المغرب.. مستنقع الأزمات يضع الإصلاحات على طريق شائكة  

 

شبكة النبأ: تعاني المغرب من عدم استقرار مزمن نتيجة لتفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد الخلافات السياسية، ناهيك التراجع الحقوقي المخيف في المملكة المغربية، مما أجج حراكا اجتماعيا متصاعدا تجسدت بعض مظاهره بالإضرابات والانتقادات بسبب غياب تفعيل وعود الإصلاح المستعجلة التي تحدثت عنها الحكومة.

ويرى أغلب المراقبين انه على الرغم من الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي اتبعها الحكومة المغربية في الفترة السابقة للتغلب على بعض الأزمات المتصاعدة التي شهدتها البلاد، لا تزال المغرب تواجه الكثير من التحديات والمشاكل المتفاقمة على المستوين الداخلي والخارجي كما يقول بعض المراقبين في الشأن المغربي. ولعل أهم تلك التحديات هو تردي الوضع الاقتصادي وتفشي الفساد وتفاقم الخلافات سياسية داخلية، فكما يبدو أن المغرب تأثر بما يشهده الجوار من تحولات سياسية متلاحقة، كان لها صدى كبير خلال ما عُرف بـ "الربيع العربي"، يسارع ساسته اليوم إلى استغلال الانتكاسة التي شهدتها أو تشهدها تجارب أحزاب إسلامية أوصلتها رياح ذاك الربيع إلى سدة الحكم في بلدانها، لتوجه الانتقادات لتجربة أول حزب إسلامي حملته رياح الثورات العربية إلى رئاسة الحكومة في المغرب.  

وبحسب بعض المراقبين فان الأوضاع والتوترات المستمرة التي تشهدها المنطقة ربما ستكون سببا في أداخل البلاد في أزمة من الصراعات والمواجهات الداخلية، خصوصا وان هناك أطراف خارجية ودول أخرى تسعى الى الاستفادة من مجريات الأحداث في سبيل توسيع رقعة الخلافات والمشاكل المحلية لأجل الحصول على مكاسب خاصة.

وعليه يرى معظم المحللين إن المملكة المغربية على مفترق طرق على صعيد الاقتصاد والسياسية والحريات، ففي ظل غياب الحلول الوسط أو تخفيف حدة الازمات، يمكن تشكل تداعيات هذه الأزمات خطرا مستداما على الوضع السياسي والاجتماعي وبالأخص الوضع الحقوقي، مما قد يضع البلاد في حالة من عدم الاستقرار في المجالات كافة.

إضرابات اقتصادية

فيما يخص آخر التطورات فقد بدأت المخابز في المغرب إضرابا إنذاريا عن العمل في مختلف أنحاء المغرب للمطالبة بزيادة ثمن الخبز حسبما أفادت الجامعة (الجمعية) الوطنية لأرباب المخابز والحلويات، فيما نفى مسؤول في الحكومة نجاح الإضراب. وقال سعيد موكجة ممثل الجمعية في الرباط "حسب المعلومات التي نتوفر عليها فإن 80% من المخابز انخرطت في الإضراب، خاصة في المدن الكبرى وشمال المغرب".

ويقدر عدد المخابز في المغرب بنحو 20 ألفا منها 13 ألف مخبز عصري و7 آلاف مخبز تقليدي. ويعتبر المغاربة (35 مليونا) من أكبر مستهلكي الخبز بنحو 105 مليون خبزة يوميا أي بمعدل يفوق 1150 رغيفا سنويا للمواطن الواحد، مقارنة مع متوسط استهلاك المواطن المصري (نحو 500 رغيف) والمواطن التونسي (نحو 800 رغيف). وأضاف ممثل أصحاب المخابز "نحن نطالب فقط بزيادة طفيفة في ثمن رغيف الخبز الذي صارت كلفة إنتاجه تكبدنا الخسائر". وأكد بقال في حي مابيلا في الرباط عدم وصول نصيبه من الخبز الذي اعتاد تلقيه كل صباح من مورده، فيما أفاد شهود عيان أن أغلب المخابز مغلقة في حي عين برجة في الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية، باستثناء بعض كبريات المخابز.

من جانبه قال صاحب مخبز ان "الإضراب يشمل بالأساس من ينتجون الخبز اعتمادا على الدقيق المدعم من طرف الدولة"، مضيفا ان "بعض المخابز فتحت أبوابها حتى وقت متأخر تحسبا لاختفاء الخبز من السوق ". وفي تصريح لمسؤول في الحكومة فضل عدم ذكر اسمه اعتبر "الإضراب محدودا ولن يؤثر على إمدادات السوق".

ويعتبر هذا الإضراب الإنذاري الأول من نوعه لأصحاب المخابز للمطالبة برفع سعر رغيف الخبز الذي تحدده الحكومة بدرهم و20 سنتيما للرغيف (10 سنتيمات من اليورو الواحد). ويطالب أصحاب المخابر بزيادة السعر ب20 الى 30 سنتيما للرغيف، حيث إن تكلفة إنتاج الرغيف الواحد حسب الجمعية يتراوح ما بين 1,32 و1,36 درهما فيما سعر البيع 1,20 درهما كما تحدده الدولة. بحسب فرانس برس.

وتقدر جميعة اصحاب المخابز خسائرها اليومية بنحو 3 ملايين درهم (268 ألف يورو) أو ما يقارب 98 مليون يورو سنويا. وإضافة الى مطالبتها برفع ثمن رغيف الخبر تطالب الجمعية ب"تأهيل وعصرنة القطاع وتحسين وضعية المهنيين وأرباب المخابز والحلويات وسن تسعيرة تحفيزية للكهرباء لوحدات الإنتاج".

وخلفت احتجاجات شعبية على غلاء المعيشة فيما يعرف في المغرب بانتفاضة 1981، التي دعت إليها اكبر نقابة حينها، المئات من الضحايا وصفهم إدريس البصري وزير الداخلية المعروف في عقد الملك الحسن الثاني ب"شهداء كوميرا" (شهداء الرغيف). وهدد محمد الوفا وزير الشؤون العامة والحكامة في البرلمان المخابز بالمتابعة القضائية والإغلاق في حال رفع ثمن الرغيف.

انتهاكات حقوقية

على صعيد متصل طالب مرصد الشمال لحقوق الإنسان في المغرب، وهو هيئة مستقلة، وزارة العدل والحريات المغربية في بيان بفتح تحقيق "مستعجل وفوري" في قضية الاستغلال الجنسي والاتجار في طفل مغربي من طرف شخص يحمل الجنسية الفرنسية. وقال بيان مرصد الشمال انه يطالب "وزارة العدل والحريات بفتح تحقيق مستعجل وفوري لمعرفة ملابسات قضية بيع الطفل وكذا المشاركين في العملية وتقديمهم للعدالة المغربية".

ونقلت وسائل إعلام فرنسية ومغربية قيام ستيني فرنسي يدعى جيورجيس، ب"شراء" طفل عمره 14 سنة من أمه المغربية بمبلغ مالي يقدر ب20 ألف يورو، "قصد استغلاله في إشباع نزواته الجنسية الشاذة...". ودان القضاء الفرنسي، مغتصب الأطفال الفرنس جيورجيس المنحدر من مدينة نيس بعشرين سنة حبسا بعد ثبوت جرائم جنسية مارسها على ثلاثة أطفال من المغرب اشترى واحدا منهم بألفي يورو من والدته المومس، وفق ما أوردت صحيفة "لوباريزيان".

واعتبر المرصد "اننا نكون إزاء جريمة بكل مقاييسها، وخرق لجميع المواثيق والمعاهدات الدولية والأوربية ولاسيما الميثاق العالمي لحقوق الإنسان و اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية ". وحمل المرصد السطات المغربية مسؤولية حماية الطفل ومعاقبة الجاني، باعتبار "جريمة الاتجار وكذلك الاعتداء على حقوق الطفل الضحية ارتكبت فوق التراب المغربي مما يتوجب معه من السلطات القضائية والأمنية، وعلى رأسها وزارة العدل والحريات، فتح تحقيق مستعجل وفوري".

وتأتي هذه المطالب الحقوقية بعد انفجار فضيحة "العفو الملكي" عن إسباني اغتصب 11 طفلا مغربيا وكان محكوما في سجن مغربي ب30 سنة سجنا نافذا، حيث خلف العفو الصادر عن الملك احتجاجات وتنديدا كبيرا في المغرب. ورغم التراجع عن العفو، الا ان الإسباني غادر المغرب ويوجد في أحد السجون الإسبانية، حيث رفضت سلطات مدريد تسليمه الى الرباط رغم تقدم وزارة العدل المغربية بطلب رسمي بشأن ذلك.

ولم تمر سوى أسابيع حتى تم اعتقال إنكليزي شمال المغرب، اسمه روبرت إدوارد بيل، ومبحوث عنه من طرف الشرطة الدولية، حيث حوكم بتهم اختطاف ثلاث قاصرات بمدينة تطوان (شمال)، وهتك عرض ست أخريات بنواحي أصيلة (شمال غرب). واقترح حزب التقدم والاشتراكية المنتمي للتحالف الحكومي قبل أيام مشروع قانون بهدف تشديد الخناق على الاتجار فِي البشر. من جانبها عبرت بسيمة حقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية المنتمية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، خلال ندوة في مدينة الدار البيضاء عن استعدادها لمناقشة إمكانية تطبيق "عقوبة الإخصاء" على المغتصبين.

من جانب اخر برأ قاضي الأحداث في المحكمة الابتدائية لمدينة الناظور شمال شرق المغرب، ثلاثة قاصرين أوقفتهم الشرطة بعد نشرهم صورة قبلة على الفيسبوك، الا انه وجه لهم "توبيخا" حسب ما أفاد المحامي. وقال عبد المنعم الفاتحي محامي القاصرين الثلاثة "لقد توبع الأطفال الثلاثة بالأساس بتهم الإخلال بالحياء العام وبنشر صور إباحية".

وأوقف القاصرون الثلاثة (فتاة وولدان) في وقت سابق بعدما نشر موقع إخباري محلي صور القبلة بين البنت والولد التقطها الولد الثاني ونشرها على الفيسبوك، فأقدمت جمعية قالت انها تنشط في مجال حقوق الإنسان بتقديم شكوى ضد الثلاثة لدى القضاء. ووضع القاصرون الثلاثة بعد اعتقالهم، طيلة ثلاثة أيام بعيدا عن أهلهم في مركز لرعاية الاحداث في مدينة فاس وسط المغرب، لكن القاضي قرر إطلاق سراحهم بعد التعبئة الكبيرة لدعم القاصرين.

وأوضح المحامي أن قاضي الأحداث وجه "توبيخا" للبنت والولد، موضحا أن "ما قام به القضاء غير عادل لأن الفيسبوك بكل بساطة فضاء شخصي وليس عموميا". وخلف اعتقال القاصرين الثلاثة موجة استياء على الشبكات الاجتماعية ما دفع سلطات الناظور القضائية الى الافراج عنهم مع استمرار ملاحقتهم. وتنص المادة 483 من القانون الجنائي المغربي على ان "من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم". وتضيف المادة "يعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم". بحسب فرانس برس.

واحتدم نقاش ولغط حول التقبيل في أماكن عمومية، حين بادر ناقد فني مغربي يدعى مليم العروسي الى نشر صورة له وهو يقبل زوجته على صفحته الشخصية على الفيسبوك. وجاءت قبلة الناقد المغربي ردا على احتجاج نواب من حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الذي يقود التحالف الحكومي في المغرب، على قبلة في فيلم "الرجل العنكبوت" (سبايدرمان) عندما عرض الفيلم في الطائرة التي كانت تقلهم من العاصمة المصرية القاهرة الى الدار البيضاء.

قضايا اجتماعية

في السياق ذاته ارتفعت حده الجدل والنقاش في المغرب بعدما دعا قيادي بارز في حزب يساري معارض الى "المساواة في الارث والغاء تعدد الزوجات" من مدونة الاسرة المغربية او قانون الاحوال الشخصية، مثيرا بذلك ردود فعل متباينة وصلت حد تكفيره واتهامه بالردة. ودعا ادريس لشكر، الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساري المعارض، خلال المؤتمر السابع لنساء حزبه الى "فتح نقاش جدي حول مسألة الارث". كما دعا إلى "تجريم تعدد الزوجات ومنعه بشكل تام من مدونة الأسرة"، وتجريم زواج القاصرات مهاجما ما أسماه ب"المد الظلامي الذي يتزعمه حزب العدالة والتنمية" الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي الحالي.

وأثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة ما بين داعم ومندد. وقال شيخ سلفي ينحدر من مدينة الدار البيضاء ويدعى عبد الحميد أبو النعيم المغربي في فيديو نشر على موقع يوتيوب ان فتح نقاش حول الإرث "كفر بواح وحرب على القرآن والسنة". واضاف ان "حزب الاتحاد الاشتراكي معروف بكفره. تاريخه تاريخ كفر. منذ الخمسينيات وهم ينشرون الكفر في مجالسهم الخاصة والعامة ويلحدون بالله وينكرون وجوده ويطعنون في نبيه ويتهجمون على الشريعة".

وهاجم هذا الشيخ رموز الحزب المعروفة كالمهدي بن بركة الذي اختطف منتصف الستينيات والمفكر الراحل محمد عابد الجابري صاحب "نقد العقل العربي" والمفكر عبد الله العروي صاحب "الايديولوجيا العربية المعاصرة". وقال ان "هؤلاء الكفار تلامذة المهدي بن بركة والجابري والعروي ومعهم الخنزير عصيد (ناشط امازيغي بارز)"، مضيفا ان هؤلاء يتهجمون على القرآن "إكراما للبغايا وتشجيعا للسياحة الجنسية".

من جانبه حاول بلال التليدي كاتب افتتاحية يومية التجديد، الموالية لحزب العدالة والتنمية وذراعها الدعوية المسماة "حركة التوحيد والإصلاح، شرح "خلفيات الموقف وتوقيته وتزامنه مع حزمة مبادرات تجتمع كلها في خانة تذكية الخلاف الهوياتي والقيمي في المغرب". واعتبر التليدي ان الأمر يتعلق ب"حملة الضغط الدولي التي يتعرض لها المغرب لرفع تحفظه عن ثمانية توصيات من أصل 148 توصية في مجلس حقوق الإنسان تخص نفس الموضوعات التي أثارها السيد إدريس لشكر، مما يعني محاولة المزاوجة بين الضغط الداخلي والخارجي لتحقيق هذه الأجندة".

وأضاف كاتب الافتتاحية ان "افتعال هذا النقاش الهوياتي القيمي في هذه اللحظة السياسية، يندرج ضمن إرادة واعية منسقة ومنظمة، تحاول أن تجهض أي مسعى لفتح نقاش وطني حول الإصلاحات الهيكلية". ويتعلق الأمر بمشروعين إصلاحيين أساسيين تحاول الحكومة تسريعهما، يتناول الأول إصلاح نظام دعم المواد الأساسية الذي يثقل كاهل الموازنة العامة ويتسبب في عجز مهم (أكثر من 7% سنة 2012)، إضافة الى إصلاح صناديق التقاعد التي يتوقع إفلاسها رسميا بحلول 2020.

من جانبه خصص عبد الله النهاري وهو إمام محسوب على حزب العدالة والتنمية، جزءا مهما خطبة الجمعة لانتقاد الحزب اليساري وقائده بأنه "يبيع الوهم للناس ويجني الريح ويحرث الشوك".

في مقابل الانتقادات صدرت مواقف داعمة، حيث عبرت جمعية "بيت الحكمة" التي تترأسها خديجة الرويسي، في بيان عن استنكارها "القوي لطبيعة" المواقف "بالنظر لحمولتها المتطرفة والعنصرية". والرويسي عضو في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض حاليا والذي أسسه صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي فؤاد علي الهمة.

ودعا بيان الجمعية الى "ضرورة الانتصار لقواعد السجال الفكري المنتج في كل القضايا المجتمعية بما ينسجم ومتطلبات الإصلاح ومستلزمات العصر". من جانبها اعتبرت فدرالية الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة ان ما صدر عن المسؤول السياسي "كلها مواقف ستعزز نضال الحركة النسائية وتحصن مكتسباتها المهددة بالفكر المحافظ". من جانبه عبر مصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري الإسلامي على صفحته الرسمية على فيسبوك، عن قبوله دعوة ادريس لشكر لفتح حوار مجتمعي جاد ومسؤول حول مطلب النساء في مراجعة احكام تقسيم الارث.

وقال المعتصم انه "إذا كان القرآن الكريم قد رفض الاكراه في الدين (...) فبالاحرى لا اكراه على تأويل النص الديني او على الاجتهاد في النص الديني"، مضيفا ان "حرية التعبير عن الرأي هي جوهر الديموقراطية". وقالت صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" اليومية التابعة للحزب اليساري نقلا عن الكاتب الأول للحزب "عندما نتحدث عن القانون يصبح الامر شأنا عاما وليس مجالا للكهنوت". بحسب فرانس برس.

 من جهتها، نقلت صحيفة "الصباح" اليومية مطلب قيادة الاتحاد الاشتراكي ب"حل حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، التي ينتمي اليها عدد من وزراء الحكومة الحالية بسبب العلاقة الملتبسة بين الحزب والحركة". أما صحيفة الاحداث المغربية فتقول ان الحزب اليساري "يلوح بمقاضاة وزير العدل والحريات" الذي ينتمي الى حزب العدالة والتنمية لأنه "لم يحرك ساكنا بخصوص التهديدات الصادرة في حق الحزب".

جدلية زراعة القنب

الى جانب ذلك عقدت للمرة الاولى داخل البرلمان المغربي حلقة نقاشية عن إمكانيات تقنين الاستغلال الطبي والصناعي لنبتة القنب الهندي، وسط تساؤلات حول مدى استفادة الفلاحين الصغار من مداخيل هذه النبتة مقارنة مع أرباح تهريبها. وجرى خلال هذا "اليوم الدراسي" الذي عقد تحت عنوان "دور الاستعمالات الايجابية لنبتة الكيف في خلق اقتصاد بديل"، عرض تجارب في مختلف القطاعات الطبية والصناعية، إضافة الى دراسات حول إمكانيات تحقيق تنمية اقتصادية لبسطاء الفلاحين وعائلاتهم.

وتعمل في زراعة القنب الهندي 89900 عائلة في شمال المغرب، ويبلغ مردود كل عائلة من هذه الزراعة سنويا 39 ألف درهم (3600 يورو) حسب دراسة رسمية أجرتها وكالة إنعاش وتنمية الشمال، التابعة لرئاسة الحكومة المغربية. وقال حكيم بنشماس رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) ان "فلسفة هذا اليوم الدراسي تأتي لصياغة وبلورة مقترح قانون لتحديد المساحات المزروعة بالقنب الهندي خاصة المناطق التي ثبتت صعوبة تعويضها بزراعات بديلة".

وأضاف بنشماس الذي نظم حزبه هذا اليوم الدراسي بالتنسيق مع "الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف"، انه سيتم "التفكير في خلق مؤسسة أو وكالة وطنية للإشراف على زراعة وتسويق المنتوج، سيكون من مهامها شراء المحصول مباشرة من الفلاحين لرفع الظلم عنهم". وأوضح "اليوم في المغرب نتحدث عن 40 ألف شخص مطلوبين في قضايا تتعلق بتهريب او استهلاك وزراعة ونقل هذه المادة".

ويأتي هذه النقاش في وقت يعتبر فيه المغرب ثاني منتج لهذه النبتة بعد الولايات المتحدة، وأول مصدر غير قانوني لها، وذلك للاستهلاك الفردي وليس للاستخدام الطبي أو الصناعي. وأوضح شكيب الخياري منسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف ان "40% من القنب الهندي المستهلك عالميا مصدره مغربي كما أن 80% من الاستهلاك الأوروبي لهذه المادة يأتي من المغرب".

وأكد الخياري "إننا لسنا هنا من أجل محاربة هذه النبتة أو القضاء عليها، كما لم نات هنا للوقوف ضد المتاجرين وشبكات تهريب هذه المادة بقدر ما نحن هنا لندافع عن الفلاحين والعائلات البسيطة، كي تستفيد قانونيا من هذه النبتة". وطرح المشاركون إشكالية الفرق بين أرباح المتاجرة غير الشرعية في هذه النبتة من طرف سكان المنطقة، والأرباح المجنية من استعمالها طبيا وصناعيا.

وقال خالد بنعمر من وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال التي تنتشر فيها هذه الزراعة "تبين لنا من خلال الدراسات أن مداخيل تقنين استخدام القنب الهندي أقل من مداخيل تهريبه". من ناحية ثانية أكد المشاركون على ضرورة دعم الدولة للفلاحين ماديا لتعويض الفرق بين الاتجار غير المشروع والزراعة المقننة، مع تحقيق تنمية فعلية للمناطق المهمة التي تعتمد على هذه الزراعة.

وكان تقرير صادر عن مركز الأبحاث والدراسات حول البيئة والمخدرات في المغرب (هيئة مستقلة)، قد تحدث عن ازدياد في نسبة تعاطي المخدرات في صفوف المراهقين والشباب المغاربة. وأورد التقرير أن ما يربو على 26% من الشباب المغاربة يتعاطون المخدرات بشكل منتظم، وأن 90% منهم تقل أعمارهم عن 25 سنة، بحيث تبلغ نسبة التعاطي في المراحل التعليمية الدنيا والمتوسطة 10%، وتتضاعف هذه النسبة في أوساط الطلاب في الجامعات والمعاهد العليا. بحسب فرانس برس.

ويبلغ إنتاج المغرب من الحشيش، حسب تقديرات التقرير السنوي للمكتب الأميركي الخاص بتتبع ومكافحة المخدرات في العالم، 2000 طن سنويا، منها 1500 طن توجه إلى دول الاتحاد الأوروبي. وبدا عدد من دول العالم تقنين استعمال نبتة الكيف طبيا، من بينها هولندا، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، بريطاليا، كندا، استراليا، ومؤخرا جمهورية التشيك. وفي سويسرا استفاد عشرات المرضي الذين يعانون من مرض التصلب الجانبي الضموري، وهو مرض عصبي خطير، منذ عام 2007 من علاج عن طريق القنب الهندي لتخفيف آلامهم بدون اعتراض من السلطات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/نيسان/2014 - 4/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م