائمة الدول الخمسة المتصدرة ترتيب مستوردي السلاح في العالم. ومع نسبة 14% من اجمالي مشتريات السلاح في العالم تكون الهند قد اشترت لوحدها ثلاثة أضعاف ما اشترته كل من باكستان والصين اللتين تليانها في ترتيب الدول المستوردة للسلاح.

اما في قائمة الدول المصدرة للسلاح في الفترة 2009-2013 فتتربع في صدارة القائمة الولايات المتحدة (29%) تليها روسيا (27%) ومن ثم وبفارق بعيد عنهما تحل المانيا (7%) فالصين (6%) وفرنسا (5) وبريطانيا (4%). وبالنسبة الى المزودين خلال هذه السنوات الخمس المنصرمة فان روسيا تتصدر وبفارق شاسع قائمة مزودي الهند من السلاح (75%) في حين ان حصة الولايات المتحدة من المشتريات الهندية لم تتجاوز 7%. بالمقابل وزعت باكستان مشترياتها بنسبة 54% من الصين و27% من الولايات المتحدة.

وبحسب التقرير فان روسيا باعت في السنوات الخمس الفائتة انظمة تسلح كبرى الى 52 دولة. اما عن وجهة تصدير السلاح خلال السنوات الخمس الماضية فقد لاحظ التقرير ان تدفق الاسلحة الى افريقيا واميركا وآسيا واوقيانيا سجل زيادة في حين ان التصدير الى اوروبا سجل تراجعا. وبالنسبة الى واردات دول الخليج العربية من الاسلحة فقد ارتفعت في الفترة 2008-2013 بنسبة 23% مقارنة بما كانت عليه في الفترة 2004-2008، وتمثل هذه المشتريات 52% من اجمالي مشتريات دول الشرق الاوسط مجتمعة. وبعدما كان ترتيبها 18 عالميا في قائمة مستوردي السلاح في الفترة 2004-2008 اصبحت السعودية في السنوات الخمس الماضية في المرتبة الخامسة عالميا.

وبحسب الدراسة فان العديد من دول الخليج استثمر اموالا ضخمة في انظمة الدفاع الجوي والصواريخ، وقد برزت في هذا المجال خصوصا "طلبيات ضخمة لطائرات مقاتلة" من كل من بريطانيا والولايات المتحدة اللتين اختزلتا لوحدهما 45% من اجمالي ما استوردته دول الخليج من السلاح، وهي نسبة يتوقع ان تبقى على حالها في السنوات المقبلة. ومن الدول الملفتة في التقرير البرازيل التي زادت مشترياتها من الاسلحة في الفترة 2009-2013 مع شرائها من فرنسا اربع غواصات ومن ايطاليا مدرعات ومن السويد 36 طائرة مقاتلة. اما كوريا الجنوبية ومرتبتها الثامنة عالميا في قائمة مستوردي السلاح فقد اشترت طائرات مقاتلة وطائرات استطلاع وصواريخ وانظمة رادار لتعزيز قدراتها في اعتراض الصواريخ الكورية الشمالية.

من ناحيتها زادت مشتريات استراليا من السلاح بنسبة 83% بين الفترة 2004-2008 والسنوات الخمس التي تلتها. وعلى العكس منها، انخفضت مشتريات الدول الاوروبية من السلاح بنسبة 25% في نفس الفترة. ولفتت في التقرير الزيادة الضخمة في مشتريات اذربيجان من السلاح اذ قفزت بنسبة اربعة اضعاف تقريبا (378%) في السنوات الخمس الاخيرة مقارنة بالفترة نفسها التي سبقتها. بحسب فرانس برس.

ونجحت الصين في ان تفرض نفسها دولة مصدرة للسلاح وبات ترتيبها بجانب المانيا وفرنسا في هذا المجال. وقد نجحت بكين خصوصا في اقناع تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي، بان تشتري منها انظمة دفاع جوي صينية. وقفزت صادرات السلاح الى افريقيا بين الفترتين اللتين شملتهما الدراسة بنسبة 53%، وتصدرت قائمة الدول الافريقية المستوردة للسلاح الجزائر والمغرب والسودان. وفي السنوات الخمس الاخيرة تسلمت 10 دول ما مجموعه 16 غواصة بينها 8 صنعتها المانيا. وحتى نهاية 2013 كانت هناك طلبيات لشراء 50 غواصة اخرى.

اليابان وقيود التصدير

في السياق ذاته خففت اليابان القيود التي تفرضها على تصدير الأسلحة في أول تحرك كبير من نوعه لتغيير سياسة تصدير الاسلحة منذ قرابة نصف قرن فيما يسعى رئيس الوزراء شينزو أبي لتوطيد علاقاته بحلفائه وتعزيز صناعة الدفاع المحلية. وفي تحرك من المرجح أن يثير غضب الصين حيث لا يزال تاريخ اليابان العسكري يثير ذكريات مريرة قررت الحكومة اليابانية السماح بتصدير الاسلحة والمشاركة في عمليات انتاج وتطوير الاسلحة المشتركة إذا كانت تصب في مصلحة السلام العالمي وأمن اليابان.

ويمثل هذا تحولا في السياسة التي انتهجتها اليابان لعقود والتي كانت تقوم من حيث المبدأ على حظر تصدير الأسلحة رغم حدوث عدد من الاستثناءات على مدار الأعوام مثل تصدير تقنية أسلحة للولايات المتحدة الحليف الأوثق لطوكيو. وقال هيجو ساتو وهو أستاذ بجامعة تاكوشوكو "سيعود هذا بالنفع على الشركات اليابانية لانه سيتاح لها المشاركة في عمليات التطوير المشتركة والانتاج المشترك والحصول على أفضل التقنيات."

لكن حتى بموجب النظام الجديد فسيتعين على اليابان أن تركز بشكل أساسي على تصدير المعدات الدفاعية مثل سفن المراقبة وأجهزة كشف الألغام وتقول إنها لا تعتزم تصدير أسلحة مثل الدبابات والطائرات المقاتلة. ويأتي التحرك بينما تشهد العلاقات اليابانية الصينية توترا بسبب نزاع على مجموعة جزر صغيرة في بحر الصين الشرقي بالإضافة لزيارة قام بها أبي في ديسمبر كانون الأول الماضي لنصب ياسوكوني الذي يعتبره منتقدون رمزا للنزعة العسكرية العدائية لليابان خلال فترة الحرب. بحسب رويترز.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي في إفادة صحفية يومية إن الصين تولي "إهتماما كبيرا" لقرار اليابان مضيفا "نطلب من اليابان تعلم الدروس من التاريخ وتهدئة قلق دول المنطقة فيما يتعلق بهذه الخطوة" واتخاذ المزيد من التحركات البناءة تجاه السلام في المنطقة. ومع إعلان القواعد الجديدة أكدت اليابان أنها ستظل بلدا "يسعى للسلام" وستدقق في كل حالة لترى ما إذا كانت ستسمح بالتصدير في تحرك يهدف لطمأنة جيرانها بأنها لا تسعى للقوة العسكرية. وإلى جانب تخفيف قيود تصدير الأسلحة رفع أبي العام الماضي ميزانية اليابان المخصصة للدفاع للمرة الأولى منذ 11 عاما كما يسعى لرفع الحظر عن حق الدفاع الجماعي عن النفس أو مساعدة دولة حليفة تتعرض لهجوم.

تجارة الأسلحة

من جانب اخر قطعت معاهدة تجارة الأسلحة خطوة كبيرة نحو التنفيذ عندما قدمت 18 دولة من بينها خمس من أكبر عشر دول مصدرة للسلاح في العالم مستندات تصديقها على المعاهدة إلى الأمم المتحدة. وقبل عام بالتمام أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوا بأغلبية ساحقة المعاهدة التي تهدف إلى تنظيم صناعة الأسلحة التي يبلغ حجمها 85 مليار دولار وابقاء الأسلحة بعيدا عن أيدي منتهكي حقوق الانسان والمجرمين.

وتدخل المعاهدة حيز التنفيذ بمجرد أن تقدم 50 دولة مستندات التصديق عليها إلى الأمم المتحدة. وبعد تقديم 18 دولة مستندات التصديق يرتفع الى 31 عدد الدول التي صدقت على المعاهدة من بين 118 دولة موقعة ويتبقى 19 دولة لكي تصبح المعاهدة سارية. وتهدف معاهدة تجارة الأسلحة إلى وضع معايير لكل حركات انتقال الأسلحة التقليدية عبر الحدود سواء كانت اسلحة نارية صغيرة أو دبابات أو طائرات هليكوبتر هجومية. وتضع المعاهدة لوائح ملزمة للدول لمراجعة العقود عبر الحدود للتأكد من أن الأسلحة لن تستخدم في انتهاكات حقوق الانسان والارهاب أو انتهاك القانون الانساني أو في الجريمة المنظمة.

وقدمت آنا مكدونالد من ائتلاف الحد من الأسلحة وهي جماعة دعوة دولية تحشد منذ فترة طويلة التأييد لمعاهدة تجارة الاسلحة صورة قاتمة لما قالت انها "تجارة أسلحة تخرج عن نطاق السيطرة". وقالت إن "أكثر من 520 ألف شخص يقتلون كل عام في أعمال العنف المسلح ويعيش ملايين الاشخاص الاخرين في خوف من الاغتصاب والاعتداء والنزوح بسبب وصول الاسلحة الى الايدي الخطأ."

ومعظم الدول التي قدمت مستندات التصديق يوم الاربعاء كانت من أوروبا وهي بريطانيا وبلغاريا وكرواتيا والدنمرك واستونيا وفنلندا وفرنسا وألمانيا والمجر وايرلندا وايطاليا ولاتفيا ومالطا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا واسبانيا. وكانت السلفادور هي الوحيدة من خارج أوروبا بين احدث 18 دولة صدقت على المعاهدة. وقالت 17 دولة أوروبية سلمت نسخا من مستندات التصديق على المعاهدة إلى الامم المتحدة في بيان مشترك "من خلال تنظيم التجارة الدولية في الأسلحة عالميا تظهر الدول مسؤوليتها المشتركة لانقاذ الحياة وتقليل معاناة البشر وجعل العالم مكانا أكثر أمنا للجميع." بحسب رويترز.

وأضاف البيان "تسد هذه المعاهدة ثغرة واضحة في القانون الدولي وتعزز المحاسبة والمسؤولية في تجارة الأسلحة الدولية." وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا واسبانيا من أكبر الدول المصدرة للأسلحة في العالم. وأضاف البيان أن الدول الاخرى الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ستصدق على المعاهدة قريبا ليقترب العدد من الخمسين دولة اللازمة لبدء سريان المعاهدة. وقالت مكدونالد إنه من المحتمل أن تدخل المعاهدة حيز التنفيذ هذا الصيف وحثت الدول الموقعة على المعاهدة على التأكد من أن يحدث ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/نيسان/2014 - 13/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م