الإمراض الانتقالية... سلالات وبائية تهدد البشرية

 

شبكة النبأ: يشير الباحثون في الاختصاصات الطبية والامراض الانتقالية، الى حقيقة مقاومة السلالات والفايروسات وتكيفها مع العقارات التي صنعت للقضاء عليها، وأثارت هذه الحقيقة مخاوف متنامية من تفشي الامراض او تطورها في أسلوب المناعة والمقاومة على الرغم من التطور العلمي المتنامي في مجال الأبحاث والدراسات الطبية.

وقد أدت التغيرات في أسلوب المناعة، وظهور حالات إصابة ووفاة لأمراض جديدة، الى اعلان النفير من قبل العديد من منظمات الصحة العالمية والمراكز البحثية للدول المعنية، كما أشار العديد من المختصين الى ضرورة تقصي الحقائق ومضاعفة الجهود من اجل احتواء ومعالجة هذه الامراض قبل ان تفتك بالعديد من المجتمعات، خصوصاً تلك التي تعاني من نقص حاد في الدعم الطبي والدوائي، مما يؤهلها لان تكون بيئة خصبة لانتشار اوبئة او سلالات جديدة وغير معروفة لدى الباحثين.

فقد قالت منظمة الصحة العالمية إن نصف مليون شخص أصيبوا بسلالات خطيرة من مرض السل مقاومة للعقاقير في عام 2012 لكن تم اكتشافها لدى القليلين منهم مما يعرض الباقين لخطر الموت نتيجة العلاج الخاطئ أو عدم حصولهم على علاج من الأساس، وأظهرت أحدث البيانات التي نشرتها المنظمة وتقول إن سلالات مقاومة للعقاقير باتت تمثل "خطرا على الامن الصحي عالميا" أن ثلث عدد المصابين بالمرض عالميا كل سنة وهم تسعة ملايين لا يحصلون على الرعاية التي يحتاجونها.

وأدى ذلك الى انتشار سلالات مقاومة للعقاقير من مرض السل في جميع أنحاء العالم بمعدل مقلق وارتفاع عدد السلالات التي لا تستجيب لأي علاج حاليا، وقالت مارجريت تشان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بمناسبة اصدار بيانات جديدة عن المرض "الاكتشاف المبكر والسريع للسل أمر في غاية الأهمية".

واضافت "سوف يؤدي ذلك الى تحسين فرص حصول المرضى على العلاج السليم وبالتالي تماثلهم للشفاء كما يساعد على وقف انتشار سلالات مقاومة للعقاقير"، وكانت منظمة الصحة العالمية دعت في العام الماضي الى اعتبار سلالات مرض السل المقاومة للعقاقير بمثابة تهديد للصحة العامة. وتحذر المنظمة ان تلك السلالات القاتلة والمعدية قد تؤدي الى "تبعات خطيرة على صحة المرضى".

ويحتاج علاج السلالات العادية من السل لعملية طويلة يتناول خلالها المريض مزيجا من المضادات الحيوية على مدار ستة أشهر ويفشل الكثير من المرضى في استكمال العلاج مما يزيد من مخاطر مقاومة المرض للعقاقير.

ويؤكد خبراء أن واحدة من العقبات الأكبر على طريق التعامل مع السلالات المقاومة للعقاقير أن الكثير من المرضى الذين أصيبوا بها لا يعرفون ذلك وبذلك يستمرون في تناول العلاج الخاطئ أو قد لا يحصلون على علاج على الاطلاق، وفي بعض البلدان الفقيرة لا يوجد الا مختبر مركزي واحد وكثيرا ما لا يستطيع اكتشاف السلالات المقاومة للعقاقير.

وفي بعض الحالات يتعين نقل عينات من مرضى الى بلدان أخرى لإخضاعها للفحص، وتحذر منظمة الصحة العالمية أن ما يصل الى مليوني شخص في جميع أنحاء العالم قد يصابون بسلالات مقاومة للعقاقير من مرض السل بحلول عام 2015.

فيما حذر خبراء في مجال الصحة أنه رغم تراجع عدد حالات الإصابة بالسل في أوروبا إلا أن الفشل في اكتشاف وعلاج سلالات خطيرة مقاومة للعقاقير تعني ان السيطرة على المرض المعدي لا تزال بعيدة المنال، وقال الخبراء إن نحو ألف شخص من الاتحاد الاوروبي المكون من 53 دولة يصابون بالسل بينما تشكل السلالات المقاومة للعقاقير مانعا أمام هدف القضاء على المرض بحلول عام 2050.

وتقول بيانات المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والمكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية إن سلالات السل المقاومة للعقاقير تؤثر على 76 ألف شخص على الأقل بالمنطقة لكن أكثر من نصفهم لا يتم تشخيص اصابتهم بالمرض بشكل ملائم بينما يشفى واحد من كل ثلاثة مرضى، ويحتاج علاج السلالة العادية من السل لعملية طويلة يتناول خلالها المريض مزيجا من المضادات الحيوية على مدار ستة أشهر ويفشل الكثير من المرضى في استكمال العلاج مما يزيد من مخاطر مقاومة المرض للعقاقير.

وقالت سوزانا جاكب مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في اوروبا "علينا ان نصل لكل المرضى ليس فقط نصفهم ولا نتوقف في منتصف الطريق"، واضافت ان مكافحة المرض تحتاج على وجه السرعة لعقاقير جديدة أكثر فعالية وتعمل في برامج قصيرة المدى بحيث يمكن للمرضى الالتزام بتناولها، ويعتبر البعض مرض السل من الماضي لكنه تطور على مدار السنوات العشر الماضية ليصبح واحدا من أكبر مصادر التهديد للصحة العامة عالميا مع ظهور سلالات مقاومة للعقاقير.

كما اظهرت دراسة في مجلة ذي لانسيت الطبية البريطانية ان نحو مليون طفل دون الخامسة عشرة يصابون بمرض السل سنويا في العالم، اي ما يساوي ضعف التقديرات السابقة، وتوصل الباحثون الاميركيون الذين اعدوا الدراسة الى ان عدد الاطفال المصابين في العالم سنويا بمرض السل هو 999 الفا و800 طفل، من بينهم 32 الف مصاب بالسل المقاوم للأدوية المتعددة.

وقال تيد كولن احد المشرفين على الدراسة "تقديراتنا تساوي ضعفي التقديرات المقدمة من منظمة الصحة العالمية في العام 2011"، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فان 530 الف طفل اصيبوا بالسل في العام 2012، وهذه الدراسة التي نشرتها لانسيت هي الاولى التي تتناول تقديرات الاصابة بمرض السل المقاوم للأدوية المتعددة في صفوف الاطفال دون الخامسة عشرة، وهم يشكلون ربع سكان العالم.

ووفق هذه الدراسة، تتركز الاصابات بالسل في جنوب آسيا وشرقها مع 400 الف طفل مصاب سنويا من بينهم عشرة الاف مصاب بالسل المقاوم للأدوية، تليها افريقيا مع 280 الف اصابة سنويا، من بينها اربعة الاف و700 بالسل المقاوم، واشار الباحثون الى ضرورة تطوير وسائل الكشف على الاطفال وخصوصا لدى من هم دون سن الخامسة، وهم الاكثر عرضة للإصابة بأشكال حادة من السل. بحسب رويترز.

وتقول منظمة الصحة العالمية ان 450 الف شخص اصيبوا بمرض السل المقاوم للأدوية المتعددة في العالم ومات منهم 170 الفا في العام 2012، ولم يتلق سوى 20 % من المصابين العلاج المناسب الكفيل بوقف انتشار المرض، ونشر هذا التقرير بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة السل.

مخاوف حقيقية

في سياق ماصل أفادت وثيقة لمنظمة الصحة العالمية ومسؤول كبير في مجال الصحة بسيراليون بأن تفشيا للحمى النزفية قتل 29 شخصا في غينيا ربما يكون قد انتشر عبر الحدود إلى سيراليون، وسجل مسؤولو الصحة في غينيا 49 حالة إصابة في المجمل في ثلاث بلدات بجنوب شرق البلاد وفي العاصمة كوناكري منذ اعلان ظهور المرض يوم 9 فبراير شباط.

وعلى الرغم من عدم تحديد نوع الحمى التي يصاحبها نزيف حتى الان فإن مسؤولا كبيرا في غينيا قال إن اختبارات أولية قلصت الاحتمالات بين حمى الإيبولا وحمى ماربورج النزفية، لكن مسؤولين في منظمة الصحة العالمية يشتبهون بأن المرض قد يكون حمى لاسا، وأبلغ عن حالات إصابة بالمرض أيضا في منطقة حدودية في سيراليون وفقا لمؤتمر صحفي عبر الأقمار الصناعية عقد مؤخراً.

وقال كبير المسؤولين الطبيين في سيراليون بريما كارجبو إن السلطات تفحص حالة صبي يبلغ من العمر 14 عاما توفي في بلدة بويدو بمنطقة كايلاهون في شرق البلاد، وكان الصبي قد عبر الحدود إلى غينيا لحضور جنازة أحد ضحايا المرض، وقال كارجبو إن فريقا طبيا أرسل إلى بويدو لفحص من كانوا على اتصال بالصبي قبل وفاته.

وتقول منظمة الصحة العالمية في موقعها الالكتروني إن الإيبولا وحمى ماربورج مرضان قاتلان تسببهما فيروسات متشابهة تعتبر من بين أخطر الفيروسات التي تصيب البشر، ويصاب الإنسان بحمى لاسا المتوطنة في غرب افريقيا عند تعامله مع غذاء أو أغراض منزلية ملوثة بفضلات القوارض، وينتقل المرض من شخص لآخر.

وقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" من انتشار فيروس إيبولا في غينيا بعدما حصد أرواح حوالي 59 شخصاً إنه ظهر في العاصمة كوناكري، وقالت المنظمة إن الحمى النزفية انتشرت سريعاً من جنوب البلاد وحتى مناطق تبعد مئات الكيلومترات، وكانت عشرات الحالات قد سجلت منذ اندلاع الفيروس، والذي لا يوجد له علاج أو لقاح، ويذكر أن فيروس إيبولا ينتقل خلال الاحتكاك مع المصابين به، كما يتسبب في وفاة ما بين 25 في المئة و90 في المئة من المصابين به.

وتشمل الأعراض نزيفاً داخلياً وخارجيًا والإسهال، إضافة إلى القيء، وقالت يونيسيف في بيان لها "إن 59 شخصاً من بين 80 أصيبوا بفيروس إيبولا توفوا في غينيا حتى الآن، وقد انتشرت مؤخراً الحمى القاتلة من جنوبي البلاد إلى العاصمة كوناكري"، وطبقًا ليونيسيف فقد أصيب ثلاثة أطفال على الأقل بالحمى النزفية في غينيا، ويسكن نحو مليوني شخص في كوناكري، وهي مدينة ساحلية متسعة.

وحسب منظمة الصحة العالمية فإن فيروس إيبولا يظهر بشكل رئيسي في قرى نائية في وسط وغرب أفريقيا، في المناطق المجاورة للغابات الاستوائية المطيرة، وكان المرض قد ظهر في أوغندا والكونغو في السنوات الأخيرة، ولكن يرجح خبراء أنه لم يسجل في غينيا قبل ذلك، ونقلت الوكالة الفرنسية عن المتحدث باسم وزارة الصحة في غينيا ساكوبا كيتا قوله "نحن نواجه الفيروس بكل الوسائل المتاحة لدينا بالتعاون مع شركائنا، ولكن الأمر صعب".

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إنها "ستعزز فريقها في غينيا وترسل حوالي 33 طن اً من الأدوية ومعدات العزل من بلجيكا وفرنسا"، وقال الطبيب أرماند سبنسر، الذي يعمل مع أطباء بلا حدود في غينيا، لبي بي سي إنه يمكن السيطرة على تفشي المرض في حالة التحرك بسرعة لمواجهة الأزمة.

حالات جديدة

من جانبهم أفاد مسؤولو الصحة أنه يتعين على الحكومات في جنوب شرق آسيا بذل المزيد من الجهود لمكافحة فيروس أنفلونزا الطيور القاتل المعروف بـ H5N1، وفي هذا الإطار، قال روي واديا، مسؤول شؤون الإعلام لمنطقة غرب المحيط الهادئ في منظمة الصحة العالمية، "ما يحدث في كمبوديا هو بمثابة إنذار آخر للمنطقة بأن لا نكون مطمئنين"، وأضاف أن "هناك سلالات متعددة من أنفلونزا الطيور ولذلك أصبح من الضروري أن تتأكد الحكومات في المنطقة من أن نظم الصحة العامة لديها تتمتع بالدعم والقوة".

وقد جاءت تصريحات واديا في أعقاب تأكيد ظهور حالتين جديدتين وهما السابعة والثامنة لأنفلونزا الطيور في كمبوديا في عام 2014، وتجدر الإشارة إلى أنه عادة ما ينتشر فيروس H5N1 بين الدواجن المصابة، ولكنه في بعض الأحيان ينتقل من الدواجن إلى البشر، ومع أنه لم ينتقل حتى الآن من البشر إلى البشر، ولكن خبراء يقولون أن هذا الخطر قائم.

من جهته، قال دينيس لوران، نائب مدير مستشفيات كانسا بوفا بكمبوديا، في إشارة إلى صبي يبلغ من العمر 11 عاماً من مقاطعة كامبونج شاننج الوسطى توفي بعد وقت قصير من دخوله المستشفى في 6 مارس: "لم نتمكن من إنقاذه، ولكن في الوقت نفسه تقريباً، جاءنا شخص آخر، ووضعه الآن جيد سوف ينجو."

ويُذكر أنه من بين حالات الإصابة بأنفلونزا الطيور الثمانية المبلغ عنها في كمبوديا في عام 2014، توفي ثلاثة أشخاص وجميعهم من الأطفال، ومنذ عام 2005، أبلغت البلاد عن ظهور 55 حالة (44 منها لأطفال دون سن 14 عاماً) و34 حالة وفاة، وقد توفي 27 طفلاً بسبب الإصابة بالمرض، ومن وجهة نظر لوران، يعتبر إنقاذ طفل واحد خبراً مهماً إذ يبلغ معدل الوفيات بسبب الفيروس حوالي 60 بالمائة، وفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها.

وما بين عامي 2003 و2012، صرحت كمبوديا بظهور 21 حالة فقط، ولكن في 2013، شهد هذا العدد قفزة حيث وصل إلى 26 حالة، بما في ذلك 14 حالة وفاة، مما جعلها تتجاوز اندونيسيا بوصفها البلد الذي يضم أكبر عدد من الحالات والوفيات الناجمة عن فيروس أنفلونزا الطيور.

أما اندونيسيا، فقد رصدت 195 حالة إصابة و163 حالة وفاة بين 2003 ويناير 2014، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وفي 2006، تم الإبلاغ عن 55 حالة، في حين انخفض هذا العدد في 2013 إلى ثلاثة – وهو تراجع يقوم الخبراء حالياً بدراسته، وأوضح فيليب بوشيه، وهو عالم فيروسات شهير في معهد باستير دي كومبودج Institute Pasteur du Caboodle بكمبوديا، الذي افتتح منبر البحوث الإقليمية للأمراض الناشئة في 12 مارس أن "الفيروس موجود منذ 11 عاماً ولم يحدث أي انتقال له من إنسان لآخر.

وليس هناك وباء، ولكن لا توجد وسيلة للتنبؤ بالمستقبل، وذلك لأن الفيروسات يمكن أن تتغير بسرعة كبيرة، ويمكن أن تتغير خلال 10 سنوات أخرى، أو خلال يوم واحد"، وأضاف أن هناك سيناريوين للانتقال من إنسان إلى آخر، والأول إما أن يتمحور فيروس أنفلونزا الطيور، الذي يصيب الدواجن والطيور، بحيث يسمح بالانتقال من إنسان إلى الإنسان، أو أن يصاب إنسان يحمل سلالة أخرى (تنتقل بسهولة) من الأنفلونزا، بعدوى الفيروس في نفس الوقت، مما يخلق سلالة جديدة يمكنها أن تنتقل من إنسان إلى إنسان.

وحذر قائلاً: "ليس هناك طريقة للتنبؤ، ولكن كلما رأينا تفش بشكل أكبر، يكون من الأرجح أن هذا سيحدث، وفي حالة حدوث وباء، يمكن تطوير لقاحات، وأضاف قائلاً: "لكننا لا نعرف كيف ستكون طبيعة هذا الفيروس بعد، لذلك بمجرد أن يظهر، سنكون بحاجة للبدء في العمل على تطوير لقاح". بحسب ايرين.

ويؤيد ذلك سين سومي، وهو رئيس مجموعة ميديكام، وهي مجموعة مظلة تضم المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال الصحة في كمبوديا، حيث قال: "إذا ظهرت حالات إصابة أكثر وأكثر - وقد كان لدينا بالفعل ثماني حالات هذا العام وحده - فيمكن أن يكون لذلك تأثير على المنطقة وربما العالم بأسره، فالمزيد من الحالات يعني ارتفاع فرص حدوث ذلك الوباء".

في الوقت نفسه، تشكل السلالات الجديدة من أنفلونزا الطيور التي يمكن أيضاً أن تصيب البشر من خلال التعرض للدواجن - بما في ذلك H10N8 و N7N9مصدر قلق في المنطقة، فكلتا السلالتين لديهما القدرة على التسبب في وباء، وفي فبراير، ذكر علماء صينيون في دورية ذا لانسيت العلمية أن عينات من فيروس H10N8 أخذت من امرأة مسنة توفيت في ديسمبر كشفت عن أنه اندماج وراثي جديد من سلالات أخرى لفيروسات أنفلونزا الطيور، بما في ذلك فيروس يسمى H9N2، وهو شائع في أسواق الطيور الحية في الصين.

وعلى الرغم من أن السلطات الصينية تعمل جاهدة لاحتواء انتشار كل من هذين الفيروسين، إلا أن أكثر من 100 شخص قد توفوا جراء الإصابة بفيروس H7N9 منذ أول ظهور له منذ سنة، بينما توفي ثلاثة أشخاص على الأقل بسبب H10N8، ووفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، سُجلت أول حالة إصابة بفيروس H7N9 خارج الصين في ماليزيا في 12 فبراير 2014، وقد كان المصاب مسافراً من المنطقة المتضررة بهذا الفيروس في الصين.

مرض غامض

الى ذلك تتحول زيادة في الإصابة بمرض مزمن بالكلى مسبباته المرضية غير معروفة بسرعة إلى أحدث أزمات سريلانكا الصحية، حيث أرجعت المستشفيات في أكثر مقاطعات البلاد تضرراً من المرض سبب وفاة 80 بالمائة من المرضى إلى الفشل الكلوي، وأدى المرض الذي يسميه البعض "بالطاعون غير المعروف" إلى إثارة الهجرة الداخلية، خاصة بين الشباب الذين يعيشون في المناطق المعرضة للمرض.

وقد فشل العلماء في تحديد سبب للمرض، مما أحبط الجهود المبذولة لمنع هذا المرض الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي، وفي أسوأ الأحوال، إلى الوفاة، واستناداً إلى سجلات المستشفى، يبدو أن الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً هم الأكثر عرضة للخطر، وهو الأمر الذي دفع كثيراً من الأسر في المنطقة الشمالية الوسطى للجزيرة (وهي الأكثر تضرراً على مستوى البلاد) إلى تشجيع الرجال الشباب على الهجرة.

وقد تلقى ماناميندرا بادماسينا*، البالغ من العمر 48 عاماً، وهو مزارع من أنورادهابورا، عاصمة المقاطعة الشمالية الوسطى، العلاج من (مرض الكلى المزمن غير المعروف السبب) خلال السنوات الست الماضية، يأخذ بادماسينا 48 قرص دواء في اليوم، على ثلاث جرعات ويحتاج إلى دخول المستشفى باستمرار على مدار العام، وقد تم أيضاً تشخيص إصابة زوجته بالمرض.

وقال بادماسينا: "لا يمكننا أن نجد عملاً لأننا غير لائقين طبياً، يعمل ولدانا في الزارعة ولكنهما أيضاً يعملان كعمال غير مهرة لإعانة العائلة"، وتعاني سومانا، زوجته بادماسينا، من القلق على مستقبل ابنيها وقالت وعيناها مغرورقتان بالدموع أن احتمالات زواجهما "صفر" بسبب صحة والديهما المعتلة.

وقد ترك أبناء جارهم أجلاوات باداماسيري الثلاثة المنطقة (وهي ظاهرة أصبحت أكثر شيوعاً حيث يهرب الناس من المرض على حد قول أهل القرية) عندما يتم تشخيص إصابة أحد أفراد عائلتهم بالمرض، وقال باداماسير "إذا بقوا هنا، لن يكون هناك عمل ولا زواج لهم".

وتأكيداً لهذا التوجه، قال الدكتور أسانجا راناسينغ، مدير وحدة الوقاية من الأمراض الكلوية في مستشفى أنورادهابورا العام في المقاطعة الشمالية الوسطى (أكثر مقاطعات الجزيرة تضرراً) أن عائلات المرضى وجدوا صعوبة في الزواج من أقاربهم لأن الشركاء المحتملين غالباً ما يخشون ارتفاع قابلية التعرض للإصابة بالفشل الكلوي.

وقال هيمانثا فيثاناج، المدير التنفيذي لمركز العدالة البيئية، وهي منظمة غير حكومية محلية ساعدت في إجراء بحوث عن المرض أن "الناس يعانون من الهلع ونقص الوعي، وهناك اعتقاد بأن مرض الكلى المزمن غير المعروف السبب هو مرض معدي ووراثي، ولذلك فإذا تم تشخيص إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض الكلى المزمن غير المعروف السبب فإن فرص زواج بقية أفراد الأسرة ستتقلص، وهذه الوصمة الصحية تجعل الشباب يهربون بعيداً عن منازلهم".

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك حوالي 20,000 مصاب بمرض الكلى المزمن غير المعروف السبب يخضعون للرعاية في المقاطعة الشمالية الوسطى التي توجد بها المنطقة الأكثر كثافة سكانية وهي أنورادهابورا حيث تم الإعلان لأول مرة عن المرض في عام 2000 وتسجيل أكبر عدد من المصابين.

وقال راناسينغ أن متوسط معدل الوفيات الشهرية في المقاطعة في نهاية عام 2013 بسبب الفشل الكلوي بلغ 19 حالة وفاة وهي أعلى نسبة في الجزيرة، وقد تم الإبلاغ عما يقرب من 2,000 حالة على مستوى البلاد في عام 2013 حيث تم الإبلاغ عن معظم الحالات في كل من منطقتي أنورادهابورا وميداواتشيا (كان هناك ما يقرب من 1,600 حالة وفاة تم الإبلاغ عنها مرتبطة بمرض الكلى المزمن غير المعروف السبب من عام 2002 إلى 2010) في المقاطعة الشمالية الوسطى.

وقال راناسينغ أن الزيادة السنوية في عدد مرضى الكلى في أنورادهابورا تبلغ حوالي 1,459 مصاباً بينما تبلغ الزيادة 450 في منطقة بولوناروا بالمقاطعة، وقد قام موظفو الصحة بحظر استيراد ثلاثة من المبيدات وهي (تشلوبيرافوس وبروبانيل وفابارلي) في أبريل الماضي بعدما ربط باحثون محليون بين المرض والمواد الكيماوية الزراعية، وقال وزير الزراعة ماهيندا يابا أن "هذه المبيدات ضارة للغاية على صحة الإنسان، وحتى إذا لم يكن هناك علاقة مباشرة بينها وبين المرض فإن هذا إجراء وقائي".

وتنفق وزارة الصحة حوالي 3 ملايين دولار سنوياً على علاج المصابين بمرض الكلى المزمن غير المعروف السبب، وتقوم الحكومة بإعطاء مرضى الكلى الذين يتلقون العلاج المنتظم راتباً شهرياً قدره 4 دولارات بينما تعطي 11 دولاراً شهرياً لمن يقوم بالغسيل الكلوي.

وقال راناسينغ أنه على الرغم من أن المستشفيات تقوم بحفظ سجلات المصابين بمرض الكلى المزمن غير المعروف السبب، إلا أن البيات الخاصة بهم غير مكتملة، مضيفاً أن "من بين 10 وفيات في المستشفى في المقاطعة الشمالية الوسطى هناك 8 حالات وفاة مرتبطة بالفشل الكلوي. كما لم يتم اكتشاف العديد من المرضى في القرى".

وقد تم نشر بحثين في عام 2012 حول أسباب مرض الكلى المزمن غير المعروف السبب ولكنهما يختلفان في الإحصاءات والأسباب المحتملة للمرض، وقد قامت منظمة الصحة العالمية بإصدار أحد التقريرين الذي أشارت تقديراته إلى أن 15 بالمائة من السكان في المقاطعة الشمالية الوسطى ومقاطعة يوفا (يبلغ عدد سكانها حوالي 60,000 شخص) مصابون بمرض الكلى المزمن غير المعروف السبب وأن 22,000 قد توفوا خلال العشرين عاماً الماضية في أنورادهابورا وحدها بسبب المرض.

وطبقاً للبحث الذي قامت به منظمة الصحة العالمية هناك دليل على أن المرض ينتشر إلى المقاطعات الشرقية ومقاطعة يوفا الجنوبية، وفي الوقت نفسه، أشارت تقديرات الدراسة الموازية التي قام بها مركز العلوم والبيئة، ومقره نيوديلهي، إلى أن عدد الأشخاص المصابين بالمرض يبلغ 15,000 في المقاطعة الشمالية الوسطى وأشارت الدراسة إلى تلوث المياه كمصدر محتمل للمرض.

من جهته، قال أوليفر ليبيروما، رئيس قسم الكيمياء في جامعة بيرادنيا في المقاطعة الوسطى في سريلانكا أن هذا يسلط الضوء على الحاجة إلى إجراء بحث علمي موثوق فيه، وقال ليبيروما: "تم تحديد أسباب متعددة من خلال محاولات بحثية مختلفة، من المهم التعامل مع هذا المرض كأزمة صحية متنامية وأن يتم زيادة البرامج الوقائية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/نيسان/2014 - 29/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م