استئصال الاخوان... من مصر الى أوربا

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: كثيراً ما مارس الاخوان المسلمين تنظيم امورهم وعقد اجتماعاتهم ونشاطاتهم بصورة سرية، وكان الهدف الذي استطاعوا الوصول اليه هو الحصول على السلطة، كما يشير بعض المحللين، في عهد مرسي وحكم مصر عن طريق الانتخابات لمدة عام واحد، والذي شكل نقلة نوعية للإخوان، ودافعاً معنوياً كبيراً، للظهور بصورة علنية باعتباره كحزب حاكم.

في الوقت الراهن، عاد الاخوان الى السرية والعزلة، بعد ان تحول الى تنظيم إرهابي ممنوع من ممارسة أي نشاط علني او سياسي، فضلاً عن مصادرة جميع ممتلكاته، واعتقال اغلب قياداته، إضافة الى المئات من اتباعه والحكم على المئات منهم بالإعدام او السجن المؤبد.

وقد شكل هذا الامر ضربة قوية قد تهدد وجود كيان الاخوان وهيكلها الأساسي الذي استمر لعقود من الزمن، سيما وان مراجعة أنشطة الاخوان وإمكانية اعتبارها كمنظمة إرهابية، او تقييد عملها تجري على اعلى المستويات في الغرب، بعد ان بدأت بريطانيا بالخطوة الأولى، التي ربما تكون مقدمة لخطوات اوربية ودولية أوسع وأكبر.

فقد قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن أنشطة الاخوان المسلمين ستخضع للمراجعة بسبب بواعث قلق من احتمال ارتباطها بأعمال عنف مما يزيد الضغط على الجماعة التي تواجه حملة قمع متزايدة في العالم العربي، وتمثل جماعة الاخوان والمنظمات والأحزاب التابعة لها جزءا من المشهد السياسي في الكثير من الدول العربية والإسلامية حيث رسخت وضعها في تلك المجتمعات بفضل انشطتها الاجتماعية والخيرية.

وفازت أيضا بالسلطة السياسية في بعض الدول العربية بعد ثورات 2011 التي أطاحت بأنظمة مستبدة ظلت تحكم لفترات طويلة، لكن جماعة الاخوان سحقت في مصر وأعلنتها الحكومة جماعة ارهابية بعد أن عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو تموز في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه، وأعلنت السعودية الاخوان المسلمين منظمة إرهابية كما تعرضت الجماعة لموجة من الملاحقات القضائية والاعتقالات في دول خليجية عربية تشعر بالقلق من أي امتداد للنفوذ الإسلامي منذ ثورات الربيع العربي.

وقالت بريطانيا التي يوجد بها الكثير من المنظمات الخاضعة لتأثير الاخوان إن مراجعتها ستشمل النظر في اتهامات ساقها زعماء عرب بوجود صلات بين الجماعة وأعمال العنف وهو اتهام نفته الجماعة مرارا، وقال كاميرون للصحفيين "الشيء المهم، هو التأكد من اننا نفهم حقيقة هذه المنظمة جيدا وما هو الشيء الذي تمثله وما هي صلاتها ومعتقداتها فيما يتعلق بكل من التطرف والتطرف العنيف وما هي علاقتها بجماعات اخرى وما هو وجودها هنا في المملكة المتحدة".

وقالت متحدثة باسم كاميرون إن المراجعة ستشمل فلسفات وقيم الاخوان المسلمين وكيفية عملها في دول مختلفة في انحاء العالم بما في ذلك في المملكة المتحدة بالإضافة إلى تأثيرها على الأمن القومي لبريطانيا، وأضافت أنه ستجرى مشاورات مع جهازي المخابرات الداخلية والخارجية (إم.آي5) و(إم.آي6) في إطار عملية المراجعة التي ستركز على أنشطة الاخوان على نطاق أوسع في المنطقة وليس في مصر وحدها.

وقال متحدث اخر "أثيرت ايضا بعض بواعث القلق بشأن صلات محتملة بأعمال عنف وببعض الجماعات المتطرفة من بعض المنظمات التي تنضوي جميعا تحت تنظيم الاخوان المسلمين الأوسع نطاقا"، وأضاف أن المراجعة ستبحث بناء على ذلك في "صلات مزعومة (للإخوان) بمنظمات متطرفة"، وتأمل الحكومة في صدور تقرير بحلول يوليو تموز بشأن نتائج عملية المراجعة التي سيتولاها جون جينكنز سفير بريطانيا لدى السعودية.

وفي القاهرة قال السفير بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية "رحبت مصر بقرار بريطانيا البدء في إجراء تحقيقات عاجلة حول الدور الذي تقوم به جماعة الاخوان المسلمين انطلاقاً من الأراضي البريطانية ومدى ارتباط تنظيم الاخوان المسلمين بأعمال العنف والتطرف"، وقال المكتب الإعلامي لجماعة الاخوان المسلمين في لندن والذي أصبح قناة الاتصال الرئيسية للحركة منذ يوليو تموز انه سينشر بيانا في وقت لاحق.

وقال تيودور كاراسيك مدير البحوث والاستشارات في مؤسسة انيجما البحثية المتخصصة في الشؤون الأمنية والعسكرية في الخليج "اعتقد ان ثمة صلة واضحة بين اعلان كاميرون التحقيق في (انشطة) الاخوان في المملكة المتحدة وبين رؤية السعودية ودول خليجية اخرى لجماعة الاخوان على انها تهديد"، وقال "تتعلق نقطة الضغط بحقيقة أن حدثا (يمكن أن) يقع في شبه الجزيرة العربية يكون مرتبطا بالإخوان ويكون منشأه في المملكة المتحدة."

وأكدت جماعة الاخوان انها تنتهج منذ عشرات السنين سياسة اللاعنف ونفت اي صلة لها بإراقة الدماء التي تشهدها مصر في الآونة الأخيرة، ويقول محللون إن مرسي وهو شخصية بارزة في جماعة الاخوان اثار استياء كثيرين حين كرس طاقته لبسط سيطرة الإسلاميين على مؤسسات الحكم في مصر بدلا من تطبيق سياسات لإحياء الاقتصاد المتداع ورأب الخلافات السياسية.

وأعلنت الحكومة المصرية الاخوان المسلمين جماعة ارهابية بعد هجوم استهدف مديرية أمن محافظة الدقهلية في دلتا النيل في ديسمبر كانون الأول، وأعلنت السعودية وهي داعم قوي للسلطات الحاكمة في مصر جماعة الاخوان منظمة إرهابية، وتخشى الرياض ان تحاول الجماعة حشد الدعم لها في المملكة منذ ثورات الربيع العربي.

فيما اتهمت وزارة الداخلية المصرية الاخوان المسلمين بتشكيل جناح عسكري لمهاجمة قوات الأمن في خطوة ستصعد على الأرجح الضغط على الجماعة التي تواجه بالفعل حملة عنيفة، وأعلن المتحدث باسم الوزارة هاني عبد اللطيف في كلمة عبر التلفزيون عن اكتشاف الجناح العسكري الذي قتل بالرصاص خمسة من أفراد الشرطة في محافظة بني سويف وتلي اسماء 12 شخصا قال انهم اعضاء بهذا الجناح. بحسب رويترز.

وأضاف عبد اللطيف "أسفرت جهود فريق العمل عن كشف غموض الحادث الإرهابي الذي استهدف قوة الكمين الأمني بمنطقة صفط الشرقية بمحافظة بنى سويف والذي أسفر عن استشهاد 5 من رجال الشرطة"، وأعلنت الحكومة المصرية جماعة الاخوان المسلمين تنظيما ارهابيا في ديسمبر كانون الأول.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية "أشارت المعلومات إلى صدور تكليفات من قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي لعضو المكتب الإداري بمحافظة بنى سويف عبد العليم عبد الله محمد طلبه بتكوين جناح عسكري للتنظيم بالمحافظة يستهدف المنشآت الشرطية والعسكرية وأفرادها"، وأضاف انه تم "ضبط المتهمين من الأول حتى الخامس وبحوزتهم سلاح آلي وعلم حركة حماس و91 ألف جنيه وعدد من أجهزة اللاب توب تتضمن بعض الإصدارات التكفيرية".

وبث التلفزيون المصري ما قال انها اعترافات لأحد اعضاء الجناح العسكري، وقال المتهم انه التقى مع رجل عرض عليه تدريبه واخرين على كيفية استخدام الأسلحة، من جهة اخرى ذكرت مصادر قضائية مصرية ان النائب العام أمر باحتجاز شخص يدعى حسن البنا بتهمة ارسال صور لقناة الجزيرة القطرية بعد ادخال تعديلات عليها والانتماء لجماعة ارهابية.

وقال مصدر قضائي ان البنا متهم بالانتماء لجماعة ارهابية في اشارة إلى جماعة الاخوان وتزييف صور لتشوية صورة قوات الامن، وقال مصدران قضائيان ان السلطات اعتقلت البنا وقررت احتجازه لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق، وذكر مصدر أمنى ان السلطات كانت تراقب تحركاته قبل اعتقاله وانه أمد قناة الجزيرة بصورة مزيفة لكنه ليس موظفا بالقناة.

العسكري المستبد

فيما اتهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين قائد الجيش المصري السابق عبد الفتاح السيسي المرشح على نطاق واسع لرئاسة البلاد بأنه "عسكري مستبد" وتنبأ بأنه لن يتمكن من البقاء في السلطة، ورفض بديع اتهامات الحكومة المدعومة من الجيش بأن جماعته ضالعة في أعمال إرهابية، وكان بديع يتحدث من قفص الاتهام في قاعة محكمة حيث يواجه اتهامات بالتحريض على العنف.

وقال بديع "لا يعقل بعد ذلك أن نستبدل مستبدا مدنيا بمستبد عسكري" مشيرا إلى السيسي الذي استقال من منصب وزير الدفاع ومناصبه العسكرية حتى يتمكن من خوض انتخابات الرئاسة التي تجري يومي 26 و27 مايو ايار المقبل، وأضاف بديع "هذا أمر يعيدون تجهيزه للسيسي مرة أخرى، لا، وألف كلا، لن نقبل بهذا أبدا ولن يقبله الشعب المصري الحر".

وقدم بديع (70 عاما) و50 آخرون للمحاكمة بتهمة تشكيل غرفة عمليات لإدارة احتجاجات وأعمال عنف اندلعت عندما فضت قوات الامن الاعتصامين في أغسطس اب الماضي، واتسم موقف المتهمين بالتحدي في جلسة ورددوا النشيد الوطني المصري وقاموا بتلاوة آيات من القرآن ورفعوا أيديهم بأربعة أصابع في إشارة إلى الاعتصام الرئيسي للمحتجين على عزل مرسي عند مسجد رابعة العدوية في القاهرة.

واكتسب السيسي شعبية كبيرة بين المصريين بعد الإطاحة بحكم الإخوان وتعهده بسحق هجمات "إرهابية" قالت الحكومة إن الجماعة تقف وراءها، وخسرت الجماعة تأييد الشارع لها بعد السنة التي أمضاها مرسي في الحكم، وقال بديع وهو يرتدي ملابس بيضاء "الانقلاب العسكري الدموي قتل فينا آلاف وقلب كل الحقائق وجعل أعين الناس بأننا الإرهاب".

وأضاف "أما الإخوان المسلمين فالله يشهد أنهم ما قبلوا عنفا طوال حياتهم ويشهد الله قبل التاريخ أن الإخوان المسلمين أنهم ما انتقموا لأنفسهم، قتلوا مرشدهم حسن البنا بإرهاب دولة كامل ولم ينتقموا، أنا مجني عليه"، وأضاف أن السيسي هو من اصطنع "الإرهاب" وأن السلطات الحالية هي من تقتل الشعب المصري.

وحث جهاد الحداد أحد المتهمين من قيادات الإخوان الذين مثلوا أمام المحكمة القوى العالمية على دعم الديمقراطية في مصر، وقال حداد بالإنجليزية "يا قادة العالم يا من تتشدقون بالديمقراطية حان الآن وقت الوقوف لإنهاء الانقلاب العسكري"، وأضاف "نحن نكافح من أجل حرية البلاد، الأمر يتحول إلى عائلة السيسي، سنواصل الكفاح من أجل الحرية، ولن نستسلم".

من جانبه قال المرشح السابق في انتخابات الرئاسة ووزير خارجية مصر الأسبق عمرو موسى إنه يجب ترك الباب مفتوحا لعودة جماعة الإخوان المسلمين للحياة السياسية إذا قبلت الدستور، ولم يكن الاعتدال تحديدا هو الأسلوب المعتمد في السياسة المصرية منذ أن عزل قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.

وألقى موسى وهو سياسي مخضرم بثقله وراء السيسي، وسئل موسى إن كان يعتقد أن السيسي سيقبل عودة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسة فقال "ما داموا يلتزمون بالقواعد ويعملون بموجب القواعد نفسها التي نعمل بها جميعا فلماذا يستبعدون؟"، وأضاف موسى "الطريق مفتوح لهم إذا قرروا ذلك، يمكنهم التقدم بمرشحين ودخول البرلمان، الكرة في ملعبهم".

وتفيد بعض التقديرات بأن عدد أعضاء الجماعة يقرب من المليون فليس من المتوقع أن يتلاشى وجودها ويخشى بعض المحللين أن يتحول بعض أعضائها إلى العنف ضد الدولة إذا ظلوا مهمشين، وقال موسى "عليهم أن يتطلعوا للمستقبل" الأمر الذي يعني أن يختاروا "الطريق الصحيح" والعمل في إطار النظام. بحسب رويترز.

وقال موسى الذي جاء في الترتيب الخامس في انتخابات الرئاسة التي أجريت في عام 2012 إن الإخوان المسلمين "لديهم فرصة خوض الانتخابات إذا أرادوا وأن يؤسسوا حزبا في حدود الدستور"، وقال موسى الذي كان يتحدث في مكتبه في القاهرة إن السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية في عهد مبارك يجب أن يكون رئيسا "لكل المصريين".

وتولى موسى منصب وزير الخارجية عشر سنوات في عهد مبارك ثم شغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، ورفض أن يخوض في التكهنات بأنه قد يصبح رئيسا للوزراء في عهد السيسي، وقال "أنا لا أتأخر عن تقديم المساعدة إذا طلبت مني"، وأضاف أن السيسي لم يتصل به لينضم لحملته لانتخابات الرئاسة.

وقال موسى إنه واثق في أن السيسي قادر على إخراج مصر من حالة عدم اليقين، لكن ليس لديه أي وهم أن المهمة ستكون سهلة، فالاقتصاد يعاني والتوتر السياسي ما زال شديدا وأعمال العنف مستمرة في سيناء، وقال موسى "لدينا فشل في جميع المجالات، تراكم على مدى السنين لسوء الإدارة وأنصاف الحلول وعبادة الفرد"، وتابع "لا بد من ثورة أو منهج ثوري في الإدارة على مستوى الحكم المحلي في المحافظات وفي ملفات أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والبيئة والطاقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/نيسان/2014 - 6/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م