المناطق الشيعية في بيروت...

من العنف الطائفي الى الإرهاب الدامي

 

شبكة النبأ: سببت موجة من الهجمات بالقنابل في الأشهر التسعة الأخيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يتمتع حزب الله الشيعي بتأييد كبير، مخاوف لدى السكان من جولة جديدة من الصراع وانعدام الأمن.

فقد وقعت تسعة تفجيرات في جنوب بيروت منذ يوليو 2013، مما أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصاً، كلهم تقريباً من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة.

وقد استجاب حزب الله لهذه الهجمات من خلال تعزيز وجوده في الشوارع: رجال بملابس مدنية من جهاز الأمن التابع لحزب الله يعطون الأوامر من خلال أجهزة اللاسلكي الخاصة بهم ويقومون بفحص بعض السيارات القليلة المتوقفة بالقرب من مسجد محلي بجهاز كاشف للمتفجرات.

وفي الآونة الأخيرة، نصبت بوابات جديدة في محيط المساجد الأكثر أهمية. وتم حظر دخول السيارات أثناء أوقات الصلاة - الذي ينظر إليه على أنه وقت محفوف بالمخاطر بشكل خاص، وعندما قامت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بزيارة الضاحية في وقت سابق من هذا الشهر أدى بلاغ خاطئ بوجود قنبلة أخرى إلى إثارة القلق بين الناس. وقال فارس، وهو من سكان المنطقة: "اليوم، تم تعزيز الأمن. هناك إشاعة بوجود سيارتين مفخختين في الحي، إنهم يحاولون العثور عليهما". وقال أن مثل هذه المخاوف من القنابل هي الآن جزء من الحياة اليومية في المنطقة، وقد تم اتهام جماعات جهادية سنية باستهداف المدنيين عمداً في الضاحية، وهي منطقة ذات غالبية شيعية تقع جنوب بيروت، وذلك انتقاماً لدعم حزب الله للرئيس بشار الأسد في سوريا المجاورة. ويمتلك حزب الله قاعدة دعم قوية في الضاحية التي تضم عدة مناطق من بينها حارة حريك وبئر حسن وبئر العبد. وقد وقعت هجمات أخرى في وسط بيروت والمناطق الشيعية الأخرى في البلاد. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وفي علامة على تصعيد جديد في العنف والخوف تم اللجوء إلى التفجيرات الانتحارية في ثلث هذه الهجمات الأخيرة، وهو شيء شوهد آخر مرة خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). وكان أحد أعنف التفجيرات في الضاحية انفجار سيارة مفخخة في 15 أغسطس 2013 أسفر عن مقتل أكثر من 20 شخصاً وجرح ما لا يقل عن 200 غيرهم.

وأوضح لقمان سليم، وهو محلل سياسي مقيم في منطقة حارة حريك من الضاحية، أن المهاجمين غيروا المزاج العام في الضواحي: "تعتبر هذه الضاحية معقل الإجراءات الأمنية المشددة. والآن، يأتي الخصم ويفجر نفسه في قلبها وهو بذلك يحمل رسالة مفادها أنه لا يخاف من الموت في سبيل أفكاره. الإرهابيون فرضوا الخوف كوسيلة للحياة".

وقالت فاطمة البالغة من العمر 42 عاماً، وهي أم لطفلين تعيش في شقة تواجه المسجد الرئيسي، أن الخوف بات ملموساً. وأضافت قائلة: "أصبحت الهجمات بالقنابل اعتيادية، ولكن نسيانها بات أكثر صعوبة. أشعر بضعف كبير في المنطقة، ونحن لا نعرف أبداً من أين قد يأتوا"، وقد قرر زوج فاطمة قبل أسبوعين عدم إرسال أبنائهما إلى المدرسة، بعد أن قال له المدير أن المدرسة معرضة للتهديد. ولا يمكن لوزارة التربية اللبنانية تأكيد هذا التهديد، ولكن يتزايد هذا النوع من الشائعات - وهو مؤشر على القلق المتزايد الذي ينتاب المجتمع، وقال العديد من السكان لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنهم يحدون عمداً من التنقل غير الضروري. وتطل شقة فاطمة على شارع المسجد الذي كان يشهد الكثير من الناس الذين يتجولون في جواره. أما في هذه الأيام، فهو فارغ تقريباً.

ويقول أصحاب المتاجر أنهم بدؤوا يشهدون انخفاضاً في عدد الزبائن. فقد عاش محمد، الذي يعمل مديراً لمتجر للتبغ، في الضاحية منذ عام 1986: "منذ الصيف، انخفضت المبيعات. فقبل ذلك، كان الناس يأتون من خارج الضاحية لشراء المنتجات المحلية".

ووفقاً للخبير الاقتصادي اللبناني بشير خوري فإن التدهور الاقتصادي في الضاحية في أعقاب الهجمات لا يعزى فقط إلى انخفاض عدد الزوار من الخارج، "فالجزء الأكبر من الزبائن يأتي من داخل المنطقة. ولكن مع عدم الاستقرار في المنطقة، انخفضت القدرة الشرائية لدى المواطنين بشدة".

ولطمأنة المشترين وحماية أنفسهم، يحاول أصحاب المتاجر التكيف مع أكياس الرمل التي وضعت بالقرب من واجهات متاجرهم، وحظر وقوف السيارات، وساعات العمل الممتدة، وقال عمر، وهو صاحب متجر لبيع المجوهرات: "لقد قررنا فتح المتجر حتى الساعة التاسعة ليلاً لأن الزبائن يفضلون أن يأتوا عندما يحل الظلام، أي عندما لا تكون هناك انفجارات. ولكن حتى مع جميع تدابير السلامة التي قام بها الجيش وحزب الله، نحن لا نشعر أننا محميون بالكامل"، وقد اتخذ بعض السكان قراراً بالرحيل عن المنطقة. وقال بائع زهور محلي: "أنني انتظر احتفال عيد الأم" [21 مارس في لبنان] وبعد ذلك سوف أخرج".

ووفقاً لسليم، يمكن لهذا التوجه أن يزداد في نهاية العام الدراسي: "من المحتمل أن تستقر بعض الأسر مرة أخرى في جنوب لبنان من حيث ينحدرون وفي كثير من الأحيان لا يزال لديهم منزل للعائلة. أما أولئك الذين لديهم وظائف في بيروت فسيقومون برحلات يومية ذهاباً وإياباً. هذا ما حدث خلال حرب عام 2006".

ولكن أحمد ويوسف، وهما حلاقان يبلغ كلاهما 20 عاماً، عازمان على البقاء: "نعم، نحن قلقون عندما نرى سيارة تبدو مشبوهة. ولكن هذا لن يغير ما نفكر به، أو كيف نعيش"، "لن نغادر. وعلى أي حال، فإن انعدام الأمن لا يؤثر على الضاحية فقط. للأسف، نحن نتوقع حدوث شيء أكبر بكثير مما سيؤثر على لبنان بأكمله".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/نيسان/2014 - 1/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م