رواندا.. بعد عشرين عاما من التقدم تواجه تحديات تنميتها

    

شبكة النبأ: قبل عشرين عاما وبعد حملة الابادة، كان الاقتصاد الرواندي مدمرا، من المصارف الفارغة الى المحاصيل التي كانت تفسد وجثث 800 الف شخص ينتمي معظمهم الى اقلية التوتسي ملقاة في الشوارع والحقول، وفر قسم كبير من الهوتو الذين ساهموا في المجازر الى زائير (التي اصبحت جمهورية الكونغو الديموقراطية) بينما اكتشف الناجون ذويهم المذبوحين ومنازلهم المنهوبة ومواشيهم المسروقة او المتلفة.

وبعد عشرين سنة يجلس روانديون ميسورون في المقاهي في كبرى شوارع كيغالي المعبدة التي يتداول عليها جيش من الكناسات، فيما يجمع الاقتصاديون على "التقدم المدهش" الذي انجزته السلطات الرواندية المتحدرة عن حركة التمرد، والتي وضعت حدا لعملية ابادة تموز/يوليو 1994، واستعادت بلادا منهكة.

ومنذ عشرين سنة بلغ اجمالي الناتج الداخلي للفرد الواحد عشرة اضعاف ما كان عليه بينما انخفضت نسبة الفقر خلال السنوات الاخيرة بنسبة 25% وتراجع انعدام المساواة، وفق البنك العالمي، واوضح يويشيرو ايشاهارا الاقتصادي في البنك العالمي ان "بعضهم يسمي ذلك مثلث التنمية"، واصبحت رواندا الان تتطلع الى ان تصبح بحلول 2020 بلدا ذا موارد انتقالية بتحولها من اقتصاد ما زال في الاساس زراعيا الى اقتصاد خدمات.

لكن رغم تلك الانجازات ومعدل نمو سنوي بنسبة 8% من 2001 الى 2012، ما زالت تواجه تحديات في مستوى طموحاتها، اي الزيادة في اجمالي الناتج الداخلي كي يصل الى الف دولار للفرد الواحد بحلول 2018 (مقابل 693 دولارا في 2013) وخفض نسبة الفقر الى ما دون الثلاثين في المئة مقابل 45 في المئة حاليا.

غير ان رواندا التي تحد منذ سنوات من انعدام المساواة ما زالت تعتبر من بلدان المنطقة الاكثر انعداما في المساواة وفق تقرير صدر عن الشركة الدولية للتنمية حول وضع شرق افريقيا في 2013. بحسب فرانس برس.

من جانب اخر تلقى قطاع البناء وهو محرك النمو خلال كل تلك السنوات، دعما كبيرا من الاسواق العمومية لكن الان "حان الوقت للانتقال الى القطاع الخاص" وفق ايشاهارا، واصحبت البلاد التي تستمد اكبر مواردها من العملة الصعبة من قطاع السياحة، تركز الان على تصدير موادها الاولية (المعادن والشاي والقهوة...) والمواد المصنعة، بينما تستدرج منطقة اقتصادية خاصة تبلغ مساحتها 98 هكتارا المصانع وشركات الصناعات الزراعية، ولخص مسؤول رواندي فضل عدم كشف اسمه بالقول ان "شعار الخطاب الحالي يتمثل في +التصدير او الموت+".

ويتميز الروانديون بكون اغلبيتهم من الشباب المثقف. حوالى "سبعين في المئة من السكان تقل اعمارهم عن 25 سنة ولديهم كفاءات" وفق فيفيان كاييتيسي من مجلس التنمية في رواندا (هيئة عمومية).

واعربت فيفيان كاييتيسي عن الامل في ان يدفع ذلك الشباب بالنمو في قطاع الخدمات الذي ارتفعت فيه الاستثمارات خلال 2012 الى 800 مليون دولار وخلال 2013 الى 2013، لكن تشوب البلاد عوائق واشار البنك العالمي الى ان "سوء حالة البنى التحتية وقلة توفر الكهرباء وانحصار قدرة الانتاج تشكل اكبر عراقيل للاستثمار الخاص".

وتمثل المساعدة الخارجية نحو 40% من ميزانية التسيير وفق البنك العالمي الذي يشدد على ان ايراداتها الداخلية ما زالت اقل من المعدل الاقليمي رغم ارتفاعها، ويعتبر الرهان حاسما نظرا لانخفاض المساعدات الخارجية منذ 2012، اذ ان حكومة الرئيس بول كاغامي -التي كانت في وقت ما مدللة من الاطراف المانحة الغربية التي كانت منقسمة بين الشعور بالذنب بعد الابادة والاعجاب بالزعيم الافريقي "العصري"، فقدت من رونقها.

لكن الدور الذي يشتبه في ان كيغالي قامت به في زعزعة استقرار شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ومسؤوليتها المفترضة في اغتيال منشقين في الخارج، جلبت لها انتقادات حتى من اقرب حلفائها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، واغلقت بعض الاسواق امام بعض موادها الاولية -وجزء منها الكولتان، المعدن الاساسي في صناعة الهواتف النقالة- التي يشتبه في استخراجها بشكل غير قانوني من الكونغو الديمقراطية، رغم نفي كيغالي التي تتمسك بما حظيت به من سمعة طيبة للحكم الرشيد.

وقال وزير المالية الرواندي كلافر غاتيتي ان "النقاش قد انتهى منذ زمن طويل" مؤكدا ان رواندا كانت اول بلد يضمن تتبع مصدر معادنها، واعتبر دبلوماسي ان البلاد اليوم "في منعطف". وقال "لا يمكن شطب عشرين سنة من النجاحات، هذا جيد جدا لكن (القادة الروانديين) قد يخسرون كل شيء اذا تركوا الامور على ما هي عليه" في اشارة الى التضحية بالحريات من اجل الامن والاستقرار والتنمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/نيسان/2014 - 7/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م